رواية منيفة الفصل السابع عشر بقلم فاطمه النعيمي
مَفَاتِيحُ الْأَسْرَارِ
كَمْ مِنَ الْأَسْرَارِ بَقِيَتْ
سِنِينَ طَوِيلَةً كَجُثَّةٍ مُكَفَّنَةٍ مَدْفُونَةٍ
فِي قُلُوبِ أَصْحَابِهَا؟
أَخَذُوهَا مَعَهُمْ حِينَ رَحَلُوا،
وَلَمْ يَعْرِفْ أَحَدٌ عَنْهَا شَيْئًا؛
لِأَنَّ تِلْكَ الْأَسْرَارَ
كَانَتْ سَيِّئَاتٍ اقْتَرَفَهَا الْعَبْدُ بِحَقِّ نَفْسِهِ أَمَامَ رَبِّهِ،
ثُمَّ تَابَ وَاسْتَغْفَرَ، فَسَتَرَهُ اللهُ.
لَكِنَّ الذُّنُوبَ لَيْسَتْ كَالسَّيِّئَاتِ؛
فَالذَّنْبُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَمَنْ حَوْلَهُ مِنَ النَّاسِ،
وَاللهُ رَبُّ النَّاسِ جَمِيعًا،
وَمِنْ أَسْمَائِهِ الْعَدْلُ:
يَسْتُرُ السَّيِّئَاتِ،
وَيَكْشِفُ الذُّنُوبَ.
وَأَعْظَمُ الذُّنُوبِ هِيَ الظُّلْمُ،
وَأَعْظَمُ الظُّلْمِ حِينَ يُعْتَدِي الْمُذْنِبُ
عَلَى إِنْسَانٍ يُحِبُّهُ اللهُ!
قَالَ أَحَدُ الصَّالِحِينَ
حِينَ سَأَلَهُ أَحَدُ طُلَّابِهِ:
"كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ أَعْرِفَ
الْإِنْسَانَ الَّذِي يُحِبُّهُ اللهُ؟"
فَقَالَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ:
"اللهُ كَرِيمٌ وَيُحِبُّ الْكَرِيمَ؛
فَالْكَرِيمُ قَرِيبٌ مِنَ اللهِ، قَرِيبٌ مِنَ النَّاسِ،
قَرِيبٌ مِنَ الْجَنَّةِ، بَعِيدٌ عَنِ النَّارِ".
وَمَفَاتِيحُ الْأَسْرَارِ كُلُّهَا بِيَدِ اللهِ؛
يَسْتُرُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ، وَيَكْشِفُ مِنْهَا
مَا يُرِيدُ.
مَهْمَا كَانَ الْإِنْسَانُ ذَكِيًّا وَيُتْقِنُ حِفْظَ أَسْرَارِهِ،
حِينَ يَشَاءُ اللهُ
يَكْشِفُ كُلَّ شَيْءٍ لِيَنَالَ الْمُذْنِبُ الْعِقَابَ
الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ.
____________
في اليوم الثاني
تم نقل عبدالله وعدنان الى الردهة
وذهب الجميع لرؤيتهما
ورغم ألم عظامهما المكسرة
لكنهما فرحا كثيرا لرؤية منيفة وحاتم
وأخبرتهما منيفة بما حصل
واخبرهما محمد بما حصل تلك الليلة
وجلس الجميع كأسرة واحدة
وكان مروان حاضرا بينهم
حيث ارسل محمد له رسالة مع شاب يعرفه كي يبلغه بحادث اخوه
وبقي مروان وحازم في المستشفى لرعاية المصابين
ورجع الجميع كلن الى بيته
وطلبت أمينة من حسنة ان تذهب معها لانها تشعر بوحشة حتى يخرج عدنان من المستشفى
والحقيقة كانت أمينة تريد منح أمها وحاتم بعض الخصوصية
بعد كل تلك المعانات
ورجع حاتم ومنيفة لبيتهم ليختليا ببعضهما
وحمدت منيفة ربها انه قد ازال عنها وعن اسرتها الغمة
أما على الطرف الآخر
وفي نفس اليوم
كان سواق الباصات الثلاثة مع باصاتهم
موجودين في المركز
عند الضهر
وارسل ضابط التحقيق
النقيب عيسى الكسار شرطي الى بيت منيفة
وقال له
-بلغ منيفة تجي هي وزوجها
گللها النقيب عيسى يريد تجين
حتى تشوفين الباصات وتعلميه
اي باص چنتي راكبة بيه
وأسالها تحب تجي معاك لو تجي بوحدها
بعد مدة يسيرة كانت منيفة تقف في الممر
هي وحاتم
خرج اليها النقيب وسلم عليها
وقال لها وهو يبتسم لها
-أم عبدالله
تعالي معانا حتى تشوفين الباصات
وخرجت منيفة وحاتم
مع الضابط
ونزلت وهي تمشي بجوار زوجها
خلف النقيب عيسى
الى ساحة خلف المركز
كانت تمشي منيفة وهي تنظر لتلك الباصات
وتتذكر تلك الايام المرة
حتى وصلت
وأشارت لأحد الباصات وقالت
-هذا الباص
فصعد النقيب للباص وقال
-تعالي شوفيني وين لگيتي الصرة
فصعدت للباص وهي تستعيد بذهنها
اشكال الناس الذين كانوا يجلسون
هنا في هذا الباص
قبل ذاك اليوم بسنتين ونصف تقريبا
رغم عدم وجود الكراسي لكنها تذكرتهم كلهم صاحب الدجاجات وتلك الام التي كانت تغطي طفلها بعبائتها خوفا من العين وابنتها جنبها تمسك صرة الثياب
حتى وصلت آخر الباص
كانت تلك الخسفات كلها كما هي
في بطانة الباص الداخلية
فجائت ووقفت عند تلك الخسفة
التي احدثها كوعها وقالت للضابط
- هاي هية شوف هشكل ردت ارجعها
ودفعت هاي الخشبة
ووكع عليا الصرار من هلمكان
حين نظر الضابط للأعلى
وجد خسفة اعلى من خسفة منيفة
فوضع اصابعه في خسفة منيفة
والقى سلسلة مفاتيحه في الخسفة
العليا فسقطت فوق مسند من الخشب
في وسط الخسفة
وحين دفع الضابط قطعة الخشب في
خسفة منيفة سقطت سلسلة المفاتيح فوق اصبعه
فسحبها ونظر لمنيفة وابتسم
وقال لها
-عفية عليچ مثلما وصفتي بالضبط
بس ترى الصرار فات من هينا من هاي الخسفة الفوگانية
ولمن دفعتي البطانة حت تگدرين تچلبين بالخشبة وترجعيها لمكانها
وگع الصرار على اصبعچ
هشكل مثلما صار بالمفاتيح
ولو ما انچ حاولتي تصلحين خسفة ايدچ جان ضل الصرار بهل مكان
عبن هذا المسند چان حاجزها
ولهل سبب ما وگعت لي جوا
هاي البطانة مثبتينها على ذني الخشبات الي داگيهن بالعرض
يلا نرجع وانتم ارجعو لبيتكم
حين نزل النقيب عيسى نظر لرقم الباص
ورجع النقيب لمكتبه وسألهم
- منو صاحب الباص الي رقمو كذا وكذا؟
نهض حمد
السائق الصامت وقال
-آني
قال النقيب له
-انت ابقى
والباجي خل يروحون لهلهم
خرج الرجال
أما حمد فقد تملكه الخوف وسال النقيب
بصوت مرتجف
-خير يخوي اني شمسوي؟
قال النقيب
-لاتخاف بس نحنا محتاجينك
انت عندك احد بالموصل؟
قال الرجل بوجل
-اي نعم ابن عمي عندو خان مال خشب بالفيصلية
وبيتو بالنبي يونس
قال له النقيب اترك عنوان ابن عمك عدنا وروح عندو ولاتطلع لربيعة
راح نحتاجك بشغلة بس الما نحتاجك انت تضل عند ابن عمك
يجوز اليوم نخلص ويجوز باجر
وخرج الرجل وهو لايصدق انه خرج
وركب النقيب سيارة الشرطة مع اربعة من رجال الشرطة
وانطلق الى مزرعة
برهان
حين وصل وجد النقيب أن
كواكب كانت قد خرجت قبله بساعة
استقبله برهان وادخله للبيت وفي سره
يشمأز من النقيب عيسى كلما تكلم
لا لسبب فقط لأن النقيب
حين يتكلم بلهجة اهل الريف
يشعر برهان ان من المعيب ان يتكلم رجل مثله له مثل هذا المنصب بلهجة ملتصقة بالجهلاء والفقراء
الأجلاف من اهل الريف
والذين كانت اعمالهم غالبا في الخدمة والفلاحة
وكل الاعمال غير السيادية
لم يستطع عقله ان يستوعب ابدا
إن قيمة الانسان بمدى أنسانيته فقط
حين جلس النقيب سأل برهان
-گدرتم تصلون احد من العمال
اجابه برهان قائلا
-طلعت كواكب قبل ساعة
وراحت على قرية گمرة
قريب هوني يمنا حتى تلتقي بأبو حسين
الي كان يجيبلنا العمال
وطولت معرف ليش تاخرت
قال النقيب
-ميخالف ننتظرها ممكن تجي معايا نفتر بالمزرعة
أريد اشوف المزرعة
عبن هسع راح اعرف على شنو ادور
كان النقيب متأكدا من تحليله شبه الدقيق عن ماحصل قبل ثلاث سنوات
وكان يريد ان يتصور سيناريو ماحصل حرفيا
وخرج الاثنان يتبعهما اربعة من الشرطة
قال برهان وقد وقفوا جميعا في حديقة القصر
-هاي الجهة الشرقي تمتد الى التلال وبعدها
تجي قرية زوينة
وكل هاي الارض مزروعة زيتون
تقريبا تطلع خمس دوانم
وهاي الجهة الشمالية كلها مزروعة فستق وخلفها غرف العمال تنتهي تقريبا قريب من قرية گمرة
وهاي الجهة الغربية كلها مزروعة برتقال ورمان وليمون
وتنتهي على حدود مزرعة أبو مهند
تطلع تقريبا عشر دوانم
هي بالأصل كانت ارض لجدي وقسمناها نحنا وبيت عمي
يعدما توفى جدي
وهاي الجهة القبلية تاركينها حدايق للقصر وتنتهي بالنهر تقريبا كلها اشجار غير مثمرة بس دائمة الخضرة
حبينا تصيرلنا غابة
وعدنا مرسى وبلمين بالنهر
واحد كبير للونسة هذا هو شوفو
والاخ للشغل بلم
زغير نوبات بعض العمال ينزلون يصيدون سمك ومرات انا انزل اصيد بهذا البلم
قال النقيب
-اريد اصل كل أطراف المزرعة
بسرعة أكو طريق عدل للسيارة
قال برهان
-اي اكو طبعا نحنا عدنا ابغال وحمير تجر عرباين
ننقل بيهن سماد ونجمع بيهن صناديق الثمار
والعمال ينقلون مي لغرفهم من النهر
فطبعا مهدنا طريق للعربانات
قال النقيب
-حيل زين
يلا أمشي معاي نركب السيارة
وانطلق النقيب حتى وصل نهاية المزرعة
شمالا عند غرف العمال
نزل ودار في الغرف وطرق ارض الغرف
بعامود من الخشب وجده هناك
ثم خرج من الغرف ودار حولها وهو يطرق بالعامود
على الأرض
وجد ان الارض صلبة جدا
التفت الى برهان وقال
-ليش مسوين غرف العمال بهل مكان البعيد
وتاركين كل هالمساحة فارغة بدون اشجار
أجابه برهان قائلا
-والدي قال أول ما زرع هاي الارض قبل حتى ما انولد انا يعني قبل خمسين سنة
كانت الاشجار بهل بقعة تصل لعمر معين وتموت
بوقتها جاب عمال وحفرو جوا الاشجار واكتشفو انو
بس تنزل شبرين ثلاثة تصل ارض صخرية
هالمنطقة كلها راس جبل صخري
فليش دا نتركها بدون فائدة عملناها غرف للعمال وترا هي ما كثير بعيدة
مابيها خمسميت متر عن النهر
بس المسافة كافية تخلينا مرتاحين من القلبالغ=الضجيج..
مال العمال
هاي الغرف كانت بيها عوائل
كل غرفة عيلة
بس بآخر فترة
بلشو يأذونا صارو كثار
العرب يتكاثرون مثل الارانب
بعدين جا كم واحد منهم
وطلب من الحجي يسمحلو حتى يبني غرفة أضافية لعيلتو
والحجي طبعا قبل
بس بالزور يلا قنعتو انو ما يقبل احد يبني
وقلتلو
اذا ماطلعتهم راح يسيطرون عالبستان
ونحنا عيلتنا كثير قليلين
يعني نحنا كلتنا ما نطلع ثمن رجال نصهم خارج البلد
انا عندي أخ هاجر من ثلاثين سنة ومستقر بلندن
أسمو حسام
وتزوج وعايش هناك هو طبيب
وعندو ثلث اولاد
وهينا بس انا وأبوية وأبو مهند
وبصراحة أنا خفت من العربان
وضليت سنين احاول اقنع الوالد يلا قنع
وجيت على هذولي العمال كلهم
طلعتهم وحررت البستان
سبحان الله قبلا ينفقد الحجي
يمكن بشهر اول ماخلص الموسم الصيفي
قال النقيب
-غريبة مزرعتكم صايرة بنص القرى العربية
ورغم هذا
أنا اتذكر لما جيت عليها وقت اختفاء الحجي ماكان بيها اي دمار مثل بقية المزارع
يعني محد نهبكم؟
أجاب برهان بقوله
-بصراحة هما ذولي العربان الي كانو يشتغلون عدنا
الي حمو البستان والقصر
من النهب وقت ثورة الشواف
وقفوا ودافعو عن القصر والبستان
ونحنا من القلائل الي ما تأذينا كثير
صح انهبت سيفات الحنطة
بس البستان والقصر سلم
نحنا بوقتها كنا خارج البلد
عند اخوية حسام
وبعدما طلعتهم من البستان
بقينا نتعامل مع ثنين من العرب
هما يجيبولنا عمال اشقد ما نحتاج
وايمت ما نحتاج
وهشكل خلصت من كثير أمور
أول شي
أمنت عالمزرعة لا فد يوم يحتلوها
ومثلما قلت لحضرتك نحنا كثير قلال
ثاني شي خلصت من مصرفهم
كانو يستنزفون ربع محصول الارض
صح كانو يزرعون هاي الأرض طماطة وخيال وباذنجان
وعايشين منها بس هم
كانوا ياكلون اكثر من ما يشتغلون
واكبر مصيبة عند العرب هي هاي النقطة
أنو ياكل اكثر من ما ينتج
طلعتهم وخليت احسن ثنين بيهم
خالد لان من لما كان عمرو 15 سنة وهو موجود عدنا
وشعبان رجال كبير وكثير فقير ومحترم
واتفقنا معاهم مايجيبون عوائلهم
ونحنا ننطيهم اسبوع مقابل سبوعين
يعني يشتغلون اسبوعين ويروحون لأهلهم سبوع
بمثل هاي الايام مانحتاج بس خالد وشعبان ،،
نظر النقيب الى برهان نظرة فاحصة
وقال له
-برهان انت تحب أبوك؟
قال برهان بصدق مطلق
-اشون ما احبو انا احب أبوية اكثر من روحي
مرات كثيرة اتمنى انو طلع وتزوج
وعايش مع زوجتو باي مكان
رغم اني لما توفت والدتي
هو راد يتزوج بوقتها انا زعلتو منو وبطل
قال له الضابط بحرص
-يابرهان انت لو ماطردت العمال
ولو قبلت ابوك يتزوج
چان هسع أبوك عايش بينكم
بس أنت سويت كلشي أذى أبوك بلا ما تتقصد
أنفعل برهان وقال بأستنكار
-أنا أنا والله أنا مستعد انام بالشارع ويرجع أبوية
وخنقته العبرات وقال
-أنا ماليا غيرو
أنا وحيد بهل دنيا حتى ولد الله ما طعاني
اخوية راح وعمل حياة لنفسو وعاش
ومحمد ابن عمي زت نفسو على ناس ما من مستواه
وانا انشلعت نفسي منو
ولو ما لخاطر الحجي
والله ولا كان رحت عليه اعزيه بموت عمي الله يرحمو
بس اريد اعرف حضرتك لأشنو وصلت
قال له النقيب
-أن شاء الله خلال يومين او ثلاثة
راح نعرف كلشي
منيفة انطتني مفتاح السر كلو
منيفة خدمتك خدمة عمرك كلو
يكفي انها حلت لغز كان مستحيل ينحل
ويابرهان كثير أكو اشياء بهل الحياة
أثمن من الفلوس
والجاه والمكانة الأجتماعية
ما مثل حب الناس واخلاصهم لكم
انت ما كنت موجود بالموصل وماشفت
اشلون اهل المال والجاه انسحلو بالشوارع
بس لأن ماكانو مثل حجي صادق
زارعين طيب بقلوب العالم
أنت تعرف شنو يعني فلاحين يقفون بوجه
موجة النهابة الي نهبو بيوت وقصور الاثرياء
يعني انو هما عاشو اسوء خمس ايام بحياتهم
يعني انو هما ضلو شايلين سلاحهم وواگفين حوالي المزرعة يحموها
وأنت گاعد بلندن مأمن على نفسك وحياتك
وأول مارجعت بدل ما تكافئهم رحت طردتهم من المكان الي يعملون بيه. وعايشين منو
لكن يابرهان الا جزاء الاحسان الا الاحسان
الله عاقبك على فعلك ذاك أسوء عقاب
رد برهان وقال بيأس
-بس والله الحجي دللهم طعاهم فلوس حتى كل واحد منم يبني بيت بقريتو وطلعو من عدنا راضين
سكت النقيب
لعلمه التام أن بعض البشر
لن يرى خطأه حتى لو دخل في عينه وفقئها
ونزل من تلك الارض المرتفعة
وذهبوا
شرقا عند التلال
نظر النقيب للنهر من هناك
وجد أن هذه المنطقة كأنها مصد للنهر حين تدخلها تيارات النهر تصطدم بالتلال ثم تشكل تيار دوامي لكنه غير مستمر
بمعنى
يدور الماء مع كل موجة ثم يتلاشى
يسميها عرب الموصل صوارة
وهي دليل ان المنطقة تلك عميقة جدا
ثم رجع وركب السيارة ورجع الى منطقة المرسى
حين وقف عند المرسى ونظر للنهر
هز راسه
وقال يكلم نفسه بصوت منخفض
-يعني كلشي ما كلفو سواها بسهولة
أنا اشون مافكرت بهل موضوع ورايح ادگگ بالگاع هناك
التفت الى برهان وقال
-اشم ريحة درچ بهل مكان وين مكانو
قال برهان
نحنا نشتري كل سنة من حقول الابقار والاغنام
سماد حيواني ونجيبو ونكومو
هنوك بهذيك الحفرة الي صايرة شرق المرسى بعد هاي الأشجار
والفلاحين يجيبون العربات تجرها الحمير
و ينقلون السماد من هوني لاي مكان يحتاجوه بالمزرعة
نزل النقيب من فوق الصخرة وقال
-وين حفرة السماد؟
أشار برهان وهو يمشي امام النقيب وهو يقول
-هنوك اغشع هوني هاي الحفرة شوية بعيدة عن البيت
عالمود غيحة=رائحة.... الدرچ= السماد
وقريبة من النهر
نرمي السماد هوني حتى اذا بيه حبوب يزرع قبلا ينقلوه للاشجار
((القصد انهم يضعون السماد الحيواني قريب من النهر
ويرشوه بالماء
كي يتشبع بالرطوبة فتنفلق الحبوب المخلوطة مع فضلات الحيوانات قبل نقله للأشجار تجنبا لانتشار النباتات الضارة حول الشجرة))
بهذه الاثناء دخلت سيارة كواكب من باب المزرعة
يقودها زوج الخادمة
فصعد الرجال باتجاه القصر
والتقى الجميع بكواكب امام القصر
سألها الضابط
-ها وين وصلتي
-قالت وهي في حالة ذهول
-نص عمالنا طلعو من القرى ما هاي القرى القريبة
لا لا اغلبهم كانو يجون علينا
من كل القرى
من حدود سوريا الى الشرقاط جنوب الموصل ناس توصي ناس وناس تعلم ناس انو اكو عدنا شغل
واكتشفت انو خالد وشعبان من قرية عين الحصان
من نواحي ربيعة
ايتسم النقيب وتنفس الصعداء
وضرب كف بكف لشدة انشراحه
وقال لنفسه
-هسع كملت الصورة
وركب سيارته ورجع للمركز
وارسل الى حمد يطلب حضوره
من النبي يونس
حين وصل حمد المركز سأله النقيب
-تعرف خالد وشعبان الي چانو يركبون معاك
وتوصلهم لجرية عين الحصان
رد الرجل بتذمر وقال
-اشلون ما اعرفهم
شعبان ماشفت منو شي
خوش رجل مسكين ومستور رايح بدربو وراجع بدربو
ضل يشتغل الا صار چبير وكبرو ويلادو وگعدوه وهما گامو يخدموه
بس هذا الچلب أبن الچلب خالد
سوا بينا سالفة ما أتسولف...
الله يسود وجهو أبن الچلب
ساله الضابط بفضول
-أش سوا احچي بلا ما تسكت
قال السائق حمد بحقد
-گبل ثلث سنين رجعت من الشغل ومثل كل يوم وگفت الباص جدام باب بيتنا بالجرية
چانت الدنيا مثل هيچ ايام
والناس نايمة ببيوتها
وآني تعبان وفتت ارتاح
واتعشى وانام حتى أگعد ثاني يوم من الفجر
على شغلي
بوكت من الليل سمعت چلبنا ينبح
آني جهالي زغار
ماعندي احد يطلع ايشوف الجلب ليش ينبح
والچلب چان چنو يكاون احد
طلعت والدنيا ليل هجست سوادة ورا الباص
صيحت منو هناك گول لا أذبحك
مارد عليا
فتت اركض وشلت القرمة ورجعت ركض
مالگيت احد دورت حوالي الباص وماشفت احد
گمت فتت واخذت فراش وفرشت بالباص ونمت
هجست أكو حواف يحوف الباص ايريد ايبوكو
خفت ينباگ الباص وهذا باب رزقي
ثاني يوم الصبح وصيت خال ويلادي..
يهد الگنطرة الي ابيتي ويسويلي باب چبير حتى افوت الباص لحوشي
تدري ياسيدي اني رجال معيشتي على هالباص يعني بعت گاع ابوية واشتريتو حتى اكد عليه
يعني اخاف عليه چثير
عاد وصيت خال الولد يهد الگنطرة
واني طلعت على شغلي
لمن رجعت تالي النهار لگيت خال الويلاد مفلش الگنطرة وفاتح درب للباص بس لسع ما ملحگ يبني الحايط
فوتت الباص لنص الحوش ونزلت
وتعشيت ونمت
بيتنا چان بذيچ الليلة دشت =بلا اسوار
بوكت من الليل طلعت للخلا
هجست سوادة بداخل الباص رديت هيدي هيدي واخذت القرمة وتعجبت ليش الچلب مانبح
وهو حس عليا وجا يريد ينهزم وضربتو
جت الضربة بضهرو
لمن وصلتو لگيتو الچلب ابن الچلب خالد الردي
ما فطس بس تصگط صار حطيطة=مشلول
كان النقيب يضحك وهو يسمع حمد السائق
واكمل الرجل كلامه قائلا
-التمت الناس علينا
وشالوه للمستشفى وطاب من صوابو
بس مثلما گلتلك تحطم
والعوارف ما وگعو عليا شي
عبن هو اعترف جدام الكل
انو چان جاي ايبوگ الباص
قال النقيب
-طبعا يكول هيچ اهون من غير مصيبة
واكمل الرجل كلامه قائلا
-وهم عبن هو تصوب بنص حوشي
وانت ابن عرب وتعرف
ان الحوش له حرمة
والحرامي الي ينذبح بداخل الحوش
مالوا دية
مو بس هذا اني خسرتو ودي الچلب عبن هالمجرم
زات لحم مسموم للچلب وذابحو
حلفت يمين الا اذبحو بدم الچلب
بس عاد العارفة وگع عليه ودي
وآني رجل مستور ماردت اكبر السالفة
وأنت تعرف اشكثر چبيرة ذبحة الچلب ودوسة البيت
لا والمصيبة عگبها بشهر
دز أبنو الخبل يريد يشتري الباص
گلتلو ما ابيع واذا ردت ابيعو فلا ابيعو لكم
هالحسود طلع چان حاط عينو عالباص
حاول يبوكو ماكدر رجع يريد يشتريه
وآني چنت متعجب اشلون يريد ايبوگ الباص يعني هذا باص وجريتهم صايرة يمنا يعني اول وتالي اني راح اشوف الباص اشلون عگل عندو
ضحك النقيب وقال له
-هو ماجان يريد الباص بعينو
هو چان عندو شي بالباص
هو مغبيه اغلى واثمن من الباص وچان يريدو بس ماعرف اشلون يصلو
قال له حمد
-بصلاة محمد عليك يا ابن الاجاويد اريد اعرف
هالچلب ابن الچلب اش جان مغبي بالباص
قال له النقيب
-مو هسع بعدين انت راح تسمع بالخبر
ونادى احد رجال الشرطة وقال لهم
تروح مع حمد وتسلمو الباص
وأنت يا حمد ماريد احد ايعرف
اني اش ردت منك اصبر بس لي باچر الضهر
وعود سوالف الي تريد تسولفو
كان ذلك النهار قد انتهى
وفي صباح اليوم التالي
وصل النقيب للمركز من الساعة السادسة صباحا
ونادى الشرطة وقال لهم
-تطلعون لجرية عين الحصان وتجيبولي خالد وشعبان
بس ماريد خالد يشوف شعبان ولا شعبان ايشوف خالد
تاخذون اربع سيارات
تروحون أول شي على شعبان
وتگضبوه وتحطوه بسيارة وادزوه للموصل وبعد نص ساعة
تشيلون خالد وتحطوه بسيارة وتجون
وانطلق الرجال في مهمتهم
قبل الضهر وصل شعبان للمركز
كان خائفاً يرتجف وهو يسأل الجميع
-آني شمسوي
وحين ادخلوه على النقيب عيسى
اجلسه ورحب به
قال له النقيب
-شعبان انت كلشي ما مسوي ولاتخاف من شي
اني اريد اعرف منك كلشي تعرفو عن خالد
رفيجك الي چنت تشتغل معاه بمزرعة صادق بيگ
فحكى شعبان للنقيب تاريخ حياة خالد من أول يوم له في الحياة حتى تلك اللحظة
لكن شعبان لم يكن يتكلم عن حقيقة خالد
التي لايعرفها الا خالد
بل عن مايعرفه هو عن خالد أمام الناس
قال شعبان
-والله ياسيادة الضابط
هالرجل طايح حظ
خطية عمرو كلو گضاه بالمرار
وصارت على راسو مصايب وحدة أكبر من الخ
والصحيح هو چثير خوش آدمي
ضليت اشتغل معاه چم سنة
وهو أبن جريتي مافرد يوم شفنا عليه شي
والصحيح هو مايستاهل كلشي صار بيه
چان يفزع للناس ويعاون ربعو
بس هو فاين حظ
اول شي لمن تجوز
چان فرد نوب زغير يمچن چان عمرو تسعطعش سنة
اخذ بنية چثير چانت حلوة
يعني صبرية چان للها صيت بالجمال
وچانت خوش أدمية
بس عاد يگولون الحلو مايكمل
حرمتو انهبت
محد ايعرف وين صارت ومنو نهبها
وصحيح أخوتها ضلو سنين يدورون عليها وأبد مالگو للها أثر
وحت مرة هجمو على خالد وتهموه انو ذابحها ودافنها بمكان
وگضبوه وضربوه بس أبد خالد ماجان لوا يد بهل سالفة
لكن أخوتها حلفو يمين أنو لو هي موجودة بهل الدنيا
چان وصلوها
سأله الضابط
-اشلون عرفتو انها نهبت؟
اكو شاب من جريتكم نهبها
لو نهبت من غير مكان
اجاب شعبان بقوله
-لا والله مانعرف نهبت منو او منو نهبها
الصحيح نمنا وگعدنا وهي ماكو
وما وگفت مصايب هالمسكين خالد
خطية يمچن عكب مانهبت حرمتو بسبوع لو بعشرة ايام
غرجت بنتو عمرها چان يمچن ثمن سنين لو عشرة
مدري
الناس لگو جثتها بالمي العصر
وهو طول النهار چان ايدور عليها مثل المجنون
وخطية ماضل عندو غير أبنو الزغير سعيد
يمچن چان أبن اربع سنين طفل زغير
وأمو عافتو ونهبت
واختو الي چانت تلعبو غرجت
يگولون عگلو مو شي نوبات يصرخ ويضري نفسو
ويگول أبوية ذبح أمي
لمن چان زغير جان أبوه يضربو عبن يسولف هشكل بس عاد لمن كبر شوية صار اهدأ من گبل
عگبها
گام خالد وتجوز حرمتو الثانية
بس هالحرمة خبلة
يومية تطلع تصيح بين الناس تگول خالد يريد يذبحني
نگللها ليش
تگول أبنو يگول أبوية ذبح أمي
ونوبات يگضبني من حلگي
وعيونو تصير حمرا عبالك يريد يخنگني
وهم الحرمة الله يستر عليها عگلها مو شي
انوب چان يريد يشتري باص من جرية يمنا اسمها جرية الطويلة
وتكاون مع أبو الباص
وضربو أبو الباص بضهرو وسگطو
وابو الباص تهمو تهمة شنيعة
گال جاي يريد ايبوگ الباص
وهو خطية حت مايعرف ايسوگ
هو چان جامعلو چم فلس من شغلو بمزرعة حجي صادق
وراد يشتري الباص ويحط عليه سايق ويعيش منو
رايح على حمد صاحب الباص ومتكاونين
وحمد ضربو طلقة جت بنص ضهرو وتصگط
وراها
كامت حرمتو وعافتو
دشرتو هو وجهالو
هو عبن خلف منها ثلث عجيات
وهو مصگط وضل على ادين عجياتو
وأبن صبرية حرمتو الناهبة
والله خوش ولد بس يطلع يشتغل
ويكد على أبوه وخواتو بس مدري اشلونو
لما ادحچ عليه تعرف عگلو مو تمام
وهسع عجياتو يجرجرنو ويزتنو جدام باب بيتو
نوبات الحاجتين تصير جواه الا يرجع ابنو من الشغل حتى ينظفو
يعني هالرجل المسكين طايح حظ والله
وهذا كل الي اعرفو عن خالد أبو سعيد
ابتسم الضابط لشعبان وقال له
-راح اخلي الشباب يوصلوك للكراج حتى ترجع لهلك
غمرت شعبان فرحة واستبشر
وشكر النقيب وخرج
وأوصلوه رجال الشرطة للگراج فعلا
وما أن خرج شعبان حتى
طلب النقيب منهم الرجوع للقرية واحضار
أبن خالد
بعد الضهر كان الولد يقف أمام النقيب يرتعد
سأله النقيب
انت ليش جنت تگول أبوك ذبح أمك
جفل الولد
وقال وهو يتمتم
-ما ما ما گلت
صرخ عليه النقيب قائلا
-گول الي تعرفو أبوك بعد مايطلع أبد من السجن
أبوك ذبح رجل چان معيشكم
فهو ابد ابد مايرجع
بكى الولد وقال
-هي گالتلي
قال النقيب
-منو هيا
قال الولد
-مهيا خيتي
چنت أبچي على أمي وكلما أگللها نادي أمي تشاورني وتگول أبوية ذبحها
وتالي مهيا هم غرجت
اتضحت الصورة أمام النقيب بكل تفاصيلها
أمر الشرطة ان يطلقوا سراح الشاب
وطلب منهم احضار خالد
________________
جاء رجال الشرطة
يحملون خالد واجلسوه امام النقيب
وهو خائف يكاد ان يبكي ويسأل الضابط
-ليش جايبيني واني بهل حال شتريدون مني
قال له النقيب وهو يضحك
-جايبينك حتى ننطيك الليرات والياقوت ومحبس حجي صادق الي چنت مغبيهن بالباص مال حمد
صعق خالد وهو يرى الضابط يضحك
وعرف ان قصته انكشفت لكنه كان يتوقع ان من كشف هذا الامر هو حمد السائق الذي قد يكون عثر على تلك الصرة وسلمها للشرطة
وبالتالي استطاعت الشرطة الوصول اليه
لكنه كان في حالة استسلام تااام
اطرق براسه وسكت
سأله الضابط قائلا
-بما أنو انكشفت القصة كلها
علمنا وين دفنت جثة المرحوم صادق البرهان واشلون قتلتو
احچيلنا السالفة كلها بلا ما اتعبنا ونتعبك
لأنك راح تحچي تحچي
انچان بكيفك لو غصبا عنك
وانت رجل مشلول ومريض فسولف الي صار احسنلك
بلا ما اخلي الولد يفوتوك جوا ويضلون يضربوك
الا يصگطون اديك هم
فسولف الي صار مثلما صار
وترى آني اعرف انت غرگت جثة الحجي بالفرا
فتح عينيه الغدار وسال النقيب برعب
-انتم لگيتو جثة حجي صادق
واشلون لگيتوه وأش ضل منو بعد كل هالوكت
قال الضابط
-يعني انت هم تتصور
أن الله چان غافل عن جريمتك؟!!!!
هم تتصور راح تضل هالجريمة مغبية وماراح تنكشف؟!!!
صحيح بوكتها ما چان اكو ولا دليل يوصلنا للحل
وچانت القضية مقفولة وماللها ولا مفتاح
لكن لمن ربك يريد ولحكمة مايعلمها الا هو
جاب المفتاح وحطو بيدي
ووصلتلك يا خالد
فأعترف بهدوء
واحچيلي السالفة من أولها
الى آخرها عبن كلشي انكشف
وانتهى
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم