رواية وعد ريان الفصل الثالث والخمسون بقلم اسماء حميدة
انفض الجمع وذهب كل منهم ورأسه تتدافع بها الظنون والأفكار، فها ريان زاد إصراره في نيلها، أما صقر راغب في قربها، وعن مصطفى ضائع في حبها، وما بمنصور رهبة من اجتماعه بها، ومحمد يشغله مراضاتها.
أسرع مصطفى يعتلي درجات السلم قفزا يأخذ كل درجتين برفعة ساق، والفرحة التي تستوطن بداخله الآن لا يمكن وصفها، فهدر به موسى :
-مصطفى!! چنيت إياك!! على فين رايح أنت؟! وإيه اللي مطلعك حدى الحريم دلوك؟!
"إيه فيك يا حچ🤔، أنت فاتك مليطة جامدة بربك😂"
مصطفى وقد تجمد بموضعه، فيبدو أن فرحته لن تدوم، والخوف بدأ يدب داخله بخفي الخيبة داعسا على سعادة كان موشك على نيلها، متسائلا دون صوت، هل تعدى حدودهم وأعرافهم وهو لم يقصد؟!
خرق العادة!! تجاوز الحدود!! عارض التقاليد والأعراف!! قتل لهم قتيل حتى!!
فهو لن يستسلم هي له، حبيبته وزوجته، وسيفعل أي شيء لأجل اجتماعه بها ولمدى الحياة.
عاود مصطفى أدراجه إلى حيث مكان موسى الجالس يراقب تشتتهم جميعاً بتسلية ونظرات ثاقبة.
خيبة مصطفى التي يتزامن مع ظهورها على معالم وجهه لمعة الإصرار والتحدي الطافقة من مقلتي صريع في الهوى، نظرات تمنى موسى أن يراها بعيني ريان ولكن على ما يبدو أن ولده لم يقع لها بعد.
حماسة موسى نحو تهذيب هؤلاء الشباب نابعة من مواقف مشابهة له مع أخيه المتهور رحمة الله عليه، ورغبة كانت لديه منذ أن تزوج بوالدة ريان فقد كان يحلم منذ أن هاجر في أن يهبه الله من الذرية ما يعوضه غربته وفقده لأخيه الذي بالرغم من اختلافهما في الطباع إلا إنهما كانا مقربين، كلا منهما بمثابة ساعد للآخر.
ولكنه حُرم من استكمال حلم العزوة هذا بعد ميلاد رضوان رحمة الله عليه، إذ داهم زوجته نزيف حاد إثر ولادة متعسرة فاضطر الأطباء حينها إلى استئصال الرحم وكانت مشيئة الله ولم يعترض، حتى بعد وفاة ابنه رضوان احتسبه عند الله؛ فربط الرحمن الرحيم على قلبه.
وها قد عوضه المولى عما حرم منه بماجد الذي اعتبره ابنا أكبر له، والآن نصب نفسه أبا لابن غريم سابق وهو صقر، وفتح الله قلبه لكلا من محمد ومصطفى، حتى منصور الذي رأه منذ لحظات أحس تجاهه بالمسئولية ولا يعلم لما حدثه يقوده إلا أن ما يخشاها منصور ويشعره بالاضطهاد كونه جبر على الزواج منها وهذا ما وضح جليا من الموقف الذي دار منذ قليل، بأنها ستكون قرة عين له.
مصطفى بالتماس :
-العفو والسماح يا كبير، فاتتني دي، كان لازم استئذن بردك قبل ما اطلع للجماعة؛ عشان أخدها وننزل صد رد إسكندرية نشتري لوازمها.
-وأجيب الحج والحجة عشان يحضروا.
-وأبلغ القرايب والصحاب واللي عايز يحضر عجيبهم في عربية.
"بعيداً عن الاستماتة الحماسية يا درش في حب المزة وده يحسب ليك🤝😍، بس إيه حكاية طالع للجماعة دي🤔، إيه كلمة الجماعة اللي دارجة على لسان الروجالة اليومين دول، يعني لو قولت المودام أو خطيبتي عتخدش حياءها مثلاً 😂"
موسى متصنعا الوجوم، قائلاً باقتضاب:
-مفيش طلوع فوج، والبت ما عتروحش إمعاك، روح أنت چيب ناسك وعاود.
جلس مصطفى إلى جوار موسى وداخله يموج بالضجر وخارجه هادئ تماماً وللحقيقة هو يجاهد حتى يبدو على تلك الهيئة مستحضرا كل ذرة ثبات لديه، فهو في بلدهم وعلى أرضهم ومليكته بوكرهم فلابد وأن يلتزم برباطة الجأش حتى يظفر بها.
مصطفى بإقناع :
-يا كبير أنا عاوزك تسمعني وتحكم.
موسى بحث :
-سامعك، جول اللي في چوفك.
مصطفى بإيضاح، وعينيه تقدح بالصدق :
-لم تكون طول عمرك بتحلم بحاجة وطول الوقت تبقى عارف ومتأكد أن حلمك ده استحالة يتحقق زي ما تكون واقف على الأرض وعينيك على نجمة بعيدة في السما بينك وبينها مسافات وسنين، عاوز توصلها.
-لاء، عاوز تقرب بس عشان تملي عينك منها وإن شالله تموت بعدها.
-ويجي ربك الكريم يقرب المسافات وبدل ما كان كل أملك نظرة، تلاقي نفسك فاضل على حلمك خطوة والنجمة الغالية البعيدة تبقى ملكك.
-تفتكر إن فيه إنسان عاقل بعد ما ربنا مَنّ عليه بأمله، هيفكر مجرد تفكير أنه يضيعه ويرفس النعمة اللي ربنا قدمهاله على طبق من فضة وسخر له حتى اللي عايز له الأذى عشان يكون سبب في أنه يوصل لحلمه؟!
موسى بتضامن وقد راوده الفضول ليعرف قصة هذا العاشق، فأردف مجيبا :
-ده يوبجى حمار.
مصطفى مربتا على ساق موسى قائلاً ببشاشة :
-الله ينور عليك يا كبير!! وأنا مش حمار.
موسى بحاجب مرفوع ليس استنكار بل إعجاب بدماسة هذا الشاب، متسائلا :
-تعرف إني كنت أعرف عزام بيه الله يرحمه؟!
يعلم مصطفى أنه يستدرجه ليفصح عن القصة كاملة، لذا سيرضي فضوله طالما بدأ الحوار بالشد ، فسيواكب نوبة تقلبات هذا الرجل ليصل مصطفى إلى مبتغاه، فماذا سيحدث وقد فات المد على خير، و حتماً ستعاود موجة الغضب حضن البحر الحانق في الجزر؛ لذا أردف قائلاً :
-ما أعرفش يا كبير، بس طالما تعرفه أكيد تعرف الست نجوى اللي كانت بتشتغل عنده مربية؟!
موسى وقد استرعى انتباهه هذا الاسم :
-ما أعرفهاش معرفة شخصية بس المرحوم كان چاب سيرتها جدامي جبل سابج ووعد كمان، وجالوا فيها حديت زين والبتين بيعتبروها كيف أمهم.
مصطفى بنظرة دونية :
-أنا ابن الست نجوى.
موسى بتسامح :
-وإيه فيها؟! وليه وطيت راسك؟! الشغل عمره ما كان عيب يا ولدي!!
مصطفى بإيضاح :
-لا يا كبير أنا مش مكسوف ولا بستعر من وضع ربنا كتبه عليا، أنا خوفت لا تفتكر إني استغليت حالة همس والظروف اللي بقوا البنتين فيها عشان اتجوزها، وعهد الله يا باشا أنا حبيتها من قبل ما أشوفها.
-أنا قولتلك حكايتي عشان تعرف هي بالنسبة لي إيه؟!
-عمري ما في يوم ولا حتى لحظة عفكر في إني أكون سبب في دمعة تنزل من عنيها، أنا أفديها بروحي لو الأمر وصل لموتي أو فرحة أشوفها. على وشها.
-ودلوقتي باستأذنك أخدها، عشان هاعملها ليلة هناك وأعرف كل الناس إنها بقت مراتي مش هدخل بيها سوكيتي طالما هنعيش هناك لازم تعيش وسط ناسي رافعة راسها.
-وزي ما همضي هنا على كل اللي تحكم بيه، هاعملها هناك زي ما أحسن واحدة في حتتنا بيتعملها وبيجيلها، وده على قد ما ربنا هيقدرني.
-أنا لو كان عليا عاوز أجيب لها حتة من السما.
ما ظنه مصطفى سيعريه أمام موسى ويبخسه حقه زاد من تقدير واحترام موسى له، فبالأخير موسى رجل عصامي بدأها من الصفر، رأى وتعامل مع إيناس كثر ويمكنه التمييز بين الصادق ومن يدعي المثالية.
ومصطفى من القليلين الذين يطلق عليهم لقب رجل، ليس فقط ذكر في خانة النوع إنما رجل كما ذكر الكتاب؛ لذا أطلق موسى صافرة السماح ليزفر مصطفى أنفاسه براحة وذلك عندما أردف موسى قائلاً :
-أنت رچل يا مصطفى، ولو عزام الله يرحمه عايش كان عيديك بته وهو عارف أنه بيسلمها لرچل عيصونها ويحافظ عليها.
-عشان إكده آني عخليها تسافر وياك، آني رفضت في اللول مش تعنت مع إني أجدر أنفذ وأنت خابر، آني رفضت لأنك طالما حدانا لازم أتراعي عوايدنا وأصولنا.
-لكن بعد اللي جولته دلوك، مش عيب إني أجول إن أنت إمعاك حج، لازمن كمان ناسك يعرفوا بچوازكوا وتعمل ليلة هناك ويحضروا فرحكوا إهنه.
-و أهلاً وسهلاً بيهم وإن ما شاليتهمش الدار إهنه داري موچودة.
مصطفى ببهجة احتلت معالم وجهه مجيبا بامتنان :
-تشكر يا كبير كلك واجب، هما دول الصعايدة وكرمهم.
-بس إحنا مش حابين نتقل عليكم، أنا واللي هييجوا معايا بكرة إن شاء الله هنعملوا ليلتنا وأول ما الفرح يخلص هاخد عروستي والناس بتوعي ونرجع.
موسى برفض قاطع :
-مفيش الكلام ديه!! عيب ما لساتك جايل الصعايدة وكرم الصعايدة.
-فرحك وصباحيتك عيتموا كيف ما هاعمل لريان ولدي، وناسك على راسنا من فوج.
لا قبل لمصطفى بالمناقشة الآن لقد اشتاقها وهناك شيء آخر يجب أن يفعله قبل أن يغادر هذه القرية ومن ثم سيعود معها وهي عروس إسكندرية ووجه قبلي، لذا أجاب بمهادنة :
-اللي تؤمر بيه نافذ يا كبير وتقديرك ليا على راسي يا عم الناس، وإن شاء الله مش ههز ثقتك فيا.
استقام موسى من مجلسه، مربتا على كتف مصطفى باستحسان، قائلاً بمودة :
-وده عشمي فيك، اللي بياچي على الولايا ما عيكسبش واصل.
مصطفى بتأكيد :
-معلوم يا كبير.
أستدارت عينا موسى تجول بالمكان بحثا عن واحد من الأشتاء وهو صقر ولكنه لم يجده، فقال لمصطفى :
-تعالى إمعاي نشوفوا صجر شرج على فين لاجل ما يبعت لها واحدة من حريم الدار تجولها تحضر حالها وتنزل.
أومأ مصطفى دون حديث وتبع موسى إلى الخارج حيث الحديقة المتحلقة حول الدوار، ليجدا الصقر جالسا على إحدى المقاعد المرتصة بالحديقة الخلفية والمصنوعة من خشب الخيزران أسفل إحدى الأشجار وعوض يجلس القرفصاء إلى جوار الكبير أرضا.
يضرم النيران في بعض من قوالح الذرة الموضوعة بقصعة معدنية مقعرة وإلى جواره إبريق الشاي وعدة صنعه.
فدنى موسى يسير بوقار ويحاذيه مصطفى بينما الصقر شاخصا ببصره إلى أعلى حيث تلك القريبة البعيدة وعيناه لا تحيدان عن مكان شرفتها ويبدو أنه لم ينتبه إلى قدومهما، ولكن انتزعه موسى من شروده، قائلاً وهو ينقل بصره بينه وبين موضع شخوصه، وابتسامة ماكرة لاحت على ثغره :
-اللي واخد عقلك يتهنى به.
تحمحم الصقر، معتدلا في جلسته، يقول بمراوغة :
-اتفضلوا يا چماعة واجفين ليه.
ومن ثم استكمل موجها حديثه إلى عوض :
-زود الزردة يا عوض عشان الرچالة.
عوض بتأتأة :
-ع.. عيني ليك ولل... الرچالة يا كابير.
مصطفى ممسدا على صدره بامتنان :
-تشكر يا عمهم، بس أنا مستعجل، نازل إسكندرية على السخان، وهرد الصبح بالمشيئة.
موسى موجها حديثه إلى صقر :
-صجر يا ولدي، شيع حد من الحريم لچماعة مصطفى لاجل ما تنزل.
صقر برحابة :
-تؤمر يا حچ.
ومن ثم رمق الصقر عوض بنظرات آمرة، قائلاً :
-روح يا عوض للخالة صابحة، وخليها تجول للحريم إن أستاذ مصطفى عاوز چماعته تحت.
عوض بغشم وبلاهة :
-تجصد البدر المنور اللي إجت مع الأخ ديه، يا كابير؟!
قالها بابتسامة عريضة، وهو يتقدم ناحية الدار مارا بمكان وقوف من اشتعل غيرة ولا يعلم بحالة عوض ولا قدراته العقلية، ليقبض مصطفى على تلابيب جلبابه يديره إليه قائلاً بغضب جحيمي :
-ده أنت ليلة أمك مش فايتة!!
عقب هذا الثائر ولم ينتظر ردا أو إيضاح من أحد، بل كور قبضته لتحط بقوة مطرقة على الجانب الأيسر لوجه عوض تعيد هيكلة ملامح تلك الجهة، وقد استمع الحاضرين إلى صوت سحق أسنان هذا المسكين الذي صرخ بقوة ساقطا على الأرض وخيط من الدماء يسيل على جانب فمه، يقول مستنجدا :
-الحجني يا كابير، بيضروبني، والله لعخطفها، دي خسارة فيه.
وذلك بعد أن نفض مصطفى يده عنه، وقد استحال بياض عينيه إلى حمرة قانية جراء مغازلة هذا السفيه للبسكوتة حجه 😂، وتهديده له بخطفها.
زأر مصطفى بعداء يستعد لاستكمال واصلة اشتباك حال دون وقوعها انتفاض الصقر من جلسته يقف قبالة هذا الليث الغاضب، قائلاً :
-اهدى يا چدع، ده عجله على كده وما يحسنش.
لم يأخذ مصطفى تعقيب صقر بالمعنى الحرفي ولكن ما دار بخلده أن صقر يعني بهذا أنه متهور وليس مريضا عقليا.
لذا أشاح مصطفى بيده في وجه هذا الذي يقف حائلا بينه وبين هذا الوسيم، ووسامة عوض جعلت نيران الغيرة تتضاعف، وحمم أخرى سكبت بداخل قلب التاع رهبة من فكرة فقدها.
فهو يعلم عن وحدة أهل الصعيد ومؤازرة بعضهم البعض ولكنه لا يعلم عن طباعهم شيئاً إذ ظن أنه وإن كان عوض يعني ما يقول فقد يعونه عليه مَن حوله، فهو مخطئ.
مصطفى باستمامة، فقد خانه ذكائه هذه المرة، وعمته غيرة سوداء عن استنباط شيم أهل الصعيد، النخوة طبع يتوارثوه، وحُرمة الآخرين بالنسبة إليهم گ قدسية بيت الله، والضيف لديهم مكرم حتى لو أساء :
-بقولكوا إيه لا ما يغركوش إني بطولي، عرضي هدافع عنه لآخر نفس، وموتة بموتة هاخد في سكتي اللي عقدر عليه.
قالها وهو يقبض بكلا راحتيه على مقدمة جلباب الصقر الذي لم يحرك ساكنًا بل يقف بشموخ ونظرة ساخرة رمقه بها وهو يشيح بوجهه عنه بعد أن أومأ إليه ليلتفت، ولكن المستقبل للإيماءة لم يستجيب حتى بعد أن استمع إلى أصوات شد أجزاء سلاح يستعد حامليه لبدء إطلاق النيران بإشارة من كبيرهم، ليهدر موسى قائلاً :
-نزل يدك يا مصطفى، ما توبجاش غشيم زي المخبول ده.
قالها موسى الذي لمح اختلاف عوض عن الطبيعي منذ أن حضر، مشيراً إلى الذي بدأ ينتفض بهيستيريا لم يلحظها مصطفى.
تجمد مصطفى بأرضه بعد أن صوب نظراته إلى حيث مكان تكوم عوض الذي دخل في نوبة صرع واضحة للأعمى وقد غربت عيناه وشحب وجهه وبدأت الرغوات التي تفيضها غدده اللعابية تسيل من فمه مختلطة بالدماء، وحالته تحاكي الموتى فبدى وكأنه يحتضر لتطلق يد مصطفى صراح ثياب الصقر، يميل إلى ضحيته وإحساس بالذنب يتآكله، حتى وإن كان عوض يستحق من وجهة نظره.
فالوازع الإنساني هو ما يحرك مصطفى الآن، فأردف بهلع :
-حد يجي يشيله معايا نودوه أي مستشفى ، الرجل بيموت.
أشار الصقر إلى أحد رجاله، فلبى المقصود على الفور مقترباً، بينما خفض البقية أسلحتهم بإيماءة من رأس كبيرهم.
الصقر موجهاً حديثه لغفيره :
-روح يا سالم عيط على الضاكتور منصور في الأوضة الجبلية خليه ياچي جوام.
بينما تناول مصطفى زجاجة المياه يسكب القليل منها على راحة يده ينثرها على وجه عوض، أما الصقر رفع يمينه يعلق راحتها بفتحة جلبابه قائلاً بشموخ :
-اللي عيملته ده لو مكنتش عازرك فيه وخابر إنك ما تعرفش عوض ولا حالته وإنه ما يجصدش اللي أنت فهمته كت عتتحاسب عليه، وكمان عشان أنت ضيفي والضيف عيندينا رسول ونخوتك دي اللي خيشت في نفوخي شفعتلك.
-وخابر كمان إن حديتك اللي بلا عازة ده لإنك ما تعرفش عوايدنا، مش إحنا اللي نتكتروا على الغريب ولا لينا في النچاسة.
ثم وجه إشارة لرجل آخر قائلاً :
-روح أنت لصابحة جولها تخلي چماعة مصطفى ينزلوا، وأنتوا كل واحد يرچع مطرحه.
وخاطب مصطفى بتحفظ عن ذي قبل :
-جوم أنت شوف چماعتك، الضاكتور زمانته چاي.
مصطفى بإصرار :
-أنا مش هتحرك من هنا غير لما اطمن عليه.
__________________
أما بالأعلى حيث قائدة الهتيرات التي اصطحبت الفتيات إلى غرفة أنچيل مرةً أخرى وهي تقسم بأنها ستذيق ريان العذاب ألوان.
بينما مسعدة وبرغم ما صرح به منصها حتى ولو كانت تعلم تمام العلم بأنه إدعاء لينجو بحاله من الزواج منها إلا أن خفة ظله تطيح بعقلها فهو يختلف تماما عن المحيطين بها وتتعامل معهم سواء أكانوا مرضى أو أهل وعشيرة.
وعد وهي تجلس على حافة التخت تضرب على فخذيها براحة يديها قائلة بغيظ :
-آه يا ناري منك، لو أطول أطبق في زمرة رقبته مش هسيبوه غير وأنا مطلعاها في إيدي وعاملها كرافتة.
"يا چاحدة 🙄وهاتعمليها كيف دي 🤔🤝😂".
همس بامتعاض :
-معاكي حق يا دودي، ده سمج أوي.
رمقتها وعد باستياء، معقبة :
-حقك تزيطي يا بسكوتة ما الواد واقع ورجولة، ياللاه ربنا يعدلها لك وبلاش إحنا.
همس بهيام :
-مصطفى ده چان وابن بلد خاطف قلبي.
"والله يا بسكوتة من ناحية چان فهو شبح فعلاً، وخاطف قلوب المتابعات وقلبي أنا شخصياً 🙈😂"
وعد مخاطبة أنچيل المنفصلة عما حولها :
-وأنت يا ست المسهوكة ما لكيش شوق تلقحيلك بكلمتين ولا الكتكوت حجك كل عقلك خلاص.
تنهدت أنچيل بحالمية وهي تومأ برأسها في إيجاب، معقبة :
-كتكوت إيه عاد، ديه أسد.
" وأنت يا أخت أنچيل توبجي إيه بصفتك أنثى الأسد 🤔، والله استحي أجولها 🤝😂"
جذبت أنچيل ساعد مسعدة تجلسها إلى جوارها، قائلة بحسرة :
-تعالي يا مسميسو إحنا ملناش في الآخر غير بعضينا بفرديتن المهاتير اللي يخصونا وفضحينا قدام اللي يسوى واللي ما يسواش.
جلست مسعدة وهي ترفع عنها غطاء وجهها تقول ببشاشة :
-من صبر چبر يا خيتي.
وعد بلوية ثغر :
-مش باين يا مساميسو.
مسعدة وهي لا تعلم إذا كانت تواسيها أم تواسي حالها :
-أنت ماشالله عليكي حلوة وزينة هو بس الكبر اللي واخده، بكرة لمن يتجفل عليكوا باب واحد عيعرف جيمتك ويفوج لحاله، بس أنت انشفي عليه هبابة وهياچيكي راكع.
وعد باندفاع :
-موت يا حمار، البعيد جبلة.
ضحكت مسعدة بعذوبة على تعقيبها، فأردفت وعد بتساؤل :
-ألا قوليلي ؟!الهتير بتاعك بيتهرب ليه من الجواز، مع إنك مزة ما شاء الله؟! أنا لم شوفتك استغربت أنك أخت هولاكو!!
مسعدة ولازالت البسمة تملأ وجهها فلقد وهبها الله قدر من الرضى ما يجعلها دائماً ترى الحياة بمنظور أخرى :
-هو بردك كون فكرته عني على أساس إني خيته لهولاكو وبيجولي يا مسعد.
وعد :
-اعذريه بردو بس لازم يتربى الهتير ده.
مسعدة :
-ما آني عچوزه ملك.
وعد باستغراب :
-الله أنت مش بتحبيه ولا إيه؟!
مسعدة باستحياء متجاهلة الإجابة عن سؤالها هذا :
-ماهي ملك توبجى آني بردك.
وعد تهز رأسها بعدم استيعاب :
-أنت ضاربة حاجة يا بت.
مسعدة :
-آني عحكي لك على كل حاچة.
-اسمعي يا ستي............
______________________
أحاسيس عذبة، وعواصف هوائج من مشاعر مفعمة بالحيوية، وغرائز استوحشت، كل هذا غيب عقل من لا تجارب له.
لن نقل شيطانه قد حضر، فما دخل الشيطان بما يدور بين رجل وزوجته؟!
أخرجه من نشوته صوتها المذبذب ويبدو أنها تراجعت أو هكذا ظن ماجد عندما ناشدته قائلة من بين قبلاته الحميمية لها :
-ماچد، آني كت عاوزة أجولك حاچة بس بربك ما تزعلش مني.
تصلب جسده، وضغطت يده بلا وعي على فخذها وهو يسند جبينه إلى جانب وجهها على الأريكة، يزفر أنفاس هوجاء، وعقله ينهره على ما كان موشك على فعله وبرغم الخيبة التي تملكته الآن فإحساسه بها كاد أن يكتمل لولا رجائها هذا.
ولكنه يحمد الله أن أحدهما استفاق بآخر لحظة، فما يحدث الآن لا يمت لما وعدها به سابقا وألزم به حاله.
نهض عنها بارتباك يلملم شتات نفسه، يلجم ألسنة الرغبة التي ما إن كانت لتنقضي لأخذ ينهر حاله ويجلدها في حالة أن وقع ما يستنكره عقله.
أطرق رأسه بخزي من حاله ويده امتدت تسدل ثوبها، يواري بها ساقيها الملفوفتان ناصعي البياض.
"ما تهدى يا عم ماچد🙈 ملفوفتان وناصعي البياض إيه بس؟! الشيطان صايع 🤝😂".
بينما اعتدلت تنزل قدماها أرضا، يكاد الخجل يقتلها مما قادته إليه.
وإحساس بالخزي يجعلها تتمنى لو أن انشقت الأرض وابتلعتها خاصةً بعد هيئته تلك، وهي تلوم حالها كونها استوقفته لتعلمه أن يتأنى ويرحم عذريتها.
"أحيه هو رضوان ما كنش تمام 😏ولا إيه 🤝😂"