![]() |
رواية إنذار بالحب الفصل الخامس عشر بقلم رباب حسين
سمعت عن الخداع.... عن خيبة الأمل بعد الثقة.... عن طعنة الغدر ممن وثقت.... عن ضربة القدر التي تجعلك تعيد حسابات كل شئ وترتب أولوياتك من جديد.... ضربة كفيلة بأن تخبرك عن مدى غباءك وسذاجتك..... قد رأيت الكثير ممن خدع وشعرت بألم الطعنة التي ترسخت بأعينيهم ومرار الغدر من حديثهم والآن أتلقى ضربتي ولكن ما أشعر به أضعاف ما قد تخيلت من قبل...... فطعنتي من أبي بعد أن صدقته دون دليل..... فقط وثقت به..... كيف ألوم ذاتي على ثقتي بأبي؟.... وبمن أثق إذًا؟
كان ينظر إلى مازن في خيبة ألم وعيناه ترسم جميع وسائل العتاب الممكنة.... تخيلتك أسمى..... أنقى.... أكبر من الخطأ..... مثلي الأعلى وقدوتي في الحياة ومصدر فخري أمام الجميع..... كنت أمشي مرفوع الرأس وعلى يديك تعلمت معنى الخذلان.....
لم يكن هناك ما يمكن أن يقوله فكسرة عينيه أمام إبنه تكفي..... لم يقوى على النظر إليه ولم يجد حديثًا يبرر ما يفعل وقد صدق الآن أن جميعهم محقين عدا هو الساذج الواثق المغفل فتركه وذهب دون حديث.... كان الصمت حليفه ولكن صمت أليم..... يقسم روحه من الندم.... يكوي ألامه بنار دموعه الحارقة عندما يتذكر ما فعل وما قال لوالدته.... كان يجب أن يكون عونًا لها لا هذا المتهم في شرفها..... ويبقى سؤال واحد يحير قلبه كيف أعتذر عما فعلت وهل ستقبل إعتذاري؟....لم يجد سبيل غير غرام فاتصل بها وبعد أن تلقت المكالمة لم يتحدث فقط ظل يبكي.... يخرج ما يشعر به وثقل الإعتذار جعل الكلمات تهرب من عقله فأخذت غرام تهدأ من روعه وتقول : طيب فيه إيه يا تيم فهمني؟..... بابا حصله حاجة؟
زاد بكائه فقالت في قلق الذي جعل ورد تنتبه إلى حديثها خارج الغرفة فخرجت لتعرف ماذا يحدث وسمعت غرام تقول : يا تيم حرام عليك قلقتني..... قولي بس حصل إيه عشان خاطري
ورد : فيه إيه يا غرام؟
غرام : معرفش يا ماما.... تيم عمال يعيط بس مش بينطق
أخذت ورد الهاتف وقالت : مالك يا تيم؟
زاد بكائه فكيف صدق هذا الحديث عن هذه الحنون فقال في بكاء : أنا أسف يا ماما..... أسف إني وثقت فيه..... أسف إني صدقته.... كنت فاكر إنه مش هيكدب عليا..... كنت فاكره أنضف من كده.... بس كنت هثق في مين لو موثقتش فيه؟.... أنا مش هثق في حد تاني أبدًا....إتعلمت الدرس خلاص وفهمت إني عبيط..... أنا عارف إنك مش عايزة تعرفيني تاني بس كل اللي بتمناه إنك تسامحيني..... أنا أسف يا حبيبتي متزعليش مني..... أنا عمري ما هنسى اللي عملته أبدًا
ورد : تعالى يا تيم..... أنا في البيت مستنياك
تيم : مليش عين أبصلك يا ماما..... سيبيني لوحدي شوية..... أنا مكسوف أوي من نفسي بس متزعليش مني عشان خاطري
ورد : خلاص يا حبيبي بس تعالى متقعدش لوحدك
تيم : صدقيني مش قادر..... أنا هسيب البيت وهروح أقعد عند جماعة أصحابي ولما أقدر أبصلك هبقى أجيلك.... متقلقيش عليا أنا هبقى كويس
أنهى تيم المكالمة فحاولت ورد الإتصال به مرة أخرى ولكن هاتفه قد أغلق..... كان مازن يجلس في مكتبه يشعر بالخجل مما حدث فاتصل به سامي وأخبره أن يونس قد تشاجر مع تيم بالصباح ولا يعلم بماذا أخبره فشعر مازن بالغضب وعلم أن يونس قد أخبر تيم عنه فأخبر سامي بأن يأتي إليه بأي دليل يدين يونس حتى ولو صورة أي شئ...... كانت ندى تجلس بمكتبها وقد لاحظت همهمة العاملين وحديثهم عنها وعن وسام بعد قليل دخل وسام أعطاها بعض الأوراق وشعر بأنها ليست على ما يرام فقال : مالك حبيبي؟
ندى : مش ملاحظ إن كل ما حد يشوفنا يتكلم علينا؟
وسام : خدت بالي اه.... عشان كده فكرت يعني نعمل خطوبة
ندى : إنت فاكر المشكلة في كلامهم إن إحنا إرتباطنا مش رسمي؟..... هما معترضين على الموضوع ككل
وسام : مين أداهم حق الإعتراض أصلًا؟
ندى : دنيتنا كده هنهرب منها فين؟.... قولتلك يا وسام بلاش
وسام : بلاش إيه وأنا جي أشتري منك لعبة؟!.... أنا بحبك وإنتي بتحبيني هو إيه اللي بلاش؟
ندى : أنا مش قادرة أبص في وش حد فيهم..... يا وسام أفهمني
وسام : مش هفهم حاجة
ثم تركها وخرج من غرفة المكتب في غضب فلحقت به ندى وسمعته وهو يقول : يا جماعة عايز أقولكم على خبر مهم
إنتبه العاملين له فقال : أنا وندى هنتخطب الأسبوع اللي جي وكلكم معزومين
وقفت ندى خلفه وهي تضع يدها على فمها من الصدمة ونظرت أرضًا في خجل فالتفت إليها وسام وأمسك يدها وقال : إيه مفيش مبروك؟
هنئهم العاملين ثم عادت ندى إلى مكتبها ولحق بها وسام فقالت : إنت إتجننت؟!.... إزاي تعمل كده من غير ما تاخد رأيي؟
وسام : ليه هو إنتي مش موافقة على الجواز مني ولا إيه؟
ندى : وسام متهرجش إنت عارف أنا أقصد إيه
وسام : حبيبتي أنا أهم حاجة عندي سمعتك ومش فارق معايا أي كلام تاني وأنا وإنتي مش بنعمل حاجة غلط ولا حرام..... أنا بحبك وعايز اتجوزك وخرجت قلت قدامهم كلهم عشان إنتي تهميني أكتر من أي حد
ندى : طيب مامتك هتوافق؟
وسام : متقلقيش من أي حاجة.... إنتي بس فكري هنتجوز إمتى
ابتسمت ندى له ونظرت إليه في حب فقد عرفت معنى الأمان بوجوده بجوارها.....كانت ورد تجلس حائرة حتى إتصل بها يونس فتلقت المكالمة وقال : مش كفاية مشفتكيش النهاردة كمان مسمعش صوتك..... شكلي موحشتكيش
ورد : لا وحشتني طبعًا
يونس : مال صوتك..... لسة زعلانة؟
قصت له ورد ما حدث فقال يونس : طيب عرفتي توصليله؟
ورد : لا وقفل تليفونه
يونس : طيب أنا هدور عليه متقلقيش..... بس قوليلي هو في كلية إيه؟
أخبرته ورد فخرج من الشركة وذهب إلى هناك وبعد وقت كان يجلس مع عميد الكلية الذي أرسل في إحضار تيم وبعد قليل دخل المكتب ووجد يونس يجلس أمامه فوقف واقترب منه وقال : تعالى معايا مامتك قلقانة عليك
أمسكه من ذراعه وجذبه خلفه وخرجا من المكتب بعد أن شكر يونس العميد ولكن توقف تيم وقال : مش قادر أقف قدامها..... أنا هروحلها بس مش دلوقتي
التفت إليه يونس وقال : مامتك مش زعلانة منك خلاص..... مفيش أم تقدر تزعل من ولادها وتقاطعهم..... أنت مش عارف هي كانت بتدعي أد إيه إنك تعرف الحقيقة وتصدقها..... روحلها خليها تاخدك في حضنها.... إنت واحشها جدًا
تيم : وهي وحشاني..... يمكن زعلي كله كان إني عايز أشوفها بس مش قادر..... بس هي كان معاها حق تزعل ومتتصلش بيا ولا مرة..... أنا خذلتها أوي
رتب يونس علي عاتقه وقال : مفيش حد فينا مش بيغلط.... الأهم إنك تعترف بخطئك وتصلحه وإنت اعتذرت وهي إتقبلت إعتذارك فخلاص مفيش داعي إنك تبعد عنها أكتر من كده.... أنا هاجي معاك يلا بينا
ذهب تيم معه وذهبا معًا إلى ورد وعندما رأته ضمته إليها وبكى بين أحضانها واعتذر منها وبعد أن هدأ ذهب يونس وتركها معهما..... كان يفكر بأن يطلب الزواج رسميًا من ورد فقد زالت العقبة التي كانت تعيق زواجهما ولكن كان يشعر بالتخبط فاتصل بلولا وطلب لقاءها مساءًا... أما وسام فقد عاد إلى المنزل وأخبر والدته بأنه سيذهب لطلب ندى رسميًا فقالت له في غضب : يعني كلامي ورأيي مبقاش ليه لازمة خلاص..... كبرت وبقيت بتاخد قرارك من غير حتى ما ترجعلي؟
وقف وسام وقال : يا ماما أنا بحبها.... اسمعيني بس إنتي بتحكمي عليها من قبل ما تشوفيها حتى..... تعالي بس معايا وشوفيها وأنا متأكد إنك هتغيري رأيك
سميرة : أنا مش هروح أشوف حد وطالما خدت قرارك ورميت برأيي الأرض يبقى تكمل لوحدك في الجوازة ديه.... أنا مليش دعوى بالموضوع ده نهائي
ذهبت من أمامه وتركته فجلس في حزن.... ذهب يونس لمقابلة لولا وعندما رأته جلست بجواره وقالت : شكلك مهموم على الأخر
نظر لها يونس وقال : أنا ضايع مش مهموم
لولا : ليه بس إيه اللي حصل تاني؟
يونس : أنا قررت اتجوز ورد..... بس مش عارف أعمل إيه..... مش عايز أبدأ حياتي معاها على كدبة
لولا : كدبت في إيه..... هي مش عرفت إنها شبه حبيبتك الأولانية؟
يونس : عرفت..... بس أنا كنت بخدعها.... مثلت عليها الحب عشان انتقم منها فيها وكمان انتقم من مازن اللي خانتني معاه..... مفكرتش هي هتحس بإيه لما أعمل فيها كده ولما تعرف الحقيقة..... أنا كل أما أفتكر أنا عملت إيه معاها وإزاي لعبت بمشاعرها وفضلت وراها لحد ما حبتني أستحقر نفسي أوي.... كنت بقرب وببعد بمزاجي عنها وأخليها تغير عليا بكل الأشكال.... أنا حتى عشان أخليها تعترف بحبها ليا غصب عنها جبت واحدة في البيت عندي قدام عينيها..... أنا لو واحدة عملت فيا كده عمري ما هبص في وشها تاني
لولا : المهم إنك دلوقتي بتحبها وعايزها بجد.... بص هو المهم إنك تقولها إنما بقى التوقيت فا ده يرجعلك
أما ورد فكانت تجلس مع تيم وغرام وندى التي أخبرتهم بإعلان خطبتها.... كانت ورد سعيدة للغاية فقد حُلت جميع المشاكل فنظر لها تيم ووجدها تبتسم فقال : على فكرة يونس شكله محترم أوي..... عارفة محستش إني متضايق منه أبدًا ولولاه كان زماني لسه مش عارف حاجة
ندى : يونس بيحب ورد بجد ومأجل جوازهم بس عشان إنتو كنتو فاهمين غلط ومكنش عايز يزود المشكلة بينكم
تيم : وخلاص عرفنا كل حاجة..... ماما لو عايزة تتجوزيه اتجوزيه أنا وغرام موافقين
نظرت لها غرام وأماءت لها بنعم وهي تبتسم فقالت ورد : ماشي..... بس دلوقتي تروحو إنتو الأتنين..... فرح مازن بكرة ولازم تبقو معاه
تيم : لا مش عايز
ورد : المشكلة اللي حصلت بيني وبينه بس لكن هو هيفضل باباكم مهما حصل..... روحو واقفو جنبه..... أنا هاجي أوصلكم واروح أشوف يونس عشان مشفتوش النهاردة
تيم : هتتفقو على الفرح؟
ندى : يونس لو عرف أصلًا مش بعيد يتجوزها النهاردة
ورد : لا طبعًا إيه الجنان ده
غرام : ماما إنتي تعبتي معانا كتير وكلنا إتخلينا عنك ومع ذلك سمحتينا بقلبك الطيب ده..... إنتي تستاهلي تعيشي مبسوطة وأنا شفت نظرتك ليه وأد إيه هو قادر يسعدك..... متوقفيش نفسك أكتر من كده إنتي من حقك تعيشي حياتك وتفرحي متفكريش في حد غير نفسك إحنا خلاص كبرنا ومش عايزين حاجة من الدنيا غير إنك تبقي مبسوطة
ندى : إذا كان اللي عمل فيكي كل ده هيتجوز بكرة مستنية إنتي إيه؟
ندى : طيب يلا بس أوصلكم الأول
ذهبا معها في سيارة أجرة وأوصلتهما إلى المنزل ثم ذهبت إلى منزل يونس وعندما فتح الباب ارتمت بين أحضانه فضمها إليه وقال : لو مكنتيش جيتي كنت هزعل منك أوي
ابتعدت عنه ورد وقالت : ليه بس؟
يونس : عشان نسيتيني لما شفتي الولاد وخلاص بقي راحت عليا
ورد : اسمها خلاص مبقاش في حاجة تبعدنا عن بعض..... ولادي رجعو لحضني وموافقين على جوازنا كمان
نظر لها يونس في سعادة وقال : بجد؟!..... يعني هنتجوز؟
ورد : لو لسه عايز يعني
يونس : لسه عايز!....ده أنا هبعت أجيب المأذون دلوقتي
ضحكت ورد بشدة وقالت : والله ندى قالت إنك هتقول كده بالظبط
يونس : ده أنا بقول وهنفذ..... مش هتخرجي من هنا تاني..... الليلة هتبقي مراتي
ورد : بس يا يونس إيه الجنان ده
يونس : مفيش بس..... أنا هتصل بوسام يجيب حد من صحابه يشهدو على الجواز وهبعت أجيب المأذون
ورد : إنت بتتكلم بجد كده ليه؟
يونس : هو كده..... ولو اعترضتي يا ورد تنسي إنك تشوفي وشي تاني
ورد : كده يا يونس.... عايز تبعد عني؟
يونس : عشان مبقاش فيه حاجة تبعدنا عن بعض بترفضي ليه بقى؟
ورد : أنا مش برفض بس مش النهاردة يعني مفيش حد بيتجوز كده
يونس : وأنا صبرت بما فيه الكفاية وبعدين أنا هتجوزك كده ها موافقة ولا لا؟
ابتسمت ورد وقالت : موافقة
اتصل يونس بوسام وأخبره بالأمر وأحضر صديق معه وجاء المأذون وتم عقد القران وأبلغت ورد ندى التي سعدت بهذا الخبر كثيرًا وهنئت يونس وبعد وقت ذهبو جميعًا والتفت يونس إلى ورد واقترب منها وقال : أخيراً..... بقيتي ملكي
ورد : إنت مجنون.... أنا مش مصدقة إن إحنا اتجوزنا كده...... أنا حتي مش معايا هدوم
يونس : مش مهم.... ملهاش لازمة... وبعدين أبقي خدي هدوم من عندي زي المرة اللي فاتت
اقترب منها وقبلها ثم ابتعد عنها وحملها بين ذراعي وصعد بها إلى الغرفة وهو يقول : المرة ديه بقى على أوضتي مش الأوضة التانية
ضحكت ورد في خجل ثم صعد بها إلى الغرفة وأنزلها على الفراش وجلس بجواره وقال : ورد عايزك تتأكدي من حاجة واحدة بس إني حبيتك من كل قلبي ومش عايز أي حاجة من الدنيا غير إنك تفضلي معايا وأقدر أسعدك
ورد : يارب أنا أقدر أسعدك
يونس : إنتي بتسعديني بمجرد ما بتتنفسي ومن غيرك كأنك حكمتي عليا بالموت
ورد : بعد الشر عليك يا حبيبي
يونس : إوعي تزعلي مني مهما حصل ولا تبعدي عني فاهمة
ورد : حاضر
ثم اقترب منها وأصبحت زوجته وبعد وقت ابتعد عنها وهو ينظر إلى ملامح وجهها بحب وضمها بين ذراعيه وناما
في الصباح استيقظ يونس ووجدها نائمة كالملاك بجواره فظل يراقبها حتى استيقظت ونظرت إليه وهي تبتسم وقالت : صباح الخير
يونس : يا صباح الحب على عيونك يا قلبي
ابتسمت ورد وارتمت بين أحضانه وقالت : أنا فرحانة أوي يا يونس..... كنت فاكرة إن عمرنا ما هنبقى مع بعض
يونس : من النهاردة مش هنسيب بعض أبدًا
ورد : أنا جعانة أوي.... مش جعان
يونس : جعان بس هفطر بيكي الأول
ورد : لا أنا جعانة بجد
لم يتركها يونس واقترب منها أكثر ثم سمعت رسائل على هاتها فقالت : استنى يمكن حاجة في الشغل.... إحنا الأتنين مروحناش
يونس : تولع الشركة كلها
ضحكت ورد ولم يترك لها مجال لتعترض مرة أخرى وبعد وقت ذهب إلى المرحاض وتركها بالفراش.... أمسكت ورد هاتفها ووجدت رسالة من مازن فتعجبت وفتحتها : " حاولت أفهمك بالصورة بس كالعادة إنتي غبية بس لحد ما خسرت ولادي بسببكم فخلاص مبقاش عندي حاجة أخسرها.... اسمعي الفويس ده عشان تعرفي حقيقة البيه اللي حبتيه وفضلتيه عليا واللي أصلًا بيلعب عليكي بس عشان ينتقم مني"
فتحت ورد التسجيل الصوتي وسمعت المحادثة الأخيرة بين يونس ولولا ففتحت عينيها في صدمة وانسابت دموعها