رواية ظلي لم يغادر المكان الفصل السابع 7 بقلم سلمى ابو ضيف


 رواية ظلي لم يغادر المكان الفصل السابع 

"حاضر حاضر، يلي بتخبط؟"

قالتها السيدة نوال وهي تخلع مريلة المطبخ وتضعها على السفرة.

فتحت الباب، فوجدت أمامها زيكا، الشاب المكافح الذي يعتقد أن صوته يشبه صوت عمرو دياب وتامر حسني، والذي يُطرب كل من يسمعه. من يسمع صوته يتمنى لو وُلد طارش!
لكن لا أحد ينكر أنه لا يوجد مثله في الشهامة والرجولة؛ فهو شاب جدير بالتقدير ومحبة الناس.

قالت له:
"هات يا ابني، أشيل عنك."

فرد بصوت رجولي:
"عنك يا خالتي أم خالد."

ووضع أكياس الخضار والفراخ على السفرة، وهو ينظر إليها ويقول بصوت مرتفع:
"الحساب بقى، وعليهم شوية بقشيش، أنا طالع شايل كل ده على قلبي!"

فأجابته، وهي تنظر إليه وإلى ملابسه المليئة بدماء الفراخ ورائحتها النفاذة (رائحة تُشبه خليطًا من الزفر والريش الرطب والدم، وتلتصق بالملابس وتدخل في المسام حتى يصعب التخلص منها بسهولة):
"لما ييجي الأستاذ مازن يبقى يحاسبك."

سألها، وهو يده في جيب بنطاله:
"هما لحد دلوقتي مجوش؟ ده أنا شوفتهم من ديك الصبح، وأول ما شوفتهم سلّمت عليهم، وقلت لهم: مش عايزين أُغنّيلكم أي حاجة على الصبح كده؟ بس هما أصرّوا، وقالوا: لو غنيت، مش هنشتري من عندك تاني!"

ثم أضاف بضيق:
"تفتكري ليه ماكانوش عايزين يسمعوا صوتي وأنا بغنّي لهم؟"

أطلقت السيدة نوال ضحكتها، وكأنها نسيت أمر أولادها، وقالت:
"من جمال صوتك يا حبيبي، مش عايزين يسمعوه!"

زفر بضيق وقال:
"طيب، أنا نازل... وابقي شوفي مين هينضّف لك الفراخ تاني!"
_________________________________________

مازن بصوت حاد: – أنا طالع أواجهها، أشوف العبط ده إيه!

أمسكه خالد: – لأ! لو اتحركت خطوة هتودينا كلنا في داهية! خلينا هنا!

بدأت نور تحاول أن تهاتف أحدًا من أصدقائها، لكن الأمر كان يتكرر؛ لا أحد يسمعهم.

حاولوا أن يرسلوا رسائل على أي موقع تواصل اجتماعي، وبالفعل كتبت بعض الرسائل، لكن ظهر:
"حدثت مشكلة، حاول مرة أخرى في إرسال الرسالة."

قالت نور بضيق:
– إيه اللي بيحصل ده؟ أنا هتجنن!

قال مازن وهو ينظر إليها:
– هاتي تليفونك، إحنا هنطلع لايف.

أمسك هاتفها، ووقفوا جميعًا بعد المرآة بخطوتين، ثم فتح مازن البث المباشر، وقال:
يا جماعة، إحنا اتحبسنا، وزي ما أنتوا شايفين... بصوا، المراية مكتوب عليها إيه! لما جينا نلمسها، ظهرلنا بنت مرعبة كأنها عفريتة، وإحنا مش عارفين نلاقي حد... أرجوكم، ساعدونا!

لكن... 
الصدمة.

إهداء تقول وهي تحدّق بالشاشة: 
مليون مشاهد... وكلهم بيكتبوا نفس التعليق: لا صوت... ولا صورة. 

مازن فقد أعصابه، صرخ ممسكًا الهاتف: 
إنتوا إيه؟ سامعيني ولا لأ؟ بنموت! بنموت!! 
صرخ، وصرخ، والفراغ وحده ردّ عليه. 
الجميع جلس على الأرض.

انطفأت أعينهم، لم يعودوا يصدقون أي شيء. 

كيف انتهى كل شيء هكذا؟
كيف انقلبت "فكرة" إلى فخّ موت؟

 "كيف لمجرد فكرةٍ مرّت بعقولهم، ومجرد تنفيذها، كادت تنتهي حياتهم؟"

مرت ساعة، وكلٌّ منهم ما زال صامتًا، يتمتم بدعاء إلى ربه أن ينجيهم من هذا الكرب.
_____________________________
 "بدأت المرآة تنزف دمًا جديدًا، 
قطرات دم حقيقية تهبط كأنها تحفرأمرها الملعون
 على الزجاج من الداخل،

 وظهر نص جديد: 

"كنت أنتظركم منذ سنتين بلهفة،
والآن... لا خروج لكم
إلا عندما يُرَدّ الحق."

فقد الجميع الوعي بمجرد انتهاء قراءة ما رآه  في المرآة!


تعليقات