رواية زواج بلا قلب الفصل السادس عشر بقلم ادم نارو
عند ليلى :
كانت صاحية بدري على غير عادتها، نازلة على السلالم وهي لابسة بيچامتها، شعرها مربوط بسرعة، وعينيها فيها أثر نوم خفيف...
تحت، كانت رقية بتجهز السفرة.
رقية (بابتسامة دافية):
– صباح الخير يا مدام ليلى.
ليلى (بهدوء):
– صباح النور.
رقية (وهي بتبص ناحيّة السلم):
– غريبة... السيد آدم اتأخر في النوم النهاردة.
ليلى (برفع حاجب):
– هو لسه ما صحاش؟
وفجأة، صوت خطوات على السلالم... وآدم بيظهر، نازل بشياكته المعهودة، لابس تيشيرت رمادي وبنطلون رياضي، وابتسامة خبيثة مرسومة على وشه.
آدم (بصوت فيه سخرية):
– أنا صاحي يا مراتي.
ليلى (بتهكم ونظرة استخفاف):
– كان القصر هادي لحد ما حضرتك صحيت.
رقية (بخفة دم):
– صباح الخير عليك يا سيد آدم، مش من عوايدك تتأخر في النوم.
ليلى (وهي بتشرب رشفة ميه):
– متقلقيش يا عمتي رقية، غالبًا كان بيتسلى عالتليفون مع البنات… زي نديم.
آدم (بهدوء قاتل):
– عندِك حق.
ليلى (اتجمدت في مكانها، وبصّت له بصدمة):
– بتهزر؟
آدم (بضحكة خفيفة):
– ليه بتحاولي تخبي غيرتك؟
ليلى (اتلفتت بسرعة، ونبرة صوتها بتتحشرج):
– أنا؟ بغير؟
رقية (بتحاول تغيّر الجو):
– سيد آدم، كان فيه ظرف جالك الصبح… أنا حطيته على الترابيزة.
آدم (وهو بياخده باستغراب):
– ظرف؟!
(فتح الظرف، وسحب ورقة مطبوعة بإطار ذهبي...)
آدم (بيقرأ بصوت منخفض):
– آه، دي دعوة الحفلة السنوية بتاعة الشركة.
ليلى (بفضول):
– دعوة؟ دعوة إيه؟
آدم (ببرود):
– دي دعوة طلاقك.
ليلى (شهقت، وعينيها فتحت على وسعها):
– عن جد؟! إنت متأكد؟
آدم (وهو بيتحرك ناحيّة السفرة وبضحكة جانبية):
– متخافيش... لسه النهار طويل.
ليلى (بخيبة أمل ):
– اووف ! كان هيبقى أحلى نهار في حياتي...
آدم (بص لها باستغراب وهو رافع حواجبه):
– متأكدة يا مدام ليلى؟
كانوا قاعدين على السفرة، وأدم عنيه متركزة على ليلى… شايف الهزال في وشّها، وخدودها اللي بقت فاضية من اللحم. نادى فجأة:
آدم (بصوت هادي بس فيه أمر):
– رقيّة.
رقيّة (بسرعة):
– نعم يا سيدي؟
آدم (نظره على السفرة):
– الطاولة فاضية النهاردة.
رقيّة وحتّى ليلى نفسهم اتفاجئوا… السفرة مليانة عن آخرها.
ليلى (بتستغرب وهي بتبص له):
– أنت أعمى؟ دي السفرة مترصصة أكل من كل نوع!
آدم (من غير ما يرمش):
– بس في نظري فاضية… من النهاردة الأكل يتضاعف. الكلام واضح؟
رقيّة (بخوف):
– حاضر… آسفة.
ليلى (بتعترض بهدوء):
– إيه البدَع دي؟ إحنا مش هناكل الكمية دي كلها لوحدنا.
آدم (بنظرة حادة):
– ومين قال إن الأكل ليكوا بس؟ أنا عاوز السفرة تبقى مليانة.
ليلى (مستغربة):
– متأكد؟
آدم (بنبرة قاطعة):
– أيوه.
ليلى (بنفس نبرة التحدي):
– خلاص، عادي… البذخ محسوب عليك.
مرّت دقائق… ليلى خلصت أكل، وقامت تساعد رقيّة تجمع الأطباق. قربت تمد إيدها… بس آدم شد نظره عليها.
آدم (باستغراب):
– إنتي بتعملي إيه؟
ليلى (بابتسامة):
– برقّص مثلًا؟
آدم:
– ما تهزريش معايا.
ليلى:
– طيب ما إنت شايف… بجمع الأطباق.
آدم (بنبرة جادة):
– إنتي مراتي… ست البيت، مستحيل تساعدي في كده.
ليلى (بعين دايرة عليه):
– أفكارك دي رجعية أوي!
آدم (قام من مكانه):
– تعالي، عايز أتكلم معاكي.
ليلى (وهي لسه بتجمع):
– خليني أخلص الأول.
آدم (بعصبية):
– سيبيهم!
(بص بصوت عالي)
– ندى!
ندى (من بعيد):
– نعم يا فندم!
آدم:
– اجمعوا الأطباق… وهي تلحقني على الأوضة، في كلام مهم.
ومشي قدّامها من غير ما يبص ورا.
ندى (بهمس):
– مدام… لحقيه، شكله متعصّب.
ليلى (وهي بتتمتم):
– هو في حياته قال غير أوامر؟
دخلت وراه الأوضة، وقف مستنيها.
ليلى (ببرود):
– عايز إيه؟
آدم (من غير مقدمات):
– جهّزي نفسك… الليلة في حفلة.
ليلى (مستغربة):
– حفلة؟ حفلة إيه دي؟
آدم:
– في الشركة، وكل الناس هتحضر… ولازم تبقي موجودة جنبي.
ليلى (بتعترض):
– وأنا مالي ومال الحفلة ؟
آدم:
– نسيتي إنك مراتي؟ يعني لازم تبقي جنبي… قدّام الناس.
ليلى:
– دايمًا يهمك الشكل قدام الناس!
آدم (ببرود):
– أنا بعمل اللي يفيد اسم العيلة… وساعات لازم نبان مبسوطين حتى لو الحقيقة غير كده.
ليلى (بحدة):
– ليه نمثل؟ مش كفاية التمثيل اللي بنعيشه كل يوم؟
آدم:
– ده مش برغبتك .
ليلى (بتمسك أعصابها):
– وليه دايمًا تهديد؟
آدم (بسخرية):
– علشان الطيبة مش بتنفع معاكي .
ليلى:
– طب جرّب تطلب بلُطف.
آدم (سكت لحظة، وبعدين رفع حاجبه):
– إزاي يعني؟
ليلى:
– تقول مثلًا: "ليلى، ممكن تيجي معايا الحفلة؟"
آدم (بضحكة فيها سخرية):
– لو ده اللي هيخليكي توافقي، ماشي.
ليلى (ببرود):
– تفضل.
آدم :
– مدام ليلى، ممكن تروحي معايا الحفلة النهاردة؟
ليلى (بنظرة مستفزة):
– لأ.
آدم (اتفاجئ):
– إيه؟!
ليلى (برود):
– الكلام ده طالع من لسانك مش من قلبك.
آدم (بدأ يغلي):
– يعني مفيش غير طريقة واحدة… هتيجي غصب عنك، وإلا…
ليلى (بتتحدى):
– وإلا إيه؟
آدم (تفكيره خبيث):
– تودّعي كلبك.
ليلى (بصوت عالي):
– إيه علاقة الكلب بالكلام ده؟!
آدم:
– هو الوسيلة اللي هتخليكي تسمعي الكلام.
ليلى (بنبرة مجروحة):
– إنت بجد إنسان ظالم!
آدم:
– قرري.
ليلى (بحرق ودمعة محبوسة):
– هوافق… بس علشان الكلب مش علشانك.
خرجت من الأوضة، وسكرت الباب وراها بعصبية.
آدم (بصوت واطي وابتسامة مكسورة):
– كنت عارف إنك هتضحّي عشانه… ياريت كنت أنا الكلب.
( بعدها استوعب كلامه)
أدم : إيه الهبل إلي بقول أنا ؟
🍒🍒🍒🍒🍒🍒🍒🍒
ليلى دخلت أوضتها، قفلت الباب، ورمت نفسها على السرير.
ليلى (بتهمس لنفسها):
– كنت هاروح معاك من غير كل ده… لو بس طلبت بلُطف.
بصّت في المراية، وعدّت صوابعها على خدها.
ليلى:
– طب دلوقتي ألبس إيه؟ ماعنديش فستان يليق بالليلة دي… لازم أطلع حلوة.
بعد شوية، الباب خبط… ودخلت ندى وهي شايلة حاجة ملفوفة بعناية.
ندى (بابتسامة):
– مدام… شوفتي ده.
فتحت اللفة… وطلع فستان أحمر دموي، بيلمع بشكل يخطف العين.
ليلى (اتسعت عينيها):
– يااااه! إيه ده؟ ده حقيقي؟!
ندى:
– السيد آدم جابه مخصوص ليكي… قال لازم تكوني الأجمل في الحفلة.
ليلى (مبهورة):
– هو… هو اشترى ده ليّا؟
ندى (بهزة خفيفة برأسها):
– أيوه… بس شكلك لسه مش مصدقة.
ليلى (وهي بتلمس الفستان بإيديها):
– ماكنتش متوقعة… بس لازم ألبس وأورّيه إني أقدر أكون ملكة.
ندى:
– لو احتجتي أساعدك، أنا موجودة.
ليلى (بعين فيها لمعة):
– شكلي لازم أوريه هو خسر قد إيه لما حاول يتحكم فيا.