رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل الثامن والاربعون 48 بقلم اسماء حميدة


 رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل الثامن والاربعون

قال أحمد بصوت يشبه صوت خطوات على رخام مبلل 
سارة هل تعلمين كيف كانت أيام ليا تقضم من أطرافها كأرغفة قديمة ترمى للكلاب حين كنت تنامين على وسادة من ريش الطمأنينة كانت هي تحصي أنفاسها في زاوية ضيقة من عالم لا يعترف بوجودها. 
تنهد لكن أنفاسه لم تكن تنفسا بل كانت انسكابا لأحجار دفينة.
ذهبت إلى هناك إلى حيث اختبأت سنواتها الموجوعة. كان كل شيء مغطى بغبار الجوع أرض تئن تحت وطأة الصمت وعيون تبحث عن سقف لا يسقط. سمعت همسات عن سقيفة مهجورة وعن طفلة لم تعامل كابنة لأحد بل كذنب مجهول الأب. 
صمت لحظة ثم أردف وصوته يقطر وجعا بلا اسم 
كانت من دمي وكان يفترض بها أن تعامل كأميرة لكنها عوملت كعقوبة. 
كانت سارة واقفة هناك ولكن قدميها لم تعودا تلامسان الأرض. الهواء لم يعد يدخل إلى رئتيها كما كان. ويدان ليستا يدي قدر بل غبار خيبة أمسكتا بعنقها كما لو أن العالم يطالبها بإجابة.
حاولت أن تقول شيئا أي شيء. لكن الحروف تلك التي تملأ

القصص تخلت عنها في لحظة الحقيقة. كل ما خرج منها كان ارتعاشة بلا صوت.
اقترب أحمد أكثر بعينين خضبتهما لعنات الماضي 
أتعلمين من خنقها من دفن صوتها في صندوق لا تسمع فيه الصرخات 
لم يذكر الاسم لكن روحه فعلت.
ثم اقترب منها أكثر وهمس بشيء جعل الغرفة تضيق فجأة 
أتعرفين كيف يكون الشعور حين تسحب الحياة منك دون أن يلاحظ أحد 
سقطت جملة مثل ظل قاتم 
لربما تفهمين الآن. 
كافحت سارة لا لتنجو بل لتثبت أن الحياة ما زالت تنبض فيها لكنها كانت تنهار بين يديه كما ينهار الضوء في نهاية النفق. رأته... ولم تره. رأت وجها شاحبا مشوها من الداخل يحمل ملامح رجل كان يوما يشبه الأمان.
قال بصوت بارد كمقصلة صامتة 
كنت سأدعك ترحلين... لكنك عدت. عدت حيث لا يجوز الرجوع. 
ثم ابتسم لا فرحا بل كمن يصافح الجنون للمرة الأولى 
لنذهب. ليا تنتظر. الوحدة تقضمها من تحت التراب ولن أتركها وحيدة بعد الآن. 
توقفت سارة عن الصراع. لا لأنه انتهى
بل لأن الألم لمس جرحا ما زال غضا... جرحا لم يلتئم بعد أن خيطته بضع ساعات. وفي غفلة قسوة امتدت يده دون قصد لتلمس ذلك الموضع فسال شيء قرمزي لم يكن سوى ذاكرة الجرح.
رأى اللون فتجمد.
لم يكن دما فحسب بل ضوءا أحمر يخبره أن الحياة رغم كل شيء لا تزال هنا ولا تزال تنزف.
تراجع أحمد كأن الصدمة صفعت ظله قبل جسده وترك سارة تنهار على ركبتيها لا من ضعف بل من كل ما فاض عنها.
حين مد أحمد يده ليتفقد موضع الألم ارتدت سارة كمن لسعها الجمر لم تكن تفر من لمساته فحسب بل من شيء أعمق... شيء لم تستطع حتى أن تسميه.
عيناهما التقتا لكنه لم ير فيها سوى مرآة لندمه فيما كانت هي تنظر إليه بعين من رأت الموت ثم أعيدت قسرا إلى الحياة. انسحب ببطء يده المرتعشة كأنها لم تعد له وصوته خرج مكسورا مبحوحا مشوها من الداخل 
ذراعك... 
نهضت دون أن تجيبه. حملت معطفها من على الأريكة كأنها تجر قطعة من جلدها وخرجت إلى زمهرير الليل تفضل قسوة البرد على دفء بات مشوبا بالخطر.
في لحظة
الاختناق لم تر النفق المضيء كما قرأت يوما... بل رأت سوادا يلتف حولها ببطء كوشاح حزن أزلي. لم تسمع نداء من السماء بل فقط صوت عقلها يصرخ اهربي!
كان أحمد يحدق في يديه كأن الذنب قد نقش على جلدهما علامة لا تزول. كيف تجرأ كيف ليدين اعتادتا أن تلمسها بحنان أن تتحولا إلى قيد
أيقظه صفير الرياح التي تسللت من النافذة كصفعة من الواقع فأسرع التقط مفاتيحه كأنها طوق نجاة وانطلق يلاحق ظلها وسط عاصفة بيضاء لا ترحم.
أما سارة فلم تكن تهرب فقط كانت تفر من الذكرى من الطيف الذي صار جزءا منه قاتلا عرضيا.
تسللت خلف شجرة كمن يحتمي من قصف لا يرى وعيناها تراقبان الضوء الذي انطفأ من سيارة عابرة. حين رأته يغادر تنفست بصعوبة كأنها نجت
من ذئب بجلد بشر.
أخرجت هاتفها بأصابع لا تزال ترتعش. كان الاتصال بها درعا أخيرا ضد الانهيار. وحين جاءها صوت إيفرلي دافئا ساخرا كعادته 
اشتقت لي يا حبيبتي 
لم تجبها بكلمة. شهقاتها كانت كافية لتوقظ الغريزة لدى من تعرف جيدا معنى أن
ينكسر القلب.
إيف... هل يمكنك أن تأتي لأخذي

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1