رواية احفاد المحمدي الفصل التاسع 9 بقلم ساره ياسر

 


رواية احفاد المحمدي الفصل التاسع بقلم ساره ياسر



🌿 بسم الله الرحمن الرحيم 🌿
"اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، صلاةً تشرح بها صدورنا، وتفتح لنا بها أبواب الفرج، وتحمينا بها من كل شر وسوء، يا أرحم الراحمين."

{ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } — [البقرة: 216]

**

🕊️ ساعات الحياة بتفاجئنا بلحظة تقلب كل الموازين...
نظرة واحدة تفتح باب... وكلمة ممكن تغيّر طريق.
في الفصل ده، هنتنقل ما بين مشاعر بدأت تتكوّن، وقلوب لسه مش عارفة تعترف، وخيوط قديمة بتشدّ الحاضر ناحية مصير مجهول.

✒️ استعدوا... لأن "أحفاد المحمدي" قربوا يكتشفوا إن اللعب بالنار... أحيانًا بيولّع قلوب مش بس أماكن!

****

في جناح عائلة الألفي – صباحًا

أشعة الشمس انسدلت بخجل على ستائر الشرفة، تراقصت على أطراف السجاد الحريري، كأنها بتطبطب على البيت بعد ليلة مليانة مشاعر متخبطة...
ملك كانت قاعدة في الصالة الصغيرة بتاعة الجناح، لابسة ترينج رمادي وشعرها مرفوع بسرعة، بتقلّب في مجلة تصميم وهي مش مركزة، عينها من وقت للتاني بتروح على الباب، وكأنها مستنية حاجة أو حد.

دخلت ليلى، لابسة بلوزة بيضا وبنطلون جينز، وشعرها ملموم وملامحها فيها خفة متلونة بتعب بسيط.

ليلى، وهي بتضحك خفيف:
"مالك؟ شكلك كأنك عاملة جريمة ومستنية البوليس ييجي يقبض عليكي!"

ملك، وهي بتتنهد:
"مافيش... بس حاسة إن اليوم ده مش عادي."

ليلى، وهي بتقعد جنبها:
"أكيد مش عادي، أصل في اجتماع عائلي الساعة خمسة، وبابا من ساعة ما صحي وهو عالصامت... دي نذير مصيبة!"

ملك، بصوت هادي:
"حاسّة إن الحكاية بتكبر حوالينا... وسلمى؟ شايفاها مش مستقرة خالص، بقالها كذا يوم سرحانة وساكتة."

ليلى، وهي بتتكلم بحذر:
"أصلك إنتي مشفتيهاش امبارح لما رجعت... عنيها كانت بتقول كلام كتير، بس لسانها مقفول عليه ألف قفل."

في اللحظة دي، دخلت جودي، لابسة بيچاما لونها أزرق فاتح، ووشها لسه فيه آثار النوم، لكنها كانت ماسكة موبايلها بتوتر.

جودي، وهي بتقول بسرعة:
"بنات! في مكالمة غريبة جتلي من رقم مش مسجل... سمعته بيقولي اسمي وبعدين قفل!"

ليلى، وهي بتعتدل:
"إزاي يعني؟ أنتي متأكدة؟"

جودي، بهمس:
"أيوه... وكان صوته غريب، كأن حد بيراقب أو بيهدد... بس مش مباشر."

ملك، وهي بتبص ليها بخوف خفي:
"لازم نقول لبابا... أو حتى لسلمى، يمكن تفهم حاجة."

جودي، وهي تهز رأسها:
"سلمى كانت قاعدة بتكتب حاجات في دفتر، وكل شوية تبص من الشباك... أنا مش مطمئنة، وبصراحة بقيت خايفة من اللي جاي."

سكتوا التلاتة، لكن السكون ماكنش راحة...
كان بداية لزوبعة.

وفي زاوية الأوضة، على الكومودينو الخشبي، كانت صورة الأم "هالة الألفي" بتبتسم نفس ابتسامتها الهادية، لكن كأن عينيها بتراقب من بعيد...
بتقولهم: "خلي بالكم... اللعب ابتدا، وده مش وقت الخوف."

**

في قصر المحمدي 

الصالة الرئيسية كانت بتضج برائحة القهوة العربية، والموسيقى الكلاسيكية شغالة في الخلفية على هدوء، والنور الدهبي للشمس بيغمر المكان من الشبابيك الطويلة...

كان مراد قاعد على الكنبة الجلد، رجله فوق التانية، وبيلعب في مفاتيح عربيته بتسالي...
جنب منه زين، حافي، لابس تيشيرت أبيض وبنطلون قطني رمادي، وقاعد بيأكل تفاحة مقطعة في طبق وهو بيتفرج على فيديوهات ميمز من موبايله، ويضحك من غير صوت.

دخل جاسر من الشرفة، شايل صينية عليها كوبايتين شاي وكوباية نيسكافيه، وقال بنبرته الهادية:

جاسر:
"الناس الكبار قاعدين بتخطط لحرب... وانتوا قاعدين زي طلبة ثانوي ففسحة!"

زين، وهو بيقرّب له النيسكافيه:
"مفيش حرب من غير راحة نفسية... ولا إنت هتدخل المعركة وانت مش ضاحك؟!"

مراد، وهو بياخد الشاي:
"هو قال ضاحك، مش مهزّق."

زين، وهو بيشاور عليه بتفاحته:
"هزّق دي بتليق عليك أكتر، يا بروفيسور الغلاسة!"

دخل الجد محمد المحمدي ومعاه الجدة زينب، كانوا مسنودين على بعض كأنهم لوحة حنية عايشة.

محمد، بصوته الجهوري وفيه وقار:
"المكان ناقص حريم... من غيرهم بيتنا كأن عليه غبار."

زينب، وهي بتضحك بخفة:
"يعني عايزنا نزوّجهم وخلاص؟ ولا نعملهم كاستنج ونختار؟"

زين، وهو بيرد بسرعة:
"أنا مع الكاستنج، بس بشرط، الجدة تختارلي!"

محمد، وهو بيضحك:
"لا يا واد، اللي الجدة تختاره ليك، يطلع شبهها... ومش هتعرف تقول كلمة!"

مراد، ماشي في نفس السكة:
"يبقى خلّينا في نظام الاختيار الحر... بس بعد ما الحرب تخلص."

جاسر، بهدوء:
"هو الحب مش دايمًا بييجي وسط الحرب؟"

زين، وهو بيرمي التفاحة الفاضية في الطبق:
"آه، بس الفرق إن الرصاص بيموت الجسم... إنما الحب؟ بيموت القلب بالراحة."

سادت لحظة صمت، خفيفة، لكن مش حزينة.

زينب قربت منهم، قعدت جنبهم، وقالت بنظرة أم:

زينب:
"نفسي أشوفكم بتحبوا بجد... مش بس من بعيد لبعيد. الراجل لما يحب بجد، بيتهدّى، وبيته يبقى جنة."

محمد، وهو بيهز رأسه:
"ولو ما حبش، بيبقى حرب ماشية على رجلين."

الكل ضحك، ضحكة طلعت من القلب...

زين، وهو بيبص لجدته بخبث:
"طيب هو إحنا لما نحب، نبدأ نكلمكوا؟ ولا نخلص ونجي نقولكوا بعد ما نتخطب؟"

زينب، وهي بتشوح بإيدها:
"يا واد سيبك من الكلام ده، إحنا نعرف من ريحة الحب... الحب له ريحة بتفضح!"

الضحكة زادت... لحظة إنسانية، فيها حنية ودم، وشوية خوف من اللي جاي، بس حب العيلة كان بيغطي كل حاجة.

وفي الزاوية، كانت كاميرا المراقبة بتسجل بصمت، كأنها شاهد على لحظة نادرة...
لحظة دفا قبل العاصفة.

"في وقت العصاري"

كانت الشمس بترسم خيوطها الأخيرة على الأرض الرخام، وبتتسلل من بين ستاير طويلة بلون السكري، تنعكس على الجدران بلون دافئ، كأنها بتودّع اليوم بلطف...

الصالة كانت هادية، بس مش صامتة. فيها همسات خفيفة، وضحكة مكتومة، وريحة قهوة محمصة بتملأ الجو، كأنها بتعزّف سيمفونية هدوء قبل ما المساء ييجي بطوله.

مراد كان قاعد على طرف الكنبة الجلد، رجله بتتحرك بإيقاع ثابت، وصوابع إيده بتلعب بميداليته المفضّلة...
قُدامه، زين قاعد على الأرض، ضهره متسند على الكنبة، في إيده كيس فشار بيمضغ فيه من غير ما ياخد باله، وعنيه على الموبايل بيشوف ميمز، كل شوية يضحك ضحكة خفيفة، ويكتمها.

دخل جاسر من البلكونة، شايل صينية عليها كوبايتين شاي، وكوباية قهوة غامقة، وعليه ملامح رجل شايل العالم بس لسه عنده وقت يرّوق على أخواته.

جاسر، وهو بيقرب:
"من ساعة ما رجعتوا من الجولة وانتوا قاعدين كأنكم مش شايفين حاجة. الدنيا مقلوبة، وانتوا في وضع الاستجمام؟"

زين، وهو بيشاور له بالفشار:
"ما هو لازم نهدّى أعصابنا قبل ما نولّعها."

مراد، بابتسامة جانبية:
"زين بيحضّر نفسه نفسيًا... أصل أي ضغط مفاجئ ممكن يبوّظ تنسيق شعره."

زين، وهو بيكتم ضحكته:
"ماشي يا عم أنا شعري منسق، إنت قلبك اللي محتاج تنسيق!"

جاسر، وهو بيحط الصينية:
"أنا مش عارف بجد، إزاي الجدة مستحملة وجودكوا في نفس البيت."

وفي اللحظة دي، دخلت زينب، الجدة، بشياكتها المعتادة، لابسة جلابية بيضاء عليها طرحة خفيفة، وفي إيدها صينية صغيرة عليها كعك وسكر بودرة، ووشها كله رضا.

زينب، وهي بتوزع الكعك:
"أنا مستحملاهم بالعافية... بس من غيرهم، البيت ملوش روح."

دخل وراها الجد محمد المحمدي، ماشي على عصايته، بصوته اللي دايمًا فيه رهبة وهيبة، بس النهارده كان فيه لمحة دفء زيادة:

محمد:
"أنا شايف إن بيتنا ناقصه صوت ستّات تكسّر سكتكم... وتعيد تربيّتكم من أول وجديد."

مراد، وهو بياخد الكعكة:
"بلاش تعيد تربيتنا يا جدي، كده كده إحنا لسه على وضع المصنع."

زين، وهو بيضحك:
"هو قصدك إننا محتاجين نتجوّز؟ طيب ماشي... بس تختاروا بعناية، بلاش نسخة تانية من الجدة، أصل محدّش يقدر يتحمّل اتنين زينب في نفس البيت!"

زينب، وهي بتقرّب منه وتزغده:
"يعني إيه؟ أنا قليلة أصل؟"

زين، وهو بيضحك بصوت عالي:
"لأ يا ست الكل، انتي أصلك فخم... بس براند محدّش يقدر يقلّده!"

ضحكوا كلهم... ضحكة دافية، طالعة من القلب، مش مصطنعة... لحظة عائلية نقية وسط زحام الأسرار والضغط، وكأن القدر قرر يمنحهم وقت راحة صغير قبل ما تعصف العاصفة.

الجد محمد، وهو بيبص ليهم نظرة فيها حنية وشوية قلق:
"أنا شايف في عيونكم حيرة... بس أوعوا تنسوا، إن أصل القوّة مش في السلاح... القوّة الحقيقية، في اللي قلبه ثابت، وعقله صاحي... واللي يحب بصدق."

مراد، بصوت هادي:
"هو الحب بيفضل سلاح ولا نقطة ضعف؟"

الجد، بابتسامة غامضة:
"الاتنين... بس لو وقعت في الحب الصح، هتكتشف إنه نقطة قوتك، مش ضعفك."

سكتوا... وكأن كل واحد فيهم بيشوف وش حد في باله... قلبه اتحرك، بس لسه بيتردّد.

وفي الخلفية، كانت الكاميرا الأمنية بتسجل اللحظة... مش عشان خطر، لكن كأنها بتحفظ الذكرى.

**

ونروح عند فيلا الألفي... وتحديدًا أوضة سلمى،
اللي كانت واقفة قدام المراية، شعرها سايب على ضهرها، ووشها فيه لمعة حيرة...
مش حزن، لكن تفكير عميق بيشد روحها لورا، وكأن كل حاجة في اليوم ده كانت بتقول لها: "فيه حاجة جاية... جاهزة؟"

دخلت ملك من وراها، لابسة تريننج واسع، ماسكة كوباية نيسكافيه، وابتسامتها خفيفة:

ملك، وهي بتقرب منها:
"حاسّة إني داخلة على محكمة... وشك بيقول إنك بتحاكميني وأنا لسه ما عملتش حاجة."

سلمى، وهي بتضحك بخفوت:
"مافيش محاكم، بس فيه تساؤلات... عن كل حاجة، عن الناس، عن نفسنا... عن اللي بيحصل فجأة، من غير ما نختار."

ملك، وهي بتمدلها الكوباية:
"خدي اشربي... يمكن الكافيين يصحي الإجابات."

أخدت سلمى الكوباية، وقعدوا الاتنين على طرف السرير، في صمت لحظات، بس الصمت المرة دي كان مطمّن، مش خانق.

ملك، بنظرة فيها لمعة فضول:
"هو ياسين قالك حاجة؟"

سلمى، وهي بتبص فيها بسرعة:
"مين قال إنه هو السبب في تفكيري؟"

ملك، بهزار:
"أنا مش بقول... بس عينك بتتكلم! ووشك بيحمر لما اسمه بيتقال... ده دليل علمي!"

ضحكت سلمى، أول ضحكة من قلبها من الصبح.

سلمى، وهي بتخبي وشها في الكوباية:
"هو غريب... بس مش بالشكل اللي الناس بتشوفه... فيه حاجات مستخبية جواه، حاجات وجعتني... ولفتني."

ملك، وهي بتطبطب على إيدها:
"أهو ده... ده أول سطر في قصة هتوجعك، بس يمكن في آخرها، تلاقي نفسك لقيتي اللي كنتي بتدوّري عليه من غير ما تعرفي."

سلمى، بنظرة ممتنة:
"وإنتي؟ لسه بتقولي على آسر ابن خالتك؟"

ملك، وهي بتهزر:
"أنا؟ أنا بس بحب العصير اللي بيجيبهولي، مش أكتر!"

ضحكوا الاتنين... ضحكة بنات، بريئة، فيها هروب لحظي من الأسئلة.

في وسط الضحك، رنّ موبايل سلمى.
نظرت فيه، ووشها شدّ شوية… الاسم كان واضح على الشاشة: "ياسين المحمدي".

سكتت لحظة، ثم ردّت، بصوتها اللي خفّضته رغم إن ملك قاعدة جنبها:

سلمى، بهدوء:
"ألو؟"

ياسين، بصوته الرجولي العميق:
"كنتي بتضحكي… حبيت أسمع الضحكة دي بصراحة."

سلمى اتفاجئت، بس ابتسمت رغمًا عنها.

سلمى، بتتهرب:
"ملك قالت نكتة… مش بسببك يعني."

ياسين، وهو بيضحك:
"أنا راضي بأي سبب، المهم إني سمعتها."

سكتوا لحظة…

ياسين، بنبرة أهدى:
"أنا عارف إنك لسه مش واثقة، ولسه بتقاومي، بس… أنا مش داخل علشان أخبط وامشي. أنا ناوي أفضّل، وأشرح، وأحارب لو لزم الأمر."

سلمى، بصوت أقرب للهمس:
"أنا بخاف… من اللي بيبدأوا بقوة وينسحبوا فجأة."

ياسين، بحزم:
"أنا مش هنسحب. مش بعد ما قلبي اختارك."

قفلت المكالمة، بس إيدها كانت بتترعش، وقلبها بيخبط…

ملك، وهي بتراقبها بنظرة فهمت كتير:
"هو قالك حاجة وجعتك؟"

سلمى، بصدقة غلبانة:
"قال حاجة خوّفتني… قال الحقيقة."

**

في فيلا المحمدي:

في قاعة المكتب الجانبي، كانت نوران واقفة قدام لوحة فنية، إيدها بتلمس التفاصيل بخفة، كأنها بتحاول تفهم الرسالة.

دخل زين، لابس لبس كاجوال، وشكله مش مرتب كالعادة، لكن في عينيه بريق فضول.

زين، بنبرة خفيفة:
"بتدرسي الفن ولا بتحاولي تفهميني من الرسمة دي؟"

نوران ضحكت بهدوء، ولفت له:

نوران، بمزاح:
"لا دي محاولة لمعرفة نوعية العقليات اللي عايشة هنا… وبصراحة، مبهورة!"

زين، وهو بيقرب منها:
"أنا أول مرة أشوف حد يدخل حياتي من غير استئذان، ويبدأ يفتح نوافذ جوايا كنت قافلها من زمان."

نوران، بنظرة فيها جدية مفاجئة:
"مش قصدي أفتح جروح… أنا بس بحب أكون موجودة وقت ما الناس محتاجة حد يسمع، مش يحكم."

سكت زين لحظة، وقال بهدوء:

زين:
"أهو ده اللي ناقص في حياتنا هنا… ناس بتسمع، مش بتحاسب."

بصوا لبعض لحظة... وكانت اللحظة كافية تقول إن في حبل رفيع من الود بدأ يتكون بين الاتنين.

**

في فيلا الألفي – على السفرة كانت العيلة مجتمعة

رأفت الألفي كان قاعد على رأس الترابيزة، ووشه فيه وقار، بس عنيه كانت بتراقب بناته التلاتة بحنية.

رأفت، وهو بيصب شاي:
"عارفين؟ أنا زمان كنت أحلم كل بنت فيكم تكبر وتختار قلب يحبها… مش جاه، ولا منصب، ولا حتى شهرة."

جودي، وهي بتضحك:
"وأهو الحلم اتحقق؟"

رأفت، وهو بيبص لها بنظرة أبوية:
"لسه… الحلم مش إنهم يحبوا، الحلم إنهم يعرفوا يفرقوا بين الحب الحقيقي… والوهم اللي لابسه طربوش."

ليلى، بضحكة خفيفة:
"وأنا؟ شايفة إن طربوشي لسه بيتفصّل!"

ضحكوا كلهم، وجو البيت بقى دافي ومليان حب.

ملك لمحت نظرة أبوها وهو بيبصلهم، فيها فخر، وشيء من الخوف… كأن قلبه حاسس إن الهدوء ده، ما هو إلا الهدوء اللي قبل العاصفة.

**

في قصر المحمدي:

الجد محمد المحمدي كان قاعد جنب جدته زينب على الكنبة، والتنين ماسكين كوبايات نعناع، بيشربوا بصمت.

زينب، وهي تهمس له:
"شايف البت نوران؟ داخلة القصر كأنها من أهله… بس قلبها نظيف."

محمد، بابتسامة صغيرة:
"النظافة دي معدية يا زينب… أنا شايف زين بيبتسم… ودي معجزة لوحدها."

ضحكت زينب، وقالت وهي بتلمح الشباب داخلين:

زينب:
"آه يا زمن… إمتى الشباب كانوا بيتكهربوا من لمسة بنت؟"

محمد، وهو بيضحك:
"كنا زمان بنخاف من سيرة الحب… دلوقتي هما بيجروا وراه، بس يمكن أخيرًا… هيلاقوه بجد."

دخل جاسر، وسقط على الكنبة، وقال بصوت عالي:

جاسر:
"إنتو بتتكلموا عني؟ أنا والله أبعد ما يكون عن الحب!"

محمد، وهو بيقهقه:
"أنت؟ ده انت أول واحد هيقع… بس هتقع على دماغك!"

ضربه مراد كف خفيف على ضهره:

مراد:
"وقتها هنقولك مبروك… وبلاش دموع يا جدع!"

ضحك الكل… ضحكة مزيج بين العيلة، والسخرية، والدفا اللي بنفتقده في الأيام دي.

**

عند سلمي:

كانت سلمى واقفة في شرفة أوضتها، والهوى بيحرّك خصل شعرها، والدنيا هادية… كأن الكون بيتنفس ببطء.

ظهر ياسين واقف تحت، بيبصلها من الجنينة… ما قالش ولا كلمة، بس عنيه كانت بتتكلم.

هي لمحته، ونزلت بسرعة… أول ما شافته واقف، قربت، بس وقفت عند حد معين، بين الخطوة والأمان.

سلمى، بهدوء:
"كنت متأكد إنك هنا؟"

ياسين، بنبرة خافتة:
"كنت حاسس… إنك محتاجة تشوفي إن في حد واقف مستنيك… مش بيجري."

سلمى، وهي تبص في الأرض:
"أنا تعبت أجري، ياسين."

ياسين، وهو يقرب خطوة:
"وأنا تعبت أعيش من غيرك."

سكتت... بس عينيها قالت كتير.

مد إيده، وقال:

ياسين:
"مش هطلبك تمشي معايا… بس هفضل واقف هنا، لحد ما تمدي إيدك بإرادتك."

سلمى… رفعت عينيها ليه…
ولأول مرة، حسّت إن الخوف اتكسر... وإن القلب، مستعد يحاول.

****

"وفي اللحظة اللي العيون فيها اتقابلت، والقلوب فيها نطقت قبل اللسان…
اتكتبت سطور جديدة في حكايات كان ظاهرها صدفة، وجوهرها قدر.

قلب بيخبط… وخطوة بتقرب… ووعد – يمكن ما اتقالش – لكنه اتحس.

الحرب لسه ما بدأتش فعليًا،
بس الحب؟
ابتدى يسحب أول نفس.

خليكم مستنيين...
لأن الجاي في أحفاد المحمدي،
مش بس أسرار هتتكشف…
ده في قلوب هتتصادم، ومصير هيتغيّر بلحظة!


شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
تعليقات