رواية حارة الربيع الفصل الثاني عشر 12 بقلم جميلة القحطانى


 رواية حارة الربيع الفصل الثاني عشر 

النهاردة المدرّسة علّقت عليّا قدام الكل عشان لابسة جاكيت تقيل قلتلها عندي برد!
صفا وهي تهز رأسها بحنان:يا بنتي، الناس دايمًا بتتكلم مش مهم هما يقولوا إيه، المهم إنتي تبقي مرتاحة واثقة في نفسك.
والمظهر مش عيب العيب في اللي بيحكم من برة.
واللي يحكم عليكي عشان لبسك، ما يعرفش قيمتك.
رهف بحزن:بس وجعتني حسيتني قليلة.
صفا حضنتها وقالت:اللي عارف نفسه ما ينكسرش واللي اتربى صح، كلام الناس ما يهزش شعرة فيه.
الكل مجتمع في غرفة المعيشة، مروان عامل فشار، وتمّار قاعدة على حجره.
تمّار ببراءة:بابا هو لما أكبر هبقى طويلة زي رهف؟
مروان:هتبقي أطول، وأشطر، وأجمل وحدة!
رهف:طب وأنا؟
زياد:إنتي خلصتي نمو خلاص، هاتي الباقي لتمّار!
الجميع يضحك
صفا تبص على عيلتها وتهمس لمروان:رغم الفوضى والجنون بيتنا أجمل نعمة.
مروان:وهما التلاتة هما كل الدُنيا.
المكان مكتبة صغيرة في شارع جانبي الساعة 4 عصرًا الجو دافئ رائحة الكتب والمطر القديم تعبّئ المكان
هدير كانت جالسة خلف الكاونتر، ترتّب أوراقًا بيد، وتحمل كوب النعناع في الأخرى.
هدوءها يشبه الصباح قبل أن يصحو الجميع، ملامحها ساكنة، لا تُظهر ما يدور بداخلها.
في الخارج، الدنيا تمطر وهي لا ترفع نظرها عن الورق.
الموظفة الجديدة تأخرت.
قالت لنفسها دون صوت.
ثم أخرجت دفترًا صغيرًا فتحت صفحة كتبت 
فيها:هدير عبد المنعم 29 عامًا قادرة على التحمل لكن ليس إلى الأبد.
مرت بها مديرة المكتبة، وقالت بنبرة معتادة:لسّه بتكتبي في الدفتر دا؟
هدير بابتسامة هادئة:هو الوحيد اللي ما بيقاطعنيش.
لكن ما لم تقله هدير هو أنها استيقظت هذا الصباح بعد حلم مزعج نفس الحلم المتكرر منذ عام:شخص ما يطاردها في الظل، تفرّ تصرخ ولا صوت يخرج منها.
صوت غاضب قادم من الزبون عند الباب أعادها للواقع.
إزاي تقفلي السيستم قبل الوقت؟!
هدير ببرود:السيستم بيقفل أوتوماتيك الساعة 4 دي مش قراراتي، دي قواعد المكان.
لكن الرجل لم يسكت، اقترب بحدة.
ولأول مرة منذ زمن
غضب هدير قفز فجأة من الهدوء.
لو سمحت، صوتك لو عليّ مش هيغير حاجة
ولو شايف إني قليلة، فده مش معناه إني أسكت.
لو بتفهم في الاحترام يبقى تطلع من الباب دا فورًا.
صمتَ الرجل، ثم خرج مهزومًا.
وهي؟
جلست مكانها وكتبت:أنا مش غاضبة طول الوقت
بس فيه حاجات ما بتتسكتش عليها.
مقر المباحث العامة  غرفة تحقيق سرية  الساعة 11 مساءً
الجو.


تعليقات