رواية احفاد الثعلب الفصل الواحد والعشرون
دلها معا لذلك المصعد ما أن وعدها بشكل عام ... وعد لم يعلم مغزاه ولكنه سينفذه بقدر طاقته ...
بل فوق طاقته فهي أميرته ويجب عليه تلبية مطالبها !!
متعجبا من ذاته التي وقعت في غرام امرأة كان يخشاها في أولي لقائهم .. وطوال سنوات عمره النتيجة الفكرة السيئة التي يطرحها البعض عن أمثالها !!
لم تعلم ما أصابها حين خطت بقدميها المترددة لذلك المصعد ومشاهدة أطراف يداه تضغط على عدة مفاتيح الكترونية .. ليظهر أمام مقلتيها المتصدمة على الشاشة الإلكترونية رقم الطابق !!! "١٣٦"
أصابها الهلع وانتفض قلبها حتى بدأت تشك من كثرة انتفاضاته بأنه سيتوقف في الحال ويعلن استسلامه للسكينة الأبدية .. نعم سيفعلها ذلك المسكين نتيجة لخوفها الشديد بل نتيجة الفوبياها الجنونية بحد المرض .....
أغمضت عيناها بشدة وتشبئت براحة ذراعيها في أطار المصعد الداخلي منكمشة على ذاتها المرتجفة في أحد المقاعد المعدة للجلوس بداخله لعلو شأن راكبيه ....
بنظرات جاحظة تعجب منصدماً من حالتها التي تظهر من أعراضها الواضحة بأنها قوبيا حد الموت !!
هلع اليها هنها بتوجس وربية :
هل تعانين من فوبيا المصاعد والأماكن المرتفعة ؟!!
كان ذلك سؤاله الذي خرج دون مقدمات نتيجة القراءة حركات جسدها المهتزة ...
خرجت منها ايماءه بسيطة وهي ما تزال على حالتها .. فهتف سريعاً :
سأوقف المصعد في الحال .. وستصعد الدرج !!
لم تدرك في عز حالتها المرضية وتصورها لصعودها الدرج والنظر للأسفل من ذلك المكان المرتفع بأنها تحدثت ساخرة بالعربية عقب جملته بمثل عربي شهير :
من أتيل من سني إلا سيدي " .. سيني في حالي الله يسترك !!
صمتت لضبط ذاتها هاتفة بالإنجليزية بعدها بالرفض التام المقترحة .. لينصاع بقلة حيلة لما أمرت متجها بأرجل مترددة لمقعده يراقبها بحيطة شديدة حتى يتم لجدتها في الحال أذا لازم الأمر ...
بينما هي استعانت بالخالق في ظل تمتمتها بخفوت ذاتي جميع ما تتذكره من آيات قرآنية تحتها علي الصمود ومواجهة مخاوفها التي ظلت تعاني منهما منذ أن كانت طفلة ....
وما استعانت إلا بالقوي القادر علي كل شيء !!
مر بعض الوقت لم تشعر به في ظل انشغالها بتردد بعض الآيات ... ولكن بوادر الغثيان هو ما جعلها تتوقف مدركة ما تمر به مرة أخرى !!
يا الهي !!
كيف وغطاء وجهها و... و ذلك الغريب !!
اضطراب و قلق اصابها باريحية فوق حالتها النفسية القاتلة وهي تنهيئ شكلها الخارجي أثناء تقبلها !!
دعت الله أن يتمم ستره عليها في تلك المحنة التي لم تكن نادمة عليها ... فحتها كانت ستمر بذلك الموقف في يوم من الأيام .. ولكن ذلك الموقف سخي بكرمه كثيرا عليها بأدوره المائة
والست والثلاثون !!
لقد وصلنا !!
حمدا لله يا رب السموات والأرض والجبال !!
تلك اجابتها الوحيدة التي عبرت عن فرحتها في ظل شعورها بالغثيان ...
تركت ذلك الأطار ومن لم فتحت بتمهل جفنيها المغمضتين لتطلع لما يحوطها بتمعن ...
بعد برهة وعت لوقوفه أمامها مباشرة يترقب حركاتها اللأردية مبتسما !!
انتفضت من جلستها مبتعدة بعض الشيء رغم عدم ثباتها وشعورها الملاحق بالدوار ...
الحشرج صوته قائلاً باضطراب وهو يوجه كف يداه بإتجاة الممر : هيا .. هيا من هنا سيدتي !!
التبعته بعدم استيعاب وحالة الفتيان تسوء عن معدلها الطبيعي فاسرعت تهتف له بارتباك : أطلعني على غرفة محكمة وسانتظر بها حتى تنتهي ....
- أمرك سيدتي ... سأتوجه بك لأكثر غرفة يحوطها الأمان وعدم قدرة أحد على اقتحامها ...
قالها جاك بنيرة مطمئنة لداخلها حتى يتم تنفيذ وعده على أكمل وجه ... كي لا يخيب ظنها به في أول وعد بينهما ... متمنيا بأن لن يكون الأخير !!
اتجه بها بالفعل لمقر غرفة أدارة التحكم والمدير العام لذلك الصرح المهول ... ظنن منه بأنها الغرفة الأكثر أمان في المبنى بأكمله ولا يدلف اليها أحد إلا برقم سري خاص وبصمة عين .. هو يعلم الرقم السرى ومتاح له الدخول بها ببصمة عينه .. خاصة وأن " على " يحضر الآن الاجتماع مع وكيلة الشركة الأوروبية كما أخبرته أحدى طاقم السكرتارية ...
فتح الباب في ظل تعجبها من رؤية كل سبل التكنولوجية الحديثة أمامها ببساطة هكذا !
ولكن ليس هذا ما يسيطر على تفكيرها الآن ... فالأهم والمفيد بأنها دخلت غرفة هادئة ، جدابة . شاسعة ... ممتنه كل الامتنان بالبعد كل البعد عن ذلك الاجنبي القاسي !!
استأذنها جال للمغادرة على الفور الممارسة بعض الأعمال ... التي ظلتها خاصة بتوصيل بعض الطليبات التي جلبها من الخارج لمكاتب الموظفين بحكم عمله كسائق !!
راودها الشعور بالغثيان مرة أخري بل لم يتسرب من الاساس لديها ...
نهضت بوهن تشغل ذهنها باي شي حتى تنسى ذلك الشعور المقزز ....
تمعنت جيدا في المساحة الشاسعة والمكتب الفاخر وطاولة الاجتماعات الأكثر فخامة و ... هناك شهادات ضخمة معلقة !!
اقتربت بعض الشيء تدقق في الكلمات ومضمونها الذي لم تدركه عن بعد بسب حالتها ...
اقترب إلى أن تجمدت ملامحها وهي تستوعب بأنها شهادة تخرج من كلية الهندسة الإلكترونية ل .. ل .. علي البنا !!
و بجانبها رسالة ماجستير في الهندسة الإلكترونية أيضا أتمامها المدعو ع ... على البنا !!
التفت تنظر لكامل الغرفة مرة أخرى ولكن تلك المرة بعينان جاحظة تستوعب بصدمة جليه بأنها داخل غرفته هو ... دوناً عن باقي المبنى بأكمله !!
اصابها الهذيان وشعرت بقوتها المتبقية تنهار عند أقادمها كأنهيار أحد جبال الجليد ، خطت بأرجلها تهرول بغير هدي بإتجاة باب الغرفة للخروج منها فوزا قبل رؤيته والوقوع في ما تخشاه
وضعت يدها على مقبض الباب التنصت قبل فتحه مباشرة .. الأصوات اشخاص تقترب قادمون تجاهه من الخارج !!
وفتح الباب وتلف " على " بصحبة امرأة شقراء بطول وجسد مميز ترتدي حليه نسائية سوداء أسفلها قميص وردي اللون وبتنورة فوق الركبة بقليل مع حذائها الأسود العالي الرنان !!
جلست على أحد المقاعد أمام مكتبه في حين أستقل هو مقعده الرئيسي عليه .. منصت يلين لما تقوله :
مستر " الى " هذه لم تكن طريقة طرح و نقاش المستقبل شركتين لهما علامة تجارية كبرى کشركتك وشركتنا !!
أراح " علي " برأسه وظهره علي راحة المقعد من خلفه قائلا وهو مغمض العين باسترخاء : فعلاً .. ذهني ليس صافي اليوم لذلك الاجتماع الهام ...
تفاجأت بأجابته الصريحة ، فتغيرت نظراتها لنظرات شغف تتفحص هيئته ببطء باطنها الرغبة في الاقتراب !!
نهضت في ظل تفحصها له بهدوء من جلستها بأتجاهه ... إلى أن وصلت له قائلة وهي تضع راحة يدها لتتوغل في صدره باريحية :
دعني احسن مزاجك !!!
هذا جنون .. نعم بالفعل هو الجنون بعينه !!!
تلك كانت العبارة التي ظل يرددها رئيس مجلس الشيوخ الأمريكي بهذيان مطلق .. وهو يتذكر الآن فقط ذلك اللقب ....
أنه اللقب الذي ظل يدفعهم للنيل منه كأمثاله الأعوام كثيرة ... أنه لقب عالم الفيزياء المشهور " جلال البنا " الذي توفي منذ . نذ ما يقارب واحد وعشرين عاماً !! الآن تذكر ذلك اللقب جيداً في سنوات عمره المسنه .... ولكن ما علاقة جلال ب " الى " هذا !!!
يا إلهي !!
هل هو تشابه اسماء أم ... أم هو " كريس " ولده !!!
كفي تخريفا أيها العجوز ... أي كريس هذا .. وهو توفي مع والدته منذ ما يقارب الأربعة عشر عاماً
بل وتأكد من دقتهما بنفسه وأمام عينيه !! لأبد أنه يهذي الآن !
انتفض من جلسته على مقعده الضخم لذلك المكتب الذي يليق بمنصبه بغضب شديد !!
فعقلة يهدي في هذا العمر بالتأكيد ... ولكن مع هذا سيتحري عنه ويتأكد من الأمر بنفسه ....
ويا ويله أذا كان هو ... سيكون مصيره مثل أبيه ..!!
اسرع بالتوجة بجسده الضخم وعيناه الموحشتان والذي لم تغيره كبر سنوات عمره لذلك المكتب مرة أخرى يلتقط سماعة هاتفه يأمر الطرف الآخر بنيرة قاسية داخلها غضب مكبوت بسرعة الحضور إليه في الحال !!
حتماً تحلم .. نعم هي بالتأكيد تحلم !!
والدليل علي ذلك أن لديها دوار يتزايد وقد يكون هين لها ما تشاهده الآن !!
نعم فتلك المرأة لم ترواده عن نفسه وتهم بفتح أزرار قميصه العلوية ... وتستبيح كف يدها بأغراء داخل صدره العاري في ظل استرخانه و عدم نفوره للأمر .. و ....
وأين يحدث هذا ؟! في ذلك المكتب 11 ويا الكارثة الكبرى أمام أعينها !!
شعور بالتقزز أجتاحها ليكمل بداخلها مشاعر التطور التام لذلك الأجنبي المسمي بزوجها !!
لطفك بي يارب وما أشاهده فهذا تحديدا كثيرا على ويفوق طاقتي .. بل وسيؤدي بي الي النقي الآن دون رجوع 11
وها قد خرجت أولى أصوات التقى من جوف بطنها الهائجة دون أرادة من جانبها .. لتسرع بوضع راحة كفها على فمها تمنعه من الأزدياد بصعوبة بالغة !!
ذلك الصوت شعر به أذنه في الحال رغم ضعفة وكتمان أمره ... فهو دائما مهین بحواسه لاقتراب أحد أعدائه من حصنه .. ولكن هل وصل بهما الجرأة باقتحام غرفة مكتبه الأكثر أماناً في العالم
اسره بسب دعاء عقله في استخدام التكنولوجيا الحديثة ....
قبض بقوة على راحة يداها ليوقف تجولها أثناء فتح عينيه وتضيق حيزهما متفحص بتمعن دقيق لكل شئ بالغرفة .. حتى ثبت تفحصة على أحدى ستائر النوافذ المضمومة المتفاعلة مع
حركة ما خلفها !!
نقض يداها بعيدا عنه بقوة مخيفة سيطرة على جسده في ذلك الاثناء .. لينتج عن فعلته تراجع جسدها للخلف بعنف وتهوضة من مقعده رافعا كف يده في وجهها كعلامة تحذيرية بعدم النطق .. تخطاها بصمت بمقلتين مترقبة جيدا لحركة الستائر !!
والتي وصل أليها بعد ثواني معدودة يخطواته الواسعة نتيجة لطول جسده .. حينها ظهر له الصوت مرة ثانية بوضوح من خلفها .. فأتاح بيده تجمع الستائر الجانبي في ثواني معدودة ... ليتفاجئ بمؤخرة رأس مغطاة بوشاح أسود تميل دون تمهل عليه وصوت تفريغ جوفي عليف ينتشر على صدره !!