رواية فرقة المهمات الخاصة الفصل السابع 7 بقلم جميلة القحطانى

 

رواية فرقة المهمات الخاصة الفصل السابع بقلم جميلة القحطانى


وفي مكان مختلف في المساء في وسط المدينة كان مزدحمًا، لكن المقهى الصغير في شارع النيل القديم بدا وكأنه خارج الزمن. دخان الشيشة يتصاعد ببطء، والموسيقى الشعبية تختلط بأصوات النرد على الطاولات.

دخل خالد أولًا، يرتدي قميصًا بسيطًا وبنطال جينز، وعلى كتفه حقيبة قماشية. جلس على طاولة قريبة من الباب، وكأنه يبحث عن مكان دافئ لإنهاء يوم طويل.

بعد دقائق، دخل جسار من دون أن ينظر ناحيته، وجلس على الطاولة المقابلة بجانب مجموعة من الزبائن الدائمين.

خالد ابتسم للنادل الشاب:إزيك يا كبير، القهوة هنا زي ما بيقولوا ولا مجرد دعاية؟

ضحك النادل:هتشرب وتشوف بنفسك.

أثناء تحضير القهوة، بدأ خالد حديثًا جانبيًا مع رجل خمسيني كان يقرأ جريدة:أخبار الدولار بقت تخوف شكل التجارة مش هتستمر بنفس الشكل.

لاحظ أن الرجل خفض الجريدة لجزء من الثانية، ثم عاد يرفعها إشارة صغيرة أن الكلمة أثارت انتباهه.

في الجهة الأخرى، كان جسار يتحدث مع شابين عن مباراة كرة قادمة، ثم ألقى جملة وكأنه يضحك:واحد صاحبي بيقول إن في شحنة أجهزة جديدة داخلة من بره، لو الحكومة عرفتها هتوقفها فورًا!

ضحك أحد الشابين، لكن الثاني شدّ على سيجارته بقوة وتجنب النظر في عينيه. جسار حفظ الملاحظة في ذهنه، ثم غيّر الموضوع بسرعة.

مرت نصف ساعة، وخالد بدأ يلعب دوره التالي.

عندما لاحظ أن النادل يعاني من حمل كرتونة مشروبات ثقيلة، قام فورًا لمساعدته:سيب دي عليّ يا عم ظهرنا لسه بخير.

النادل شكره، ومن تلك اللحظة بدأ يعامله كـواحد من المكان.

بعد دقائق، همس له النادل:أوعى تتكلم قدام الحاج رضا عن الشحنات بيكره الكلام ده.

هذه المعلومة الصغيرة كانت المفتاح.

في الخارج، عندما غادر جسار المقهى، التقى بخالد على ناصية الشارع، وكلاهما لم يذكر اسم الآخر.

لكن خالد قال وهو ينظر للرصيف:الحاج رضا هو اللي ممكن يودينا على العنوان.

جسار ابتسم نصف ابتسامة:وأنا عرفت مين بيشتغل تحت إيده اللعبة لسه بتبدأ.

فجأة، ارتفع صوت أحد الزبائن:إنت فاكر نفسك مين علشان تكلمني كده؟!

وقف رجل آخر، طويل البنية، عروقه مشدودة، وصوته كالرعد:أنا هوريك مين أنا!

انقلبت الطاولة بينهما، وطار كوب شاي محلى في الهواء، وانكسر على الأرض. لحظة واحدة، وتحولت القاعة إلى فوضى: كراسي تتحرك، زجاجات تسقط، وشتائم تملأ المكان.

خالد تحرك على الفور.

نهض من كرسيه بخطوات سريعة، ودفع أحد الكراسي جانبًا ليصل إلى وسط الشجار:يا جماعة، عيب! هدوء!

حاول الإمساك بذراع المهاجم ليفصله عن الرجل الآخر، لكن الأخير دفعه بعنف، ليترك خدشًا في ذراعه. لم يهتم، بل أعاد المحاولة، وصوته أكثر حزمًا:هتضربه تاني على جثتي!

أما جسار ظل في مكانه، يميل للخلف على الكرسي، كوب القهوة بين يديه، يراقب المشهد وكأنه يشاهد مباراة شطرنج.

عيناه تتحركان ببطء، لا نحو الضاربين، بل نحو وجوه الحاضرين: من يغادر؟ من يتوتر؟ من يتصل بهاتفه فجأة؟

لاحظ شابًا يرتدي سترة جلدية سوداء، يغادر المقهى بسرعة، يخرج هاتفه ويتحدث بصوت خافت.

جسار تمتم لنفسه:أهو ده اللي مستعجل ليه يا ترى؟

ارتشف رشفة أخرى من قهوته، وكأن كل هذه الفوضى ليست موجودة.

بعد عشر دقائق، تدخّل النادلون وبعض الزبائن الأقوياء لفض الشجار. الرجلان المتقاتلان جلسا يلهثان، والجو عاد إلى الهدوء النسبي.

اقترب خالد من جسار، وملابسه ملطخة ببقع الشاي، وذراعه مخدوشة:كنت ممكن تساعد بدل ما تقعد تتفرج!

ابتسم جسار ببرود:كنت ممكن تلاحظ إن اللي غادر المقهى قبل دقيقة هو أهم من الاتنين اللي بيضربوا بعض.

رفع خالد حاجبيه، وأجاب:وأنا كسبت احترام الحاج رضا شوفت إزاي كان بيبص ليا وأنا بحجز الاتنين عن بعض؟

ضحك جسار نصف ضحكة:تمام إنت خليك تكسب الاحترام، وأنا هكسب المعلومة.

الفصل الثامن من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1