رواية احببت من أذى قلبي الفصل الثالث والثلاثون والاخير
بينما كانت مقبلة على الخروج أمسكها نور من قدمها قائلا : ماما ماما
نظرت إلى هيثم بحزن و كأنها تطلب منه أخذ نور معها ، إنها تعلم أنه متعلق به و بقائها معه سيخفف من حزنه و لكن كأي طفل صغير فهو بحاجة إلى والدته
أغمض هيثم عينيه بألم ثم نزل على ركبتيه ممسكاً بوحه نور بحزن شديد قائلا : تريد الذهاب مع والدتك ؟؟
هز نور رأسه بمعنى أجل
أبتسم بسعادة قائلا : بالطبع ستذهب معها حضنه بقوة و كأنه يشعر و كأنها آخر مرة سيكون برفقتهم و كأنها لن تعود إلى هذا القصر مجددا
حضنه و كأي انسان يحض إنسان مسافر و لا تعلم موعد عودته
بعد مدة نظر هيثم إليها بأعين ذابلة قائلا : بإمكاني زيارتهم !؟؟؟
أومأت برأسها بمعنى أجل ثم خرجت برفقة نور
صعدت إلى السيارة بينما جاءت سعاد و هي تحمل ملاك
أقترب منها هيثم ناظرا إلى ابنته الصغيرة
لامس وجنتيها ثم يدها قائلا : سأشتاق لرائحتكِ يا صغيرتي ، أتمنى أن يتحسن كل شيء
دمعت سعاد عينيها قائلة : تعال وقتما شئت
أومأ برأسه قائلا : حسنا يا أمي سآتي
بعد أن صعدوا إلى السيارة لم يتجرأ على رؤيتهم بقي ينظر إلى كره قدم نور التي تركها وراءه
كان يحبس دموعه بصعوبة بينما كانت سيلا منهارة بالبكاء ، كأنها خائفة من فكرة تركها له ، و كأنها مقدمة على حياة جديدة ، حياة من دونه
لم تكن ترغب في حدوث شيء كهذا
لم تشأ إبعاده عن أولاده فهي أكثر من تعرف حبه لهم و خاصة حبه لنور ، و لكنها بحاجة إلى إبقاء وحيدة بعيدة عن الناس
جاء جمال و جلس بالقرب منه
نظر إليه و إلى ضعفه و كأنه يرى إنسان فقد كل ما يملك
لم يعرف كيف سيتصرف معه !؟؟ هل هذا هو عقابه ؟؟؟
لم يكن يعلم أنه سيضعف لهذه الدرجة
أجل إنه يعلم أنه يعشقها و لا يمكنه العيش من دونها و لكنه الآن في وضع مختلف
إنه منهار ، و كأنهم سلبوه قلبه و روحه
لامس ظهره قائلا : أؤمن أن لكل إنسان فرصة ثانية
أنا مؤمن بحبها لك و مؤمن من أن الله يغفر الذنوب
هل تتذكر عندما كانت على وشك إنجاب نور !؟ رفعت يديك داعياً الله أن ينجيها و ينجي إبنك
و الله لم يردك خاسراً بل عادت إليك برفقة إبنك
توسل من الله لمسامحتك ، تقرب من الله لمسامحتك
لا يوجد شيء يمكنك فعله سوى الدعاء
أنا أيضا ساعدتك في ذلك
و الله عاقبني ببقائي وحيدا طوال حياتي
أحببت ربى صديقة سيلا و لكنها تركتني بمجرد معرفتها بالحقيقة
كنت أريد الزواج منها و لكنها رفضت
إنه قدري و لكني تغيرت و سأحاول كسبها مجددا ، و لكن أولا يجب أن نتوب
أومأ هيثم رأسه و من ثم دخل إلى غرفته
ثم دخل إلى الحمام ، توضأ ثم أخذ سجادة الصلاة
وقف ناظر إلى للسماء رافعا يديه قائلا : أنا أتوب إليك يا الله ، أغفر لي ذنوبي لن أبتعد عن صلاتي مجددا ، لن أعصيك مجدداً ، أغفر لي ذنوبي و لا تبعد عني عائلتي
أغمض عينيه ثم صلى صلاته
مضت الأيام و الشهور و كان هيثم بعيدا عن عائلته
لم يتجرأ على الإقتراب منهم
كان مشتاقا لرؤيتهم و لكنه لم يتجرأ على الذهاب أو رؤيتهم ، بقي ينتظر قرار زوجته
بينما طوال تلك الفترة كانت سيلا تعتني بأطفالها ، وكانت تمضي أوقات فراغها في سماع تسجيلات هيثم
كان هذا التسجيل هو الأكثر حزنا ، سمعته لمرات عديدة بل لمئات من المرات
👇👇👇
( الدكتورة : هل أنت نادم أرجوك كن صريحا معي ، لو عدنا إلى الوراء هل كنت لتعتدي عليها !!!!
دمع عينيه لتنصدم الدكتورة من امتلأ عينيه بالدموع
هيثم : لا
حزنت الدكتورة بقوله لا
و لكنه سرعان ما أضاف : لا لم أكن لافعل
ابتسمت الدكتورة قائلة : لماذا !!!
هيثم : لأني دمرت حياتها لم أكن أعلم أني سأجعل حياتها جحيما
اعتقدت أنها ستنفصل عنه و انتهى الموضوع
اعتقدت أني سأدخل في حياتها ، من أنني ساطلبها من والدها و سيوافق و هي أيضا ستوافق لأني الوحيد من سيوافق على الزواج منها
لم أكن أعلم أنه سيحدث هذا أنهم سيتخذون قرار موتها !؟؟
لو كنت أعلم لما فعلت ليس لأني غير قادر على حمايتها !!؟
بل لأني غير قادر على رؤية دموعها
لم أكن ساتصرف بهذه الطريقة
لم أكن سادخل لحياتها بهذه الطريقة بل اعتقدت أنها ستمضي في حياتها و نلتقي في ظروف آخرى و لكن محاولتها للانتحار غيرت كل مخططاتي
هل تعلمين !!!! لقد واجهتُ الناس في حفلة زفافي تكلمت كلام ثقيل
أنها غير مذنبة و أني مستعد للزواج بها
فكرت لاحقا أنه لايوجد رجل يمكنه فعل هذا
لا يمكن لأحد أن يتزوج من امرأة تعرضت للاعتداء
لايمكن لأحد أن يتحمل مسؤولية طفل ليس طفله
فكرت مليا في كلامي
تخيلت ماذا لو لم أكن أنا الأب!!!
لم أكن أنا من دمر حياتها !؟؟
هل كنت لاتزوجها !؟؟ هل كنت لاتقبلها ؟؟؟؟
نظرت الدكتورة إليه بنظرة حزن قائلة : لا أليس كذلك!!!
هز رأسه بحزن قائلا : أجل كنت سأفعل كنت ساتزوج بها
كنت سادعمها
كنت سأحميها
هل تصدقين !!! كنت ساحارب من أجلها
لعلني أردت أن امتلكها أولا و لكن لو حدث شيء لها قبل
كنت سأفعل نفس الشيء كنت سأتزوجها
عندما رأيتها كيف نظرت إلي بفخر شعرت أنني أحبها هي و لا يهمني شيء آخر
ابتسمت الدكتورة بحزن لتقول : و لكنها كانت اسوء ليلة في حياتها
هيثم : و الأسوأ في حياتي ...)
طوال تلك الفترة كانت سيلا في صراع بين عقلها و قلبها و معتقداتها ، إنها تحاول العثور على سبب يجعلها تحن إليه ، من سبب يجعلها تغفر له !؟؟
في تلك الفترة كانت سيلا مشتاقة لرؤية وجهه ، تنتظر مجيئه حتى لو كان مجيئه من أجل نور وملاك و لكنها تريد رؤيته ، أجل إنها غاضبة و لكنها مشتاقة أيضاً
قررت ملأ وقتها بالكتابة و لم يكن هناك موضوع أهم من موضوعها
لا يوجد الكثير من الكتب التي تدعم المرأة على غرار الكتب التي تتكلم عن العنف المنزلي و التملك و غيرها من الكتب ، لماذا لا تتخذ قصتها كعبرة ؟؟؟
قررت كتابة قصتها ، قصتها من البداية
بدأت في الكتابة و لكنها كانت مترددة في نشرها
في نهاية المطاف نحن مجتمع شرقي لا يدعم المرأة و لا تملك الدعم الكافي لنشره و لكنها أكملت في كتابتها لعلها تتحل بالشجاعة و تنشره يوماً ما ...
في يوم من الايام تمكن هيثم من الإقتراب من المنزل
لم يتمكن من البقاء بعيدا عنهم و لاسيما نور
كان يتصل به دائما من هاتف سعاد لسماع صوته
كان نور يبكي بحرقة فهو مشتاق لوالده
قرر رؤيتهم قرر ضمهم إلى صدره
دق الباب اذ بها سيلا هي من فتحته
تسارعت دقات قلبه و لايمكننا أن ننكر خفقان قلبها المحطم
نظارتهما الحزينة لبعضهما البعض ، حزينة و لكنها ممزوجة بشوق وحنين ، نظرات أقل ما يقال عنها أنها نظرات دافئة مليئة بالحب والحنان
بينما كان هو ينظر إليها و إلى جمالها الناعم ، حتى عدم وضعها للمكياج يجعل منها امرأة فائقة الجمال
بينما كانت هي مندهشة من مظهره الخارجي لقد كان نحيف جدا و ذقنه الكثيفة لم تحلق من وقت طويل
حالته المزرية هذه لم تتوقع رؤيته بهذا الشكل ابدا ،
بينما كاد أن يتفوه ب كلمة جاء نور راكضا إليه مرددا بابا بابا
أخذه هيثم في حضنه بينما نظراته لم تفارق سيلا
بينما دخلت إلى الصالون ، رافقها هيثم و نور
جلس على الأريكة و نور في حضنه
كان نور يلعب بذقنه و هيثم ينظر إليه بنظرة شوق و حزن
أبتسم قائلا : هل أعجبك الذقن !؟؟؟
عانقه نور قائلا : أحبك يا بابا
انصدم هيثم لهذه الكلمة نظر إلى سيلا لهفة قائلا : لقد قال أحبك !؟؟؟
ابتسمت و الدموع تملأ عينيها قائلة : أجل لقد تعلمها و لكنها أول مرة يقولها لم يتفوه بها من قبل
فرح كثيراً لأنه كان من نصيبه سماع هذه الكلمة من قبل ابنه
بينما سأل عن ملاك طلبت منه الذهاب الى الغرفة
ذهب و أمضى بعض الوقت معها
ثم خرج مجدداً إلى الصالون و بقي نور في حضنه لساعات طويلة
بينما نام نور في حضنه وضعه في غرفته و عاد إلى الصالون ، كانت سيلا لا تزال جالسة
بينما كان مقبلا على الجلوس لمح دفتر كبير عنوانه أغرمت بمغتصبي ....
أغمض عينيه بألم قائلا : كتبتي كتاب ؟؟؟ عنوانه أغرمت بمغتصبي !! ؟؟
شعرت بقشعريرة بمجرد تفوه بهذه الكلمة لتردف بهدوء : أجل و لكن كتبته من أجلي فقط
جلس على الأريكة و أخذ يقرأ المقدمة كانت شيقة و حزينة و لكنه رأى أنها تكلمت بشكل جميل عن معاملة الرجال للمرأة
أومأ برأسه قائلا : هل كتبتي النهاية !؟؟
هزت برأسها قائلة : ليس بعد لا يزال هناك وقت طويل لذلك
أقترب منها شيئا فشيئا ، جلس على ركبتيه ممسكاً بيدها قائلا : أتمنى أن تكون سعيدة !!!؟
دمعت عينيها قائلة : لا أعلم ....
هز رأسه قائلا : ذلك القصر أصبح باردا من دونكم ، أفكر في بيعه ، لا يمكنني البقاء فيه من دونكم
هزت راسها بالرفض قائلة : سيأتي أولادك إليك لن أبعدهم عنك أبدا
هيثم : لا تبعديني عنكِ أنتي أيضاً ، أصبحت وحيدا أصبحت يائس و خائفاً من فكرة تخليك عني
مضت أشهر عديدة و لا أزال أنتظر القرار
ألم يخف غضبك بعد !؟؟
سيلا : أحاول يا هيثم لا أستطيع
هيثم : أحبك و لم أتخلى عنكِ ، لقد كان خطئ الوحيد ، و أنا نادم ، ندمت بعده مباشرة ، كنت مريضا ، لم أكن في عقلي ، إنك أغلى ما أملك ، عندما أنظر إلى عينيك أشعر بدفىء وحنان ، حتى وأنتي غاضبة مني لا يظهر ذلك في عينيك
سانتظرك دائما و لكن أخبرني كم سأنتظر بعد !؟؟؟ شهر ؟؟ شهرين ؟؟ سنة !؟ سنتين !؟ عشر سنوات !؟؟
فقط أخبريني !؟؟
نظرت إليه بحزن قائلة : و هل سترتبط مجدداً إذا كان الوقت طويلاً !
ضحك بسخرية قائلا : ارتبط !؟ لا تعرفين بعد أن حبي لك هو الحب الوحيد !؟؟ و أنك أنتي فقط من ستبقى في خانة الزوجة !؟
أريد أن أعرف متى ، ليس للمضي في حياتي بل لمعرفة السنوات التي سابقى فيها بعيداً عنكِ
هزت كتفيها بحزن مضيفة : لا أعلم يا هيثم أرجوك لا تضغط علي
قبل يديها مضيفا : انشري ذلك الكتاب أنا سادعمك
نظرت إليه باستغراب قائلة : ماذا !؟؟
هز رأسه قائلا : أجل انشريه و لكن بعنوان أفضل و هو أغرمت بمغتصبي المشوه لأنني كنت مشوها آنذاك لهذا
أريد أن يعرف العالم بما حدث لكِ ، أريد أن آخذ عقابي من خلال كتابك
أريد أن يتحاسب أي رجل فعل هذا لأي امرأة
لعلني لم أسجن و لم آخذ عقابي و لكن في نظري ، بقائي من دونكم من دون زوجتي و أطفالي يعتبر العقاب الأعظم ،
أريد أن يعرف الجميع أن زوجتي مظلومة و أن المجتمع هو من ظلمها ، كما أخبرتك سابقآ ، كوني رجل يجعلني مذنب دائما ، المجتمع منحني كل الحق في الحصول على ما أريد مثلي مثل أي رجل كان سواء أبي الذي دمر حياة أمي أو عمك الذي قرر قتلك أو شقيقك الذي انحاز لهم أو أحمد الذي سرعان ما تخلى عن شرفه ، جميعنا كنا سبب في تدمير حياتك لن أدافع عن نفسي و لن أخجل من نظرة الناس لك أو لي أنا بل سأصبح فخورا بك
امرأة تحدت الصعاب تحدت العالم من أجل الحصول على حقها في هذا المجتمع وهو حق العيش في سلام
أريد أن تكون قصتي عبرة للناس أن لا يتخذوا ضعفهم و ماضيهم سبب للانتقام ، أريد أن تأخذ المرأة حقها في هذا المجتمع ، سادعمك و لكن أريد أن أعرف نهايتي من خلال ذلك الكتاب
بإمكاني تحمل معرفة قرارك من خلال الكتاب و لكني غير مستعد لسماعه من فمك أنتي لأنني متأكد من أنني سأنهار أكثر....
دمعت عينيها قائلة : أريد أن أسامحك
وضع رأسه على قدميها مما جعلها تغمض عينيها بألم
هيثم : أعلم و هذا ما جعلني أصبر على فراقكم
سأذهب الآن و سأعود مجددا لرؤية الأطفال ارجوكي لا تفكري فقط في تلك الليلة ، فكري في حياتنا قبل معرفتك الحقيقة ....
أدلف من المنزل تاركا خلفه زوجته الحزينة ، إنها ترغب في مساحته بإصرار و لكن كل مرة تتذكر كيف عاملها في تلك الليلة ترفض الانصياع لأفكارها و لاسيما الانصياع لقلبها ...
........
...
مضت سنتين كان عيد ميلاد أبنهما نور و لكن هيثم لم يكن يرغب في الذهاب ببساطة فهي لم تتصل به و لم تسأل عن حالته الصحية
أجل لقد كان مريضاً ، قلبه تعب مجدداً بينما كان في إنتظار قرارها ، غلبه المرض وأصبح ضعيفا
في نظره هي تخلت عنه و لكنه لا يعلم أنها رفضت معرفة حالته الصحية خشية أن تضعف ...
في ذلك اليوم لم يكن فقط عيد ميلاد أبنها بل كان يوم إصدار كتابها الأول
ارسلت رسالة إليه بعنوان المكان و الزمان و أخبرته أنه اليوم المنشود
ذهبت سيلا إلى المكان و لكن هيثم لم يكن جاهزاً بعد لهذه المواجهة ، لا يمكنه أن يعرف قرارها
بل أصبح متأكد من أن قرارها هو الانفصال بعد أن أرسلت له الاوراق طالبة منه الطلاق و بعد أن علم أنها أصبحت تعمل في شركة كبيرة و هناك رجل يرغب في الإرتباط بها
أصبح على يقين أنها تريد المضي قدما في حياتها
فما هي لزمة الذهاب و سماع كلمتها !؟ أو حتى قراءة كتابها!؟
لماذا لا يزال على قيد الحياة ؟؟! هل هذه تسمى حياة !؟؟
أنه وحيد ، وحيد بالكامل ....
.......
من جهة أخرى وصل الوقت الذي انتظره طيلة سنتين
الآن ستقوم بعرض كتابها أول كتاب تقوم بتأليفه
و لعله بداية جديدة في حياتها
كان الجميع في إنتظار قصته
نظرت إلى الحضور باحثة بنظراتها على هيثم لعله هنا بين هذه الحشود
و لكنها لم تتمكن من العثور عليه ، حزنت !؟ أجل قليلا فهو من وعدها بعدم تركها حتى لو رفضت ذلك
تنهدت بضيق مغمضة عينيها
تمالكت نفسها بصعوبة بالغة إنها موشكة على إلقاء كلمة مهمة ، ستعلن عن كتابها الذي أخذ من وقتها الكثير
أول كتاب تقوم بتأليفه و الأقسى على الإطلاق
إبتسمت إلى والدتها و سهيلة ، بينما نظرت إلى بلال بعدم المبالاة ، كان أحمد موجودا ينظر إليها بضعف و انكسار و كأنه نادم عن اليوم الذي تخلى فيه عنها
كل الناس متحمسين لمعرفة موضوع الكتاب ، و ما علاقته بها !؟؟
أخذت نفس عميق ثم ابتسمت بسعادة قائلة : أنا سيلا البارودي أبنة فاروق البارودي كانت حياتي جميلة للغاية ، هادئة و بعيدة عن المشاكل ، أكبر مخاوفي كان عدم الحصول على نقاط جيدة في المدرسة ، كنت مدللة و محبة للحياة ، حلمي كان الزواج من رجل غني ، بل الزواج من رجل كانت كل البنات تتمناه ، تزوجته و كنت سعيدة ، إلا أن تغير كل شيء في لمحة بصر
ذهب كل شيء من يدي في ثانية واحدة ، لالا لم تكن ثانية بل كانت ساعة أو أكثر
أغمضت عينيها بألم مضيفة : كانت أسوأ ليلة تمر علي و بالطبع مرت على كل فتاة تعرضت للاعتداء
كانت ليلة زفافي و لكنها أصبحت ليلة موتي
كنت قد مت كل الناس تخلوا عني ، حتى عائلتي ، أخي تخلى عني و كنت مهددة بالقتل ، أجل تعرضت للقتل لسبب لم ارتكبه
إذا تعرضت فتاة للاعتداء يجب أن تموت !؟ لأن المجتمع يريد ذلك !؟؟ و إذا سكتت لخوفها من عائلتها ، بنسبة كبيرة ستنتحر خوفاً من المواجهة
و اذا ماتت سيقولون أنها لطخت شرف العائلة لهذا قتلت نفسها
لن يقولون أنها تعرضت للاعتداء أو التحرش الجنسي بل سيقولون أنها فتاة ساقطة و اذا قتلت من دمرها سيقولون قاتلة و تسجن لبقية حياتها
لماذا في المجتمع الغربي لا تتهمون المرأة في كل شيء !؟ بل يدينون المعتدي ، السنا مسلمين !؟؟؟ ألا يجب محاسبتهم !؟؟
أي رجل يأخذ حياة إمرأة يجب عليه أن يحاسب
حتى لو كان يحبها فهو لا يعطيه الحق في امتلاكها بالقوة،
في المجتمع الغربي إذا تعرضت الفتاة للاعتداء ، القانون يصبح في صفها حتى عائلتها تدعمها نفسياً عكسنا نحن
إذا كان من العائلة سيتعين زواجه منها ؟؟؟ لماذا !؟؟؟ لماذا يجب أن يتزوجها !؟
من أخبركم أنها تستطيع تحمله ؟؟؟ لماذا لا يتعاقب !؟ لأنه رجل ؟؟؟ لماذا لا يتعاقب من يتحرش بالفتاة لماذا تحاسبونها هي أنها قامت باغرائه لأنها لبست لباس غير محتشم لهذا حدث لها هذا ؟؟؟
أجل نحن نعيش في مجتمع ذكوري بامتياز
حتى أن الاعتداء أصبح في نظرهم عشق و غرام
لقد ذقت من هذا الألم ، أعرف جيدا ماذا يعني الخوف من الموت ، و عدم تقبل ذلك الرجل
أنا قصتي بدأت عندما تعرضت للاعتداء ، بدأت قصتي الحقيقية ، كنت مدمرة و ضعيفة و لكن هناك من دعمني لن أنكر أنني أحببت زوجي أحببته ، أحببته بشدة ، على غرار ما حدث تمكنت من المضي في حياتي ، و اعتبرت تلك الليلة بمثابة فأل خير لأنني ملكت العالم برفقة زوجي و اولادي ..
عندما علمت أنني أغرمت بمغتصبي تدمرت حياتي
لم أتمكن من فهمه من التفكير في شيء آخر سوى أنه وحش
لم أرى أنني أيضاً كنت سيئة
لقد تخليت عن إبني بينما هو لم يتخلى
كنت سيئة عاملته بقسوة
كنت أنظر إلى طفلي أنه السبب
أنا أيضا حاسبته على ذنب لم يرتكبه بينما هو لم يفعل
لقد أحبه أكثر مما أحبني
هل تعلمون !؟؟؟ لا يجب أن ننظر إلى الناس حسب مظاهرهم ، هل الإنسان المشوه يكون ممنوع عليه الحب و الارتباط !؟؟ هل ممنوع عليه العيش مثله مثل أي إنسان على وجه الأرض !؟؟؟
كنت سيئة عاملته بقسوة لعلني كنت الأمل الذي تمسك به ليصبح أقوى و اثرى و لكني كنت أيضا النقطة التي جعلت منه رجل قاسي و عنيف و مدمن !؟؟؟
أنقذني من الحريق ، تشوه بسببي ، أحبني ، هل يمكن للمرء أن يحب إمرأة دون التكلم معها !؟؟ فقط لأنها ساعدته ، فقط لأنها عرفت أنه يشعر بالنقص ؟؟؟
لقد أحبني بشدة. جنون امتلكني ، عاملني كالاميرات حقق لي جميع احلامي ،
تغير من أجلي ، انتقم من كل من ظلموني
اعتنى بي في وقت كنت بحاجة إلى الدعم
أجل هو من دمرني هو من كان السبب و لكنه لم يطلب منهم التخلي عني
كان مثله مثل أي رجل يملك تفكير الرجل الشرقي
أخذ ما يريده و ذهب هو مخطأ !؟ أجل و لكن؟؟؟ هل طلب منهم التخلي عني ! هل طلب من زوجي أن يطلقني !؟؟ هل طلب منهم قتلى !؟ لا لم يفعل
بل ساعدني و انقذني من الموت
خطأه الوحيد هو في ذلك اليوم
هل يمكن للمرء أن يحب أو يتزوج من امرأة تعرضت للاعتداء !؟؟؟؟
لا ابدا لا يمكنهم و لكنه كان سيفعل ذلك هذا ما قد سمعته من خلال جلساته مع طبيبته
أغمضت عينيها وابتسمت بلطف قائلة : رغم كل الألم الذي كنت أشعر به إلا أن سماعه يقول تلك الجملة أسعدتني
زال غضبي منه و لو بنسبة ضئيلة
علمت أنه بالفعل يحبني و ليس فقط كلام عابر
لقد كانت طبيبته النفسية و هو يخبرها بكل ما يفعله أي أنه لم يكذب
رغم كل ما سمعته لم أتمكن من مسامحته
رغم كل ما أعرفه أنه يحبني بجنون ، و أنه يتمنى الموت في غيابي لم أتمكن من فعلها
إنها صعبة هنا ... أشارت إلى قلبها قائلة : قلبي يؤلمني عن حالته
أعلم أنه يعاني و أنه مقبل على ارتكاب أخطاء و لكني عاجزة عن مسامحته و كأنني خائفة من المستقبل
مضت سنتين على معرفتي بالحقائق و طلبت الطلاق ليس لأني أكرهه أو أنني قررت عدم العودة إليه بل لأنني لا أريد أن تبنى حياتنا على ذكريات مؤلمة
سواء سامحته أو لا فأنا أرغب في أن يكون كل شيء جديد أي بداية جديدة ، و لكن ليس بعد لم أتمكن من فعلها خفت من المستقبل
ماذا لو ضربت هذه الحقيقة في وجهه في أول مشكلة قد تقابلنا !؟؟
ماذا لو سمعنا أطفالنا !؟؟
هل سينظرون إلينا بشكل عادي !؟؟ بالطبع لا
لقد كان خائفا من تركي له و من الطلاق منه
لا يعلم أن خوفي أكبر من ذلك
خوفي من العيش من دونه أكبر
لقد كان كل ما أملك
لا أنكر أنني أرغب في النسيان و اتمنى أن أفقد ذاكرتي كما يحدث في الأفلام
و أن نعود إلى الماضي وننسى الذي حدث
كم تمنيت لو كان حلماً و كنت مستعدة لتغيير كل شيء من البداية
كنت لن أسمح لأحد من السخرية عليه
كنت ساحبه بجنون لأنه بالفعل يستحق الحب
و بفعلي ذلك لم يكن ليعتدي علي
بل كنا سنتزوج و ننجب اطفالنا في سعادة
كل إنسان يكون له سبب في هذه الحياة
سبب وجود هيثم في حياتي هو من أجل منحي أطفال يجملون حياتي ، من أجل منحي هذه الفرصة لإظهار نفسي للعالم
للتكلم عن أن الفتاة لا يجب أن تخضع للمجتمع
لا يجب أن تخافي بل أصرخي ارفعي راسك عالياً
لستي انتي المذنبة لا لستي انتي بل المجتمع
هو من أعطاه الحق في فعل هذا
لا يجب أن تقتلي نفسك ، ماذا سيحدث من بعدك ؟
بعد أيام سينسون أنك كنتي موجودة
بل واجهي العالم أنك لستي ضعيفة
لستي خائفة من مواجهة أي إنسان
ارفعي راسك و ثابري ، خذي حقك
إذا ارغموكي على الزواج به ارفضي ، لا توافقي ، الحياة لا تقتصر على الزواج فقط
إبني حياتك بنفسك
كوني قريبة من والدك ، اجعليه يفهم أنكي الضحية
إذا حدث لك و أغرمت بمن اغتصبكي فكري جيداً
هل ستغفرين له أو لا
و لكن فكري في نفسك أولا
لا تضعي حلمك يقتصر على المجتمع
اجعلي من هذه الحادثة محفز يقويك
مثلما فعلت أنا
كتبت قصتي في هذا الكتاب
عملت عليه حوالي سنتين
ترددت في نشره
أغلب الناس منعوني كوني سأجعلهم يخجلون
و لكن هل تعلمون من حفزني !؟؟؟
دمعت عينيها مضيفة : إنه هو ، صاحب القصة
هو من أصر علي
هو من دبر لكل شيء ، منحني الشجاعة لنشره و أخبرني أنه فخور بي
أخبرته أنه يحتوي على كل الحقيقة و لكنه لم يهتم
بل أراد أن يتألم أكثر
أرادني أن أظهر أمام النساء و أمنحهم الشجاعة
أخبرني أنه نادم لمرات عديدة يصعب احصائها
و لا يزال في إنتظار الرد
مضت سنتين و لا يزال يرغب في الحصول على إجابة هل غفرت له أو لا !؟
إذا كنتم مكاني هل كنتم ستغفرون له !؟؟
بعض من البنات ردو بنعم بعد سماعهم أنه يعشقها و البعض الاخر ردو بلا فهو شيء لا يغتفر
أومأت برأسها قائلة : أجل من الصعب اتخاذ القرار
من الصعب المسامحة و من الصعب الافتراق
و الأصعب هو بداية جديدة !؟؟
لقد بدأت من جديد و لكن من دونه و هي لا تعتبر بداية بل جحيم
أحببته بشدة و حياتي من دونه حزينة ، أريده أن لا يستسلم أنني تفهمته رغم عدم قدرتي على المغفرة لا يعني أنه سيء ، بل علمت أنه كان مريض و أن كل ما فعله بسبب الماضي ، لعلني أفتقد للكلمات والعبارات الملائمة و لكنه كان يعتبر كل حياتي ولا يزال كذلك
أخبرني أن أعلن عن قراري في هذا الكتاب و لكن سيكون خطأ أن أكتب نهاية لم تحدث بعد
لا يزال هناك وقت للنهاية فنحن نملك عائلة و يصعب اتخاذ قرار دون الرجوع إليهم
مغزى كلامي هو أن لا نتهم المرأة في المجتمع
بل المرأة هي الأم التي تربي أجيال المستقبل
المرأة هي الابنة التي تجمل حياة والدها
المرأة هي الزوجة التي تلبي احتياجات زوجها
المرأة هي نصف المجتمع و لا يمكن لأحد أن يكسرها
أتمنى ان تتغير هذه الفكرة في مجتمعنا و أن ننظر إلى المرأة من جانب أفضل
صفق لها كل المتواجدين بينما كانت تنظر بفخر واعتزاز همست لها رغد قائلة : جمال يقول إن هيثم سينتحر
انصدمت و همت مسرعة إليه
مالذي يفعله !؟؟ كيف له أن يتخلى عن حياته ؟؟؟
وصلت إليه إذ به واقف على حافة الهاوية
نفسها التي كانت توشك على الانتحار منها
شعر بوجودها رغم عدم التفاته لها
أردف برجفة : أستحق الموت يا سيلا في نفس المكان
أخبرتك أنني لن أستطيع العيش من دونك
و تأكدت من أن وجودي سيعيق سعادتك
سأذهب و لكن لا تنسي أنني أعشقك بجنون
أسرعت إليه ممسكة بيديه قائلة : هل ستقتل نفسك في ليلة عيد ميلاد ابنك ؟؟؟ هل فعلا تبت إلى الله !؟؟ هل الانتحار هو الحل لكل مشاكلنا !؟؟
تريد مني الحزن طوال حياتي !؟؟
أردت مني شيء واحد فقط و هو القرار
و قراري هو بقائك معنا
لعلني لم أتمكن من المغفرة و لكنك زوجي و لا أريد فقدانك
لا تمتحني بك يا هيثم لا تفعل
أتوسل إليك يا عزيزي لا تفعل .
ليس بشيء سهل امنحني الوقت
أصبحت أعلم أنني مخطئة أيضا
لا تترك اطفالي يتامى
لا تدعمهم يكرهون والدتهم
أنصدم من كلامها ليقع على الأرض قائلا : أريد فرصة واحدة أتوسل اليك
سيلا : اقرأ كتابي ستعرف قراري من خلاله يا هيثم ...
هيثم : هل سنكون مع بعض ؟؟؟
سيلا : و هل سأكون لرجل آخر !؟؟
هيثم : عثمان ؟؟ يريد الزواج منك و أنتي تعلمين أنه ليس مديرك فقط بل معجب بك و تقدم لخطبتك و لا يزال في إنتظار قرارك
ه إنه هنا أنظري إنه في السيارة ينتظرك
أخبرني جمال أنك لم ترفضيه
وقفت سيلا و مدت يدها له قائلة : إنه عيد ميلاد ابنك لا تتأخر
أبتسم بسعادة و كأنها منحته الفرصة التي لطالما كان في انتظارها
نظر إليها بتسائل قائلا : هل سنعود إلى بعضنا البعض هل سنكون معا ؟؟؟؟
سيلا : كما أخبرتك سابقآ إبنك في انتظارك ...