رواية عشق لا يضاهي الفصل المائتان و السادس عشر 216 بقلم اسماء حميدة


 رواية عشق لا يضاهي الفصل المائتان و السادس عشر


لو لم يكن مالك حاضرا لكان ظافر قد أمطرهم بوابل من الكلمات الحادة كالسكاكين التي لا تعرف الرحمة لكن عيني الطفل المتوسلتين كانتا كقيد يحبس جموح لسانه.
وما إن خرج زيدن ومارلين من غرفة عدنان حتى اشتعلت وجنتاهما بخجل محموم كأنما لطخا بعصير التوت تحت شمس حارقة.
تهاوت رباطة جأش زيدن كبرج من ورق هش واندفع يتذمر بأنفاس متقطعة
من يظن نفسه ذلك الظافر! كيف يتجرأ على مخاطبتي بتلك النبرة أنا أكبر منه سنا وأكثر حكمة.
سارت مارلين بجانبه تمسك بكف مالك تشده بعيدا عن واقع أهانها وللحقيقة هي بالوقاحة التي تستحق ماقيل بينما الغضب أخذ يعصف في صدرها كإعصار مكتوم.
رمقت غرفة ظافر بنظرة لاذعة ثم لاحت على شفاهها ابتسامة باردة مشبعة بنوايا لا تعرف الصفح.
قالت مارلين بحقد
يبدو أن ابن عمك لا يدرك بعد من الذي سيضحك في النهاية.
قطب زيدن جبينه بدهشة مغلفة بالاستياء
ما الذي تعنينه
فردت بسخرية تقطر خبثا
ألم تسمع لقد أدخل تلك المرأة الصماء إلى هذا القصر مجددا .
تورد وجه زيدن بغتة كأنما كشف أمر يخجل من مجرد التفكير فيه لم يكن يجرؤ على الاعتراف علنا

بما في داخله... أجل فسيرين كانت آسرة بجمالها الذي يشبه القصائد المخبأة في عيون العابرين لكن إعاقتها كانت تشعره بأنها ناقصة وإن لم ينطق بذلك.
ربتت مارلين على ذراع زوجها وهمست بصوت يشبه زمجرة خافتة
لا تقلق سأجعله يندم على كل كلمة أهاننا بها اليوم.
ثم عضت على شفتها السفلى كمن يتحمل الجمر بيده منتظرا لحظة الانتقام وأضافت بصوت أجوف مشحون بالدهاء
ألا تعلم لتلك السيرين قلب يخفق لرجل آخر.
نظرت إلى زيدن بطرف عينها كأنها تقذف بقنبلة تنتظر انفجارها ثم أردفت
نعم... كانت تخفي الأمر لكنني اكتشفته بالصدفة ومنذ ذلك الحين وأنا أراقبها في صمت متلذذ لم أفصح به لأحد كنت أستمتع بمشاهدتها تغرق في وهمها أما الآن فقد آن أوان الحقيقة.
ثم تابعت بخفوت عميق
أتحرق شوقا لرؤية ملامح ظافر حين يدرك أن الفتاة التي أسكنها قصره... تحب سواه. وقتها فقط سيذوق طعم الهوان الذي ذقناه.
حين عاد ظافر إلى الغرفة وجدها غارقة في سكون ناعم تتوسده سيرين بكامل أنوثتها. كانت مستلقية فوق الفراش تتصفح كتابا بعينيها الهادئتين والضوء الخافت يتسلل من مصباح جانبي ليغزل حولها هالة
من رقة ناعسة وكأنها لوحة مرسومة في حلم ريفي تعانق السكون وتغوي الليل بنعومتها.
ألقى ظافر معطفه دون اكتراث كمن يخلع عبء يوم ثقيل. خلع ربطة عنقه برتابة ثم شرع في فك أزرار قميصه ببطء مدروس كأنما ينزع عن نفسه قشرة رجل الأعمال ليكشف عن رجل آخر أقل صرامة أكثر فضولا.
سألها بنبرة خفيضة وهو يقترب
ماذا أرادت أمي منك
نظرت إليه بعينين تائهتين في وهجت وما إن أدركت افتقاده للستر حتى أشاحت بوجهها كأنها خجلت من سحر لا يجب رؤيته.
قالت بصوت أقرب للهمس
ساد صمت ثقيل للحظة ثم تسلل ظافر نحوها كظل وهمس عند أذنها 
وهل وافقت
ردت دون تفكير بنبرة كبرياء وصدقا
لا... لا أريد بيع طفلي.
حين التفتت نحوه انحرفت شفتاها قليلا عن مسارهما ولامست عن غير قصد خده. حركة عابرة خاطفة لكنها صاعقة بما يكفي لتوقظ شيئا خامدا في صدره.
خفق قلبه دون إنذار ومد يده نحوها ورفعها بذراعه كأنها ريشة فوضعت يدها على صدره وقالت بجدية
أيمكنك أن تعدني بشيء
زفر ببطء وقال بتردد
لنتحدث عن ذلك لاحقا.
لكنها هزت رأسها بإصرار
لا... أريده الآن.
تجمد لوهلة ثم قال باستسلام
حسنا تفضلي.
ترددت
ثم نطقت بنبرة يكسوها التوجس
أريد أن أرى نوح في عطلة الغد.
رد كمن قطعت أنفاسه
لا.
صوته كان قاطعا حاسما.
لقد رأيته مؤخرا. ليس من الطبيعي أن
قاطعته بنظرة حائرة ونبرة تئن بالشوق
لكن من الطبيعي أن تشتاق الأم لطفلها. أفتقده كثيرا... كثيرا جدا. إذا لم يكن غدا فمتى أخبرني فقط... متى سأراه
لقد اعتادت أن تراوغه حتى يرضخ وقد تعلمت أين تضغط ومتى تصمت ومتى تتراجع خطوة لتتقدم خطوتين.
تراجعت للخلف كتهديد صامت بأن شيئا ما سيتوقف إن لم يرضخ لمطلبها.
وكما هو متوقع قال وهو يتشرب ملامحها بوله
بعد غد.
هزت رأسها علامة القبول وهمست
حسنا.
ابتلع ريقه وكأن كلماته المقبلة تحتاج إلى جرأة لم تتوفر بعد
وكيف ستشكرينني
نظرت إليه بدهشة
على ماذا
اقترب منها وهمس بخبث مشاكس
بدت الكلمات وكأنها خرجت من فم رجل يعرف تماما كيف يربك امرأة
وكيف يزرع خجلا في خدها ليقطفه بضحكة حينها أدركت تماما ما كان يفعله ابنها نوح حين يشاكسها وكأن المشهد يتكرر لكنه في قالب أكثر خطورة.
التقطت قصده فاحمر وجهها وقالت بصوت خافت كأنها تعترف بجريمة
لكنني لا أعرف كيف أفعل ذلك...
نظر إليها
بحنو نادر وابتسم كمعلم صبور
لا بأس... يمكنني أن أعلمك.
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1