رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل الثامن والتسعون 98 بقلم اسماء حميدة


 رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل الثامن والتسعون

حينما نهضت سارة لتحضر مزيدا من الطعام تسللت يد إيفرلي إلى هاتف صديقتها ومن ثم فتحت ملفها الشخصي على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي ... وأبدلت صورة سارة بأخرى كانت إيفرلي قد التقطتها لها خلسة ذات مساء عابر عندما ظنت أن الضوء وحده من يراها.
كانت الصورة صامتة لكنها تصرخ بجمال ذا طابع خاص.
ثم رفعت عينيها إلى الأفق... إلى امتداد المحيط الذي بدا كأنه صفحة سماوية تخفي أسرار الكون والتقطت له صورة وأرفقتها بتعليق بسيط لكنه كان أشبه بصرخة داخلية تمشي على رؤوس الحروف 
بعيدا بعيدا... 
ما لم تعلمه سارة أيضا بخلاف ما فعلته صديقتها أن شخصا ما كان ينتظرها عند عتبة الغياب... خارج شقتها يجلس في سيارته كصخرة تغلي تحت جلدها نار لا تطفأ. كان أحمد هناك.
لم تكن سارة قد عادت ولا إيفرلي لكنه انتظر كما يتلهف الحالم إلى صحوته أو كما ينتظر الجاني مغفرة لن تأتي.
تأمل في ذهول عكسي منشورها الأخير. وتذكر لحظة أنه رأى تبرعها

بخمسة مليارات دولار... تلك اللحظة لم تبث في قلبه الفخر بل دست فيه شيئا غريبا... كأنها فضحت هشاشته.
شعر بنفس الارتباك الغامض الذي اجتاحه حين قفزت من أعلى المبنى أمام عينيه مزيج من الذهول والعجز... والذنب فهي لا تريد الاحتفاظ بشيء يذكرها به حتى ولو كان هذا الشيء مالا لا يحصى.
أمام صمته المتجمد حاول برنت أن يخفف من جمود اللحظة قائلا 
السيدة أحمد لا تزال تستمتع بحفل شواء يا سيدي... ربما لن تعود قريبا. 
رمقه أحمد بنظرة مشتعلة وسأل من بين غيوم صدره المضطرب 
أين هي 
أجاب برنت مترددا 
يبدو أنها على الشاطئ... لقد نشرت صورة قبل قليل. 
بسرعة التقط أحمد هاتفه وفتح حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي ينقب في بحر المنشورات. لكن آخر ما وجده كان منشورا عبثيا لأحد مدربي اللياقة كتب فيه 
خبر عاجل! الإفراط في تناول البيض المقلي قد يؤدي إلى هذا المرض! 
زفر أحمد بضيق وقال بخشونة 
متى نشرت
صورتها 
أجابه برنت بعد نظرة
سريعة إلى شاشته 
منذ اثنتين وعشرين دقيقة. 
ثم نظر برنت إليه وهو يحترق بنار لا ترى وتمتم بصوت خافت كأنه يخشى أن يزيد الطين بلة 
هل... هل لا ترى منشوراتها يا سيد ميلر 
كان السؤال سكينا.
قبض أحمد على هاتفه كما لو كان عنق الحقيقة وتمتم بأسنانه المصطكة بغضب مكتوم 
لقد أبعدتني... أخرجتني من عالمها. 
الإهانة لم تكن في الحذف بل في استثناء موظفه من الطرد الرقمي وكأنها تركت لبابه مفتوحا فقط كي يذله ما تبقى من أثرها.
وأضاف برنت بحذر يختبئ بين كلماته 
لقد... لقد قامت أيضا بتغيير اسم المستخدم وأزالت صورتها القديمة. 
في تلك اللحظة لم يتمالك أحمد نفسه مد يده كمن ينتزع قناعا عن وجهه وخطف الهاتف من يد برنت بقوة كأن بين أصابعه سؤالا يرفض الموت.
تحولت صورتها الشخصية إلى لقطة وحيدة لها تحت ضوء شارع خافت تلامس وجهها أنفاس الضوء المرتجف ويتمايل شعرها مع نسائم
الليل كقصيدة لا تنتهي. كانت ابتسامتها تلك التي بالكاد تلمح أشبه بندبة حنين لا تبرأ.
مد أحمد إصبعه نحو الصورة ليلامس شفتيها لكنه لم يجن سوى برودة زجاج الهاتف وكأنه يلامس خيالا عبر حاجز زمني لا يكسر. لقد أقسمت ذات عهد أنها لن تمحو صورتهما أبدا... فما الذي بدل القسم إلى نكث صامت
نظر إلى المنشور التالي صورة ضبابية للبحر لا شيء فيها واضح... سوى الغموض. سأل أحمد وهو يحدق فيها طويلا 
ما الذي تعنيه هذه الصورة 
أجابه برنت بحذر وكأنه يسير فوق زجاج مكسور 
سيدي ميلر لست خبيرا في العلاقات لكن حين تغير النساء صورهن الشخصية ويكتبن مثل هذه الكلمات... فغالبا ما يكن في قمة الغضب أو الألم. ما حدث الليلة... 
صمت برنت قبل أن يكمل كأن ما لم يقل أوضح من كل ما يقال.
لم يحتج أحمد لتفسير فقد شعر بالذنب يشتعل في صدره كجمرة تأبى الانطفاء فقال أحمد بخفوت أشبه بالاعتراف 
أعلم... لقد تماديت. 
قال برنت بنبرة هادئة
لكنها تنضح بتلميح لوم 
لقد كنت متساهلا أكثر مما ينبغي مع السيدة كارلتون. انظر إلى ما حدث في خليج كولينغتون... كان واضحا أنه مصمم خصيصا للسيدة سارة وكذلك فستان السهرة الذي أرهقت في اختياره. ومع ذلك أصرت كارلتون على الاستحواذ عليه رغم أنه لم يكن يليق بها. 
ثم تابع ببطء 
حتى اسم المستشفى غيرته هي. أمور كثيرة كانت كفيلة بإحباط السيدة سارة. 
لم يعلق أحمد بل نطق فجأة بقرار كأنه
أمر عسكري 
خذني إلى البحر. 
أجاب برنت 
حالا سيدي. 
لم يكن من الصعب على برنت أن يتتبع موقع سارة من آخر صورة نشرتها إيفرلي فانطلقا بسرعة صوب الشاطئ. وصل الرجلان إلى المطعم ولما ترجل أحمد من السيارة وقع بصره على سارة وهي تمسك بإيفرلي التي كانت تترنح خارجا.
وبدأ الثلج يتساقط بهدوء.
في قلب المشهد الأبيض رأت سارة رجلا طويلا يلوح ظله
على حافة الطريق يقف صامتا كما لو كان تمثالا من شجن. لم تكن لتلاحظه لولا الضوء المتوهج المنعكس من هاتفه الذي في يده.
دفعت إيفرلي سارة بعيدا وتقدمت وهي تصرخ كأنها إعصار بشري والغضب يفيض من عينيها 
لو كنت أملك ما تملك من ثروة ولو لم يكن كلابك هنا... لمزقتك بيدي دون رحمة! 
تحرك برنت بخفة وأطبق كفه على فم إيفرلي محاولا تهدئتها وقال مخاطبا سارة
بنبرة مرتبكة 
السيدة سارة... اسمحي لي أن أعيد صديقتك بدلا منك. 
لكن إيفرلي أبعدت يد برنت بقوة كأنها تحررت من قيد واستدارت تقابله وجها لوجه وأخذت تصرخ فيه وهي تشير بيدها على أحمد الذي التزم بدور المتفرج تقول بنبرة مختنقة بالبكاء ترثي حال صديقتها ولكن جاء حديثها مشوب بتحد لاذع 
أنت أيها الوسيم... لم ترتضي على حالك أن تكون نسخة باهتة كخادم
لهذا الحقير


تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1