رواية عشق لا يضاهي الفصل المائتان والاربعون
ما إن لمح ظافر تلك الرسالة الغامضة حتى انتفض قلبه كطائر مذعور ومن ثم التقط هاتفه واتصل على الفور بالرقم الذي ظهر أمامه لكن الصمت وحده أجابه لا رنين سوى فراغ يبتلع صوته.
زفر بضيق كمن يحاول طرد هاجس ثقيل يتسلل إلى صدره ثم بانفعال مبطن بالعجز محا الرسالة وكأنها لم تكن وكأن محوها سيمحو معها رجفة القلق التي استوطنت روحه.
في تلك اللحظة كانت سيرين تتمدد فوق السرير غافية كزهرة بين دفتي حلم وحين عاد ظافر إلى القصر غمره دفء المشهد عندما دخل بخطوات مثقلة بأفكار متشابكة لكن رائحتها النائم بددت شيئا من اضطرابه وبعد أن غسل عن جسده أثر النهار في حمام طويل انزلق بجسده بجوارها وهو يمد ذراعيه إليها كما لو
كان يبحث عن ملاذه الأخير واحتواها بقوة صامتة. انحنى فوقها يسكب قبلاته هاربا يهرب من فكرة طارق وطفله أو كأنه يتحدى القدر بأن ينجب منها وحدها العالم كله.
أما سيرين المأخوذة بعاطفته المفاجئة لم تستطع صده فتركت نفسها بين أنيابه العاطفية مستسلمة كقطرة في محيطه.
مع بزوغ خيوط الفجر تسللت أشعة الشمس عبر الستائر فأفاقت سيرين على صوت الماء يتساقط في الحمام كأن المطر قرر أن يسكن جدران القصر.
نهضت وارتدت بملابسها المعتادة وتزودت بحقيبة صغيرة ألقتها على ظهرها تتهيأ لرحلة غير معلومة.
ولم يطل الوقت حتى خرج ظافر أكثر بساطة من أي وقت مضى مرتديا ثيابا غير رسمية تكسر صرامة حضوره المعتاد فبدا لأول مرة كأنه تجرد من عباءة
السلطة واستراح في جلد رجل عادي لكن بريق الغموض ما زال يسكن عينيه.
حين غادرا عتبة القصر كان الهواء البارد يلسع وجهيهما كرذاذ خفيف يتناوب بين المطر والثلج كهمس من السماء يوحي بما هو آت.
وقبل أن تستعد السيارة للانطلاق نحو قصر الغابة ارتجف الهاتف بين يدي ظافر وارتسم على الشاشة اسم دينا. للحظة انعكس في عينيه بريق ضجر ثم أغلق الخط ببرود متعمد.
لكن الصمت لم يدم طويلا إذ تبعته رسالة قصيرة كالخڼجر
ظافر أرجوك أجب لقد وقع أمر خطېر.
شعرت سيرين بأن الأرض تميد تحتها إذ لم يكن في خطتها أن تكشف دينا الآن كانت تنتظر لحظة حفل الافتتاح لتعري حقيقتها أمام الجميع لذا لم يخطر ببالها أن تبادر دينا بالھجوم بهذا التوقيت.
ترددت
ثم قالت له بجدية هادئة
أجبها لا بد أن الأمر جلل.
رن الهاتف من جديد فاستسلم ظافر هذه المرة كاكانت ادثة قصيرة مقتضبة كلمح البصر ثم أغلق الهاتف واستدار نحو سيرين قائلا بنبرة متوترة
هناك خلل في حفل الافتتاح علي أن أذهب فورا سألتحق بك إلى قصر الغابة متى انتهيت.
ابتسمت سيرين ببرود لم تعهده في نفسها من قبل لكن قلبها كان يشتعل پغضب صامت
وهل يحتاج خلل في حفل إلى حضور الرئيس بنفسه همست لنفسها ساخرة وهي تدرك أن الأمر لا يعدو كونها دينا.
قالت بصوت محايد يخفي العاصفة التي ټضرب أعماقها
حسنا سأكون أنا ونوح بانتظارك في قصر الغابة.
لكن في داخلها ترددت جملة صاخبة
هذه المرة لن أنتظرك أبدا.
كان وجهها يتوهج بضوء غامض وعيونها
تتلألأ كأنها تختزن بين جفونها بحارا من أسرار الليل ونجومه جمال استثنائي جعلها تبدو أقرب إلى كائن سماوي منه إلى امرأة ترهقها الخيبات.
اقترب ظافر فجأة يعانقها كما لو أراد أن يوقف الزمن عند تلك اللحظة فاتكأت برأسها على كتفه وفي سرها كانت تهيئ نفسها للرحيل الأبدي لذا لم تعد تشعر بوطأة جراحه السابقة ولا برودته التي كسرت روحها مرارا كانت تفكر فقط هذه المرة سأتركه إلى الأبد.
سيرين تمتم باسمها محاولا أن يضيف شيئا لكن الكلمات خانته كأنها عالقة في حلقه.
رفعت عينيها إلى السماء فإذا برقاقات من الثلج تتراقص في الهواء تنصهر مع قطرات المطر هابطة فوق الأكتاف فابتسمت سيرين بحنين طفولي
انظر يا ظافر إنها
تتساقط ثلوج.
تسللت بعض الرقاقات إلى كتفه تذوب بسرعة وتتحول إلى قطرات ماء باردة كأنها دموع الطبيعة.
نزع معطفه ولفه حول كتفيها بحنان وقال بصوت خاڤت
أراك لاحقا.
أومأت برأسها لكن داخلها كان ېصرخ لن تفعل.
ثم مضى بخطوات واثقة نحو سيارته تاركا قلبها يتشقق تحت المطر والثلج بينما انطلق هو نحو حفل الافتتاح وإلى حيث كانت دينا تنتظره.
بعد أن غادر استقلت سيرين سيارتها أيضا وتوجهت إلى قصر الغابة ولأنها حصلت على إذن ظافر لم يوقفها أحد عند البوابة.
أقيم حفل الافتتاح في مدينة السينما وفي الطريق نظر ظافر إلى صورة سيرين الشخصية وكتب عندما أعود لنقيم حفل زفاف مجددا!
كان على وشك
إرسالها عندما شعر أنها غير مناسبة بعد عدة تعديلات استقر أخيرا على انتظريني.
لم يستطع تفسير شعوره بالقلق اليوم ففي وقت سابق قالت دينا إن أحد المعجبين المتحمسين عاد إلى حفل الافتتاح مختبئا وأرسل لها رسائل ټهديد مدعيا أنه يريد قټلها.
بينما دينا التي كانت تريد فقط ذريعة لدعوة ظافر للمجيء لم تدرك أن نادر كان في الواقع قادم إلى المكان بدعوة من سيرين.
في سيارة فاخرة جلس الحارس الشخصي المكلف لكارم بجانب نادر. فشد نادر قبضتيه بقوة وهو يراقب دينا بالبث المباشر على هاتفه تستمتع بأضواء الإعلام وعيناه حمراوين من الڠضب
يتمتم بغيظ
إنها تعيش حياة مترفة الآن وتتمتع
بالشهرة والمال بينما هي ډمرت حياتي ولم تترك لي شيئا.
قال الحارس الشخصي بجانبه لهذا السبب يمنحك رئيسي هذه الفرصة. كيف تستغلها أعتقد أنك تعرف أكثر من أي شخص آخر كيف تحرج دينا وظافر معا!
لم يكن كارم يريد ټدمير دينا فحسب بل أراد أن يصبح ظافر أضحوكة عالمية أيضا.
ترى هل سيحدث نادر فرقا ومن صاحب الرسالة المجهولة وما سر توتر ظافر حالما وصلته الرسالة
والأهم هل ستتمكن سيرين من إكمال خطتطها