![]() |
رواية عشق الادم الفصل الثاني عشر بقلم ماري حليم
جلست أمامه وهي تبتلع ريقها ، فماذا ستقول له الآن بعد أن علمت تلك الحقيقة من شقيقتها والضحية في ذلك كله تلك المسكينة " عشق " الذي كتب عليها أن تعيش حياة بدون آب لتتجرع الويل والألم من زوج والدتها الذي يرغب بها !!! ماذا ستقول الآن بعد اثنين وعشرون عاما من كذب شقيقتها على ذلك الرجل الطيب الذي يجلس أمامها الآن يطالعها الآن بنظرات شك !!
هتفت وهي تبتلع ريقها بتوتر :
" جلال انت طلقت صفاء ليه ؟ مع إنك كنت بتعشقها عشق فوق الوصف ؟ ممكن أعرف .. "
تنهد جلال بتعب وهو يوجه عينيه على المارة بالطريق ، ليبدأ بسرد الحقيقة الغائبة قائلا :
" بعد وفاة والدة أيهم وهو بتولده فضلت سنين من غير جواز علشان اربي ابني ، لحد ما أيهم صار 12 سنه وقتها تعرفت على صفاء وحبيتها جدا ، أكثر من مراتي الأولى وانتي عارفة قد ايه حبيت صفاء وعشقتها لأخر نقطة دم بتمشي فييا ، عشنا حياة وردية بإيطاليا ، كنت بشوف الحب بعينها ليا ، فجاءة جت وقالتلي انا عايزة أطلق يا جلال ، !! انا تفاجئت وزعقتلها وخرجت من البيت ، بس هي رجعت فتحت موضوع الطلاق تاني وتفاجئت فيها بتقولي إنها مش بتجيب أطفال ! ومش عايزة تظلمني معاها ، بس اكتشفت یا صفيه ان صفاء كدابه كانت عايزة تطلق علشان بتحب واحد تاني وعايزة ترحله وهي قالتلي الكلام ده بنفسها ، وقتها تجننت و طلقتها !!
أنهى كلماته تلك وهو يمسح دمعه فرت من عينيه ، في حين شهقت السيدة صفيه وهي تستمع لسبب طلاق أختها !! ايعقل بأن صفاء قد تركت زوجها من أجل عشيقها !!!
هتفت له بهدوء مريب قائلة :
!" " إحم ، يعني صفاء محملتش نهائي طول فترة جوازكم
نظر لها بضياع قائلا :
" يوم طلقتها اكتشفت انها حامل بسبب بعض الادوية إلي كانت بتاخدها بالسر ، بس بعد كده راحت ونزلت البيبي من غير ما أعرف ، ربنا يسامحها .. "
ابتلعت السيدة صفيه ريقها وهي تشعر بجفاف قائلة :
" جلال انت لازم تعرف ... "
هنا صدح صوت هاتفها النقال بضجيج لتتناول الهاتف من حقيبة يدها وهي ترى اسم العامل الذي يعمل بالحديقة عقدت حاجبيها بتعجب وهي تجيب قائلة :
خير يا عطا في ايه ؟ "
أجابها ذلك الرجل الذي يدعى "عطا" قائلا بخضه :
" يا ست صفيه الحقي القصر بولع
كان يعقد اجتماعه الشهري برفقة كل رؤساء الأقسام في شركة الزهراوي ، برفقة صديقه أيهم الذي كان على يمينه يدقق ببعض الأوراق ، وشقيقه أحمد الذي كان يتبادل مع بعض العملاء الكلام على يساره ، في حين كان هو يجلس متوسطا طاولة الاجتماعات يشعر بضيقة أسفل جزئه الأيسر وبالتحديد ناحية قلبه !!
دخلت السكرتيرة بخطوات متعثرة قاطعة ذلك الاجتماع عليهم وهي تهتف بجزع :
" أدم باشا .. "
نهض أدم من مكانه بغضب قائلا :
" ازاااي تدخلي كده ؟ "
ابتلعت ريقها بخوف قائلة :
" أنا آسفة يا باشا ، بس اتصلو من القصر بقولو ان ان القصر بيولع و و "
تقدم ناحيتها بجزع في حين نهض أحمد وأيهم بعنف ليهتف أدم بخوف :
" و ايه ؟ "
تابعت السكرتيرة قائلة :
بقولو عشق هانم و وحده اسمها فرح فضلو جوا ومحدش قادر يخرجهم !
داخل قصر الزهراوي
كانت عشق قد جرت الكرسي المتحرك بيدين ترتعشان خوفًا من فقدان صديقة عوضتها عن فقدان الحنان الذي احتاج بهذه الفترة ، وصلت أمام باب المطبخ الذي كانت تنبعث منه ألسنة النيران والدخان بقوة ، وضعت يدها على فمها وهي تسر بقوة من سلسلة الدخان التي اخترقت أنفها بقوة ، حركت الكرسي أكثر حتى تمكنت من الدخول أكثر لتشهق بصدمة وهي ترى جسد فرح يفترش الأرض باستسلام ، حاولت التقدم أكثر ولكن أعاقها بعض الأشياء التي تتساقط بفعل السنة النار !!
أغمضت عينيها بقوة وهي تضغط على أطراف الكرسي بيديها الصغيرتين وهي تهتف بأعلى صوت :
" ياااااا رب ساعدني ياااااااارب .. "
أنها كلماتها تلك ودموعها تغطي وجهها الذي اصطبغ باللون الأسود من شدة الدخان ، أخذت تسر من جديد وهي تضغط على أطراف الكرسي محاولة النهوض !!
لتهتف بأعلى صوت من جديد :
" ياااا رب خدي بيدي يااا رب ، انت قادر إنك تخليني أمشي تاني يا قوي ، علشان فرح يا رب .. "
ضغطت أكثر حتى رفعت جسدها السفلي عن ذلك الكرسي اللعين بصعوبة ، محاولة أخرى تلتها أخرى حتى وقفت من جديد على قدميها التي أوشكتان على السقوط من فتحة الفاجعه
دفعت الكرسي للوراء وهي تسير وتضع تتوقفا على أنفها حتى لا تستنشق دخانًا أكثر من ذلك ...
تقدمت أكثر حتى تصل لمكان فرح ، أخذت تبكي بهستيرية وهي تحاول أن تقوم بايفاقتها ولكن الأخرى كانت ساكنه لا تتحرك !!
هتفت بألم وبكاء ينيط القلب :
"فرح فرح متموتيش وتسيبيني
لوحدي ، قووومي
ولكن دون استجابة ، حزمت أمرها وهي تنحني بجذعها نا منها لتحاصرها تسيطر بجسد فرح بقوة ، خطوة
تلتها خطوة وهي تحاول جرها للخارج بعد أن تؤزمت الأمور وبدأت السنة النيران تمتد للخارج، سارت بخطوات بطيئة وهي تحاوطها بين يسيطر حتى وصلت أعتاب الباب، لتدفعها للخارج بقوة وهي ترى إطارات الباب المشتعلة على وشك السقوط عليهم !!
دفعتها خارجا، لتبتسم بسعادة وهي ترى ألسنة النيران قد تحاصرها بالداخل وبعدها لم ترى شيئًا سوا سواد حالك ضرب رأسها بقوة لتسقط أرضا منفصلة عن هذا العالم !!
في الخارج كانت قد وصلت فرق الإطفاء والإسعاف بعد أن طلبتهم إحدى الخادمات، في نفس اللحظة وصلت السيدة صفيه برفقة السيد جلال وهي تشهق من هول المنظر، أخذت تصرخ بالخدم بقوة قائلة :
عشق عشق فيييين ، أكيد دخلت معاكم صح ؟ "
نكست الخادمة رأسها قائلة :
" أنا دخلتها يا ست صفيه بس بس هي أصرت تدخل تشوف فرح و للأسف هم الاثنين جوا .. "
وضعت السيدة صفية يدها على قلبها الذي أخذ يخفق بعنف، في حين تقدم السيد جلال ليكون جزءًا منه بالداخل يصرخ نساء أن ينقذه قسرًا :
" اهدي يا صفيه ووحدي ربنا ، أكيد هيخرجوها دلوقتي ...
أنهى كلامه ذلك وهو يرى إحدى رجال الإطفاء يحمل جسد فتاة وهو يتجه ناحية الإسعاف بقوة ، ركضت السيدة صفيه وخلفها جلال وهي ترى فرح يتم إدخالها داخل الإسعاف لتنطلق بها السيارة بقوة إلى المشفى فوضعتها في غاية الخطورة
صرخت السيدة صفية بألم وبكاء لرجال الإطفاء :
" عشق فيييييين ، البنت را احت منا مش كده ؟ "
أجابها أحد رجال الإطفاء قسرًا : جابها
اهدي يا مدام، ان شاء الله هيخرجوها الفريق إلي فضل جوا ...
عند تلك النقطة وكفى، أخذت السيدة صفية تصرخ بهستيرية وهي تتمسك بقميص السيد جلال
روح خرج بنتك يا جلال، خرج بنتك قبل ما تمووووت أبوس ايدك، عشق بنتك بنتك .... "
أنها كلماتها وهي تنهار أرضا وتردد كلمة واحدة بهستيرية "بنتك "
في حين أخذ السيد جلال ينظر لها بصدمة حقيقة شلت أطرافه عن الكلام، ولكن أي كلام ذلك الآن، تقدم بخطوات سريعة هو يصرخ بإسم عشق بأعلى صوته، رأى فريق الإطفاء يمنعه من الدخول ليصرخ بهم قائلًا بوجع :
وسوو من سكتي ، بنتي بتموت جوا ... "
وبمحاولات عديدة تمكن من اختراقهم ليدخل ناحية الداخل وهو يصرخ باسمها
في تلك الأثناء كان أدم قد وصل ليصف السيارة لتحتك اطاراتها مصدره صوتا عاليا ، ليخرج منها بجنون وهو يرى ذلك المشهد أمامه بسيارات الاطفاء والاسعاف وبعض الجيران الذين جاؤو للمساعدة
رأى والدته تجلس على الأرض وتبكي ليتجه ناحيتها قائلة بفزع :
"عشق فين يا امي ؟ "
طالعته بنظرات ضائعة
عشق جوا يا آدم ، البنت متأكد ماتت يا أدم
قبض قلبه بقوة وبسرعة اتجاه ناحية الداخل مخترقا ألسنة النيران ليرى السيد جلال يخرج وهو يحمل جسد عشق بتعب شديد ، التقطها أدم منه بقوى وهو يصعد على وشك السقوط ، ليركض بها ناحية الاسعاف بقلب لم يعد يحتمل أكثر من هذا الألم ...
صعد بسيارة الإسعاف بجانبها لتنطلق السيارة بأقصى سرعة ، بدأ رجال الإسعاف بعمل الإسعافات الأولية لها ، فرحتين جلس أدم يطالعها بقلب خلع من مكانه.
في حين جلس أدم يطالعها بقلب خلع من مكانه
تأزمت الأمور أكثر وأكثر حينما وقع السيد جلال وهو يهتف بضعف وهو يرى أحمد وأيهم قد وصلو للمكان :
" ساعدو بنتي متخلوهاش تمووووت !!