رواية همسات الشياطين الفصل الثانى بقلم كريم محمد
السكون في أوضة التحقيق كان يخنق، حتى صوت المروحة القديمة في السقف كان بطيء ومتعب، كأنه بيشاركنا التفاصيل والخوف
سامي مسح عرقه بكم القميص، وبص بعيد كأنه بيشوف المشاهد تاني قدامه.
قال
= جبت السكـ.ـاكين من المطبخ، وحسيت الموضوع أسهل مما كنت متوقع
كنت بقـ.ـطع الجثـ.ـة كأني بقطع لحمة في مطبخ مطعم، مفيش أي إحساس أو رهبة مجرد تنفيذ.
كان صوته ثابت، بارد لدرجة إني حسيت بشعور مقزز في معدتي.
كمل
= البلاعة اللي ورا الفيلا في الجنينة كانت أأمن مكان أخفي فيه البقايا.
لفيت الأجزاء في أكياس سودا، ونزلتها واحدة واحدة
محدش شافني، ومحدش حتى اهتم يسأل.
عدل نفسه على الكرسي، وصوته بقى أوطي
= الليلة دي مكانتش الأخيرة.
جلال بيه كان بيجيب ضحـ.ـايا تانيين منهم أطفال، ومنهم شباب هو كان ليه شهـ.ـوات تانية، أما أنا .. أنا كنت الجلاد اللي بينفذ.
سألته وأنا بحافظ علي أعصابي
– كنت بتعمل ده بإرادتك ولا تحت تأثير الصوت اللي بتتكلم عنه؟
ابتسم ابتسامة عريضة، وقال
= في الأول كنت فاكر إن ده أمر لكن بعد فترة، بقى متعة
كنت بستنى اللحظة اللي الصوت يهمس فيها في ودني، كان يقولي "أطعمني .. مشبعتش .. هات أكتر"
حسيت برعشة برد جريت في ضهري، لكن كملت تسجيل
قال
= الأهالي كانوا بييجوا يصرخوا ويدوروا على عيالهم
جلال بيه كان يضحك، وأنا كنت أبص من الشباك وأشوفهم لكن معنديش رحمة.
اتنفس ببطء، وبعدها رفع راسه
= الموضوع كله اتكشف لما الريحة خرجت قويه، البلاعات اتسدت والجيران بدأوا يسألوا، في الآخر حد اشتكى للشرطة.
لما جم، مكانوش متخيلين اللي هيلاقوه.
قرب وشه مني، وعينه لمعت لمعه شريرة
= لما مسكوني، محسيتش بالخوف، كنت حاسس إني خلصت مهمة، بس لسه في مهمات تانية.
صوته وطي أكتر، وبقى شبه الهمس
= إنت فاكر إني آخر واحد بيسمع الصوت؟ .. لأ خالص
في غيري كتير، ويمكن يكون أقربلك من ما تتخيل.
سكت فجأة، وبص ناحية الكاميرا في الركن ابتسم ابتسامة مريبة، وقال
= أهو .. هو هنا دلوقتي .. سامع كل كلمة بقولها.
حسيت الجو في الأوضة بقي صعب، كأن في حاجة خفية فعلاً دخلت بينا
رفعت عيني للكاميرا، وللحظة حسيت إن العدسة نفسها بتتحرك كأنها مش مجرد آلة، كأنها عين حية بتراقب.