رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل الثامن والخمسون 58 بقلم اسماء حميدة


 رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل الثامن والخمسون

ترددت إيفرلي قليلا كمن يخشى أن يذكر صديقه بالغرق وهو بالكاد يطفو 
أرادت أن تقترح عليها الرحيل أن تنقذها من هذا المشهد المسمم
لكن أحمد كان قد حسم دون أن يبقي مساحة للتأويل 
صوته هادئ بقدر الجريمة أعلن تمسكه بمارينا
وكل كلمة منه كانت كأنها حجر يلقى في بئر روح سارة
يسقط عميقا ولا يرتد 
كانت تعرف أن اللعبة انتهت 
أن الرجل الذي وقف ذات يوم خلفها كظل حنون قد بات الآن سكينا يلوح على مرأى من الجميع 
لكنها رغم ذلك لم تغادر 
المفارقة التي أربكت حتى العيون المتلصصة
أن سارة التي كانت تبحث عن مخرج
قررت البقاء 
استدارت سارة إلى إيفرلي وقد سكنت في عينيها نظرة لا تخلو من الألم ولا تخلو من التحدي
ألم تحضري ملابس بديلة تعالي معي إلى الحمام سأبدل ملابسي لا أظن أن المغادرة قبل أن تبدأ الحفلة يعد سلوكا لائقا أليس كذلك
أصابت كلماتها إيفرلي بدهشة لا تخلو من انبهار 
لم تكن تتوقع هذا القدر من الصمود
ولا تلك الشجاعة التي تخفي تحت جلدها قلبا مشروخا 
في الطريق إلى الحمام كانت إيفرلي تتذمر بنبرة غاضبة
هل رأيت نظرته ذلك الوجه البائس الكاذب المتملق! كدت أصفعه حتى يتفتت وجهه! إنه إنه أسوأ وغد قابلته في حياتي!
لم تجبها سارة سوى بابتسامة لكنها لم تكن ابتسامة 
بل انكسار متعب أجبر على التجمل 
أوه

إيفرلي 
سارة هل أنت متأكدة من رغبتك بالبقاء
إنه لن يخجل من شيء سيتصرف كما لو كنت خيالا 
سيمسك بيدها وسيتحدث عن الغد بينما أنت لا تزالين تحملين رماده بداخلك 
سيجعلك تشعرين أنك وحدك التي لم تكمل الطريق 
توقفت سارة ورفعت عينيها بنظرة خافتة لكنها مشبعة بالعناد
ألم تكوني أنت من قال إنني سأتجاوزه يوما
ثم ألم يكن هو من اختار الانفصال فلماذا أختبئ
دخلت الحجرة الصغيرة وفتحت حقيبة الفستان الجديد
كأنها تفتح صندوق تحول لا عودة بعده 
قالت بصوت خافت كأنه صلاة
إيفرلي أنت على حق 
حتى إن لم يبق لي في هذا العالم سوى يوم واحد
سأعيشه لنفسي فقط لنفسي 
ثم خرجت 
والباب الذي فتح لم يخرج امرأة
بل أسطورة صغيرة كانت نائمة خلف الرماد 
الفستان أحمر بلون اللهفة
مكشوف بنعومة مدروسة لا يفضح بل يعلن 
لم يكن فستانا بل بيانا شعريا لجسد لم يهزم
وقوام مهما انحنى تحت الألم لا يفقد بريقه 
حبست إيفرلي أنفاسها
بلعت ريقها كما يبتلع المرء اعترافا كان يوشك على الهرب
يا إلهي!
أحيانا أظن أن حجم الصدر هو كل شيء لكنك تجعلين هذا الفستان وكأنه ولد من أجلك 
ضحكت سارة ضحكة مزيج من الذكرى والتصالح 
كانت هناك بوضوح لا يحتمل التفسير
روح أنثوية استعادت قدرتها على التوهج 
ساعدتها إيفرلي في وضع أحمر الشفاه 
الأحمر
ذاته الذي يشبه لون قلب لم يتوقف عن الخفقان وإن نزف 
وفي المرآة
لم يكن الانعكاس صورة امرأة
بل طيف امرأة خرجت من الرماد لتغوي الحياة نفسها 
ربما خلقت عبارة الإغواء الخالص من أجلها 
قالت سارة بصوت لم يكن مرتفعا بقدر ما كان راسخا كأنه إعلان حياة
دعينا نذهب 
لم تكن الكلمات مجرد دعوة
بل كانت كمن يصفع الخوف ويرتدي جسدا جديدا بعد جلد قديم 
دخلت القاعة بكعبها العالي يطرق الأرض لا كخطوات بل كإيقاع متعال لأنثى تعرف كيف تولد من رمادها 
قصة شعرها القصيرة منحت وجهها انكشافا نادرا لم يكن الجمال وحده من فيها بل القوة التي لا ترى وتحس 
بدت سارة كأنها خرجت من مشهد سينمائي متقن الإضاءة
وحين ظهرت انحنت الهمسات نحوها كأنها عاصفة ناعمة 
ومن على الجانب صدحت سخرية مغلفة بالغيرة
هذا مبهرج أكثر من اللازم 
قالتها كاليستا
لكن عينيها لم تفارقا الفستان الأحمر 
ولا رقة الكتف المكشوف 
لحظة ثم جاء الصوت 
هادئ مألوف يحمل شيئا من ماض لم يطفأ تماما
سارة 
استدارت لتجد باسل واقفا بجانب كالفن يلوح لها بابتسامة دافئة 
تفاجأت لم يكن ظهوره متوقعا لكنه كان منطقيا 
ينتمي مثل كالفن لعائلة تحترف المشرط والبياض والقرارات الحاسمة 
ولوهلة بدا كأن ظهوره جاء لينقذها من هاوية اجتماعية كانت
تقترب منها 
ولو كانت سترفض دعوته لكانت ستحرجه 
وسارة لم تكن لتحرج من لم يؤذها 
اقتربت منه بخطوات واثقة وجلست إلى جانبه
تحت أنظار أحمد التي صارت فجأة حزينة
كأنه رأى أطلالا يتهدم سقفها أمامه 
ولا يستطيع التدخل 
كان اللقاء بين سارة وباسل صامتا لكنه مشبع
كأنهما استعادا في لحظة واحدة غياب السنوات دون أن يضطرا لذكره 
الغريب أن أغلب الحضور كانوا منشغلين بالاقتراب من أحمد
أما باسل فقد منح سارة كل انتباهه
وكأنها ضيفته الوحيدة في هذا العالم المزدحم 
تناول طبقها ووضع لها بعناية بعض الأطعمة الصحية
كما لو أنه يحاول إعادة التوازن إلى روح مضطربة عبر اللطف 
كانت سارة مشغولة بالأكل تخفي وجهها خلف ابتسامة باهتة
لم تلحظ أحمد وهو يحدق بها من بعيد
حدقة مشبعة بالدهشة وربما بالشك 
لكن كالفن لم يكن غافلا 
لاحظ كل شيء 
اقترب قليلا وسأل بنبرة مازحة لكن تخفي الفضول
باسل لم أرك يوما منشغلا بامرأة كما أنت الآن 
هل هل هناك شيء بينك وبين سارة
لم يكن السؤال قد استقر بعد
حتى جاءت همسة أخرى هذه المرة من بيلي بلانشارد
بين مضغة وأخرى قالت كمن تسقط قنبلة
سمعت أن سارة أخذت إجازة من الجامعة لتتزوج 
هل من الممكن أن تكون زوجة باسل
توقف الوقت للحظة 
كأن القاعة تخلت عن أنفاسها 
لكن سارة
كانت قد تعلمت أن تمسك باللحظة
أن تجعل من الشائعة حائطا تتكئ عليه لا سهما يخترقها 


تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1