رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل المائة والسابع والعشرون 127 بقلم اسماء حميدة


 رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل المائة والسابع والعشرون 

ثبت أحمد بصره على كولن وتحولت عيناه إلى شرارتين تلمعان في ليل غاضب وذلك قبل أن يمد يده فجأة ويدفع كولن جانبا بقوة همجية يبعده عنها ثم وجه له ركلة جعلت جسده ينتفض بشدة رغم كونه فاقد للوعي وإذا به يصرخ بأمر قاطع وجاء صوته أشبه بطلقة رصاص
اسحبوا هذا الوغد من هنا.
لم ينتظر برنت ثانية واحدة إذ أدرك أن الغضب الذي يتفجر من عيني سيده لن يرحم أحد لذا أمسك بكولن المسلوب القوى وسحبه خارج الغرفة ثم أغلق الباب خلفه ببطء وكأن الإغلاق كان طقسا يعلن بداية ظلام دامس.
تقدم أحمد ببطء خطوة بعد أخرى كوحش يحكم طوقه حول فريسته ومع كل خطوة بدا وكأن الهواء يبرد من حولها بل وكأن الغرفة تتنفس خوفا.
انحنى يميل نحوها حتى صارت ملامحه على مسافة أنفاس من وجه سارة.... عيناه تتأرجحان بين الغضب والجموح وأسنانه مشدودة كمن يحاول كبح انفجار داخلي.
مد أصابعه إلى وجهها بطريقة هيستيرية لم تكن لمسة بل كانت أقرب إلى اختبار جنوني كمن يوشك على التحول وبصوت خال من أي حرارة قال
هل تعلمين ما الذي أكرهه أكثر من أي شيء في هذا العالم
رفعت سارة رأسها نحوه عينيها ثابتتين لكنها تحملان عاصفة مكبوتة وردت بهدوؤ غامض
الخيانة... والتخطيط خلف ظهرك.
قبض على ذقنها فجأة لشيء يحاول الفرار منه ثم همس بحدة وصوته حاد يقطع الهواء
قلت لك من قبل... لا تختبريني يا سارة.
كانت الكلمات

كصفعة لكن سارة ابتلعتها بصمت. أرادت أن تصرخ بالحقيقة التي اكتشفتها أن تقول له إن هناك خيطا خفيا يلتف حول حياتهما وأن تقريرها الطبي قد تم التلاعب به وما حدث من كولن لم يكن سوى خدعة كانت هي المقصودة بها... لكن ماذا ستجني
الأدلة التي بحوزتها لم تكن سوى ظلال مجرد إشارات لا شواهد تثبت الجريمة وفي النهاية سيصفها بالكاذبة وسيحول شكوكه إلى سلاح ضدها فاختارت أن تصمت أن تحتفظ بالحقيقة لليوم الذي تسقط فيه الأقنعة جميعها لتذله حين يكون انكساره أكبر.
أما أحمد فقد بدا أنه لا يبحث عن تبريرات كان محاصرا داخل غضبه لا يرى إلا صورتها أمامه كمرآة تعكس خيانة ظاهرة.
وفي عقلها أخذت سارة ترتب المشهد من جديد في البداية ظنت أن مارينا هي اليد التي تحرك الخيوط فالغيرة وحدها تكفي لتفسير تلك الشرور لكنها تذكرت ما حدث في خليج كولينغتون حين أجبرتها مارينا على الركوع وحاولت تشويهها كل ما فعلته لم يتجاوز مستوى امرأة مسعورة شرها صاخب لكنه محدود.
العقل الذي دبر كل شيء لم يكن مارينا كان أذكى أبرد وأكثر صبرا فمارينا لم تعرف حتى بمرضها ولو كانت تعرف لكانت تمهلت في بجميع الأحوال ستفارق دنيا أحمد عاجلا وليس آجلا.
وبتلك الفطنة التي ولدت من الألم أزاحت سارة مارينا من قائمة المذنبين الحقيقيين هناك شخص آخر شخص يحترف الاختباء خلف الفوضى.
استدارت سارة ببطء تخلع عنها جلد
الخوف ثم رفعت راحتها ووضعتها على عرق عنق أحمد النابض في حركة باغتت حتى أنفاسه التي حبست فجأة استجابة لفعلتها.
كانت لمستها واثقة دافئة على غير عادتها . فارتجف أحمد داخليا من غرابة الموقف وارتسمت على وجهه ملامح حيرة لم يفلح في إخفائها.
كم مضى منذ أن رآها تبتسم هكذا
كانت ابتسامتها نقية تشبه زهرة اغتسلت تحت المطر بعد عاصفة تطهرت من الطين والغل وأصبحت أنصع مما كانت لحظة كهذه كانت كفيلة بأن تعيده إلى نقطة البداية ليق بأنه وقع لها مرة أخرى بل أن قلبه ملك لها وحدها.
همست بصوت تسلل إلى عروقه كالنار
لماذا لا تستبدل الآثار التي تركها علي... بآثارك أنت
وقع كلماتها أذاب شيئا متصلبا في صدره وأشعل شيئا آخر لم يعرف كيف يسيطر عليه.
وفي زاوية أخرى من السفينة كانت كاليستا تهمس لمارينا كمن يزف إليها بشرى نصر
انتهى الأمر يا مارينا!
أزاحت مارينا مجموعة النساء اللواتي كن يتملقنها كما لو كانت ملكة وسحبت كاليستا إلى زاوية مظلمة من القاعة.  همست بعينين متقدتين
هل أنت متأكدة
ابتسمت كاليستا ابتسامة من يعرف أنه يحمل مفتاح الخراب
رأيته يشرب العصير بعيني ورأيت سارة تدخل الغرفة. بقيت هناك طويلا بما يكفي... لننتظر دقائق فقط وستنقلب حياتها
رأسا على عقب.
تنهدت مارينا كمن تتذوق طعم انتصارها قبل أن يتحقق وربتت على كتفها
أحسنت كاليستا.
لكن الأخيرة لم تكن
قد انتهت بعد إذ همست بنبرة أكثر خبثا
لدي اقتراح آخر.
أشارت مارينا بيدها أن تواصل
إذا أردنا تدميرها تماما فعلينا أن نقطع الطريق على أي فرصة لعودتها. ما الفائدة من فضيحة تنسى يجب أن نضمن أن هذه المرة... ستكون الأخيرة.
انعكست لمعة موافقة في عيني مارينا التي تسائلت متلهفة
استمري.
أخذت كاليستا تشرح بخبث خالص
جميع ركاب السفينة الليلة من الأثرياء وأصحاب النفوذ. من الطبيعي أن لكل واحد منهم أسراره ولن يهتموا طويلا بما يحدث لغيرهم. سيتحدثون عن الفضيحة أياما ثم ينسونها... لكن لو بثثنا كل شيء مباشرة لو جعلنا العالم بأسره يرى سارة وهي تسقط لدي أصدقاء مشهورون في البث المباشر يمكنهم إشعال الأمر على وسائل التواصل الاجتماعي. تخيلي العنوان فضيحة وريثة ثرية على متن سفينة سياحية. سيغرق الخبر كل بلد لن يترك أحدا إلا وصله.
تأملت مارينا الفكرة ورأت فيها وحشا أكبر من أحلامها فلمعت عيناها وهي تقول
فكرة عبقرية. كنت أعلم أنني لم أخطئ في اختيارك.
ضحكت كاليستا بمكر ثم قالت
سأتصل بأصدقائي فورا. أما أنت... فاجمعي النساء الفضوليات لن يكون هناك شيء أمتع من أن نشاهدها جميعا وهي تسحق علنا.
هذ ليس مجرد انتقام إنه إعادة كتابة للتاريخ.
اقتربت مارينا بخطوات ثابتة من كلوي التي كانت محاطة بجوقة من المعجبين تلمع كالذهب وسط القاعة وما إن رأت مارينا تقترب حتى لوحت
لها بابتسامة براقة كمن يرحب بحليفة جديدة
مارينا!


تعليقات