رواية ناي نوح الفصل السادس والعشرون بقلم ايلا
ريان//
كنت بفكر في طريقة ننقذ بيها ناي في نفس الوقت اللي قرب فيه صقر و هبط على الأرض قدامنا.
بصتله باستغراب، أول مرة أشوف صقر بري بالقرب دا، تسائلت في نفسي عن سبب وجوده بس تسائلاتي مدامتش كتير لما الصقر جسمه بدأ يكبر فجأة، الريش اختفى و الأجنحة بقت...دراعات؟!!
الصقر خلال لحظة ا...اتحول لبني آدم!
نط ليث جمبي بخوف و أنا استعذت بالله من الشيطان على أمل إنه يختفي بس مختفاش!
قرب منا و اتكلم:
_أظن إن الوقت جه عشان تدخلوا!
تبادلنا أنا و ليث نظرة مستفهمة سريعة قبل ما نرجع نبصله تاني عشان يتكلم ليث:
_نتدخل فين؟ انت مين أصلاً؟!
_هحكيلكم كل حاجة بعدين، أما دلوقتي لازم نلحقهم، استخدم قدرتك بسرعة أنا عارف مكانهم.
_________________
ناي//
خيرني...فاخترت.....اخترت أروح معاه مع إني معرفهوش....اخترت طريق نهايته مجهولة...حل نتايجه مش مضمونة....اخترت ألحق بابا....و أنقذ عيلتنا مهما حصل!
كان شايلني و ماشي بيا لما فجأة لقينا وابل من الرصاص متوجه ناحيتنا، وطى على الأرض و غطاني بجسمه، كنت حاسة بالرصاص بيعدي قريب جدا من ودني، و سائل أحمر، ثخين بدأ يزحف على دراعي الشمال، بدأت عيوني تتهز بخوف، لو فضلنا أكتر من كدا هيموت!
"لما تحسي بالخوف، غمضي عيونك جامد، عدي لتلاتة و لما تفتحيهم تاني...هتلاقي كل الحاجات اللي بتخوف اختفت."
افتكرت كلمات ماما اللي كانت بتقولهالي و أنا صغيرة زمان لما كنت بخاف من الضلمة و أقعد أصرخ و أعيط عشان كنت فاكرة إن ضل الشماعة اللي ورا الباب عفريت!
مكنتش أعرف ساعتها إن في حاجات بتخوف أكتر بكتير من الضلمة...حاجات لما أغمض عيوني مش هتختفي...حاجات زي.. صوت الرصاص، زي لون الدم، زي ريحة...الموت!
كنت عارفة إن خلاص مفيش فايدة و إن مفيش بإيدينا حاجة نعملها و مع ذلك أنا وثقت في كلمات ماما...
غمضت عيوني جامد..
و عديت براحة...
واحد...
لسه ضرب الرصاص شغال
اتنين...
بدأت أحس إن جسمي اختفى وزنه فجأة...
تلاتة...
اختفى صوت ضرب النار، أكيد...مُت!
فجأة سمعت صوته القلقان بينادي عليا:
_غزال..غزاال، انتِ كويسة؟!
فتحت عيوني براحة و كانت الصدمة لما شفتهم كلهم ملموين حولينا...
كانوا سهى و زين و سهيل و ريان و...خلينا نقول حوالي خمس وشوش جديدة معرفهاش!
منهم بنت كانت شبه الولد اللي لحقني بالظبط، نفس العيون و نفس الملامح، قربت منه بسرعة و هي بتصرخ:
_كنااان!
وطى راجل غريب و بدأ يحس نبضه قبل ما يقف و يتكلم:
_لسه عايش، محتاجين نروح المستشفى بسرعة.
رد عليه شاب شعره نصه أبيض و النص التاني أسود:
_لا، المستشفى مش هتقدر تساعدهم.... لازم ناخدهم لمكاني!
ضيقت حواجبي بحيرة، ليه بيتكلم بصيغة الجمع مع إني متصابتش معاه؟!
و عرفت الإجابة لما فجأة قرب مني ريان و هو بينط على رجل واحدة:
_ناي، انتِ كويسة؟!
بصيت لرجله و كتافه اللي ملفوف عليهم هدوم و مليانين دم قبل ما أتلكم بفزع:
_ا..انت اللي كويس؟!
حاول يقف على رجله المتصابة فتأوه بألم و وقع على الأرض جمبي قبل ما يتكلم:
_م..معتقدش!
صرخت فيهم بسرعة بخوف:
_مستنيين ايه؟ لازم نلحقهم بسرعة!
بص الولد اللي شعره مقسوم نصين لواحد منهم و اتكلم:
_هتقدر تنقلهم؟!
بلع ريقه قبل ما يرد بقلق:
_م..مش عارف، المكان بعيد جداً!
طبطب على كتفه بتشجيع و اتكلم:
_انت عملتها قبل كدا يا ليث، أنا واثق فيك، خدهم هناك و لما يتحسنوا تعالى ورانا!
حرك راسه بالموافقة قبل ما يمسك يد ريان و كنان و في لمح البصر......كان اختفى بيهم!
وسعت عيوني بصدمة و اتكلمت بصوت عالي أقرب للصراخ:
_حد يشرح اللي بيحصل هنا حالاً!
_____________________
الساعة العاشرة مساءً في الصحراء:
كان ثلاثتهم يلتفون حول النار أمام الخيمة ، الأول كتفه الأيمن و ساقه اليسرى مضمدتان بعناية، و الثاني كان الشاش يلتف حول ظهره بالكامل مع كتفيه و جزء من فخذه الأيسر أما الثالث ف...حسناً، لقد كان سليماً فحسب.
تنهد كنان قبل أن يتحدث:
_أنا هحكيلكم اللي بيحصل...
اعتدل كلٌ من ليث و ريان ليصغيا إليه بعناية بينما بدأ في الحديث:
_قبل كام يوم، أختي التوأم اتهمت في جريمة قتل و اتحكم عليها بالإعدام بس المحكمة ولعت...و مش هخبي عليكم حاجة، بصراحة أنا اللي ولعتها...
طالعه الإثنان بصدمة قبل أن يتسائل ريان:
_انت اللي كنت سبب الحريق؟ ازاي عملت كدا؟!
طقطق كنان أصابعه معاً فتحولت عيناه للون الأحمر و خرج شرار أحمر من يده ليبتسم متحدثاً:
_كدا...
شهق ريان و تحدث بغضب:
_انت مجنون؟ بسببك في ناس كتير ماتوا و أختك كانت ممكن تبقى منهم، ازاي تع..
وضع ليث يده أمام ريان ليوقفه عن الحديث قبل أن يسأل بحاجب مرفوع:
_انت موهوب؟!
تنهد كنان مجيباً:
_أيوا...
عاد ريان للحديث بغضب:
_بس دا ميديكش الحق إنك...
قاطعه ليث مجدداً:
_كمل...ازاي وصلت لريان و ناي؟!
سحب كنان نفساً عميقاً قبل أن يكمل:
_لما كنا بنحاول نهرب أنا و أختي و المحامي قابلنا ست في الصحرا بالصدفة، كانت عارفة أسامينا و عرفت بمرض رزان مع إننا مكناش قايلين لحد عنه!
_ايه هو؟!
_القلب، رزان من يوم ما اتولدت كانت ضعيفة و عندها قصور في عضلة القلب، عملت كذا عملية و هي صغيرة بس مؤخراً بعد الصدمة اللي اتعرضت ليها العملية باظت و بدأت المشاكل ترجع تاني!
تحدث ريان بحاجب مرفوع:
_و ايه علاقة دا بيا أنا و ناي؟
_الست العجوزة حكيتلنا عنكم، قالت إن في شوية شباب بيدوروا على كنز زيهان و إن الكنز دا فيه مياه بتقدر تشفي أي مرض مهما كان و كأنه مكانش موجود من الأصل...قالت إننا لو ساعدنا بعض هنقدر نوصله!
تحدث ريان بحيرة:
_كنز زي.. مين؟ ايه اللي بتتكلم عنه دا؟
_كنز زيهان، كنز محدش يقدر يوصله غير الزهرى وريث القدرة المميزة أو عشرة من الزهريين الموهوبين...الي هم احنا!
وسع ريان عينيه بصدمة في حين ضحك ليث ليتحدث بسخرية:
_عشان كدا كانت واخداك معاهم، كانت فاكراك موهوب يا عيني!
صمت ريان ليسترجع إصرار ناي المريب على أن يرافقهم و رحلتهم مجهولة السبب إلى القاهرة ليكشر ملامحه بضيق عندما أدرك أخيراً أنها كانت في الواقع تخدعه و تستغله فحسب و هو الذي ظن أنها.....تبادله مشاعره!
___________________
في نفس الوقت:
كانوا متجمعين معاً في نُزل صغير على أطراف مدينة الغردقة....كلٌ من ناي و سهى و رزان في غرفة، ناي و سهى تتشاركان ذات السرير أما رزان كانت تنام على السرير الآخر بمفردها ، أغيد و إياد في غرفة ثانية كل منهما على فراشه الخاص ، في حين تشارك سهيل و زين الغرفة الأخيرة و التي كانت للأسف غرفة تكفي شخصاً واحداً و اضطرا لمشاركة ذات السرير مرة ثانية نظراً لعدم توافر غرفٍ ثنائية أخرى في النُزل.
في غرفة الفتيات استدارت رزان لتواجه الحائط و نزلت دموعها بصمت، لقد كانت قلقة على أخيها، هو كل ما تبقى لها من عائلتها ماذا إن لم يتمكنوا من علاجه؟!
و بينما هي تبكي بصمت إذ تسللت قطة صغيرة من النافذة، قفزت على سرير رزان و اقتربت منها لتلعق دموعها فتوقفت عن البكاء و طالعتها بحيرة...
كانت قطة ذات فرو أسود كثيف و عينان زرقاء براقة.
أعجبت رزان بها فابتسمت و بدأت تربت عليها بينما تتحدث:
_جيتي منين يا صغنونة؟!
أصدرت القطة مواءً خفيفاً لكن رزان فهمت ما قالته.
وسعت عيناها بصدمة و أبعدت يدها لتتراجع سريعاً بخوف من إجابة القطة، تلك...تلك لم تكن في الواقع قطة، لقد كانت....
_أهلاً.
تحدث أغيد بابتسامة بعد أن عاد إلى هيئته البشرية.
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم