رواية حكاية عمر الفصل الخامس والاربعون
توسدت وسيله صدره واستكانت تحت لمسات أنامله الرقيقه التي يمررها بين خصلات شعرها تحاول أن تتهرب من صوت عقلها الذي يناديها بالنهوض عن هذا الصمت الذي كذبت وهي تتدعي أنها ترتاح به وتستمتع بسماع صوت دقات قلبه به فبداخلها الكثير من الكلام ولكن بنفس الوقت داخلها شيء لم تفسره إلا انه فقط اختيار الوقت المناسب للحديث .... !
تباطأت حركه أنامله بين خصلات شعرها متزامنه مع نبرته الهادئه وهو يسألها : نمتي يا سيلا ؟!
هزت راسها بصمت لتشعر بتنهيده تخرج من طيات صدره وهو يتابع بارتياح : تعرفي اني مبقتش ارتاح الا وانا معاكي ....مال ليطبع قبله علي منبت شعرها وهو يتابع بامتنان : انا بحبك اوي يا سيلا
تمتمت وهي تغمض عيناها تتنفس الارتياح والسعاده من كلماته : وانا كمان ياعمر
ابتسم وتابع حركه أنامله مجددا ولاول مره يجد نفسه يريد أن يتحدث لايعرف تحديدا لماذا ولكنه برر أنه يرتاح للحديث وليس أنه يقدم تبرير لم تطلبه منه عن غيابه أو عدم وفاءه بوعوده لها حتي الآن ليجد نفسه يخبرها بما حدث وكالعاده يحصل علي تأثرها لتستند وسيله إلي صدره بمرفقها وتنظر إليه بتساؤل بينما ختم حديثه : لازم يطلقها الحيوان ده .!
: بالبساطه دي ياعمر ؟!
اوما بجديه : زي ماهو بالبساطه دي فكر يهينها ويجي عليها !
قالت وسيله بمنطقيه : هو اكيد مفكرش واللي حصل ده لحظه غضب منه لأنه لو فكر مكنش هيعمل حاجه تخليه يخسرها طالما بيحبها
رفض الاستماع لأي منطق ليقول باحتدام : مش مشكلتنا فكر ولا مفكرش . ... كده خلاص هو جاب آخره
مفيش حل الا الطلاق
داهمها للحظه شعور بالضيق في صدرها من مجرد ذكر تلك الكلمه لتتساءل بشرود بينما ركضت ذكرياتها ناحيتها لذلك اليوم وهي واقفه خلف الباب تسترق السمع ( الطلاق مفيش غيره .....هتطلق سندس يعني هتطلقها )
لتخرج كلماتها بشتات وشرود متساءله : والطفل اللي جاي ....ليه يجي ويعيش بين اب وام منفصلين ؟!
لم يشعر بما يختلج مشاعرها وقلبها خلف هذا السؤال الذي سألته بينما هو بالواقع لا يهتم لشيء إلا تلك الكرامه المنشوده لأخته ليهتف بعنفوان وهو يزيح الغطاء من فوق جسده ويقوم من جوارها
: عادي زيه زي اي طفل واحنا مش هنخليه يحس بفرق
ابتلعت وسيله بثقل وهي تتذكر نفس الحديث الذي دار بهذا المشهد الذي امتليء بالكثير من الأشخاص رددوا نفس حديث عمر ردا علي تساؤل واحد وهو مصير تلك الفتاه ليجيب الجميع نفس الاجابه المنطقيه بأنها لن تشعر بهذا الانفصال ولاتدري من اين جاءهم هذا اليقين بينما لم يسألها وقتها أحدهم عن رأيها أو مشاعرها وحتي وجودهم انتهي بانتهاء هذا المشهد بالطلاق
لتبقي هي وحدها تعاني افتقاد وجودها ونشأتها بين أبويها وكل واحد منهم جذبته الحياه لطريق منفصل
ليغص حلقها وهي تردد بشرود بينما بقي هذا المشهد في ذاكرتها : مين قال كده ...اكيد الطفل هيتأثر ومهما يكون تعويضكم له إلا أنه هيحس دائما أن في حاجه ناقصاه سواء أمه أو أبوه
هزت راسها وتابعت بيقين : مش بالسهوله دي ياعمر ...في طفل في النص هيتظلم
لايريد الحديث العقلاني ولا حتي التفكير في شيء سواء مستقبل الطفل أو أخته فهو لم يعتاد التفكير في الغد فليبقي الغد للغد لذا قال بمراوغه لإنهاء الحديث : انا هدخل اخد شاور وبعدين هنزل اشتري ليكي التليفون اللي وعدتك بيه وارجع تكوني جهزتي لينا العشا ماشي ياروحي
رفعت وسيله عيناها إليه ولكن قبل أن تقول شيء كان يغادر من امامها ....مجددا سيغادر وهي مجددا ستبقي وحدها ومجددا يبقي حديثهم بلا نهايه ومجددا لا تعرف علي اي بر سترسو قصتهم ....!
خرج عمر يصفر ويدندن ليسكت صوت التفكير الذي أصبح يتعالي من وقت لآخر في عقله ليجدها واقفه مكانها
نظر إليها من خلال المراه وسألها : مالك يا سيلا ؟!
ترددت للحظه ولكنها في النهايه قالت ببساطه تماثل بساطه طلبها :
ينفع اجي معاك ...انا زهقت من القعده لوحدي ..!
اوما بلا تردد : اوك اجهزي ونخرج سوا
ابتسمت له كطفله صغيرة لا تدرك مبدأ الثواب والعقاب الذي يمارسه عليها دون قصد منه حتي الآن ولكنه هو فقط يشعر هكذا ...!
احسنت التصرف إذن عليه أن يكافئها !
......
اتسعت عيون زينب بصدمه ما أن خرجت مهروله علي سماع صوت الارتطام القوي لتجد ابنتها واقعه علي الأرض وهذا الرجل يكاد يميل ناحيتها لتهدر به بصراخ : انت عملت ايه في بنتي ؟!
اكمل ايهم حركته ليجثو بجوار الفتاه الفاقده للوعي وهو يقول : معملتش فيها حاجه ... اغم عليها فجأه
مالت زينب بلهفه علي ابنتها تربت علي وجهها : غرام غرام !
مد ايهم ذراعه ناحيتها لتزجره زينب : انت بتعمل ايه ؟!
قال ايهم بجديه : هشيلها من علي الأرض وهتصل بدكتور
زمجرت زينب به وهي تدفع يده بعيدا عن ابنتها : ابعد ايدك عنها
انزعجت ملامح ايهم لتصرف المرأه معه وكأنه مغتصب لينظر لها بحده هاتفا : بقولك هشيلها ولا هتسيبها واقعه علي الأرض
زمجرت به زينب مجددا وعيناها انتصبت علي وجه ابنتها الشاحب : اوعي انا هشيلها
حاولت زينب أن تحرك جسد ابنتها لتتعالي أنفاسها ولا يساعدها جسدها النحيل ليزفر ايهم قائلا وهو يتمسك بهدوء أعصابه : اوعي ياست زينب .... خلينا نشوف حصل ليها ايه الاول
أبعدت زينب يده عن ابنتها بغل هاتفه : بقولك سيبها بس متلمسهاش
نظر لها ايهم بحده وهو يمد أحدي ذراعيه اسفل ركبه غرام والاخري خلف كتفها ليحملها ويعتدل واقفا وهو يزمجر بزينب بتوبيخ : عيب كده ياست زينب...ايه تلمسها دي ...انا بساعدك !
اشار الي ابنتها الفاقده للوعي وتابع : اوعي ياست زينب خليني احطها في سريرها و اكلم الدكتور
تبادلت معه زينب النظرات الحانقه لتهتف به بغضب وهي تتحرك من أمامه : هاتها هنا
وضعها حيث أشارت له زينب بغرفتها وسرعان ما اتجهت الي طاوله الزينه تسحب من فوقها أحد العطور ذات الرائحه النفاذه وتمررها أمام انف غرام التي عقدت جبينها بانزعاج ولكنها لم تفتح جفناها الثقيلان لتركض زينب الي جانب الغرفه الصغيرة تخرج من خزانتها تلك الحقيبه الصغيرة وتفتحها وتخرج منها جهاز قياس الضغط
لتضعه حول ذراع ابنتها وتبدأ بقياس ضغطها ...نظر ايهم إليها بينما لاح القلق علي وجهها وهي تحدث نفسها : يالهوي ...ضغطها واطي اوي
قال ايهم في محاوله منه لمساعده المراه : هكلم دكتور
تجاهلت ما قاله و باللحظه التاليه كانت تنادي علي ابنتها وهي تدون لها : شيماء بسرع انزلي الصيدليه هاتي الحقنه دي
أعاد ايهم هاتفه الي جيبه وظل واقف مكانه يتابع زينب التي أخذت تحرك أناملها علي جبين ابنتها بحركات معينه لافاقتها
رفعت زينب عيناها تجاه ايهم وهدرت بغل بينما لا تستجيب لها ابنتها : لو بنتي حصل ليها حاجه هوديك في داهيه ...!
لم يأخذ ايهم تهديدها علي محمل الجد مراعي ما تمر به وكذلك شعرت زينب بتهديدها الواهي لتهتف به بمرارة :
انت عاوز ايه منها ....ابعد عنها بقي كفايه اللي حصل لها !
قال ايهم بدفاع عن نفسه : انا مجتش جنبها بنتك هي اللي ... قطع حديثه رنين الجرس الذي تعالي لتزفر زينب بعد أن نادت علي ابنتها وتذكرت أنها ارسلتها لشراء الحقنه وباقي اولادها لم يعودوا من مدارسهم
لتقوم من جوار غرام وهي ترفع اصبعها بتحذير أمام ايهم : اياك تقرب منها
اسرعت لتفتح الباب وهي تهتف : اتاخرتي ليه يا شيماء ....قطعت حديثها حينما تفاجأت بجارها امامها لتقول بتعلثم : عم عبد الله !
قال الرجل وهو يلتقف أنفاسه :
خير ياست زينب سمعت صوت خبطه
قالت زينب بارتباك : لا دي العيال وهي بتلعب وقعوا الكرسي
قال الرجل بارتياح : المهم انهم بخير ....معلش علي ما نزلت السلم انتي عارفه صحتي
قالت زينب سريعا : ربنا يديك الصحه
ابتسم لها قائلا : حمد لله علي سلامه غرام
هي كويسه
قالت زينب وهي تهز راسها : حلوة يا اخويا
قال الرجل بلطف : ربنا يحنن أهل ابوها عليكم ويلم شملكم
اومات زينب بمراره : يارب ياعم عبد الله
...........
حركت غرام جفانها الثقيلان وبدأت تفتحهما ببطء للحظه قبل أن تتسع عيناها وهي تتفاجيء به امامها وعلي الفور تتراجع في فراشها بذعر وهي تهتف : انت جاي تسجنني... هتقتلني هتشنقني ....هتعمل فيا ايه ...دون أي مقدمات اندفعت دموع الخوف من عيناها وهي تتذكر مشهد الدماء وطعنها لهذا الشاب لتتابع بهذيان :
حرام عليك ...حرااام عليك
زم ايهم شفتيه بغضب شديد ومال عليها بينما بتلك اللحظه وقف امامها كما يقف بكل اللحظات امامها لايعرف ماذا يفعل وهو تاره يريد الاطباق علي عنقها وبنفس الوقت تاره أخري يشعر بالشفقه عليها
ليزمجر بها بغيظ من بين أسنانه :
انتي اللي حرام عليكي اللي بترمي نفسك فيه ...انا مش حذرتك تظهري قدامي مره تانيه ....جيتي ليه وعملتي كده لييييه
هتفت غرام من بين دموعها : عشان اخد حقي منك
.....انت دمرتني وضيعت مستقبلي وعايش حياتك وانا لا كان لازم اخد حقي واموتك
كور ايهم قبضته وهتف بها باتهام : انا عملت اللي عليا ووالدتك رفضت
هتفت غرام بثبات وهي تزيح الدموع من فوق وجنتيها : رفضت عشان اللي انت عاوزه مش حل !
زمجر ايهم بها باستنكار : و الحل انك تقتليني وتدخلي السجن ؟!
اومات غرام بيأس : علي الاقل هكون ارتحت ...انا كده كده مستقبلي ضاع ...
ليه انت تعيش عادي وانا حياتي تقف
هتف بها ايهم بغضب بينما لا تتوقف عن إلقاء كل اللوم عليه بخطأها : قولتلك عملت اللي عليا و والدتك اللي رفضت
نظرت له غرام باتهام : وانت ماصدقت ....حتي محاولتش توصل معاها لحل
صاح ايهم بانفعال : اعملها ايه !
بكت غرام بيأس لتدخل زينب بخطوات مسرعه وهي تحمل بيدها تلك الحقنه التي احضرتها ابنتها
لتسرع الي جانبها وتمسك بوجهها تسألها بقلق : غرام ...حاسه بأيه ...رجعي ضهرك لورا
مدت ذراع ابنتها وغرست بها تلك الحقنه ثم أخذت تحرك ذراع ابنتها برفق للحظات قبل أن تستدير تجاه ايهم وتنظر له بحده هاتفه : انت لسه واقف مكانك ليه ....اتفضل و كفايه اللي حصل لينا من تحت راسك ...ابعد عن بنتي !
نظر لها ايهم بحده للحظه قبل أن تنتقل نظراته المحذرة الي غرام وهو يهتف بها بتحذير شديد
: لو قربتي تاني ناحيه اي مكان انا فيه مش هرحمك
استدار سريعا ليغادر ولكن ماهي الا خطوتين وكان يتوقف مكانه حينما هتفت غرام بتحدي وهي تقوم من فراشها : هقرب وانا اللي مش هرحمك...!
هتفت زينب بها وهي توقفها : غرام
قالت غرام بصوت مختنق بالدموع : اوعي يا ماما
انا مش خايفه منه ده دمر حياتي
لازم يدفع التمن زيي
قالت زينب بمراره وهي تمسك ذراع ابنتها التي ترنحت بضعف : اللي زيه مبيدفعوش التمن
نظرت لها غرام وسألتها بصوت ممتزج بالدموع التي ملئت عيناها : ليه
قالت زينب بيأس : هي دي الدنيا
سيبيه يروح لحال سبيله يا بنتي
هزت غرام راسها برفض : لا يا ماما مش هسيبه هو يعيش حياته واحنا حياتنا تتدمر
تحاملت علي ضعف جسدها وافلتت من يد والدتها واتجهت ناحيته تصرخ به ببكاء :
حرام عليك انت دمرتني وضيعت مستقبلي
وفي ايدك تنقذني ليييه مش عاوز تمد ليا ايدك
امسكت زينب بكتف ابنتها وهتفت بها برفض أن تتسول منه الرحمه : غرام ....حياتك مش في ايد حد متشحتيش منه شفقه زي ما انتي غلطتي هو غلط وحسابه عند ربنا
مشكلتنا هنحلها
نظرت غرام بعيون محتقنه بالدموع الي والدتها قائله : نحلها ازاي ...بطريقتك لا يا ماما ...مش هقدر اكمل كده وهو عايش حياته وانا متعذبه
قالت زينب لها بتشجيع : هتقدري الضرورات تبيح المحظورات
هزت غرام راسها : لا ...انسابت المزيد من دموعها وهي تنظر إلي ايهم الذي وقف مكانه بوجه لا يعكس طاحونه الأفكار ولا المشاعر بداخله لتندفع غرام تجاهه وتتجرء تمسك بذراعه تصرخ به : حرااام عليك انت معندكش رحمه .... ازاي قادر تنام وانت عارف اني لوحدي اللي دفعت التمن مع انك غلطت زيي ....هتخسر ايه !
شوف انا خسرت ايه وانت مخسرتش حاجه ولا هتخسر
غرام
ابعد ايهم يدها عنه لتسرع زينب تجاه ابنتها التي ترنحت للخلف تمسكها وتسندها الي كتفها وترتب عليه بمواساه ناظره الي ايهم وهي تقول : روح يا بيه لحال سبيلك
نظر إلي غرام التي رفضت بانهيار وحاولت ابعاد والدتها عنها لتهاجمه صارخة : لا يا ماما مش هيمشي .....انا هموت نفسي ....هموت نفسي ياماما عشان تعبت ومش قادره اتحمل اكتر من كده
قالت زينب بعتاب : وتحرقي قلبي عليكي وتموتي كافره ....يابنتي هنلاقي حل
مرر ايهم يداه علي وجهه بينما أصواتهم بكاءهم ملامحهم التي ارتسم عليها هذا العاذب تحفر باناملها وتنهش في عقله وتزجر ضميره الذي زجره بعنفوان أن يرفع الظلم عنها ويتحمل جزاء أخطاءه
خطوة ...اثنين تحركهم هربا من هذا المشهد ولكنه لم يتابع ثالث خطوة فلم يكن يوما جبانا لذا توقف مكانه والتفت الي زينب التي تحيط جسد ابنتها التي كانت تحاول الفرار منها بذراعيها تواسيها وتواسي نفسها في مصيبتها
نظر ايهم الي زينب واستجمع ثباته وهو يقول :
اخر الاسبوع هاجي اكتب الكتاب وشوفي مين من أهلها هيكون شاهد ووكيل لها
توقفت حركه غرام لتنظر اليه من بين دموعها بينما زينب هدر قلبها بسرعه وهي تستمع لتلك الكلمات التي لم تصدق صحتها و رفضت أن تبني رد فعل قبل أن تتبين مقصده لتسأله بثبات : هتتجوزها
زم ايهم شفتيه بحنق من الموقف الذي أجبر نفسه عليه ليهتف بها باستجهان : كلامي له معني تاني ؟!
هتفت زينب به بحده : كلامك كلمتين فض مجالس مفهمهوش !
نظر ايهم إليها باستفهام : عاوزة تفهمي ايه ؟
قالت زينب بثبات : مصير بنتي ...هتتجوزها رسمي في العلن ولا ورقه في السر
تمتم ايهم من بين أسنانه : هتجوزها علني
ابتلعت زينب وبدأت الدماء تتحرك بعروق غرام التي جمدت الصدمه لسانها بينما زينب رفعت راسها بكبرياء وهي تقول : بنتي غاليه اوي وتستاهل اجدع راجل لولا ولاد الحرام اللي ضحكوا عليها وانا مش هفرط فيها بالساهل بنتي هتتجوز بفستان ومهر ومؤخرا زي اي بنت
اوما ايهم بصمت دون جدال ولكن صمته كان مستفز لتتابع زينب : قولت ايه
نظر ايهم الي زينب لتقول غرام وهي تمسك يد والدتها برجاء : انا مش عاوزة حاجه ؟!
هتفت زينب بابنتها التي أرادت أن تبدأ لها حياه وهي مرفوعه الراس : ده حقك انا مش بشحت منه ....زيك زي اي بنت
تفاجات بأيهم يوميء : حاضر يا ست زينب
نظرت زينب اليه تسأله بشك : يعني هتعيشها بما يرضي الله واللي فات مات !
قال ايهم بتسويف بينما لم يفكر بما هو قادم وما نطق به كان تخليص لنفسه من صوت ضميره : أن شاء الله !
.....
.......
وضع هشام اكواب الشاي أمام زينه علي الطاوله الخشبيه التي تتوسط الشرفه المطله علي شاطيء البحر الذي غرقت زينه أمامه في الذكريات
نظر هشام الي زينه برفق متساءلا : يعني مش عاوزة تتكلمي معايا يازينه وتقوليلي اللي مضايقك
نظرت إليه زينه وقالت بابتسامه باهته : حاسه اني كبرت علي الشكوي يا اتش ..
نظر لها هشام بعتاب : كبرتي عليا ولافاكرة مش هعرف اجيبلك حقك من عاصم اللي واضح أنه مش هيعقل ابدا
ابتسمت زينه له برفق وربتت علي يده : مفيش حاجه وعاصم مزعلنيش
ضحك هشام دون إرادته قائلا : اه يابكاشه ... بقي عاصم مزعلكيش !
خفضت زينه وجهها وغص حلقها لتتنهد قائله : لا انا بس مخنوقه وحبيت اغير جو
تعالي رنين جرس الباب ليسمعوا صوت جوري من الداخل : انا هفتح
اتسعت ابتسامه جوري وسرعان ما قفزت بحضن ابيها : بابي ...انت جيت ....كويس انك جيب تصالح مامي
ضمها عاصم إليه وقال وهو يداعب شعرها : طبعا يا حبيتي هصالحها ...اصلا مقدرش علي زعلها
ابتسمت جوري له ليغمز لها بمرح قائلا : ها بدأو النميمه عليا ولا لسه
ضحكت جوري وأشارت الي الداخل : قاعدين في البلكونه من بدري
اوما عاصم لها ودخل ليتعالي صوت هشام : مين يا جوجو
كانت الاجابه بنفس اللحظه ظهور عاصم امامهم ليستند بجسده الي إطار الشرفه ويتطلع الي زينه بنظره مشتاقه تحمل اعتذاره : السيء في روايتكم !
لم يستطع هشام امساك ضحكته وكذلك زينه التي أبعدت وجهها للجهه الأخري تخفي ضحكتها التي محتها سريعا
قال عاصم لهشام بمرح وهو يشير إليها بطرف عيناه : ها اشتكت ليك مني وقطعتوا فروتي ولا لسه !
قام هشام من مكانه ووكز عاصم بكتفه قائلا بتوبيخ لطيف : لا يا ظريف زي ماهي بنت اصول ومقالتش عليك كلمه ...اوما هشام له وربت علي كتفه هامسا بخفوت : يلا صالحها هسيبكم لوحدكم
قال عاصم بيقين وهو يهز رأسه لهشام الذي دخل للداخل : طبعا بنت اصول امال اتحملتني ازاي السنين دي كلها
أدارت زينه راسها تجاهه لينظر لها عاصم باعتذار
وقبل أن تقول شيء كان يميل عليها يقبل راسها قائلا : انا اسف
تابع اعتذاره بأنه جثي علي ركبته أمام مقعدها وامسك كلتا يديها ورفعهم الي شفتيه وكرر اعتذاره : انا اسف يا حبيتي يا مراتي ياأم ولادي يا شريكه عمري يا سبب نجاحي يا كل حاجه ليا في الدنيا !
..........
....
حاولت وسيله أن تشغل عقلها وتصب انتباهها علي هذا الهاتف بيدها ولكنها عجزت لترفع عيناها تجاه عمر تنطق اسمه : عمر
قال عمر وهو يدير السيارة ويتحرك بها : ايه يا حبيتي مش عارفه تشغلي التليفون
هزت راسها ووضعت العلبه علي ساقها واستدارت له بكامل جسدها قائله : عمر انا عاوزة اروح لتيته !
........
.....
حاول ايهم بصعوبه أن يخرج تلك الكلمات التي قضي ساعات يصوغها ويرتبها وهو يخبر ابنتاه بما انتواه
ليعلل اخيرا : انا عمري ما نسيت ذكري مامتكم ولا كنت ناوي ابدا علي الخطوة دي بس البنت عندها مشكله مع عيلتها وبجوازي منها ها ...ها.. لم يسعفه عقله لصوغ أي تبرير يراعي به مشاعر ابنتاه لترحمه حلا وكانت اول من يعبر عن رأيه بما قال ابيها لتقول ببساطه وسعاده للحظه لم يصدقها ايهم : انا موافقه جدا يا بابي ....جميله وعسوله واحنا حبيناها ....التفتت الي اختها تسألها : مش كده يا هنون ؟!
نظر ايهم بتوجس الي صمت ابنته الذي طال والي نظراتها الي اختها التي وكزتها بنظراتها تستجديها الا تقف عائق أمام ابيهم الحنون
قبل أن تقول هنا شيء كان ايهم يقول بصعوبه : هنا لو الموضوع ده هيضايقك انا .....قاطعته هنا وهزت راسها قائله بقليل من الشتات : لا ابدا يا بابي ...انا بس ...بس اتفاجئت
قال ايهم وهو يخفض عيناه بخجل من وقوفه موقف كهذا أمام ابنتاه: انا عمري ما فكرت اضايقكم بزوجه اب بس ...بس البنت فعلا محتاجه اقف جنبها ومينفعش تعيش معانا كده
اومات حلا بتفهم كان أكثر من اختها الصغري التي كان تعلقها الشديد بابيها ربما سبب بعدم قبولها الأمر لأول وهله : يا بابي غرام جميله واحنا عاوزينها تعيش معانا ...! مش كده يا هنا
اومات هنا اخيرا لتبتسم لأبيها بهدوء : أيوة يا بابي
...........
......
نظرت وسيله إلي عمر بتوجس بينما طال صمته لتسأله : مالك ياعمر ؟!
قال عمر باقتضاب : مفيش يا وسيله
ابتلعت وهي تنظر إلي جانب وجهه بينما يقود بصمت دون أن يرد أو يعلق علي ما قالته لتفرك يدها بتوتر أصبح بارع في جعلها تعيشه فقط بسبب صمته وعدم كشفه عن نواياه ....اوقف عمر السيارة اسفل منزل جدتها ليتكرر المشهد بنفس الإشارة من يده : اتفضلي روحي لها !
سحبت وسيله نفس عميق وبداخلها نشب إصرار الا ينتهي المشهد كما انتهي سابقا ليتفاجيء عمر بها تمسك بيده وتنظر الي عيناه تناجيه الا يرفض بينما تقول : تعالي معايا ياعمر !
نظر لها باستفهام لتهز راسها وتقول برجاء ممزوج بالثقه : هنطلع مع بعض لتيته وانا هقولها اني اخترت حياتي معاك بس في نفس الوقت مقدرش اعيش حياتي وهي مش فيها ولا زعلانه مني ....تعالي معايا ياعمر واقبل منها زعلها واتاكد اني عمري ما بعد عنك وتيته مش هتجبرني ابدا ابعد عنك ...لو ليا خاطر عندك تعالي معايا وحاول تراضيها....غص حلقها وهي تتابع بعيون لمعت بها الدموع : تيته هي كل حاجه ليا في الدنيا وانا متاكده أنها عمرها ما هتقدر تبعد عني !
.......
..........
قال عاصم برجاء : زينه افهميني زي ما طول عمرك بتعملي ....الكلام اللي قولته كان من خوفي علي بنتنا
امسك كلتا يديها بين يداه ونظر في عيونها بخجل يظهره امامها هي وحدها بينما يتابع باعتراف : انتي عيشتي التجربه دي معايا ليه عاوزة بنتنا تعيشها ....زينه كلامي ده مش معناه اني مش قابل علي بنتنا اللي قبلته عليكي بس معناه اني عارف اد ايه انا اذيتك ومش عاوز حد يأذي بنتنا ....عارف انا عملت ايه فيكي ومش عاوز بنتنا تعيش كده ...انا عارف انك تعبتي معايا اوي وعذري الوحيد اني بحبك ومقدرش ابعد عنك وكنت بضغط عليكي انك تقبلي اعتذاري كل مره ..عارف كل ده وزي ما بقولك عذري الوحيد اني كنت بحبك بجنون وعمري ما قصدت أاذيكي بس طبعي كان بيتحكم فيا ويشهد ربنا اني حاولت اتغير ....تنهد وتابع بمنطق : بس اعرف منين أن جوري جوزها بيحبها كده ...اعرف منين أنه مش قاصد ياذيها وهو قدامنا وفي بيتنا عمل كده امال بينه وبينها عمل ايه ....يا زينه لو اضمن عشرة في الميه أنه مش قاصد أو شوفت في عينه لحظه ندم مكنتش هتجنن كده ....صدقيني اللي بعمله هو الصح ...انا مش هأذي بنتي انا خايف عليها تمشي ورا قلبها وفي الاخر تتأذي
يا زينه انا برغم الحب اللي بينا ومحاولتي اني اصلح من نفسي الا انك منستيش وكل مره بتفكريني باللي عملته وده معناه انك لسه موجوعه ليه عاوزة جوري تحس بكده ....انا غلطت معاكي بس غصب عني واهو بحاول وهفضل احاول اصلح غلطاتي بس مش معناه نسيب بنتنا تعيش التجربه ....خلينا نقف جنبها ونساعدها تاخد قرار صح
قالت زينه بعتاب : انت اخدت القرار عنها
قال عاصم بمنطق : عشان هي مش في حاله تسمح ليها تاخد اي قرار ....نظر في عيونها وتابع بعتاب : زيك هتمشي ورا قلبها وفي الاخر هتندم زي ما انتي بتندمي دلوقتي انك سامحتيني ....غص حلقها لعتابه لينظر عاصم لها ويتابع : علي الاقل يا زينه زعلك مهانش عليا إنما هي زعلها هان عليه ومفكرش يجي يصالحها ومسك في غروره
قال كلمه صحيحه فتحت عيون زينه علي موقف مراد الذي بالفعل استهجنته بينما بالفعل مجرد مجيء عاصم خلفها بلسم جروحها عكس جروح ابنتها التي لم تجد من يبلسمها لينظر لها عاصم
برجاء ويتابع : انا عارف انك بتحبيني وهتسامحيني مش كده يا زينه
صمتت وابعدت عيناها عن عيناه ليرفع ذقنها بانامله ويجعلها تنظر إليه بينما يتابع : هتسامحيني وهتقفي جنبي وتشجعيني اجيب حق بنتنا مش كده !
...........
.....
تثاقلت دقات دقات قلب وسيله وهي تتلفت حولها بعدم فهم لباب منزل جدتها المفتوح علي مصراعيه لتتشتت نظراتها في كل اتجاه مع هولاء الذين يتحركون هنا وهناك يحملون الاثاث ويخرجون به من الباب الذي دخلت منه للتو خطوتين ...نفس نظرات عدم الفهم ارتسمت علي ملامح عمر وسبقته وسيله بالسؤال لذلك الشاب الذي كان يحمل قطعه كبيرة من الاثاث بذراعيه مفتوله العضلات والتي تصبب فوقها العرق : انت مين وبتعمل ايه ....تيته فين ؟!
قال الشاب وهو يهز رأسه : معرفش !
انزعجت كل ملامحها وتترجم قلقها في نبرتها المنفعله وهي تمسك بذراعه الشاب توقفه : هو ايه اللي متعرفش ....رد عليا انت مين ؟!
هتف الشاب بحنق وهو ينزل الحمل من فوق ذراعه : ياست ما تسبيني اشوف شغلي وروحي اسألي الحاج رؤوف
زمجرت وسيله بعصبية: مين ده ....مين ده وانتوا مين وفين تيته ؟! انطق !
لاح الغضب علي ملامح الشاب وسرعان ما تأهب للهجوم علي وسيله التي جذبها عمر لتقف خلفه وتوقف هو أمام الشاب الذي قال باستدراك : لا مواخذه يا بيه بس هي اللي فتحت ليا محضر وهات يا اسئله وانا حيا الله شيال جاي انقل عفش ولا ليا بتاع مين ولا رايح فين
نظر إليه عمر بهدوء وقال نبره حازمه : مالكش دعوة بيها ورد عليا انا ...مين الحاج رؤوف
قال الشاب وهو يمسح عرق وجهه باحدي أكمام قميصه : اللي انا بشتغل عنده ....اشتري الشقه وبعتنا نفضيها
عقدت وسيله حاجبيها وثقل لسانها بينما لا تستوعب ما نطق به الشاب لتندفع : اشتري الشقه من مين ....تيته فين وايه اللي جرالها ؟!
نظر لها عمر أن تصمت ليوجه حديثه الي الشاب مجددا : وفين طريق الحاج رؤوف ده !
بنفس اللحظه كان يتعالي صوت تلك الكحه الصادره من خلال الدرج وبعد لحظات ظهر رجل أشيب يرتدي عباءه سوداء فوق قفطان بني اللون ليشير الشاب إليهم : اهو الحاج رؤوف
تعالي صوت الرجل : محمد ايه لسه مخلصتوش
عاد الشاب ليحمل قطعه الاثاث قائلا : اهو قربنا يا حاج
عقد الرجل الذي وطأت أقدامه الشقه حاجبيه وهو يستفهم عن هويه وسيله وعمر ليتقدم عمر منه قائلا : السلام عليكم يا حاج
اوما الرجل قائلا بنبرته الخشنه : وعليكم السلام.... أامر يا استاذ
قال عمر وهو ينظر للرجل : احنا قرايب الحاجه امتثال صاحبه الشقه
قال الرجل سريعا : يا اهلا يا اهلا ...خير في حاجه
قال عمر باستفهام : فين الحاجه امتثال ...العامل بتاعك بيقول باعت الشقه
اوما الرجل قائلا : اه معلوم ...باعت وانا اشتريت
اهتزت نظرات وسيله التي كاد عقلها يخرج من موضعه وهي تستمع لهذا الكلام الغريب فكيف تتخلي جدتها عن منزلها ولماذا
: هي فين دلوقتي يا حاج
حك الرجل ذقنه قائلا : معنديش علم ....انا اشتريت من وسيط وللامانه معرفش حاجه عن الست امتثال الا اسمها اللي مكتوب في العقد
اندفعت وسيله بشتات تهتف به : هو ايه اللي متعرفش ....تيته لا يمكن تبيع بيتها
نظر لها الرجل بخشونه هاتفا : وانا هسرقها يعني يا مدام
نظر لها عمر بحده لتصمت بينما اندفع تجاه الرجل بتحذير : كلمني انا يا حاج
قال الرجل وهو يهز رأسه : ماهي اللي بتقول كلام غريب
: كلمني انا ....فين الحاجه ؟
قال الرجل وهو يهز كتفه : زي ما قولتلك معرفش ....اسأل حسونه هو اللي اتفق معاها
فركت وسيله وجهها بضياع ماثل ضياع كل ذكرياتها التي عاشتها بهذا المنزل وهي تغادره بخطوات ثقيله للغايه ولم يعد يصل لعقلها اي شيء بينما يؤكد حسونه نفس ما قاله الرجل أن جدتها باعت المنزل وانتقلت واخيرا ختم حسونه كلماته : والله يا استاذ معرفش راحت فين .... اخر حاجه خليت سواق التاكسي ياخدها محطه مصر تقريبا سافرت للحاجه اختها ...معنديش علم !
اوما عمر قائلا ببطء وهو ينظر إلي الضياع المرتسم علي وجه وسيله : متشكر
لم تتجاوب خطواتها معه وبقيت واقفه تنظر بعيون تجمعت بها الدموع الي المنزل خلفها ليجدب عمر يدها ويدخلها الي السيارة التي ما أن دخلتها حتي انهارت بنوبه بكاء تردد : تيته راحت فين... سابتني وراحت فين ....ليه ....ليه ؟!
زم عمر شفتيه ولم يقل شيء حتي لم يواسيها أو يطمئنها وللحقيقه ليس سوء منه أكثر منه تشتت وضياع وعجز عن فهم شيء وكعادته حينما يزجر في الزاويه يتعالي تدفق الادرينالين بعروقه ويلجأ الي الغضب للتعبير عن عجزه فما كان منه إلا أنه اندفع يقود بغضب شديد غير مراعي لحالتها بل كل ما ركز عليه هو إفراغ غضبه والقاء اللوم علي أحد سواه ...كادت تصطدم بمقدمه السيارة التي دعس عمر مكابحها بقوة أمام المنزل لتنصدم ملامحها ما أن تعالي صوته الغاضب يصيح بها بلوم : اهي اللي انتي مقطعه نفسك عياط عليها مشيت ولا فرقتي معاها حتي تقولك مكانها ...ايييه عاجبك حالتك دي علي حد قولتلك الف مره اننا مش محتاجينه .....بقوة امسك وجهها ورفعه الي مرأه السيارة امامها : شوفي شكلك عامل ازاي وهي تلاقيها ولا في دماغها ....كفايه نكد بقي !
التقت نظراتها بانعكاس ملامحها الباكيه علي المراه بينما صوته الجهوري يكاد يخرق أذنها بلا توقف يلقي اللوم عليها ليزداد تدفق الدموع من عيونها بينما كانت كالمتهم الذي لا يدرك إي ذنب اقترفه وكعادته عمر يحطم ولا يبالي أو ينظر خلفه كان يتركها وحيده بهذا المنزل ويغادر دون قول شيء فيكفي ما قاله !
.........
.....
جلست غرام في فراشها تضع يدها علي وجنتها وتنظر تجاه ضوء الشمس الآتي من خلال النافذه بشرود لتتفاجيء بعوده والدتها باكرا من عملها علي عكس عادتها : ماما امتي كويسه
اومات زينب وهي تشير لها : قومي يلا ياغرام البسي هنروح مشوار قبل ما اخواتك يرجعوا من المدرسه
لم تجروء غرام علي السؤال بل سارت خلف والدتها بعيون مغمضه فبعد تجربتها المريرة أدركت أن صالحها هو أقصي طموح اي ام لابنتها
دخلت خلف والدتها إلي ذلك المحل الذي كست واجهته الاطارات الزجاجيه التي تعرض جميع المشغولات الذهبيه
ابتسمت زينب قائله : صباح الخير يا جورج
ابتسم لها الرجل الاشيب ذو القميص المزكرش : صباح النور ياست زينب
اشار لها بيده ذات الخواتم الذهبيه لتجلس قائلا بترحيب : تشربي ايه ؟!
هزت زينب راسها ومدت يدها اسفل حجابها و خلعت من أذنيها ذلك القرط الذي كان الشيء الوحيد الذهبي الذي طالما تحلت به لتضعه علي الطاوله الزجاجيه قائله : شوف ده تمنه كام ياجورج
اوما الرجل لتتجاهل زينب نظره الاستفهام في عيون ابنتها وتبتسم وهي بانتظار اخبار الرجل لها بالسعر الذي ما أن قاله حتي قالت زينب بعتاب : لا زود شويه يا جورج
قال الرجل وهو يهز كتفه : الذهب سعره واقع النهارده يا ست زينب
قالت زينب بلطف : بس ده حلق دهب قديم ودهبه ميتعوضش ....ازدادت ابتسامتها ورفعت عيناها تجاه ابنتها وهي تتابع: زود شويه ده انا رايحه اجيب جهاز غرام
اتسعت ابتسامه الرجل ليضرب علي الإله الحاسبه بينما نظرت غرام الي والدتها التي هزت لها راسها بحنان
وابتسامه ازدادت حينما قال الرجل :
نزود كمان ٥٠٠ عشان خاطر غرام والف مبروك
تناولت زينب منه الأموال ووضعتها في حقيبتها قائله : الله يبارك فيك ...فرحها اخر الاسبوع نورنا
اوما الرجل قائلا : طبعا يا ست زينب ...مبروك ياغرام
لأول مره تشق الابتسامه طريقها عبر وجه غرام وهي تري اخيرا ابتسامه والدتها تعود إليها لتبقي طوال طريقهم في السوق تتأملها فقط بابتسامه وزينب تنتقي هذا وتترك ذلك وتطلب لون اخر من هذا ....لأول مره بعد طول عناء تشعر أنها سعيده لأنها تعيش ما حلمت به والدتها من أجلها سعيده وأنها حاولت اصلاح ما أفسدته
لتضع زينب يدها في ذراع ابنتها وتتابع طريقها
في السوق وهي تطبطب علي جرح قلبها وتسامح ابنتها علي غلطتها وتأمل أنها تعلمت منها !
.....
......
بعيون لمعت بها الدموع تأملت امتثال تلك الكنزه الصوفيه باللون الوردي التي انتهت من حياكتها ليغص حلقها وهي تعلقها في مقبض الخزانه قائله بصوت متحشرج وهي تستحضر ملامح السعاده علي وجه حفيدتها : خلصتلك البلوفر يا سيلا .....هيعجبك اوي ...
فرت الدموع من عيونها وازدادت حشرجه صوتها بينما تتابع وهي تمرر يدها على الكنزه الناعمه : عملته زي ما طلبتيه....تلبسيه بالهنا يا حبيبتي
مسحت دموعها والتفت الي الباب حيث دخلت اختها قائله : يلا يا امتثال الغدا جاهز
قالت امتثال وهي تهز راسها : ماليش نفس
اقتربت منها اختها وقالت بحنان : ليه بس يا امتثال ...انتي مأكلتيش حاجه من امبارح ....يا حبيتي هو مش امها طمنتك عليها
انسابت الدموع من عيون امتثال وارتمت في حضن اختها قائله ببكاء : قلبي واجعني عليها اوي يا فاطمه ..... ازاي اهون عليها متسألش عليا ....وسيله لا يمكن تبعد عني الا لو مجبره ....جايز خايفه من زعلي منها بس مين قالها اني اقدر ازعل منها ....ضربت قلبها بيدها وتابعت بقهر: ياريت كان لساني اتقطع ومقولتش ليها انها مش هترجع البيت
ربتت اختها علي كتفها بحنان لتقول امتثال بصوت باكي نادم: كنت خايفه عليها ....والله كنت خايفه عليها ومكنتش اقصد وبعتت ليها الورقه قولتلها قلبي قبل بابي مفتوح ليها ازاي تفضل واخده علي خاطرها مني ومتكلمنيش ؟!
........
.....
ضم مراد قبضته وهو ينظر في هاتفه لهذا الخبر الذي نزل في أحدي جرائد سوق المال عن عاصم يتحدث فيه عن أحدي مشروعاته التي سيبدأ بافتتاحها ما أن يعود من رحلته التي يقضيها برفقه عائلته وتذيل الخبر بتلك الصورة التي جمعته بزوجته وابنته وكما حرص عاصم بالضبط وصل المغزي الي مراد بأن حياتها لم تتوقف وهاهي في كنف احضان عائلتها تتابع حياتها ....ارتسم المكر بعيون عاصم بينما يرسل بعض الصور الي أحد الصحفيين والتي تظهر بها جوري برفقتهم تبتسم ....!
..........
.....
نظرت ريم الي نديم الذي قال دون أن ينظر إليها : براحتك !
ابتلعت ريم ببطء تسأله مجددا : يعني مش هتضايقك لو روحت كام يوم عند بابا
هز نديم رأسه وهو يقوم ويتجه الي غرفته التي يلتزم البقاء بها ما دام بالمنزل : مش فارق معايا وجودك من عدمه !
........
...........
لحظات ...دقائق ...ساعات ...ليله كامله ... تليها ايام تمر بكل مافيها تمر هكذا كانت وسيله تحدث نفسها أو تحديدا عقلها لتجاوز تلك الأيام بما فيها من لحظات ودقائق وساعات تمر عليها بثقل ومازالت نفس المتهم الذي لايعرف جرمه بينما يعاقبها بابتعاده عنها فقط لأنها سألت عن جدتها وكأن ابجديات المنطق تختفي أمامه وتصبح كعروس ماريونيت يحركها بتصرفاته فيقودها الي التفكير بالدفاع عن نفسها أو التساؤل عن ما اقترفته من ذنب دون أن تفكر في نفسها أو ما تشعر به لتضييع اكثر وسط ذلك البحر الذي ألقاها بوسطه وتكاد تبتلعها تلك الدوامه السحيقه من الظلام الذي اعتادت أن ينيره هو فقط فبقيت ايام مغيبه عن أي شيء والحزن يأكلها وعلي الجانب الآخر حدث ولا حرج فهو فقط يخبر نفسه أنه غاضب منها لانها من اخطأت ولا يوجد لديه حساب منطقي أو سبب لوضعها بخانه المخطيء سوي شعوره بأنها عكرت صفو سعادتهم ....!
بوجل أدارت وسيله راسها تجاه تلك الحركه بين الأشجار التي ظهرت واختفت فجاه لتركز عيناها تجاه الأشجار فلاتري اي حركه ....مره اخري شعرت بتلك الحركه ومعها حركه أحدي الاقدام لتهب من مكانها مذعورة وبعيون مرعوبه تنظر الي النافذه التي تقودها الي غرفتها تحسب عدد الخطوات التي ستركضها برعب لتدخل الي الداخل بينما لا تسعفها قدماها علي الحركه وتظل واقفه مكانها تنظر بخوف الي تلك الحركه من خلف الأشجار ويكاد قلبها يتوقف بينما تلك اليد تظهر فجاه من بين اوراق الأشجار الكثيفة !
هدرت دقات قلب وسيله بقوة بين جنبات صدرها وتراجعت للخلف بخوف شديد مع ازدياد تلك الحركه الصادره من خلف الأشجار لتنطلق منها صرخه قويه تزامنت مع ظهور تلك اليد وبنفس الوقت من الجهه الأخري كانت تنطلق صرخه أخري من تلك المراه التي كانت تشذب أغصان الأشجار الكثيفة وتفاجأت بصرحه وسيله بينما لم تتوقع أن يكون أحد بهذا المنزل المجاور لها والذي لم يقطنه أحد قط ....مرت لحظات وكل من وسيله وتلك المراه يحدقون ببعضهم وتضع كل منهما يدها علي قلبها تهديء من ضرباته وكانت المرأه الاسرع في السيطرة علي دقات قلبها التي هدأت لتقول بابتسامه هادئه : اسفه لو خوفتك
هزت وسيله راسها وهي تتنفس لتهديء من روعها قائله بصوت متحشرج : انا كمان اسفه بس خوفت ومتوقعتش أن في حد ساكن هنا
ابتسمت المراه قائله : وانا كمان متوقعتش أن حد ساكن هنا
بود مدت المراه يدها من خلال السياج الخشبي الفاصل بين الحديقتين الخلفيتين للمنزل قائله : انا هدي ..هدي شافع
اقتربت وسيله ومدت يدها البارده من فرط الخوف الذي عاشته قبل لحظات تجاه المراه قائله : انا وسيله فخر
ابتسمت لها المراه قائله بينما تزيح المزيد من الأغصان لتري كل منهما الأخري بصورة أوضح : اسمك جميل ....
ابتسمت وسيله لها لتتفاجيء بود زائد من المراه وهي تقول : ما تتفضلي نشرب الشاي سوا .....تراجعت بجسدها وأشارت الي حديقتها التي امتدت بها طاوله ومقاعد خشبيه لتتابع : انا لسه كنت مجهزة شاي الفواكه بس اقول ايه في عقلي اللي قالي شوفي الشجر علي ما الشاي يبرد
ابتسمت وسيله لها ولم تعرف ماذا تقول أمام دعوت المراه المهذبه والتي تظل غريبه لتقبلها لتتابع هدي بود ولطف زائد مناسب لملامحها الهادئه : بس كويس اني قومت اشوف اشوف الشجر عشان اتعرف عليكي ....تعالي اتفضلي ...شاي الفواكه هيريح اعصابك بعد الخضه دي
نظرت وسيله بتردد الي باب الشرفه المفتوح لتنظر المراه لنفس موضع نظر وسيله وتقول باستدراك : سوري لو عزمت كده بس انا فكرتك لوحدك زيي فقولت نتعرف علي بعض
تنفست وسيله وتذكرت أنها بالفعل وحيده بينما غادر ولم يفكر حتي بالسؤال عنها فلماذا تتردد في شيء يضيع ساعات من ذلك الوقت الذي يمر لذا ابتسمت تشجع نفسها أنه مجرد تعارف وتبدو المراه لطيفه فلما لا
قالت وسيله : لا انا كمان لوحدي ....هشرب معاكي الشاي
تحركت وسيله تجاه باب الشرفه المفتوح لتوقفها هدي : رايحه فين انتي مش قولتي هتشربي معايا الشاي
اومات وسيله قائله : اه ...هلف واجي من الباب
ضحكت هدي بخفه قائله : وليه تلفي ...استني
حركت هدي المزيد من الأغصان وابعدتها عن بعض القطع الخشبيه بجانب السياج الخشبي والتي إزالتها بسهوله بعد تعرضها الطويل للشمس والشتاء لتضحك هدي وهي تشير للفتحه التي صنعتها بين الحديقتين : اتفضلي
ابتسمت وسيله وهي تعبر الي حديقه المراه وتتلفت حولها بحرص سألت نفسها عنه بأنه توجب عليها بالرغم من أن قلبها ارتاح كثيرا لتلك المراه التي أشارت لها أن تجلس في المقعد ثم قالت وهي تشير الي يدها : لحظه اغسل ايدي وارجع
ثواني وعادت المراه تحمل طبق من الحلوي وتضعه علي الطاوله وتجلس ثم بدأت بسكب الشاي الذي علقت رائحته العطره الإرجاء لتمد يدها بالفنجان الأنيق الي وسيله التي ابتسمت لها : شكرا
مرت لحظات تجاذبت بهم وسيله وهدي الحديث والتي كان لها النصيب الأكبر بينما وسيله كانت تكتفي بكلمه او ايماءه بينما استغربت من الود السريع للمراه تجاهها
أشارت هدي الي فنجان الشاي قائله : مشربتيش الشاي ليه ؟!
قالت وسيله بتردد : هشربه
ابتسمت المراه وقالت بصراحه : انتي قلقانه من حاجه
بدي الكذب علي ملامح وسيله التي كانت ما تزال متوجسه لتقول هدي بتفهم : اكيد حقك تقلقي وتستغربي..انا واحده غريبه وعزمتك علي شاي
هزت كتفها قائله ببساطه : وانا كمان مستغربه نفسي جدا لاني في العادي مش اجتماعيه اوي ...ابتسمت وتابعت : بس جايز عشان خضيتك اتضايقت وحبيت اعوضك
قالت وسيله بلطف : محصلش حاجه ...انتي كمان اتخضيتي
ضحكت هدي قائله : اه بس انتي بنوته صغيرة وانا ست كبيرة فأخدت علي الخضه
نظرت وسيله إلي ملامح المراه الشابه ذات الشعر الكستنائي المصفف بعنايه ومرفوع اعلي راسها بدبوس انيق للغايه كما ملابسها التي تبدو منمقه للغايه بالرغم من بساطتها لتقول : كبيرة ايه بس
ضحكت هدي وهمست : انا عندي اربعين سنه
قالت وسيله بلطف : مش باين عليكي
قالت هدي بابتسامه : مرسي يا روحي ...يلا اشربي الشاي
بحركه هادئه بادلت هدي فناجين الشاي لتأخذ فنجان وسيله وتعطيها فنجانها كعلامه تطمأنها بها أن تشرب بلا خوف ليحمر وجه وسيله ولكن تقبلت المرأه توجسها من غريبه قابلتها للتو !
...........
.....
تمتمت عفاف من خلال الهاتف بينما ارتسمت ملامح الامتعاض علي وجهها وهي تقول : ممم...بقي كده
صمت ايهم بينما تحول وجهه الي جمره ملتهبه حينما تابعت عفاف بتلميح : ده كأنك كنت مستني كلامي
مصمصت شفتيها وتابعت بتساؤل توقعت إجابته : وياتري اخترت مين ...مرر ايهم يداه علي وجهه يحاول أن يتحمل علي نفسه بتقبل تلميحات حماته التي تابعت : تكون البنت معرفتك دي يا ابو البنات
تنفس ايهم بصوت مسموع وتمتم باقتضاب : اه يا حاجه
هي
اومات عفاف وهي تجز علي أسنانها تحاول اخفاء غيظها بينما تقول : واضحه
انفلتت اعصاب ايهم من تلميحها ليهتف بها بانفعال : هي ايه اللي واضحه يا حاجه ما توضحي انتي كلامك
قال عفاف بمكر : وهو انا قولت حاجه ...انا بس قولت كانت واضحه لما خليت البنت تقعد مع البنات انها مش هتكون معرفه وبس ....مصمصت شفتيها وتابعت : يلا اهو النصيب
زم ايهم شفتيه ومرر يداه علي وجهه الاحمر بعصبيه لتختم عفاف المكالمه قائله : لعله خير بس طبعا انت اكيد مش متوقع مني احضر الفرح
هتف ايهم بتوبيخ وهو يحصي الدقائق لإنهاء تلك المكالمه التي اضطر إليها بينما كانت حماته ستعرف بكل الاحوال فلتعرف منه افضل : فرح ايه يا حاجه وكلام فارغ ايه ...وعموما انا بس اتصلت عشان ابلغك
اومات عفاف بغيظ : وبلغتني يا ابو البنات
القي ايهم الهاتف بجواره بغضب وقام من مكانه يتحرك بعصبيه في أرجاء الغرفه للحظات قبل أن يفرغ غضبه في أحدي زجاجات العطر التي ألقاها علي الأرض لتتهشم الآلاف القطع ...ايييه اللي عملته في نفسك ده يا أيهم ..!
أغلقت عفاف الهاتف وسرعان ما اندفعت تجاه زوجها تهتف بغل وغيظ : عاجبك كده اهو هيتجوز
وكأنه ما صدق قولتله اني مش هاخد منه البنات
علي اخر الزمن يجيب ليهم مرات اب ...كله منك كان زماني واخده منه البنات
نظر الرجل لثورتها بهدوء : انتي عقلتي الكلام عشان فيه مصلحتك
عقدت عفاف حاجبيها : وايه مصلحتي
قال زوجها بتوضيح : انك متبقيش رجعتي في كلامك قدامه وتهديدك له دايما انك تاخدي منه البنات لما البنات بلسانهم قالوا إنهم مش هيعيشوا معاكي وانك لو اخدتيهم من ابوهم هيكرهوكي فحبيتي تعمليها بجميله
ربت علي كتفها وتابع : يبقي كملي جميلك بقي وطالما البنات مش متضايقين يبقي بلاش تعملي مشاكل
....كده احسن يا عفاف وهو الراجل مأجرمش لما فكر يعمل شرع ربنا
هتفت المرأه بحقد : واحفادي
قال الرجل بعقلانية : مش هتخافي عليهم زيه
هزت راسها بحنق : لا اخاف ...ولازم اخاف من البت اللي راح يتجوزها و عيني هتكون عليها ...نظرت امامها بلأمل وتابعت : ويارب ما يخلف ظني واخد منه البنات قريب
........
..
دخلت زينب الي ابنتها التي كانت السعاده مرتسمه علي محياها فوقفت زينب تتأمل شرودها وتلك الابتسامه التي ارتسمت علي شفتيها قبل أن يغص حلقها وهي تسألها :
فرحانه يا غرام ؟!
انتبهت غرام من شرودها علي صوت والدتها وسرعان ما أخفت ابتسامتها وهزت راسها باستفهام لتحيرها زينب اكثر بسؤالها التالي : فرحانه ليه ؟!
نظرت غرام الي والدتها التي تابعت بقلب يتقلب بين جنبات صدرها قلقا : فرحانه عشان ربنا فك المحنه ولا عشان وصلتي للي انتي كنتي عاوزاه من الاول واتجوزتي الراجل المرتاح
هزت غرام راسها : لا يا ماما مش كده ....انا ارتحت اني حاولت اصلح غلطتي
اومات زينب برفق وربتت علي كتفها قائله :
ياريت يبقي كده يا غرام وتكوني اتعلمتي من غلطتك اللي وقعتك وربطت حياتك بواحد عمري ما كنت اتمني واحد زيه ليكي و الله اعلم بيه بس مش مناسب ليكي
عقدت غرام حاجبيها باستفهام : ليه يا ماما ...عشان احنا فقرا وهو غني
هزت زينب راسها قائله : مشوفتش جيبه بس شايفه بصته ليكي ....نظرت إلي ابنتها بحنان لتري تلك الصغيرة البريئه التي لا تدرك الي اين تأخذها الحياه لتتابع بحنان واسي : هو مش شايفك اصلا يا بنتي وكأنك من عالم غير العالم بتاعه ...تنهدت وتابعت : يارب يخلف ظنوني ويجعل بينكم علي الاقل موده
غص حلق زينب وتابعت بندم : حقك عليا لو قصرت في حاجه بس ده مكنش مبرر ليكي عشان تضيعي نفسك .... ربنا سترك ووقف معاكي وانا كان نفسي تبدأي حياتك بعيد عن الماضي ده بس انتي اللي صممتي يا بنتي
و من دلوقتي بقولك خدي بالك هو بيكبر كل و انتي هتبقي في عز شبابك ووقتها هيغير ويشك واللي حصل زمان مش هيتنسي
انا كنت خايفه عليكي بس انتي اخترتي !
........
....
يعاقبها ام يعاقب نفسه ببعده عنها ....يتهرب منها ام يهرب من المسؤوليه ....توقف عمر جانبا وهو يسأل نفسه بينما كل ما يبرر به فعلته هو حبه وتمسكه بها الذي تحول الي هوس يجعله يبعدها عن أي شيء قد يبعدها عنه والكابوس الاعظم هو جدتها التي كلما تمسكت بها كلما ازداد الخوف تمسكا بعقله وتفكيره وكالعاده لا يترك نفسه لحسابه طويلا وسرعان ما يبعد اي افكار تعكر صفوه وهاهو يزيد من علو صوت الموسيقي ويركز عيناه علي مرأه السياره حيث توقف جانبا اسفل منزله ايهم بانتظار نزوله لينزل بعد لحظات وخلفه ابنتاه تتأبط إحداهما ذراع الأخري ويتهامسون بسعاده
نزل عمر من سيارته ويتجه إليه قائلا : مبروك ياعريس
زجره ايهم بنظراته التي لا تنم عن أي سعاده بل ملامح وجهه بأكملها كانت متجهمه
لم يبدي عمر تعليق بل اتجه يصافح ابنتاه بمرحه المعتاد : ابوكم كبر وبقي عريس
للمره الثانيه لا يستجيب ايهم لمرحه بل يزجره بنظراته
ليهتف بضيق : اخلص يا عمر
سرعان ما هتفت حلا الواقفه بجوار ابيها : بابي استني
نظر لها ايهم باستفهام لتقول وهي تمسك بهاتفها : ماهي ورودينا جايين
نظر ايهم الي ابنته بجبين منعقد هاتفا : جايين ليه ؟
قالت الفتاه ببساطه : صحابي وعزمتهم يا بابي
انتفخت وجنه ايهم بالحنق ليسرع عمر يقف بجواره هامسا: في ايه يا اايهم فك شويه ده كأنك رايح جنازه
نظر له ايهم بضيق واشاح بوجهه بينما ما يحدث لا يروق له وتقبل ابنتاه الأمر يشعره بالمزيد من الاحراج والضيق
ويزيد من شعوره أنه عجوز متصابي
حاول عمر المزاح معه ولكنه ظل علي وجهه العابس لتصل بعد قليل اربعه فتيات من أصدقاء ابنتاه ونظرات ايهم ازدادت ضيقا فحاول عمر التخفيف من توتر الأجواء فقال بمرح : تعالي يا حلا مع صحابك في عربيتي
اومات حلا بعد أن استأذنت ابيها بنظراتها ليقود عمر بهم وتنطلق الاغاني من سيارته بينما ايهم يقود خلفه بصمت حتي وصلوا الي منزل غرام التي لم تتوقف كلمات امها عن التدفق في اذنيها مهما حاولت تجاهلها واخبار نفسها أن العجاف مضي والقادم افضل ...ليتعالي صوت اختها شيماء تركض إليها : الضيوف وصلوا يا روما !
توترت أوصال غرام وسرعان ما اتجهت الي المرأه لتلقي نظره علي نفسها قبل أن تتمهل قليلا كما تمهل ايهم وترك ابنتاه يسبقونه للاعلي متسجيب لعمر الذي أوقفه يسأله ':
ايه يا ايهم مالك متضايق من البنات ليه ..هما مبسوطين وانت كمان لازم تكون مبسوط
تفاجيء بأيهم يهتف بسخط : مش مبسوط ولا زفت
عقد عمر حاجبيه : ليه ؟!
اشاح ايهم بوجهه هاتفا : عشان قللت من نفسي وحطيتها في الموقف ده .... انا طول عمري و صورتي في عيون بناتي حاجه تانيه مش مجرد رجل هلاس رايح يتجوز عيله في سنهم
نظر عمر برفق الي صديقه وحاول التخفيف عنه ليقول له : ومين قال إنهم شايفينك كده ....بالعكس
نظر له ايهم بضيق قائلا : تعرف منين كنت دخلت جواهم ؟!
هز عمر رأسه قائلا : لا بس واضح انهم مش متضايقين وانك انت اللي متضايق ...نظر إليه وتابع بجديه : طيب
هتتجوزها ليه طالما انت متضايق كده يا ايهم
تنهد ايهم قائلا وهو يشيح بوجهه : خوفت ...تمهل لحظه قبل أن يتابع : خوفت علي بناتي ....خوفت يعرفوا أو أنها تحاول تقتلتني وولادي يبقوا من غير حد... خوفت يتكرر اللي حصل واللي تفديني زي ما انت فديتني تكون واحده من بناتي ...خوفت من كلام الست زينب ومن حسابي عند ربنا ....ازداد احتقان وجهه وتابع بسخط :
خوفت وخلاص ياعمر
مرر يده علي وجهه بعصبية وتابع : هي غلطتي وحساب كان لازم ادفعه واهو دفعته بجوازتي دي
تفهم عمر كل ما يمر به صديقه ليقول برفق : البنت مش وحشه اوي كده انت بس اللي بتفكر كتير لا انت اول ولا اخر واحد
فرك ايهم وجهه قائلا باقتضاب : خلاص ياعمر مش فارق
هز عمر رأسه قائلا : لا فارق انت كده بتكره نفسك فيها اللي حصل حصل
روق وابدء صفحه جديده
نظر له ايهم قائلا : مش كل الناس زيك يا عمر... تنام وتصحي بصفحه جديده لازم تقفل الصفحه اللي قبلها عشان تعرف تفتح غيرها وانا الصفحه دي مش هتتقفل طول ما البنت دي قدامي ..!
.........
.....
تقلبت ريم في فراشها للجهه الأخري ثم فتحت عيناها تشعر بالعطش لتقوم بكسل من فراشها وهي تبعد الغطاء من فوقها وتتجه الي المطبخ ....شربت من كأس الماء الذي ملئته ثم اتجهت الي الخارج ليجذب انتباها ذلك الصوت
تسللت علي اطراف أناملها تجاه الحائط المجاور للشرفه المفتوحه ومع كل خطوه كان صوته يوضح أكثر بينما تلتقط اذناها تلك المحادثه .....وبتحبي ايه كمان ؟!
فعلا وانا كمان ....ذوقنا واحد ...ضحكه وكلمه وحوار مع فتاه ...!
هكذا تبين لها وهي تستمع لنديم الذي جلس بالشرفه يتحدث مع أحد في الهاتف والواضح أنها فتاه !
عقدت حاجبيها بينما وقفت مكانها تتساءل ماذا عليها أن تفعل في هذا الموقف ..هل تندفع وتثور ام تسكت وتتجاهل ...!
تقدمت خطوه وعادت لتتراجعها لتظل واقفه مكانها دون أن تدرك ماذا تفعل ..!
.......
.........
جلس عاصم مستندا بظهره الي الوساده خلفه في الفراش بانتظار زينه التي أتت بعد أن اطمأنت علي جوري بالغرفه التي بجوارهم حيث أخذهم عاصم لقضاء عطله
ازدادت ابتسامه عاصم وتحولت الي ضحكه حينما دخلت زينه لتنظر له باستفهام : بتضحك علي ايه ؟
هز كتفه قائلا وهو يتطلع إليها : ابدا بس افتكرت زمان
اشار لها لتأتي الي جوراه ليتطلع الي عيونها بهيام واشتياق تجدد ونشب بقلبه وكأنه يقع في حبها من جديد ليمرر يداه علي جانب وجهها ويقول بابتسامه هادئه وهو يسأل نفسه متي مضت كل تلك السنوات : فاكره
لما كنت استناكي كده لغايه ما تنيمي الولاد
لاحت الابتسامه علي وجه زينه واومات له : انت لسه فاكر
مرر يداه علي جانب وجهها والتهمت نظراته عيناها وهو يقول : عمري ما نسيت لحظه عشتها معاكي
بقيت يداه تحيط بوجهها ومال تجاه شفتيها يقبل طرفها برقه قلب أن تزداد قبلته شغفا وهو يهمس لها : بحبك يا زينه .
تجددت المشاعر المتبادله بينهم باشتياق وشغف لينتهي بزينه جالسه بحضن عاصم تستند بظهرها الي صدره العاري مغمضه عيونها بينما تشعر بشفاه عاصم تتحرك برقه علي جانب عنقها
تنهدت زينه بابتسامه مازالت مرتسمه علي شفتيها واستدارت ناحيته هامسه: انا بحبك اوي يا عاصم
عمق عاصم من قبلته علي جانب عنقها وهو يبادلها بحراره : وانا بموت فيكي يا قلب عاصم
أمسكت بيده ونظرت إليه قائله : عاصم ممكن نتكلم
اوما لها بهدوء : قولي يا حبيتي ...عاوزة تتكلمي في ايه ؟
قالت بتمهل : نتكلم في موضوع جوري ...قاطعها عاصم بقليل من الاندفاع : اوعي تقولي متدخلش
هزت زينه راسها قائله.: لا مش هقول كده ... انت عندك حق تتدخل وتدافع عنها طالما هو تطاول
بس انا عاوزة جوري هي اللي تفهم كده ...تفهم انك مش بتدخل تحكم منك وانك خايف عليها ...نظرت إلي عيناه برجاء وتابعت :كلمها يا عاصم وافهم واسمع منها عشان دي حياتها في الاول والاخر
اوما عاصم دون جدال : حاضر يا حبيتي
....
بملل لا ينضب ابعدت وسيله الستائر الحريريه من أمام النافذه لتري أن الليل قد بدء يحل لتغلقها مجددا وتتحرك أمام النافذه بينما تخبر نفسها أن الليل أو النهار وتعاقبهما لم يعد يفرق في شيء بينما تمر الايام والوحده فقط هي رفيقتها إذن في ماذا سيفرق الوقت ؟!
لم تعد تنام أو تأكل بموعد فاليوم يمر عليها بثقل وبطء
نظرت مجددا من خلال النافذه لتبقي قليلا تحدق في الفراغ الذي يحيط بهذا المنظر الخلاب حولها من حديقه أثره فلا يلفت نظرها شيء إلا ذلك المصباح المنطفيء !
وفجاه تجد نفسها تتجه إليه وبيدها أحدي المفكات وشرائط اللحام وباقي المعدات ولا تدرك سبب تلك الرغبه المفاجأه باصلاحه ....انزلت القابس واتجهت لتجلس علي الدرج الحجري وتبدأ بفك المصباح لتصلحه بلا تفكير في غريزتها الفطريه بخلق اي شيء يشغلها في ظل تلك الوحده والفراغ التي أصبحت تعيش بهم ...!
نور قوي أضاء ظلام الحديقه جعلها ترفع عيناها تجاهه وعلي الفور استنكرت دقات قلبها التي ازدادت حينما رأت سيارته تعبر الفناء وكأن ما كانت تحدث نفسها به من عتاب علي تركه لها تلك الايام وحدها تبخر فقط بظهوره ..... حاولت أن تشغل يدها بما تفعله ولكن عبثا فهاهو قلبها الخائن جعلها ترفع عيناها إليه لتتحرك تلك الضربات بكل انش بقلبها وكأنه وجد بغيته اخيرا برؤيته
لتهتف بضيق محدثه نفسها وهي تلكم صدرها جهه قلبها : انت غبي ...بتدق ليه ؟!
ابتسامه ارتسمت علي شفاه عمر الذي نزل بخفه من سيارته ولمح هذا المشهد ليقول بمداعبه وكأنه لم يفعل شيء : بتكلمي نفسك يا سيلا !
ابتسامته ودعابته وهدوءه كان كفيل بإشعال حريق في أعصابها لتهتف به ساخره : يمكن عشان معنديش غيرها اكلمها
بالتأكيد يعرف أنه أخطأ بحقها حتي وان لم يعترف ليقول ببراءه وهو يمد لها يده ليساعدها أن تقوم : انا جيت اهو يا روحي تعالي اتكلمي معايا !
لم تتحرك وسيله من مكانها بل اتسعت عيناها ونظرت إليه باستنكار فكيف يدللها ويتحدث بتلك الرقه والود بعد أن غادر معنفا لها ليزداد استنكارها حينما أتت نبرته تنبهها : هفضل واقف مادد ايدي كتير يا سيلا !
انزعجت منه وانتفض كل انش بداخلها لتهب من مكانها واقفه وكعاصفه تتحرك من أمامه هاتفه : لا متقفش روح مكان ما كنت !
وقف عمر ينظر في أثرها وهي تتجه الي جانب الحديقه ترفع قابس الكهرباء ثم تدخل الي الداخل ليلحق بها بخطوات مسرعه ولكن ما أن أدركها حتي تمهلت خطواته وسرعان ما كان ينطق بعتاب لم تتوقعه : كده يا سيلا ...هي دي وحشتني !
التفتت إليه لتري جديه عتابه بعيناه لتنقلب الموازين بداخلها ومجددا ذلك الشعور الخفي بالذنب يداعب قلبها وهو يتابع : انا مقدرتش ابعد عنك مع انك اللي عاوزة تبعدي عني !
باستفهام مشتت رددت : انا !
اوما وهو يتطلع الي عيناها التي اشتبكت بعيناه تناجيه أن يجعلها ترسو معه علي بر ليهمس عمر بصدق : انتي يا سيلا ....يا وسيله يا قلبي اللي وقع في حبك ومبقاش قادر يبعد عنك لحظه ..!
سمعت عن السم بالعسل ولكنها لم تتذوقه الا الان بمعسول كلامه الذي يخفي سم تحكمه بها وقيادته لمشاعرها وكأنه مايسترو يتقن العزف لتردد بعتاب وقلبها يخفق بانتشاء: بتقدر تبعد عني !
هز رأسه ومازالت عيناه تأسر عيناها لتشعر بيداه تطوق خصرها ويقربها الي صدره الذي شعرت بدقاته تنبض اسفل يدها التي وضعتها فوقه : مقدرش .... انتي اللي عاوزة تبعدي عني !
هزت راسها بدفاع عن نفسها : ليه بتقول كده ....كل ده عشان قولتلك اروح لتيته ؟!
: عشان مش حاسه اني انا كفايه زي ما انا حاسس انك وبس كفايه عليا !
.....
.......
نظر عاصم الي زينه ليلوح الحزن بعيناه بينما بقي لوقت طويل يتأمل ابنته الجالسه أمام الشاطيء وعيناها كل بضع دقائق تخونها وتنظر الي هاتفها وكأنها بانتظار مكالمه .... نعم لا تنكر جوري أن قلبها بالرغم من انكساره إلا أنه يبحث عن دواءه به تنتظر من حبه لها أن يقوده إليها كما يخونها قلبها ويهفو إليه .... تطلعت الي الصور التي جمعتهم والتي لم تكن مجرد مجموعه صور بل حياه وسنوات لم تتوقع أن ينساها بتلك البساطه أمام كبره !
اشاح عاصم بوجهه وهتف بانفعال : مش قادر يا زينه اكلمها ....عاد ينظر إلي ابنته بقلب متمزق هاتفا : اقولها ايه ؟!....بتحبه وقلبها مجروح !
قالت زينه برفق : وهو كمان بيحبها
اوما عاصم قائلا : جايز أو اه معاكي بيحبها بس ايه فايده حبه ليها والحب ده مش مخليه يقدر علي نفسه ويضعف قدامها
التفت الي زينه ونظر إليها قائلا : عارفه اللي صبرك عليا ايه يا زينه
نظرت زينه له ليتابع باعتراف : أن حبي ليكي كان بيقف قدام اي غرور أو كرامه .... مكنتش بستكبر اراضيكي طالما زعلتك وحتي لو مزعلتكيش كنت بوصل لمرحله اني مش طايق ولا قادر الخصام بينا يطول وانتي برضه كنتي كده ....الحب بينسي
هز رأسه وتابع : إنما هو لا .....غروره وكبره اكبر من حبه ليها وانا مش هسمح أنها تتنازل تاني
زم شفتيه وتابع بأسي : وياريته طلب منها تتنازل لا ده مستني أنها تتنازل عشان عودته علي كده
نظر إلي زينه وتابع بجديه : كلميها انتي يا زينه مش هقدر اوجعها واقولها أنه مسألش فيها ويستاهل اليل هعمله فيه .... فهميها أن ابوها بيته وحضنه مفتوح ليها علي طول وان مهما يكون جرحها احنا جنبها
ربت علي يد زينه وتابع : كملي نصيحتك ليها بأنها صح جدا تصبر علي جوزها بس فهميها تصبر علي ايه ....تصبر علي فقره ومرضه وحاجته ليها إنما متصبرش ابدا علي إهانته ولا علي طبعه طالما مش بيحاول يغيره
خليها تخشن وتقف قدام الدنيا وتفهمه أنه زي ماهو مجاش علي نفسه عشان خاطرها هي مش هتيجي علي نفسها ابدا عشانه !
...
........
مال عمر تجاه وسيله يتطلع لحظه الي وجومها قبل أن يحاول المزاح معها لعل نظره الحزن التي تلمع بعيونها تختفي ليقول وهو يشير إلي مائده الافطار : سيلا ...انتبهت له ليقول بمرح وهو يرفع أحدي البيضات: البيض مش متقشر
قطبت وسيله جبينها ونقلت نظرها بين ابتسامته وبين البيضه التي يرفعها بين يداه لتنفلت نبرتها الحاده : طيب ما تقشرها ياعمر ....عقد حاجبيه من حدتها لتزفر وسيله باستدراك وتجذبها من يده هاتفه بحنق : هات اقشرها
امسك عمر بيدها يوقفها عن طرق البيضه بطرف الطبق ورفعها تجاه جبينه ...قطبت وسيله جبينها بعدم فهم ليمازحها بمرح تتمني لو تعرف كيف يستطيع إظهاره بتلك البساطه : اكسريها علي راسي
نظرت له بعدم فهم ليضرب البيضه بمقدمه رأسه وينفجر ضاحكا وهو يقول : كنت زمان بعمل كده مع بابا ....عشان يقنعني اكل البيضه يخليني اخبطها علي راسه وانا كنت ببقي مبسوط اوي
رفعت حاجبها ولم تتمالك ضحكتها المستنكره : مبسوط وانت بتضرب راس باباك بالبيضه
اوما ضاحكا : اه تخيلي ....تنهد بحنين وهو يتابع باعتراف : بصراحه زمان كنت طفل متعب اوي
هتفت متبرطمه : ومازلت
رفع حاجبه : بتقولي حاجه
هزت راسها بسماجه : بقول مازلت متعب ياحبيبي
عقد حاجبيه وقال بعنجهيه : انتوا اللي مش فاهميني
نظرت له وسيله وسألته بجديه : وانت فاهم نفسك !
هز كتفه بغرور : طبعا
وضعت وسيله يدها علي خدها تتطلع إليه : فاهم ايه بقي ....تنهدت وتابعت : انت كل دقيقه بحال ياعمر
قال ببساطه : وايه الغريب في كده ...طبيعي اتضايق وبعدين اهدي ...كل احساس بحسه بيعبر عني
اومات قائله بجديه : واللي قدامك إحساسه ايه
فهم ما ترمي إليه ولكنه راوغ ليقوم من مكانه ويميل ناحيتها يداعب وجنتها قائلا : اللي قدامي مكشرة من امبارح وانا متحملها
نظرت له وسيله رافعه حاجبها مردده : متحملني !
اوما لها بتلك الابتسامه البريئه التي تجعل الابتسامه تشق طريقها لوجهها ...!
تعالي رنين هاتفه ليتحدث بضع كلمات سرعان ما جعلت وسيله تهز راسها : مش هتمشي ياعمر
قال برفق : شغل يا سيلا
عقدت يدها حول صدرها وهزت راسها بينما مجرد ذهابه وعودتها لتلك الوحده جعلت الضيق يتسرب الي صدرها : لا مش هتمشي
قال بجديه : مش هتأخر
قالت جبينها برفض : كل مره بتقول كده وبتسيبني لوحدي
: طيب وعد مش هتأخر
هزت راسها باصرار : لا
نظر إلي عيونها بينما تصر علي بقاءه وكم اطربه تمسكها به : سيلا
قالت برفض : قولتلك لا مش هتمشي وتسيبني ياعمر
تلاعبت النظرات اللعوب بعيناه بينما يتظاهر بالجديه : وبعدين بقي في الدلع ده
نظرت له بطرف عيناها ليغمز لها وينقلب جده لمزاح وهو يتغزل بها : انا بموت في الدلع
يولع الشغل
افلتت ضحكتها والتي انتهت بين شفتيه يقبلها بشغف واشتياق
وكالساحر محي كل ما بداخلها من حزن ولون أيامها بالوردي بعد أن طغي عليها السواد ....!
..........
....
نظرت وسيله إلي انعكاس صورتها في المراه بينما وقفت تلك المرأه خلفها تحرك خصلات شعرها علي الجانبين
لتبتسم وسيله لتلك القصه الجديده التي حصلت عليها لشعرها فقد اخذها عمر ليتسوقوا لتطلب منه أن تذهب الي أحدي صالونات التجميل ليوافق علي الفور ويصحبها الي المكان الذي إرادته ويبقي بانتظارها باحدي الكافيهات ....قامت وسيله من المقعد واختطفت نظره الي نفسها مجددا لتبتسم وتفكر أن كل ذلك الحزن الذي كان بداخلها ذهب بمجيئه وبقاءه برفقتها وبالفعل كان كافي حتي لا تفكر في أي شيء آخر
خرجت من صالون التجميل وامسكت هاتفها تتصل به : أيوة يا حبيبي ...انا خلصت
اوما عمر وهو يعتدل واقفا : ماشي يا روحي دقائق واكون عندك
: وسيله
التفتت وسيله إلي مصدر الصوت لتبتسم : اكمل
عامل ايه ؟
اوما الشاب زميلها السابق : تمام وانتي
: كويسه الحمد لله
قال بمرح : في مشاكل في الكهرباء تاني
هزت راسها قائله : لا كله تمام
اوما قائلا بلياقه : طيب لو في اي حاجه كلميني علي طول
شكرته وسيله بابتسامه قبل أن تسأله بتردد : هو ...هو الشركه عندك مش محتاجه حد يشتغل
استغرب سؤالها وهي ايضا استغربته ولم تفكر به سابقا لتقول بتبرير : يعني شغل في نفس القريه وانا ببقي قاعده اغلب الوقت لوحدي زهقانه
اوما اكمل بلا تردد : حاضر هسألهم وارد عليكي
ابتسمت وشكرته ولوحت له ليكون مجيء عمر بذلك المشهد الذي كان كافي ليبدل ملامح وجهه ....اتجهت وسيله لتركب بجواره وعلي الفور كان يسألها : مين ده ؟!
قالت ببساطه : اكمل زميلي ...فاكره اللي جه يصلح لينا الكهربا
تابعت وهي تعدل من خصلات شعرها علي جانب وجهها : مش قولتلك أنه بيشتغل دلوقتي في شركه... صيانه ....ماتت باقي كلمات جملتها علي شفتيها حينما زمجر عمر فجاه : مش عاوز اعرف تاريخ حياته
تفاجئت وسيله بعصبيته لتقول باستفهام : في ايه يا عمر ؟
قال وهو يحاول السيطرة علي عصبيته : متكرريهاش تاني
نظرت له باستفهام : هي ايه ؟!
هتف بحنق من بين أسنانه : تقفي مع حد أو تكلمي حد تاني ...التفت لها وتابع بنبره لا تقبل الجدل : ودلوقتي اقفلي كلام في الموضوع ده
وبالفعل كأنه ضغط زر يمحي ما حدث ويتجاوزه به فهاهو بعد عودتهم للمنزل يأخذها بين ذراعيه ويتغزل بها وكأن شيئا لم يكن فيتركها غارقه أكثر في المزيد من بحر التشتت فلم تستطيع اغماض جفونها وبقيت طوال الليل بجواره تتطلع إليه بينما يحيطها بذراعه بتملك بدأت تراه وهاهو الصباح يأتي بالمزيد ....لاتعرف أن كان مجيء اكمل الي منزلها من سوء أو حسن حظها لتبدأ تلك العصابه التي اسدلها الحب فوق عيناها تتلاشي ببطء لتري شيء من شخصيته الخفيه !
ابتسمت وسيله بقليل من التوتر وهي تحاول بسرعه إنهاء ذلك اللقاء بينما تحذيره لها بالأمس يلوح بالأفق وبالرغم من صوتها الداخلي الرافض إلا أنها وجدت نفسها تحاول إنهاء الحديث مع زميلها
: اعملي cv وهاتيه وانا هقدمه ليكي
قالت بتوتر : ماشي يااكمل شكرا تعبتك
قال بلياقه : مفيش تعب
اغلقت البوابه الخشبيه واتجهت الي الداخل ليخفق قلبها بقوة بعد أن رأت عمر يقف لدي باب المنزل الداخلي وقد استيقظ للتو ليشير بعيناه تجاه البوابه الخشبيه الخارجيه للمنزل وقد لمح شخص ما يغادر من امامها
سألها بنبره مخيفه : كنتي بتكلمي مين ؟!
ابتلعت وسيله وطمأنت نفسها بثقه أنها لم تفعل شيء لتقول بثبات بالرغم من توتر ملامح وجهها : ده ...ده اكمل كنت سألته علي ....قاطعها عمر بانزعاج شديد : وانا قولت ايه امبارح
اومات وسيله وقالت بشرح : تمام بس انا بفهمك اني كنت سألته علي حاجه قبل كلامك وهو جه يرد عليا
من حسن حظها أنه لم يعطي تركيز أو يسأل عن ماهيه هذا الشيء الذي سألته لزميلها وغيرته اعمته عنه ليهتف بغضب : مش عاوز افهم ولا اسمع حاجه غير انك تنفذي اللي قولته
استنكرت وسيله وجاءت لها الفرصه التي لم يمنحها لها بالأمس فقالت بتمهل : عمر في ايه ....محصلش حاجه لده كله بقولك ....
بصعوبه جاهد ليتحكم في مارد غضبه ليقاطعها هاتفا من بين أسنانه : وسيله انا مش عاوز اتكلم واتناقش ....قولت كلمه نفذيها وخلاص من غير جدال
نظرت له برفق وحاولت امتصاص غضبه الغير مبرر : اكيد يا حبيبي هنفذ كل كلامك بس انا بقولك مفيش حاجه حصلت مستدعيه عصبيتك دي
بدأت اعصابه تنفلت ليزمجر بها : انا اللي أقرر ايه مستدعي ولا لأ وانا قولتلك الموضوع ده بالذات بيضايقني يبقي متعملهوش تاني
قالت وسيله ببساطه : يا حبيبي ما انا بقولك محصلش حاجه تستاهل انك تتضايق ...ده مجرد زميل ....ماتت الكلمات علي شفتيها باللحظه التي شعرت بارتطام ظهرها بالحائط خلفها حينما اندفع عمر ناحيتها بغضب اهوج يقبض علي ذراعيها بعنف صارخا بعصبيه مخيفه : قولت مفيش حاجه اسمها زميل ولو شوفتي اي حد اياك تفكري تبصي له مش تسلمي عليه ...فاهمه
رمشت وسيله باهدابها بينما شقت الدموع طريقها الي حلقها غير مستوعبه ذلك الوجه المخيف له دون سبب
لتبتلع بخوف فجاه دب في أوصالها لاول مره منه بينما يزجرها بنفس النبره المخيفه : انطقي ...فاهمه !
خوف كبير من فقدانها تغلغل بكيانه فأصبح يطوقها بوجوده وكأنه يريد أن يغلق عليها صندوق مخملي لايكون اي احد بالقرب منها ليبدء ذلك التمسك المرضي بها بالظهور وهاهي نرجسيته تلوح في الافاق وليتها قرأت ما يلوح لها !
انتفضت علي نبرته العاليه بينما يردد بعصبيه مخيفه : انطقي فاهمه
رفض لسانها النطق بما يخالف عقلها لأول مره أمامه ليتفاجيء عمر بها تهتف وهي تضع يدها فوق يداه تحاول أبعادها عن ذراعيها : لا مش فاهمه !
هو من كان لا يفهم الا تحديها له لاول مره لتنفلت أعصابه اكثر ويتوهج طبعه البربري بداخله فلم يشعر بقوة إمساكه لذراعيها صارخا : لا هتفهمي !
وهو يهزها ويدفعها مره اخري تجاه الحائط خلفها الا حينما صرخت بقوة وسقطت أرضا تتألم بقوة ضاهت قوه ارتطام ظهرها بالحائط خلفها ....وقف مكانه يتطلع إليها وقبل أن يمد ذراعه إليها كان يكور قبضته ويأبي التراجع عن رؤيتها لعواقب اخراج مارد غضبه من داخله لتكون ضربه اقسي عليها حينما تركها مكانها ودخل بخطوات غاضبه للداخل وبعد لحظات كان يخرج من الغرفه بعد أن ارتدي ملابسه ويخرج صافقا الباب خلفه بعنف !
تراجعت هدي سريعا للخلف تقف خلف بوابه منزلها وعيناها علي سياره عمر تنتظر أن تختفي عن الأنظار وسرعان ما كانت تسرع بخطواتها تعبر الفناء بين المنزلين
وتتجه الي الباب تطرق علي بابه وتنادي بصوت قلق : وسيله !
كانت وسيله ماتزال جالسه علي الأرض الرخاميه تضم ذراعيها حولها تجاه ظهرها الذي يؤلمها وتبكي بلا توقف لترفع يدها تجاه وجهها تحاول مسح دموعها الغزيرة : مين ؟!
استمعت من خلف الباب لصوت جارتها :انا هدي يا وسيله
استندت وسيله إلي الحائط خلفها تحاول أن تتحامل علي الم ظهرها وتقوم وهي تمسح بكلتا يديها وجهها من دموعها ولكن ما أن رأت نظرات هدي لها حتي انفجرت باكيه وارتمت بين حضن تلك الغريبه تبكي وجعها بينما نبذها حضن حبيبها !
........
...
نظر عاصم الي محاميه قائلا : فهمت ياعبد الحميد
اوما الرجل الاشيب قائلا بنبره هادئه : متقلقش ياعاصم بيه فورا هبدأ في إجراءات القضيه وان شاء الله الطلاق هيتم في هدوء وسريه
رفع عاصم حاجبه متسائلا : ليه سريه ؟!
نظر إليه عبد الحميد بعدم فهم لتتلاعب النظرات الماكرة في عيون عاصم بينما يتراجع بظهره الي مسند مقعده ويضع ساق فوق الأخري ويلاعب القلم بين أنامله قائلا : مش سر خالص ياعبد الحميد ...ابعت لابن البحيري اعلان القضيه علي شركه أبوه ...!
ابتلع عبد الحميد وهو ينظر بتوجس الي عاصم ليتأكد من ما يريده ليه عاصم رأسه وابتسامه ماكره مرتسمه علي شفتيه بينما يتابع : خد وقتك في الإجراءات بس عاوز خبر الطلاق يتعرف للكل ...!
........
نظر مراد بجبين مقطب الي مديرة مكتبه التي قالت : مستر مراد في حد عاوز يقابلك
قال مراد بعدم اكتراث : مش فاضي دلوقتي يا مروة
حمحمت الفتاه وقالت بتعلثم : بس ده ...ده محضر من المحكمه
رفع مراد عيناه إليها مرددا باستفهام : محضر من المحكمه !
اومات له بصمت ليسألها مجددا بدهشه : جاي ليا انا ؟!
هزت راسها ليقول : طيب خديه الشئون القانونيه
احمر وجه الفتاه بينما أرادت بشده ان يعفيها من ذكر التفاصيل التاليه ولكنها اضطرت أن تقول بتعلثم واضح : الشئون القانونيه هي اللي بعتته يا فندم لانه لازم يسلم حضرتك الاعلان بنفسه !
زم مراد شفتيه بعدم فهم بينما لم يتوقع التالي ليردد بانزعاج : اعلان ليا انا ؟!
اومات مجددا وهي تخفض عيناها لينظر إليها بطرف عيناه :طيب دخليه
كادت عيناه تخرج من موضعها وهو يتسلم هذا الاعلان بقضيه الطلاق ..!
ليتجاهل المحضر الذي قال وهو يحاول أن يركض خلفه : سيادتك موقعتش
بلا تفكير اندفع مراد الي مكتب أبيه هاتفا بانزعاج وصدمه : شوفت عاصم السيوفي عمل ايه !
امسك سيف الورقه من يد ابنه ونظر إليها ليلوح الانزعاج بنظراته هو الآخر ليس فقط من تصرف عاصم ولكن من وصول الأمور لتلك المرحله ....تحرك مراد بعصبية شديده أمام أبيه للحظه قبل أن يهتف بوعيد وهو يندفع خارج مكتبه : انا مش هسكت !
اسرع سيف خلف ابنه يمسك بذراعه قبل أن يخرج من المكتب : استني هنا انت رايح فين ؟!
نظر مراد الي ابيه بغضب : رايح اجرجرها من شعرها وارجعها البيت ويبقي يوريني اللي اسمه عاصم ده هيعمل ايه !
احتقن وجه سيف بالغضب من حديث ورد فعل ابنه ليهتف به بتوبيخ لا يعرف علي ماذا أو ماذا بينما كل كلمه أو تصرف منه يزيد من سوء الوضع : تجرجر مراتك من شعرها يا حيوان !
انصدمت ملامح مراد من توبيخ أبيه الذي اوميء وتابع بانفعال : طبعا حيوان ومش راجل لما تقول كده ولو علي سبيل التهديد
تعالت نبره سيف أكثر يصيح بابنه : اييييه انت لغيت عقلك وبقيت بتتكلم زي المجانين ....انت متخيل كلامك ولا عقلته قبل ما تقوله ....متوقع ابوها يقف يتفرج عليك لو بس قربت منها
هتف مراد بعنفوان : يعمل اللي يعمله ...ميقدرش يعمل حاجه ...جوري بتحبني !
نظر سيف الي ابنه وحقا كان عليه أن يضحك ساخرا علي اخر ما نطق به : بتحبك ...!
نظر إلي ابنه وتابع بجديه جارحه : تبقي اهبل لو مفكر كده ....ملعون ابو ده حب اللي يذلها وانت وصلت انك تذلها بالحب ده !
..........
.....
مسحت هدي برفق دموع وسيله ومدت يدها لها بكوب من الماء وهي تقول برفق : اسفه اني جيت وبتدخل بس قلقت عليكي لما سمعت صوت جوزك وقولت اطمن عليكي
لم تستطيع وسيله ابتلاع غصه حلقها بينما مازالت في صدمه مما فعله ليس فقط تطاوله عليها بل نوبه الغضب الشديده التي دفعته لأن يعاملها علي هذا النحو البشع والابشع أنه تركها وكأنها لا شيء !
نظرت هدي الي تلك الشابه برفق والتي لا تعرف كيف دخلت قلبها بتلك البساطه من مجرد لقاء لتسألها : انتي كويسه
لم تعرف وسيله بماذا تجيب بينما كل شيء بداخلها مشتت ولكن ذروة الشتات ربما هي ما جعلتها تفكر أن زر التجاوز لم يعد يفلح وعليها أن لا تتجاوز عن ما حدث !
لتنطق فقط بتلك الكلمات : ينفع توصليني مكان
اومات هدي بلا تردد : طبعا
.......
.........
نظر عاصم الي جوري التي تحدثت ولكنها لم تتحدث بالكثير وأبقت علي اسرار حياتهم بينهم لتنظر الي ابيها باستفهام : كان لازم تعمل كده يا بابي
قال عاصم برفق وهو يربت علي شعرها : اه يا جوري ... لازم يحس انك مش هتضيعي من أيده ...لا انك ضعتي خلاص
نظر لها بحنان وتابع : جوجو انا عارف انك بتحبيه وانك مخبيه عني حاجات كتير ومش هضغط عليكي عشان اعرفها لا انا عاوزك انتي اللي تضغطي علي نفسك وتفكريها بكل اللي عمله !
.........
.
هب سيف من خلف مكتبه حينما أخبره محاميه بما طلبه منه ابنه : انت بتقول ايه يا متر ؟!
تعلثم الرجل الاشيب قائلا : بقولك اللي مراد بيه طلبه مني !
زم سيف شفتيه بحنق بينما شابهه ابنه القطار الذي لا يتوقف ابدا ليشير الي المحامي قائلا : اياك تنفذ اي حاجه من اللي طلبها يا سعد
اوما الرجل قائلا : طبعا عندك حق وانا عشان كده جيت ابلغك
حاول الاتصال أكثر مره بابنه بلا اجابه ليتصل بنور وسرعان ما كان يهتف بها : هو فين ؟!
استغربت نور لتسأله : قصدك مراد
هتف سيف بسخط : أيوة هو فين اللي هيجيب اجلي ومش هيرتاح الا لما يخسر مراته تماما
قالت نور بقلق : ايه اللي حصل ياسيف
زم سيف شفتيه وهتف بحنق : ابنك عاوز يرفع عليها قضيه ويطلبها في بيت الطاعه !
انقبض قلب نور لتقول بحزن : ليه بس الأمور توصل بينهم لكده
وعلي الفور كانت تأتيها الاجابه من ابنها الذي دخل الي المنزل هاتفا بسخط : ابوها اللي وصلها لكده
قالت نور بعتاب : دي مش حرب بينما وبين عاصم يا مراد
بانزعاج هتف سيف من خلال الهاتف : خليه عندك يا نور انا مسافه الطريق وجاي
أغلقت نور الهاتف وامسكت بذراع ابنها تجذبه ليجلس هاتفه : اقعد يامراد واهدي وفهمني إيه اللي حصل !
........
.......
التفتت هدي تجاه وسيله حينما طال وقوفهم أمام الوجهه التي أخبرت بها سائقها لتربت علي كتفها بحنان : هو ده العنوان يا وسيله
غص حلق وسيله بقوة وانسابت الدموع الحارقه علي وجنتيها وهي ترفع عيناها الي منزل جدتها ليزداد بكاءها بقهر بينما لم تعد تعرف لجدتها عنوان الا هذا المنزل
برفق حاولت هدي أن تتفهم ما تمر به تلك الشابه لتقول لها بحنان : مالك يا وسيله
ليتها تعرف ما بها إلا أنها وحيده ضائعه لا تجد الحضن الذي طالما طمأنها واحتواها بكل ازمه مرت عليها !
انزلت عيناها التي تعلقت بمنزل جدتها وقالت بصوت متحشرج : ممكن نروح مكان تاني
هزت هدي راسها وأشارت الي سائقها أن يذهب بهم الي العنوان الذي املته له وسيله بينما لم يكن امامها مكان آخر إلا منزل والدتها !
نظرت هدي إليها قائله : هتبقي كويسه !
اومات وسيله قائله : متشكره انا تعبتك
هزت هدي راسها بابتسامه : مفيش اي تعب ....هاتي رقمك عشان اتصل اطمن عليكي
قالت وسيله وهي تهز كتفها : انا سبت التليفون وماخدتش معايا حاجه
اومات هدي بتفهم لتفتح حقيبتها الانيقه وتخرج منها أحدي الكروت الشخصيه تضعه بيد وسيله قائله : دي كل ارقامي كلميني وطمنيني عليكي
نزلت وسيله وهي تقدم ساق وتؤخر الأخري قبل أن تدخل الي منزل والدتها الذي ما أن اطمئنت هدي أنها دخلت إليه حتي التفتت الي سائقها الامين قائله : يلا يا انور
نظر لها الشاب من خلال المرأه قائلا بجديه : نطلع علي المستشفي ولا البيت
قالت هدي بحيره بينما كل عقلها كان مع تلك الفتاه : كلمت نجيه
اوما لها قائلا : شافع بيه وصل من ساعه البيت
قالت هدي بايماءه من راسها : يبقي نطلع علي البيت
هز الشاب رأسه وسرعان ما تحرك بالسياره التي قطعت المسافه بسرعه قبل أن تتمهل وهي تقترب من تلك الأسوار العاليه التي تحيط بهذا المنزل المهيب الذي وقفت أمامه تلك الحراسه المشدده .....اسرع بعض الحرس يفتحون الحواجز الحديديه للسياره لتدخل بينما هدي جالسه بالخلف تتنفس بانتظام قبل أن ينزل سائقها سريعا ويفتح لها باب السيارة وهو يخفض رأسه للاسفل
لتتقدم هدي بضع خطوات تجاه الدرج الرخامي ثم ترسم ابتسامه هادئه علي شفتيها وهي تقول لهذا الرجل المهيب ذو الشعر الابيض الذي وقف اعلي الدرج : حمد الله علي السلامه يا حبيبي
ابتسم الرجل ومال تجاهها لتقبل وجنته قائلا : الله يسلمك يا حبيتي ..كنتي فين ؟
قالت هدي وهي تعطي حقيبه يدها الانيقه للعامله التي أسرعت ناحيتها : في المستشفي يا حبيبي ... جلست علي الأريكة وتنهدت بارهاق : من امبارح وانا هناك ...كان في عمليه صعبه اوي وكان لازم أشرف عليها بنفسي
اوما الرجل وهو ينفخ دخان السيجار الكوبي الذي يضعه بين أنامله : ونتيجه العمليه
ابتسمت له قائله : نجحت
هز رأسه وأشار لها أن تتبعه ليتابع حديثه وهم يصعدون الي غرفتهم : هانيا بتسلم عليكي وقالت إنها احتمال تنزل في الإجازة
اومات له متنهده : ياريت يا شافع تحاول تكلمها متسافرش تاني
...........
....
ترددت وسيله وهي تضغط الجرس ولكنها أخبرت نفسها انها فعلت الصواب حينما استقبلتها والدتها بابتسامه ولهفه : وسيله حبيتي
استجابت لحضن والدتها التي ضمتها إليها للحظات قبل أن يتعالي صوت طلعت من الداخل : مين يا سندس ؟
قبل أن تجيب كان يخرج من الغرفه ويري وسيله أمامه ليقول بترحيب : يا اهلا يا اهلا ...مش تقولي يا سندس أنها وسيله
صافحته وسيله بينما يشير لها بترحاب أن تدخل ولم تخفي عليها نظراته خلفها وكأنه بانتظار شخص اخر خلفها وسرعان ما أفصح عن سؤاله : امال فين عمر ...هو مش معاكي !
لاحظت سندس نظره ابنتها لدي سؤال زوجها عن عمر لتتدخل برفق وهي تمسك بيد ابنتها : تعالي يا وسيله انتي وحشتيني اوي
نظرت وسيله إلي والدتها ومليء الشجن عيناها التي نتجت عيون والدتها باشتياق الا تتركها في تلك المحنة وتكون بجوارها كما لم تكن من قبل ..!
...........
.....
أفرغ غضبه في رعونه قيادته طوال الطريق الذي قطعه الي القاهره ليجد كل هذا الغضب يتوجه إليه مجددا ويرتد بصدره وهو يتذكر قسوته عليها فلم يكد يوقف سيارته في فناء المنزل حتي سأل نفسه بمنتهي السخط ماذا يفعل هنا ويتركها وحدها بعد ما فعله لذا دون تفكير كان سريعا ما يتحرك مجددا قاطعا نفس المسافه عائدا إليها لتتوقف خطواته مكانها ويكاد يصاب بالشلل وهو يسأل نفسه هل فات أوان عودته ليكاد يصاب بالجنون وهو يتحرك هنا وهناك ينادي اسمها بضياع : وسيله ....وسيللله !
........
..
اخيرا بعد ترحاب واسئله تهربت وسيله من اجابه طلعت عليها كانت تسجيب والدتها الي نظراته الراجيه وتختلي بها بعد أن لبت طلبات بنات زوجها بظن واهي منها أنها تملك الحق في أن تبقي مع ابنتها وحدهم لتجد نيفين تدخل إليهم : ماما ممكن تكوي ليا البلوزة الخضرا قبل ما تنامي عشان تعبت وعاوزة انام وهصحي بدري للشغل
اومات سندس لتخرج الفتاه وتغلق الباب وسرعان ما تستدير سندس الي ابنتها : ها يا حبيتي مالك ....في حاجه حصلت
شقت الدموع طريقها لحلق وسيله التي هزت راسها وبدأت ترتب الأحداث برأسها لتحكي لوالدتها ولكن لم تكد تبدأ حتي استمعت الي صوت طلعت يناديها
خرجت سندس والحنق يمليء وجهها : في ايه يا طلعت ؟!
قال طلعت بصوت خافت متلهف : ها ...عرفتي منها في ايه ؟!
هتفت سندس بحنق : كانت لسه هتحكي ليا وانت ناديت عليا
نظر لها الرجل رافع حاجبه : بقالك ساعه جوه
هتفت سندس : ماهو نيفين داخله مني طالعه اتكلم معاها امتي
نظر طلعت لها باستنكار : وفيها ايه لما تتكلم قدامهم ولا هو سر
هتفت سندس بحنق : معرفش سر ولا مش سر هو انا عارفه اصلا اقعد معاها دقيقتين علي بعض
زفر طلعت قائلا : ماشي يا ستي اتفضلي اقعدي معاها واعرفي ايه اللي حصل
اومات سندس ليوقفها طلعت قبل أن تعود للغرفه :سندس
التفتت له ليتابع : اول ما تعرفي منها تيجي تقوليلي علي طول انا مش طرطور
هزت سندس راسها قائلا بامتثال : حاضر يا طلعت هفهم منها واقولك
غلفت المراره حلق وسيله وهي تتراجع سريعا الي داخل الغرفه بينما استمعت لحديث والدتها مع زوجها
لتنكمش علي نفسها اسفل الغطاء تحاول بقوة كبح دموعها حينما عادت والدتها وسألتها : وسيله حبيتي انتي هتنامي ومش هتتكلمي معايا
هزت وسيله فقط راسها بينما لم تستطيع اخراج صوتها الذي ستفضحه بدموعها وهي تستشعر الخزلان مجددا من والدتها والذي استشعرته دوما ولكن تلك المره كان صداه اكبر لفقدانها احتواء حضن جدتها !