رواية للهوى رأي اخر الفصل الخامس
بأصابع تطرق على مكتبه برتابة، يحرك كرسيه لليمين واليسار وعينيه مرتكزة على شيء وهمي أمامه، لكن عقله يفكر بشيء ما مستحوذ على جام تفكيره، طرقتين وانفتح الباب، وضعت المساعدة ملفًا أمامه قائلة:
_ الملف اللي حضرتك طلبته
أشار لها بالخروج لكنها قالت بارتباك:
_ قاسم باشا، الصحافة ومواقع التواصل مالهمش سيرة غير اللي حصل في الحفلة و...
قاطَعها مشيرًا لها بيده:
_ سيبيهم يقولوا اللي هم عايزينه، وهم من إمتى بيبطلوا كلام
_ لكن البنت اللي كانت مع حضرتك...
احتدت عيناه وقال محذرًا:
_ لو حد جاب سيرتها بأي كلمة، خلي المحامي يتصرف ويتقفل المصدر فورًا
أومأت برأسها وخرجت، نظر للملف لدقائق وبتمهل فتحه وكانت أول الكلمات اسمها،
فيروز.. نطق اسمها بخفوت عدة مرات وكأنه يتذوقه وابتسامة جانبية على شفتيه..
رغم أن كمال أخبره أنها ابنة أخيه لكنه لم يصدقه، لكنها بالفعل تقربه، في الرابع والعشرين من عمرها، توفي والدها في صغرها وتزوجت والدتها من آخر، حتى توفت منذ عدة أشهر وتركَتها لزوجها ولده وابنته، أتت من مكان سكنها البعيد بحثًا عن عمها، لم تكمل آخر سنة في مرحلتها الجامعية...
ألقى بالملف ولم يكتفِ بتلك المعلومات السطحية عنها، تلك التي جعلته يتصرف لأول مرة دون حساب الإعلام أو الناس، لكنه لم يستطع تجاهل تلك الرغبة الملحة في الرقص معها، وكانت هي ناعمة جدًا بين يديه، ارتسمت بسمة جانبية على فمه وكأنه لا يزال يستشعر رعشتها وارتباكها وتخبطها اللذيذ في رقصتها معه، لم يكن بالجرئ أو المندفع، بالعكس دائمًا ما يفكر بخطواته بتريث وهدوء، لكن الآن يشعر بشيء مريب عليه ويقلقه.. شيء يلح عليه كأمس... أن يراها.
........................
يوم عصيب، الكل يعمل كالآلة، وغضبه لا يُحتمل وهي بمزاج متعكر من أمس بعد حديث والدتها، ولم تعد تحتمل الكثير من ذلك الضغط منذ الصباح، ارتمت على مقعدها وبأصابعها دلكت جانبي جبينها لعل ذلك الصداع يهدأ قليلًا، ولم تمر ثوانٍ حتى علا رنين هاتف المكتب واستقبلت صوته الصارم بعدة تعليمات، حتى أنه أنهى كلماته وأغلق الهاتف في وجهها، نظرت دهب للهاتف قليلًا وعضت على شفتيها بغيظ، نفخت ورتبت عدة ملفات تحضيرًا للاجتماع الذي سيُعقد خلال وقت قصير وقد بدأ يتوافد أعضاؤه.
ترأس الاجتماع...
كان مسيطرًا وملامحه حازمة صارمة عن اللزوم، يلقي كلماته وعند ملاحظات معينة يلقي عليها نظرة بتدوينها، كان بينهما حوار عملي خفي بالأعين لم ينتبه إليه كلاهما.
لم تنتبه لنظرات ذلك الرجل، ولا لعينيه التي تتفحصها بدقة وتمهل، لم تكن ملابسها مختلفة عن الأيام الأخرى، لكن شفتيها كانتا مصبوغتين بلون أحمر قانٍ ملفت للأنظار، يجعل كل من يحدثها لا ينتبه لشيء سواهما.
استقامت دهب لتحضر شيئًا من مكتب موسى.
سارت عينا الرجل معها أثناء سيرها، على ظهرها وانحناءاتها من الخلف، انتبه إليه موسى وتصلبت ملامحه واحتدت عيناه، عندما أتت جلست بجانبه كما كانت غافلة عما يدور حولها، أثار حنقه ما ترتديه وما يحدده من جسدها الفج، وذلك اللون المصبوغ به شفتيها بغير رضاه، عاد بأنظاره مرة أخرى للرجل وقرأ بعينيه كل ما يدور بعقله الوقح، أنهى الاجتماع سريعًا وباستعجال، أثار استغرابها تحديد موعد آخر له، لكنها لم تستفسر عن شيء الآن.
سارت دهب بجانب الرجل، وبفعل قذر منه، رفع يده ولامس جانب خصرها نزولًا لأسفل، شهقت دهب متفاجئة من تحرشه الوقح، والتفتت إليه سريعًا وبدون تفكير رفعت مجموعة الملفات التي بيدها لأعلى وبقوة ضربته على رأسه هادرة به بغضب:
_ قليل الأدب
التفت إليها موسى وتقدم إليها سريعًا، وما إن استمع لكلماتها ناهرة الرجل، أدرك ما أقدم عليه بفعل مشين، وبقوة ألقى عليه بقبضته مجموعة من اللكمات ثم جذبه من خلف رأسه وأسقطه أرضًا من على مقعده، مع حفنة من الكلمات والشتائم، التي جعلت عينيها تتسع في اندهاش من شراسته وتحوله لرجل آخر يشبه رجل الكهف، تراجعت دهب للخلف بخطواتها، وتقدم المتواجدون وعدد من الموظفين لتخليص ذلك المتحرش من براثنه، هدر موسى بانفعال ووجه محتقن به:
_ اطلع بره بدل ما أدفنك تحت رجلي يلا
استقام الرجل بمساعدة من حوله، وبغضب مكبوت قال محاولًا تصليح خطأه وإلقاءه عليها:
_ موسى بيه صدقني هي اللي قصدت كده، هي اللي اتحركت ناحية إيدي عن قصد وطول الاجتماع بتلاغيني
اتسعت عيناها وشهقت عاليًا، وقبل أن تفكر في الدفاع عن نفسها وتتقدم عن مكانها...
كان صوت موسى الحاد في شراسته:
_ كلمة كمان وأقسم بالله هاخليك تخرج من هنا على ضهرك
لم يتفوه بكلمة أخرى، وقد رأى وجهًا آخر لموسى رشيد بعيدًا كل البعد عن واجهة رجل الأعمال المتحضر، تحرك بخزي للخارج وأتبعه الجميع في إشارة من يد موسى بالخروج للمتواجدين...
لم يتبقَ سواهم، بانفعال ما زال يتملكه أزاح رابطة عنقه وألقاها على حرف مكتبه بإهمال، مستندًا بكفيه على مكتبه وهي خلفه، ما زالت واقفة بركن منزوي، تنظر إليه بصدمة لم تخرج منها بعد...
نظرت حولها بتيه للمكان الذي تحول للهدوء بعد أن كان متكدسًا بالرجال والأصوات العالية، ثم عادت بأنظارها إليه مرة أخرى، لا تصدق أنه دافع عنها للتو!
لقد تشاجر لأجلها ولم يكترث بشيء سواها، لقد رأت غضبه المخيف فقط لأجلها!
تحركت ببطء باتجاهه حتى وصلت إليه ووقفت بجانبه، رفعت يدها لتلامس كتفه وبمجرد ما تلامست بطرفي أصابعها، انتفضت فجأة لالتفاته وصوت موسى المنفعل محذرًا:
_ أوعي تفكري تلمسيني
تخشبت دهب مكانها للحظات واتسعت عيناها مقابل عينيه بشراراتها فأكمل هادرًا:
_ عجبك اللي حصل ده، مبسوطة؟
هتفت قبالته وقد تملك الغضب بعينيها وملامح وجهها الجميلة:
_ ويعجبني ليه؟ لو كان عاجبني ماكنتش ضربته على دماغه، ولو متضايق إنك ضربته وشايف إنك اتسرعت ماكنت...
قاطعها موسى مقتربًا منها خطوة واحدة حتى باتت المسافة بينهما قليلة للغاية وقال بغضب:
_ أنا المفروض كنت فتحت دماغه ولا كسرت له إيديه الاتنين
شبه بسمة صغيرة لاحت على شفتيها وقالت دهب وعيناها تنظران إليه وكأنها ترجو بتلك الإجابة التي تريدها:
_ ليه، ليه عملت كده؟
فتح فمه للحظة ثم أغلقه مرة أخرى قائلًا بصوت أقرب للهدوء:
_ إنتي المساعدة بتاعتي، في حدود مملكتي، لما واحد... يفكر إنه يركب لي قرنين ويعمل حركة زي دي، يبقى بيستقل بيا، واللي عملته يستاهله وأكتر
ضيقت عينيها وكأنه لكمها في قلبها بقوة، ودفنت الأماني قبل أن تخرج للنور،
وتساءلت بهمس خفيض:
_ بس!
لوى فمه ببسمة ساخرة وقال:
_ دهب، مش كل الكون بيدور حواليكي إنتي بس، في حسابات تانية لكل واحد فينا
تسرع! ربما كان عليه أن يجد إجابة تحمل بعض اللطف!
يشعر أنها كانت تتوسله بعينيها أن يجيبها إجابة أخرى، لكنه لم يفعل، رغم أنها كانت على طرف لسانه، لكنه لن يفعل... لن يستطيع
خصوصًا وأنها أيضًا ملامة، ليس عليها أن تكون بذلك الجمال المغوي والذي تتفنن بإظهاره سواء بقصد أو بدون...
وكلما يتذكر نظرات ذلك الرجل شعر أنه على وشك الهجوم عليه وفقع عينيه، فعمل على إنهاء ذلك الاجتماع ليبعدها عن أنظاره الخبيثة، لكن الأخير لم يكتفِ بذلك فتطاول عليها وجعله يعود لعدة سنوات ماضية في شجار لم يجره منذ أن كان في العشرين من عمره، شعر بالدماء تغلي في عروقه والغضب يتملكه وهجم عليه وحدث ما حدث، ولو كانوا تركوه لكان أفرغ عليه غضبه وكبته دون تردد.
شدت جسدها ورفعت رأسها بإباء وكبرياء رغم شحوب ملامحها، ودون أن تجد القدرة على الرد تحركت دهب للخارج تاركة إياه ينظر لطيفها، ماسحًا على شعره بضيق وغضب واختناق...
........
بملل، نزلت فيروز من غرفتها. لم ترَ أسيل أو عمّها حتى الآن، لكنها فكّرت أن الجلوس في الحديقة ربما يكون أفضل من البقاء وحيدة في الغرفة الصامتة.
توقفت عندما رأت نازلي أمامها تحدّق بها بازدراء، فاحتقن وجه فيروز، وأشاحت بنظرها متجنبة أي حديث معها، لكن نازلي استوقفتها بضيق:
– أكيد مبسوطة باللي حصل النهارده. أول مرة تحضري حفلة، وتاني يوم ينزل خبر عنك وعن قاسم عمران! مش سهلة إنتِ يا فيروز… وأنا فاهمـاكي كويس.
ضيّقت فيروز حاجبيها، وقالت بتساؤل حائر:
– خبر عني أنا؟ وأنا حد يعرفني أصلاً؟
سخرت نازلي بغضب:
– محدش يعرفك، آه… لكن الكل يعرف قاسم، واللي عمله امبارح، والناس كلها بتتكلم عنه. ما كنتش أتخيل طموحك عالي كده، كنت فاكراكي بس عايزة تعيشي في خير كمال… لكن واضح إن عينك على أعلى من كده بكتير.
أدمعت عينا فيروز، وقالت بوجه محتقن:
– أنا ما برسمش على حد، واللي بتقولي عليه أنا ما أعرفوش، ولا كلمني كلمة واحدة. مش فاهمة ليه بتعامليني كده… أنا مش عدوتك.
رفعت نازلي رأسها بتعالٍ:
– عدوتي؟ دي كلمة كبيرة أوي عليك. إنتِ ما تقدريش تكوني عدوتي لأنك مش بالأهمية دي. أنا عارفة أشكالك كويس… اللي اتربوا في الحواري ونفسهم يخرجوا من مستنقع الفقر ويتساووا بأولاد العائلات.
تجمّدت عينا فيروز، وتقبّلت كلماتها القاسية دون رد، ثم قالت بقهر:
– لو سليلين العائلات شايفين نفسهم أعلى من الناس وعندهم الكِبر والغرور ده… فأنا مش عايزة. لن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. وأكبر دليل على تربيتي إني ما رديتش عليكي، وإني محترمة كونك ست كبيرة.
تركتها ورحلت مسرعة نحو الحديقة. شعرت بأنفاسها مكتومة وبثقل جاثم على صدرها، فأغمضت عينيها… لتعود بذاكرتها إلى مشهد قريب.
---
فلاش باك
وقفت أمام المرآة، جمعت خصلات شعرها للخلف في كعكة عشوائية، ومسحت وجهها براحة يدها، ثم أخذت نفسًا عميقًا وفتحت الباب متجهة مباشرة إلى والدتها.
رسمت ابتسامة هادئة على وجهها، في رسالة مطمئنة لوالدتها أنها بخير حتى لا يزيد مرضها، لكن ما لم تعرفه فيروز أن قلب الأم يبصر ما لا تراه العيون في فلذة كبدها.
فيروز بابتسامة:
– صباح الخير يا ست الكل.
الأم بصوتها الحنون رغم الإرهاق:
– بخير يا ضنايا، الحمد لله.
فيروز وهي تبحث عن الدواء:
– اتفضلي يا ست الكل، الدوا أهو… وأنا هادخل أعمل لك الفطار على طول.
الأم:
– طب افطري إنتِ الأول.
فيروز:
– أبدًا، إنتِ الأول يا حبيبتي.
ثم قبلت جبينها وخرجت، وخلفها دعوات أمها الصادقة.
وفي طريقها، قابلت ابنة زوج أبيها، التي ما إن رأتْها حتى قالت بلهجة آمرة:
– حضرتي الفطار؟
ضغطت فيروز شفتيها، فلطالما شعرت أن هذه الفتاة تعاملها كخادمة لها ولأبيها وأخيها، بل وتبذل أقصى جهد لإثبات ذلك.
فيروز:
– لسه.
مروة بضيق:
– لسه ليه؟ أنا متأخرة!
فيروز ببرود:
– خلاص، اعمليه إنتِ.
مروة رافعة حاجبها:
– وإنتِ كنتِ فين ولا وراكي إيه؟
فيروز بصوت مكتوم حتى لا تسمعها أمها:
– ورايا أمي وعلاجها وشغلي… مش أحضر لك الأكل وأغسلك هدومك وأكويها وكأني خدامة عندك.
مروة بابتسامة مستفزة:
– كأنك؟ لا يا حبيبتي، إنتِ فعلًا خدامة… بتاكلي إنتِ وأمك من خير أبويا، وأوعى إنتِ وأمك في بيتي… على الأقل تعملي بلقمتك وتخدمي.
فيروز بعينين محتدتين:
– أنا وأمي بنصرف من شغلي، والبيت اللي بتقولي عليه "بيتكم" ده بيت أمي… أبوكي أخده منها بالنصب، وخلّاها تمضي على البيع وهي ما بتعرفش تقرا ولا تكتب. ده بيتنا إحنا مش بيتكم.
مروة بحقد:
– دي شقتنا يا فيروز، ولو ما احترمتيش نفسك… هخلي أبويا يطردك إنتِ وأمك في الشارع، وكلمة منك كمان… وأقسم بالله أعملها. ويلا روحي حضّري لي الفطار.
خرج زوج أمها من غرفته دون أن يستر نفسه، متباهيًا بمظهره المقزز، وهدر بصوت عالٍ:
– إيه ده على الصبح! ما تصطبحوا.
ثم نظر إلى فيروز:
– فين الفطار يا بت؟ اتأخر ليه؟
مروة بتشفي:
– ما اتحضرش يا بابا… أصلها ما كانتش فاضية، كل شوية تتحجج بأمها.
لوّح بيده في وجه فيروز، وقال بقسوة:
– يا ريت تغور وتريحنا… دي جوازة سودة.
فيروز بصوت متهدج:
– أمي مش عالة على حد… أنا مش مخليّاها تحتاج لكم.
هو بصوت غاضب:
– ما ترديش عليا كلمة بكلمة، بدل ما أشلفط وشك ده… يلا حضري الفطار.
كتمت دموعها، وابتعدت خوفًا من تهديده وهي تغلي من الداخل.
---
العودة إلى الحاضر
مسحت دمعتها، متسائلة إلى متى ستتحمل الإهانات؟
نظرت حولها، ورأت البوابة، فأشارت للحارس ليفتحها. قررت ألا تبقى مع تلك السيدة في منزل واحد، وخرجت تتمشى علّ السير يخفف من احتقان صدرها.
المكان من حولها يفيض بالفخامة، وهو كما أخبرتها أسيل من قبل "كمباوند" يسكنه رجال الأعمال وأصحاب المناصب. كانت تمشي وحيدة، تنظر إلى عالم لم تحلم حتى برؤيته، فأحلامها أبسط بكثير من الثراء… كانت تحلم فقط بحضن أمها والأمان.
أخرجها بوق سيارة من شرودها، فابتعدت إلى الرصيف، لكن السيارة السوداء توقفت. شعرت بالريبة وأسرعت في خطواتها، لكن صوتًا رجوليًا من خلفها قال:
– استني.
التفتت، فتسعت عيناها حين عرفت من هو، ثم أدارت ظهرها مسرعة كأنها تركض.
ركض خلفها حتى أمسك بساعدها وأجبرها على الالتفات.
– طب وقفي… وهاسيبك، قال قاسم.
جاء أحد الحراس من خلفه:
– قاسم بيه…
أشار له قاسم أن يتوقف، وعيناه الخضراوان مثبتتان على فيروز:
– سيب إيدي.
– هاسيبها… بس قولي لي بتجري مني ليه؟
فيروز بغضب:
– وإنتَ مالك؟ أنا ما عرفكش.
– إنتِ خايفة مني؟
– وأخاف منك ليه إن شاء الله؟
ابتسم:
– كويس… مع إن نفسك العالي وعينيك اللي بتدور في كل مكان بتقول العكس… بس هاصدقك.
فيروز بغيظ:
– كنت بدور عشان خايفة حد يشوفني ويقول لعمي… وعلى فكرة لو ما مشيتش، هاقول لعمي وهو يقفلك.
ضحك فجأة:
– هاتشتكيني لكمال يعني؟
لم ترد، لكنها قالت بيأس:
– سيبني أمشي، أنا مش ناقصة مشاكل.
تغيرت ملامحه، وسأل بجدية:
– مين جاب سيرتك؟
– ما أعرفش، لكني عرفت إن في مواقع اتكلمت عني بسبب اللي حصل منك امبارح… وأنا لا ليا في النت ولا الكلام ده. ليه عملت كده؟ أنا ما عرفكش حتى علشان تأذيني.
– المواقع كلها اتقفلت النهارده… وأنا ما قصدتش أذيكي، لكني مش عارف أنا عملت كده ليه.
صمتت وخفضت رأسها، فقال:
– إنتِ تعرفي أنا مين؟
– رجل أعمال… تقريبًا.
ابتسم لبساطتها، ثم سأل:
– في حد معاكي؟
تراجعت خطوة وقالت بخوف:
– عايز إيه؟
– أنا شكلي مجرم؟ أنا بسأل عشان ما ينفعش تخرجي لوحدك هنا… ممكن حد يضايقك أو تتوهي.
– لا شكرًا.
– طب اركبي، أوصلك.
– لأ… هرجع لوحدي.
نظر إليها بصمت، فملامحها الطبيعية بدت أجمل من أي زينة، وملابسها البسيطة تناسبها أكثر.
شعرت فيروز بالارتباك من ثبات نظرته، فأومأ برأسه وقال:
– واحد من الحرس هايوصلك.
تحركت بسرعة، لكن صوته ناداها لأول مرة باسمها:
– فيروز… أكيد هاشوفك تاني.