رواية خائنة خلف جدران الحب الفصل الثالث عشر 13 بقلم صفاء حسنى

 

 

 

رواية خائنة خلف جدران الحب الفصل الثالث عشر بقلم صفاء حسنى


صباح جديد، الجو دافئ، والشمس طالع بنورها الهادي...

صحى مومن وهو حاسس براحة وسعادة بعد ليلة دافية كان مفتقدها من شهور طويلة. لف ووشّه على السرير وهو بيبتسم، بس ملاقاش رهف جنبه.

نهض من على السرير، دخل الحمام خد شاور سريع، وبدأ يلبس هدومه عشان يروح الجامعة.

وهو بيلبس، حس بفضول وقلق بسيط، خرج من الأوضة يدور عليها... لقاها في أوضة الأطفال.

كانت قاعدة على الأرض، ضهرها للحيط، وشعرها مفكوك وبينزل على كتفها، وعينيها مغمضة من التعب. شايلة "مراد" بإيد، و"حياة" نايمة على رجلها التانية. الاتنين بيزحفوا حواليها وهم بيضحكوا بصوت واطي، وهي مغمضة نص غمضة كأنها بتقاوم النوم.

وقف مومن بعيد وفضل يتأمل المشهد... قلبه اتقبض.

سند راسه على الحيطة، وقال بصوت واطي:
- "قد إيه بتتعب... وأنا اللي كنت شايف إنك مقصّرة!"

بهدوء خرج من الأوضة، وفتح موبايله، وبدأ يتصل بوالدتها. صوته كان باين عليه التقدير:
- "ماما، ممكن تيجي النهارده تقعدي مع رهف شوية؟... هي محتاجة حد يسندها."

رهف كانت سامعاه، دمعة خفيفة نزلت من عينيها، بس كانت دمعة فرح. ابتسمت وقالت لنفسها:
- "كويس... أخيرًا حاس بيا."

سمعت صوت الباب بيتقفل وخرج مومن، وساعتها بسرعة خدت موبايلها واتصلت بإيمان.

رهف:
- "إيمان، ممكن تيجي تساعديني شوية؟ الولاد صحيو وأنا تعبانة خالص."

إيمان ردت وهي بتجري في الطريق:
- "أنا في طريقي للجامعة هقدم الورق، بس هعدي عليكي بعدين فورًا... خليكِ قوية، أنا جنبك."

رهف بصّت للأطفال وهما بيضحكوا، وضمتهم لحضنها، وقالت بحنان:
- "طالما في ضهر بيسندني... هفضل واقفة."

إيمان كانت ماشية بخطوات مترددة وسط حرم الجامعة المفتوحة، لابسة عباءة بسيطة، وحاطة شنطة جلد صغيرة على ضهرها، وشعرها ظاهر من تحت الإيشارب التركي اللي دايمًا ملفوف بنعومة حوالين وشّها.

وقفت قدام المبنى الإداري، وخرجت تنهيدة طويلة من صدرها، وكأنها بتستجمع شجاعتها كلها.

إيمان (في سرها):
"يا رب... يا رب بداية جديدة... بعد سنين وجري وهروب... آن الأوان أعيش ليّا."

دخلت المكتب، وابتسمت للموظفة اللي كانت قاعدة ورا الشباك.

إيمان (بهدوء):
"السلام عليكم... أنا جاية أقدّم في نظام التعليم المفتوح، معايا شهادة الثانوية."

الموظفة (بابتسامة رسمية):
"أهلاً وسهلاً... طيب اتفضلي يا أستاذة، هاتي الأوراق اللي معاكي."

طلعت إيمان من شنطتها شهادة الثانوية، وصورة البطاقة، وشهادة الميلاد، وكل الورق اللي جهّزته بصعوبة من يوم ما رجعت.

الموظفة (وهي بتراجع):
"تمام... التقديم مفتوح لتخصصات كتير، تحبي تدخلي قسم إيه؟"

إيمان (لحظة تفكير):
"حقوق... نفسي أدرس قانون، يمكن أقدر أساعد غيري في يوم."

الموظفة:
"حلو جدًا، حقوق متاحة.
هندخلك امتحان تحديد مستوى في العربي والإنجليزي، وبعد كده نكمل باقي الإجراءات.
وبالنسبة للمصاريف، بتكون حوالى ٥٠٠٠ جنيه في السنة، بتدفعي على ترمين، وفي تسهيلات كمان لو محتاجة."

إيمان (هزت راسها بتفهم، بس كانت بتحاول تخبي قلقها):
"تمام... ممكن أسأل عن الجدول والكتب؟"

الموظفة:
"أول ما تخلصي الإجراءات، هيتبعتلك الجدول على الموبايل... وهيبقى عندك محاضرات أونلاين وحضور في الأيام الجمعة والسبت 

إيمان:
"يعني ممكن أذاكر من البيت؟"

الموظفة (بابتسامة مشجعة):
"بالضبط... وربنا يوفقك، واضح إنك جادة ونيتك حلوة."

طلعت إيمان من المكتب وقلبها مليان مشاعر... خوف من البداية... حنين لحلم قديم... وإصرار إنها تبني مستقبلها من تاني.
الكاتبة صفاء حسنى 
وقفت على جنب في ساحة الجامعة، طلعت موبايلها، وبعتت تسجيل صوتي لرهف:

إيمان (بصوت فيه ابتسامة):
"قدّمت خلاص يا ستّي... رسميًا هبقى طالبة حقوق... نفسي ألبس الروب يوم وأرافع في المحكمة...
أنا بدأت المشوار... ودورك بقى ترجّعي الحب في بيتك... شدّي حيلك، وبلاش دلع بزيادة."

في نفس الوقت اللي كانت فيه إيمان خارجة من المبنى الإداري، بخطوات متفائلة ومليانة أمل...
كان مومن داخل من الباب التاني، لابس قميص كلاسيك وساعة جلدية شيك، شايل في إيده دوسيه كبير فيه كل أوراقه ومستنداته.

وقف قدام مكتب شؤون هيئة التدريس، ونفخ بهدوء كأنه بياخد قرار كبير.

موظف شؤون أعضاء هيئة التدريس (بيبتسم):
"اتفضل يا أستاذ... حضرتك جاى تقدم على وظيفة محاضر؟"

مومن (بثقة):
"آه، معايا ماچستير قانون جنائي، ودرّست قبل كده ضمن هيئة النيابة... حابب أكمّل كدكتور مساعد."

الموظف:
"حضرتك شخصيّة كبيرة أهو، الجامعة محتاجه ناس زيك.
اتفضل الأوراق دي هتملأها، ونحتاج منك خطة تدريس ونسخة من الرسالة. وهنبعت لحضرتك ميعاد مقابلة مبدأيّة."

مومن (وهو بيملأ الورق):
"أكتر حاجة نفسي فيها دلوقتي... إني أعلّم، وأعيد التوازن في حياتي."

كان قاعد على طاولة خشب جنب الشباك، والشمس داخله على وشه، باين عليه التعب بس في عينه إصرار.

في الخارج، على بعد أمتار... كانت إيمان لسه واقفة بتبعت تسجيل لرهف.

إيمان رفعت وشها للحظة، حست إن الجو حوالين الجامعة فيه طاقة غريبة... طاقة أمل.

إيمان (بصوت داخلي):
"يمكن الحياة فعلاً بتبدأ من هنا... من أول قرار ناخده بإيدنا، مش بظروفنا."

داخل، مومن بيقف، ويسلم الورق، ويتجه ناحيه المخرج...
في اللحظة اللي بيخرج فيها من الباب التاني...
إيمان بتعدي من الباب المقابل.
مسافة صغيرة جدًا...
بس محدش شاف التاني.
إيمان كانت طالعة من المبنى، ماسكة ورق التقديم، ووشها شاحب، دماغها مشوشة...
بتبص في ورقة المصاريف، والهمّ مالي ملامحها، وفجأة تشعر بدوخة...
الكاتبة صفاء حسنى 
خطوتها اتلخبطت... رجليها خانتها...
كادت تقع على الأرض.

وفي اللحظة دي، إيد ثابتة تمسكها...

مومن، اللي كان معدّي من الناحية التانية، ومد إيده بسرعة من غير ما يشوف ملامحها كويس.

مومن (بقلق):
"خلي بالك يا انسه ... أنتي كويسة؟"

إيمان (بصوت واطي وهي بتحاول تقوم):
"آه... أنا آسفة... مش عارفه ازى فقط توازن ."

مومن يسمع صوته مش غريب عليه (بيبص لها، متأمل ملامحها):
"إنتي... وجهك مش غريب عليا."

إيمان (بتحاول تبتسم وتهرب من الموقف):
"مش بيقول يخلق من الشبه أربعين ."

مومن (بيفكر):
"ممكن... أنتي طالبة؟"

إيمان (بهدوء):
"لسه بقدم... تعليم مفتوح."

مومن (بإعجاب خفيف):
"حلو... الناس اللي بتبدأ من جديد بيكون عندها قوة مش عادية."

إيمان (بنبرة فيها حذر):
"فيه ناس مبتخترش الظروف... بس بتحاول تعيش من تاني."

مومن (بصوت هادي):
"كلنا بنحاول."

يسيبها تمشي، لكن نظراته بتفضل معلقة بيها...
هي تبعد بخطوات سريعة، وقلبها بيخبط في صدرها...
مش عارفة ليه حسّت بحاجة غريبة في صوته...
وهو واقف مكانه، حاسس إن البنت دي في ملامحها حاجة مألوفة...
بس لسه مش قادر يفتكر فين شافها.

وصلت إيمان عند رهف واقفة على الباب، شايلة شنطتها وورق تخرجها، ووشها كله فرحة، بتخبط بخفة وهي مبتسمة.
الكاتبة صفاء حسنى 
رهف (وهي بتفتح الباب، ووشها بينور):
"ألف مبروك يا قلبى، اتقبلت ؟"

إيمان (بحماس طفلة):
"آآآه، الحمد لله! أنا رسمى بقيت طالبة ! ورجعتلك بقى، عندى طاقة الدنيا."
خالي بالك آنتى من مراد وحياة وانا اوطبلك المطبخ 
أقعدت رهف الاطفال في عربيتهم ودخلت بيهم مع ايمان 

الا داخلت المطبخ بسرعة، لبسة مريلة بسيطة، وبتلف شعرها، وبتبص حوالين المطبخ كأنها داخلة معركة.
رهف قاعدة على طرف الرخامة، بتضحك من حماسها.

إيمان (بحماس):
"بس قبل أى حاجة، لازم نعمله أكلة يفتح بيها قلبه. كفاية شكوى!"

رهف (بمزاح):
"هو إنتى داخلة عشانى ولا عشان تراضي جوزي؟"

إيمان (بضحكة بريئة):
"الاتنين. لو رجّعناهلك قلبه... إنتي كده رجعتي قلبك لنفسك."مش بيقول المثل أقرب ل قلب الرجل معدته 

رهف (بصوت دافي):
"أنا محظوظة بوجودك."

[الكاتبة صفاء حسنى 

في المطبخ الصغير...

كانت إيمان واقفة جنب رهف، بتساعدها في ترتيب الحاجات، ولقيت الفرصة إنها تديها نصيحة بسيطة بس فعّالة.

إيمان (بنبرة خفيفة):
"اتصلي بوالدة مومن يا رهف... واعرفي جوزك بيحب إيه، يمكن تعملي له حاجة يفرح بيها."

رهف ترددت لحظة، وبعدين خدت نفس واتشجعت، ومدّت إيدها على التليفون.

رهف (على التليفون بنبرة ودودة):
"إزي حضرتك يا طنط، أنا رهف... كنت بس عاوزة أسألك عن أكلة مومن المفضلة، عشان بنحضّره مفاجأة."

والدة مومن (بضحكة فيها شجن):
"هو بيحب الحمام المحشي، والملوخية... ولو لقيتوا رز معمر بالحليب، قلبه هيرجع طفل صغير!"
سكتت لحظة وبعدين قالت بلطافة:
"بس هتعرفي تعمليهم يا رهف؟"

إيمان كانت واقفة جنبها وسمعت الكلام، فردّت بسرعة:

إيمان (بحماس):
"متقلقيش يا طنط، أنا معاها."

والدة مومن (باستغراب):
"آنتي مين؟"

إيمان (بابتسامة):
"أنا إيمان... بنت صديقة طنط منى. مشكورة حضرتك وزوجك حضرة القاضي إنكم رجعتوني من تركي ، وأنا ناوية أساعد رهف وأعلمها كل حاجة."

والدة مومن (بابتسامة فيها رضا):
"أهو ده الكلام! ربنا يوفقك ويصلح حالهم يا بنتي."
[
إيمان بدأت تقطع الخضار، بتحشي الحمام، ورهف واقفة جنبها بتساعد، بتحاول تتعلم كل تفصيلة.

إيمان (وهي بترتب على الترابيزة):
"شوفي، السر مش في الأكل بس... السر في الاهتمام... في إنك تحسسيه إنك موجودة عشانه، بتفتكريه، بتفكري فيه."

رهف (بابتسامة ندم خفيف):
"وأنا كنت بفكر في نفسي بس..."

إيمان (وهي تلمس إيدها بلُطف):
"بس دلوقتي بتتعلمي... وأنا هنا عشان أساعدك."

السفرة جاهزة، والأكل شكله يفتح النفس، ورهف واقفة متوترة لكنها مبتسمة، .

إيمان (بهمس):
"أنا همشي قبل ما يجى البس هدوم حلوة ... وقولي له: السفرة دي معمولة مخصوص ليك."

---
الكاتبة صفاء حسنى 
كانت رهف واقفة قدام المرآة، بتزبط شعرها وبتحاول تخبي توترها، لسه صوت إيمان بيرن في ودانها:

إيمان (بابتسامة خبيثة وهي بتلم هدومها):
"أنا همشي قبل ما ييجي، البسي هدوم حلوة... ولما يدخل قولي له: السفرة دي معمولة مخصوص ليك."

ضحكت رهف بخجل، وهزّت راسها بتوتر، وإيمان نزلت على السلالم وهي مبسوطة إنها قدرت تسيب لمستها.

في نفس اللحظة، كان مومن راكب الأسانسير التاني...
وهو طالع، شمّ ريحة أكل ماليه الدور كله...
ريحة حمام محشي، وملوخية سخنة، وقلبه بدأ يدق بسرعة من غير ما يعرف ليه.

كل ما يقرب من شقته، الريحة بتقوى أكتر وأكتر،
فتح الباب...
دخل بهدوء، وساب الشنطة على الكومود.
قبل ما ينادي على حد، جري عليه مراد وحياة بضحك بريء. وهما يذحفون 

مراد (وهو ماسك إيده):
"باباااا... 

حياة (بتشد هدومه):
"بابا 

ابتسم مومن... وهو عينيه تلمع من المفاجأة،
ولما دخل الصالة، كانت السفرة متزينة بألوان الأكل...
حمام محشي، ملوخية، رز معمر بالحليب، وشمع بسيط مضوي بهدوء.

بصّ على رهف اللي كانت واقفة بتوتر وشوية خجل...
وعينيها بتلمع بتردد، قالت بصوت واطي:

رهف:
"السفرة دي... معمولة مخصوص ليك."

---
مومن قعد على السفرة، وهو بيشم ريحة الأكل اللي كانت مالية الشقة، ابتسم وقال وهو بياخد أول لقمة:

مومن (مستغرب ومبسوط):
"يا نهار أبيض! إيه ده؟ الأكل ده جاي منين؟ اسمه إيه المطعم ده؟! طعمه جامد جدًا بجد!"

رهف وقفت بعيد بتراقبه وهي بتضحك في سرها، قلبها بيرقص من الفرحة إنه عاجبه.
بس عقلها شغال:
"هو مصدقش إن ده أكلي؟! بس ماشي... ليه لأ؟ أفهمه إنه فعلاً شغلي، وأطلب من إيمان تساعدني وتطبخ كل يوم، هي محتاجة فلوس للجامعة، ومش هتقول لأ أكيد."

قربت منه بخطوات هادية وقالت له وهي بتحاول تكتم ضحكتها:
رهف:
"تعال يا سيدي شوف الحلل بعينك... يمكن تصدقني!
ولو مش مصدق، دوق بنفسك... وهتعرف تفرق،
ده مش أكل مطعم ولا أكل ماما...
أنا استعنت بالنت، وكل يوم كنت بجرب وأخترع،
لحد ما بدأت أتعلم بجد."

بص لها مومن، وابتسامته وسعت، وبعينه امتنان ما يتوصفش.
مد إيده، مسك إيدها بحنية، وقبلها بلطف وقال:

مومن (بصوت دافي):
"تسلم إيدك يا رهف... والله العظيم أكلك ده بيضرب في القلب."

---
تأنى يوم 
في المطبخ، رهف واقفة عند الرخامة، عنيها حمرا ووشها باين عليه إنها كانت بتعيط. تسمع صوت جرس الباب، تروح تفتحه... تلاقي إيمان واقفة.

رهف (بصوت متهدج):
تعالي... تعالي يا إيمان، أنا مش قادرة... محتاجة مساعدتك أوي.

إيمان (قلقة):
خير يا حبيبتي؟ في إيه؟

رهف (بتمثل إنها متأثرة):
دلوقتي الأكل، عجب مومن أوي... وافتكر انى انا الا عاملة ولما حاولت اعمل زيك باظ منى الاكل وهو قال إنه أحلى من أكل المطاعم، و... وافتكر فى الأول ماما، لكن هو حافظ اكل مامته ومامتي 
أنا مش عاوزة أضيّع اللحظة دي، مش عاوزاه يرجع ياكل يزعل منى تاني، بس... أنا مش هقدر أعمل ده لوحدي كل يوم.

إيمان (بهدوء):
يعني عاوزاني أساعدك في الطبيخ؟

رهف (بتاخد نفسها):
أنا فكرت... إنتي تشتغلي كإنك موظفة في مطعم، أنا هاخد الفلوس منه عادي، وأديهالك... بس من غير ما يعرف.
قوليلي، ينفع؟ أنا فعلاً محتاجة أكلك، ومومن محتاج يحس إنه في بيت... مش مجرد شقة وسكوت.

إيمان (ساكتة لحظة، وبعدين بنبرة حزينة):
وهو يعرف؟ يعرف إن الأكل من إيدي؟

رهف (بهدوء وهي بتمسح دموعها):
لا... وهيفضل يفتكرني أنا، بس أنا مش بضحك عليه، أنا بتعلم... وباخد منك كل حاجة حلوة.
انتي موهوبة... وأنا مش هخلي تعبك يضيع.

إيمان (بصوت فيه قهر):
أنا رجعت من تركيا مش لاقية حتى أشتغل في مجالي...
معاش أمي مش مكفّي، ومفيش مكان هيرضى بيا، حتى لو بريئة، اسمي اتحط في أمن الدولة... خلاص.
أنا فعلاً محتاجة شغلانة... بس أكيد مش بالشكل ده.

رهف (تمسك إيدها بحنية):
أنا عارفة... عارفة كل حاجة، وعارفة إني مديونة ليكي برجوعك، بس صدقيني، دي البداية... ومن هنا نقدر نعمل حاجة لينا إحنا الاتنين.

إيمان (تتنهد، ووشها مليان حزن وتعب):
خلاص... اتفقنا. أنا هساعدك، وهستلم الأكل كل يوم، بس... متنسيش إن فيه قلب بيتوجع عشان يفرح غيره.

رهف (بصوت واطي):
عمري ما هنسى... إنتي طوق نجاتي.
الكاتبة صفاء حسنى 
الصبح، كانت رهف قاعدة في الصالة وعينيها باين فيها التعب، بتحاول تمثل إنها منهارة وعيانة، وفجأة دخلت إيمان وهي شايلة شنط الأكل.

رهف (بصوت مكسور):
"أنا مش قادرة أتحرك.. كنت عاوزة أطلب منك تساعديني، ب اهتمام ب حياة ومراد 

إيمان بصّت لها، وفضلت ساكتة، مش عارفة ترد، بس قلبها حاسس إن في حاجة مش مظبوطة.

من اليوم ده، بقيت إيمان تروح كل يوم تستلم الشقة، وتجهّز الأكل، وأوقات كانت تهتم بالأطفال، خصوصًا التوأم، اللي ابتدوا ياكلوا كويس معاها، وارتاحوا لها، لحد ما بقت المسؤولة الأولى عن كل حاجة.

بقت تشتغل من بعد ما مومن يخرج من البيت، لحد الساعة ٥ أو لما رهف ترجع. ورغم إن رهف أوقات كانت في البيت، إلا إنها سابت كل حاجة على إيمان، واتفقت معاها على مرتب شهري ٥ آلاف.

مرت الأيام، ولما بدأت الدراسة بعد شهر ونص، رجعت إيمان الجامعة يوم الجمعة والسبت، واتفقت مع رهف إنها تجهّز الأكل قبلها بيوم، وكل اللي عليها إنها تسخنه.

ورغم إن كل حاجة كانت ماشية طبيعي، رهف بدأت تلاحظ إن مؤمن، في أيام الإجازة، بقى بيخرج لوحده. في البداية افتكرت أنه عمره ما سألت أو زهقان، 

الكاتبة صفاء حسنى 
في يوم الجمعة، دخلت إيمان الجامعة، لابسة فستان سادة طويل، وحجابها مغطيها بالكامل، وشايلة كتبها، ودخلت القاعة.

بعد شوية، دخل مومن، وبدأ يشرح. وطول ما هو بيتكلم، كان مركز مع الطلبة، لكن لما بدأ يسأل سؤال، ردت عليه إيمان بكل ثقة وذكاء.

مومن اتجه ناحية الصوت، وقرب منها، وبص فيها شوية... قلبه اتقلب.

كانت هي!

نفس البنت اللي شافها أول يوم ورجعت له في الحلم.. نفس النظرة، نفس الهدوء.

وقف للحظة، وساب السؤال، وبص لها بصّة أطول من اللازم... بس بسرعة رجع تاني يكمّل الشرح، وهو جواه ألف سؤال وسؤال.

فجأة...


شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1