![]() |
رواية الشبح العاشق الجزء الثاني الفصل العاشر بقلم رباب حسين
كانت على موعد مع لقاء لم يكن مخطط له.... كانت تعلم أن الطريق الذي رُسم أمامها من نور سوف يرشدها إليه.... واثقة الخطى.... تمشي وهي متيقنة بأن قوتها سوف تردع هذا الخطر القابع بجواره.... تعلم أن الشر لن يقدر عليها إيمانًا بأن الخير هو من ينتصر بالأخير.... عندما رأت هذا الخط المضئ أضاء في صدرها نور الأمل بأنها ستجتمع مع حبيبها مرة أخرى.... عازمة على حمايته وإن كان على حساب حياتها.... تراقص قلبها بين ضلوعها فرحةً باقتراب اللقاء فالحياة بدونه كانت دون حياة.... دون بريق.... دون هواء للتنفس.... دون أمل ينبعث من هذا الصدر الدافئ الذي يحتوي ألمها وخوفها.... صحوة تنعش به جسدها بمجرد أن ترتمي بين أحضانه.... يغمرها بهذا العشق الذي يتزايد بقلبه ويربطه بقلبها أكثر وأكثر.... فأن كان هناك هموم بهذه الدنيا فنتلاشى فقط عندما تكون مع الشخص الصحيح.... الحب الصادق والنظرة التي تعطي قوة أكبر من أي قوةٍ بالعالم... وفي نهاية هذا الخط الذي ظنت بأنه مكان راحة القلب وقفت قوة الشر تضرب بسيف الغدر لتجعل الطريق ينحرف إلى إتجاه أخر..... يمتد إلى كهف مظلم ملئ بالمخاطر والأشباح التي تم ربطهم معًا بهذا السلاح الفتاك ( قنينة الأنين) من صنع ذلك المالوس وهي زجاجة مظلمة قد جمع فيها أشباح الشر ليطلقهم دفعةً واحدة وقت مواجهة ليان..... كان يعلم بمدى قوتها وبقدرتها على القضاء على كل الحيل التي يقوم بها بهذا السحر الأسود فاستعد لذلك اليوم جيدًا خاصةً عندما علم أنها بدأت تحدد المسار باستخدام سيفها فتأهب وانتظر وطلب من ميناس أن يظل بجوار وئام وإذا رأى الضوء يقوم بتحريفه على الفور.... ونفذ ذلك لتصل ليان ومعها بنوفيل إلى هذا الكهف المظلم.... أمسكت بنوفيل يدها في رهبة وقالت : أنا مش مطمنة... حاسة إن فيه حاجة هتحصل
ليان : أكيد في حاجة هتحصل.... ده مكان مالوس وأكيد هندخل حرب دلوقتي.... بس متقلقيش أنا مستعدة.... خليكي بس معايا
دخلت ليان وبنوفيل وحاولا أن يرا أي شئ داخل الكهف ولكن كان الظلام شديد بالداخل... ظلا يسيرا دون توقف وكأن الكهف لا ينتهي.... لا يعلمان أن الكهف مسحور وأنهما بالحقيقة لازالا بأول هذا الكهف.... نظرت ليان إلى بنوفيل في تعب وقالت : هو الكهف مش بيخلص ليه؟!
بنوفيل : استخدمي السيف يا ليان خليه ينقلنا
رفعت ليان السيف ليدخلها بداخل ساحة في منتصف الكهف.... كانت حيلة من مالوس ليرهق ليان حتى لا تكون بكامل قوتها في مواجهته.... نظرت ليان حولها... الظلام حالك ولا ترى شئ فقالت بنوفيل في توجس : وئام مش هنا.... أنا حاسة إنه فخ يا ليان
وفجأة ضحك مالوس ضحكةً مدوية وبصوت مرعب ليخرج من هذا الركن المظلم ويحمل بيده قنينة الأنين ثم قال : كان لازم تهربي
ضرب القنينة بالأرض لتخرج أشباح الشر لتحيط ببنوفيل وليان فنظرا إليهما في صدمة من عددهم ورفعت ليان سيفها وأخذت تحاربهم بقوة حتى ضعفت قوتها فالعدد كبير والقنينة مليئة بالأشباح... نظر مالوس إلى بنوفيل التي تقيد الأشباح لليان حتى تستطيع أن تقضي عليهم بسهولة وقال : مش هتقدرى عليهم.... دول مش أشباح بني أدمين.... دول من السحر الأسود.... لو قتلتيهم بيرجعو تاني.... يا تنفذ طلبي يا هتفضلو طول العمر هنا تحاربو الأشباح ديه
ليان وهي تضرب بالسيف في كل اتجاه وقد تصببت عرقًا وتخدل ذراعها من كثرة الضرب وقالت في قوة مزيفة : مش هتقدر تغلبنا يا مالوس..... إنت أضعف من إنك تغلبنا
نظر لها مالوس في غضب ونفخ بقوة ليخرج دائرة من النار أحاطت بليان فنظرت لها في توجس وارتفعت النيران حولها لترغم بنوفيل على الإبتعاد عنها ثم قال مالوس : حتى لو عرفتي سر قوتك.... مش هتقدرى تتغلبي عليا.... بصي
أشار مالوس إلى زواية بأعلى الكهف فنظرت له ليان والأشباح تحوم حولها بقوة داخل دائرة النار فوجدت وئام بداخل مجسم كروي بالأعلى.... النيران تحيط به بداخلها وكأنها تحرقه من كل اتجاه فنظر إلى ليان وقال في خوف : أنا هموت.... هموت يا ليان إلحقيني.... إديله السيف يا ليان.... إديله السيف عشان أرجع معاكي.... هو قالي لو مخدتش السيف منها هيقتلني.... إلحقيني يا ليان بسرعة.... النار هتموتني
نظرت له ليان في حزن وخوف عليه وتجمعت الدموع داخل عينيها ثم نظرت إلى مالوس وقالت : سيبه يمشي.... سيبه دلوقتي
مالوس : إديني السيف.... مجرد ما تسلميني السيف هسيبه يمشي معاكي
وقفت ليان وسط النيران.... الأشباح تحوم حولها بقوة وتسمع صوت بنوفيل تصيح باسمها من بعيد.... نظرت إلى السيف في حزن.... الإختيار كان صعب عليها.... التخلي عن هذه القوة التي تنقذ أرواح بريئة من الموت أو السجن في سبيل أن تُعيد حبيبها وزوجها.... كانت تفضل الموت على هذا الإختبار... وضعت يدها في جيبها لتخرج تعويذة الإظهار من يدها وعندما رأها مالوس نظر إليها في توجس فقامت ليان برفعها أمامها فعليها أن تتخلى عن كل هذا وفجأة نظرت إلى الفراغ تفكر قليلًا حتى قامت بتشغيل ذلك المصباح الصغير وعادت النظر إلى وئام لتجد أن هناك شبح أخر بداخل هذا المجسم فكشفت التعويذة عن وشاح الوهم الذي استخدمه مالوس لتضليلها فنظرت إلى مالوس في غضب وقالت : كشفتك
رفعت السيف واستحضرت قوتها كاملة وارتقت بالهواء لأعلى الكهف حتى نزلت بكل قوتها لتضرب هذا السيف بالأرض فيخرج ضوء قوي يقضي على أشباح الشر من حولها وتنطفئ النيران ثم انقضت بسرعة أمام مالوس ونظرت داخل عينيه دون خوف وقالت : حيلك ديه معناها إنك خايف.... عارف إني ممكن أقضي عليك.... عارف إنك ضعيف مستخبي ورا السحر الأسود والكذب والتضليل.... وناسي حاجة مهمة جدًا
اقتربت منه ونظرت داخل عينيه بقوة ورفعت سيفها عاليًا لتضرب به وقالت في غضب : إني أقوى منك
كادت أن تضربه بالسيف ليعترضه هذا السيف الأسود وظهر أمامها ميناس فنظرت له في صدمة من هيئته.... فقد أصبح كالشيطان.... نظر لها بقوة ونشر أشرطة سوداء مشتعلة حولها وقام شريط منهم بإزاحة مالوس من أمامها فوقف بعيدًا ينظر إليهما وهما يتعاركان.... اقترب منها والسيفان يقطعان بعضهما بأضواء حمراء كاللهب وبيضاء من نور ساطع ثم نظر إلى عينيها بقوة لترى ليان عين لؤي واضحة فنظرت له في حزن وقالت : لؤي
تحولت نظرته فجأة إلى اشتياق وحنين لها.... فهي الوحيدة من ملكت قلبه وتمنى وصلها وإن كان هناك سبب لتقبل حالته الآن فمن الممكن أن يكون الغيرة.... لانت نظرته في حزن ثم أردفت : عمل فيك إيه؟!
لاحظ مالوس ضعف ميناس أمامها فصاح في غضب : ميناس
تحولت نظرته إلى الغضب مرة أخرى.... فهو تابع.... خادم للشر.... سلم نفسه لخدمة مالوس وعليه التنفيذ مهما كان الأمر ثم أردف مالوس : اقتلها
رفع ميناس سيفه ليخوض مبارزة قوية بين سيف الخير والشر أما مالوس فقد حاوط بنوفيل بنيران قوية لتلتف بسرعة فائقة ناشرة أطراف ثوبها حولها وضوئها ينتشر معها ليخمد هذه النيران ثم تقترب من ليان وتنشر أشرطتها حول ميناس فتقوم ليان بضرب قوة السيف حول الأشرطة فتكونت دائرة بيضاء كبيرة تحيط بميناس لتضعفه فقام مالوس بتسليط طيور سوداء جامحة لتحيط بهذه الدائرة فتخفي ضوئها ثم وقف أمامهما في غضب وقال : متنسيش.... وئام لسه معايا.... لو فكرتي تعملي نصل النور هقتله ثم قام بعمل عاصفة من نيران ودخان أسود باتجاهما واختفى على الفور وتبعه ميناس.... سقطت ليان أرضًا في ضعف فجثت بنوفيل بجوارها وضمتها إليها.... لم تعد تتحمل ليان أكثر.... بكت.... بكاء ضعف ويأس واشتياق.... تشعر النيران تحرق قلبها من الداخل.... حزنها على فراق وئام يشطر روحها نصفين.... نعم يضحي العاشق لأجله معشوقه ولكن هل تضحي به لأجل إنقاذ أرواح بريئة؟... والحقيقة أنها تضحي بنفسها قبله فالحياة بدونه هو الموت الحقيقي
"بكل رضا قد أُميتُ الهوى ** لأُحيي دروبًا يضيئُها الخيرُ"
نظرت ليان إلى بنوفيل في ضعف وبكاء وقالت : أعمل إيه؟!... أضحي بيه وبيا ولا أضحي بالناس كلها؟... قوليلي حل يا بنوفيل
نظرت لها بنوفيل في حيرة.... تعلم أن الإختيار مميت فقالت : تعالي نروح يا ليان وبعدين نفكر في حل تاني
رفعت ليان سيفها في ضعف وعادت ليان وبنوفيل إلى الكهف.... كانت ليان منهكة القوة.... حزينة.... يأسة.... وما يذبح روحها أكثر إشتياقها لوئام.... أما هو فيعيش بعالم أخر.... مسحور بهذا السحر الأسود.... لا يستطيع أن يتحرك بعد.... فهو لم يتناول الطعام منذ عدة أيام.... فبدأ في حالة إعياء شديدة.... لاحظ شادي ذلك الأمر وقام بإبلاغ مالوس فأمره أن يخرجه من هذه الدائرة لتبتعد عنه الأشباح التي سيطرت على جسده فأنهكته وطلب منه أن يقدم له بعض الطعام فإذا مات وئام لن يجد وسيلة أخرى ليضغط بها على ليان
مر يومان.... على ليان أخذ القرار.... كانت تنظر بالساعات إلى السيف.... أي شخصًا أخر كان سيسعد بهذه القوة المفرطة ولكن هي.... قد سلبتها قوتها كل شئ.... حبها.... زوجها.... أصبحت روما حزينة طوال الوقت فآسر لم يتحسن بعد وعزيز قد أنهكته رؤية هذه الأشباح.... معدل الجريمة مازال في إرتفاع ملحوظ وعدد الضحايا الملعونين يزداد.... كل هذا تحت نظر ليان التي اقتربت منها بنوفيل وقالت : ليه مستسلمة؟!
ليان في يأس : عندك حل؟
بنوفيل : عندي طريقة ننشر بيها قوة نصل النور
ليان : يعني أضحي بوئام؟
بنوفيل : لا مقولتش كده.... قولت نفكر في حل نقدر نوصل بيه لوئام
ليان : لو استخدمت السيف تاني عشان يوصلني ليه مضمنش هيحصل إيه المرة ديه
بنوفيل : طيب هنفكر في طريقة سوا لكن اليأس اللي إنتي فيه ده مش هيوصلك لحاجة.... هتفضلي قاعدة كده العمر كله وفي الأخر هتخسري كل حاجة.... حتى وئام هيروح في الأخر.... فوقي يا ليان.... فكري.... نقدر نعمل إيه عشان نوصله
زفرت ليان بقوة ثم وقفت واقتربت من الطاولة ونظرت إلى الكتاب المفتوح أمامها قليلًا وأخذت تفكر ثم قالت : هو إيه الأزازة اللي كانت في إيد مالوس ديه؟
بنوفيل : دورت عليها لقيتها قنينة الأنين.... بتجمع الأشباح فيها وبتقدر تطلقهم مرة واحدة زي ما عمل معاكي كده
ليان : أنا لاحظت إن فيه منهم أشباح حقيقية لكن أكترهم كانو من السحر
بنوفيل : اه وأنا كمان خدت بالي
ليان : غريبة.... طبيعة الأشباح أصلًا بتبقي ملازمة للبشر.... بيروحو لمالوس إزاي؟
فتحت بنوفيل الكتاب وأشارت إلى بعض الصفحات وتحديدًا إلى رسم بالكتاب وقالت : في جرس الأشباح.... بيجمعهم كلهم حواليه لو طلبهم.... في الأول والأخير هما جنود تحت إيده
ليان : عندي حل بس صعب تنفيذه جدًا
بنوفيل : إيه هو؟
ليان : نتتبع شبح لحد ما يوصل لمالوس ونعرف مكانهم الحقيقي
بنوفيل : صعب.... الشبح بيختفي مش بيطير في الجو
ليان في يأس : ما هو استحالة هقتل واحد كمان عشان شبحه يروح هناك وكمان لو بقى شبح مش هيخدمني أنا هيخدم مالوس
فتحت بنوفيل عينيها في شغف وقالت : إلا نوع شبح واحد
ليان : إيه هو؟!
بنوفيل : شبح قوي.... شبح غيبوبة يا ليان.... روحي المستشفى يمكن فيه حد في غيبوبة هناك يقدر يفيدنا
ليان : صح..... صح يا بنوفيل.... أنا هروح المستشفى حالًا
