رواية احفاد الثعلب الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم شريهان سماحة


 رواية احفاد الثعلب الفصل الثالث والثلاثون 

في أولى ساعات الصباح خرج يتهيئ لمهمته المصيرية المحتومة ... مهمته التي ورثها فوق كاهلة منذ الصغر .. مهمته لأخذ بثأر ابيه ... مهمته الكبرى وهدفه الوحيد أمام عينيه الآن ...

عند اصراره هذا تحولت مقلتيه القاسية المقاني طفل محب بعيونه اللامعة اللينة حين تطلع النافذة غرفتها ... !!

مر أمامه تلك اللحظة قبل فقدانه للوعي ، حين جذبها في أحضانه عنوة ، تسرب لداخله نسيم خاص رغم مرور جميع النساء بين ذراعيه من قبل إلا أن وجودها هي بين يديه له نسيم مختلف بنانا ، نعم فرقا بينهما كفرق السحب وسطح الأرض، شعورا تملكه ورغبه استولت على حواسه بالا يتحرر منة ...

فكم شعر باطمنان و راحة نفس لم يشعر بها من قبل بين يديها في تلك الثواني المعدودة ... وكم يتمنى استمراره للأبد ....

أما تلك المكالمة فهي حكاية أخرى ... تلك المكالمة التي احييت روحه الميتة ، وجو العائلة الدفئ بين طيات قلبه المتحجر ... فكم تمني ذلك التقارب منذ أن عاهد تلك الحياة .. وكم تمني ان يحياه ...

بل كان يتمنى بأن يقابلها في زمن غير الزمن ... و يقلب غير ذلك القلب المحمل بالنار والانتقام .....

كان يتمنى أن يخلق لأجلها هي فقط دوتا عن نساء العالم ... بل كان يتمنى أن يتخلى عن العالم بأسره لتكون هي فقط عالمه ...

كان .. وكان !

حدق بنظرات أمل النافذتها .. يتمنى رؤية طبقها لثواني معدودة قبل أن يرحل حتى أو بذلك الحاجز اللعين ... الأهم يشبع الباب شوقه المتوحشة من عينيها البنية ...

فقد لا يعود ! وتكون تلك الرؤي الأخيرة بينهم !!

صدمة تملكت عقله حين رأي سراب يقتحم مخيلته التي رسمت هيئة صغيرته ...

إذا هي لم تكن موجوده بالفعل بين أطار نافذتها كعادتها .....

أذا هي حلم جميل بين ظلام ايامه .. اذا هي وردة تفتحت في غابات حياته المتوحشة ... أذا هي روحاً طيبة تطوق جسده المذنب ليتوغل عبقها بين كرات دمه .....

شكرها وهو يستقل سيارته لوجهتة المحددة .. شكرها على تلك المشاعر النادرة التي يعيشها كشيء حاني في حياته الجافية .. شكرها لانه شاهد تلك اللحظة وعاتها في جو عائلي بعد أن كانت حلم بعيد المثال ...

شكرها في طريقة للانتقام ... !!

صغير محرك السيارة واحتكاك إطارها الخلفي عند المغادرة السريعة، هو ما تركه خلفه وهو يغادر ذلك القصر .....

وكأن قلبها كان يشعر به ... فزعت على أثر ذلك الصوت من نومتها تهرول باضطراب النافذة غرفتها دون غطاء الوجه علي غير العادة فلمحت مؤخرة سيارته وهي تغادر
انشغل عقلها وتملك القلق منها باريحية .. والكثير من الأسئلة تدفعها عرض الحائط .. فلماذا.

خرج وهو لم يتعافي كلياً .. هل خرج للعمل كمعتاد ... ولكن لم لا يمارس رياضته أولا ككل يوم

اسئلة كثيرة ظلت تجول في باطن ذهنها ... لتعلن مع استشعارات قلبها القلقة حسابات أخرى في صدرها ..

داخل أحد المطارات في مقاطعة سان فرانسيسكو .. وعلي أحد المدرجات المحددة لإقلاع

الطائرات الخاصة ...

ترجل " على " من سيارته بملامح وجهة القاسية والمغطاة بنظارات الشمسية .. ليقبل عليه " جال " يستقبله بترحيب حار لطول مدة غيابه الغير واضحة بل والغير مبررة كسابقة فريدة من

نوعها .. هاتفاً بحفاوة :

- مرحباً " الي " .. طال غيابك يا رجل !

رد عليه " على " باقتضاب أثناء سيره بأتجاة الطائرة

- مرحباً " جاك " هل كل شيء علي ما يرام ؟!

أجابه " جاك " باهتمام عاجل :

پلي كل شيء كما تريد وكما خطط له من قبل . فالطائرة ستقلع الان بأنجاة مقاطعة ميامي

بولاية فلوريدا !

اوما " علي " قائلا برضا :

جيد .. هيا لتسرع فلكل دقيقة ثمن !!

استقلا الطائرة واستعدا كل منهما وبعض رجال الأمن الخاص بمرافقة " على " للإقلاع الفوري والذي أعلن عنه قائد طائرته الخاصة .....

علي أحد شواطي ميامي ... بولاية فلوريدا ...

وبالقرب من أفخم منتجعات العالم بها وعلى جانب أحدى الطرق السريعة والمزدوجة بمسارين مضادين ، كانت أحدى السيارات الجيب الحديثة بزجاجها الأسود الفاحم والخافي لما يداخلها ... تهيئ " على " بارتداء بدلة الغوص التي تكسي جميع انحاء جسده باستثناء العينين والأنف

والكفين والقدمين بالمقعد الخلفي بها ....

وعي " جاك " القاطن بمقعد السائق الملامح وجهه الغير طبيعية أثناء استعداده بوضع سلاحه الكاتم الصوت داخل تلك البدلة فهتف بتردد :

لماذا لا تخبرني وجهتك .. أشعر بأننا يحيطنا الخطر !!

أجابه " على " بفتور نام أثناء أسقاط قناع الوجة المؤقت للهروب من كاميرات مراقبة الطريق : أنت لا يحيطك شيء.. أنت بأمان في تلك السيارة وأن لم أعود خلال ساعة من الآن فمهنك

أنتهت .. ولا تنتظرني بل أغرب بها وأنجوا يحياتك !!

هتف " جاك " بصدمة من واقع تلك الكلمات المفاجأة على أذنه :

" الي " لا

إلا أن " على " لم يجبه وترجل من السيارة سريعاً ليعبر السياج الحدودي المياة البحر بسرعة الرياح .. وما هي الا ثواني حتى أقتحم جوف المياة الفيروزي قبل غروب الشمس بساعة كاملة ... ذلك الوقت الذي خطط له بأحكام بعد علمه من التحريات التي أجريت عن " براد فيليب " بتواجده في ذلك المنتجع الصحي في هذه الأيام، وعشقه للغطس يوميا في لحظات الغروب ....

لهذا أعد العدة لمحاربته والنار منه في عرض البحر بعد أن أزهق طوال السنوات الماضية من النيل منه من كثرة الحراسة التي تحوطة بعناية فائقة لعلو شأنه ...

فها هي الطريقة الوحيدة التي استطاع التخطيط لها جيدا ...

وصل لمبتغاه حين تمعن بعينيه فقط من اسفل سطح الماء ... متطلقا يترقب على بعد ميل بحري المباني المنتجع ويقرب الشاطيء أحد الرجال المهمين يتعدد علي أحد المقاعد الرملية المريحة للجسد .. ويحوطه ما يقارب العشر أشخاص بأسلحتهم المعمرة والفناكة .. وكما توقع خلو مكانهم من البشر الحساسية منصبة وتأمين المنطقة جيدا من حوله ... لهذا اختار الاختراق الأمني

بحرا لعدم قدرتهم على تغطيته جيدا ...

عند تلك الرؤية أذا وصل لغايته وكلم حياته الوحيد الذي انتظر تحقيقه منذ أعوام عدة ، وها هو على مشارف التحقق .. فقط عليه الان الانتظار حتى يقتحم ذلك العجوز الماكر الذي لم ينسى هيئته منذ أن علم بالحقيقة الصادمة ما يقارب الخمسة عشر عاماً ... بل أصبحت صورته اليومية عبر الصحف والتلفاز أنيسة عينيه القاسية فلم تفارق مخيلته للأبد حتي باتت كابوس أحلامه ...

بعد ما يقارب النصف ساعة تحرك " براد " اخير من جلسته المريحة لينعم بغوص مريحللأعصاب في عرض الماء في ظل وقوف رجاله المسلحين على حدود الشاطيء يراقبون حدود المكان جيدا ...

تعمق " براد " كمعتاد في جوف المياة الفيروزية الواقعة في المحيط الهادي لينعم بغوص فريد

من نوعه تحت غطاء الغروب الساحر .....

تعمق إلى أن أبتعد بمسافة الميل وبعض الأمتار في عرض الماء مغمض العينين باسترخاء تام .... إلي أن شعر بأنفاس ملتهيه تلهف وجهه رغم برودة المياة ... ففزع من استرخانه يتطلع بنظرات ذاعره لمن أمامه !!

علم هوايته دون أن يوضح له ذلك !!

فهيئته تطابق هيئة ابيه وعيناه الموحشتان عينان والدته !!

حينها تأكد بأنه يعلم الماضي المظلم جيدا !!

تطلع بنظرات مختلسة في باطنها الخوف لرجاله بالخلف فوعى لابتعاده دون أدراك عنهم ، وأنه مع ذلك الأسد الجائع في عرض البحر وحدهما !!

عند تلك النقطة أدرك هلاكه دون محال سواء شاء أو أبي !!

أتاه صوت " على " من بين أنيابه المضغوطة ليخرجه من دوامة تفكيره العميقة وهو يوجه فوهة مسدسه من أسفل المياة بأتجاة جسده :

- نعم أنا لا .. نعم أنا ذلك الطفل الذي قتلت طفولته بقتلك لابيه ... ابيه الذي لم يفعل شئ في تلك الحياة غير أنه عالم عربي صاحب ذكاء شديد اراد استخدامه لنفع البشرية ، وحين تمنى العودة لمسقط رأسه أردتم القضاء عليه قبل أن يرجع لموطنه ويطبق تلك المعادلة التي كنتم تبحثون عنها من بعد موته مباشرة ، لكي لا ينقل علمه لوطنه العربي ويتفوق حتماً على الكيان الصهيوني الذي يدير منظمتكم في الخفاء ...

بمقلتين بارزة وجسد يرتجف رددا " براد " بأرتباك :

- " كريس "11

هتف " على " على الفور بحنق شديد :

لست ب " كريس " أنت وتلك المرأة من أخترع تلك الشخصية ... أنما أنا فكما أطلق ابي " الى " وفقط .. " الي " ذلك الطفل الذي حرمته من والده وقضيتم على أحلامه .. ولهذا هو هنا ... للقضاء عليك كما قضيت عليه دون رحمه برجالك الملعونين الذين قضيت عليهم بأسد جائع لتكون نهايتهم عبرة لمن يعتبر !!

ابتلع حنجرته بريبة شديدة هاتفاً بتوسل مرتبك : كريس أقصد " الي " دعنا نتفاهم وسأعوض...

لم يستطع استكمال جملته لإصابته بطلقة نارية أصابت احشائه في الحال ... فجحظت عيناه التي تحدق ب " على " بعدم تصديق ....

فأقترب " على " من وجهة بوجه كظيم يخرج من بين أنيابه الوعيد في ذلك المشهد الذي تمناه و خلم به منذ سنوات :

يلي فعلت أيها اللعين ... بني فعلت واطلقت النار بالفعل وساطلق حتى يفرغ خزان سلاحي ... الست كنت تريد موتي منذ بضع أيام ....

كلا أرجوك .. !!

رددها براد بتوصل أثناء وضع يده على جرح بطنه باعث بنظرات مختلسة لرجاله الاغبياء ....

لم يراف " على " بتوصلاته ولا بصورة المياة الملطخة بالدماء من حولهم وانطلق في استرسال رصاصته المخترقة لجسده دون توقف في صورة أسعدته وحفظها جيداً في ذاكرته بجانب

ذاكرته الأخرى المريرة .. !!

أفاق من غيبوبة انتقامه التي سيطرة عليه منذ الطفولة على جنة براد مسطحة أمامه علي سطح الماء والدماء تنفر من جسده بغزارة شديدة....

نشوة خاصة خرجت من قلبه وعقله حين تحقق حلمه رغم بعد السنين، رغبة خرجت معها روحالانتقام لتترك روحه المسالمة للأبد .. ابتعد عنه ليعود أدراجه كما كان ... ابتعد قبل أن ينكشف أمره ....

قبل أن يبلغ الشاطيء قرب " جاك " كانت الدماء قد تسربت الرجال الحراسة على الشاطيء بفعل موج المحيط الهائج .. فتعمقت نظراتهم يدعر على سطح الماء لمكان تواجد رئيسهم فشاهدوا ظلال أسود لم يتبين ملامحه عن بعد الغياب الغروب واقتراب حلول الظلام ....

استغاثات بدأت من أجهزتهم اللاسلكية لجهات الأمن بالمكان والغواصين .. وبالفعل ما هي إلا

ثواني وانقلب المكان رأسا على عقب كلا في جهة ...

الغواصين للماء للبحث عن براد ورجال الأمن بأحاطت المكان و أقفال جميع منافذ الدخول و الخروج المنتجع في الحال ....

بعد عدة دقائق جاء بلاغ لاحد أفراد الأمن بوجود سيارة في الطريق السريع بجوار المنتجع محل الواقعة رصدتها كاميرات مراقبة الطرق يشتبه بتورطها في الحادث .....

علي أثر ذلك النداء انطلق عددة سيارات علي الطريق الرملي للشاطيء الي المكان المنشود .. في

ذلك الوقت قد خرج " علي " من الماء يلتقط غطاء الوجة الملقي بقرب الماء لارتدائه قبل أن

يصل مكان اصطفاف سيارته .....

بجسد منهك عبر الحاجز الحدودي ليسمع في ظهره علي بعد مائة متر دوي سيارات شرطة تاتي باتجاهه .. فأقتحم السيارة سريعاً بكلمات تحفيذيه " لجاك " للتحرك في الحال ليلبي دون وعي لما يحدث بأقصى سرعة ممكنة .. لتتوقف السيارات الشرطة عند الحيز الحدودي الذي اعاق متابعتهم خلف تلك السيارة المجهولة ...

المنطق الاستغاثات من تلك السيارات الشرطة الطرق المتابعة سيارة بمواصفات أبلغوها لهم جيدا..

في ذلك الوقت أنحرف " جاك " بالسيارة عن الطريق الرئيسي لقطعة صحراوية مجاورة كان قد خطط " على " من قبل الرجالة بانتظارهم بها بسيارات أخرى ... وبالفعل ما هي إلا ثواني معدودة حتى أنتقل " علي " و " جاك " بهما بجميع متعلقاتهم دون ترك أي اثر خلفهم وفروا هاربين بعد ان تركوا تلك السيارة خلفهم بأبوابها المنفرجة !!

بعد ما يقارب الخمسة عشر دقيقة من البحث عثر رجال الأمن أخير على تلك السيارة الجيب المبلغ بمواصفاتها وبأرقامها المطابقة والتي أخرجت من كاميرات المراقبة للطرق .. غير موضحة بنانا مرتكب الجريمة والمتخفي وراء قناع وبدلة غوص أسود اللون ... ولكن عثر عليها فارغة تماما لينقطع الأمل الوحيد والأخير في القبض على الجناة !!

قرب غروب الشمس ببضع دقايق جلست في جلستها المعتادة أمام نافذتها والفلق تملك من قلبها حقا .. لا تعلم أين هو وما هي حالته ١٢

حتى أنها من شدة قلقها لم تعي لعلو أذان المغرب من أحد تطبيقات هاتفها وتوقيت الاقطار ...

ارجعت بيطي مؤخرة رأسها على اطار النافذة من خلفها شارده في رد فعله المفاجئ عند أنقاذها معنويا أمام والدتها وأخواتها واعطائها الموافقة المبدائية على الاتصال بهما بل وأيضا أجابته الصادمة على سؤال شقيقتها رضوى المحرج ...

تعمق ذهنها بوضوح لأول مرة منذ حدوث فعله ... فهذه التصرفات لا تخرج الا من قلب به بصيص نور .. وقد يصلح به التغيير ...

أذا القاسي به امل حتى لو كان ضئيل ....

تبتسمت تلقائيا وارتاح قلبها بعض الشيء براحة تقتحم صدرها لا تعلم لما .. ولكن كل ما تعي له هو تحول مقلتيها القلب السماء متضرعة لرب السماء له بالهداية فهو حقا وصدقا بين يداه كافة القلوب " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتبين (56) القصص "

انهت دعائها باطمئنان ... ولا تعلم لما خطر جملته الأخيرة بينهما بالأمس على مخيلتها الآن .. مما أدى تلقائياً إلى افتراش تفتيها على ذكرها .. وذكر رد فعلها المصدم على جملته المفاجئة حين سكن لسانها بدون حراك ... وبدأت بيديها المرتعشة بعجالة عملها حتى انتهت منه .. وفرت بقوة مزيفة تبنت جسدها بعض الشيء أمامه قبل أن يسقط ويتساوي مع أرض الغرفة الأملس الناعم من شدة حياتها ....


تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1