رواية الشبح العاشق الجزء الثاني الفصل الحادي عشر 11 بقلم رباب حسين


رواية الشبح العاشق الجزء الثاني الفصل الحادي عشر بقلم رباب حسين



كأن السماء قد أطفأت مصابيحها زمنًا طويلًا وكأن الطرقات امتلأت غبارًا يثقل الأنفاس لكن شيئًا ما في القلب ظل يقاوم... ظل يهمس بأن الليل مهما طال لا بد أن يتراجع أمام أول خيط للفجر.... ثم جاء ذلك الخيط رفيعًا في بدايته.... يتسلل بين الركام.... يربت على الأرواح المنهكة ويمسح عن الوجوه ظلال اليأس..... كان الأمل لا يولد صاخبًا بل يعود همسًا.... يطرق على نوافذ الروح برفق حتى تُفتح..... هكذا تبدأ الحياة من جديد.... بوردة صغيرة تشق صخرًا.... بابتسامة صادقة تذيب الحزن.... بخطوة واثقة تمحو آثار السقوط..... الأمل ليس وعدًا بعيدًا بل نبض يتجدد مع كل صباح يعيد للقلوب قوتها وللأيام معناها....

كلمات بسيطة من بنوفيل كانت كفيلة بإحياء الأمل في قلبها من جديد.... 

كان عزيز يجلس بمكتبه شارد.... قد استحوذت سيلين على تفكيره منذ أن رآها في هذه المشفى ولكن يمنع ذاته عن الاقتراب منها..... هي إبنة ذلك القاتل..... نعم ليس بذنبها ولكن كيف يتزوج ضابط شرطة من فتاة والدها تاجر بأعضاء بشرية.... دخل معتصم المكتب ووجده يجلس شارد كعادته مؤخرًا فقال : وبعدين يا عزيز.... هتفضل على الحال ده كتير؟

عزيز : مش عايز أشوف حد

معتصم : ماشي فهمنا.... عشان الأشباح.... بس أنا حاسس إن فيه حاجة تانية غير الموضوع ده

تنهد عزيز بقوة وقال : كنت بقول مليش حظ في الحب وقلبي مش عايز يدق لواحدة لحد ما وقعت والوقعة مش حلوة

معتصم : ليه مش حلوة؟!

عزيز : طلعت بنت صادق الأحمدي.... بتاع تجارة الأعضاء

معتصم : اه.... صعبة ديه.... بس يمكن مش زي بابها

عزيز : مش عارف.... أنا شفتها مرة واحدة بس قلقان.... خايف علاقتي بيها تأذيني في شغلي وكمان مش أي حد هيتقبلها فاهم

معتصم : فاهم.... بس من رأيي طالما متعلق بيها قرب منها وهيبان هي تستحق ولا لا

عزيز : عايز أصلًا اطمن على آسر وكمان أسأل ليان ظهرت ولا لا

معتصم : كنت جي عشان كده.... الموضوع زاد أوي يا عزيز ومفيش حل.... أنا اه مش مصدق إنها هتعرف تحلها بس في الوضع الحالي بتمنى أي حاجة تحصل توقف اللي بيحصل برا في الشارع ده

نهض عزيز وأخذ أغراضه من على المكتب وقال : أنا مصدق.... هروح المستشفى اطمن وأشوف لو حصل حاجة جديدة

ذهب عزيز إلى المشفى ودخل الغرفة عند آسر ليطمئن عليه.... كانت ليان تجوب المشفى بحثًا عن أشباح قوية والغريب أن هناك أشخاص في غيبوبة ولكن لم تجد أشباحهم في المشفى... وقفت ليان في حيرة وقالت بنوفيل : هو الموضوع يفرح ويحزن.... إختفاء الأشباح القوية معناه إن مالوس فعلًا مستحوذ عليهم لكن المحزن إننا مش هنعرف نستغل أي حد فيهم

نظرت لها ليان في حزن ثم قالت : مش عارفة أعمل إيه..... بس بما إننا هنا هروح اطمن على دكتور آسر

كان مالوس يجلس في هذا البهو المظلم وبجواره شادي وقال : وئام كل؟

شادي : اه

مالوس : أنا عايزك في مهمة

شادي : تحت أمرك

مالوس : لؤي ضعيف.... ومش ضعيف قدام أي حد لا ده ضعيف قدام ليان.... ضعفه ده هيخسرني كتير.... مينفعش ميناس يبقى ليه نقطة ضعف.... الخادم بتاعي لازم يبقى أقوى من أي تأثير خارجي

شادي : طيب نعمل إيه؟!

مالوس : الحل عندك.... لو عرفت تنفذ اللي أنا عايزه هخليك إنت ميناس

شادي : تحت أمرك..... أنا هعمل أي حاجة تطلبها مني

مالوس : أول حاجة إنت جواك ضغينة ضد ليان وده هيمنع إنك تاخد قوة ميناس..... لازم تبقى شبح شر.... الضغينة مش هتروح غير لما تقتل ليان

شادي : طيب ما ده اللي أنا عايزه ومش عارف أعمله

مالوس : استغل واحد من اللي حواليها حتى لو هتطعنه بسيف النسيان وتلعنه بيه عشان تقدر تقتلها

شادي : وبعد ما اقتلها؟

مالوس : هخليك شبح شر بالسحر الأسود وساعتها هجرد لؤي من قوة ميناس واديهالك وتبقى إنت الخادم بتاعي

شادي : ولؤي؟

مالوس : هيفضل معانا خاصة إن ليان هتكون ماتت ومش هيبقى ليه نقطة ضعف تاني ساعتها هنبقى كسبنا من الناحيتين

شادي : تمام أنا هفضل ورا ليان

مالوس : خلي بالك من تعويذة الإظهار لتكشفك وخد معاك الطوق ده..... بنوفيل أكيد هتحاول تخرجك من الجسم اللي هتستغله عشان ليان تقتلك.... الطوق ده هيعطل بنوفيل شوية تكون قدرت تخلص على ليان

شادي : حاضر

كانت ليان في غرفة آسر ووجدت عزيز بالداخل وبعد أن اطمئنت على آسر الذي بدأ في التحسن قليلًا أخبرت عزيز بأنها تحاول إبطال اللعنة.... كانت روما تبدو حزينة للغاية بسبب مرض آسر وتنظر إليه في قلق فقالت ليان : الحالة اتحسنت شوية يا روما.... متقلقيش يا حبيبتي هيبقى كويس

علمت سيلين بوجود ليان في المشفى فذهبت إلى غرفة آسر لتطمئن عليها وتسألها عن وئام الذي انقطعت أخباره عنها تمامًا فدخلت الغرفة ووقعت عين عزيز عليها فابتسم رغمًا عنه ثم اقتربت من ليان لتسلم عليها وبعد أن تحدثا قليلًا وأخبرتها أن وئام بخير فهي لم ترغب في إخبارها بحقيقة خطفه وعلمت أنها لن تصدقها من الأساس.... فجأة تحرك آسر من الفراش ونهض ووقف أمام ليان فتعجبو جميعًا من استيقاظه بهذا الشكل فقالت بنوفيل في تحذير : هو مش لابس سلسلة؟!

نظر إلى ليان في عينها وقال : جيه وقت الحساب

ليان : شادي؟!

نظرت روما لما يحدث وشعرت بالقلق على آسر فجسده لازال ضعيف فنزعت السلسال من حول رقبتها ووضعته برقبة آسر فخرج شادي وسقط آسر أرضًا وجثت روما بجواره لتطمئن عليه واختفى شادي فقالت بنوفيل : شغلي تعويذة الإظهار يا ليان

أخرجت ليان التعويذة ولكن تفاجئت بروما تتهجم عليها فحاول عزيز أن يمنعها ولكن دفعته بقوة ليرتطم بالنافذة وانكسر الزجاج وقام بجرح عزيز بظهره كل هذا تحت نظرات سيلين التي تنظر لما يحدث في تعجب ولا تعلم ما الذي يحدث.... أمسكت روما برقبة ليان وصاحت في غضب : لازم تموتي.... لازم تموتي

ليان وهي تتنفس بصعوبة : بنوفيل.... خرجيه منها

نظرت روما إلى بنوفيل ودفعت من يدها الطوق ليلتف حول بنوفيل وقيدت حركتها وقامت بنوفيل بمحاولة نزع هذا الطوق عنها وهي تنظر إلى روما التي تطبق يدها على رقبة ليان.... نظر لها شادي وهي تتنفس بصعوبة وقال : كنتي فاكرة إنك لما بتقتلي الأشباح ضغينتهم بتنتهي متعرفيش إن الضغينة بقت تروح لمالوس..... يعني حتى لو قتلتيني هتفضل ضغينتي موجودة وهتموتي يعني هتموتي

نظرت له ليان واستجمعت قوتها لتظهر الخطوط البيضاء على جسدها وقامت برفع يدها لتمسك السيف لتخرج قوتها وتدفع روما بعيدًا عنها ليرتطم جسدها بالحائط فركضت ليان نحوها وضربت السيف أمامها بقوة في الأرض لتحاصر روما بداخل مجسم كروي من الضوء ليمنع شادي من الخروج ثم رفعت ليان السيف وضربت به الطوق الذي يلتف حول بنوفيل.... وقفت بنوفيل أمامها وقالت : أخرج شادي؟

ليان : لا.... مش هينفع يخرج دلوقتي..... لو خرج هقتله وزي ما سمعتي الضغينة بقت تروح لمالوس يعني قتل الأشباح بقى يفيده.... لازم أدور على حل تاني

بنوفيل : ماشي.... نشوف في الكتاب بس بسرعة عشان روما كده محبوسة

جثت سيلين بجوار عزيز الذي ينزف من ظهره وقالت في ذعر : ليان.... حضرة الظابط بينزف

ركضت ليان إليه ولاحظت نظرات عزيز لسيلين فقالت : بسيطة يا عزيز متقلقش

كان عزيز يحاول السيطرة على ألمه وقال : وبعدين يا ليان.... هنفضل كده كتير؟

نظرت ليان إلى روما التي تنظر إليها في غضب ثم قالت : مش وقته.... شادي معانا.... بص أنا هطلب ممرضة تيجي تاخدك على أوضة تانية

بنوفيل : مينفعش حد يدخل وروما في الحالة ديه

ليان : صح..... طيب تعالى معايا يا عزيز على أوضة تانية.... ساعديني يا سيلين

أمسكت ليان به وساعدتها سيلين ثم قالت ليان : بنوفيل.... إرفعي آسر من على الأرض ورجعيه السرير ومتخليش حد يدخل الأوضة

أماءت لها بنوفيل ونظرت سيلين إليها وهما يساعدان آسر على الخروج من الغرفة وقالت : مين بنوفيل؟!

سيلين : العرابة بتاعتي.... عرابة الخير

دخلو غرفة فارغة وقامت ليان باستدعاء ممرضة وطلبت منها مساعدتها بخياطة الجروح.... قامت ليان بخياطة الجروح وبعد قليل دخلت بنوفيل وقالت : آسر فاق

نظرت لها ليان وأخبرت سيلين وعزيز ثم قالت : خليكي مع عزيز يا سيلين

ذهبت ليان إلى غرفة آسر وعندما دخلت وجدته ينظر إلى روما في ذعر فقالت ليان : متخافش هاخدها معايا وهحاول أخرج الشبح اللي جواها

آسر في إعياء : تاخديها ليه؟!.... طيب وأنا.... مش هقدر اسيبها لوحدها في الحالة ديه

ليان : إنت محتاج علاج.... أنا مش هطول عليك هلاقي حل وارجعها تاني

آسر : هو إيه اللي حصل؟.... أنا كنت مديها السلسلة

قصت له ليان ما حدث فنظر إلى روما في حزن وقال : يعني ضحت بنفسها عشاني.... طيب لسه ملقيتيش حل؟!

نظرت ليان إلى روما وقالت : بنوفيل.... خدي روما على الكهف وأنا هاجي وراكي

ذهبت بنوفيل وأخذت روما معها ثم قالت ليان : لقيت.... بس صعب يتنفذ

آسر : ليه؟!

ليان : عايزة شبح قوي.... يروح لمكان مالوس وأنا أوصله عن طريقه

آسر : طيب مش لاقية شبح قوي؟

ليان : مالوس جامع الأشباح كلهم حواليه.... مش لاقية حد هنا خالص

آسر : هو إيه الشبح القوي ده؟

ليان : شبح واحد في غيبوبة مثلًا

آسر : اه.... طيب وبعدين

ليان : معرفش.... بس حاليًا هشوف حل في موضوع روما الأول

آسر : طيب حاولي بس بسرعة عشان مش مستحمل أشوفها كده

ليان : حاضر.... مش هطول عليك

ذهبت ليان إلى الكهف ونظرت إلى روما ثم قالت : بنوفيل.... دوري معايا على حل للموضوع ده

بنوفيل : تعالي نشوف الأسلحة تاني

جلسا معًا يبحثا بداخل الكتاب حتى وجدت بنوفيل سلاح فقالت : فيه قوس الطهارة.... ده بيرجع للشبح ذكرياته الطيبة فا الضغينة بتقل وتختفي

ليان : وبعدين؟

بنوفيل : أول ما الضغينة تختفي الشبح بيختفي معاها وساعتها الضغينة مش هتخرج منه ولا هيستفيد منها مالوس

ليان : حلو ده جدًا.... قوليلي الطريقة ونعمله

بنوفيل : هعملك أنا قوس من أي خشب برا وإنتي ترمي عليه التعويذة بالسيف بتاعك فا هيتحول

ليان : روحي هاتي قوس بسرعة

ذهبت بنوفيل وعادت بعد قليل وبيدها خشبة مقوسة ووضعتها أمام ليان فقامت بقراءة التعويذة ثم رفعت السيف وألقت التعويذة على القوس فتحول إلى قوس من زجاج وتكون السهم بجواره ورأسه بها ضوء بسيط.... فنظرت لها بنوفيل وقالت : جربيه بس لازم يتضرب في النقطة الحمرا اللى موجودة في صدره

ليان : أضربه وهو جوا روما ولا هتخرجيه

بنوفيل : هخرجه بس أول ما يخرج تضربيه فورًا وشغلي تعويذة الإظهار

قامت ليان بتفعيل التعويذة ورفعت الرمح وصوبته نحو روما ثم قامت بنوفيل بدفع شادي بالخارج وصوبت ليان عليه على الفور واخترق السهم النقطة التي بمنتصف صدره فنظر شادي إلي السهم ثم فتح عينيه ليتذكر والدته التي توفت وهو صغير.... رآها أمام عينيه فاقترب منها ونظر إلى وجهها المبتسم ورفعت ذراعيها بجوارها وكأنها تدعوه ليحتضنها فركض إليها وارتمى بين أحضانها ثم رتبت على ظهره وقالت : حقك عليا عشان سيبتك ومشيت وإنت صغير.... خلاص مرات أبوك مش هتقدر تأذيك تاني..... محدش هيقدر يأذيك تاني.... تعالى معايا

ابتعد عنها شادي ونظر إليها في سعادة ثم التفت إلى ليان وابتسم لها وتلاشت النقطة الحمراء التي بصدره واختفى

ابتسمت ليان إليه وشعرت بالسعادة لرحيله بهذه الطريقة ثم ارتمت بين أحضان ليان وقالت : نجحنا يا بنوفيل

شعر مالوس باختفاء شادي بهذه الطريقة فوقف في غضب وهناك جحيم في عينيه ينذر بما هو قادم


الفصل الثاني عشر من هنا


تعليقات