رواية خائنة خلف جدران الحب الخاتمه الثالثه بقلم صفاء حسنى
استغربت منى وبصّت لمؤمن وقالت باستغراب:
هو إيه الموضوع يا مؤمن؟ ممكن تفهّمني؟
تنهد مؤمن وهو باين عليه الحزن والتعب وقال:
إيمان بيوصلها تهديدات من زمان... من أيام ما كانت في المستشفى. الرسالة كانت واضحة: "ما تقربيش من حد، ولو قربتي هيموت حد من أهلك". عشان كده طول السنة دي وهي رافضاني.
إيمان بصّت له بدموع، وعينيها مليانة صدمة وقالت بصوت مبحوح:
إزاي...؟!
مؤمن مسك إيديها بحنان وقال:
مش مهم عرفتِ إزاي، المهم إني مش هسمح لحد يدمرك تاني. كفاية اللي حصل زمان... كفاية هي أخدت منك كل حاجة ولسه مصرّة تعيشي في حزن وهم.
شهقت منى، قلبها وقع من مكانه، وبصّت ناحية الأطفال وخافت تنطق الاسم، لكن صوتها خرج متقطع:
انت تقصد...؟! لا... مستحيل! هي السبب كمان؟ طب إزاي وهي في المصحّة؟
ضحك مؤمن بسخرية مُرة وقال:
طبعًا هي. وهي السبب في طردي من الشرطة. قدّمت ورق مزور إنّي غير صالح للخدمة، وفعلاً استغنوا عني. عارفة يا منى؟ أنا مش عارف أقولك إيه... إنتي للأسف معرفتيش تربيها ولا تزرعي فيها حاجة كويسة... وأنا بخاف لأولادي يفضلوا معاك، عشان اللي اتزرع في قلبها نبت شر.
---
، صوت مومن عالي ووشه متشنج،
كانت منى بتترعش من الغضب والدموع ماليه عينيها. الجو كله مشحون، وكل كلمة طالعة زي الرصاصة.
منى – بصوت مبحوح وبتدافع عن نفسها:
"إنت ليه دايمًا جاي عليّا يا مومن؟! آه هى نباتا شيطانة، بس مش أنا السبب… مش بسبب تربيتي! هى طالع لدم أهلها… وأنا عمري ما عرفت إن جواها الحقد ده والكره ده. أقسم بالله يا مومن، أيام كتير كنت بعلمها الصح والغلط، ولما اتحجبت فرحت… قولت خلاص، قلدت إيمان وهتبقى نسخة منها. لكن عمرى ما اتصورت إن كل ده كان تمثيل، وإنها بتعمل كده عشان توقعك فى حبها."
مومن – بيصرخ وصوته بيرجّ القعدة:
"بس متنسيش يا خالتو … هى استغلت سلطة جوزك وعلاقاته! وأنا كنت بستغرب ليه طول الوقت في النادي… مكنتش أعرف إنها بتكسب علاقات عشان تدمرني أنا! عشان توقعني في الفخ وتضحك علينا كلنا."
منى – بتضرب صدرها بيديها وبتبكي:
"أنا مالي يا مومن؟! والله ما كنت عارفه إن جواها سُم… أنا زيي زيكم، انخدعت فيها. أنا اللي كنت بقول هتبقى ست بيت صالحة وبتسمع الكلام، لكن للأسف طلعت وحش متخفي."
كانت إيمان بتسمعهم ومرعوبة وصرخت مرة واحدة ، وشها شاحب وإيديها بترتعش:
انا عاوزة اروح عند ماما سعاد هى فى خطر دلوقتي
قرب منها مومن يطمنها متخفش هى بخير بعت دوري شرطة عندها اول ما عرفت
عيونها دمعت وهي ماسكة راسها من كتر التوتر، كأنها خلاص مش قادرة تتحمل أكتر.
وبتصرخ، وشها شاحب وإيديها بترتعش:
ــ "أنا مش عارفة… هى ليه بتكرهنى كده؟! إيه اللى عملته عشان توصل للدرجة دى؟"
صوتها كان مليان قهر وخوف وهي بتبص حوالينها بقلق، تكمل بصوت متقطع:
ــ "ده وصلت لمرحلة ممكن تقتل حد من أولادها بس عشان تبعدني عنهم… أنا مش قادرة أصدق… أنا مش عارفة أتعامل معاها إزاى، بقت خطر علينا كلنا!"
عيونها دمعت وهي ماسكة راسها من كتر التوتر، كأنها خلاص مش قادرة تتحمل أكتر.
مؤمن قرب منها بسرعة، وحط إيده على كتفها يهديها، صوته كان مليان حزم لكن فيه خوف واضح:
ــ "اهدّي يا إيمان، متخليش الخوف يسيطر عليكي… أنا مش هسمح لحد يقرب منك ولا يؤذيكي، فاهمة؟"
منى كانت واقفة جنبهم، قلبها بيتقبض من حالة إيمان، عينيها دمعت وهي تقول بصوت متأثر:
ــ "يا رب استر… البنت دي فقدت عقلها بجد، أنا أول مرة أشوف إنسانة ممكن توصل للدرجة دي من الكره والحقد."
إيمان وقعت على الكرسي منهارة، والدموع سايحة على خدها، وهي تهمس بصوت مخنوق:
ــ "أنا مش قادرة أعيش كده… كل يوم بخاف إنها تعمل كارثة."
مومن يلبي طلب إيمان بسرعة، يمسك إيدها ويوصل معاها لبيت سعاد. منى تيجي معاهم هي والأطفال.
🚪 أول ما يوصلوا، يقفوا قدام باب الشقة، مومن يمد إيده ويدق الباب .
تفتح سعاد الباب بوشها الطيب، لسه مستغربة مين الطارق. فجأة إيمان تجري عليها وتحضنها بقوة، وهي بتبكي بحرقة:
إيمان (مترجفة):
"إنتي بخير يا ماما؟ إنتي كويسة؟"
سعاد تندهش من خوف بنتها وتمسح على شعرها:
سعاد (بحنان): "آه يا بنتي أنا بخير… مالك؟ تعالي جوه."
إيمان تدخل وهي ماسكة في إيد أمها كأنها خايفة تسيبها لحظة. لكن فجأة، أول ما عينيها تلمح رهف قاعدة في الصالة ومعاها شاب غريب، شهقت بقوة وصوتها اتكسر:
إيمان: "يا نهار… رهف!!"
بتنتفض رهف من مكانها والدموع تتجمع في عينيها.
الأطفال يجروا عليها باندفاع وعيونهم مليانة دهشة وبراءة:
حياة: "ماما رهف… إنتي رجعتي؟!"
مراد: "إنتي رجعتي من عند ربنا؟!"
الكلام ينزل على رهف كالصاعقة، إيدها ترتجف ووشها يتلون من الصدمة، ما بين الفرح والخوف.
لكن الصدمة الأكبر كانت على وشوش مومن ومنى، الاتنين اتجمدوا مكانهم، كأن الدنيا وقفت لحظة.
مومن يتنفس بصعوبة، قلبه يدق بعنف، فجأة يصرخ بصوت مرعوب، عينيه متوجهة ناحية الشاب اللي قاعد جنب رهف:
؟!"
الجو مشحون بالتوتر. الحوار حاد والعيون ترمق بعضها البعض.
مؤمن (بعصبية وصوت عال):
"إنتِ إيه يا بنادمة؟! معجونة شر وحقد لدرجة تهددي إيمان إن لو ما بعدتش عني هتقتلي ولادك ! وكنتِ ناوية تقتلي بنتك النهاردة؟!"
إيمان، بذعر، تجذب الأطفال إليها وتحيطهم بذراعيها، تحاول حماية أمها أيضًا. قلبها يخفق بعنف.
رهف (بصدمة):
"أنا؟! أُسَلّط حد يقتل أولادي؟! إنت بتقول إيه يا مؤمن؟!"
مؤمن (يصرخ):
"آه! وبعتّي تهديدات على رقم إيمان، من يوم ما كانت في المستشفى بتتعالج من السم اللي حقنتيها بيه، لحد النهاردة! تهديد ورا التاني، ومبترحمييش! كل ده عشان بتكرهيها… فاكرة إنها أخدت مكانك! بس الحقيقة… إنتي اللي أخدتيه من زمان! عارفة ليه؟ لإني وقعت في حبها من أول مرة شُفتها… وهي في إعدادي وأنا كنت في ثانوي. والدليل عندي… في مذكراتك اللي كتبتيها بخط إيدك. بس قوليلي بقى… إيه السبب اللي يخليكي عاوزة تقتلي بنتك؟!"
رهف تنهار في البكاء، دموعها تنهمر بغزارة وهي تصرخ هستيريًا:
"أقسم بالله ما أعرف حاجة من اللي إنت بتقول عليه ده! اسأل الدكتور مهاب… هو المسؤول عن حالتي، وحكيتله كل حاجة حصلت معايا!"
تقترب منى من رهف في حالة هياج، ترفع يدها بعصبية لتصفعها.
ولكن فجأة… مهاب يمسك بيدها بقوة، وعيناه تقدحان شررًا:
"مسمحش لحضرتك تمدي إيدك على مراتي… مفهوم؟!"
الكل كان واقفًا مذهولًا، الصمت سيطر عليهم والعيون كلها توجهت ناحية الدكتور مهاب.
مهاب، بسكينة واضحة، بدأ يشرح:
"رهف مكذبتش في ولا كلمة… أنا كنت المشرف على حالتها من أول يوم. هي حكتلي كل حاجة عملتها مع إيمان… وحكتلي قد إيه كانت ندمانة. سنين طويلة من العلاج النفسي والعقاقير… لحد ما اتحسنت من ستة شهور.
وقتها طلبت منها أكتب رسالة لأهلها عشان ييجوا يستلموها… بس ردها لسه محفور في دماغي:
قالتلي بالنص: هما مش أهلي، أهلي ماتوا من زمان… عمتي دي هي اللي ربتني وحطتني مكان بنتها. حرام أحرمها من حضنها وأرجع لناس عمرهم ما هيقبلوني. أنا خلاص ليا أهل، وهما مش عارفين بيا ولا عايزين يعرفوا.
ساعتها خرجتها على مسؤوليتي، وصدفة كنت مسافر مؤتمر في لبنان، أخدتها معايا… وهناك، حسيت بمشاعر مختلفة ناحيتها، وهي كمان. الموضوع اتطور… اتقدمت لها، وفرحت قوي… واتجوزنا. وإحنا لسه راجعين من لبنان، ودي أوراق القسيمة وباسبور السفر."
مد الدوسيه قدام الكل، إيده كانت ثابتة بس صوته متأثر.
مهاب كمل:
"رهف رجعت بيت إيمان مخصوص… عشان تعتذر لسعاد. كانت فاكرة إن إيمان اتجوزت مؤمن، وراحت تتوسط عندكم… كانت بتتمنى بس تشوف أولادها مرة كل أسبوع. مش عايزة تاخدهم منك يا إيمان، بالعكس… هي اعترفت إنك إنتي أمهم الحقيقية اللي ربت ورعت."
الصدمة كانت باينة على وجوه الحاضرين، صمت عميق سيطر، لحد ما كسرت سعاد التوتر وقالت بتنهيدة:
"فعلًا… هو ده بالظبط اللي قالته لي. ولسه كنت هقولها إن إيمان متجوزتش مؤمن."
الوجوه تبادلت نظرات بين الشك والارتباك، وكل واحد فيهم حس إن الأرض اتزلزلت تحت رجليه.
الكل كان لسه مذهول من الكلام…
مؤمن مسك دماغه بإيده وقال بصوت مبحوح:
"إنت بتقول إيه يا دكتور؟ يعني رهف كانت عندك طول السنة دي وإنت متجوزها وإنت ساكت؟!"
الدكتور مهاب بهدوء رغم التوتر:
"ما كنتش ينفع أتكلم قبل ما تبقى مستقرة، كانت حالتها خطر، وأي صدمة صغيرة كان ممكن ترجعها لورا وتضيع تعب اللي اتعمل."
سعاد بدموعها:
"يعني يا دكتور البنت فعلًا اتغيرت؟ مش هي نفس رهف القديمة؟"
مهاب بصدق:
"اتغيرت كتير… الندم كان واجعها أكتر من أي عقاب. طول الوقت كانت بتبكي على عيالها، وبتقول إنك يا إيمان كنتِ أم ليهم قبل ما تكوني أخت."
إيمان كانت قاعدة متجمدة، مش قادرة تنطق… دموعها نزلت على خدها غصب عنها.
مؤمن لمح دموعها، قلبه اتقبض وقال بعصبية:
"طب مين اللي بيبعت رسايل التهديد؟ مين اللي عمل حاجز ما بيني وبين إيمان لو مش رهف؟"
مهاب مد له ورق القسيمة وجواز السفر:
"أنا معنديش علم بكل اللي بتقوله. مش جاي أدافع عنها ولا أطلب غفران. أنا جاي أوضح إنها خلاص بقت في عهدة جديدة… بقت مراتي، وأنا مسؤول عنها. هي رجعت بس عشان تعتذر وتطلب تشوف ولادها، مش أكتر."
الكل سكت… الجو بقى مليان توتر وتقاطع نظرات ما بين مؤمن، إيمان، وسعاد ومنى.
إيمان بصوت مبحوح لأول مرة اتكلمت:
"أنا مش ضد إنها تشوف عيالها… بس خايفة عليهم. خايفة الجرح يتفتح تاني في قلوبهم."
مهاب بهدوء:
"أنا أوعدك إن ده هيكون بحساب… ساعة واحدة في الأسبوع، وسطينا كلنا، من غير ما تحسسوهم بخوف أو كره. هي عايزة بس تحس إنهم بخير."
سعاد قربت من إيمان، مسكت إيدها وقالت:
"سامحيها يا بنتي… سامحيها على الأقل عشان العيال يعرفوا أمهم من غير ما يشيلوا ذنبها في قلبهم."
إيمان بصت لمؤمن… مؤمن رجع بص لها، واضح عليه الحيرة الشديدة، قلبه بيتقطع بين الماضي اللي وجعه والحاضر اللي مش فاهم يتعامل معاه.
مومن مسك الورقة بإيد مرتعشة، وصوته فيه غضب مكتوم:
ـ يعني انتي بتقولي إن التنظيم هو اللي ورا كل ده؟ وإن التهديدات مش منك؟
رهف هزت راسها بوجع ودموعها بتنزل:
ـ والله يا مومن، أنا غلطت زمان آه، بس اتعلمت من غلطي، مش ممكن أأذي إيمان تاني. الرقم ده أنا عارفاه كويس، كانوا دايمًا يكلموني منه. وأكيد دلوقتي بيستغلوه عشان يهددوا إيمان ويكسروا نفسيتها.
إيمان بصتلها بعين مليانة شك وألم:
ـ بس إزاي نصدقك يا رهف؟ مش انتي اللي كنتي بتبيعينا وتبلغي عن خطواتنا زمان؟
رهف وقفت مرتبكة، وصوتها بيرتعش:
ـ عندك حق يا إيمان… أنا ما استاهلش ثقتك بسهولة. بس أقسم بالله أنا اتحررت من وساختهم، ودفعت تمن غلطي غالي. كل يوم بعيش بعذاب ضميري… مش كفاية إني خسرتكم كلكم؟
مومن بصّ لمراته منى وقال:
ـ لو الكلام ده صح يبقى في خطر كبير حوالينا… لازم نعرف مين اللي ماسك الخيوط دلوقتي.
منى شدّت نفس عميق وقالت:
ـ واللي واضح كمان إنهم لسه مش سايبين إيمان في حالها… ولازم نكون جنبها ونحميها قبل ما يتصرفوا بحاجة أخطر.
إيمان دموعها غلبتها وهي تبص في عيني رهف:
ـ أنا تعبت… مش قادرة أعيش في رعب كل يوم…
سعاد حطت إيدها على كتف بنتها وقالت بحزم:
ـ ما تخافيش يا بنتي، طول ما أنا موجودة مش هخلي حد يلمس شعرة منك.
مومن رجع بص على رهف وقال بنبرة حاسمة:
ـ تمام… لو بجد ناوية تكفري عن غلطك، هتساعدينا نوصل للي ورا التهديدات دي. وإلا… هتفضلي متهمة زي ما إنتِ.
رهف دموعها غرقت وشها، لكن لأول مرة كلامها كان واثق:
ـ أنا معاكم… وهساعدكم… يمكن ربنا يسامحني.
سأل مؤمن رهف:
"طيب، لو عاوزة تأكدي لي إنك فعلًا اتغيرتي، تتوقعي مين اللي بيبعت رسايل التهديد لإيمان؟ ومين الملثم اللي دخل غرفة إيمان وأخد الورقة دي؟"
ووراها الورقة وكمان الرسايل المبعوتة.
تنهدت رهف:
"أنا عشان كان عندي خبرة في الشر وكنت مشتركة معاهم… الرقم ده تابع للمنظمة، عشان كانوا دايمًا بيكلموني منه وقت ما كنت بقولهم عن خطط إيمان. فأكيد كده حد من التنظيم عايز ينتقم من إيمان أو يوصلها لحالة التعب النفسي. هما شاطرين في الحاجات دي، عشان لما رفضت أتعاون معاهم بعد كده، دايمًا يهددوا إنهم يفضحوا سري ويبلغوا عن عمتي. المحامي اللي كان عايز يوقعك تابع ليهم."
:
مومن مسك الورقة بإيد مرتعشة، وصوته فيه غضب مكتوم:
ـ يعني انتي بتقولي إن التنظيم هو اللي ورا كل ده؟ وإن التهديدات مش منك؟
رهف هزت راسها بوجع ودموعها بتنزل:
ـ والله يا مومن، أنا غلطت زمان آه، بس اتعلمت من غلطي، مش ممكن أأذي إيمان تاني. الرقم ده أنا عارفاه كويس، كانوا دايمًا يكلموني منه. وأكيد دلوقتي بيستغلوه عشان يهددوا إيمان ويكسروا نفسيتها.
إيمان بصتلها بعين مليانة شك وألم:
ـ بس إزاي نصدقك يا رهف؟ مش انتي اللي كنتي بتبيعينا وتبلغي عن خطواتنا زمان؟
رهف وقفت مرتبكة، وصوتها بيرتعش:
ـ عندك حق يا إيمان… أنا ما استاهلش ثقتك بسهولة. بس أقسم بالله أنا اتحررت من وساختهم، ودفعت تمن غلطي غالي. كل يوم بعيش بعذاب ضميري… مش كفاية إني خسرتكم كلكم؟
مومن بصّ لمنى وسالها وقال:
ده تربيتك إيه رأيك
ـ كلامها ده صح عشان يبقى في خطر كبير حوالينا… لازم نعرف مين اللي ماسك الخيوط دلوقتي.
منى شدّت نفس عميق وقالت:
ـ واللي واضح كمان إنهم لسه مش سايبين إيمان في حالها… ولازم نكون جنبها ونحميها قبل ما يتصرفوا بحاجة أخطر.
إيمان دموعها غلبتها وهي تبص في عيني رهف:
ـ أنا تعبت… مش قادرة أعيش في رعب كل يوم…
سعاد حطت إيدها على كتف بنتها وقالت بحزم:
ـ ما تخافيش يا بنتي، طول ما أنا موجودة مش هخلي حد يلمس شعرة منك.
مومن رجع بص على رهف وقال بنبرة حاسمة:
ـ تمام… لو بجد ناوية تكفري عن غلطك، هتساعدينا نوصل للي ورا التهديدات دي. وإلا… هتفضلي متهمة زي ما إنتِ.
رهف دموعها غرقت وشها، لكن لأول مرة كلامها كان واثق:
ـ أنا معاكم… وهساعدكم… يمكن ربنا يسامحني.
هز رأسه مومن تمام
" بس لازم نتأكد بنفسنا. من النهارده هنبدأ نتابع كل رسايل بتتبعت من الرقم ده."
رهف بخوف:
"بس هما خطر يا مومن… لو عرفوا إنك كشفت تهديدهم وهما فاكرينى انى فى مستشفى المجانين اتكلمت معاك ممكن يخلصوا عليا."
قرب منها مهاب وهو صوته مليان إصرار:
مش إسمها مجانين إسمها مستشفى لل أمراض الصحية والنفسيه
"متخافيش، أنا مش هسيبك.
واضح مومن
هنلعبها صح… هنخليهم يفتكروا إنهم لسه متحكمين، وفي نفس الوقت نراقب كل خطوة."
مدّ لها تليفونه وفتح الرسائل:
"بصي، كل مرة الرسايل دي بتتبعت في نفس الميعاد… بعد نص الليل. ده معناه إن في حد بيراقب إيمان كويس."
رهف عضّت شفايفها بتوتر:
"ده أسلوبهم… يستنوا اللحظة اللي الضحية بتكون فيها لوحدها عشان يسيطروا عليها بالخوف. أنا عارفه طريقتهم."
مومن خد نفس عميق وقال بحزم:
"يبقى الليلة دي هنستناهم. أي رسالة جديدة تيجي… هنقفشها ونشوف مصدرها. مش هسمح إنهم يدمروها زي ما حاولوا يدمروني."
رهف بصت له بعينين فيها خليط من خوف وأمل:
"يعني… هتسكتنيش المرة دي؟"
مومن بقوة:
"لأ، المرة دي هنواجههم مع بعض."
وبينما هو بيتكلم… موبايله رن فجأة، وظهر إشعار رسالة جديدة من نفس الرقم الغامض.
--- الرسالة الجديدة وصلت على موبايل مومن.
فتحها بعصبية، لقَى جملة مكتوبة بخبث:
"جمعتهم حواليك؟ فاكر كده مش هنقدر نموتهم؟ تبقى عبيط. ولسه كمان بتثق في رهف! مش هي دي اللي باعتك زمان؟ اشربى وبلغ حضرة الظابط… وقول لمومن: كان غيرك أشطر. حسابكم تقيل معانا."
مومن شد الرسالة والتليفون بغضب ، عينيه مولعة نار، وإيمان جسمها بيرتعش وهي متشبثة في طرف هدومه.
رهف وشها اتبدل بين خوف وحسرة، قلبها وقع لما عرفت إنهم عايزين يوقعوا بيها قدامه تاني.
مومن وهو بيعض على أسنانه قال:
– "اللعبة بقت واضحة… هما مش عايزين غير يدمروا نفسية إيمان ويشككونا في بعض. بس أنا مش هسيبهم يلعبوا بينا كده."
رهف بصوت مبحوح:
– "صدقني يا مومن، أنا ماليش يد المرة دي… عارفة إنهم بيستغلوا تاريخي معاهم."
إيمان وهي بتصرخ بخوف:
– "بس هما مش بيهددوا وبس… دول قادرين يعملوها."
وساعتها موبايل رن تاني… رسالة صوتية قصيرة، فيها صوت راجل غليظ:
"فاضل خطوة واحدة… وساعتها هتعرفوا إن اللعب معانا مش زي أي حد."
مومن شد نفسه وقال:
– "خلاص، من النهارده، أي رسالة تيجي… هنتتبعها واحدة واحدة. وهنوصل للي بيعمل كده."
---
كان هناك تتبع من جهاز أمن الدولة، ومحمد ونائب الوزير كانوا هناك بعد ما بلّغهم مؤمن بكل اللي حصل. بدأ التتبع لكل رسالة، وكانوا متوترين جدًا. أصبحوا يرسلون رسالة كل 5 دقايق من رقم مختلف عشان يشتتوا أي متابعة.
في غرفة المراقبة الخاصة بجهاز أمن الدولة، الجو كان مكهرب. أصوات الأجهزة بتقطع الصمت، والعيون كلها معلّقة على الشاشات. محمد كان واقف متوتر نائب الوزير واقف جنبه، عينيه حادة وبيقول بصرامة:
"الناس دي مش بتلعب… كل خمس دقايق بيغيروا الرقم، وبيجسّوا نبضنا. عايزين يشتتونا."
محمد أخد نفس عميق وقال:
"بس لحد دلوقتي قدرنا نربط بينهم… فيه خيط مشترك في الأبراج اللي بيبعتوا منها. بس محتاجين وقت أطول."
فجأة الجهاز رن بإشعار رسالة جديدة… الرسالة ظهرت قدامهم على الشاشة:
"العربية بتاعتك هتتفحم قدامك، ياريت إنت فيها… بس المرّة الجاية البيت اللي أنتم فيه هو اللي هيولّع كله."
ساعتها ضرب محمد المكتب بقبضة إيده وقال:
"لا… الموضوع كده خرج عن مجرد تهديدات. دول بيلعبوا بالنار."
نائب الوزير بص له بسرعة وقال:
"لازم ننقل الأسرة فوراً لمكان آمن، ونستخدم التهديد ده طُعم. هما فاكرين إننا مش قادرين نوصلهم… بس هنبين لهم إننا أقوى."
وفي اللحظة دي، اتبدّل التوتر في العيون بنوع من التصميم، كأنهم دخلوا مرحلة جديدة من المواجهة… مرحلة مفيهاش رجعة.
في اللحظة دي محمد كان قاعد قدام شاشات المراقبة في غرفة عمليات جهاز أمن الدولة، عينه مثبتة على الخريطة الرقمية اللي بتظهر كل إشارة جايالهم من أرقام التهديدات. النائب واقف ورا الكرسي، متوتر وبيتمتم:
"دول مش عاديين… دول محترفين جدًا، كل خمس دقايق بيرموا خط جديد، عايزين يشوشوا التتبع بأي تمن."
محمد رد بسرعة وهو بيكتب أوامر للفريق:
"ما تقلقش يا فندم، كل رقم حتى لو اتقفل بيسيب أثر. إحنا بنجمعهم على سيرفر واحد، وهندخل من أضعف نقطة. المهم نكسب وقت."
وفي نفس الوقت كان مومن ماسك الموبايل، إيده بتترعش من الغضب والخوف، وبيقرأ الرسالة الأخيرة بصوت عالي:
"العربية بتاعتك هتتفحم… والبيت المرة الجاية هيتولع كله."
رهف اتجمدت مكانها ودموعها نزلت فجأة:
"مومن… دول مش بيلعبوا، دول عايزين ينهوا حياتنا."
مومن قرب منها وحط إيده على كتفها، صوته غاضب لكن فيه رجاء:
"أنا مش هسيبك، ومش هسمح لحد يقرب منك. بس دلوقتي لازم نكون أقوياء، لازم نديهم ثقة إننا مش خايفين."
المحقق اللي كان معاهم اتدخل بسرعة:
"إنتوا تحت حماية الدولة، ومش هيتقربوا منكم إلا فوق جثتنا. الرسالة دي دليل إدانتهم… وهي اللي هتقفل الدائرة عليهم."
النائب رجع قال لمحمد بحدة:
"عاوز الموقع قبل نص الليل، مش عاوز أي خطأ. لو ولعوا البيت أو العربية مش هسامح نفسي."
محمد رفع عينه من على الشاشة، والعرق بيجري على جبينه:
"اطمن يا فندم… الخيط بدأ يظهر. في ثغرة صغيرة اتكررت في آخر رسالتين… وأنا هفكها دلوقتي."
الغرفة كلها اتسكتت، صوت الكيبورد بس هو اللي بيملى المكان، وكأن اللحظة دي مصيرية… إما يوصلوا للعصابة، أو يحصل الكارثة فعلاً.
---
الجو متوتر لدرجة تخنق.. كل ثانية بتعدي وكأنها ساعة. مومن واقف مش قادر يسيطر على أعصابه، عينه مليانة قلق وهو بيبص في الموبايل اللي بيرن كل خمس دقايق برسالة جديد. في اللحظة دي يوصل الفريق الخاص مع وحدة إبطال المتفجرات بسرعة، أصوات عربيات الأمن وومضات الأزرق والأحمر بتنور الشارع.
ويوصل محمد معهم واقف جنبهم ، ماسك نفسه بالعافية، بيحاول يثبت قدام الكل رغم إن قلبه بيتقطع
وفي نفس الوقت توصل رسالة تانية:
"مامتك في إيدنا يا حضرة الظابط مؤمن إنت والقاضي محمد. نسيتوا تحموها للأسف."
مومن (بعصبية وهو بيصرخ):
إيه القرف ده! لحقنا العربية قبل ما تنفجر، دلوقتي بيهددونا بأمي؟!
محمد (بيشد على دراعه):
اهدا يا مومن، اهدا… كده هما عايزينك تفقد أعصابك عشان تغلط.
المسؤول الأمني (بصرامة وهو بيدّي أوامر):
بسرعة! نحدد آخر موقع اتبعت منه الرسالة.. كل رقم وهمي بيتغير، بس في ثواني لازم نلقط أي إشارة.
(واحد من الضباط ماسك اللابتوب، عينيه مش بتسيب الشاشة):
باشا، في إشارة ضعيفة… الرسالة الأخيرة خرجت من منطقة قريبة من العزبة الشرقية!
مومن (بيقف فجأة وعينه بتلمع غضب):
العزبة الشرقية؟! يا نهار أسود… دي منطقة كلها مهجورة ومليانة مخازن.
محمد (بيقرب منه، صوته واطي لكن مليان قوة):
اسمعني كويس، لو دخلت دلوقتي هتكون فريسة ليهم.. لازم خطة.
(الموبايل بيرن برسالة جديدة، كل العيون بتتوجه للشاشة. الرسالة مكتوبة بحروف مستفزة):
"مامتك في إيدنا يا حضرة الظابط… المرة دي مفيش إنقاذ. عاوزين نعرف إنت قد إيه بتحبها… انت والقاضي محمد. نسيتوا تحموها."
مومن (بيصرخ وهو بيرمي الموبايل بعيد):
لاااا! مش هسمح لهم يقربوا منها!
محمد (بيمسكه من دراعه بالعافية):
ركز يا مومن.. دي مش لعبة، دي حرب نفسية! لو انهرت كده، هما كسبوا.
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم