رواية ظلي لم يغادر المكان الفصل الرابع 4 بقلم سلمى ابو ضيف

رواية ظلي لم يغادر المكان الفصل الرابع بقلم سلمى ابو ضيف



"إزاي يعني دخلوا القصر؟!" قالها وهو ينظر إلى هاتفه بغضب، ثم تابع بانفعال:
"أنا إزاي وثقت في إنسان زيك؟!"
بدأ يشتمه بألفاظ نابية، لكن الآخر أجابه بصوت مرتبك:
"فهمني... الرجالة قالولي إنهم كانوا ماشيين ورا العربية بتاعتهم، وفجأة ظهرت قدامهم قطة... هي اللي عطّلتهم."
ضحك الآخر بسخرية وأجاب من الهاتف:
"أعرف إن أسد ممكن يعطّل عربية... لكن قطة؟ غريبة!"
ثم تابع بثقة:
"الفلوس هتيجيلي لحد عندي، سامع؟"
حاول أن يهدأه وقال:
"طيب، إنت قوللي هما رايحين فين، وأنا أخلي الرجالة يخلصوا عليهم هناك."
نظر إلى الهاتف بمكر، كأن الفكرة بدأت تختمر في ذهنه، ثم قال:
"قصر البارون."
_________________________________________
بدأنا جميعًا في اختيار الغرف، وقررنا أن نقسم أنفسنا: أنا مع نور في الطابق العلوي، وخالد مع إهداء في الطابق السفلي.
قمنا بوضع الكاميرات في الغرف الأربع بطريقة احترافية، بحيث تغطي كل زاوية من زوايا الغرفة.
ثم قلت لهم باهتمام شديد:
"عايز كل واحد وهو لوحده في الغرفة، يتكلم ويوصف شعوره، وف نص الكلام يعمل كأنه سمع صوت مرعب، كده يعني، عشان الفيديو. وأنا في المونتاج هظبط كل حاجة."
وافق الجميع، ثم توجهوا إلى الغرف
قالت نور وهي تنظر إلى الغرفة:
"دلوقتي زي ما أنتم شايفين، أنا في غرفة النوم. شعوري؟ طبعًا مرعوبة... أنا بخاف جدًا، وكمان سابوني لوحدي! واثقة إني أول واحدة هخرج."
قال مازن بابتسامته الجذابة:
"أنا دلوقتي في غرفة المعيشة. شعوري؟ مبسوط جدًا! أنا بحب المغامرات دي أوي، وواثق إني هكسب."
في الطابق السفلي
قالت إهداء وهي شاردة، تنظر في جميع زوايا الغرفة:
"أنا دلوقتي في غرفة الاستقبال. شعوري طبعًا عكس قبل ما أدخل. كنت متحمسة جدًا، لكن دلوقتي..."
ثم خفضت صوتها واقتربت من الكاميرا، وهمست:
"أنا خايفة أوي."
قال خالد باهتمام، وهو يحاول التخفيف من حدة التوتر:
"شعوري؟ والله مش عارف أوصفه، جوعي مغطي على كل حاجة... وطبعًا عرفتم أنا في أنهي غرفة!"
________________
لم يمضِ سوى وقت قصير، حتى بدأ الباب الخلفي في الإغلاق فجأة دون إنذار.
فقدت جميع الكاميرات قدرتها على التصوير، وبدأت أصوات وهمسات غريبة تملأ المكان.
ثم بدأ القصر في الاهتزاز بشدة، وكأن الأرض لم تعد قادرة على احتماله.
تعالت الصرخات، وهرعنا جميعًا للخروج من الغرف.
لم تستطع نور أن تتمالك نفسها مما رأته، فأُغمى عليها.
 ركض مازن من غرفته ناحية صوت نور، صوته يتقطع وهو يصرخ: "نور! نور! ردي عليّا!!" 
لكن نور لم تكن ترد... 
كانت مستلقية على الأرض، جسدها ساكن كأن الروح غادرت للحظات، وعيناها مغمضتان بقوة. 
ركع مازن بجانبها، وحاول إفاقتها بهدوء وهو يهز كتفها: "نور؟ فوقي! أنا هنا..." 
عادت أنفاسها تدريجيًا، وعندما فتحت عينيها، لم تتكلم. فقط همست بكلمة واحدة: شوفتها
مازن تراجع خطوة للخلف، ثم سألها: "مين اللي شوفتيها؟"
لكنها لم تجب.
في نفس الوقت، في الطابق السفلي،
كان خالد وإهداء يهرولان في الممرات، يحاولان الصعود للأعلى، بعدما سمعا الصراخ.
كان خالد يصرخ وهو يحتضن إهداء ابنة عمه، محاولًا طمأنتها:
"مازن! نور! أنتم كويسين؟"
صرخ مازن من الأعلى:
"نور أغمي عليها ومش قادر..."
لكن لم يستطيعوا سماع ما قاله،
فالذي رأوه كلٌ من خالد وإهداء،
كان كفيلاً بأن يُنسيهم حياتهم ذاتها...
تعليقات