رواية رد الاذى الفصل الاول
_تسيبها يعني إيه يا مصطفى؟ ده باقي على فرحكوا اسبوع؟ انتَ عاوز البت تروح فيها!
مهموش كل اللي بيسمعه من ابوه وامه، واضح انه مُصر على رأيه، فرد باصرار:
_لسه اسبوع، انا مسبتهاش يوم الفرح ولا قبلها بيوم، احنا حتى لسه معزمناش الناس، يعني الموضوع سهل يتلم دلوقتي.
معجبش أمه كلامه فقالت بعصبية:
_وهي المشكلة في الناس! المشكلة في البنت اللي هتكسر خاطرها من غير سبب، يابني حرام عليك، البنت جهزت كل حاجه وفرحانة، ليه تكسر فرحتها، وبعدين هو مش انتَ اللي مختارها! مش بتقول إنك بتحبها! إيه اللي حصل؟
_اكتشفت إني مش عاوز اكمل معاها، معرفش ان كنت بحبها ولا لأ، بس المهم اني مش مرتاح، حاسس بخنقة رهيبة مش هرتاح إلا لو الموضوع ده انتهى.
وقف ابوه من مكانه وهو بيقول بغضب واضح:
_ومادام البت مغلطتش ولا تستاهل يحصل فيها كده يبقى تولع انتَ وخنقتك، الفرح هيتم، وإياك تزعلها او تيجي عليها، وإن كنت مخنوق خلي امك ترقيك يمكن محسود.
قال جملته الأخيرة بسخرية واضحة، لكن كلامه خلى مصطفى زي اللي في بركان، والغضب ظهر واضح عليه وقال لأمه بعد ابوه ما مشي:
_هو فاكر انه يقدر يجبرني على حاجه! طب واللي خلقني ما هتجوز، ووروني بقى مين هيقدر يجبرني، خليني اسيبلكوا الدنيا وامشي وشوفوا بقى هتجيبولها عريس منين.
خلص كلامه ومشي من قدام أمه اللي مذهولة ومصدومة من موقفه، ازاي مش عاوز يتجوزها، ده هو اللي مختارها محدش جبره عليها، في حاجة غلط!
--------------
صحي على صوت رنة تليفونه، بص في شاشته لقاها هي، نفخ بصوت عالي وهو بيكتم صوت الموبايل، مش عاوز يرد عليها، مش طايق حتى يسمع صوتها، وابوه عاوزه يكمل الجوازه!
من كتر زنها اضطر يرد، لكن رد بارد:
_نعم؟
_انتَ فين يا مصطفى بقالي كتير برن عليك.
_موجود اهو هكون فين يعني.
سمع صوتها المستغرب:
_ولما انتَ موجود مبتردش ليه!
-مقريف, مش ليا مزاج ارد, هتنصبيلي محكمة؟
-لا مش هنصبلك محكمة, بس مش طبيعي تشوف رقمي ومتردش متعمد, يبقى في حاجة مضيقاك, انا عملت حاجه زعلتك؟
هو فعلاً مش طايق يسمع صوتها! لآخر لحظة كان فاكر نفسه بيأفور ولما تكلمه هيهدى, لكن احساسه كان في محله, وده خلاه يقول من غير ما يحسبها:
-بصي يا ندى, بصراحة كده انا مش مرتاح وحاسس إننا مش هينفع نكمل مع بعض.
سكتت شوية وبعدها سمع صوتها المصدوم بيسأله:
-بتتكلم جد؟ انا سكت فكراك بتهزر!
رد بجمود:
-لا بتكلم جد, عارف ان فرحنا قرب وخلاص باقي أسبوع, بس إني اقولك احساسي ورغبتي دلوقتي احسن ما اجي قبل الفرح بيوم ولا يوم الفرح مجيش, او حتى يا ستي نتجوز ومقدرش اكمل معاكي أسبوع.
-يااه, هو انا بشعة للدرجادي! مش هتستحمل معايا أسبوع؟
كان صوتها باين فيه وجع, وده خلاه يقول بصوت هادي بيحاول يمتص صدمتها وزعلها اللي من حقها:
-انا مقولتش إنك وحشة, المشكلة مش فيكي يا ندى, المشكلة فيا انا, انا تعبان ومش مرتاح, والسبب مش انتِ, بس انا شايف إن بعدي دلوقتي احسن لينا من بعدين, عارف إني بظلمك, بس هظلمك اكتر لو كملنا, عارف إني كده بكسر بخاطرك, بس هكسر بخاطرك اكتر لو يوم الفرح لاقيت نفسي مش قادر أكون موجود, او لو اتجوزنا وطريقتي كانت وحشة معاكي.
سمع صوتها اللي باين عليه الخنقة وإنها كاتمة عياطها:
-لا وعلى إيه, انا مرضاش لك تتغصب على الجوازة, معاك حق, كويس إن ربنا بين لنا الدنيا دلوقتي, احسن من بعدين... على الأقل احسن من بكره اللي كنت نازلة فيه احجز فستان الفرح.
غمض عينه بوجع, وجع غريب هو نفسه مش فاهمه, زعلان عشانها ومش عارف يعمل لها إيه, وفي نفس اللحظة مش قادر يكمل, مش قادر يجبر نفسه يكمل, والغريب إن الإحساس ده جاله من يومين بس, ده كان لسه الأسبوع اللي فات معاها بيحجز القاعة وكان مبسوط وفي قمة سعادته, إيه اللي حصل؟ إيه اللي غيره؟ مش عارف, ولا فاهم.
سمع صوت معناه إن المكالمة خلصت, قفلت الخط من غير أي وداع ولا حتى تأنيب له!
........
تاني يوم...
كانت عيلة النعماني متجمعين على الفطار زي عادتهم من سنين, وباين على وش "حسن النعماني" و "مصطفى" ابنه و أمه انهم منزعجين من حاجة, في حاجة مضيقاهم واضح..
-في إيه يا حسن؟ طمني يا خويا شكلك مضايق؟
قالتها أخته "سهير" وهي مستغربة سكوته وملامح وشه, فرفع عينه لها وساب الأكل وهو بيقول موجه كلامه لكل القاعدين وخصوصًا ابنه:
-رأفت أبو ندى كلمني النهاردة..
غمض "مصطفى" عينه وهو مراهن إنه عارف تكملة كلام حسن..
-كلمني عشان يعرفني انه هيبعت دهب بنته وكل حاجه تخصنا عندهم مع حد من عنده بعد المغرب.
خبطت أخته التانية "ضحى" على صدرها بكفها وهي بتقول بصدمة:
-يالهوي! خير ياخويا إيه اللي بتقوله ده؟ وإيه وصل الموضوع لكده؟؟! ده فرحهم باقي عليه أسبوع.
-اسألي المحروس ابن اخوكي.
قالها "حسن" وقام وقف بعصبية وخرج من البيت رايح مزرعته يطمن على شغلها.
-إيه الكلام اللي ابوك بيقوله ده يا مصطفى؟
سألته "ضحى" وهي مش مصدقة إن فعلاً الجوازة باظت, هز "مصطفى" راسه وقال وهو بيقوم من مكانه:
-كل شيء قسمة ونصيب يا عمتي, ملناش نصيب سوا.
ومشي, والكل بيبص لبعضه باستغراب وصدمة. وكان الموجودين "ضحى" و "سهير" خوات حسن, وجوز ضحى واللي في نفس الوقت ابن عمها, وبنت "سهير" اسمها "سارة", وأم مصطفى "ماجده" و "علي" عم مصطفى ومراته.
وبعد ثواني, سمعوا صوت عياط "ماجدة" اللي قامت من على الأكل وجريت على جوا والستات راحوا وراها يحاول يهدوها ويفهموا.
الكل قام ماعدا "سهير" و "سارة" اللي بصوا لبعض وابتسموا ابتسامة مش مفهومة!
عشان "سارة" ترجع بذاكرتها لخمس شهور فاتوا...
هعمله عمل يربطه بيك لا يخليه يبص يمين ولا شمال, وميبصش لحد غيرك, وبتجوزك بقى ونخلص.
قالتها "سهير" وهي قاعدة مع بنتها "سارة" في الأوضة.
-يووه إيه يا ماما الجهل ده بس؟ عمل إيه وكلام فاضي إيه؟ انتِ بتصدقي في الكلام ده!
اومأت "سهير" برأسها وهي تخبرها باقتناع تام:
-يوه! يا بت اسمعي الكلمة ده الشيخ منصور سره باتع, ده فك سحر واحده كان جوزها متجوز عليها اربعه, خلاه طلقهم كلهم وبقت هي بس مراته وواحدة تانية كانت..
قاطعتها وهي تخبرها بنزق:
-بس يا ماما.. بس الله يسترك, انا دكتوره ومتعلمه وابقى عبيطة لو اقتنعت بالكلام ده.
-خليكِ كده ياختي لحد ما يروح يتجوزها اللي لفت عليه وبرمت دماغه.
-يبقى اخر يوم في عمرها لو ده حصل..
رددتها بجدية واضحة, وكأنها بتدافع عن حق مكتسب.