رواية زواج بلا قلب الفصل التاسع والأربعون بقلم ادم نارو
عادل (يحاول يجذب انتباهه) — أستاذ آدم؟… إحنا سألنا عن رأيك.
(آدم يرفع راسه فجأة كأنه راجع من سفر بعيد. ينفخ بخفة، وبنبرة هادية لكن متوترة:)
آدم — ممكن… ممكن تعيد السؤال؟
(القاعة تسود لحظة صمت مريبة. الكل اتجمد، العيون اتسعت، لأن دي أول مرة يشوفوا آدم شارِد بالشكل ده في اجتماع. هو المعروف بتركيزه الحديدي.)
مروان (بصوت منخفض، مش مصدق) — أستاذ آدم… حضرتك عايزنا نعيد؟
(آدم يمرر إيده على وشه بسرعة، وبنبرة حاسمة وهو واقف:)
آدم — الاجتماع خلص… الموضوع ده هيتناقش في وقت تاني.
(يلملم أوراقه ويقف، من غير ما يدي فرصة لأي حد يعلّق. يخرج بخطوات سريعة. الموظفين يبصوا لبعض في ذهول، والهمس يبتدي بينهم.)
منى (بهمس لزميلتها) — هو إيه اللي حصل له؟ عمره ما شرَد كده !
عادل (مندهش) — دي أول مرة أستاذ آدم يقفل اجتماع بالطريقة دي… في حاجة غلط أكيد.
أمل — أكيد اللي حصل هنا ليه علاقة بالخناقة اللي حصلت بين السيد آدم وأخوه ماهر.
منى — أيوه، عندك حق.
🍒🍒🍒🍒🍒🍒🍒🍒
آدم خرج من قاعة الاجتماعات والخطوات بتاعته سريعة وملامحه كلها عصبية، وعيونه فيها نار. أول ما قرب من مكتب أسية، لقاها قاعدة بتراجع شوية أوراق.
أسية — آدم؟
آدم (بعصبية واضحة، صوته تقيل) — فين ليلى؟
أسية (اتلخبطت من نبرته، رفعت حواجبها وقالت بحذر) — ليه؟ حصل حاجة؟
آدم (صوته علي فجأة وهو بيضرب المكتب بإيده) — أنا بسألك فين ليلى؟
أسية (حاولت تهدي الجو، قامت من مكانها وقالت بسرعة) — آدم، اسمعني... هي مع ماهر، بس... هو بس بيوريها الشركة.
آدم (ضاحك بس بضحكة فيها غيظ) — بيوريها الشركة؟! من إمتى السيد ماهر بقى مرشد سياحي؟! لا... أنا اللي هوريه يعني إيه يتقرب من مراتي.
لف آدم وخرج بعصبية من غير ما يستناها، وأسـية جرت وراه، خطواتها صغيرة بس بتحاول تلحقه.
أسية — أخويا، بالله عليك، من غير مشاكل... اهدى بس.
آدم (وقف لحظة وبص لها بعينين كلها غضب) — عندك خمس دقايق تصلحي اللي عملتيه... قبل ما أقتله بإيدي.
وشه كان بيحمر من العصبية، وأسـية ابتلعت ريقها بسرعة.
أسية — تمام... أنا هتصرف.
جريت أسية على المكتب اللي فيه ليلى وماهر. ليلى كانت قاعدة على الكرسي قدام المكتب، وماهر واقف جنبها بيشرح لها على الملفات.
ليلى (بابتسامة صغيرة متوترة) — هو طلع الشغل بسيط، بس أنا كنت متوترة على الفاضي.
ماهر (ابتسم لها وهو مائل شوية ناحيتها) — شفتي؟ كله بسيط. بس إحنا دايمًا بنكبر المواضيع في دماغنا.
آدم كان واقف بعيد، شايف المشهد من الممر، وإيده بتتقبض وهو شايفهم واقفين قراب بالشكل ده.
أسية وصلت بسرعة، ووِشها كان مخطوف من القلق. أول ما دخلت، ليلى لاحظت توترها.
ليلى — أسية؟
أسية (بتحاول تخلي صوتها طبيعي) — ماهر... ممكن تعدي اليوم؟ خليها على خير.
ماهر (بص لها باستغراب) — ليه؟ أنا عملت إيه؟
أسية — روح على مكتبك... وأنا هعلم ليلى كل حاجة.
ليلى (بتتدخل بسرعة، وهي تبص على آدم اللي واقف بعيد والشرر بيطلع من عينه) — خلاص ماهر... روح. أنا فهمت الشغل.
أسية (بإصرار) — ماهر!
ماهر (وقف لحظة، بص ناحية آدم اللي كان بيراقبه من بعيد، بعدين بص لليلى وقال بنبرة فيها شيء من التحدي) — تمام... هروح. بس المرة دي بس عشانك يا ليلى.
خرج ماهر من المكتب، وخطواته كانت تقيلة كإنه بيتعمد يخليها مسموعة. آدم اكتفى إنه يبصل ليلى نظرة كلها غضب، وبعدها لف وخرج هو كمان من غير كلمة.
ليلى (اتنهدت وقالت باستغراب) — ليه كده؟ إحنا كنا بنتكلم عن الشغل وبس.
أسية (قربت منها وقعدت على الكرسي اللي قصادها) — ليلى... آدم ما بيفهمش كده. هو مقتنع إن ماهر بيتقرب منك.
ليلى (رفعت راسها بحزم) — ده مستحيل... حتى لو حاول، أنا مش هوافق.
أسية (ابتسمت بخفة) — عارفة... بس آدم غير. لو عايزة آدم يسمحلك تفضلي هنا في الشركة، لازم تقللي احتكاكك مع ماهر على قد ما تقدري.
ليلى (بصت للأرض وقالت بهدوء) — تمام... هحاول.
أسية — لأ... حاولي بجد. فهمتي شغلك شوية؟
ليلى — أيوه... فهمت.
أسية (بابتسامة صغيرة) — تمام... يبقى مسؤوليتك دلوقتي تتابعي أسعار المبيعات، وتحسبي الأرباح، وتجهزي التقارير المطلوبة قبل كل اجتماع.
ليلى (بتنفس عميق) — تمام
