رواية فتاة الخيل الراقص الفصل التاسع بقلم لينه سعد
كانت ايدي مرتبكة وترتعش واشعر بالشعور الجديد الي اصابني، الي بداخلي اشبه بولادة فجر جديدة في أعماق الروح. فجأة، تشوف نفسك أمام لوحة لم تُرسَم بعد، ألوانها غير معروفة، وخطوطها لم تتشكل.
كان جالس أمامي مترقبني يحاول يفهم الي اريد اكوله بعد اخر كلمه كالها الية
"تتزوجيني"
مافهمتها بالبداية كانت اشبه بعاصفه مفاجئة، تهز أركانك وتجبرك على إعادة ترتيب كل ما كنت تعتقد أنه ثابت.
بوقتها امي دخلت وهي تسمع كلمته ووراها ماافهم الي صار بس الي سويته بوقتها تركتهم وطلعت أحاول اجمع شتات نفسي
معقولة اني اتزوج معقولة اكو احد راح يشاركني حياتي ومعقولة راح اكدر اعيش وياه مثل ماعاشت امي مع والدي
هي هاي مشاعر الحب؟
هو هذا الي يتكلمون عنه الحب
_وليش اي، اني مااعرفك ولا اعرف شي عنك ما معقولة بسوم وليله انت تقرر تزوجني
_بسيطه نتعرف اني مااكول نتزوج اليوم راح تشوفيني شنو اني وطبعي واكيد اكو اشياء ما راح تحبيها بيه واشياء تحبيها يعني راح تقتنعين بية
_يعني فترة ووراها اقرر
_اكيد، واني هم اريد اتعرف عليج اكثر بس مو علمود أاكد نظرتي اتجاهج لا اني رايدج بكل شي بيج، بس علمود اكدر اتعامل وياج تفهميني صح واكد اتواصل وياج بالطريقة الصح
_واذا اكو اشياء مو حلوة بية راح تتركني
_طبيعي هواي اشياء مو حلوة بيج بس تتصلح واذا ماتصلح راح احاول اتأقلم عليج مااتصور بعد اكو اكثر من هذا
_والماضي
.... العوض كلمة ماجنت افهم معناها لان ماجربتها بمرة دائماً اسمع الله يعوضك عن اشياء تخسرها بأشياء ثانية ان كانت مادية او معنوية ويمكن تكون على شكل إنسان واني حسيت بان الله يعوضني بشي جنت اتمناة من طفولتي وهو والدي، عقيل جنت انظر اله هاي النظرة وهو حسسني بهذا الحب الي جنت مفتقدة عقيل جان الإنسان الصح مثل النور الي تبحث عنه بالعتمة، والصوت الي يهدئ عواصفك الداخلية الخاص بضجيج الحياة. هو كان يشوف ما وراء الكلمات، ويفهم صمتي قبل أن اتكلم. يمكن ماراح يعطيك حلول بس كافي بان كان كتف استند إله، وأذن تصغي، وقلب يتفهم.
مرت السنه وجنت انتظرها يوم بعد يوم ننجمع اني وياه ببيت واحد واليوم هو حفلة العرس اليوم الي يكون احلى يوم بحياة اي بنت جنت كدام المرآة واشوف البدلة البيضه وهي مطرزة بحبات اللؤلؤ وقطع الكرستال منحوته على جسمي بإتقان يالله شكد حلوة التاج الي خليته على راسي كأنما اتوج نفسي باستحقاق حصلت علية بعد صبر طويل، كانت أمي بقربي وهي تكتم دمعتها محاولة تصنع ابتسامه مزيفه اقترب مني وهي تحضني بكل ماعدها من طاقه، اتفقنا اني وعقيل بان نسوي حفلة العرس بمنزلهم بالحديقه الخلفية وبعدها ننطلق بسفرة لاحد الجزر القريبة ونقضي شهر العسل
كانت تقاليدنا يجي العريس وياخذ العروس من ايد والدها او اخوها وتمنيت بهذا الوقت ياريت لو كان بابا عايش شنو الي راح يصير شنو الي كان المفروض يكولة لعقيل
ومر الوقت ووصل عقيل وهو يقترب مني ببطء، كل خطوة كانت كأنها تُحفر في ذاكرة الزمان وفي اللحظة الي تلامست بيها أيدينا، ظهر شعور غريب ، شعور ولادة جديدة وحياة افضل ومستقبل بعيد عن الآثام وبعيد عن الذكريات التعيسة من هاي اللحظة بنيت اول ذكرى حلوة خالية من اي تعب هاي اللحظة هي بداية عمري .
وصلت لبيت اهله واستقبلونا الضيوف بالمقولات والهلاهل كانو بملابسهم المرتبة والمتناسقة ومررنا بحانبهم عابرين كل المتواجدين متوجهين للمكان المخصص لجلوسنا وهي كوشة العرس المنصوبه بالحديقه وبدا الاحتفال بالرقصات كان المتواجدين من اقرباء اهل عقيل وأصدقائهم وأصدقاء امي بس الي اكتشفته اني ماعندي صديقات هذا الشي أثر وحز بداخلي واكتشفت اني جنت وحيدة مااعرف شلون جنت عايشة حاولت ابعد اي افكار تعكر مزاجي وفعلا بديت اختلط مع الضيوف و بدينا نرقص والكل يشاركنا امي بقربي وخالتي انتصار ام عقيل وبعد ماشارفت الحفلة تنتهي التفت لامي الي جانت على بعد مني قريبه من ممر الخروج وبرفقتها احد المعازيم بس ركزت بيها وشفتها متوترة ونظراتها تتخاطف بين الجموع وبالاخير انتبهت الية حاولت ارفع ايدي واني اللوح الها، بس شفتها سحبت هذا الشخص وطلعو للخارج
التفتت يمنه ويسرة وقررت اتبعها اول مرة اشوف امي بهاي الحالة بديت اتحرك باتجاها اتخطى المعازيم اتصنع ابتسامه الهم وعيوني ادور عليها دقات قلبي تتراجع واحس بان الشخص الي كان بقربها اعرفه رغم ماشفت وجهه عبرت الممر ماشفتها تقدمت اكثر واني اناديها
_ماما، مامااا
... بس ماكو اي اثر الها وصلت للباب الخارجي واشوفها كدامي واكفه متسمرة ابتسامة مشقوقة على وجهها ماكانت هاي ابتسامة ترحيبية ابدا كانت ابتسامة مزيفه ومتصنعه
_اشو هنا ليش تركتي زوجج
... اقتربت منها واني اتعثر بفساتني
_انتي ليش هنا
_هاي شنو شوي ابتعدت من الهوسة راسي وجعني
_وهسة انتي زينه
_اي الحمد لله
_منو الي جان يمج
_منو؟
_مااعرف، اني شفت احد يمج جنتي تحجين وياه ورفعت ايدي الج وبس شفتيني سحبتي وطلعتي
_هاي وين جنتي
.... جاوبته امي وهي تحاول تخلق شي من الضحك
_رادت تشرد وجبتها
... نظر الية باستغراب ضحكت امي وكالت
_ ماكو شي مجرد رادت تغير جو
.... التفتت الها وعرفت اكو كذب هواي يصير وماتريدني اعرفه رد عليها عقيل
_خلص نروح لبيتنا
_هو مابقى شي وتخلص الحفلة
.... جنت ساكته واشوفهم يقررون كل شي واني بنصهم جنت اطيع بدون ما اعطي رأيي مرت الدقائق وتوجهنا لبيتنا دخلت غرفتي الي اشتغلت بيها لاشهر واشتريت كل شي بذوقي وبرغبتي اسعد شي تشوفين نفسج تبنين مستقبلج وتحصلين علية بالاخير وكان من احلى البناء هو بناء حياتي الزوجية جنت ساكته واني اتفرج عل كل تفصيلة من الغرفه
_وراح اضل مثل ما تخيلتيني، مراح اكون بيوم تعاستج وراح تشوفين
_اتمنى ياحبيبي
_الله ، ماسامعها من قبل دائماً تكولين روحي قلبي
_وليش هل كلمتين ماادل على حبي الك
_لا بالعكس كل وحدة الها طعم بس حبيبي الها طعم مميز
....انحنى باتجاهي ببطء، ما كان يبحث عن قبلة، هو كان يبحث عن قرب أكبر. التصقت جبهته بجبهتي وحسيت بأنفاسه الدافئة تداعب وجههي بهاي اللحظة ما كان هو ولا انا هنا اصبحنا نحن تلاشت الحدود بينا، ذابت الهموم، تنهدت بعمق، تنهيدة خالية من أي ثقل، كانت مليئة بالراحة حسيت بأن كل خلية بجسمي تسترخي، وكل عضلة تتخلى عن تتوتره. كانت شفاه تتجول على وجناتي وتنتقل من منطقة لاخرى كانما يبحث عن مبتعاة وبالاخر وجد الي يريدة كنت بحالة من السكر واني ارتوي من شفاه واتلذذ القبلة الاولى بصراحه جنت غبية لاني ماجربتها من قبل
هذا الوقت يوم الي حاول يقترب مني وصديته وطلبت منه ما يعيدها
كانت المسافة بينا تضيق مع كل نبضة قلب، كأن الأثير نفسه يدفعنا باتجاه السرير
نظر إليه بعينين تلمعان وترقبٍ محب، بس اني تراجعت خطوة لا إرادية، مو خوفاً، بس كأنما استسلم لجاذبيتة ماافهم شنو بعد هاي الخطوة جنت متأكدة ، هو يقرأ كل ما يدور بعقلي ، مدّ ايده ببطءٍ وهو يلمس فستاني ، ما كانت مجرد دعوة للمس، هي كانت دعوة للدخول إلى عالمه. ترددت للحظة، بس بعدها قررت اعيش هاي التجربة بدون اي تردد جنت تاركه نفسي اله مستسلمه ومستمتعه وضع ايدة الي كانت دافئة مطعمه بلمسة كهربائية، سرت في بعروقي
مر زواجنا طبيعي مثل اي اثنين هو يمارس شغلة واني انتظرة بالبيت وبديت ارسم حسب الواهس نطلع بليل نسهر ايام برة الملل قليل بحياتي او اصلا ما احس بي لان عقيل فعلا جان سند الية وملازمني طول الوقت وادركت باني ارتكبت غلط لان ما تزوجت من وقت وضيعت سنه كاملة من حياتي ، كان هو رحمه بالنسبة الية ومر الشهور والسنه والثانية ودخلنا سنه 2000
شعرت باني ناقصة شي رغم ماكو اي تلميحات على النقص الي كان وهو اني مرت سنتين بدون مااحمل كان مجرد سؤال من خالتي انتصار ومرات من امي وهل شي ولد بداخلي نقص وقررت بان نراجع دكتور و اعرف شنو السبب ، وفعلا حجزنا موعد وبعد تحاليل وانتظار جنت خايفه لا يكون باني سبب لعدم الحمل وتمنيت بان اكون طبيعة ماعندي سبب مااريد افقد عقيل مااكدر اتخلى عنه كعدنا بوقتها امام الدكتور منتظرين النتيجه وكال وهو يتفحص النتيجة
... ابتسمت واني اكتم ضحكتي واشوف عقيل بانت اسنانه من الفرحه وسألته
_زين دكتور شنو السبب الي منعنا لان سنتين طويلة
_طبيعي حسب الجينات ومسببات تمنع الحمل راح تتبعون هذا الجدول ووراها تاخذون العلاج وبعض التمارين تسويها ومتاكد راح تكون نتيجه واشوفكم بعد شهر
.... طلعنا من الدكتور واحنى بحالة من الرضى توجهنا لامي وحجينا شنو كال الدكتور
_الف الحمد لله، ماتدرين شكد تمنيت اشوف هذا اليوم قبل مااموت
_شنو هذا الكلام امي اني اجيت الج علمود افرحج وابشرج بان اني مابية شي وعقيل سليم
_لا ان شاء الله تفرحون وبعد شهر اسمع الأخبار الحلوة
.... بهذا الوقت جنت اعمل لوحه بس مو للرسم لا هو جدول لبداية الايام المحتملة للحمل جنت مكرسة نفسي ومستعدة نفسياً بان امارس طقوسي الحميمية بكل رغبة واكعد ثاني واكتب علامه الاكس على هذا اليوم وانتظر اليوم الي بعدة بكل لهفه بس بعد مرور ايام اتفاجأ بنزول الدورة الشهرية وهذا الشي كسر شي بداخلي وعرفت كل الايام الي مضت ضاعت كانت أمنيات تتراقص بخيالي ولان تكسرت على صخرة الواقع، هناك صوت خفي يهمس بألم لا يفهمه إلا من ذاقه.
صوتٌ يرتفع كلما أشرقت شمس يوم جديد، مذكرًا بفراغٍ لا تملؤه سوى أمنية واحدة. اريد طفل، اريد ان اكون ام
تمر الأسابيع و تتساقط الدموع بلا صوت، قضيتها في حلمٍ ما اكتمل .
حلمٌ بضحكة طفل تملأ أركان البيت وبخطوات صغيرة تركض هنا وهناك، وبأيد صغيرة تحتضنها بقوة.
و رغم هل شي كان عقيل يسندني وهو يكول بكل ابتسامة
_بالعكس خلينا انعيش حياتنا مثل مخطوبين وبعدها يجي الطفل ماطول ماكو غلط من عدنا اثنينا اني اريد اشبع منج لحد ما أمل
_يعني انت مازعلان؟
_لا بالعكس يلة خلي نطلع انغير جو شنو هاي التعاسة الي انتي بيها
.... اعترف كلامه محى الحزن الي بداخلي وكلت بعدنا صغار نكدر بالاشهر القادمه نحقق هل شي بس ماجنت اعرف الدنيا قاسية ماتنطي كل شي دفعه وحدة
وظل الشهر يسحب الشهر وتعدي السنه والثالثة والرابعه
سنه 2002 من شهر تشرين الاول كانت بداية الشتاء بدأت قطرات المطر تهطل واني انتظر الأمل .
كنت جالسة و اتابع أخبار العراق وهو توعد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن إلى العراق وإيران وكوريا الشمالية كـ "محور للشر"، متهمًا إياهم بتطوير أسلحة دمار شامل وانتهاك حقوق الإنسان.
كنت اتابع باندماج الضغط على العراق بشأن أسلحة الدمار الشامل وبدأ التحضيرات العسكرية الأمريكية فرق من وكالة المخابرات المركزية (CIA) والقوات الخاصة الأمريكية بالدخول إلى العراق سرًا في يوليو 2002 للتحضير للغزو، و تنظيم قوات البشمركة الكردية في الشمال.
بهاي الإثناء رن الهاتف الأرضي والي كانت الساعه العاشرة مساء رفعت السماعه
_الو
_هديل
_نعم ماما
... كان هناك سكون مامتعودة علية وكأنما انقطع الاتصال
_الو ماما تسمعيني
_اي اسمعج، انتي زينه
_اكو شي ماما، اني بخير اكو شي انتي بخير؟
_اني تمام، بس حبيت اسمع صوتج
_ماما لا تخوفيني شبيج
_ماكو شي والله دقيقة اروح وبعدين اتصل
.... راحت امي وما فهمت ليش اتصلت بية ونبرتها كلها خوف وبعد ثلاث ساعات رن الهاتف مستغربين منو بهيج وقت يتصل جنت اراقب عقيل وهو يتحدث مع المتصل
_الو
_*****"
_شنو، وين يا مستشفى ؟
_******
_تمام
.... التفت الية برعب وكال
_خالتي جهينه بالمستشفى
.... جنت مصدومه لا هذه كلمةٌ قليلة الحروف، بس تحمل في طياتها بحرًا من الألم والوجع. بهذه اللحظة الي تتوقف فيها الحياة، ويتجمد الزمن، وتصبح الروح معلقةً في فراغ لا حدود اله.
الصدمة ما تأتي وحدها، هي تتسلل ومعها جيوش من الذكريات، تنهال على القلب كوابل الرصاص، تفتك بكل زاويةٍ بيك.
_امي بيها شي ؟
.... حضني بقوة وكال
_مااعرف بس صيري قوية مااكدر اتحمل كل هذا لوحدي هديل
.... التفتت اله وحسيت اكو شي كبير مايكدر يكوله الية انطلقت بسرعه البس ملابسي، اصلا مااعرف ان كان غيرت ملابسي او لا انطلقنا لناحية المستشفى ، ركضنا ومع كلّ خطوة، تتسلل حاسة الألم، مو مجرد إشارةٍ للضغط، هي دعوة لاكتشاف مدى الصمود. العضلات تصرخ، الرئتان تتمنيان للهواء، والجسد وكأنه على وشك الانهيار.
بدات اقترب من الممر الخاص و توقفت خطواتي تدريجياً مثل فيديو بحركة بطيئة كان الشخص الي على بعد ثلاثين متر هو نفسة الهيئة الي شفتها من زمان كانت الذكريات تعيد الية حفلة العرس والشخص الي واقف بقرب امي ونظرات الخوف على وجهها والتوتر واضح.
دقات القلب بدأت ترتجف ومااعرف هل دقه ليش عقلي يرفض يزودني بمعلومه بس قلبي كان يحس بشي ثاني ، في لحظات الحب، تُصبح دقات القلب طبول تُعلن عن شغف متواصل.
وفي لحظات الخوف، تتجمد، كأنك تحبس أنفاسك منتظر مصيراً مجهولاً.
بدأت معالمه تظهر وتعيد الذكريات القديمه
تعيدني إلى أزمنة مضت، كأنها خرائط قديمة تحمل تفاصيل طرق سلكناها وأماكن زرناها. ذكرتني بأركان بيتي وتفاصيل حديقتي وتلة شجرة التگي والحصان ورقية
اي نعم ذكرني بلوحتي
"فتاة الخيل الراقص"
ذكرني بكل شي اي نعم كان هو نفسة ماتغير اي شي مجرد انحناء ظهره وشعرة الابيض ووجه الي تجعد ، وصلت بقربه واني اركز بكل شي بدون ما يعطيني اي نبرة
_عمو جميل
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم