رواية عشق لا يضاهي الفصل المائتان والرابع والاربعون
تجمد ذهن ظافر كأن ريحا عاتية اقتلعت كل أفكاره يقول بصوت خافت يقطر قلقا
هل أرسل أحد للبحث عنهما
جاءه الرد مرتبكا
فتشنا كل مكان يا سيدي ولم نعثر على أثر.
شد ظافر على هاتفه حتى ابيضت أنامله في محاولة منه سحق اليأس المتسرب إلى قلبه وحين أغلق الخط التفت إلى السائق وألقى أمره ببرود جليدي لا يشبه العاصفة التي تضطرم بداخله
اضغط أسرع.
رد السائق مطيعا
أوامرك يا سيدي.
لكن ظافر لم يحتمل بطأه فطرده من المقعد في لحظة هادرة ثم احتل مكانه واضعا يده الثقيلة على المقود وضغط دواسة الوقود حتى صرخت إطارات السيارة على الأسفلت يقود كمن يطارد نفسه كمن يعلم
أن بضع دقائق قد تغير مجرى قدر بأكمله وعلى الطريق اتصل برجاله يصرخ كأسد جريح
ابحثوا عن سيرين فورا! وإن عجزتم فاعلموا أن الموت رفيقكم.
كانت عشرون دقيقة فقط تفصله عن قصر الغابة لكن كل ثانية امتدت كدهر يمضي وهو لم ييأس من الاتصال على هاتف سيرين والرد دائما صمت ينهش أعصابه احمرت عيناه من الغضب والرهبة كأن الدم يغلي فيهما بلا هوادة.
وأخيرا وصل فاندفع إلى الداخل كعاصفة تكسر الأبواب وهناك المربية المرتجفة سلمته ظرفا أنيقا وتقريرين طبيين عيناه التقطتا الرسالة أولا وبخط رشيق منمق قرأ
ظافر حين تقرأ هذه الكلمات سأكون قد غادرت المدينة لا تبحث عني أرجوك كلانا
يدرك أن لا حب بيننا فلماذا نواصل في إرهاق بعضنا أنت لم تحبني قط ولهذا لا ألومك ولا أحقد عليك كل ما في الأمر أنني اخترت الشخص الخطأ.
توقف قلبه عن النبض للحظة متسائلا بصوت داخلي مهتز
خطأ في الشخص من قصدت
ارتعشت يداه وهو يقلب بالأوراق وعيناه تلاحقان السطور التالية
قبل أن أغادر لا أريد أن أبقى في الظل أكثر صدقني أو لا أنا من أنقذت طارق والسيدة شادية في ذلك اليوم الدليل أمامك فحوص الدم أحدها لي والآخر لدينا فصيلة دم السيدة شادية هي O مثل فصيلتي أما دينا ففصيلتها A لذا لا يمكنها التبرع لوالدتك.
السطور الأخيرة نزلت كسيف مسموم
تحقق إن أردت لكنني لم أكذب
هذا كل شيء اعتن بنفسك وإلى اللقاء.
توقف بصره عند الكلمة الأخيرة إلى اللقاء بدت له كالطلقة الأخيرة في صدره حادة قاطعة بلا رجعة.
انهيار ظافر في تلك اللحظة لم يكن مجرد ضعف عابر بل كان أشبه بانفجار صامت لبركان ظل يتجمع في أعماقه لسنوات.
فحين انتهى من قراءة الرسالة تداعت قواه فجأة كأن الحروف قد نزفت من عروقه لا من الورق قبضت يداه لا شعوريا حتى كاد أن يمزق الورقة وحالما خفض بصره على الأرض لم يرى سوى فراغ يتسع بلا نهاية.
غرق عقله في دوامة مظلمة يضج داخله صدى سؤال واحد كيف خدعتني هكذا وللمرة الثانية لكنه لم يجد جوابا بل ظل قلبه يهدر بعنف كأن أحدهم يحاول
انتزاعه من صدره.