رواية احفاد الثعلب الفصل الثامن عشر
" اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً ".
اللهم يا مسهل الشديد، ويا ملين الحديد، ويا منجز الوعيد، ويا من هو كل يوم في أمر جديد.
أخرجني من حلق الضيق الى أوسع الطريق، بك ادفع ما لا أطيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم رب لا تحجب دعوتي، ولا ترد مسألتي، ولا تدعني بحسرتي، ولا تكلني إلى حولي وقوتي، وارحم عجزي فقد ضاق صدري، وتاه فكري وتحيرت في أمري، وأنت العالم سبحانك بسري وجهري المالك لنفعي وضري القادر على تفريج كربي وتيسير عسري.
اللهم أحينا في الدنيا مؤمنين طائعين، وتوفنا مسلمين تائبين، اللهم ارحم تضرعنا بين يديك.
وقومنا إذا اعوججنا، وأعنا إذا استقمنا، وكن لنا ولا تكن علينا، اللهم نسألك يا غفور يا رحمن يا رحيم أن تفتح لأدعيتنا أبواب الإجابة، يا من إذا سأله المضطر أجاب، يا من يقول للشيء كن فيكون "
كان ذلك الدعاء المرافق للسانها في تضرعها دبر كل صلاة وفي جوف الليل في اليومان المتتاليين لتلك المكالمة التي جعلتها تقف على حقيقة بانت واقعية أمام عينيها !!
وهي أنها زوجته بحكم ذلك العقد الذي بينهما ، والذي يتضح أمام الجميع به بأنه مسلم ويتوافق مع ديانتها ، وبالتالي فأن ذلك العقد يتمتع بصحة قانونية يجب أن تأخذ في الاعتبار !!
والأهم ذاتياً لها من هذا بأنه مسلم ضل طريقة بسب خطأ والده الذي لم يحسن اختيار والدته من الاساس .. لهذا نهت تلك المكالمة بذلك القرار الذي خرج من داخلها عن طيب خاطر حين ذاك
مبقاش فيه اختيار | جدي وضعني في المكان اللي شايفني فيه هسد ، فیبقی لازم أعافر باذن الله وأنقذ رغبته عشان ربنا أولا وعشانه تالياً !!!
خرج قرارها الأكثر أهمية في حياتها وقد كان ... خرج للنور ولكن يداخلها المتألم يعلم جيداً بأنه ليس زوجها .. فالشرع والدين بحرمانه طالما نية زوجها لم تشهد بأن الله الله لا شريك له ، وأن محمد بن عبد الله رسوله الكريم وخاتم انبيائه .....
رجعت من شرودها لتنهض متحررة من جلستها على سجادة الصلاة براحة نفس تحتاج أن لتلمسها الآن في ذلك الوقت تحديداً لكي تستمد قوتها في مواجهة ذلك الأجنبي !!
نهضت باطمئنان وهي تتأخد قرارها الحاسم نصب عيناها بأنها ستحاول وستعافر بحياتها الأرجاعة الطريق الحق ، ولكن سيظل هو دائما غريباً عنها ولا يجوز له حتي أن يشاهد شئ من وجهها مستعينة بالله بأن يحفظها جملة وتفصيلا في جميع الأحوال ...
أرادت ان تغير وضعها في اليومان التي ظلت بهما ملازمة لهذه الغرفة بعد أن طمئنت والدتها و أخواتها بشأنها بالاتصالات المستمرة ... وفي ظل أيضا مراقبة تحركاته اليومية من نافذتها والتي يكون فيها صباحاً رجل أعمال نشيطاً بحلته السوداء الأنيقة الشبية بملك قلبها . ... وفي الليل زير النساء السكير الذي يبدوا من مغامراته بأنه الأشهر في سان فرانسيسكو بل في كاليفورنيا أجمع !!
ارادت اليوم أن تهبط للأسفل فهي أن تظل حبيسة تلك الغرفة للأبد .. أذا فلتهبط في غير موعد حضوره ولنعش حياتها كواقع يجب التسلم به ، متجنبه اياه إلى أن يأذن الله بغير ذلك .
استعدت بأسدالها وغطاء الوجة وهبطت بالفعل للأسفل تكمل اكتشافها للمكان متجنبه ذلك البار
وهذا الركن بنفور تام !!
استمر بها الحال إلى أن غابت عن حاضرها في تفحص بعض الكتب المخصصة في علم النفس والتي عثرت عليهم مصادفا بجانب أريكة مريحة جانبية في ذلك البهو .. إلي أن اقتحم خلونها صوت العجوز من خلفها مرددا باضطراب :
سيدتي لا يسمح لك بالتجول في الأسفل فمنذ مني وأنت هذا 15
التفت ترفع عينيها من وسط سطور ذلك الكتاب الموضوع بين راحة كفيها إليه بسنوات عمره
الكثيرة تتفحص ملامحه القلقة فهتفت على الفور بنيرة مطمئنة :
ليس بالوقت الكثير فلقد سئمت حقاً الجلوس في تلك الغرفة طوال الوقت لهذا أردت التجول بالأسفل ... و أطمئن فأنا لن ازعجك ، وأن أضرك أيضا عند سيدك فحين يأتي موعد قدومه سأغير على الفور لغرفتي ...
اجابها بنبرة خافته متعللة :
ولكن سيدي لو علما بالأمر سيغضب كثيراً .. وأنا لا أريد أغضابه .. فأرجوا أن تستسمحيه أولا !
هدفت بنبرة تهكمية شاردة بالعربية دون أدراك :
موت يا حمار !!!
تجمدت ملامحه مستغربا جملتها التي لم يفهم منها شيئ فهدف بعدم استيعاب :
-معذرة !!!
نهضت بيأس من جلستها تخطو من جانبه للأعلي وهي توضح له بلغته بنبرة خافتة متذمرة حزينة :
لم ولن يرضي ... ويبدوا انني سأظل حبيسة تلك الغرفة إلى وقت غير معلوم !
تطاطئ رأسه باستياء تقرار طفله القاسي مندهشا متي وأين تعلم قسوته تلك فهو من قاما
بتربيته ولم يزرع به شئ من هذا القبيل .
انتيها من شروده على تخطبها لذلك المكان الذي به فاستدار باتجاهها على الفور قائلا دون تفكير
- انتظري !
وكان كلمته كالسيف قطعت خطواتها في الحال ليظهر الاندهاش بتجلي على ملامح وجهها يصاحبه عينين مستفسرة أثناء استدارتها له ، جعلته يخرج صوته يتلعثم : وأن شاهدك ١٢
فابتسمت بسعادة من أسفل الغطاء المغزي جملته فاسرعت تهدف وهي مقبله باتجاهه تهلل كالطفلة التي تلقت ما يسرها :
- لا تخف وسأحترس جيدا غير أنني من هبطت بأرادتي ولا شأن لك بالأمر بتاناً ...
فرفع سبايته في وجهها على الفور قائلا بتحذير مؤكد يصاحبه التوجس من هيئتها :
والأهم لا علاقة لكي بما في المنزل من أغراض ولا تعبثي في أماكن الأشياء فسيدي يحب النظام كثيرا وبقاء الأشياء كما هي ...
خرجت أيماءة من راسها بالإيجاب فور الانتهاء من جملته مما اضطره بملامح وجه نافره بأن يقبلها بحيطة وحذر لهيئتها المريبة تلك ....
سيدي بعد بحث دام لعام كامل ... توصلنا بمن قاما باستيراد ذلك الأسد من جنوب أفريقيا... 1من ؟
شخص يدعي " إلى البنا "
تخيطته الحيرة فهذا اللقب العائلي مر عليه من قبل ولكن أين لا يعلم يبدوا أن الذاكرة تأثرت نتيجة كبر أعوام عمره لهذا طلب من أحد رجاله:
أترك لي تلك الورقة حتى استطيع أن أتذكر ذلك الاسم جيداً ؟!!!!
الي .... تلك الفتاة التي في بيتك ماذا تعني لك ؟!
خرجت هذا السؤال يتلجلح من فم جاك المرتبك ... مما أجبر " على " يرفع رأسه من انخفاضها الأمضاء بعض الأوراق - هاتفاً باقتضاب يصاحبه عدم استيعاب :
من تقصد !!
فهتف جاك بنفس حالته السابقة : تلك القناة التي تعيش في بيتك بلباسها الأسود !
فهم مقصده على الفور فهتف باقتضاب محير :
- ما علاقتك بها ؟!
تلون وجه جاك قائلا ينقي في عجالة : لا شيء .. ولكن مجرد سؤال لا أكثر ا
تمعن بنظراته له جيدا مردد بهدوء مخيف :
اها .. لا تعنيني في شئ ودعنا لكمل عملنا دون ذكر النساء في أوقات العمل ....
وأكمل تطلعاته للأوراق مرة أخرى قائلا بتهكم ذاتي " علي ما يبدوا لي أن تلك الفتاة مارست
حيلها الأنثوية على جاك المسكين ... فحقا كل النساء ملعونات ".
جال يترقب بجنون رؤيتها ثانيا منذ آخر لقاء وتلك الصورة العجيبة امام الغروب محفورة في ذاكرته للأبد ولا يعلم كيف ولماذا ؟!!
مرت الأيام على هذا
" على " كما هو بل كاد ينسي تماما وجودها !!
تقضي هنا نهارها في حديقة القصر أو يهوه بعد مغادرة ذلك القاسي مع ملاحظة ترقب ذلك
العجوز لها بريبة في كل وقت وكل حين ....
في صباح أحد الأيام قامت من فراشها منتفضة على أثر رئين هاتفها المجلجل في سكون الغرفة
التقطته بغير هدي واثر النعاس على وجهها ومحتل ذهنها مردده بصوت خفيض :
- السلام عليكم .....
هو في حد ينام الساعة دي يا ناس .....
أجابها الطرف الآخر يرد التحية على الفور تم هتف بصباح :
ابتسمت في نومها فالأن بات تعرف صاحبة الاتصال دون حتي النظر الشاشة الهاتف المعرفة جالسه على الفراش :
هويته .. فهذه شقيقتها والأقرب لسنوات عمرها " ندا " فهمت تهتف بمشاكسة أثناء اعتدلها
يا بنتي قولتلك مليون مرة و شوية حلوين أن النهار هنا عكسكم ...
حکت ندا راسها مردده بتذكر :
يا دي النيلة عليا وعلي الذكرة إللي أتمسحت بدري من حنة عيلة فصفص ....
ضحكت هنا دون سيطرة هاتفة من بينها :
- جوري حبيبتي دي نسمة بس أنت اللي ظلماها ...
أجابتها ندا بتهكم :
اه صح .. بتسهرنا لسته الصبح ومبتخلناش تنام و حسين يروح شغله مش مركز بفردة شراب
من كل لون ... وفي الآخر يرجع يلاقي سندوتش الجبنة هو .. هو غداة بعد ما كل يوم الأكل يتحرق كالعادة من قلة نومي وصراخها إللي مش مبطل ليل نهار .. وفي الآخر تقوليلي نسمة
امال لو مش نسمة كانت مشتنا متكهربين وبشعر منكوش أنا و باباها ....
انطلقت عدة ضحكات متواصلة من هنا لم تستطع توقفها ... فقالت ندا علي الفور بحنق : اضحكي يا أختي بكرة تجربي أنت وابن عمى المجهول الا من حق أنا مشفتش شكله لغاية دلوقتي !
تلك الجملة كفيلة بتوقف نوبة الضحك وبتغير مزاجها للنقيض قصمت دون أجابة . فعاودت
ندا جملتها مرة أخرى ... فهنفت مجيبه عليها على الفور بتلقائية دون تردد :
حدك .. شبه جدك !!
لم يصلها إلا عدة شهقات تعبر عن دهشة صاحبتها التي قالت بعدم استيعاب :
- انت بتقولي ايه ؟!
اخرجت " هنا " تنهيدة عميقة وهي تهتف باستسلام :
كله جدك يا ندا بس لون عليه خضراء ...
هنفت "ندا " على الفور بمشاكسة مرحة :
يا عم يا عم جدو مرة واحدة ... لا انا كده أبدل معاكي لأن سمسم جوزي طلعله كرش و ميقاش كيوت خالص ...
ضحكت متناسية همومها تسترسل حديث شقيقتها المازح :
أممهم ... أو لو ابية حسين سمعك .
انتقضت " تدا " على الفور من جلستها قائلة بأرتباك عند تطلعها حولها بريبة :
دا حسین ده سمبتيك طول بعرض ... و أمير قلبي ... وفارس بلاد الروم .. ولو عاوز الفرس كمان
مش هيضر يعني ....
امسكت احشائها بلا أدلى سيطرة على ضحكاتها قائلة وهي تلتقط انفاسها بصعوبة بالغة :
مش كان ظهر له كرش من شوية ومدش ينفع !
فتحدثت لدي بربية شديدة يصاحبها الخفوت :
بأ من نفسي يا زومبي ... المهم عرفت ليه مطنشانه ... برنسس آمريكا أكيد مسيطر علي وقتك كله ...
تملك الحزن من قلبها فتلاشت ابتسامتها مرددة بهدوء :
ليه ما أنا معاكم أهو ا
بس حسه أن عقلك من معنا وليكي حقك ... ما أنت أكثر واحده فينا مهوسه يجدك وطول عمرك بتدعي ربنا يرزقك بواحد شبه ... وأهو انحقق حلمك وأتجوزتي واحد زيه بالظبط ....
خرجت منها تلك الكلمة دون أدراك :
- شكليا بس !!
استعجبت لا فهتفت من الدهشة :
- قصدك ايه ١٢
اسرعت تصلح ما وقعت به دون قصد :
مش قصدي حاجه ... متخديش في بالك |
فهتفت تدا على الفور بفضول يأكلها :
طلب عاوزه صوره ليه
انتقض " هذا " من جلستها بجوار الفراش هاتفة بارتباك :
أنت بتقولي ايه !!
فقالت بترجي منتالي :
ربنا يحفظك يارب نفسي أشوفه .. وأقولك كمان صورته قصاد 100 صورة الجويرية هبعتهملك
من غير ما ترجيني في كل مرة قولتي أيه يا هنا ...
- قولت أنك هبله وربنا .. وهتوديني في داهية !!