رواية للهوى رأي اخر الفصل السابع عشر 17 بقلم سارة حسن


 رواية للهوى رأي اخر الفصل السابع عشر 

يومًا جديدًا، وهو ما زال كما هو، لم يتغير شيء، واقفًا ينظر من النافذة وعينيه في خضارها قتامة وتيه... وقسوة، تنهد واستدار لتلك الغافية، من وقت سقوطها في المسبح وما زالت مغشية عليها، خرج بها بين ذراعيه يقطرون مياه متجهًا لغرفته، وضعها على الفراش وخرج ثم أخبر إحدى الخادمات بتغيير ملابسها، ومن وقتها ولم يغفل له جفن ينظر إليها ولعلامات أصابعه على وجنتها، لم يضرب في يوم امرأة ولم يتخيل أنه يومًا ما يفعلها وتكون تلك المرأة فيروز.

اقترب منها حتى جلس على طرف الفراش، وجهها مرهق وشعرها الطويل ململم في كعكة أعلى رأسها مشعثة.
فتحت فيروز عينيها على مهل فأصطدمت بعينيه الثابتتين عليها، انتفضت فيروز مكانها ثم تفحصت ملابسها بفزع والتي وجدتها على غير حالها بملابس أخرى فشهقت بصدمة وخوف:
_ إنت عملت فيا إيه؟ ازاي غيرت هدومي؟

نظر لها بصمت، فأزاحت الغطاء واستندت بركبتيها على الفراش صارخة بوجهه وهي تلكّز بكتفه:
_ عملت فيا إيه؟

مسك يدها بقوة وأسقطها على الفراش مقيدها بيد واحدة:
_ بلاش أفورة بقي.

ابتلعت ريقها بدهول وصدمة كررت كلامها وكأنها لا تملك غيره:
_ عملت فيا إيه؟
_ زي ما عمل عريس الغفلة.

تلوت بجسدها تحاول تحرير نفسها من قيد يده صارخة به برفض:
_ ابعد عني ماتلمسنيش.

انتفض فوقها بغضب وكرامة مجروحة:
_ أشمعنا هو؟ ازاي سبتيه يلمسك، باسك، حضنك، ليه سرقك؟ ليه أخد حاجة مش من حقه؟ ازاي سبتيه يلمسك وأنتي حقي أنا؟

أغمضت عينيها بعذاب ورأسها يتحرك بالرفض، دموعها لن تنضب طالما ستعيش في ذلك العذاب، فتحت عينيها الباكية وهمست للمرة الأخيرة:
_ ماحصلش.

هجم عليها قاسم وقبلها بقوة وهمجية، بعذاب وقسوة، احتياج واجتياح، تلوت بألم وطعم الدماء شعر بمذاقه، ابتعد عنها فجأة منتفضًا من فعلته، فأبكت وعلا نحيبها وانزوت أسفل الغطاء كأنها بذلك تحمي نفسها منه، لم يتحمل قاسم، فأندفع للخارج ووجودها معه ورغبته في الانتقام تخرج أسوأ ما به، يؤلمها... ويؤلم قلبه.

..................

تدور بالغرفة دون هوادة، بالفعل يتم عقد قرانها بالأسفل، وهي هنا بمفردها، تنتظر، ماذا تنتظر!
تشعر أنها مسيرة لا مخيرة، رغم موافقتها التي نطقت بها، لكن تشعر بقيد يحول دون سعادتها، دون أن تقفز فرحًا أنها بعض لحظات ستصبح حرم موسى رشيد.

دخلت والدته السيدة رقية، انتبهت لها دهب، كانت بسيطة جدًا، ورغم ذلك الرقي والأناقة تظهر في كل تصرف يصدر منها، اقتربت من دهب وقالت: كنت عايزة أجيلك إمبارح، لكن موسى قال لي أسيبك براحتك لبكرة.

لم يصدر من دهب أي رد فعل، فأكملت رقية:
_ مش هاكذب عليكي، ماكنتش متوقعة موسي يطلب يتجوزك أنتي.

اهتزت ملامح دهب رافضة إهانتها، وقبل أن تلقي قذيفة قالت رقية موضحة:
_ مش بعيب فيكي يا دهب، بس يمكن أنتي ما تعرفيش، اعتقد ماكنتيش لسه اتولدتِ.

انعقد حاجبيها والفضول يتغلب عليها وشعور آخر يخبرها أن معرفتها ستزيد الأمر سوءًا.
لكن تفاجأت بيد السيدة رقية تربت على وجنتها بلطف وقالت:
_ أنتي مش شبهها، رغم ملامحك اللي أخذت كتير منها، لكنك غيرها، أنا بعرف أقرأ الناس كويس.

تساءلت بعينيها عن علاقتها بوالدتها، وماذا فعلت بهم حتى تنقلب الأجواء بحضورها كما حدث.
فهمت عليها رقية وقالت مبتسمة:
_ أنا مش بحب أقف مكاني، برمي ورا ضهري وبكمل حياتي، أنتي كمان اعملي كده.

لانت فجأة ملامحها، وشعور غريب بالألفة، وتأثرت بكلماتها، ربما لأن يوم مثل هذا من المفترض أن تكون محاطة بعائلتها، والدتها تتمم على زينتها وتدعو لها، لا أن تشعر لذلك الخواء وتتأثر ببضع كلمات من امرأة لم تراها سوى مرتين والثالثة في عقد قرانها على ابنها!!!

اقترب موسى من قاسم بعد أن انتهى عقد القران وغادر المأذون والشهود، لم يغفل عن وجه صديقه المرهق ولا عينيه الغائرتين وصمته الزائد، تساءل موسى باهتمام:
_ انت كويس يا قاسم؟
أومأ له قاسم بابتسامة مدعية:
_ كويس، مبروك يا صحبي.

ابتسم موسى ضاربًا على كتفه ممازحًا:
_ يالا عقبالك تقع في واحدة زي أختك كده، تطلع عليك القديم والجديد، الا قولي عملت إيه مع قريبة كمال، انشغلت أنا وماعرفتش حصل معاك إيه.

تنهد قاسم وبهتت ملامحه مغيرًا مجرى الحديث:
_ ماتشغلش بالك أنت بيا يا موسى، فكر في حياتك الجاية، خلي بالك من دهب، عارفها صعبة لكن كمان عارف إنك هاتسيطر على الوضع.

أومأ له موسى بريبة وشعور أن صديقه ليس بحال جيد، استأذن قاسم من موسى أن يرى دهب، فطرق بابها، ضيقت حاجبيها لرؤيته، ظنته سيعقد القران ويذهب، بجمود انتظرت مبادرته، فنظر لها لبَرّه ثم تحدث بهدوء:
_ مش سهل عليا إنك تختاري تلجأي للغريب عن أخوكي، لكني كمان ما أعطيتكش الأمان ده، أنا موجود يا دهب لو احتجتي في أي وقت.

رفعت رأسها بإباء وقالت:
_ مش شايفة كلامك ده متأخر شويه؟

ابتسم بفتور:
_ ومن إمتى في حاجة بتيجي في وقتها؟ لكن أنا عارف موسى وتقريباً ده الحاجة الوحيدة اللي جاتلي في وقتها، أنتم الاثنين محتاجين بعض.

ثم ألقى عليها نظرة أخيرة وخرج من الغرفة تاركًا إياها تنظر لأثره بحيرة وريبة.

......................

دخل موسى الغرفة، ودهب واقفة أمام النافذة، مرتدية نفس الفستان الذي ارتدته أمس، رغم إرساله لها في الصباح لتلبسه، لكنها لم تمسه. لم يعلق موسى وقرر ترك لها بعض الحرية.

ابتسم لها بهدوء:
_ أوضتنا جاهزة، ادخلي ارتاحي.

رددت من خلفه بصوت خافت:
_ أوضتنا؟

حك موسى طرف أنفه وداعبها بابتسامته:
_ لو حبيتي تغيري فيها حاجة، ما عنديش مانع.

نظرت للأسفل قليلاً واضطربت أنفاسها، وظهر له من صدرها الذي يهبط ويعلو أنها كانت على وشك إطلاق قذيفة عندما قالت:
_ موسى، أنا عايزة أوضة لوحدي.

ضيّق عينيه:
_ ليه؟

أخذت نفسًا وقالت بعد أن رفعت رأسها للأعلى:
_ لأن مش ده الطبيعي، الجوازة مش طبيعية، فا أكيد علاقاتنا مش هتكون طبيعية.

قال موسى ببعض الحدة:
_ طبيعية؟ مش ده اللي كنتي عايزاه، مش ده اللي جيتي مكتبي عشانه؟

ثم صرخ فجأة:
_ مش ده اللي كنتي عايزة توصلي ليه؟

صرخت به معترضة:
_ لا!

اقترب منها وملامحه مشدودة، هتف بحدة:
_ أمال اسمي اللي كنتي بتعمليه ده إيه؟ ولا ده العادي وبتعمليه مع أي مدير مكتب؟

اتسعت عينيها، ونغزتها ضربة قلبها. هكذا يراها!
لم يكن هذا ما أرادته، ربما أفعالها فُهمت بشكل خاطئ، ربما كانت طريقتها للفت انتباهه حولتها لامرأة مشينة بنظرته، لكنه لم يكن هذا ما أرادته، أرادت قلبه فقط... قلبه.

احتدت عينيها، ثم رفعت رأسها بكبرياء وألقت بكلماتها:
_ موهوم، ده خيالك المريض، انت عارف كويس أنا وافقت ليه، كنت هاعمل أي حاجة إلا أني أقبل دور الأخ الكبير من قاسم.

احتدت عينيه بشرّ وقبض فجأة على ذراعها وجذبها إليه وبقسوة:
_ لو تعرفي علاقتي بقاسم هاتعرفي أنا طلبت أتجوزك ليه، جوازي منك كان إنقاذ موقف مش أكتر، خدمة لاقيتني أقدر أقدمها لصاحب عمري، أخت متمردة وطايحة بتصرفاتها وبمنتهى الغرور راضية تكون في الشارع عن مساعدته.

كانت تنظر إليه مشدوهة، ثم اشتعلت عينيها بالشرارات وقد أحرقها كلامه، وقبل أن تفتح فمها صرخ بها:
_ اللي فات كوم واللي جاي معايا كوم تاني يا دهب، طول لسان مش هاقبل، عشان ما تسمعيش كلام يوجعك، تصرفات من دماغك غير مسموح، وبحذرك المساس بأسمي.

تلوت بين يديه بجنون، واحمر وجهها غضبًا:
_ دور الشجاعة اللي حبيت تعمليه لصحبك على قفايا، ولا يخليني أحترمك ذرة؟ انتو الاثنين شبه بعض!

أجابها بقسوة وغضب لم يصل إليه من قبل:
_ احترام! طب تعالي وانا هاعرفك إزاي تحرميني.

سحبها من خلفه بقسوة، ويده قابضة على معصمها حتى كادت تهشمها، وهي تصرخ به وتلقي عليه بعض الشتائم وتحاول الفكاك، فجأة فتح إحدى الغرف ثم ألقاها في منتصفها وأغلق الباب من خلفه.

كانت تقف أمامه كالنمرة، تلهث بعنف، وشعرها يحيط وجهها بجنون. رفع يده الاثنان وابتسم بسخرية قاسية، لكنه لم يلاحظ شحوب وجهها، وهو يخلع قميصه وساعة يده ببطء قاتل.
عادت دهب خطوتين للخلف وقبل أن تركض أدرك فعلتها فقبض على خصرها بيده وألقاها على فراشه، استمر صراخ دهب ومقاومتها الشرسة، رآه يقترب منها بابتسامة ذئب ثم هجم عليها، تلوت دهب من أسفله بكل قوتها، ومن حين لآخر تلقي عليه بعض الشتائم، ويزداد جنونه أكثر، وقالت بعنف وغضب:
_ انت فاكر نفسك بتعمل إيه، ابعد عني يا موسى
قبض على ذراعيها ورفعهما بقبضته أعلى رأسها، قائلاً بقسوة:
_ بعلمك إزاي تحترميني، بعلمك تحسني ألفاظك معايا يا حرمي المصون
احمر وجهها أثر انفعالاتها واستمرت في مقاومته، وهو يشرف عليها بجسده دون أن يقدم على شيء فعلي، استمرت مقاومتها حتى توقفت، صدرها يعلو ويهبط وأنفاسها لاهثة، أغمضت عينيها وقد هدها التعب، كان قريبًا جدًا وقد زال من عينيه السخرية، ضاعت بعينيه وقربه، انفاسه القريبة ورائحته.
سكون مهيب حولهما، وعينيه تجري على ملامحها التي استكانت وفقط تتأمله، فتحت فمها وتنفسها السريع يهدأ رويدًا رويدًا، مال عليها موسى فأغضمت عينيها تلقائيًا، مالت شفتيه بابتسامة صغيرة، ثم شعرت بدفء فوق جبينها وأنفاس ساخنة تحرق وجنتها مع ضغط خفيف على كفها.
وفجأة ارتجفت من البرد، التفتت حولها رأت باب الغرفة يغلق من خلفه، أخذت شهيقًا عاليًا، ولفت ذراعيها حولها وقد تملكها البرد، انكمشت على جانبها والخواء يسيطر عليها.
......
توقف بسيارته أسفل شركة كمال، ولا رغبة له في العمل أو غيره، لكن رغبة كمال وإلحاحه بحضوره لإمضاء بعض العقود ليسير العمل دون أعطال جعلته يضطر للحضور، لم يستغرق الوقت الكثير ولم يسهو عن تشتت كمال وعصبيته الزائدة وغير المعتادة منه، انتهى قاسم وأثناء خروجه استوقفته أسيل وبتردد ظاهر قالت مباشرة:
_ محتاجة منك خدمة
التفت إليها بانتباه ولأول مرة تحدثه دون نبرتها العدائية المعتادة معه:
_ خدمة إيه
_ فيروز اختفت بقالها يومين، قلبنا عليها الدنيا مش عارفين نوصل لأي حاجة، محتاجلك تساعدني، بابا عمل كل حاجة حتى إنه بلغ البوليس وبعت رجالته في بيتها القديم وبرضه مالهاش أي أثر
وضع إحدى يديه في جيب بنطاله وبحدة رغماً عنه:
_ وليه تقولي اختفت، ما يمكن هربت
_ هاتهرب ليه، أنا فكرت كده فعلاً لكن أنا وبابا وعدناها إننا هانقف معاها وهانثبت كذب الناس دي واستغلالهم ليها
_ استغلالهم؟!
بتساؤل وتردد قالت أسيل:
_ هي فيروز ما حكتش ليك على اللي حصل
بانتباه شديد واهتمام تسائل قاسم مسرعًا:
_ إيه اللي حصل يا أسيل
ظهر التردد في عينيها، لكنه حثها برجاء:
_ قوليلي أرجوكِ إيه اللي ما عرفوش

_ جوز أمها وابنه وبنته تقريبًا اسمهم مروة ورامي، جم الفيلا عندنا وحاولوا يبتزوا فيروز بصور، هي الصور حقيقة لكنها كانت غصب عنها، رامي ده حكتلي إنه كان بيتحرش بيها وكان بيضايقها كتير لكنها كانت بتصدّه وبتسكت عشان مرض مامتها لحد ما توفت فهربت منه وجات لهنا، فجمعوا بالصور دي عايزين فلوس مقابل ليها عشان ما يفضحوش فيروز وبابا، لكن أنا وبابا ما صدقناش ده عنها، تفتكر ممكن تكون خافت نصدقهم ونكدبها فمشت، فيروز شافت ظلم كتير أوي.

كان كالتمثال، ونظرة ثابتة لنقطة ما وهمية، وكلماتها تتردد صداها بعقله، بمجرد ما انتهت أسيل لم تتلقَ منه إجابة، بل وجدته يركض حتى وصل لسيارته وبسرعة جنونية كان شارف على الوصول لمنزل أسيل، واسم رامي يتردد بعقله ذلك الاسم المدون في عقد الزواج.
وصل البناية القديمة ومن خلفه سيارة حراسته الذي أشار لهم بالوقوف على الباب ومنع خروج أو دخول أحد، وقف قاسم أمام باب الشقة طرق بقوة حتى فتح ذلك الشاب بملابسه الداخلية وصوته العالي:
_ إيه ياعم ما تصبر ياللي على الباب
ومباشرة ما انتبه رامي للواقف أمامه من هيئه مخالفة لسكان منطقته ووجه المخيف الحاد وحتى صوته القوي المتسائل:
_ انت رامي؟
ابتلع رامي ريقه بصعوبة والخوف ظهر على ملامحه وبتردد كبير حرك رأسه بنعم تكاد لا ترى لكن قاسم كان منتظرها، فبدون أي مقدمات ألقى رامي لكمة بأنفه ارتد برأسه للخلف حتى سقط على ظهره، دخل قاسم المنزل ودار بعينيه في المكان وجد ذلك الرجل الذي شهق بخوف:
_ في إيه يا بيه الواد ده هبب إيه، عملت إيه ياض الله يخربيتك
ومروة التي أتت من خلف والدها ووضعت يدها ضاربة على صدرها فور ما أدركت هوية الزائر
اندفع قاسم ممسكًا بملابسه بغضب عارم صارخًا بوجهه:
_ عملك أسود معايا، حظك المهبب وقعك في طريقي
ثم هزه بعنف، والآخر من خوفه لم يقاوم حتى رفع يده:
_ انت عارف أنا مين، أنا اللي بعتوله الهدية دي
ثم دفعه على الأرض مرة أخرى وحاول رامي أن يقوم فضربه قاسم بقدمه هادرًا به بإذلال:
_ اثبت ياض، مكانك هنا تحت رجلي
ثم أخرج ورقة الزواج العرفي أمام أعينهم التي اتسعت على آخرها برعب جلي، مسح رضا جبينه المتعرق وبلل شفتيه متلعثماً:
_ يا باشا
هدر قاسم بسطوة:
_ الورقة دي فيروز مضت عليها إمتى

نظروا لبعضهم البعض وخاصة لمروة، والخوف مسيطر عليهم جميعًا، صرخ قاسم بمروة بعينها حتى انتفضت مكانها:
_ انطقي يابت

كانت تعصر يديها ببعضها دون القدرة على اختلاق أي كذبة للنجاة، فحضوره مهيب والمفاجأة سيطرت على عقلها بتلعثم وخوف، قالت مروة:

_ فيروز كانت ماشية في إجراءات صرف علاج أمها على نفقة الدولة، أنا جبت لها ورق تمضي عليه ومن غير ما تاخد بالها مضت على ورقة فاضية في النص فانا شيلتها قولت يمكن احتاجها في
لم تكمل مروة آخر كلمتها ولم تدري من أين جاءت تلك الصفعات المتتالية القوية التي ورغم أنها تذوقت دمائها إلا أن الصفعات لم تنتهِ، وكل ما يتذكر ضربه لفيروز، يزداد ويزداد حتى سقطت أرضًا ولفها الدوار من قوة يده، فانحنى ومسك شعرها لفه على يده حتى كاد يقتلعها بين يديه،  ناعتها بالسباب المناسب لها غيظًا وغضبًا لم ينته، وهي تصرخ بعويل وخوف من ما يستطيع فعله رجل مثله، بل التفت لذلك الذي عاد ظهره للخلف خوفًا من ما سيطال منه من ذلك الوحش الضخم، وبمفاجأة وقوة ضربة قاسم أسفل بطنه جعله يصرخ كالنساء من شدة الألم صارخًا بوجه رامي بشر:
_ مش فرحان بنفسك وعامل ذكر، أنا بقي هاخليك لا تنفع راجل ولا ست
بتوسل أقرب للبكاء قال رامي:
_ والله يا باشا ارحمني
مسك قاسم رقبته بين يديه حتى احمر وجهه من اختناقه بوعيد همس في أذنه:
_ وأنت لسه شوفت حاجة خلي العياط ده بعدين حسابك معايا تقيل
ثم تركه يسعل واضعًا يده على رقبته يتحسسها رامي بألم، أما والده فاتراجع بخطواته للخلف وقبالة قاسم بعينيه الحمراء المشتعلة بالغضب يكاد يحرق الأرض وعروقه البارزة والغضب وكأنه لم يشفي غليله بعد، فتوسل بشدة:
_ أنا راجل كبير يا باشا مش حمل بهدلة، حقك عليا، بنت الـ&& دي قولتها بلاش وحذرتها احنا مش قدك يا باشا اعتقنا و ارحمنا

_ ومارحمتوهاش انتو ليه، ده انتو كل واحد فيكم استقوى عليها واستغل إنها لوحدها، ودلوقتي بقي استعدوا لدفع الحساب
ثم نظر لمروة الجاثية على الأرض بغض شديد:
_ إنتي بعتيلي الظرف ده مخصوص عشان عارفة هايكون مصير فيروز إيه، لكن اللي انتي ما تعرفيه ومحتاجه تفكري فيه كتير أوي هو مصيرك انتي تحت إيدي

بصعوبة شديدة ابتلعت مروة ريقها ونظراتها المتوجسة صوبت لعلها تستشف أي مما ينويه لهما، لكن ما راته ما جعل الرعب يسكن قلبها.

ضم قاسم شفتيه وغص بحلقة أنه فعل مثلهم، لم يختلف عنهم في شيء بل كان أحقرهم، فكما قالت فيروز هؤلاء يكرهونها وهي تعلم، أما هو، فالسعي دائمًا لإثبات حبه... ثم خذلها
شعر بنفسه يختنق فخرج من ذلك المكان المقيت بعد ما ألقى أوامره المشددة لحراسته أن هؤلاء القابعين بالداخل أصبحوا تحت رحمة قاسم عمران.


تعليقات