رواية فرقة المهمات الخاصة الفصل السادس بقلم جميلة القحطانى
كان الجو ثقيلًا تلك الليلة في مقر العمليات.
الملفات مبعثرة، والأعين متوترة، والقلوب تعرف أن القادم ليس مجرد عملية أمنية عادية.
دخل جواد إلى غرفة الاجتماعات، يحمل ملفًا أسود اللون، ووراءه كان يزن يتكلم في هاتفه اللاسلكي، يبتسم كعادته كأن الخطر لعبة يعرف كيف يفوز بها، بينما سليم كان جالسًا أمام شاشة ممتلئة بأرقام واتصالات مشفرة.
قال سليم وهو يشير إلى الخريطة:الشحنة اللي اتحجزت في ميناء دمياط، فيها أكثر من 300 قطعة سلاح مخفية وسط برتقال. بس اللي أغرب من كده إن نفس الشحنة متسجلة في ميناء العقبة برضه، بنفس رقم التتبع.
رفع مروان حاجبه:يعني في جهة بتزوّر الشحنات وتتحكم بالمداخل والمخارج دي شبكة، مش عصابة.
أومأ جواد ببطء:وكل الطرق بتوصل لشخص واحد كمال الديب. عنده شركة استيراد وهمية، وعلاقاته توصّل للوزارات.
دخل العقيد أشرف، مديرهم المباشر، وقال بجدية:المهمة دي حساسة جدًا. أنتو الثلاثة هتنزلوا تحت غطاء. كل خطوة محسوبة، أي غلطة ممكن تكلّفنا العملية وحياة ناس أبرياء.
ثم وضع صورة على الطاولة.
كان فيها رجل أصلع، بعينين ثاقبتين، يقف بجانب شاحنة تبريد.
ده إبراهيم حرب، مدير التحركات، ذراع كمال الديب في التهريب. وهو هدفنا الأول هنوقعه، ونوصل للرأس الكبيرة.
جواد: ينتحل صفة مستشار قانوني مرسَل من هيئة دولية لمراجعة نشاط الشركة.
مروان: مندوب شحن جديد يتنقل بين الحاويات والمستودعات.
سليم: مسؤول الدعم والتحليل من بعيد، يرصد كل خطوة من غرفة العمليات.
قال العقيد بنبرة حاسمة:قدامكم 72 ساعة الشحنة الكبيرة هتتحرك خلالهم. لو خرجت من الميناء، البلد كلها ممكن تولع.
في تلك الليلة، لم ينم أحد.
كان الوقت قد بدأ يتحرك، والعقارب تمشي نحو ما يشبه الحرب الخفية.
في الميناء الجنوبي، كانت الشمس تحترق فوق الحديد، وصوت الشاحنات يمتزج بصراخ العمّال وصفارات التفتيش.
دخل مروان متخفيًا في زيّ عامل شحن، قبعته تغطي وجهه، يحمل على كتفه جهاز تتبع صغير أخفاه داخل سترته. تنقل بين الحاويات بخطى واثقة، كأنه يعمل هناك منذ سنوات.
في المكتب الإداري للشركة، جلس جواد على طاولة الاجتماعات، يقدم أوراق اعتماد مزيفة كمستشار من الهيئة الدولية لمكافحة غسيل الأموال.
كان أمامه كمال الديب، رجل الأعمال البارد، ينظر إليه بابتسامة متحفظة.
كمال:ما توقعتش الزيارة دي بصراحة، لكن أهلاً وسهلاً بأي رقابة شركتنا مفتوحة.
ابتسم جواد بلطف:ده المطلوب بالضبط الشفافية.
في تلك اللحظة، فُتح باب المكتب، ودخلت امرأة طويلة القامة، شعرها مربوط، تحمل ملفات وتقارير.
قال كمال:دي مساعدة المدير الجديدة ليان فخري، بدأت شغل من أسبوع.
جواد لم يُظهر أي دهشة، لكن عينيه ثبتت عليها لثانية.
ليان كانت في الأصل ضابطة أمن مركزي مختصة بالتنكر، وقد وصلت قبلهم بأيام، متخفية كمساعدة لإبراهيم حرب. هي عيونهم داخل قلب العملية.
همست ليان لاحقًا لجواد وهي تضع الملفات أمامه:الشحنة هتخرج الساعة 2 فجرًا من الباب الخلفي، مش الرسمي. في شاحنتين تبريد، واحدة فيها فواكه… التانية فيها سلاح مخفي.
أومأ جواد برأسه دون أن ينظر إليها، حفاظًا على التغطية.
في الجانب الآخر، كان سليم يجلس في غرفة العمليات، يراقبهم عبر الأقمار الصناعية وكاميرات مراقبة اخترقها.
قال في سماعة مروان:انتبه، إبراهيم واقف في الطرف الشمالي عينه مش مريحة. وخد بالك من البوابة الخلفية، فيها مستودع مخفي ما ظهرش في الخرائط الرسمية.
الساعة 12:47 ليلًا.
أرسل سليم تنبيهًا:المستودع اتحرك فيه جسم حراري فيه حد بيحضر الشحنة.
أرسل جواد إشارة قصيرة إلى ليان:جهزوا الخطة ب. لازم نوقف الشحنة قبل ما تتحرك وإلا هتختفي زي اللي قبلها.