رواية منيفة الفصل الخامس عشر بقلم فاطمه النعيمي
منفوسة
كانت جدتي رحمها الله
تقول
بعض النساء حين تكون في اول شبابها
تقع في نفس بعض الشباب لدرجة اللهفة
وحين يتقدم لخطبتها ويتم رفضه
لاي سبب
لن تعيش تلك الفتاة في سعادة أبدا
ونحن نسميها منفوسة
لأن ذلك الشاب يبقى يتذكرها
وتبقى هي كحسرة متعلقة في انفاسهُ وتبقى نفسه تطاردها
فلا تتوفق في حياتها أبدا
بمعنى
هناك نفس خبيثة تفسد عليها حياتها
لهذا كانت الأمهات قديماً
لايخرجن بناتهن الا أمام من يردنه زوجا للبنت
واحيانا
قد لايكون النفس لشاب فقط
بل حتى لأمراة
قد تراها امرأة وتتمناها لأبنها
وحين تخطبها ولايحصل النصيب
تبقى نفس تلك المرأة تطارد الفتاة
خصوصا لو
حصل وتوفي الشاب لاي سبب
أو تزوج بفتاة سيئة
فتبقى تلك الام تتحسر على تلك الفتاة التي لم تكن من نصيب أبنها
وسبحان الله كأن تلك الانفاس سم
يسمم حياة الفتاة
( من فقه العجائز)
................
في ممر مركز الشرطة
جلس
عدنان وعبدالله متجاورين
قلقين متوترين
بعد دخول منيفة وحاتم لغرفة الضابط
سأل عبدالله عدنان قائلا
-هو منو الي اشتكي على أمي وخالي
بس اريد اعرف وليش
عدنان انت اش تتوقع؟
اجابه عدنان قائلا بتوتر
-عبدالله اني ماعندي اي تصور عن الموضوع
وآني مثلك بس اريد افهم القصة شنو
بهذه الاثناء سمع الاثنان
الشرطي الذي خرج من مكتب الضابط
وهو ينادي على
-برهان صادق برهان......
جفل عدنان
وشحب لونه وقال باستغراب عنيف
-برهان؟!!!!!!
لقد كان برهان يجلس في نفس الممر
على تلك الكراسي الممتدة مع جدار الممر
بين العديد من الناس
لكن
عدنان لشدة انشغاله بمايحصل لم يراه
ولم ينتبه لوجوده الا حين سمع الشرطي ينادي عليه
وجاء برهان ليدخل الغرفة
هب اليه
عدنان وساله عند الباب باستغراب عنيف قائلا
-برهان انت اش جابك ؟
التفت برهان الى عدنان وقال بغضب
-هاي سوالف العربان كلها من تحت راسك انت
الي مضيع الرقصتين
لا أنت مصلاوي مثل ابوك ألله يرحمو
ولا انت عربي مثل امك
دننبذكم ونخلص من شكولاتكم
جيتم للموصل وجبتم البلا معاكم
ذهل عدنان لهذا الرد
بينما دخل برهان
وبسرعة بدأ يربط الاحداث ببعضها
اذن المصيبة جاتهم من زوج لميعة ابو مهند
لان برهان ابن عم محمد
هذا يعني محمد غدر بهم
طيب.......
لماذا ؟!!!!!!!!!
هذا السؤال الذي حير عدنان
هو يعرف مواقف برهان العنصرية
تجاه اخته لميعة
ولم يلتقيان بمناسبة جماعية
الا وتصرف بهذه العنصرية والاستخفاف
بعدنان فقط لأنه نصف قروي
وعدنان يعرف ايضا
كم يكره برهان هذا الزواج
الذي تم بين لميعة ومحمد قبل 10 سنوات
لكن كيف ؟
ولماذا يقيم برهان دعوة على منيفة ؟
اذا لم يكن هناك مشكلة عند أبو مهند
ولم يخطر بباله الا موضوع اليقاوتات الثلاثة
قال لنفسه
-هسة اذا محمد ما كان يريد يبيع اليقاوتات لحاتم
منو كان ديجبرو
يعني صحيح انا طرحت عليه طلب حاتم وهو وافق
حتى بلا ما اضغط عليه
زين ليش راح وحرض ابن عمو حتى يشتكي على
منيفة وحاتم
وليش يحرض أبن عمو
وشنو هي الشكوى اريد افتهم راح انجن
لا لا لا اكو شي ما مفهوم ابدا
بس اريد افهمو
كان عبدالله بهذه الاثناء يسأله
ولكنه كان منشغل بافكاره
واخيرا انتبه لسؤال عبدالله الذي كرره عدة مرات
-عدنان منو هذا واشلوا علاقة بهل موضوع
انت تعرفو؟
التفت عدنان وقال بحزن بالغ
-هذا برهان صادق برهان
قال عبدالله بأستغراب
-اي وشنو يعني ما افتهمت
رد عدنان بحزن ممزوج بخجل
قائلا
-أبو مهند.....
اسمو محمد عبد الجليل برهان
اندهش عبدالله وفتح فمه
وكان يريد ان يقول شيء.
لكنه اشار بسبابته للباب الذي دخل فيه برهان ورجع واشار بسبابته بعيدا
كانه يسأل
بلا كلمات
-يعني انت تگصد انو هذا الرجل ابن عم أبو مهند
يعني ابو مهند ورا هاي المصيبة!!
زين ليش ليييييش؟!!!!!
الي يشوفو البارحة وهو فرحان بعرس أمي وخالي
يگول هذولة من اهلو
معقولة يعني الانسان يكون بوجهين بهشكل؟
وجلس الاثنان يراقبان الباب
وعدنان يهز قدمه متوترا
واستمر التحقيق اكثر من ساعة
خرج حاتم وهو يمسك بيد منيفة
وشرطي يمشي أمامهما
وآخر يمشي خلف حاتم
ركض عدنان وسال حاتم وهما يمشيان قائلا
-بس فهمني اشنو القصة
انا راح انجن
كانت منيفة تنشج بصمت وهي مطرقة الرأس
اجابه حاتم قائلا
-يگولون ان المحبس الي لبستني اياه منيفة البارحة
لرجل مفگود من ثلث سنين
وتاهمينا اني ومنيفة بهل الرجل
اما نجيب الرجل او ننسجن
ونحنا مانعرف الرجل اصلا ولا لنا علم بمكانو
والصحيح يخوي يعدنان الي چغل=دس... علينا
مو هذا الرجل المدحدح=القصير الممتليء
الي چغل علينا هو نسيبك ابو مهند بس
عفية عليه اشلون لابس وجهين مدري
من ورچ يسوي عرسنا عندو
ومن ورچ يروح ويحرض علينا ابن عمو
حتى يشتكي علينا ويتهمنا بمصيبة
نحنا مالنا شغل بيها،،
قال عدنان لهما
-مستحيل أبو مهند يعمل هالشي
لازم اكو شي نحنا مانفهمو
اني راح امسكلكم محامي لا اديرون بال
وهسة راح اروح على أبو مهند وافتهم منو شنو
القصة
انا اعرف بقصة الحجي صادق
بس ماخطر على بالي ان المحبس
محبسو وشنو هالصدفة العجيبة
الي ماتتصدگ والله ماتتصدگ
بهذه الاثناء وصل الجميع الى بوابة بقضبان حديدية
فتحها شرطي كان يقف خلفها
وادخل الشرطيين ومنيفة وحاتم
بهذه اللحظة فقط
حين وصلت لذلك الحاجز الذي سيمنعها
من حماية ابنائها
التفتت منيفة دامعة العينين
وبصوت مبلل بالدموع قالت لعدنان
-عدنان انت وعبدالله ديرو بالكم عالبنات وعلى حازم
كان الشرطي قد اغلق البوابة
بوجه عدنان وعبدالله الذان وقفا ينظران
الى منيفة وحاتم والشرطيان
وهم يغيبون في ذلك الممر الذي انعطف يمينا واختفوا
نظر عبدالله الى عدنان
الذي كان يضع يديه على جنبيه
وهو يتحرك في كل الاتجاهات من القلق
والقهر
وقال لعبدالله
-امشي معايا بساع دنروح لابو مهند
ونفتهم منو شنو القصة
واذا طلع بوجهين اقسم بذات الله
الا امسح بيه الگاع
والا اخذ لميعة منو
اذا صحيح يعني محمد غدار
اشلون أأمن على اختي عندو
امشي بسااااع يلا يلا
خرج عدنان وعبدالله مسرعين
وركبا السيارة واتجها الى مزرعة أبو منهد
في الجانب الايسر
كان عدنان منفعل جدا
ويقود السيارة بسرعة جنونية
كان يريد ان يصل زوج اخته ابو مهند بسرعة
ويفهم منه ما حصل
وربما كان يفكر بالانتقام منه
ان يسبه او يضربه
لم يكن يعرف ماذا سيفعل به
من شدة غيضه
ورغم ان عبدالله نبهه مرتين ان يخفف السرعة
لكن عدنان
كان القهر يأكل قلبه
لانه في سره كان متأكد
ان الذي فعل هذه الفعلة الشنيعة
هو صهره أبو مهند
لأن برهان لم يكن موجود في العرس ليرى الخاتم
لكن السؤال المهم الذي كان يدور في ذهن عدنان بتلك اللحظات الصعبة
هو لماذا فعل أبو مهند
هذا الفعل الشنيع وكان بأمكانه ان يذهب الى منيفة ويسألها
ومنيفة سيدة صادقة كانت ستخبره بكل شيء
ولما تصرف بهذا الشكل الذي يدل على أنه ذو وجهين
هل يعقل أن أبو مهند يفعل مثل هذا الفعل
أبو مهند ذلك الرجل الطيب
الذي ورث الخصال الحميدة
عن والده وجده
وكان يشبه عمه صادق بكل صفاته
رجل قل نضيره بين الرجال
كريم شهم صاحب غيرة ونخوة
هل يعقل ان عدنان كان مخدوعا به هكذا
كل تلك السنين
تذكر عدنان قصة زواج لميعة من أبو مهند
وكيف حصل ذلك النصيب غير المتكافيء
بين لميعة ومحمد
لميعة الفتاة البسيطة
أبنة معلم يدرس في الارياف
ومحمد ذلك الشاب المتعلم الوسيم الثري
الذي ورث ثروة والده وجده
والذي ترك كل فتيات اسرته
وتزوج من فتاة غريبة
لاتملك الا وجه جميل واخلاق حميدة
وحبا عظيم له
وكيف حصل ذلك النصيب الغريب
والموصل حينها
في اعلى درجات الطبقية المقيتة
.......................
زواج لميعة من محمد عبد الجليل البرهان
في ذلك الربيع من العام 1952
كانت أم محمد زوجة عبد الجليل البرهان
في زيارة لأختها نوال
التي كانت حينها جارة لأم عدنان في بيتهم القديم
وكانت تربطهما علاقة طيبة
منذ زواج أبو عدنان وأمه
وأصبحت العلاقة اعمق
حين توفى أبو عدنان قبل ذلك اليوم بسنتين
فأصبحت نوال خالة محمد وأم عدنان لايفترقان
في ذلك اليوم رأت أم محمد
لميعة مع أمها
عند اختها نوال واعجبت بها غاية الاعجاب
ولأن أم محمد كانت تكره نساء اسرة زوجها
عبد الجليل لشدة تكبرهم
قررت ان تفعل مافي وسعها لتزوج ابنها من فتاة من خارج العائلة
((كانت أم محمد
تخطط لهذا الأمر من أول يوم في حياة أبنها
حين كانت تتسلل سرا الى سرير
كواكب وترضعها كي تصبح كواكب اخت محمد بالرضاعة وتصبح محرمة على أبنها
لأنها كانت ترى ان أم برهان سيدة متكبرة
وذات طبع سيء
وكانت تكره ان تصبح أبنة هذه المتكبرة
زوجة لولدها في يومٍ ما
فأصرت ان ترضع كواكب
عدة مرات كي تصبح كواكب رضيعة أبنها
واستطاعت ان تعلن للجميع انها ارضعت كواكب عدة مرات وذلك......
حين دخلت أم برهان ذات يوم صالة قصر
عمها الذي كان يجمع
عائلتي الاخوين سوية في ذلك الوقت
ووجدت أم محمد ترضع كواكب
حين سألتها بتعالي كعادتها
-ليش عترضعين بنتي؟
قالت أم محمد
-خطيي طقت من البكي وانتي بالحمام كانت جوعانة ورضعتوها
وعلى فكرة هاي ما أول مرة
انا رضعت كواكب اكثر من عشر مرات
كلما كنتي تتركيها عندي كنتو ارضعها
يومها ضحكت أم برهان وقالت لأم محمد
بتكبر وعنجهية والكثير من الوقاحة
-ماكان اكو داعي تعملين هاكذ شي
انا ماراح اقبل بيوم بنتي تتزوج من ابنكي
أساسا انتي من زقاقات الموصل العتيقة
ولوما كان أبوكي رجل دين معروف
ماكان عمي برهان راح وخطبكي لأبنو
كانت ذاكرة أم محمد ممتلئة بمثل تلك الكلمات
المريرة))
لهذا ما أن رأت أم محمد لميعة حتى قررت خطبتها
يومها وبعد ان ذهبت أم عدنان وابنتها لميعة لبيتهم
سألت أم محمد اختها
عن الفتاة الجميلة لميعة وعن أمها
وعرفت كل شيء عنها
واعجبت بالأم وابنتها
فكرت بتلك الساعة
باقناع ابنها محمد بالزواج من لميعة
لكنها كانت تريد ان يرغب ابنها بلميعة دون ان تضغط عليه او تطلب منه ذلك
ولميعة كانت فتاة جميلة جدا كحورية
بل انها اجمل من كل فتيات عائلة زوجها
وكانت أم محمد
تعرف لو أن ابنها رأى لميعة لرغب بها
لهذا
قررت ان تجعله يراها لكن
كيف؟.......
جلست هي واختها يدبرن طريقة تجعل محمد يرى لميعة
بشكل عفوي
اتفقت أم محمد مع اختها
انها سترجع بعد يومين لبيت اختها نوال
وستطلب من محمد أن يجلبها بنفسهِ لبيت اختها
وطلبت من اختها ان تطلب لميعة لتساعدها بعمل شيء ما
مثل عمل الكبة أو اي شيء
بحيث تبقى لميعة مع نوال
وتأتي أم محمد وأبنها صدفة من تلك الصدف المدبرة
ويدخلان لبيت الخالة
ونوال ولميعة يعملن سوية في فناء البيت
وفعلا استطاعت نوال ان تطلب من أم عدنان
و لميعة أن يساعدنها بعمل كبب الدق الموصلية(2)
وكان أهل الموصل حينها
حين يعملوا كبب الدق
يتساعدن النساء فيما بينهن لعملها
لأن عملها في ذلك الزمن كان متعب جدا
فلم تكن الألات الحديثة موجودة في ذلك الزمن
يومها جائت أم عدنان وابنتها كي يساعدن نوال
وحين طُرق الباب
طلبت نوال من لميعة ان تذهب هي وتفتح الباب
في البداية كان فقير يطلب رغيف خبز
فدخلت نوال للمطبخ
واخرجت رغيف خبز واعطته للميعة
وطلبت منها ان تعطي الرغيف للفقير
وبعد مدة قصيرة طُرق الباب للمرة الثانية
وكذلك طلبت نوال من لميعة فتح الباب
حين فتحت لميعة الباب وجدت أمامها
شاب طويل القامة أبيض البشرة
ذا عينين واسعتين وأنف رفيع طويل
وشاربين اشقرين صغيرين
حين رأى الشاب لميعة أمامه أبتسم
أما لميعة فقط احمر وجهها خجلا
وهي ترى تلك النظرة التي تعني
كم أنتي مذهلة
واطرقت برأسها
ونوال تناديها من الخلف
-لميعة منو بالباب
التفتت لميعة الى الخالة نوال
وهي ماتزال تمسك الباب بيدها
وقالت بصوتها العذب الرقيق
-والله خالة معرف
جائت نوال ورأت محمد ورحبت به وأدخلته
وسألته
-وين أمك ما على أساس تجي اليوم
وعنعمل كبب دق حتى نتغدا سوا
لم يكن محمد يفهم ما تقوله خالته
لأن أمه حين رجعت للبيت
غيرت الخطة وقررت
ارسال محمد الى بيت خالته لوحده
وقالت له
-روح لبيت خالتك وجيب الجزدان مالتي
نسيتونو عندم
وهو قادم ليأخذ جزدان أمه فقط
فهمت نوال ان الخطة تغيرت وفهمت السبب
فربما لو جائت أمه معه
كانت ستكون هي من تطرق الباب
والأم ارادت ان يطرق ابنها الباب بنفسه
وفي كل الاحوال
تمت المهمة بنجاح
وتداركت نوال الموقف
وقالت لأبن اختها وهي تضحك
-عوف الجزدان وروح جيب أمك
وتعال حتى نتغدا سوا
أنا وخالتك أم عدنان ولميعة بنتها
عملنا اطيب كبب
تعالو دنتغدا مع بعض
هسة أبو قيس والاولاد يجون
يلا بسرعة روح جيب أمك وتعال
خرج محمد
وقد ترك عيناه في فناء بيت خالته
تنظران للميعة من كل الأتجاهات
وهي تعمل مع أمها في فناء البيت
ورجع الى أمه وطلب منها ان يرجعان سوية
الى بيت الخالة نوال
وقال لها وكأنه على عجل
-يوم خالتي تقول
تعال انت وأمك تغدو عدنا عيملين كبب دق
اش تقولين نروح؟
والله كبب خالتي ما ينشبع منا
وهذولي الصانعات الي عدنا
مايعرفون يعملوها مثل خالتي
ابتسمت الام وعرفت
ان لو تم الاتفاق
ولميعة هي من فتحت الباب
فإن هذا التسرع والتوتر
ليس لأجل كبب الدق
انما هو لرؤية لميعة
وذهبا سوية
وتغدا الجميع في ذلك اليوم في فناء بيت الخالة نوال
بل أن نوال ارسلت قيس كي يدعو
عدنان ذو الخمس عشر عاما
ومروان ذو الثلاث عشر عاما اخوي لميعة
ذات الثمان عشر عاما
كان محمد طوال الوقت ينظر للميعة
وفي قلبه فرحة لايمكن وصفها
كأنه وجد قطعة من روحه كانت تنقصه
وبعد فترة قصيرة
تقدم محمد لخطبة لميعة
وتم ذلك الزواج
الذي عارضه جميع اهل محمد
الا والده عبد الجليل البرهان
الذي كان ذو اخلاق جميلة
وعاشت لميعة مع محمد حياة مستقرة هانئة
لا يكدرها
الا نظرة التعالي من بعض اقارب محمد مثل عمته صباح
وبناتها
وابن عمه برهان الذي كاد أن يفقد صوابه حين علم
ان محمد قرر الزواج من فتاة فقيرة بالنسبة لثرائهم الفاحش
اما حين عرف ان الفتاة لاتتكلم اللهجة الموصلية بسبب أن امها من الريف
قاطع محمد ولم يكلمه الا حين توفي عبد الجليل والد محمد قبل خمس سنوات (**)
وجاء برهان لمجلس العزاء وعادت العلاقات الى سابق عهدها
لكنه لم يكن يجتمع بعدنان أخو لميعة
حتى يلقي عليه احدى تلك الكلمات الناقصة
والتي لاتخرج الا من ناقص
يرى ان كماله كله في المال واللهجة
والمدنية واشياء تافهة اخرى
جالت كل هذه الخواطر في ذهن عدنان وهو يقود سيارته
ذاهبا الى مزرعة أبو مهند في الضفة اليسرى لنهر دجلة
كان عدنان صامت يفكر وهو مسرع يتمنى لو يملك جناحان ليصل ابو مهند كي يفهم ماحصل
ولكن.......
وبلحظة واحدة سكن كل شيء
في عقل عبدالله وعدنان
بينما كان كل شيء حولهما يتطاير
الغبار الزجاج المهشم
بينما اندفع الدشبول الى صدريهما لينغرزا في المقعد
الذي كانا يجلسان عليه
وغرقا في سيل من الظلام الدامس
والسبب هو ......
بعد أن عبر عدنان الجسر العتيق بقليل
وحين اراد ان يدخل الشارع الأيمن
اصطدم بسيارة حمل كبيرة قادمة
من أتجاه المزارع تريد ان تعبر الجسر ،،
على الطرف الآخر حين وصل الشرطيان ممر الزنازين
ادخلا حاتم في زنزانة لها شباك صغير في بابها واقفلوا عليه الباب
وسارا بضع خطوات
وادخلا منيفة في زنزانة اخرى مشابهة
واقفلا عليها الباب
هبت على منيفة
رائحة العطن التي تقبض الأنفاس
أما تلك الجدران القذرة الملطخة باشياء
لايمكن تفسيرها
وقد خط عليها الكثير من عبارات الحرية والظلم
اشعرت منيفة انها وقعت في بئر عميق
لاقرار له
التفتت لترى في الزنزانة اربع نساء
وجوههن غريبة
ينظرن اليها وهن جالسات على الارض
مشت وهي صامتة وجلست
عند الحائط تبكي وهي تتذكر
كلمات ديدة عيشة حين قالت
-يمة يمنيفة
غبي فرحتچ حتى لاتتكدر
وتصير دموعچ سيول تغرگچ
وقالت لنفسها
آخخخخخ آخ لو بس مسوية العرس سكتاوي
چان هسع گاعدة ابيتي وحاتم معايا
وجهالي حواليا
لاچان ردتي هالعرس يمنيفة يمصخمة
يمتواري=المرأة التي تحث على راسها التراب....
ياربي اني ذابحة نبي وآني مدري؟
لو آني منفوسة؟
كلما أگول هاي هية كملت فرحتي
ينباگ مني الفرح
اش ضل وماصار بيا بس اريد افتهم
ياربي سترك استر عليا اني ماليا غيرك ياربي
دخيلك تفكنا من هالمصيبة،،
ياربي اني اش سويت بعمري من ذنب
حتى يجرى على راسي كل هذا
ياربي شني هالبلية وليش آني من دون البشر
اريد افهم
وأش هالصدفة العجيبة ولييييش
يعني اني من دون كل خلگ الله انتكي على بطانة السيارة وتنكسر جوا عكسي =الكوع..
ويطلع چدامي صرار
والله حسبتو صرار رصاص من ثگلو
وأضمو وبعدين يطلع ذهب ومحبس وشوية خرزات ماچنت اعرف حت شنو الياقوت
والله لو چانن مزرفات چان سويتهن گلادة لعيشة او لبنتي
وچنت اريد انطيهن لحسنة تلعب بيهن
وزيدان سوا بيا ذيچ المنجسة
حتى انهزم
واطلع من الوادي
ومن دون كل البشر اوگف سيارة عدنان
حتى اصل بالتالي بيت ابو مهند
ويشوف المحبس ويروح يچغل عليا عند ابن عمو
يولو والله سالفة ما اتصدگ
اشنهي حكمتك يارب العالمين
لازم لك حكمة بيها سبحانك
ربي طلعني من هالورطة يارب العالمين
والله تعبت تعبت
واجهشت بالبكاء
نهضت احدى النساء وذهبت اليها تواسيها وجلست قربها
تطبطب عليها
كانت سيدة في الخمسين من العمر
كان وجهها كثير الندوب رغم جمالها
كأن الحياة صفعتها كل يوم صفعة دامية
قالت لها المرأة بصوت مشفق
-اشنو تهمتچ ؟
يخيتي شيلي لثامچ نحنا كلنا نسوان،،
مدت منيفة يدها ورفعت اللثام
ليس طاعة للمراة بل لأن انفاسها تلاحقت من شدة النشيچ وكانت تريد بعض الهواء
حين راتها المراة رددت هي ومن معها بصوت واحد
-ماشاء الله على هالجمال
قالت المراة الجالسة قربها بطريقة غريبة
-اذا جا الشرطي الي يجب لنا الأچل
انتي اخذي منو الأجل ولاتحطين لثامچ
وضحكت ضحكة مبتذلة
واردفت بقولها
-والله راح ايدللنا
نهضت فتاة في العشرين من عمرها وجائت الى منيفة وقالت لها محذرة
-ديري بالچ تسوينها ترى تصيرين لعبة بدين الشرطة
ردت منيفة بخشونة وقالت
-ليش آني جاهلة =صغيرة... حتى ما افهم هالسوالف
آني مرا ابني ازلمة وبنتي متجوزة
وآني مرا اخاف ربي
شهقت تلك المراة ذات الوجه الممزق وقالت
-يحرم اذا يبين عليچ بهيچ عمر
تبينين بنت الخمسة وعشرين سنة وبالچثير ثلاثين
بعز شبابچ ماشاء الله
اسمعي اذا طلعتي تعالي عندي
اني يجوز باچر اطلع
السالفة كلها تكاونت مع واحد
وضربتو بالبُطل= زجاجة
وشگيت راسو ابن الچلب
ماقبل يدفعلي اجرتي
ردت الفتاة العشرينة وقالت لمنيفة
-ديري بالچ تروحين عليها انتي مرا محترمة
وهي قح.......
مدت ذات الوجه الممزق يدها
بلمح البصر الى رأس الفتاة العشرينة
وأمسكتها من شعرها ونهضت
واصبحت تسحبها على الارض
ونهضن جميع النساء ومنيفة معهن
يحاولن اخراج الفتاة من يد تلك الممزقة الوجه
والفتاة تصرخ
فجاء الحارس ووقف على الشباك ونهرهن وهو يسبهن بابشع السباب
لكن منيفة ما أن سمعت صوته حتى رفعت اللثام على وجهها
ولمح الشرطي تلك الحركة
وشعر ان هذه السيدة جميلة جدا
فقد لمح جانب وجهها على ذلك الضوء الخافت المعلق في سقف الزنزانة
ورجع يخبر اصحابه
ان تلك السيدة التي دخلت قبل قليل
يبدو انها جميلة جدا
والجمال في مثل تلك الاماكن خطير جدا
حين تسلب الحرية تسلب جميع الحقوق
ويصبح الانسان
مجرد مخلوق ليس له حق حتى في نفسه
أما حاتم حين دخل
كان هناك سبع رجال في الزنزانة
نهض بعض الرجال ورحبوا به واجلسوه وهم يسالونه ماهي تهمتك
كان بينهم رجل يبدو عليه انه عربي من الريف
ذو شكل محترم ذكره بابن عمه حسين
نادى حاتم واجلسه قربه وساله
-من هي العمام انت؟
قال حاتم
-نحنا من السادة من جرية جرادة
عرف الرجل اهله وقال له
-والنعم منك يخوي
شنهي تهمتك
قال حاتم
-والله يخوي مدري شگلك
والله تهمتي لا عالحال ولا عالبال
آني يخوي سالفتي طويلة
وشكلها ماراح تفض على خير
وانطلق يحكي للرجل ماحصل معه بأختصار شديد
أن زوجته وجدت صرة فيها ليرات وخاتم
وانها اهدته الخاتم
وقد رأه رجل كان يظن انه صديق
فذهب ذلك الصديق وحرض أبن عمه الذي كان
أبن لرجل مفقود منذ ثلاث سنوات وهو صاحب الخاتم
والشرطة تتهمه وزوجته باخفاء هذا الرجل
قال الرجل العربي واسمه مزهر
-انت يخوي مبين عليك ابن ناس أوادم
وأبد لاتظن ربك راح ينساك
مادام انت مو مسوي شي
باچر اذا جا ضابط التحقيق راح يعرف
عبنهم ذولة المحققين يعرفون بس يدحجون =ينظرون...
عالشخص
قال حاتم بحزن
-الله يسمع منك يخوي وأنت شنو سالفتك
قال مزهر
-والله يخوي بعض البشر ماتعرف اشلون اتعامل معاه
آني من جرية عين الحصان
وأبوية وگع علينا مريض وجبناه للمستشفع=مستشفى
آني واخوية
ودخلوه بالمستشفع وأخوية ضل عندو
وآني رديت للجرية
اجيب هدوم وشوية غراض واگول لهلي=لأهلي
اشصار معانا
بس أمي الله يسامحها
حلفت عليا يمين اني اخذها معايا
واجيبها تشوف أبوية
وأمي مرا چبيرة جبتها وجيت
وشافت ابوية وتطمنت عليه
وجا الطبيب وگال
الحجي راح ايضل چم يوم يلا يصير زين
وانتم مايصير كلكم تضلون معاه
وگمت اخذت أمي ورحت للكراج
اريد ارد=ارجع.....
اني وهية للجرية ويضل اخوية عند الحجي
لمن وصلنا الگراج
گعدنا انتاني =ننتظر.... سيارة تطلع للجرية حتى نروح لأهلنا
وجا ولد ايبيع مي
جا عليا گلي
- عمو عفية سبلي(1)
گلتلو بيش السبيل؟
گلي بعشر فلوس
طلعت عشر فلوس وانطيتو
وجا تا يمشي
اني ما گبلت
گلتلو ماتروح الا توزع سطل المي على كل هالناس
صيح الولد سبيل وبلاش سبيل وبلاش
وجو الناس حتى يشربون
وشفتو يحط نص الطاسة
وينطيهم ووزع لثنين ثلاثة ومشى يركض
اني طلعت روحي مدري اش چاني
وركضت وراه
گضبتو من علابتو= رقبته....
واخذت السطل منو
ورجعت للناس اوزع المي عليهم الا خلصت السطل
وانداريت اريد انطيه السطل
لكيتو هاجم على أمي
وجر ملفعها من راسها ومرمحها بالتراب
اني ركضت تا الحك أمي
بس هو بهدل أمي
وشلت حجرة من الگاع
وضربتو بكل حيلي وجت براسو وفجتو
وسبح بدمو
چان أكو شرطي مايبعد عنا چثير
جا وگضبني
وهم زين شفت واحد من ربعنا
بالكراج وصيتو ياخذ أمي معاه للجرية
واني هالشوفت عينك
هذا الحچي البارحة العصر
ودوام ماكو والناس معطلة
وگاعد اتاني بلجي احد من اهلي يجي
ويمشون عالولد بلچي ايتنازل عني
حتى اطلع اروح اشوف أبوية،،
................
كانت الساعة بحدود الواحدة والنصف ضهرا
حين رجع برهان للبيت
وعرفت كواكب ان اخوها قدم شكاية ضد حاتم ومنيفة
وانه قد تم القبض عليهما واودعا السجن ليعرضا غدا على ضابط التحقيق
ففقدت كواكب صوابها لهول مافعل أخوها
وقالت له بعتب وتفجع
-أنت ليش عملت هاكذ ها؟
ما ابو مهند قلك انا اروح واسأل الحرمة وهي خوش ادمية وراح تحكي كلشي
أبو مهند قلك علاقتهم ابعض كثير مليحة
هسة اش راح تقلو بالله؟
وانت كن رحت اشتكيت على جماعة
أبو منهد
وهو يعتبرهم من اهل بيتو
والبيحة كان عيمل زواجم ابيتو
يعني انت تتخيل اشقد هيم قغيبين=قريبين...
على أبو مهند
اقله غوح على أبو مهند وقلو انت اش عملت
ديعرف اشون يتصرف
برهان.... لاتضيع هذا الخيط
الي ممكن يوصلنا لأبوية
الله يخليك
قوم غوح على أبو مهند واحكيلو
زجرها برهان وقال بغضب
- اسكتي اسكتي هذا شغل اغجيل=رجال
انتي اش عرفكي بهاكذ سوالف
وخرج من البيت وركب سيارته وتوجه
الى وسط البلد
الي مكتب محامي اسرتهم
استاذ مؤيد
وقد نسي تماما ان هذا اليوم هو الجمعة
وأن المكتب مغلق
كان يريد أن يسأله ماذا يفعل
وجلست كواكب وهي لاتعرف كيف ستخفف من وقع الخبر على أبو مهند الذي اذا عرف
لايمكنها ان تتصور غضبه
جائت زوجة اخوها من غرفتها
وقالت لها
-اشقد ادخلين نفسي بشي ماشغلكي
ماما عوفي اخوكي يتصرف دنعغف=كي نعرف... غاسنا=رأسنا..
من اساسنا
لكن كواكب نهضت بسرعة وخرجت تركض من البيت
وصلت باب المزرعة وفتحته
وخرجت تركض بتلك الاراضي الواسعة متجهة الى مزرعة ابن عمها محمد أبو مهند
حتى وصلت وقد خارت قواها
ودخلت وهي تلهث و تصيح
-أبو مهند محمد محمد....
وينك...
خرج ابو مهند من غرفة مكتبه
ووجهدها في وسط الصالة
تنادي وتلتفت حول نفسها تبحث عنه
وما ان راته حتى ركضت اليه
وكلمت أبو مهند وهي مقطوعة الانفاس
وهو يحاول ان يسمعها
واخيرا فهم
ان برهان قد اشتكى على منيفة وحاتم
وان الشرطة اخذتهما للمركز وتم سجنهما
فجن أبو منهد
وصار يمشي ذهابا واياب وهو يضرب كف بكف
محرج من منيفة وحاتم الناس الأكارم
وغاضب جدا للحال التي اوصلهم هو بنفسه لها
فقال لكواكب
- امشي دقللكي
خلي اوصلكي على بيتكم
ودغوح اغشع اش اطيق اعمل
قالت كواكب بتوسل
- اخذني معاك ابو مهند الله يخليك
اقله دعتذر من المغا=المراة
قال لها مايصيغ=لايجوز...
اختي اشون اخذكي معايا
وانا دغوح على مركز الشرطة
ايما اعتذار
غير لازم اطلعم من السجن أول شي
خرجت لميعة من المطبخ
وقالت لكواكب وهي مبتسمة
-ياهلا كواكب هاي انتي عدنا
لكنها سكتت لما رأت زوجها مرتبك
ووجه كواكب مصفر
وسالت
-خير اشكو=ماذا هناك....
قال أبو مهند وهو مسرع
-ماكو شي ارجع واحكيلكي كلشي
وخرج الاثنان يركضان الى السيارة
أوصل ابو مهند رضيعته الى بيت اهلها
وانطلق الى مركز المدينة
وذهب الى بيت خاله الدكتور عبد الكريم
كان الوقت بعد الضهر بساعتين ونصف
حين وصل ونزل من سيارته مسرعا وطرق الباب
طرقات متسارعة
خرج زيد ابن خاله وارتبك حين وجد أبو مهند
وقد اصفر وجهه فسأله بخوف
-ياستار اش بيك أبو مهند
فوت فوت دشوف
قال أبو مهند
-زيد وين خالي؟
قال زيد بوجل
-الحجي تغدا وفات يرتاح تعرف اليوم جمعة
فتح العيادة من الصبح الى وقت الصلاة
صلى وجا تغدا و فات معغف نام لو لا
رد عليه ابو مهند وقال الله يخليك
غوح صيحو بسرعة.
قال زيد بخوف
-أبو مهند بس فهمني اش كن صار
قال له وهو يكاد ان ينفجر من شدة قهره
-جماعة اصدقائي ابوغطة=بورطة=....كبيرة
والمصيبة انا السبب
بس دفوت صيح خالي بسرعة
دنلحقم =كي ندركهم..
ذهب زيد ليخبر والده بعد لحظات
جاء الدكتور عبد الكريم بقامته الفارعة ووقاره
وهدوئه وسال ابن اخته قائلا
-خير محمد اش بيك
قال ابو مهند
-ياخالي اريد تجي معايا لبيت اخو أم زيد
المحامي استاذ هاشم
عندي مشكلة واحتاجو معايا بالمركز
هسع هسع هسع الله يخليك وبسرعة
اليوم جمعة والا كنتو دغوح لاستاذ مؤيد
بس حتى ما اعرف بيتو وين
نهض الدكتور ودخل بسرعة وخلال دقائق كان قد ابدل ثيابه وخرج
الاثنان واثناء الطريق
اخبر ابو مهند خاله بكل شي
عن منيفة وطريقة هروبها
وكيف جاء بها عدنان الى مزرعته
ووصف منيفة للدكتور بكرم اخلاقها وذكائها
وحشمتها
وماحصل لية أمس
وكيف ذهب الى ابن عمه
ليتاكد فقط من موضوع الخاتم
لكن ابن عمه قد قلب الدنيا
وانه يريد محاميا يرافقه لمركز الشرطة ليخرج منيفة وحاتم من السجن حتى لو بكفالة
وكم يشعر بالغيض
لما حصل لحاتم ومنيفة بدل ان يجلسان في صباحية عرسهما يستقبلان المهنئين دخلا السجن
ويشعر انه هو السبب
تأثر الدكتور كثيرا وقال
-برهان غلطان كثيغ=كثيرا.....
بس هو هذا برهان من يوم يومو وهو متسرع
سبحان الله ولا عبالك ابن حجي صادق
لا ادير بال ان شاء الله هسة نطلعم
واذا لزم الامر انا بنفسي اتكفلم
رد عليه أبو مهند وقال
-ياخالي انا اتكفلم ذولي ناس محترمين
والله لو شفتهم الا تقول عليهم أمراء
بس دتستغرب الملابس الي يلبسوها
يعني انو هيم ما مثلنا حضير هيم عرب
بس ياخالي في منتهى الاخلاق والكرم
يعني والله معرف اشون توغطو= بهل مصيبة
يعني حتى هيم حالم مليح
وابو منيفة كان ملاك اراضي
ورثها من ابوه
يعني هيم من اثرياء القرى،،
وحين وصلا بيت الاستاذ هاشم
ودخل الاثنان مسرعين
شرح أبو مهند للمحامي هاشم
كل الموضوع
بعد دقائق كان الثلاثة يدخلون مركز الشرطة
في محاولة لاخراج حاتم ومنيفة
........
دخل الرجال الثلاثة الى مركز الشرطة عصر ذلك اليوم
الدكتور عبد الرحمن......
والمحامي هاشم.....
والتاجر الثري محمد عبد الجليل البرهان
ووقفوا في الممر امام غرفة الضابط
حتى استاذن لهم الشرطي
ودخلوا
بعد حوارات كثيرة
وبعد أن شرح أبو مهند القصة
للضابط
طلب المحامي خروج المتهمين بكفالة
لكن الضابط رفض
وقال للمحامي
-حضرتك تعرف ان الكفالة ما تمشي بهاكذ قضايا...
ننتظر ضابط التحقيق غدا
وبعدين قرار القاضي،
وإذا تبين إنهم أبرياء، يطلعون
وهاي قضية اختفاء احد وجهاء الموصل
اذا تساهلنا بيها راح الناس
يتهمون الحكومة بالتقصير
خصوصا هو .....
حجي صادق كان ضد الحكومة
قال محمد
-حضرة الضابط عمي ماكان ضد الحكومة
لكنو كان ملكي ويمجد بالملكية
رد الضابط بخشونة وقال
-عبن الملكية سوتكم اقطاعيين
تملكون عدة قرى وسويتو الفلح عبيد عدكم
هما يكدحون وانتم تلمون فلوس
انت تدري فص المحبس مال عمك شنو من شي
واشكد حقو
حق المحبس بوحدو يطعم عشرين عيلة ريفية فقيرة لمدة سنة افخر الاكل
ثم هاي مو قضية مشاجرة بالشارع،
هاي قضية مرتبطة بجريمة اختفاء ويجوز قتل
ولهذا ما نگدر نخليهم يطلعون بكفالة هسة
رد عليه محمد بأدب وقال
-نحنا ملاكة=اصحاب املاك... أب عن جد
وحضرتك تعرف هذا الشي
ضحك الضابط وقال
-نعم نعم صحيح من لما كنتم مع الانگليز وقبلهم الاتراك
ولما صارت تمليك الاراضي والقرى
وقعد جدك يم أبو السجل ويقلو
سجل قرية حليلة وقرية سهيلة وقرية فلانة وفلانة وفلان
والكاتب يكتب وجدك يعدلو اسماء القرى
الما ملكتم كل قرى الموصل كلها
رد المحامي وقال
-سيادة الضابط طلع الحرمة باي كفالة يسمح بيها القانون
ذولة عرب من الريف
وعلى قولتك=حسب قولك...
من الفلاحين والحرمة عدهم
اذا انسجنت مصيبة
ليش تعقد الامور وماكو لي هسة اي شي حقيقي
ضدهم
يعني لاعندك شاهد ولا دليل
ضرب الضابط يده على المكتب بعصبية وقال
- والمحبس ما دليل؟
اساسا لازم نعرف اشلون وصل المحبس لمنيفة
وصادق برهان چان لابسو لما اختفى هاي ثلث سنين
قال المحامي بهدوء
-المغا =المراة... قالتلك كن لقتو =قد وجدته...
والمغا ما مجبورة تكذب
ثم اشجابها على صادق برهان
وهي من قرية بنص براري الموصل الغربية
وصادق برهان وغا=خلف... المي=النهر.. هوني بالموصل
لاتغفو=لاتعرفه... ولا كن غشعتو=رأته...
رد عليه الضابط وقال
ونحن اشعرفنا انو هذا الكلام صحيح
الموضوع ياسيادة المحامي معروف
وانت رجل قانون
وتعرف مستحيل يطلعون لابكفالة ولا بغيرها
الا يقرر ضابط التحقيق وضعهم القانوني
نظر المحامي الى أبو مهند وقلب كفيه كمن
يقول ليس في الامكان اكثر مما كان
وخرج الجميع من المركز
أوصل أبو مهند الرجلين الى بيوتهم
ورجع أبو مهند الى مزرعته
حين عبر الجسر واستدار يمينا ليمضي في طريق المزارع
راى الشارع يلمع على ضوء شمس العصر
كان الزجاج يغطي الارض
قال لنفسه
-الظاهر كن صار حادث هوني
واستمر يقود سيارته بهدوء وهو ينظر الى يمين الشارع
لحظات وفتح فمه وتوقف.......
صُدم صَدمة عمره
حين رأى عند المنعطف سيارة
عدنان محطمة وأمامها سيارة حمل مهشمة من الجانب الايسر وقد تم ازاحتهما عن الطريق
فنزل يركض من سيارته وركض الى سيارة عدنان
ونظر داخل السيارة
كان كشن السيارة الامامي مكسور من الوسط
ومسحوب للخلف
وهناك دماء منتشرة داخل السيارة
كاد قلبه ان يتوقف من هول الصدمة
تلفت حوله وراى بعض الشباب فركض اليهم وسألهم
هل رأوا الحادث ؟
اخبروه ان نعم وقد كان حادث مروع
وقد تم نقل المصابين للمستشفى
وان الشرطة اخذت سائق سيارة الحمل للمركز
فرجع وركب سيارته
وانطلق للمستشفى