![]() |
رواية الشبح العاشق الفصل العاشر بقلم رباب حسين
كلما اتسعت دائرة القوة ثقلت معها كفة المسئولية..... فالقوة ليست سيفًا يُشهر ولا عرشًا يُعتلى بل هي أمانة توضع بين يدي صاحبها لتكشف عن جوهره.... فمن ظن أن القوة امتياز خالص غفل عن أنها امتحان عسير.... إذ تُطالب النفس بأن تكون أعدل حين تملك وأرحم حين تقدر وأصبر حين تُختبر.....
القوة في حقيقتها ليست بما تفرضه على الأخرين بل بما تُلزم به نفسك من التزامات.... أن تكون قويًا يعني أن تُدرك أن نظرة منك قد ترفع روحًا أو تهوي بها وكلمة منك قد تُحيي أملًا أو تطفئ نورًا.... وكلما زادت سطوتك اتسع مجال حسابك فإن خانتك العدالة تحولت قوتك إلى لعنة.... وإن صدقت مع الحق صارت قوتك بركة..... فالمسئولية قرين القوة لا يفترقان ومن وهبته الأقدار نفوذًا أو مكانة ولم يحملها بميزان العدل كان كمن يختار أن يسير وفي يده شعلة.... إما أن تُنير الطريق للأخرين وإما أن تحرقهم جميعًا..... فماذا إن تم اختبارك في أعز ما تملك؟!....
عاد فتحي إلى جسده في معجزة طبية كما اطلق عليها أطباء المشفى..... فكان لؤي حريص على إعطاءه مادة الباربيتورات دون علم باقي الأطباء..... وصل الخبر إلى شادي الذي ذاعه على الفور إلى صادق الذي وقف في غضب وقال : البت ديه زودتها أوي
شادي : كنت عارف إنها مش ساكتة وكمان النهاردة الصبح دكتور عادل بتاع التحاليل قالي إنها جابت عينة دم وحللها ولقى فيها مادة الباربيتورات..... هي عرفت السر خلاص..... أكيد خدت عينة فتحي عشان كده قدرت تفوقه لما شالت المحاليل من إيده.... كده إحنا في خطر لازم نخلص منها
صادق : مبقاش نافع نطردها بعد ما عرفت السر.... هي اللي جابته لنفسها..... خلص عليها يا شادي
شادي : لا يا دكتور.... مش هقتل حد بإيدي
صادق : لو جيبنا حد تاني يدخل وسطنا هيفضحنا.... خلي السر بيني وبينك بس.... أتصرف والعملية اللي جاية هتبقى ليك لوحدك.... مش هاخد منها ولا مليم وإنت ورزقك
شادي : خلاص.... موافق.... أنا عرفت إنها مقطوعة من شجرة.... لؤي قالي إنها ملهاش حد وعايشة لوحدها.... هجيب عنوانها وهطلع بليل أخلص عليها
صادق : أسرق أي حاجة من الشقة عشان تبان إنها سرقة وهي شافتك فا قتلتها عشان محدش يشك في حاجة
شادي : حاضر.... هتصرف متقلقش
عادت ليان إلى غرفة الأطباء وقال وئام في غضب : ليه يا ليان؟..... كنتي أجليها شوية.... كده عمي وشادي مش هيسكتو.... يعني هما كانو عايزين يخلصو عليكي عشان بتلحقي العيانين تقومي تفوقي واحد من الغيبوبة... افرضي بعتو جد يخلص عليكي ولا دبرو حادثة ليكي زي ما عملو معايا
بنوفيل : خلي حد يفكر يقربلها.... هو أنا بعمل إيه؟
جنة : وأنا كمان
وئام : وإنتو هتعملو إيه؟..... لو حد حاول يقتلها هتعملو إيه؟!
جنة : كتير.... متقلقش عليها يا وئام
اقتربت ليان منه وقالت : أنا عارفة إنك قلقان عليا..... بس ديه مسئوليتي.... أنا مش بفكر ولا باخد قرار.... فيه حاجة جوايا بتحركني.... وبعدين إنت رجعت في كلامك ولا إيه يا دكتور؟.... مش قلت هتحميني
وئام : أنا أفديكي بروحي.... بس أنا خايف عليكي.... مجرد التفكير إن ممكن حد يأذيكي بيخليني مرعوب
نظرت له ليان في حب وابتسمت ثم قالت : إنت كنت مخبي الحب ده كله جواك إزاي؟
وئام : معرفش..... بس يمكن ربنا عمل كده عشان أبقى معاكي دلوقتي واحميكي
ليان : مش هتصدقني بس الصراحة عايزة أروح أشكر عمك إنه دخلك في الغيبوبة
جنة : وتشكريني أنا كمان.... أنا اللي منعته يرجع لجسمه
ليان : متفكرنيش عشان مش طايقاكي بجد..... كان زمانه برا الحرب ديه
وئام : أنا فرحان إني جواها.... أنا لولا إني مش عارف ألمسك أو أضمك كنت قولتلك مش عايز أرجع لجسمي تاني
ليان : بعد الشر عليك.... في الوقت المناسب هترجع لجسمك
بنوفيل : بسرعة بس قبل ما عمه يقتله ويبقى شبح ضغينة وفي الأخر تبقو أعداء
ليان في خوف : لا لا.... بعد الشر
بنوفيل : طيب ممكن نركز بقى ونشوف هنمنع صادق إزاي
ليان : حاضر..... بس إنتي قوليلي أعمل إيه
بنوفيل : لازم نستنى يا لؤي يظهر يا مالوس يتحرك بس الأهم نمنع وجود أشباح أكتر من اللي موجودين
دخل معتز الغرفة وقال : ليان.... كويس إني لقيتك.... في حالة في الطوارئ تعالي شوفيها
ذهبت ليان معه ولحقو بها وبعد أن دخلو الطوارئ قامت بفحص المريض
رامي : حد طعنه بسكينة في القلب والنبض ضعيف.... مش هنلحقه
نظرت ليان إلى الأجهزة الموصلة بالمريض واللاتي بدأت أن تصدر أصوات تحذيرية
ليان : هاتو جهاز الصدمات بسرعة
ركضت الممرضة لتحضره ولكن توقف القلب عن النبض فقال معتز : للأسف.... مات
ليان : لا مماتش..... هاتي الجهاز
شحنت الجهاز وطلبت منهم الابتعاد عنه ثم قامت بصعقه مرة تلو الأخرى حتى اربع مرات ورامي يصرخ بها كي تتوقف
فصاحت به : مماتش بقولك
لم ترى ليان شبحه لذلك فهي على يقين بأنه مازال لديه أمل بالنجاة فصعقته ليان للمرة الخامسة وإذا بالنبض يعود مرة أخرى فأمرتهم أن يأخذوه إلى غرفة العمليات وقال رامي : أنا هعمله العملية
ليان : تمام.... لو احتجتني إبعت حد من الممرضات
عادت ليان إلى الغرفة وقالت : طلع حوار إنك تشوف الأشباح مفيد في الطب
ابتسم وئام وقالت بنوفيل : مش ناقصين شبح واحد مقتول كمان
ليان : اه معاكي حق
بعد وقت عادت ليان إلى المنزل وكان شادي يتبعها إلى هناك حتى وصلت وأعدت العشاء وجلس وئام بجوارها على الفراش
وئام : فيه فوايد بردة للشبح.... يعني أنا مكنتش هعرف أقعد جنبك هنا كده لو كنت بطبيعتي
ليان : ولا كنت هتبقى معايا ليل نهار
وئام : متزعليش مني على اللي كنت بعمله زمان
ليان : لا خلاص نسيته.... بس كان دمك تقيل أوي
وئام : عارف.... حقك عليا
ليان : خلاص مش زعلانة بجد.... بس هموت وأنام
دثرها وئام داخل الفراش وظل بجوارها.... في منتصف الليل سمع وئام صوت حركة بشرفة الغرفة فوقف ونظر عبر النافذة فلمح أحدًا يتسلل إلى المنزل فصاح باسم بنوفيل وجنة فدخلا الغرفة وأخبرهما وئام فقالت بنوفيل : ده شادي.... جنة خليكي جنب ليان وصحيها
وئام : هنعمل إيه؟.... شادي ممكن يقتلها
بنوفيل : مش هيقدر هبعده.... بس مش ديه المشكلة
وئام في تعجب : إيه المشكلة؟
قطع حديثهما كسر شادي إلى زجاج الشرفة وأدخل يده عبر الزجاج المكسور ليفتح الباب من الداخل.... استيقظت ليان على صوت جنة ونظرت إلى يد شادي الذي بدأ أن يدخل الغرفة فنطرت له ليان في صدمة وقالت : إنت بتعمل إيه هنا؟
اقترب شادي من الفراش وهو يقول في غضب : إنتي عرفتي أوي.... ولازم نخلص منك
بنوفيل : جنة.... اتحركي
وقفت جنة أمامه والتف ضوئها الأبيض بجسده فشلت جسد شادي عن الحركة وقالت بنوفيل : ليان.... خلي بالك.... إوعي حد يدخل جسمك
ليان في تعجب : مين هيدخل جسمي
دخل الأشباح الغرفة والتفو حول ليان فنظرو لهم جميعًا في تعجب وقالت بنوفيل : دول
وقفت ليان من على الفراش تنظر إليهم في توجس فقالت بنوفيل : جنة.... خدي شادي بعيد
طارت جنة به وهو يفتح عينيه في صدمة مما يحدث وكادت جنة أن تطير به عبر الشرفة ولكن توقفت عندما وجدت دخان أسود يدفعها بقوة إلى الداخل وابتعدت عن شادي الذي أخذ يزحف بجسده إلى الخلف في رعب حتى التصق بالحائط وظهر شبح لؤي أمامهم فوقف وئام أمام ليان ونهضت جنة وطارت بجوارها ووقفت بنوفيل أمام لؤي وقالت : خد الأشباح وامشي
أصدر لؤي صوت قوي مرعب جعلت أعينهم تنظر إليه في رعب وتوجس ثم قال لؤي : سيبيها.... مش هتقدرى تحميها.... حاولتي تحمي بنات القمر قبل كده وكل مرة بتفشلي
بنوفيل : قول لمالوس إنت عارف إن المرة ديه مش هتقدر عليها
لؤي : لسة قوتها ضعيفة
طار لؤي بالهواء والدخان أسفله والنار ظهرت من تحته ودفع بالدخان نحو الأشباح ليتحركو نحو ليان فدفع الدخان ببنوفيل إلى بعيد ووقفت جنة أمام ليان تنشر ضوئها الأبيض ووئام يقف خلفها وليان خلفه واقتربت الأشباح من ليان فدفع لؤي بلهيب على شكل سلسلة لتطيح بجنة ووئام الذي نهض مرة أخرى فضربه لؤي مجددًا فصاحت بنوفيل : إبعد يا وئام هتموت..... ليان.... إبعديهم.... إنتي الوحيدة اللي تقدري
طارت الأشباح الغاضبة نحو ليان وصنعو دائرة حولها وأحاط لؤي بدخان حولهم كي لا يقترب منهم جنة أو وئام ونظرت لهم ليان في ذعر من وجوههم الغاضبة وأعينهم الحمراء الجاحظة وحاولو الدخول لجسد ليان فدخل أكثر من شبح بجسدها بدأ جسد ليان يطير بالهواء ويتحول وجهها إلى وجه مخيف وبدأت بشرة وجهها تتشقق وتحولت عيناها إلى عين ثعبان واختفى بياض عينيها ليغلب على عينيها اللون الأحمر كل هذا تحت نظرات شادي الذي ينظر إليها في رعب ويفتح عينيه على مصرعيها وصرخ بقوة.... دخل جميع الأشباح بجسد ليان وازداد وجهها غضب وشحب جسدها ليتحول إلى اللون الرمادي ثم نظرت بغضب إلى شادي وبدأت تتحرك نحوه فوقف وئام أمام شادي وجنة نشرت ضوئها حوله ونظر وئام لها في صدمة وقال : ليان.... ليان أنا عارف إنك سمعاني.... ليان فوقي
رفعت يدها فطاحت به بعيدًا فوقف وئام أمامها مرة أخرى وقال : مش هبعد.... مش هبعد عنها.... سيبوها....ليان.... ليان اطرديهم من جسمك..... ليان أرجوكي.... إنتي سمعاني.... إنتي أقوى منهم.... اطرديهم يا ليان
رفعت ذراعيها ودفعت به مرة أخرى بدأ شبحه يضعف وأصدرت الأجهزة حول جسده إنذار باضطراب نبض القلب فقالت بنوفيل : إبعد يا وئام
فدفعته بعيدًا ووقفت أمامها وقالت : ليان.... مش هيقدر عليكي لو حاولتي تمنعيهم.... اطرديهم حالًا.... اطرديهم
أغمضت ليان عينيها في صراع داخلي بأن تحاول أن تسيطر على جسدها ولكن دون جدوى وأخذت تقترب من شادي ووئام يحاول أن يقف على قدميه ولكن شبحه يشعر بالضعف.... نزلت دمعة من عين ليان وفجأة ظهر ضوء أبيض قوي ليتجسد في صورة أمرأة لتقف أمامها وأبعدت دخان لؤي عنها ونظرت إلى ليان بعين مشتاقة ثم نزعت السلسال من رقبتها ووضعته على رقبة ليان فعادت عينيها إلى طبيعتها مرة أخرى فنظرت إلى المرأة التي أمامها في صدمة وقالت : ماما
ناهد : اطرديهم..... اطرديهم دلوقتي
أغلقت ليان عينيها مرة أخرى وطردت الأشباح من جسدها وسقط جسدها أرضًا ثم وقفت بنوفيل أمام لؤي وناهد أيضًا وقالت بنوفيل : قول لمالوس وقتك قرب ينتهي
نظر لؤي إليهم في غضب وطار بالهواء ولحق به الأشباح
نظرت بنوفيل إلى ناهد وقالت : جيتي في وقتك
اقتربن جميعًا من ليان التي تفتح عينيها بصعوبة وقالت : ماما
ناهد : حبيبتي.... بنتي الوحيدة
ليان : وحشتيني أوي يا ماما
ناهد : وإنتي كمان
نظرت ليان إلى السلسال الذي برقبتها فقالت ناهد : السلسلة ديه هتحميكي.... ديه السلسلة اللي ورثتها عن بنات القمر..... أم بعد أم بعد أم.... كل بنت منهم كانت بتبقى ليها قوة خاصة ولما بتموت بتروح قوتها للحجر اللى جوا السلسلة.... دلوقتي إنتي خدتي قوتهم كلهم.... بالقوة ديه هتقدر قوتك تكبر وتعملي اللى محدش فيهم قدر يعمله.... هتوقفي مالوس
بدأ ضوء ناهد يختفي فنظرت لها ليان بضعف وحزن وقالت : ماما.... رايحة فين؟.... متمشيش
ابتسمت ناهد في حزن وقالت : ديه أخر مهمة ليا.... دلوقتي لازم أمشي
وضعت ناهد يدها على وجهها ونظرت لها بحب وقالت : خلي بالك من نفسك
ثم قبلت جبهتها فأغمضت ليان عينيها واختفت ناهد ففتحت ليان عينيها مرة أخرى لتنظر حولها لتبحث عنها فلم تجدها حتى وقعت عينيها على وئام الذي ينظر إليها في ضعف وشادي الذي فقد وعيه جراء ما حدث أمامه فركضت ليان إلى وئام الذي نظر لها بعين ضعيفة وقال : قدرتي
بكت ليان وقالت : قولتلك هأذيك.... قولتلك إبعد عني..... إوعى تمشي يا وئام.... إوعى تمشي
وئام : مش قادر أقف.... مش قادر أتحرك.... حاسس إني خلاص.... همشي
بكت ليان ومدت يدها لتلمس يده ثم أغمضت عينيها فبدأ شبح وئام يظهر بقوة مرة أخرى فنطرت له لتجده يبتسم لها وهو ينظر إلى نفسه فقالت في سعادة وهي تبكي : رجعت.... رجعت
ابتسم وئام وقال : قوة جديدة ديه
ثم نظر إلى شادي وقال : شادي شاف كتير..... هنعمل إيه؟
نظرت له ليان ثم قالت بنوفيل : مفيش حل غير إن إحنا نرجعه بيته وينام في سريره وليان تشوش ذاكرته فيحس إن اللى حصل كله كان حلم
ليان : بس أكيد هيشك لو لقى نفسه في البيت بعد ما دخل بيتي هنا
بنوفيل : جنة.... روحي شوفي عربيته فين
أماءت لها جنة بنعم واختفت ثم قالت بنوفيل : لو نام في العربية مش هيشك وأكيد جي هنا بيها
عادت جنة وقالت : راكن في الشارع اللي ورا
أخرجت بنوفيل الأشرطة البيضاء من جسدها ولفتها حول جسده ثم قالت : شوشي الذاكرة يا ليان
ليان : أعملها إزاي؟!
بنوفيل : غمضي عينك وركزي إنك تعمليها هتعمليها
أغمضت ليان عينيها ثم فتحتها ونظرت إلى شادي وقالت : أنا شايفة ذاكرته
ثم ظهر الحزن على وجهها عندما رأت صورتها بداخل ذاكرته فقالت بنوفيل : ركزي
قامت ليان بتشويش ذاكرته ثم أختفى شادي ليظهر داخل سيارته وهو نائم.... نظرت ليان إلى وئام وقالت في خجل : هو.... هو أنت شفتني بالمنظر ده؟!
وئام : حبيبتي أنا عارف إن ده مش إنتي.... ومتأكد إنه مش هيحصل تاني
ذهبت ليان من أمامهم في خجل وقالت : سيبوني لوحدي
نظر وئام إلى بنوفيل في حزن..... أما لؤي فعاد إلى ذلك الكهف المختفي بداخل أحد الجبال ودخل به ثم جثا على ركبتيه مخفض رأسه أمام قوة سوداء لا يظهر منها غير عينين غاضبين ثم قال : فشلت
لؤي : كانت أقوى مني.... في كتير بيساعدوها
مالوس : ليان مش هتعمل اللي أنا عايزه بمزاجها.... مفيش غير حل واحد.... تعمله غصب عنها
نظر له لؤي في خوف من عينيه