رواية احفاد الثعلب الفصل الثاني عشر 12 بقلم شريهان سماحة

 


رواية احفاد الثعلب الفصل الثاني عشر بقلم شريهان سماحة


غادر أمير مشتت الذهن ... كثير التفكير .. فما الذي تطق به ليجعل ذلك العجوز في تلك الحالة .... والتي أضطرتة مندفعا أن يستغيت بأهل بيته عند رؤيته أمامه هكذا .. ليلبي تدائه في الحال زوجة ولده التي أنت مسرعه معطيه أياه دوانه الخاص بالقلب على عجالة لتنصحه بهيئتها المضطربة بضرورة تأجيل لقائه به لحين الأطمئنان عليه ...

غادر بالفعل عائداً للأسكندرية دون حصد أي فائدة من تلك الزيارة ... ليتفاجئ في طريقة باتصال من صديق عمره حسين المتلهف للجديد من جانبه ... ولكن على ما يبدو قد صدم مما سرده عليه أمير .. لينقل حيرته المتصاعدة لزوجته لكي تشاركه في الأمر على أمل أيجاد استفسار لدي والدتها يناسب حيرتهم ....

والتي دفعها القلق بالأتصال علي الفور بوالدتها....

ماما جدو عامل ايه دلوقتي طمنيني ...

اجابتها رقية بقلق شديد يسيطر على نبرة صوتها :

ربنا يعديها علي خير يا ندا حالته مطمنش ورضوي وجوزها معاه في أودته بيكتفوا عليه من نص ساعة ، وهنا دخلتلهم من شوية لما عرفت ولسه مخرجوش لما قلقانه خالص ...

التصمت نبرهه تم هتفت بقلق محير :

بس .. بس انتي عرفتي ازاي !!

- ما هو أمير اللي كان معاه في معاد من ساعتين صاحب حسين زوجي وهو اللي قال الحسين ....

غربيه وكان في معاد معاه ليه ١١٢

عشان يتقدم لهنا بس حالة جدو فجأته ومخدش موفقته المبدئية أن كان يجيب أهله أو لا ...

ارتجفت يد رقية الحاملة بالهاتف في حين خرج منها الكلام بتعليم :

الله أنت .. ب ... بتقولي آيه 115

أيه يا ماما هو أنا بتكلم بلهجة مش مفهومة ... بقولك أمير شاب محترم ومن عيلة كبيرة في الأسكندرية ... وشاف هنا واعجب بيها وعاوز يتجوزها ....

حينها أغمضت رقيه عينيها بشدة فيانت الآن تعلم مصاب الجد ، انسابت دموعها في صمت ... ليقيد صدرها بلهيب متأجج من الوجع !

لا تعلم أهو من أجل صغيرتها ومستقبلها الذي انتهي قبل أن يبدأ .. أم من أجل ذلك العجوز المريض الذي أخطاء دون قصد ... لا تعلم !!
كل ما تعلمه أنهما عزيزان على قلبها ولا تحتمل تعاستهم أو فقدانهم ...

داعية الله ان تمر تلك المحنة المميتة علي خير فحتي الآن يكفي أوجاع القلوب تشتاق السكينة

كلمات كالخنجر باطنها دموع مقيدة ... ذاك ما استطاعت رقية أخراجه من روحها المحطمة : أختك متجوزة يا ندا من أربع سنين وعشان كده واضح أن جدك مستحملش الموقف الصعب ده وتعب فجأة !

ذهول أنتابا ندا بعقلها المنذهل الذي يحاول استيعاب ما سمعته ... مندفعه دون سيطرة بأندهاش

أنت بتقولي ايه يا ماما أنا مش مصدقه

أيوة يا بنتي صدقي ... جدك زوج أختك عرفي لأبن عمك جلال ....

زفرت بتنهيدة عميقة تكفي لتجعلها تكمل لأبنتها سرد ما مر بهما منذ أربع سنوات من موت بطئ يقضي عليهم تدريجياً .

في ذلك الاثناء قطع حوارهما صوت رضوي الصادح .. "جدوووووو "

انتفض جسد " رقية " بشدة من ثابته على أثارها .. تاركة سماعه الهاتف تسقط من يديها دون أرادة ملتفته ببطء لباب غرفته .. تحدق به بمقلتيها الجاحظة .. مع ضربات قلبها المتزايدة والتي تنفي ما خطر في ذهنها ... مراقبه بريبة ظاهرية على صفحة وجهها خروج رضوي بعيون باكية محتضنه بذراعيها شقيقتها هنا التي تكاد تكون منهارة ولا تستطيع السير - ليتبعهما زوج رضوي مطاطا الوجة به بوادر الحزن ...

التلتقط عينيها عيونهم التي قالت لها ما يكفي !

نعم ما يكفي لتقطيع جسدها إلى أشلاء وقلبها إلى أرباً ...

ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة وهي تحاول أن تستوعب شئ واحدا .. وهو أن روح الثعلب لم تستطع أن تقوى أمام تلك الكارثة .. وأختارت الفراق !!!

لم تشعر بحالها عند تلك النقطة إلا وهي تصرخ بعلو صوتها بهستريا واضحة :

بابا مماتش ... حرام عليكم أنتم قاسين ليه وعاوزين توجعوني .. قولوا أنكم معرفتوش تكشفوا عليه كويس .. قولوا أنها غلطة دكتور زي أي حد ما بيغلط .. أرجوكم أتكلموا ما نسبوليش كده ...

ارجوكم .....

تمعنت النظر بوجوههم جيداً بعيونها الباكية لعلها ترى بصيص أمل يعيد روحها الهارية إلى الحياة مرة أخرى ولكن .....

قابلها انهيارهم التام وصمتهم الأشد قسوة .. ليتأكد لها موت تعليهم وأباهم وروحهم وفؤادهم للأبد ..

ليصدح صوتها عاليا في انهيار مماثل لهم جميعاً وتتلك المنصنة الباكية لحديثهم في الهاتف بشهقاتها المرتفعة !!!

جاء القاصي والداني ... جاء البعيد والقريب حتى المغترب جاء في ثلاثية أيام العزاء إلا ذلك الأجنبي !

فلم يتكلف أحد بأخباره .....

ولماذا يفعلوا ذلك وقد ضمنوا إجابته وأفعاله المتحجرة دائما !!

مرت الأيام عليهم ليتبعها أياما أخرى وهم ينعون مرارة فراقه .. وعلقم غيابه .. وذهاب اليد. الحانيه من فوق رؤوسهم بلا عودة !!

ليقويهم علي ذلك مصحف شريف ، وصلاة يتضرعوا فيها بالدعاء ، وصدقة جارية ..

التي بدأتها " هنا " بالفعل بمساعدة شاكر المحامي في بدأ تأسيس دار لتحفيظ القرآن الكريم الكبير والصغير بدون مقابل تحت عنوان " دار علي البنا لتحفيظ القرآن الكريم .....

منفذه لحديث الرسول " صلي الله عليه وسلم " بأن الصدقة والدعاء هما ما يصلان الميت من الأحياء ....

فراقة الموت بعينه .. قتل روحها ببطء ... وفرع خزان سعادتها إلى وقت غير معلوم وقد يكون إلى الممات ... ليزداد وجهها شحوباً .. ومقلتيها حزن دفين ... ليزيدها الحنين أشتياقاً ...

وما أزدياد الاشتياق إلا عذاباً !!!!

أحكمت محقتها جيداً ليليها غطاء الوجه بدقة أشد ... مغادره غرفتها بعد أن أبلغها احدي العاملات بالمنزل بانتظار السيد شاكر لها في الأسفل ....

فتيقنت داخلياً بأن وقت المواجهة قد أتي ... لتسحب شهيقاً يكفي لثباتها نوعاً ما ... متحركه
بخطوات ثقيلة بأتجاههم ... بعد أن شاهدت والدتها تجلس برفقته ... فعلي ما يبدوا بأنها

سترافقهم في تلك الجلسة المصيرية .....

ولجا ثلاثتهم بهدوء الداخل غرفة المكتب التي تحمل عبق شذاه ... مما جعلهم يتجرعون ما في حنجرتهم بألم مميت ، شاردين بذهنهم بما تحمله ذاكرتهم لذلك العجوز ..... بدأ شاكر يستعيد ثباته سريعا ليمسك زمام الامور لتنفيذ ما رغب به صديق عمره حتى ترتاح

روحه للأبد !

أخرجهم من شرودهم بأشار من كف يداه ... بالجلوس على أريكة الاستقبال داخل الغرفة ... ليطيعاه في صمت جالسين بهدوء .. ليتبع جلستهم جلسته علي المقعد المقابل لهم في سكون يتحالف مع هدولهم ....

قائلا يلين بعد أن نظف حنجرته متجاهلا أئمة النفسي :

هنا يا بنتي أنا وجدك عرفين أنك مؤمنة وقوية عشان كده هو تاركلك أمانة ووصاني بأني افتحها بعد أسبوعين من وفاته في حضورك أنت والست الوالدة ...

رفعت وجهها من انخفاضه سريعا علي جملته الذي سري مفعولها في جسدها بقشعريرة أحبتها من جديد ......

هو يشعر بها وبما لحق بها من ألم موجع مصاحب لفراقة ... لذلك ترك لها شئ يعوضها لو قليل عنة .

شبه ابتسامة ضعيفة رسمت على شفتاها مصاحبه برجفة طفيفة كان رد فعلها ... أثناء مشاهدته يخرج بحذر مظروف ورقي من حقيبته الجلدية معطيها أياه بحيطه شديدة ....

حدقت به بعينان متسعه ... لا تستوعب واقعها ... ولا ذلك الشئ المدود من جانبه بأتجاهها .... مدت يداها برجفة طفيفة استطاعت السيطرة عليها حتى تلتقط كنزها الثمين من حبيبها .....

راقيتها والدتها بعينان تتلالاً بدمعاها المتحجرة وهي تهم بلهفة فحب يفتح ذلك المظروف والذي يحمل عنوانه " إلي الغالية هنا " المعرفة مضمونه ....

" السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة ....

غاليتي ، وجوهرتي الثمينة ، وأبنتي التي لم أنجبها .. لتكون لي الحفيدة التي أفخر بها دائماً " هنا " .

الرسالة دي وأنت بتقرأيها هتكون روحي صعدت للخالقها ... لحظتها سامحيني علي جريمتي في حقك !!..

وان استخدمتك كوسيلة الرجوع الغايب إللى هيفضل قلبي متعلق بيه حتى لو روحي فارقت جسمي للأبد ...

فكرت في كل حاجة ونسيت أهم حاجة ... نسيت أنك بنت من حقها أن يكون ليها حياتها الخاصة بيها .. اطلبي لي الرحمة والغفران يا هنا لأن عارف أنك بتحبيني ... وهتسامحيني ومش هترضي الروحي العذاب .. وأوعي تتأثري بقراقي لأن هكون دايما جميك وحاسسك بيك ومعاكي في أي مكان تروحيه وكوني زي ما انا طول عمري شايفك قوية .

حينها لم تستطع التكملة ، الاهتزاز يداها بشدة يتبعها انهيار دموعها دون توقف .. تاركه الخطاب من بين يداه يسقط بجانبها .. لتنهار دون سيطرة على جسدها في أحضان والدتها تشهق بشدة دون توقف مرددة من بينها يحزن :

ليه كلكم شايفني قوية ومفروض متأثرش ... ليه مش شايفين أن صمتي وراه حزن ووجع بيقضي عليه من جوه طول الوقت ... ليه مش شايفين أن كبرت من غير أب ولما لقيت جد حنين عوضتي عن غايبه مات هو كمان وسابني ....

أتبعت كلامها بهز رأسها ينفي في أحضان والدتها مسترسلة حديثها مرة ثانية : أنا مش معترضه والله يا أمي بس في نفس الوقت متقولليش أقوي وقاومي وجعك.... لأن

صدقوني لحظتها هكون بكذب عليكم كلكم ....

أشتدت رقية من أحتضانها بين ذراعيها بقوة في ظل أنسياب دموعه في صمت .. فما الذي لديها التقدمه لها لكي يزيل همها إذا كانت هي تحمل نفس الهم وأنقل ....

ريت على ظهرها بهدوء مصاحباً بقبله عميقة على مقدمة رأسها مردده جملتها بحنان يستدعيها الاستكمال ما قرأته لعل أبيها ترك لهم حل يريحهما جميعاً للأبد !!

قومی با حبيبتي كملي رسالة جدك وشوفي هيقولك أيه الآخر ....

أقحمت هنا وجهها برجفة شعرت بها رقية في أحضانها ، قائلة بوهن شديد و ظاهري لهم دون توقف دموعها :

مش هقدر يا أمي ... صدقوني مش هقدر ... أنتم ليه قصدين تعذيوني وخلاص ....

ريت علي ظهرها مرة أخري بلطف قائلة بنبرة يتملكها الحزن وهي تنظر بتهذيب الشاكر المحامي تسترعيه لتكمله الرسالة بدلا عنها :

خلاص يا روحي متجهديش نفسك أكثر من كده وجدو شاكر هيكملها بصوت تقدري تسمعيه
التقط شاكر الرسالة وأكملها بهدوء :

" أينني هنا حين أفلتت والدتك أحدي كلماتها بدون قصد قبل سفرك للأسكندرية .. توجعت كثيرا لها بين نفسي ورغبت في أنهاء دور الظالم الذي قضي على مستقبلك دون رحمة ... لهذا

استدعيت يومها شاكر لايجاد طريقة للخلاص |

اقترح امامي شي صعب بل قاتل وهو أن يرفع دعوة للخلع بضرر ابتعاد زوجك عن أرض موطنك منذ بداية عقد كما لمدة تمتد لخمس سنوات دون اتصال ....

شئ أن اتخذته ونفذته سيجعلني أظلمك مرة أخرى حين يطلق عليكي في هذا العمر بمطلقة خلعت زوجها ....

مقدرتش !!

مقدرتش أمضي الورق بعد ما جهزه شاكر وجبهولي عشان أمضية الأقامة الدعوي ...

هنا يا بنتي أنت دلوقتي حرة لأن أنا أكيد مش هكون موجود لحظتها عشان تبجي علي نفسك عشاني .. ولا حد هيقدر يغصبك على حاجه بعد كده ... وأصريت أن والدتك تكون موجودة والرسالة يتتفتح عشان تكون على علم بكل شئ .....

ريحيني وأمضي الورق يا هنا وكوني حرة طليقة واختاري الشخص اللي هيسعدك وابدئي حياتك من جديد وسامحيني أنت وولدتك !!

جدك علي البنا "

هيط بيده التي تحمل الرسالة ببطء ثم أشاح عويناته وهو يطالعهم باترقب .. ليتفاجئ بهنا تبتعد عن أحضان والدتها بنظرة قوية في الفراغ، ماحيه دموعها براحة كفيها وهي تهتف بأصرار مؤكد :

حاضر هريحك يا جدو !!

ثم ردد جملتها التي شلت أطراف والدتها وانتفض لها شاكر من ثباته .... "

أنا عاوزة أروح لزوجي !!! "

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1