رواية هالة الفصل الرابع و الثلاثون بقلم جميلة القحطاني
البارت الرابع والثلاثين _هالة _
كل شيء توقف في تلك اللحظة. الألم لم يكن في الضرب فقط، بل في شعورها بالخذلان، بالاحتقار، بالضعف. كانت على الأرض، تئن، والدموع تختلط بالدم، والوجع لا يُحتمل... ليس فقط في الجسد، بل في الروح.
نسرين وقفت بعيدًا، تراقب المشهد بابتسامة انتصار خبيثة، كأنها حققت غايتها.
وفي الليل، جلست هالة في زاوية غرفتها، تتذكر وجه أمها، وأيامًا كانت فيها مجرد فتاة تحلم بالحب والدفء... كيف انتهى بها المطاف هنا، في قصر من رخام، وقلب من حجر.
خرجت مروه من مكتب زوجها وهي تترنح من الصدمة، تمسك بجدار الممر كأن الأرض تهتز من تحت قدميها. لم تكن تصدق ما رأته للتو... هاني، زوجها، الرجل الذي أحبته منذ سنوات، ينهار أمام أول اختبار... يبيع حبهما من أجل نزوة رخيصة.
في الخارج، لحقت بها السكرتيرة مرتبكة، تحاول أن تبرر، أن تشرح، أن تلطف الموقف، لكن مروه رفعت يدها في وجهها وقالت بهدوءٍ قاتل:قولي له أنا شُفت كل حاجة. ومش هسامحه.
ذهبت إلى بيت والدها في صمت، رفضت الحديث، رفضت الطعام، وأغلقت الباب على نفسها.
في اليوم التالي، كان هاني قد فقد صوابه... قلب المكتب رأسًا على عقب، طرد السكرتيرة، اتصل بعشرات المرات لكنها لم تُجب.
حتى محمود، صديقه المقرب، واجهه بحدة:يا راجل، كنت فاكرها مش هتعرف؟! مروه دي بتحبك بجد… وإنت دمرتها بإيدك.
هاني جلس على الأرض في مكتبه، يتنفس بصعوبة، يمسك رأسه بكفيه. لم يكن يبكي لكن عينيه كانت فارغة. لأول مرة يشعر أنه خسر شيئًا لا يُعوض.
في بيت والدها، كانت مروه تقف أمام المرآة، تنظر لنفسها، وتتذكر كلماته، وابتسامته، وكل لحظة صدق فيها أنه يحبها.
لكن اليوم شيء فيها تغيّر. نظرتها تغيّرت.
ربما الحب لا يكفي.
ربما الطيبة تُذبح أولًا.
في الليل، تلقت رسالة من رقم مجهول:أنا آسف اديني فرصة أشرح.
فأغلقت الهاتف، وكتبت في دفتر مذكراتها:الخيانة مش لحظة دي قرار. قرار يخلّي الحب يموت، ويموت اللي بعده.
بعد عدة أيام في ظلام الغرفة البيضاء بالمستشفى، كانت مروه جالسة على السرير، شاحبة الوجه، والهالات السوداء تُطوّق عينيها. يدها اليمنى موضوعة على بطنها المتألم، أما الأخرى فكانت تحمل محلولًا مغذيًا يتدلى من عمود حديدي.
