![]() |
رواية الشبح العاشق الجزء الثاني الفصل الثاني عشر بقلم رباب حسين
في عتمة الليل.... حين تتشابك الخيوط السوداء مع أنفاس الريح.... جلس الساحر متباهيًا بقوته.... يظن أن العالم بين يديه وأن كل من حوله خاضع لإشارته.... صنع من الكلمات تعاويذ وأسلحة الشر بين يديه.... ومن الأشباح خدم لمصلحته وظن أن الخادم الذي يمتلكه لن يستطيع أن يتمرد على طاعته وسيظل ظلاً له لا ينطق إلا بأمره..... لكن السحر يا سيده ليس عبداً... هو نارٌ تتغذى على الطمع فإذا شبعت انقلبت على صاحبها..... وحين امتلأ قلب الخادم بما كتم من غضبٍ وخوفٍ وذل تحول إلى ذئب يتربص لا تابعٍ يركع.... اقترب من سيده كعادته بابتسامة مطمئنة ثم طعن خنجر الغدر في خاصرته تاركاً دماءه تمتزج بالحبر الأسود الذي خط به تعاويذه..... أدرك الساحر وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة أن أقوى لعنة لم ينسجها من الأشباح بل من قلب خادمٍ صبورٍ يعرف أن الانتقام لا يحتاج لتعويذة.... بل للحظة صمتٍ تنكسر فيها السلاسل..... وهكذا انقلب السحر على الساحر وانطفأت الشعلة التي كان يظنها أبدية بيدٍ كان يظنها وفية..... فهل سيطعن الخادم سيده بسيف الغدر وينهي هذا الصراع؟ أم أن قوى الشر لا يمكن أن تختفي طالما هناك نفوس ضعيفة تغذيه؟
صرخة غضب كادت أن تحرق هذا الجبل.... وقف مالوس ينظر أمامه بنظرةٍ تشعل نار الحرب بين يديه.... صناعة قوس الطهارة كان بمثابة طعنةٍ له.... فقدان شادي وفشل خطته جعلته يعيد حساباته مرة أخرى... وصل صوته لميناس الذي يقف أمام وئام.... كان وئام في عالم أخر.... تائه.... لا يعرف حتى من هو.... كل ما يراه أشباح ولكن هناك وجه امرأة لم تختفي من أمامه.... نسجها عقله ليراها تبتسم له من بعيد وتشير إليه كي يقترب منها.... نعم هي ليان.... كون هذا الرابط بينهما صورتها وكأن عقله يأبى أن ينساها.... فمن الممكن أن يتخلى عن كل ذكرياته إلا هي.... يرى أمامه ميناس الذي يظهر على وجهه الغضب والحقد واقترب منه وقال : هي فضلتك إنت عليا ليه؟!.... نفسي أعرف ليه؟
نظر له وئام في تيه ولم يتحدث وكأنه في عالم أخر..... سمع ميناس صوت مالوس الغاضب فنظر خلفه وذهب له على الفور ووقف أمامه فقال مالوس : ليان بقت خطر.... كل شوية خطرها بيزيد أكتر
ميناس : مش بعت شادي عشان يقتلها وينفذ خطتك اللي بتعملها من ورايا عشان تديله قوتي ويبقى هو الخادم بتاعك.... مقتلهاش ليه زي ما أنت عايز؟!
زفر مالوس وقال : كنت عايز أخلصك من ضعفك قدامها.... كنت عايزك قوي محدش يأثر عليك.... بس ليان قتلته ونهت ضغينته على الأخر
اقترب ميناس منه ونظر له في غضب وقال : إنت عارف إني بقيت شبح عشانها.... عارف إني من الأساس شبح عاشق متعلق بيها وبحبه ليها ولولا ضغينة جنة مكنتش هتحول للشكل ده.... لما خرجت ولقيت ليان هي اللي قتلتني الضغينة كبرت جوايا.... حسيتب بالغدر اللي حولني لشبح شر وإنت استغليت ده.... لما طلبتني وجيتلك ثبت الفكرة في دماغي.... خلتني انتقم منها عشان فضلت وئام عليا وفي الأخر عرفت الحقيقة.... عرفتها لما رفضت تقتل صادق قدام عيني.... رفضت تقتل حد أو تكون السبب في موته..... عرفت ساعتها إن كان معايا حق.... ليان اللي حبيتها لا يمكن تقتل بس كان خلاص فات الوقت.... وجاي دلوقتي بعد ما بقيت الخادم بتاعك ورهن إشارتك عايز تاخد مني قوتي.... عايز تخلي شادي هو ميناس؟!.... وإنت شفت النتيجة.... شادي راح صح؟.... مبقاش عندك غيري أنا.... بس للأسف الخادم ممكن يتقلب على سيده بسهولة.... عشان إنت نسيت أهم حاجة
ابتعد عنه ميناس وطاف بالهواء أمامه ورفع سيفه مشعلًا نارًا من حوله قائلًا في غضب : إنك من غير السلاح ده أضعف مني
نظر إليه مالوس في صدمة وقال : عايز تتقلب عليا.... أنا ممكن ألعنك وأخليك تتمنى الخلاص من إيدي
ميناس : إنت اللي بدأت بالغدر ونسيت إن السلاح في إيدي أنا..... لو فكرت تأذي ليان تاني ساعتها استعد لغدري ليك
اختفى ميناس من أمامه وهو ينظر إلى آثره في صدمة ممزوجة بالغضب وقد أشعره هذا التهديد بالغضب أكثر ولم يأبه به فاستدعى أحد الأشباح ووضع عليه تعويذةٍ وطلب منه أن يؤدي له أحد المهام..... وعلى النقيض كانت السعادة تحيط بليان وبنوفيل بعد أن عادت روما إلى طبيعتها واقتربت من ليان في تعجب وقالت : أنا بعمل إيه هنا.... أنا فين؟!.... وفين آسر جراله إيه؟!
ليان : متقلقيش يا حبيبتي.... إنتي أنقذتي آسر بالسلسلة بتاعتك والشبح دخل جواكي إنتي
روما : أنا؟!.... طيب أذيت حد؟!
ليان : لا متخافيش.... وعندي ليكي خبر حلو.... آسر فاق ومستنيكي
روما في سعادة : فاق خلاص.... طيب وديني ليه؟.... هو إحنا فين أصلًا؟
ليان : ده الكهف بتاعنا.... هوديكي ليه متقلقيش بس لازم أعملك سلسلة إنتي كمان عشان محدش يأذيكي
روما : وديني عند آسر الأول وبعدين إعملي السلسلة زي ما أنتي عايزة.... عايزة أشوفه يا ليان قلقانة عليه
ليان : طيب هاخدك هناك وهرجع أعمل السلسلة وأجيلك.... بنوفيل استني هنا هرجع على طول
أمسكت ليان يد روما وأمسكت السيف وعادت إلى غرفة آسر الذي نظر لهما في صدمة وقال : روما!
اقتربت منه والدموع تتجمع داخل عينيها وقالت : أخيرًا رجعت يا آسر.... كنت هموت من الخوف عليك
آسر :بعد الشر عليكي يا حبيبتي.... إنتي كويسة دلوقتي؟
روما : أنا كويسة متخافش
نظرت لهما ليان وهي تبتسم في حزن فقد تذكرت وئام وهربت دمعة من عينيها حزنًا على فراقه ثم قالت : هروح أعمل السلسلة وأجي يا روما.... بلغو حد من اللي شغالين في المستشفى يصلح الشباك ده... ذهبت ليان وطلبت روما من عامل الإستقبال أن يرسل أحد ليصلح النافذة المكسورة.... ذهب العامل على الفور ودخل الغرفة ليصلح النافذة..... كانت روما تتحدث مع آسر وفجأة التفت العامل إليهما في غضب وبدأ يقترب من روما.... لاحظ آسر نظراته المريبة واقترابه منها فأمسك يدها ليجذبها له كي يبعدها عن طريقه ولكن أمسكها العامل بقوة ودفعها نحو الحائط فنهض آسر وهو مصدوم من فعله واقترب منه يحاول أن يبعده ولكن يده لم تصل إليه وكأن هناك حاجز يفصله عنه فعلم أن بداخله أحد الأشباح.... صاح آسر بقوة حتى وصل صوته إلى غرفة عزيز ونظرت سيلين إلى مصدر الصوت وقالت في تعجب : مين بيصرخ كده؟!
نهض عزيز في ضعف وقال : هشوف فيه إيه
سيلين : إنت ضهرك مجروح لو اتحركت هتنزف
عزيز : متقلقيش مش هعمل حاجة بس هشوف لو حد محتاج مساعدة
خرج عزيز من الغرفة وسيلين تساعده وسمعا الصراخ من غرفة آسر فنظر لها في صدمة وقال : ده من أوضة آسر
ركضت سيلين إلى الغرفة وفتحت الباب ووجدت آسر يحاول أن يمسك بهذا العامل الذي يطبق بكلتا يديه على رقبة روما فأمسكت سيلين الكرسي وركضت لتضربه به وقامت بالفعل بضربه بالكرسي فنظر لها في غضب فأخذت ترجع إلى الخلف وترك العامل روما وتوجه إلى سيلين ودخل عزيز ولاحظ اقتراب العامل من سيلين فركض بعنف ليبتعد العامل عن طريقه فيفقد عزيز السيطرة على سرعته ليسقط من النافذة....صرخو جميعًا بقوة واجتمع العاملين حوله بالأسفل وأمسكت روما بهاتفها ويدها ترتعش واتصلت بليان تخبرها بأن تحضر على الفور.... ظهرت ليان أمامهم فورًا ووجدت العامل يقترب من سيلين وهي تحاول أن تدافع عن نفسها فصرخت ليان : بنوفيل
قامت بنوفيل بأخراج الشبح من جسد العامل وقامت ليان بتصويب السهم عليه فاختفى الشبح على الفور بعد أن نظر إلى ليان بامتنان ثم قالت سيلين في فزع : عزيز وقع من الشباك
ركضت ليان لتنظر من النافذة وقالت : بسرعة إنزلو
ركضو جميعًا إلى أسفل وطلبت ليان سرير متحرك ليقومو بنقل عزيز الذي نزف من رأسه بشدة وقال آسر : خدوه على العمليات بسرعة
أخذو عزيز إلى غرفة العمليات وساعدت روما في إجراء الجراحة وفي منتصف العملية دخلت ليان ووقفت لتتابع ما يحدث وفي أثناء العملية قال آسر : المخ فيه ارتجاج شديد.... أنا خيطت الجرح بس ممكن يدخل في غيبوبة مؤقتة
نظرت له ليان فأماء لها بنعم فابتعدت ليان قليلًا ووضعت السيف بالأرض لتضع درع ليحيط بعزيز حتى تمنع شبحه من الإنتقال إلى مالوس.... وبعد وقت خرج شبح عزيز ورآه آسر وروما ونظرت له ليان لينظر إليها وإلى جسده ثم انتهت الجراحة وقامت الممرضات بإخراج عزيز ليضعوه في العناية المركزة وأنتظر آسر وروما وليان بالغرفة ونظر شبح عزيز إليهم ثم قال : هو أنا مت؟
ليان : لا.... إنت شبح عشان جسمك دخل في غيبوبة مؤقتة
عزيز : طيب أنا مين؟
ليان : عزيز.... ضابط شرطة وكنا شغالين سوا على قضية كبيرة.... بص أنا محتاجاك في مهمة عشان نخلص القضية ديه..... كل اللي عايزاه منك إني لما أشيل الدرع من حوليك هتتنقل من هنا لمكان تاني وأنا هروح وراك بس لما تروح هناك حاول تبعد عن أي حد في المكان غيري..... خليك جنبي وأنا هرجعك تاني لهنا
عزيز : مش فاهم حاجة
ليان : عزيز.... خليك جنبي الموضوع مش هياخد خمس دقايق بس خليك جنبي
عزيز : حاضر
روما : هتعملي إيه؟!
ليان : هجيب وئام وارجع بسرعة
بنوفيل : بس لو خدتي وئام مش عارفين مالوس هيعمل إيه
ليان : مش فارق معايا هيعمل إيه..... أنا هستخدم نصل النور عشان أقضي على اللعنة
بنوفيل : مش عارفين نستخدمه إزاي عشان نقضي على اللعنة مرة واحدة
صمتت ليان قليلًا تفكر ثم قالت : إنتي قولتي قبل كده إنك لقيتي طريقة
بنوفيل : هي كانت مجرد فكرة بس معرفش هتنفع ولا لا
ليان : قوليها
بنوفيل : ممكن نوزع قوة نصل النور على الناس كلها مرة واحدة
ليان : فكرة.... ممكن فعلًا ننشر النور بس إزاي؟
بنوفيل : ما هو ده اللي معرفتش أوصله
روما : ممكن نستخدم مكان عالي ونضرب فيه النصل بس برده هننشر نوره إزاي
ليان : مكان عالي زي البرج مثلًا؟
بنوفيل : لا الهرم.... الهرم ليه قوة ومتصل بالنجوم مكان زي ده هيساعد على نشر النور
ليان : صح
آسر : ماشي وممكن ميقدرش ينشر النور كله
رفعت ليان السيف في يدها وابتسمت ثم قالت : السيف..... هستخدم السيف مع النصل واضربهم في قمة الهرم
عزيز : أنا مش فاهم حاجة
روما : إنت خليك جنب ليان مش عايزين منك حاجة تانية يا حضرة الظابط عشان ترجع بالسلامة
ليان : صح ودلوقتي هتستعد معايا عشان نمشي ومتقلقش هرجعك تاني في أسرع وقت
أماء لها عزيز بنعم واستجمعت ليان قوتها ليضئ جسدها بنور قوي تحت نظرات عزيز المتعجبة ثم قالت : بنوفيل متجيش معايا.... لو احتاجتك هقولك
أماءت لها بنوفيل وأغمضت ليان عينيها وتنفست بعمق ثم رفعت سيفها لتضربه بالأرض بقوة
