رواية ظلي لم يغادر المكان الفصل الثامن 8 بقلم سلمى ابو ضيف


 رواية ظلي لم يغادر المكان الفصل الثامن 

لاااااااااااا خالد ابني... لااااااااااا!

 أفاقت السيدة نوال  من كابوسها، أنفاسها متقطعة، وجسمها كله غرقان عرق، وكأنها كانت بتتخانق مع حد.

أمسكت بكوب الميّه اللي على الكومودينو، وهمست:
بسم الله... يا رب احفظلي ابني... واهدّي بنتي إهداء يا رب.
قامت بهدوء وطرقت باب غرفة السيدة فتحية:

يعني صاحية لحد دلوقتي؟

ردّت فتحية وهي خارجة من أوضة النوم:
 مش عارفة، والله مش عارفة أنام، ومازن ابني مش موجود...

ثم تابعت باهتمام:
روحي نامي في شقتك، أكيد الأستاذ أنور رجع.

ردّت نوال بلا مبالاة:
يا ستي فكّك، مش هسيبك لوحدك. أهو قاعدين مع بعض.

نظرت لها  فتحية وكأنها بتفحص وشّها:
مالك؟ وشك مخطوف كده ليه؟

أجابتها نوال وهي بتبكي:
شُفت كابوس وحش قوي ياختي! خالد ابني كان بياكل وبقه بينزل دم، وأنا عمالة أزعّق وأقول له: "بطل أكل يا خالد، هتموت!"... والواد مكمّل أكل!

ثم بدأت تبكي بحرقة:
أنا خايفة عليهم قوي يا فتحية... خايفة عليهم من كل حاجة.
__________________________________________
الثانية عشرة ظهرًا

أفاق الجميع على صوت صراخ نور الذي هزّ القصر:
"هي كانت هتشدّني معاها!! شفتها... كانت ورايا!"

تسمرت الكلمات في قلب الجميع.
كل واحد حس للحظة إنه بيتنفس بصعوبة، كأن المكان نفسه بيرفض وجودهم.

قال خالد بهدوء مخنوق:
  "نور... إحكي، شوفتِ إيه؟"

نظرت لهم، ووجهها شاحب كأن الدم انسحب من عروقها:
"هي... كانت واقفة ورايا. أنا ما شوفتهاش، بس حسّيت. ريحتها، تقيلة... زي مقابر قديمة. صوتها مش مسموع... لكن بيخبط جوا دماغي. ولما بَصّيت في المراية، شوفت عينيها..."

سكتت لحظة، ثم همست:
"كانت بتعيّط."

نظر مازن إلى الجميع وقال بصوت خافت:
  "هي بتلعب بينا... وده مش مكان عادي، هو اي اللي حصلنا إمبارح "

  قال خالد بصوت متعب:
"شكلنا كده ما قدرناش نستحمل اللي شُفناه.."

قالت إهداء وهي تحدق في المرآة:
"لو وصف نور صح... يبقى دي روح... بتتمنى حد يسمعها."

نور همست:
"بتصرخ... مش عشان تؤذينا. بتصرخ عشان أخدوا منها كل حاجة... وسابوها معلقة هنا."

خالد قال:
  "يبقى مفيش طريق للخروج... إلا لو سمعنا هي عايزة تقول إيه."

قالت إهداء: 
"إحنا هنفضل هنا كتير؟! إحنا لينا من بعد الفجر هنا، من غير أكل ولا شرب!"
لم يُجبها أحد، فكل منهم يعرف الإجابة جيدًا.

قالت نور وهي تنظر إلى خالد:
هات التليفون، نجرب تاني، يمكن يشتغل.

قال لها مازن معاتبًا:
خلاص يا نور، كل حاجة وضحت دلوقتي وبقت أكثر وضوحًا. ليه عايزة تضيعي وقت على حاجة مش هتعمل غير إنها تضيع وقتنا؟ 

ثم وقف وأشار إليهم قائلاً:
دلوقتي كلنا هنقوم ونقلب القصر، هنشوف أي حاجة ممكن نفهم منها إيه الحق اللي لازم يرجع.
حابين ندور مع بعض، ولا نوفر وقت وكل واحد يدور لوحده؟

اختار الجميع توفير الوقت، وكل منهم يبدأ البحث بمفرده، لكن نور أصرت أن يبقوا معًا.

قال مازن باهتمام:
دلوقتي الغرف كبيرة، كل واحد هيدور ويركز كويس. اللي يلاقي حاجة ممكن تفيدنا يجيبها معاه.

بدأ الجميع تنفيذ الخطة، وأخذوا يقلبون القصر بحثًا عن شيء قد يفيدهم، حتى وقعت أعينهم جميعًا على غرفة الطعام!

كانت المائدة ممتلئة بجميع أنواع الطعام المفضلة لكل منهم، بالإضافة إلى العديد من كؤوس الماء.
دخلوا سريعًا، ونظر كل منهم إلى طعامه المفضل. لم ينتظر خالد، فكان أول من جلس على المائدة وبدأ يلتهم الطعام كأن لم يأكل منذ زمن طويل.

نظرت إليه إهداء متسائلة:
أنت كويس؟

لم يُجبها، فقد كان الطعام يملأ فمه، ثم أشار إليهم أن يجلسوا.

قال مازن محاولًا طمأنتهم:
يلا يا نور، إنتِ وإهداء، إحنا لينا كتير هنا وما أكلناش حاجة ولا شربنا، ويا عالم هنقعد قد إيه هنا، ويمكن ما نلاقيش أكل تاني.

جلس كل من مازن وإهداء ونور بجانب خالد،
وبدأ الجميع في تناول الطعام.

كان الجوع كافيًا لطمس بعض التساؤلات العالقة...
من الذي حضّر المائدة؟
  وهل كان الطعم اللذيذ... آخر ما سيشعرون به؟


تعليقات