رواية الشبح العاشق الفصل الرابع 4 بقلم رباب حسين



 رواية الشبح العاشق الفصل الرابع بقلم رباب حسين


الأمانة ليست كلمة عابرة إنها وعدٌ بين العبد وربه.... بين الإنسان وضميره.... بين الطبيب ومريضه وحين تُكسر لا تُكسر ورقة عهدٍ فحسب بل تُكسر معها أرواحٌ كانت تستند إلى الأمل فتحولت من أرواح تبحث عن السكينة إلى أرواح تحمل الحقد والضغينة.... كيف لنقد الكلمة أن يغير حياة إنسان..... كيف يتجرد الإنسان من إنسانيته.... من نفسه ليصبح وحشًا على هيئة بشر بل أسوء من الوحوش.... فإذا هناك مجموعة من الوحوش لوجدت بينهم رحمة ورأفة فكيف للبشر أن يجتمعو على إستغلال بعضهم البعض فقط لتحقيق رغباتهم الدنيئة

تفاجأت ليان بما سمعت وواقع الصدمة لم يحل عليها هي فقط.... نظرت إلى وئام وعقدت حاجبيها وكاد لؤي أني يتحدث إلا أن قاطعه صوت الطبيب شادي وهو يقترب منه ويقول : فين الدكتورة الجديدة ديه يا لؤي؟

التفت إليه لؤي وقال : دكتورة ليان وصلت يا دكتور.... أعرفك... ليان.... دكتور شادي نائب المدير

مدت ليان يدها وسلمت عليه وقالت : اتشرفت بحضرتك

شادي : الشرف لينا.... ده اسمك بيرن في المستشفى من إمبارح مع إن اللي حصل مجازفة وكان ممكن تأول للفشل بس الحمد لله... على العموم يا دكتورة نورتي المستشفى أهلًا بيكي في بيتك التاني واتمنى متدخليش العمليات لوحدك تاني

ليان : أنا بصراحة مكنش قصدي أكسر القواعد بس المريض كان بيموت بين إيديا وواجبي كطبيبة يحتم عليا أعمل أي حاجة عشان أنقذه

شادي : حضرتك تقدري تتعرفي على الدكاترا اللي في القسم بتاعك وتقدري تنظمي معاهم حضورك للعمليات.... حلو إن البني أدم يطور من نفسه بس الوحش إنك تأذي نفسك وتأذي اللي حواليكي بتهورك وخصوصًا إن المرضى بيبقى أملهم فينا بعد ربنا ومينفعش نخذلهم ونخذل أهلهم

ليان : أكيد طبعًا.... طيب ممكن أعرف القسم بتاع القلب فين؟

شادي : دكتور لؤي هيوصلك للقسم بتاعك.... أستأذن أنا

ذهب شادي ونظرت ليان إلى لؤي وقالت : فهمني طيب دكتور وئام فين؟! 

لؤي : في غيبوبة من ساعة الحادثة..... مين قالك إنه مات.... لسه عايش

ليان : حادثة إيه؟! 

لؤي : عمل حادثة بالعربية ومن ساعتها المخ أتأذى ودخل عمل عملية كبيرة ومن بعدها دخل في غيبوبة

ليان : هو فين؟! 

لؤي : هنا في المستشفى..... في العناية المركزة من ساعتها

تفاجأت ليان بأن شبح وئام يهيم مسرعًا فنظرت إلى لؤي وقالت في عجالة : طيب هروح الحمام وأجيلك

ركضت خلف وئام حتى وجدته يصعد الدرج بسرعة الهواء فركضت خلفه حتى توقف عند الطابق الخاص بالعناية المركزة ووقف عند غرفة معينة ودخل بها فاقتربت ليان من الغرفة فمنعتها الممرضة وقالت : حضرتك مين ورايحة فين؟! 

نظرت ليان عبر نافذة زجاجية صغيرة فوجدت وئام يقف بجوار جسده وينظر إليه في صدمة فقالت : أنا.... أنا دكتور ليان معاكم هنا في المستشفى وعرفت إن دكتور وئام راقد هنا.... هو كان الدكتور بتاعي وعايزة اطمن عليه

الممرضة : أسفة.... دكتور صادق مانع عنه الزيارة وهو اللي بيتابع حالته بنفسه.... مقدرش أخليكي تدخلي.... تقدري تبصي عليه من الباب بس

وقفت تنظر إليه وهو يحدق بجسده ثم نظر إليها وأماء لها بأن تذهب وإنه جالس هنا فأماءت له وذهبت إلى أسفل وطلبت من لؤي أن يدلها على غرفة الأطباء.... ذهب معها لؤي ودخلت الغرفة وتعرفت على ٣ من الأطباء يعملون بنفس القسم معها ولكن تعجبت بأنهم لم يتخرجو منذ وقت بعيد فجلست معهم وقالت : هو مفيش رئيس للقسم؟

معتز : دكتور وئام كان رئيس القسم بس من ساعة الحادثة ومحدش جيه مكانه

ليان : طيب لو فيه عملية كبيرة مين بيعملها؟

رامي : ساعات أنا وساعات بنجيب دكتور من برا.... واضح كده إن دكتور صادق مش قادر يجيب حد مكان وئام

أحمد : بس ده بقاله ٣ شهور... وبعدين دكتورة ليان عندها نفس رأيي ولسه جاية من أول يوم وسألت نفس السؤال اللي بسأله من ساعتها.... المرضى ملهمش دعوى بالمحسوبية ديه.... يعني لو مكنتش دكتورة ليان لحقت المريض بتاع إمبارح ده كان زمانه مات.... العملية اللي عملتها صعبة ولازم دكتور معاها لكن هي عملتها لوحدها..... اه الموضوع كان مخاطرة بس حاولت تتصرف وتنقذ بني أدم ملوش ذنب في أي حاجة

معتز : إنت متضايق عشان مش بتتعلم ولا بتدخل عمليات كبيرة ولا بتاخد خبرة من حد

أحمد : حتى لو متضايق من كده بس ضيقتي الأكبر على المرضى مش على نفسي يأما نقفلها بقى ونقول لأبناء العاملين فقط زي الشركات الحكومية

رامي : خلاص يا أحمد إهدى.... الدكتورة جاية أول يوم مش حلو تيجي تلاقي الجو كده.... ولا أنت ناوي تطفشها

ليان : لا بس هو بصراحة دكتور أحمد معاه حق.... يعني معلش إحنا في قسم صعب ومهم ولازم نبقى موجودين وبصفة دايمة والدكتور يبقى جاهز لأي عملية

معتز : إحنا اتكلمنا فعلًا مع دكتور صادق ووعدنا إنه هيشوف دكتور يجي يمسك القسم

أحمد : يا مسهل

ليان : هو..... دكتور وئام حالته إيه بالظبط؟

معتز : الحالة مع دكتور صادق بنفسه لأنه مسئول عن قسم المخ والأعصاب وإحنا منفهمش أوي في الموضوع فا منعرفش تفاصيل

ليان : واضح إن الحالة صعبة لدرجة إنه يفضل في غيبوبة كل ده

رامي : يارب بس متبقاش غيبوبة دايمة.... دكتور وئام كان ممتاز وكان بيعلمنا وكنا بنستفاد منه جدًا.... مع إنه مش كبير في السن بس دراسته برا فرقت معاه جدًا

معتز : أبوه كمان عشان كان في نفس التخصص زي ما تقولي كده علمه الصغيرة قبل الكبيرة

أحمد : لا وهو ممتاز فعلًا..... ربنا يقومه بالسلامة

صمتت ليان فبالرغم من معاملته الجافة أثناء تدريسه لها إلا أنها كانت ترى أنه من أكفأ الأطباء التي تعلمت على يديه وبالرغم من بغضها له ولكنها طلبت من لؤي أن يبحث عن عمل لها داخل المشفى الخاص به كي تتعلم على يديه..... أخذت ليان جولة بالقسم وتفقدت المرضى مع زملائها وخاصةً خالة المريض التي أجرت له العملية بالأمس وفجأة سمعت صوت مكبرات الصوت بالمشفى حيث طلب الإستقبال من قسم القلب التوجه إلى الطوارئ على الفور فركضت ليان ومعتز ورامي وأحمد ونزلو إلى أسفل فوجدو طفلة مصابة وحالة من هلع للأب والأم فنظرت إلى الطفلة ووجدت أحد الأسياخ الحديدية الخاصة بالبناء إخترق صدر الفتاة عندما سقطت في أحد أماكن البناء وهي تجري خلف الكرة فتسللت من وراء السياج وتعثرت قدمها وسقطت وقال المسعف : السيخ داخل في الصدر قريب من القلب..... لازم عملية فورًا

نظرو إلى بعضهم البعض في حيرة فنظرت ليان إلى الممرضات وقالت : جهزوها للعملية فورًا.... أنا جاية حالًا

ركضت ليان إلى غرفة العناية المركزة ونظرت عبر الباب إلى وئام الجالس بجوار جسده فطرقت الزجاج فنظر لها فأماءت له بأن يخرج..... خرج ووقف أمامها وقال : فيه إيه؟ 

ليان : بنت صغيرة بتموت ومحتاجة عملية فورًا.... مش هقدر أعملها لوحدي..... ساعدني أرجوك

دخل جسدها وركض بها إلى أسفل وبعد وقت خرج من جسدها وقال : لابسة كعب ليه مش عارف أجري

خلعت ليان حذائها ودخل وئام جسدها مرة أخرى وركض إلى أسفل فقابل أطباء القسم يقفون أمام غرفة العمليات وقال رامي : بلاش تدخلي لوحدك يا ليان

أماء لهم بأن يلحقو به ودخل غرفة العمليات وتعقم ودخل ليرى حالة الطفلة فتقدم منها على الفور ونزع السيخ وقام بعمل عملية قلب مفتوح ليعالج الشريين التي تحيط بالقلب والتي قد تأذت من السيخ فقام بتبديل أحد الشرايين وخياطة الأخر تحت أنظار الأطباء الذين نظرو إليها في تعجب وبعد وقت طويل انتهى وئام من العملية وخرج من جسدها فنظرت ليان إليهم وهم ينظرون إليها في صدمة فقال وئام : خليهم ينقلوها على العناية

ليان : أنقلوها على العناية وأنا هجيلها

خرجت ليان ولحق بها الأطباء فقال معتز في دهشة : إنتي عملتي قلب مفتوح يا ليان..... إزاي طيب فهميني؟

ليان : كنت أسيبها تموت طيب؟! 

أحمد : لا طبعًا.... الحمد لله إنك لحقتيها

ركض إليهم والد ووالدة الطفلة وسألو عن حالتها فقال وئام : غيرنا شريان وقدرنا نلحق الشرايين التانية وهي دلوقتي في العناية وهتفضل تحت الملاحظة

قالت ليان ما قاله وئام فاقتربت والدة الطفلة وحاول تقبيل يدها وهي تبكي فسحبت ليان يدها وضمتها إليها وقالت : إن شاء الله هتبقى بخير

والد الطفلة : مش عارفين نشكرك إزاي يا دكتورة

ليان : مفيش داعي ده واجبي..... عن إذنك هروح أشوفها في العناية

غادرت ليان لتجد صادق وشادي يقفان أمامها وقال صادق : تاني يا دكتورة؟

لحق بها الأطباء وقال معتز : دكتورة ليان عملت قلب مفتوح.... أنقذت حياة البنت الحمد لله

نظر صادق لها في صدمة وقال : قلب مفتوح.... إتجننتي يا دكتورة.... إزاي تعملي عملية زي ديه وإنتي لسه يا دوب متخرجة؟!

ليان : يا دكتور البنت كانت هتموت

قاطعها صادق في غضب وقال : أخر مرة تتصرفي من نفسك.... لازم ترجعيلي الأول ولو عملتي كده تاني مش هتفضلي في المستشفى ديه دقيقة واحدة

تركها صادق وذهب ولكن أوقفه رامي وقال : يا دكتور صادق دكتورة ليان مغلطتش.... هي لحقت البنت الصغيرة والحمد لله إنها قدرت تعمل العملية.... أظن إن حضرتك متحامل عليها زيادة عن اللزوم.... هي لو مكنتش لحقتها كانت ماتت واتصرفت بدافع ضميرها كطبيبة ولو حد فينا كان قادر يعمل العملية مكنش اتردد ثانية واحدة

شادي : بس برده لازم ترجع لدكتور صادق 

رامي : مكنش فيه وقت لده.... البنت حالتها كانت صعبة ولازم تدخل عمليات فورًا.... إحنا دكاترا مش إداريين يا دكتور.... بنمشي بضميرنا مش بالأوامر

أماء له صادق وذهب من أمامه ولحق به شادي بعد أن رمق ليان بنظرة مبغضة فقال وئام : أنا مش مرتاح لشادي ده

ليان : عمك أرخم منك

نظر لها وئام في غضب ولاحظ معتز ما قالت فسألها : بتقولي إيه ليان؟! 

ليان : إيه؟!.... اه.... أصل أنا ودكتور وئام كانت علاقتنا زي الزفت بس اكتشفت إنه علاقتي بدكتور صادق هتبقى زفت برده

وئام : تصدقي إنتي زي القطط تاكلي وتنكري.... ده أنا لسه عاملك شهرة الناس كلها هتحكي عنها دلوقتي

ليان : أنا هروح أشوف البنت

ذهبت ليان ولحق بها وئام وقال : هتفضلي تغلطي فيا كده كتير؟! 

ليان : مش قصدي أغلط فيك.... أنا اتضايقت من عمك بس.... افتكرت إنت كنت بتعاملني إزاي وعلى فكرة أنا مش مهتمة بالشهرة ولا الكلام ده أنا كل اللي فارق معايا حياة البنت لكن أنا أصلًا مش حابة إني أنسب ليا مجهود حد تاني

نظر لها وئام بإعجاب وقال : نظرتي مخيبيتش.... بجد يا ليان إنتي فعلًا جميلة أوي

لأول مرة تشعر بالخجل والسعادة من حديثه.... هل لأنها لطالما رغبت بأن تسمع منه كلمة مدح بها أم لأن نظرته لها الآن قد زادتها ارتباكًا؟... تحمحمت وقالت : ممكن نروح للبنت بقى

ابتسم وئام وقال : نروح.... منروحش ليه

دخل صادق مكتبه ولحق به شادي في غضب وقال : إنت لازم تخلصنا من البنت ديه

جلس صادق على مكتبه وزفر بقوة وقال : أعمل إيه يعني؟!.... قدام المستشفى كلها هي بتعمل اللي مطلوب منها والصح اللي لازم يتعمل لو طردتها هيقولو طردها عشان بتعالج الناس وكمان بقيت القسم طلبو مني أكتر من مرة دكتور كبير يبقى معاهم عشان الحالات الصعبة اللي زي ديه لو أنا جيت قولتلهم لا متعملوش عمليات لوحدكم كأني بقولهم سيبو العيانين يموتو

شادي في غضب : يعني إحنا ماصدقنا نخلص من وئام يطلعلنا ليان ديه وتخرب كل حاجة تاني؟!.... قلنا خلاص هيفضل في الغيبوبة ونخلص من العمليات والناس اللي عمال ينقذ فيهم ونشوف شغلنا بقى..... بقولك إيه يا دكتور مفيش حل غير إننا نبعد البت ديه عننا ومش صعبة..... نشوف أي بلوة تخلصنا منها.... إيه رأيك نخلص على البت اللي في العناية ونقول إن هي السبب وساعتها نطردها من هنا؟! 

الفصل الخامس من هنا

تعليقات