رواية خائنة خلف جدران الحب الفصل الرابع عشر بقلم صفاء حسنى
قطع شروده صوت واحد من آخر القاعة بيسأل بنبرة حادة:
– "هو القانون بيتطبق صح في بلدنا؟ ولا مجرد كلام بندرسه؟"يا دكتور
رفعت ايمان إيدها بهدوء وهي بتقول بثقة:
– "ممكن أجاوب أنا يا دكتور؟"
بص لها مومن باستغراب، وابتسامة صغيرة ارتسمت على وشه:
– "اتفضلي."
استقامت في جلستها، وبصوت ثابت مليان إيمان بكلامها، قالت:
– "القانون هو اللي بيحمي كل واحد في البلد. لولو القانون ما كانش بيتطبق، ما كانش يبقى لينا الحق نتعلم في أي سن أو أي وقت. القانون هو اللي وافق إن الجامعات المفتوحة تتأسس لكل الأعمار، عشان اللي ضاعت عليه فرصة يقدر يعوضها.
القانون داخل في كل حاجة في حياتنا، وكل بلد فيها الحلو وفيها الوحش… لكن أنا عندي يقين، بلدنا كبيرة وعظيمة، فوق أي بشر أو أي فاسد."
الكلمات خرجت من قلبها قبل ما تطلع من لسانها، وصوتها كان فيه قوة وإصرار يخلي أي حد يسمعها يصدقها.
مومن، من مكانه، حس بدهشة وإعجاب غريب… إزاي واحدة بالذكاء ده، والحضور ده، ما كملتش تعليمها من زمان؟ وإيه اللي رجعها بعد سنين للجامعة المفتوحة؟
كان مومن قاعد في المدرج، بيستمع لآراء الطلبة بعد ما طرح سؤال خارج المنهج:
مومن: "طيب… كل واحد فيكم يقول هو ليه قرر يكمل تعليمه في السن ده؟"
رفع شاب إيده وقال بصوت فيه شوية خجل:
شخص : "عشان أعرف أشتغل… أنا شغال دلوقتي بقدم شاي وقهوة في مكتب محامي، وفيه شباب أصغر مني متخرجين وشغالين معايا، حسيت إني لازم أعلي من نفسي… يمكن أقدر أغيّر مكاني."
ابتسم مومن بإعجاب، وبصّ لسيدة في الصف الأمامي، أشارت إنها حابة تتكلم:
السيدة: "أنا… بنتي دخلت كلية حقوق، وكنت دايمًا حاسة إني قليلة في نظرها ونظر أصحابها… حبيت أدرس معاها وأثبت لنفسي قبل أي حد إني أقدر."
مومن وهو بيكتب ملاحظات بسيطة على ورقته، رفع عينه ناحية إيمان… كان مستني منها الرد.
سكت شوية، لقاها بتاخد نفس عميق وكأنها بتحارب دمعة بتقاوم النزول.
إيمان: "أنا… في الأول وانا صغيرة، كان نفسي أكون دكتورة… بس الدنيا كانت قاسية عليا. جبرتني أكون مذلولة لكل الناس… سواء كان أبويا أو حتى أصحاب، عشان أعيش. ولما وقعت… كان لازم أقف على رجلي من تاني… عشان أقدر أشتغل شغل في شركة بدل ما أكون خدامة في البيوت."
سكتت لحظة… والهدوء سيطر على المدرج.
مومن وهو بيسمعها، حس بشيء غريب جواه… كان مستغرب إزاي واحدة بالذكاء ده، بالقوة دي، ماكملتش تعليمها زمان… وإزاي بعد السنين دي كلها اختارت تفتح كتاب من جديد في الجامعة المفتوحة.
ومن يومها… بدأ يلاحظها أكتر، أسلوبها في الكلام، تفكيرها المختلف، وطريقتها اللي فيها مزيج بين الحذر والقوة.
وكان بيحب يوم الجمعة والسبت أكتر من أي وقت… بيحس فيهم براحة نفسية. وفي آخر يوم فى السن الاولي ل ايمان فى الجامعة وكانت جايب تقدير امتياز وكلهم فرحانين إنهم اجتزوا أول سنه ، مومن وهو ماشي في الجامعة، سمع صوت مش غريب عليه… صوت حفظه من زمان. كان صوتها… وبتقول توشيح ديني عن محبة الرسول ﷺ… والكل حواليها بيصفق.
صوت ناعم دافي، مليان إحساس بيخترق الهوا:
"
مومن وقف، لف وشه ناحية مصدر الصوت.
كانت مجموعة طلبة واقفين تحت شجرة كبيرة فى ركن هادى من الجامعة، بيحضروا نشاط دينى تطوعى، والبنت اللى بتتكلم واقفة وسطة البنات، فستان واسع سادة، حجاب طويل لونه سماوي، ماسكة ورق فى إيدها، وبتتكلم وكأنها مش بتحكى.. لأ، دى عايشة اللى بتقوله.
مومن حس بصوتها بيخبط على حتة جوه قلبه.. صوت كان سامعه قبل كده؟
أيوه… أيوه هو ده الصوت اللى سمعه مرة فى البيت، يومها كانت بتقرا قرآن.. وهو كان راجع تعبان، والصوت ده هو اللى هداه.
قرب منها من بعيد، فضل واقف ساكت وبيسمع.
مولاي إني ببابك قد بسطت يدي من لي ألوذ به إلاك يا سندي
مولاي يا مولاي مولاي إني ببابك
مولاي إني ببابك مولاي إني ببابك
أقوم بالليل والأسحار ساجية أدعو وهمس دعائي
أدعو وهمس دعائي بالدموع ندى بنور وجهك إني عائد وجل
ومن يعذ بك لن يشقى إلى الأبد مهما لقيت من الدنيا وعارضها
فأنت لي شغل عما يرى جسدي تحلو مرارة عيش في رضاك
تحلو مرارة عيش في رضاك تحلو مرارة في رضاك
و ما أطيق سخطا على عيش من الرغد
من لي سواك ومن سواك ومن سواك يرى قلبي ويسمعه
كل الخلائق ظل في يد الصمد أدعوك يا رب أدعوك يا ربي
فاغفر زلتي كرما واجعل شفيع دعائي حسن مرتقبي
وانظر لحالي وانظر لحالي
في خوف في طمع هل يرحم العبد الله من أحد
قد بسطت يدي من لي ألوذ به إلاك يا سندي مولاي
الكل أعجب ب التوشيح بصوته وقال شخـص منهم
ف
علا آجمل احتفال ب التوشيح
ابتسمت إيمان تكمل:
"إحنا محتاجين نرجع نحب النبي زى ما الصحابة حبوه، مش بالكلام، بالسلوك.. بالرحمة، بالستر، بالحُسن، وبالصدق، لأن اللى بيحب حد، بيقلده."
الناس اللى حواليها كانوا بيبصولها بإعجاب، لكن مومن كان بيبصلها بدهشة.
جواه حوار صامت:
"إزاي؟ إزاي بنت بالوعي ده، بالثقة دى، كانت سايبة التعليم؟ وراجعة دلوقتي تكمل؟ إزاي قدرت تحافظ على نقاوتها وسط اللي شافته؟"
ماحسش بنفسه غير وهو بيقرب أكتر.. بس وقف بعيد، سايب مسافة محترمة، ومتردد يبين إنه بيراقب.
إيمان خلصت الكلام، وضحكت ببساطة وهي بتشكر الحاضرين، وهى ماشية لمحت عينه،
اتشدت للحظة.. بس كملت طريقها عادي.
وهو فضل واقف..
لأول مرة من سنين، حس إنه محتاج يسمع تاني..
مش صوتها بس..
لأ، محتاج يسمع الكلام ده..
يعيش جوه العالم ده.
مومن (لنفسه وهو بيهمس):
"جميلة فى هدوءها.. مفيش فيها حاجة ملفتة.. بس هى كلها ملفتة."
أصبح بيحب يوم الجمعة والسبت.. دول أكتر يومين بيحس فيهم براحة نفسية غريبة، يمكن عشان بيبعد عن القواضي ، عن البيت، عن الزحمة النفسية كلها.
الكاتبة صفاء حسنى
كان مومن ماشي في ممرات الجامعة بعد ما انتهى اليوم الدراسي. صوته الداخلي ما سكتش، وكان بيعاتب نفسه:
"إيه اللي بيحصلي؟… أنا جيت هنا عشان أشتغل وأحافظ على بيتي… عشان ميكونش عندي وقت أفكر في عيوب أو ألوم رهف… وكمان رهف بدأت تتغير فعلاً وتكون أحسن…"
شعر بوخزة في قلبه، إحساس ذنب ثقيل… واستغفر ربه بصوت منخفض، كأنه بيحاول يطرد أي فكرة مش لازم تكون موجودة.
قطع خطواته السريعة، وقرر يروح على البيت.
—
فى البيت
كانت رهف تتحدث (بهمس): "أنا محتاجة أي معلومة عن شخص اسمه عبدالله… كان زوج إيمان، وفقدته في سوريا. مش عارفة إذا كان حي ولا ميت… عايزة أساعدها تلاقيه… وبسرعة لو كان عايش."
جاءها صوت الرجل من الطرف التاني، غامض وثابت:
المجهول: "تمام… هيتم البحث… وأول ما نوصل لأي جديد، هتكوني أول واحدة تعرف."
ضغطت رهف على التليفون وأنهت المكالمة، وعيونها فيها خليط من الإصرار والتوتر… وكأنها داخلة على خطوة هتغير حاجات كتير.
رهف كانت قاعدة في أوضة المعيشة، بتقلب في تليفونها بملل، فجأة… إشعار واتساب من رقم غريب.
فتحت الرسالة، وقلبها وقع:
"أهلاً بالقاتلة المحترفة."
شهقت رهف، إيدها بردت فجأة، وكتبت بسرعة:
– "إنت مين؟! وإيه الكلام الفارغ ده؟"
الرد جه فورًا، بلهجة ساخرة:
"طبعًا هتعملي نفسك ملكة قطة سيام… وإنتِ عارفة كويس، اللي بيقرب منك أو بيحاول ياخد حبيب القلب، نهايته الموت أو الرحيل… صح؟"
اتنهدت رهف، الغضب بدأ يطغى على خوفها:
– "إنت مين وبتقول إيه؟ أنا أبلّغ عنك مباحث الإنترنت!"
جاءه الرد مع ضحكة مكتوبة:
"ياريت! عشان جوزك يعرف حقيقتك… ويعرف إنك السبب في شلل بنت خاله، بس عشان حسّيتي إنها بتحب مومن وأنتم صغيرين… فاكرة؟
أو مهتاب… أخت صديقه ، لما لمّحت إنها واقفة مع مومن وبيضحك معاها في الجامعة، أيام ما كنتوا لسه طلاب… وهو بيعمل درسات عليا
وقتها سلطتي عليها شوية شباب قذرين يشوهوا سمعتها بعد ما سرقتي صور شخصية ليها… فاكرة يا قلبك الأبيض؟"
رهف اتجمدت، عينيها تلمع بخوف، إيدها بترتعش… حاجات كانت فاكراها اندفنت زمان، دلوقتي بتطفو من جديد.
الرسالة الجاية كانت ضحكة طويلة:
"مصدومة صح؟ يوم الحساب قرب… يا رهف هانم."
رهف كتبت بخوف واضح:
– "عايز إيه؟… أو الأصح… عايز كام؟"
الرد جه أبرد من التلج:
"مش عايز فلوس… عايز أكشفك قدّام الكل.
إنتِ مهووسة بمومن، ومستعدة تقتل أي حد يقف بينك وبينه… هوسك مش طبيعي… وهوسك هو اللي هيكون سبب موتك."
حاولت رهف تسيطر على نفسها:
– "طيب… نتقابل في النادي، أديك المبلغ اللي إنت عايزه… أوكي؟ أبعَت لك العنوان."
الرد كان بضحكة مستفزة:
"أنا عارف كل تحركاتك… وعارف إن آخرك تلعبي دور القطة البريئة. لكن لو جوزك عرف، هقدر أخد ملايين… أو أقل حاجة، أكسب من وراها كتير."
رهف كتبت بسرعة:
– "تكسب من ورا إيه بالظبط؟"
آخر رسالة وقعت على قلبها زي الحجر:
"ورقة صغيرة تضيع من وسط أوراق… القضية الأخيرة اللي بيحقق فيها النائب. وكده… القضية تبقى لصالح موكلي.
فكرّي يا قطة سيام."
كانت رهف تحت ضغط التهديد والابتزاز والخوف من الماضي.
وصل مومن للبيت ، وهو جاي من الجامعة وعقله مشغول، بيحاول يهرب من مشاعره المتلخبطة ناحية إيمان بالعودة لحضن زوجته.
مفتاح في الباب… صوت القفل بيلف… رهف ارتبكت راحت علي المطبخ، واقفة قدام الحلة والبخار بيطلع، بس عقلها بعيد… بعيد قوي.
الرسائل، التهديد، الكلام عن الماضي اللي ظنت إنه انتهى، ابتسامات الشر من الشخص المجهول، وحقيقة إنها لو انكشف سرها… الكل هيتقلب عليها.
"مومن دلوقتي ملكي"، قالت لنفسها في صمت وهي بتحرك الملوخية… "حتى لو شاف إيمان يومًا، هتكون متزوجة، وهو مش هيفكر فيها أبدًا".
في الشقة، مومن فتح الباب ودخل، ماسك في إيده شوية ورق مهم جابهم معاه من الشغل، خايف عليهم ليضيعوا. رهف حسّت بيه ودخلت المطبخ على طول، بتجهّز الأكل وبتفكّر في اللي بيبتزّها وعارف كل حاجة عنها. خايفة أوي أهلها يعرفوا، ومؤمن كمان. كانت فاكرة إن الماضي ده خلاص اتقفل عليه، وإن مؤمن بقى بتاعها هي وبس، حتى لو إيمان ظهرت في حياتهم تاني، هو خلاص متجوّزها ومش هيفكر فيها.
خطوات تقرب… ودفء جسم بيجي من وراها فجأة.
مومن، بابتسامة هادئة، لف إيده حوالين خصرها.
حضنها من ضهرها، كأنه بيهرب من مشاعر غريبة جواه، مش عارف إيه سببها ولا ليه حسّ بيها، بس المهم إنه عايز يهرب من كل حاجة مضايقاه.
رهف اتخضّت ولفت ليه: "يا حبيبي خضّتني!"
قالت : "دقيقة والأكل يكون جاهز."
وبعدين سألها مومن : "الاولاد فين؟"
ابتسمت وقالت: "نايمين في أوضتهم."
ابتسم مومن وشدّها ليه: "أنا عايزك إنتي، مش عايز أكل ولا شرب."
رهف فرحت أوي إنه اختار حضنها هي، مش الأكل. أكل ايمان حضنته بكل حب وشوق ودخلت معاه الأوضة.
جوه الأوضة، مومن قفل الباب بالراحة،
وضع مومن الورق إلا فى أيده على المكتب، مش عايز يضيع أي لحظة دلوقتي ."
وبصّ لرهف وعينيه فيها لهفة كبيرة. قرّب منها بالراحة، مسك إيديها وحطّهم حوالين رقبته.
"رهف،" همس باسمها بحنية، "إنتي كل حاجة عندي."
رهف ابتسمت بخجل ورفعت إيديها تلمس وشه بحب. "وإنتَ دنيتي كلها يا حبيبي."
مومن باسها بوسة خفيفة على جبينها، وبعدين باس عينيها وخدودها، وفي الآخر باس شفايفها. كانت بوسة طويلة مليانة شوق وحب، بتعبّر عن كل المشاعر اللي في قلوبهم لبعض.
بعد شوية، مومن بعد عن شفايفها وبصّ في عينيها على طول. "بحبك يا رهف، بحبك أكتر من أي حاجة في الدنيا."
"وأنا بحبك أكتر يا مومن،" رهف ردّت بصدق وعينيها بتلمع بالدموع.
مومن حضنها جامد، وحسّوا إنهم روح واحدة في جسمين. مفيش حاجة في الدنيا أهم من الحب اللي بينهم.
مومن بدأ يبوس رقبتها بالراحة، وبعدين نزل على كتفها ودراعها. رهف كانت بتاخد نفسها بالعافية من كتر الإحساس، وإيديها ماسكة في ضهره جامد.
فجأة، مومن وقف وبصّ في عينيها بقلق. "إنتي كويسة يا حبيبتي؟"
"أيوة كويسة،" رهف ردّت بصوت واطي، "بس... خايفة."
"خايفة من إيه؟" مومن سألها بحنية.
"خايفة أخسرك، خايفة أي حاجة تفرّقنا."
مومن ابتسم وباسها على جبينها تاني. "مستحيل يحصل كده يا حبيبتي. أنا بتاعكِ للأبد."
وبعدين رجع باسها بشغف، وانطلقوا مع بعض في رحلة حب وعشق، مفيش فيها مكان للخوف ولا للقلق.
هدأت الأنفاس… الصمت غطى الغرفة.
مومن مستسلم للنوم، جسده العاري على السرير، والراحة باينة على ملامحه… راحة ما يعرفش إنها بالنسبة لرهف كانت مجرد هدنة.
رهف انسحبت من حضنه بهدوء، التفاف سريع بالملاءة على جسدها، وخطواتها متجهة برا الغرفة… في يدها هدف واضح.
على طاولة الصالة، وضعت كومة الملفات اللي جابها مومن.
إيدها بدأت تقلب، ورقة ورقة… ملف ملف… أنفاسها سريعة، وعيونها تتحرك بسرعة ما بين العناوين والأختام.
حتى… توقفت يدها فجأة.
ملف أزرق… عليه رقم قضية مألوف.
رهف فتحت الملف، قلبها بيدق، وابتسامة صغيرة انتصرت على ملامح التوتر.
رفعت الموبايل، وكتبت رسالة للشخص اللي بيبتزها:
– "الملف معايا. قول عايز ورقة إيه تضيع… بس ما تأثرش على شغل مومن. مفهوم؟"
الرد جه فورًا تقريبًا:
– "متخافيش… حتى لو ساب الشغل، هو دلوقتي شغال دكتور في الجامعة."
رهف اتسعت عينيها:
– "إنت بتقول إيه؟"
ابتسامة شريرة ظهرت في نص الرسالة الجديدة:
– "معلومة جديدة عليكِ، صح؟ جوزك بقاله سنة بيشتغل دكتور في جامعة القاهرة، ومع شغله في مكتب النائب يعني أكل عيشه مش هيتقطع.
القضية دي مش مهمة أوي… هي بس مفيدة لينا إحنا. يعني هتعدي.
كان ممكن نتصرف وإحنا في النائب، لكن بعد اللي حصل قبل كده لما خدنا ورق، بدأ يخاف وياخد كل حاجة البيت.
كنا بنحاول نتعامل مع حد عندكم… بندور على أي غلطة للخادمة… إيمان.
لكن وإحنا بنبحث… لقينا آنتي البوس.
أخطاءك كتيرة… وهتنفعني.
اسحبي ورقة رقم 6 من الملف، وكمان رقم 10، عشان نتحفظ بالقضية لعدم اكتمال الأوراق."
رهف قعدت متنحة، مش مستوعبة اللي بيحصل. يعني مؤمن طول الوقت ده شغال دكتور في الجامعة ومخبي عليها؟ وإزاي الشخص ده عارف كل حاجة عنها وعن مؤمن؟ الخوف بدأ يتملكها أكتر وأكتر.
بصت على الملف اللي في إيدها، مترددة تعمل اللي بيقول عليه. لو عملت كده، ممكن تضر مؤمن وتخليه يخسر قضيته. ولو معملتش، ممكن الشخص ده يفضحها ويكشف سرها قدام الكل.
دموعها بدأت تنزل على خدها، مش عارفة تتصرف إزاي. مسحت دموعها بسرعة وقامت وقفت، قررت إنها لازم تفكر بهدوء وتشوف هتعمل إيه.
دخلت الأوضة تاني بالراحة، بصت على مؤمن وهو نايم، شكله كان تعبان أوي. قربت منه وقعدت جنبه على السرير، فضلت باصة عليه شوية، وبعدين مسكت إيده وباستها.
"يا رب سامحني، أنا مش عارفة أعمل إيه،" همست بصوت واطي.
قامت من مكانها وراحت ناحية المكتبة، فتحت النور وبدأت تدور على الملف اللي الشخص ده عايزه. قلبّت في كل الملفات اللي موجودة، لحد ما لقت الملف المطلوب.
أخدت الملف وطلعت برة الأوضة تاني، قعدت على الكرسي وبدأت تقلب في الورق. دورت على ورقة رقم ستة ورقم عشرة، ولما لقتهم، بصت عليهم كويس أوي.
كانت الورقة رقم ستة عبارة عن شهادة شاهد مهم في القضية، والورقة رقم عشرة كانت عبارة عن دليل بيثبت تورط المتهم الرئيسي. لو الورقتين دول اختفوا، القضية هتضيع والمتهم هيخرج براءة.
رهف فضلت قاعدة تفكر، مش عارفة تعمل إيه. ضميرها بيأنبها، مش قادرة تضر مؤمن وتضيع تعبه ومجهوده. بس في نفس الوقت، خايفة من الشخص اللي بيهددها.
فجأة، جالها فكرة. ابتسمت بخبث وقامت وقفت، أخدت الورقتين وراحت ناحية المطبخ. فتحت البوتاجاز وولعت النار، وبعدين رميت الورقتين جوة النار.
"أنا مش هخليك تضر مؤمن، ومش هخليك تفضحني،" قالت بصوت عالي.
الورق بدأ يتحرق، ورهف واقفة باصة عليه لحد ما اتحول لرماد. ابتسمت بانتصار ورجعت قعدت على الكرسي تاني، مستنية رد فعل الشخص اللي بيهددها.
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم