رواية احفاد الثعلب الفصل السادس والعشرون 26 بقلم شريهان سماحة


رواية احفاد الثعلب الفصل السادس والعشرون بقلم شريهان سماحة


صعد الدرج بصحبة تلك المرأة وعينيه لم تفارق باب غرفتها .. إلى أن مروا من أمامه بخطوات منقلة .. فترك الهمس الغزلي المتصنع يأخذ حريته في أذنها مع ثبات عينيه المراقبة عليه .. وهو لا يكذب إحساسه الجليل بما خلفة .....


تابع سيره إلى أن صدح صوتها بقوة من خلف ذلك الباب ليصدق توقعه بالفعل !


ولكن الغريب بالأمر أن صوتا عدنا بلغة جمال الكون هو ما خرج عنها !!


صوت لم يفسر معني كلماته .. ولا لغة موطنه ...


ولكنه أسقط عليه كأشد من الصاعقة الرعدية التي عرفت طريقها جيداً من جوف السماء القلبه مباشراً !!


تجرع ما في حنجرته ببطء ... تقلت بشدة خطواته ... و أرتجل عقلة .. وأقشعر بدنه .. ليستكين قلبه في نهاية الأمر براحة نفس لم يشعر بها من قبل !!


راحة تملكت من حجرات قليه المعتمة بنار الانتقام !


فأي مسكن هذا ! أم هو دواء طويل الأجل !!


اندهش متعجباً من حالته أو بمعنى أدق من تلك الكلمات التي يجهل حتى هويتها .. ولكن يعلم جيدا بعد أن لمست ويتن قلبة ، بأنها العلاج الأمثل لذلك القلق والأضطراب والخوف وجميع الحالات النفسية التي تصيبه في أغلب الأوقات ...


انقطع أوصال فكره المنذهل على صوت قفل باب غرفته من خلفه، من قبل تلك المرأة الذي. أنتفض قلبها من أثر تلك الكلمات أيضا ولكنها داخلياً تعاند ذلك الشعور ...


اقتربت منه بابتسامة مصطنعة تعيد بها حالتها من قبل تلك الكلمات - مدت يديها لتشرع في فك أزرار قميصه ببطء ... مع شروده مره أخري في تلك الكلمات بواقع لغتها العجيبة في أذنه ...


ونسيم عبقها علي جسده ... فألان تذكر مثيلها جيدا ...


أنها نفس كلمات والده الذي رددها بصوت شبية لصوتها من أحدي الكتب في السنوات الأخيرة المعاشرته ...


انتفض قليه بدقاته العنيفة حين تذكر تلك الذكرى ليعيشها الآن في ذلك الوقت على يدها هي فقط !!


وعي من شروده بنشوته المريحة على ازاحة قميصه نهائيا من على جسده .. فجحظت عيناه المصوبة على تلك المرأة بملابسها العارية .. كأنه بدأ بقيق الآن من حالته المغبية وبدأ بالفعل يشعر بوجودها الجسدي منذ اصطحابها من النادي الليلي ...


في أقل من الثانية مد يده بقبضة عليفة يوقف بها يدها المتوغلة في تقاسيم صدره البارزة .... قبضة جعلت قلبها السكير بضرباته الهائجة يعلن استسلامه لهالياً من وقع كلمات " هنا " عليه من قبل ومن ثم حالته المخيفة تلك ....


التفرع بمعالم وجهها المضطرية من قوله التهجمي :


أغربي عن وجهي الآن .. وأتركيني وشأني .....


لم تنتظر من حالته الوحشية تلك .. أن ينتهي من جملته التفر هاريه من أمامه في الحال عائدة من حيث أنت ....

ليسقط في الحال يجسده على الفراش بانتفاضة قوية جعلت الفراش الوتير من حوله ينتفض من ثباته وهو يتذكر ذلك الحنين الأباه .. مع تلك الكلمات وذلك الصوت العذب ... كأنهم بات بتجمعهم ذاك كمدفع حربي مصوب بذخيرته الحية باتجاه قلبه المرتجف وعقله المتخبط في أن واحد !!


ظل يتقلب بجسده عن اليمين وعن الشمال ، لم يزورة النوم تلك الليلة نهائيا .. بل ظل من الفراش النافذة غرفته بقلق غريب سيطر على حواسه كليا ، ولم يعلم بأي وسيلة كيف يبعده ....


إلى أن أشرقت الشمس لتتسلل بأشاعتها الذهبية من نافذة غرفته المفتوحة .. لتسلط الضوء على صدره العاري ... فأنتصب واقفا من جلسته يمحي براحة يده معالم الأرق من على صفحة وجهه .. متوجها للحمام المرافق للغرفة ينعم باستحمام بارد تم ارتداء ملابسة الرياضية والمغادرة للممارسة رياضته المفضلة " المشي أقرب للركض " حتى يفرغ شحنات صدره المكتظة !!


في ظل ثباتها الوهمي في فراش غرفتها شعرت بخروجه في الصباح الباكر كحال كل صباح باكر ، وعودته مرة أخري منه ، لتشعر بعدها بعدة دقائق بمغادرته للقصر مرة أخري ، فعلي ما يبدوا أن تلك المرة للعمل ....


نهضت بوهن وعدم تركيز من فراشها .. قد يرجح حالتها تلك لعدم نومها في هذه الليلة بتاتاً ... وكيف يزورها النوم ويأخذ أريحيته بعد تلك اللحظات العصيبة التي مرت عليها بالأمس !!


على ذكر الأمس فهذا إلى ذلك الحد يكفي .. يكفي جيدا لتعلن عن تستسلامها وخسارتها أمام ذلك المدعوا بالاجنبي ... فهي حقا كانت ترغب في تحقيق ما خطط له الجد دون أن يفصح لها به ... ولكن بلغة الأرواح المحبة تشعر به وبما يرغبه .. يرغب بحفيد مسلم في أراضي بلاده المصرية العربية ...


ولكن البعض منا يحلم ولا يحقق حلمة !!


بل أكثرنا كذلك !!


وهذا قدره وقدرها وقدر الأجنبي .. وهي غير نادمه على ذلك القرار الذي أتخذته منذ البداية وذلك القدر الآن ...


إذا عند هذا القدر فلقد حان وقت الرحيل !!


ويجب علي العجوز مساعدتها حتى تخرج من ذلك القصر بلا رجعه !!


فهي أن تشرك جدها شاكر في ذلك الأمر وتطلب مساعدته كما أخبرها من قبل .. في "علي " حتما سيقتله بسطوته تلك بلا تردد ... أما العجوز فهو يحمل له ما يجعله يعفوا عنه !!


أكملت سيرها بخطوات مثقلة في باطن صاحبها الحزن والقهر ... إلى أن استبدلت ملابسها وجلبت غطاء وجهها متجهة إلى وجهتها التي باتت متيقته بأنها الحل الأمثل والوحيد أمامها


" معذرة الدواء الآن بات تحصیل حاصل ... فحالتك تتراجع والمرض تفحش في الرأس بشدة "


لم يعلم لما لا تغادر تلك الجملة ذهنه منذ شهر مضى ولكن اليوم تملكته أكثر من ذي قبل ... قد يبدوا بأن حالته المرضية الواهنة الآن في الفراش هي السبب !!


تلك الجملة التي رددها الطبيب المختص في حالته على مسامعه بنيرة أسفة ، أثناء الاستنجاد به الإعطائه دواء أكثر فاعلية عما لديه ....


تقين حينها أن موعد الرحيل قد اقترب ... وأن الموت يطرق أبوابه بعنف !!


لماذا لا يفرض على الطبيب قبل أن يعطي دوانه ، بأن يكون ملاك رحمة ، وبيت المرضاه أمل للشفاء حتي لو كان كله أمل مزيف !!


ابتسم بتهكم وهو يحدث ذاته المتألمة بشدة بأنه حتى لو أعطاه ذلك الأمل ليعيش به ، فحتما سیزوره الموت فجأة دون أن يستعد ويتهيئ له ...


فكلا الحالاتين سيأتي سيأتي !!


الخوف الآن كما يعتقد ليس من الموت فهو مرحلة اللا شعور عندما تفصل عن هذا العالم لتدخل عالم آخر مجهول معالمه ....


الأهم هو " الي" قطعة قلبه حين يعلم !!


فكل مقاومته لذلك المرض و جهوده القاتلة لعدم اظهار اعراضه المؤلمة، بل وتلك الابتسامة التي لم تفارق ثغره رغم تفشي المرض كانت من أجل عدم معرفته وبالتالي ظهور حزنه !!


ولكن اليوم تحديداً لن يستطيع اقتناص تلك الشخصية .. فالمرض أشتد وبلغ منه حد النخاع ... ليشعر الآن بأنه بات عليه أن يخضع ويعترف لهم بل ويوديعهم !!

تطلعت بنظراتها الحائرة تبحث عنه في كل مكان فلم تجده ... فاسرعت الخطى بإتجاه غرفة


الطعام خشية أعمائته المتكررة ...


ولكنها لم تجده !!


حتي الحديقة التي تطلعت لها من أحدى النوافذ لا يوجد بها أحد أيضا !!


فأين يكون لقد بلغ منها القلق حقاً !!


روض حيرتها المتصاعدة فكرها المنشغل حين أتجهت صوب أحدى الغرف والتي علمت من قبل بأنها غرفته ....


تملكها الاندهاش حين استجاب يصوته لطراقتها الهادئة على بابها .. فولجت في الحال. بأضطراب شديد من حالة صوته الواهنة .....


فشاهدت ما صدق اضطرابها حين رأته مصفر الوجه ... ضعيف البنية ... ولا يفرق بينه وبين الفراش من حوله ... منذ متى أصبح بهذا الشكل !!


نعم تلاحظ تغيرات جسده كل حين، ولكن باتت الآن تلاحظها في كل يوم عن اليوم السابق له !! انطلقت باتجاهه تردد بهلع جلي :


ما بك أيها العجوز !!


بنظرات واهنه تطلع لمن تعاني أكثر منه ... هو يعلم ويشعر بها جيدا .. حتى حالتها في الليل القريب تعبر عما تمر به .. ود لو المرض اعتقه لو القليل ليصعد للاطمئنان عليها ... ولكن ... ولكن !


تلك الكلمة كفيلة لايقاف شروده ... ليهتف بقلق يوجه مات صاحبه من شدة الألم رغم مسكناته : أخبريني ما بك أنت أولا .. صوتك الصادح بالامس .. وحالتك المضطربة ... ليس بعادتك يا فتاة


سؤاله إربكها لدرجة أنه تغاضت عن سؤالها الذي سبق سؤاله .. فركت راحة يدها اللاتي يكسوهما القفزات السوداء ببعضهما في حالة توترية تسيطر عليها وقد تكون فريدة من نوعها ....


إلا أن العجوز رغم حالته المودعة ردد سؤاله مرة أخرى قائلا : هناك حديثاً علي طرف لسانك / هيا أخبريني به !!


تجرعت حنجرتها بارتباك أشد ... وبغير وعي فقدت قدرتها على التحكم بعينها وأنسابت دموعها بالفعل من خلف غطاء الوجة وهي تردد بنفس متألمة : - لقد أكتفيت حقاً وأريد أن أغادر ذلك القصر للأبد ، وأنت من ستساعدني !!


جحظت مقلتي العجوز الذي قضي عليهما المرض كما قضي على باقي أعضاء جسده بالمثل ... محدنا ذاته بغير هدى ....


لا الا ليس الآن فمن سيبقي معه الإزاحة حزن قلبه في غيابي ولهيب انتقامة العتيق ! بل ليس الآن في ذلك الوقت الذي احتضر فيه !!


إلا أنه رغم ألمه وسوء حالته وجزئه على طفله البالغ ، تذكر عند سماع أنينها الخافت حقها كأي فتاة ....


فهدأ حاله في الحال معاتباً ذاته الإنجرافها وراء عاطفته ونسيها هي من بين أطراف معادلته ...


فأطلق تنهيدة عميقة يعبر بها عن كل ما يمر به في ذلك الوقت ... فخرج صوته مستسلماً قائلاً با جهاد بالغ :


- لك ما تشائين ؟!


فاردفت من بين دموعها :


أريدك أن تفتح لي بوابة ذلك القصر الخارجية ! وأن كان هذا سيسبب لك المتاعب سأترك له رساله تفيد بأنه لا شأنك لك فيما فعلت ....


انتقض قلبه بأخر دقات عنيفة له على تلك الأرض ... إلا أنه تماسك بقوة مزيفة وهو يمد يده المرتجفة في الحال أسفل وسادته ليخرجها بعد أن عثرت علي غايتها بإتجاهها وهي تحمل بمفتاح ما ... قائلا بخفوت شديد :


ذلك هو كل ما تحتاجيته لتعطيل نظام البوابة الإلكتروني ... أنه مفتاح للوحة التحكم الرئيسية بكل شئ إلكتروني في ذلك القصر .....


مدت يدها المرتبكة بإتجاة راحة يداه التي تحمل وسيلتها للخلاص من ذلك الأمريكي ... فالتقطه في الحال ... لتتفاجئ بخروج صوته المجهد مستأنفاً حديثه :


ولكن هناك ما أحتاج قوله قبل أن ترحلين !!


رفعت وجهها ينظرات فضولية تحته على استكمال حديثه ... فخرج صوته بعد وقت قصير استعاد به بعض المجهود المتسرب لاستكمال حديثه : النا .. مريض بورم رأسي !!!


شهقه مفاجئة هي ما خرجت منها حين نفضت يدها الحاملة بذلك المفتاح بارتعاش ليسقط

تلقائيا من بين أطرافها ، يصدح صوت ارتطامه بأرض الغرفة عالياً ليسيطر بذلك الصوت علي سكون الغرفة بأكملها ....


ليسترسل حديثه ثانياً بتلعثم مؤلم أطلق له العنان بعد معرفتها :


بل و... و... حالتي المرضية في الحضيض منذ فترة زمنية ... رجاء لا تتركيه وحيدا من بعدي !!


هزت راسها بنفي والصدمة تعتليها وتتملك منها ليغزوها الحزن فوق ما بداخلها ، واضعه راحة يدها فوق فمها بعدم تصديق .. إلا أن حالتها تصاعدت للقصوى عندما غزا صوت تعلم صاحبه جيداً من خلفها يردد باندهاش جلي :


لماذا لم تخبرني أيها العجوز !!!

الفصل السابع والعشرون من هنا
 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1