رواية القلب الملعون الفصل الثاني عشر
ارجع رأسه للخلف ينظر إلى السقيفة، قائلاً بجمود:" قتلتهم."
شهقة مدهولة بذعر خرجت منها اتسعت عيناها حتى كادتا تبتلها وجهها.
لكن تجمد جسدها لم يساعدها في الابتعاد عنه...
وأكمل هو كان الأمر لا يعنيه : " قتلوا قبل أن يروا نور الحياة... حين كنت أعلم يحمل إحداهن منى كنت أقتلها على الفور.
وان هربت أطاردها لأغرقها بالبحر...
إن كانت واقفة لسقطت من فورها شحب وجهها بشدة حتى حاكى الأموات مع بياض شفتيها دوار شدید اجتاحها حتى أن عينيها قد رمشتا وتشوهت الرؤية تكاد تغيب عن الوعي.....
لكنه عاد يرفع رأسه ينظر إليها. يمد يده يمسك يدفنها هامتا برقة. كانه شخص آخر غير من كان يتحدث " لكن ذلك تغير الآن... أنا متشوق لرؤية أطفالي منك... أريد العديد والعديد من الأطفال "
تصرفاته مريبة ومخيفة، لكنه الفولاذي تعرف أن قسوته لم يسبق لها مثيل. سمعت عنه وعن جنونه، لكنها لم ترى منه أي قسوة من قبل حتى حين كان هناك بالقرية كان دوما يعاملها يمرح ولطف, تكاد لا تصدق ما يقال عنه تشعر بالجنون...
لكن تمييزها هي وأطفالها الذين يتمناهم منها جعلها تشعر بالغضب. وعقدة قديمة تشعل ما بداخلها من جنون...
اکنسى وجهها الجمود وتسائلت بجدية : " وما الفارق بيني وبينهن !. "
التوت زاويتي شفتيه بابتسامة دافئة بطوق خصرها بيده بقربها إليه أكثر... أصابع يده الأخرى تداعب وجنتها برقة قائلاً بافتتان : " أنت تختلفين عن الجميع... قلبي قد وسم بحبك أريد أن أربطك بي بأي طريقة. أريد أن أشعر انني جزءا منك ولن تفارقيني للأبد."
أطرقت برأسها بعيدا عن سحر عينيه تسند جبينها إلى صدره حين يتحدث عن الفراق, خوفه من تركها له. بیدو ضائعا كطفل صغير يحتاج إلى والدته لتحتويه...
همس يقبل رأسها بشغف" أحبك بل أعشقك بانارية." زمت شفتيها بقوة, تهتف بغضب: " لا أحب هذا الإسم ...
ضحك بتسلية, قائلاً بتسلط " عليك الاعتياد عليه .
زفرت بقوة تم همست: " أتعلم أن والدي كانا مشعوذين." همهم بخفوت:" أعلم."
هذه المرة ابتسامة مديرة اعتلت تغرها، تقول بقهر: " لكنهما تخليا عني... تركاني حين عرفا أنني ساحرة نارية . "
شعرت بتصلب جسده, وتحفزه أبعدها عنه حتى استوت نائمة على الفراش. يتساءل بعينين قائمتين بشراسة مخيفة" هل لازالا على قيد الحياة وتركاك؟."
أسبلت جفنيها، قائلة بصوت باهت " لا يهم حتى وإن كانا لا زالا على قيد الحياة, لا أهتم الأمر هما ...
كور قبضتيه بقوة يعتصرهما حتى ابيضت مفاصل أصابعه يشعر بالجنون يكاد يذهب البحرق قريتها بمن فيها باحثا عن والديها ليذيقهما العذاب...
رهشت بعينيها ليتسم بتصنع، وقد وضعت قناع الجمود واللامبالاة. تحجب ما بداخلها، قائلة بوقاحة: هيا يا فولادي أريد أول أطفالي والآن."
نظر إلى وجهها يشعر بالجنون أكثر تغلق على نفسها لتبعده عنها. لكنه حاول مجاراتها، يغمز بعيث. قائلا بطاعة وقحة " كما تشائين يا نارية .. طلباتك مجابة. "
متوسدة صدره تستمع إلى حلقات قلبه المنتظمة تشعرها ببعض الراحة.
يده تتخلل شعرها يلف خصلاته حول أصبعه، يلف الخصلة مرارا وتكرارا.
ثم يتركها، ويمسك بالأخرى ليفعل بها كما فعل بالأولى...
تنهدت يتناقل تشرد بعينيها بحزن عميق.
تتذكر حين بلغت السابعة من عمرها واستخدمت لأول مرة قوتها السحرية ببراءة.
وهي تركض خلف أرتب بري أبيض اللون...
ظلت تركض وتركض خلفه وحين تعبت وملت من المطاردة، وقفت بمكانها متخصرة. هاتفة بأمر تشير بإصبعها بعفوية :" لقد تعبت أيها الأرنب... تعال إلى هذا في الحال."
للغرابة وجدت الأرنب يطير بالهواء، ويصل إليها بين يديها...
ذهول إعتراها، ثم ضحكة طفولية انطلقت منها، تحتضن الأرنب
وتركض لوالدتها هاتفة بسعادة بما فعلته ...
دلفت للمنزل وتركت الأرنب أرضا....
التفتت إليها والدتها برأسها قائلة باستحسان ميريديت لقد أمسكت بالأرتب أخيرا... احسنت
ضحكت تصفق بيدها بجدل، وهتفت لاهنة بحماس " أمي.. لقد أمسكت به حين أمرته بذلك ....
ضحكت والدتها بعدم اهتمام .. وعادت للقدر النحاسي المعلق فوق النار. عادت الصغيرة للعب مع أرتبها.. تحبو على يديها وركبتيها خلفه بسعادة بالغة.
حين سمعت صوت والدتها: " ميريديت احضري لي بعض الحطب... ستنطفئ النار"
تعاملت الصغيرة بضيق، ثم ابتسمت ولمعت عيناها.
وقفت مكانها تنظر للأخشاب المتراصة بزاوية بالمنزل.
وبحركة من يدها حركت الواحدة تلو الأخرى.
بفرحة جلية، هاتفة : " ها هو الحطب أمي ."
التفتت والدتها إليها ترمقها بطرف عينها وفقرت شفتيها لتتحدث.
لكن تجمدت الكلمات وهي ترى قطع الخشب تتحرك بالمكان
تحركهم الصغيرة بحركة من إصبعها...
اتسعت عيناها بهلع وتركت تلك المعلقة الخشبية تسقط من يدها بلاوعي ...
لا يمكن أن يحدث ذلك صغيرتها مشعوذة.. لا بل ساحرة ونارية
فتلك الهالة النارية التي تحيط بها توحي بذلك...
صرخة مدوية خرجت منها أفزعت الصغيرة، وجعلتها تنتفض بهلع وتتساقط الأخشاب على الأرضية مصدرة صوت عال مزعج ...
میریدیت توقفي فوزا...
نظرت إليها الصغيرة بعينين متسعتين بخوف بين ترتجف بشدة وقد دمعت عيناها ...
لم تبالي الأم بخوف الصغيرة، اتجهت إليها, تنحني إليها بعينين مرتعبتين. قائلة بذعر" كيف.. كيف فعلت ذلك؟"
ابتلعت الصغيرة ريقها بصعوبة. وقالت بتعليم " فقط.. فقط أشرت باصبعي."
رفعت يدها لتربها ما تفعله، لكن أسرعت والدتها بإمساك بدها تضمها بكفة يدها بقوة. تكاد تعتصر أصابعها الصغيرة الهشة.
هاتفة بغضب :" إياك أن تفعلى ذلك مجددا.. أفهمت .."
نظرت إليها الصغيرة بعينين واسعتين هلعتين فاكنسي وجه الأم بالقسوة.
هاتفة بلهجة أمرة قوية: " أفهمت ما قلته ... إياك أن تفعليها ابدا...
والآن اذهبي لذلك الركن هناك واجلسي: حتى يعود والدك..."
أسبلت جفنيها بأسى، تهمس بحزن:" أرنبي."
لكن عادت والدتها تصرخ بجنون " قلت اذهبي للركن واتركي الأرنب اللعين وشأنه."
ودفعتها بقسوة إلى الركن الفارغ بالمنزل...
جلست میریدیت بصمت منكمشة على نفسها تحتضن الأرنب, الذي مر بجانبها وأمسكت به بخوف كأنها تستمد منه الأمان...
بينما جلست والدتها بعيدا عنها تراقبها بعينين حادثين لا تحيد عنها ولو للحظة...
حتى عاد الأب مع غروب الشمس يحمل بعض الأغراض، وحين دلف إلى المنزل.
هتف بصوت متعب: مرحبا عزيزتي. "
تلفت حوله باحثا عن الصغيرة التي ما إن يصل تركض قافزة حوله بسعادة.
فوجدها منزوية، فابتسم بحنان، وقال: " میربديت "
حين قال والدها اسمها تحركت التذهب إليه: لكن صوت والدتها الحاد إياك أن تتحركي من مكانك ..
عادت الصغيرة تنكمش على نفسها, دموعها تنهمر بشهقات متقطعة.
فنظر إليها زوجها بعتاب صامت لكنها جذبته من ذراعه بقوة.
هامسة برعب : " أنها نارية "
عقد حاجبيه بعدم استيعاب، وردد مستفهما : " نارية ... من 5.."
رمقت الصغيرة بطرف عينها، وعادت تهمس بارتباع " ميريديث إنها ساحرة نارية، لقد اكتشفت ذلك اليوم."
اتسعت عيناه يذهول وفقر شفتيه غير مصدق صغيرته نارية لا يمكن... هز رأسه نافيا، يهتف يغضب" لا يمكن... أنت مخطئة حيفا. "
هزت رأسها بمرارة، وقالت بصوت باهت: " بل هي كذلك.. انظر"
التفتت إليها, تهتف أمرة" ميريديت حركي الأخشاب إتجاه النيران."
نظرت اليها الصغيرة برهبة، وقالت يخفوت :" أنت امرتني ألا أفعل أبدا."
أخذت الأم نفسا عميقا وزفرته بقوة، تقول بجدية : " فقط نفذي الأمر الآن."
بخوف رفعت الصغيرة يدها وحركت الأخشاب بإصبعها، وقد أحاط جسدها هالة متوهجة جعلت والدها يشهق بهلع، صارخا " يكفي ."
نظر لزوجته بعجز وحزن، وتحرك بخطوات متهالكة
يجلس على الفراش واضفا وجهه بین كلیه
فتساءلت زوجته : " ماذا ستفعل ؟ "
رفع وجهه اليها قائلاً يصوت باهت ما علينا فعله .. إنها نارية ... ان تخرج من المنزل ستحكم القبيلة عليها، وستنفذ الحكم...
وكان الحكم أن تعامل كمنبوذة لا يقربها أحدهم. تبقى بالمنزل لا تخرج محرم عليها استخدام قوتها ...
حين تراها إحدى الأمهات تقترب من أطفالها محاولة اللعب تسرع بإبعاد أولادها معنفة إياها بقسوة، منبهة على أطفالها بعدم الاقتراب منها، وإلا سيصابون باللعنة ...
حتى بلغت التاسعة ولم يستطع والداها التحمل أكثر تركاها بذلك الكوخ الجبلي أعلى التلة. لا ترى أحد سوى من يوصل إليها الطعام ويراقبها ...
وبعد ذلك استطاعت الإعتماد على نفسها, والتمرد ولو قليلا.
حين تراها إحدى الأمهات تقترب من أطفالها محاولة اللعب تسرع بإبعاد أولادها معنفة إياها بقسوة، منبهة على أطفالها بعدم الاقتراب منها، وإلا سيصابون باللعنة ...
حتى بلغت التاسعة ولم يستطع والداها التحمل أكثر, تركاها بذلك الكوخ الجيلي أعلى التلة.
لا ترى أحد سوى من يوصل إليها الطعام ويراقبها ...
وبعد ذلك استطاعت الإعتماد على نفسها, والتمرد ولو قليلا.
لكن لا يقترب منها أحدهم فهي المنبوذة النارية, اللعنة التي قد تصيب القبيلة بالكوارت....
دمعة غادرة فرت من عينها حين تذكرت حياتها المقززة...
دفنت وجهها بصدره مغمضة عينيها تتناسى ما حدث مستمتعة بحياتها الجديدة التي ستعوضها عن حياة النبذة بل ستصبح سيدة بهابها الجميع ويحترموها رغما عنهم....
شعر بها وكأنها تعاني، فشدد من قبضته عليها بينها حنان وأمان غريبين عليه، وكأنه شخص آخر لا يعرفه...
تعادته كل فترة يرحل لم يعود إليها، لكن هذه المرة كان غاضبا بشدة. فيبدو أن حملته قد باءت بالفشل صوته كان يهز أركان القصر
ركضت من غرفتها الخاصة بالتجارب التجدد يدلف للقاعة.
حاملاً خودته بیده مشعت الشعر، قبل أن يلقيها. ملحقا بها سيفيه الضخمين ثم خلع درعه الفولاذي
يصرح بوحشية " احضروه...
نظرت خلفه لتجد رجلا مكبلاً دامي الوجه ممزق الملابس يجره رجلين من رجال الفولاذي يعتق..
قبل أن يقترب منه ليوناردو قائلاً بجسد متحفز بجنون " كيف استطعت ان تخونني ؟... بل كيف تجرؤ على التفكير ؟.. لقد كتبت نهايتك."
شكله الوحشي أخافها، فهتفت:" ليو. "
لكنه صرخ دون أن يلتفت إليها : " لا أريد سماع أي صوت."
عاد يحدث الرجل المكيل من بين أسنانه ما الذي جعلك تفعل ذلك؟...
هل خنتني لأجل الغنائم ... أنا أغرقكم بها ...
نكس الرجل رأس بأسي, فصرح ليوناردو بقوة " لماذا ؟ " همس الرجل بصوت متهالك " لأن ما تفعله لم يعد يحتمل.. تقتل دون رحمة...".
ضحكة ساخرة تدت عن ليوناردو يقول متهكما:" وهل أصبح ضميرك حي الآن ؟ "
هز الرجل رأسه بأسى يقول بعذاب " بل ما رأيته.. لقد مات أولادي وزوجتي بسبب ما فعلته...
هر ليوناردو رأسه يتنفس بغضب صدره يعلو ويهبط بصورة ملحوظة قائلاً بقدامة " حسنا.. لننهي معاناتك لتلحق بهم.....
ثم تحرك الخارج بخطوات سريعة, امراء" احضروه.."
ركضت خلفهم ترى ما سيفعله لتجده يقف أمام قفص من أقفاص الأسود. يأمر بفتحه فنظر الرجلان الرفيقهم المكيل بإشفاق...
الفولاذي اختار أشرس أسوده من يمزق فريسته بتلذذ قبل أن يقضي عليها ويلتهمها بدأني... أسرعت ميريديث تمسك بذراعه هاتفة بارتياء:" ماذا تفعل نيو ؟ . "
ابعد يدها عن ذراعه قبل أن يوقفها أمامه يسند ظهرها لصدره المضطرب. مطوقا خصرها بذراعيه القويين, يميل على أذنها قائلاً بقوة " انظري لنهاية ذلك الحقير."
حاول التعلم من قبضته تلتفت برأسها إليه تتساءل يخوف "لماذا ستفعل ذلك ؟.. هذه وحشية ليوناردو."
لم يهتز لحديثها، ينظر لعينيها، قائلاً بجمود مرعب: "لقد حاول قتلي ..
تجمدت أوصالها لا تستطيع أن تهيد بعينيها عنه، وهو يشير بجدية: "أنا لا أودي إلا من يؤذيني.. والخيانة عندي لا نقاش فيها."
ظلت تنظر إليه تستمع إلى صرخات الرجل داخل القفص مع زئير الأسد. تستمع إلى تمزق اللحم تحطيم العظام حتى خفت الصوت تدريجيًا، ثم ضاع...
تحرك بها ولازال يأسرها بين ذراعيه، يزيد من احتضانها له. يكاد يسحقها على جسده حتى وقفا أمام قفص آخر مديده للحارس الخاص به يأخذ منه المفتاح تركا أيها .. يفتح باب القفص
امزا:" ادخلي ."
ادخلي
نظرت إليه بعينين متسعتين بذهول، ليعود قائلة بقوة:" ادخلي القفص ."
رمقته بنظرة حادة وبرأس مرفوع تحركت للداخل ثم سمعت صوت الباب يغلق ...
بخطوات بطينة متأنية تحركت بخفة لتجد أمامها تلك الأشبال الصغيرة تتجول حولها. تقترب منها تمسح رأسها بساقها، تم تلك اللبوة التي نهضت تتحرك نحوها بخطوات هادئة كأنها تحوم حول فريستها ....
نظرت إلى عينيها مباشرة لا تحيد عنهما تقترب منها بحذر حتى تصبح أمامها مباشرة .... صوت الباب خلفها مع كلمة "اخرجي"
جعلها تتراجع بظهرها خطوات حدرة للخلف لكن دون أن تحيد بعينيها عن عيني اللبوة التي تتربصها كفريسة ... حتى دخلت وأغلق الباب سريعًا ...
فسمعت همسته المتسائلة: "هل خفت ..." التقيت تنظر إليه بصمت للحظات قبل أن تقول بثقة: "لا ."
ارتفع حاجبه بتعجب مستخف يقول بسخرية كانت ستفترسك إن رمشت لثانية.
نظراتها القوية اخترقته بقوة جعلته يضيق عيناه ينتظر رد فعلها. حتى أقوى رجاله يرتجف جسده حين يدلف الإطعامهم. وهي تبدو ثابتة لم تهتز شعرة من جسدها ....
أي قوة تمتلكها تلك الدراجات النارية ....
حين نظرته المتسائلة، ابتسمت بزهو، ذلك الفولاذي يظنها ستخاف من بعض الحيوانات المفترسة، وهي التي شبت بمفردها بعد هجر أهلها، لا يعلم أنها كانت تستمتع لصوت الضواري أمام منزلها. ولا تخاف بل تخرج إليهم لتواجههم حتى تعلمت كيف تتعايش معهم ....
توقف منه ترفع يدها العدد على أصابعها ما تعلمته : "أولا.. لا يجب أن تعطى الحيوان المفترس ظهرك، وإلا هاجمك ....
ثانيا.. عليك أن تنظر بعينيه بقوة، لا تحيد عنه حتى يعلم أنك لا تهابه وأنك تماثليه بالقوة ....
تالقا.. احتضانك بهذه القوة لم تكن لشيء سوى لتملى رائحتك جسديًا... وأنت سيدها لن تهاجمني إلا إذا أعطيتها أنت إشارة من الخارج لتفعل.
رابعا ... لم تكن تدخلتي فقص تعلم أن هناك من سيهاجمني فيه فور دخولي
وما إن استشعرت الخطر حتى أخرجتني."
ثم رفعت يدها باسط أصابعها لتشير للرقم خصة.
ويدها الأخرى تمررها على وجنته بنعومة الحبيتة هامسة بإغواء "خاصتا لم تكن لتؤذيني أبدا فما أردت أن تعطيني أياه لم يكن سوى تحذير.. مجرد تحذير تريد به إرهابي وضمان ولائي لك."
ارتفعت زاوية شفتيه بابتسامة ماكرة مع لمعة عينيه بإعجاب وتقدير لم يصرح به... ثم دنا منها أكثر هامشا أمام شفتيها : "قوية يا نارية .."
التوت زاوية شفتيها بابتسامة لعوب، هامسة بزهو "بل ذكية يا فولادي."
وقبل أن يقبلها تحركت من أمامها بتفتح حتى ابتعدت المسافة مناسبة. ثم التفت برأسها تقول ببساطة : "أنا حامل."
ارتفع وجهه ينظر إليها بعينين متسعتين بعدم تصديق، قبل أن يتدارك نفسه
يقول بخشونة غير متعمدة: "هل أنت واثقة ؟."
رفعت ذقتها بابياء تقول بثقة: "بالطبع، أشعر مشعوذة."
رأته يبتلع ريقه بصعوبة مع توتر نظراته والتفاته بوجهه لقفص الأسود خلفه.
فالتفتت بجسدها، تعود إتجاهه مرة أخرى.
متسائلة برفع حاجب ساخرة: "هل غيرت رأيك وتريد إعادتي للقفص يا فولادي ؟."
تكاد تجزم أنها رأت بعينيه نظرة مدنية، لكنه أخفاها سريعًا، يقول يغموض: "كنت تعلمين أنك حامل قبل دخولك القفص ولم تخبريني ..."
عادت الابتسامة الساخرة إلى شفتيها، تقول بقوة: "من أجل...
وأعلم أيضًا أن هذه الأقفاص الحديدية مضادة للسحر.
أي أنا محاصرة دون حول لي ولا قوة....
هل تتقين بي لهذه الدرجة ؟!... وخرج سؤاله بتعجب
التجيبه بهزة كيف لا مبالية "بل مجرد اعتياد على مواجهة الخطر." ثم تحركت من أمامه تاركة إياه بحيرته لن يفهم تلك الدراجة النارية أبداً...
منذ أن علم يحملها هو ينظر إليها بنظرات غربية يتلمس بطنها بيد مرتعشة غريبة عن قوتها المعهودة.
عيناه نشردان كثيراً كأنه يتذكر حدث ما ...
حين تكون نائمة تسمع إلى همساته التي لا يسمعها سوى صغيره... هل يمكن أن يكون هذا الفولاني بهذه الرقة ؟...
من قتل جميع نساءه حين كان يعلم بحملهن يصبح محوسا يحملها ....
هل يمكن أن يكون عشقها لهذه الدرجة؟... لا تعرف.. هناك شيء غريب يحدث معه ...
لكنها بانت الآن تعرف.
على غير عادتها تزنها النوم وسمعته ...
سمعته يتحدث عن والدته.. والدته كانت دراجة نارية مثلها،
ارتعش جسدها بطريقة ملحوظة تفتح عينيها على إتساعهما.
شاهقة بقوة جعلته ينظر إلى وجهها باقتضاب مخيف من سماعها الحديثه...
ابتعد عن بطنها وارتجفت يرمقها بسخط لقد اقتحمت خلوته مع صغيره
من يتحدث معه بأريحية لا يخاف أن يظهر ضعفه أمامه... اشتياقه إلى والدته, حزنه على
فراقها ...
لم تخف من نظراته بقدر إشفاقها عليه اعتدلت من نومتها حتى جلست تواجهه و نظراته تزداد قنامة مخيفة...
همست بصوت يكاد يسمع: " ليو... والدتك....... قاطعها بشراسة يشيح بوجهه عنها : " عودي النوم..."
لكنها رفعت يدها المرتعشة, تضعها على وجنته قائلة برقة: " لهذا ايقيتني معك ا."
رفع يده بمسك بيدها الساكنة على وجنته يبعدها. يعتصرها بقسوة. يحذرها بنظراته المخيفة, هامشا من بين من أسنانه: " توقفي "
ارتعشت شفتها السفلى, تقول بتحشرج وقد أدركت الآن: " لقد عرفت لم أحضروك المنزلي أنا .. عرفت لم أنت دون غيرك جعلوني أساعدك."
زاد اعتصار يدها يكاد يحطم عظامها ينظر إليها بغضب ممزوج بالحيرة. التوضح بابتسامة مهتزة: " إنها والدتك ليو."
عقد حاجبيه باستفهام فأضافت بحنان زائب بعينيها
" أنا نارية مثلها .. وعلى النارية أن تساعد أسلافها، وشقيقاتها.
والدتك تعتبر من القدامى ليو لقد أجبرتني على مساعدتك...".
إزداد إنعقاد حاجبيه بقول باستنكار خشن غير مصدق : " لقد ماتت امي.. لقد دفتتها بيدي."
ضحكت برقة ضحكة قصيرة, عيناها مغرورقتان بالدموع تقول بهدوء: " بيننا تواصل حتى وإن كانت ميتة.. اتعلم انني حلمت با حداهن
قبل مجيئك إلي باليوم التالي.. يبدو أنها هي والدتك ."
تصدع قناع القسوة عن وجهه، تتسع عيناه كطفل بانس ملهوف
يتوسلها لتكمل, تحول ضغط يده الرجاء.
فشهقت باكية تكمل باختناق أجل هي.. لم أفهم العلم سوى الآن...
لقد أمرتني أن أساعدك لم تظنني كنت غاضية من إعتنائي بكا...
الم أقل إنني مجبرة على ذلك."
زم شفتيه يقول بنزق ظننت تفعلين ذلك للعودة للقرية، ولإجبار زعيم القرية الك..."
اقتربت منه أكثر تضع يدها الحرة على قلبه كأنها تهدأ نبضاته الثائرة.
الهمس لعينية مواسية : " ربما هذا ما كنت أقوله.
لكن ما حدث أنك كنت أمانتي التي حذرتني والدتك أن أهملها .."
أسيل أهدابه قليلاً، يهمس بحزن: " أمي ."
هو أيضا عرف لم كان يشعر بالسعادة والراحة حين تلمسه,
تذکره بوالدته من حمته بحياتها من هربت به من النيران
تحملت المهانة والنبذ لأجل سلامته...
دون إنذار الحتى يضع رأسه على صدرها مغمض العينين.
يتنفس بعمق, وهي دون حديث ضمته بكل قوتها.
عيناها تبكي مع إبتسامتها المذهولة، لهذا كان يواسيها.
يحبها لأنها تشبه والدته رفعت يدها تتخلل خصلات شعره الطويلة برفق.
حتی سمعت همسته الناعسة مع تناقل رأسه تذكريني بها .. أنت قوية مثلها.. أحبك بانارية ."
عضت على شفتها السفلى تبكي بقوة تكتم شهقاتها. الهمس باختناق " وأنا أحبك ليو... أحبك كثيرا."
قلب لعن بالحب علم بذلك حين وقع أسير تلك المشعوذة.
فولادي كاسمه لم يلين لشيء أو أحد غيرها.
رغما عنه انصهر بين يديها وأصبح ليلا:
بل أصبح كالطفل الصغير المشدوه بلعيته الجديدة...
لم يعد يتركها أبدا حتى في حملاته على القرى بات يأخذها معه.
قوتها تذهله لا تخاف أي شيء بل تساعده في بعض الأحيان تمنع عنه الأذى.
هي حقا تحميه كوالدته سابقا هو محظوظ بها يبدو أن والدته تحميه حتى بعد أن رحلت...
والدته دوما كانت الملاذ والحماية, أو لم تكن معه لكان هلك لا محالة ...
يذكر حين كان صغيرا ما تعرضا له من إزعاج يسبب كونها نارية.
بل معظم القرى طردتهم شر طردة تحاول القضاء عليهما.
بسبب قوتها كانا يستهدفانه هي لكنهم لم يعرفوا أي تعويذة قد ألقتها عليه.
مهما بلغ الأذى بجسده مجرد رعاية يستعديد بها قوته..
حين ملت من ذلك أخذته ليرحلا بعيدا عن الجميع. رحلت حتى وجدت بعض الرجال المرتزقة، ينتقلون من مكان لآخر...
حين رأوها استخفوا بها وحاولوا أن يهاجموها ليأخذوا ما معها ثم يمتعون أنفسهم بها...
لكنها فاجعتهم بقوتها لتصرعهم جميعا، ثم تعاملت معهم ليستطيعوا التعايش
سكنوا ركنا قصيا بالغابة تساعدهم ببعض هجماتهم على بعض القوافل المارة.
حتى استطاعوا يكونوا قوة لا بأس بها.
وليوناردو يتابع الأمر, كم ود الإشتراك معهم، لكنها كانت تأيي أن تشركه حتى يبلغ ليكون قادرا على الدفاع عن نفسه بكل قوته ...
ومع بلوغه، وتدريبه أصبح مع الوقت رئيسهم بدعم والدته النارية.
وما ساعدة ذكاءه الفذ الذي ربما ورثه عن والده ...
لكن ما كان يهمه والدته حبيبته, لا أحد يعرف مدى عشقه لها ...
كبر عدد رجاله ليقارب الجيش يوسع هجماته على القرى. تم يسكن جزيرة قرب البحر ليبني بها قصره المنيف حوله رجاله ومعه والدته...
لا يظن أن ما يفعله خاطئا هو ووالدته لم يقوما بإيذاء أحد فقط من يتعدى عليهم. حتى تلك القوافل التي يقوموا بنهبها لم يقتلوا بها سوى من حاول الهجوم عليهم...
ذلك هو قانونه, ومبدله دفاع عن النفس"
مجرد كلمات يبرر بها ما يفعله, لكن بعد مرض والدته.
ونها به لبعض القرى ليساعدوها, لم يستجيبوا ليجن جنونه
هو بكل قوته لا يستطيع أن يساعدها ...
كل سحرها شعوذتها جرعاتها السحرية لم تساعد في شفائها.
حتى ماتت بين يديه, تاركة إياه وحيدا...
كم حزن على فراقها معتزلاً الجميع يزهد بكل ما حوله ...
ليال طويلة يذهب لقبرها خلف قصره بيكي ويصرخ بجنون, يفزع ما حوله.
لكن لا أحد يستطيع أن يساعده...
طال به الحال حتى ظن بعض رجاله أنه فقد عقله، فحاولوا أن يأخذوا مكانه, يقضوا عليه... لكن جنونه لم يكن سوى شراسة إزدادت حتى بات فولاذي بحق لا قلب له...
يقتل دون رحمة خاصة تلك القرى التي رفضت مساعدته...
ليتربع على عرش القوة يعرفه الجميع، يتسمعون إلى أخباره، يخوف أن يأتي القراها ...
حتى يسقط على باب نارینه میریدیت...
التعبد إليه سعادته، شعوره بوالدته حوله تقويه أكثر وأكثر...
يراقبها يوما بعد يوم تزدهر بجمالها الأخاذي بطنها تبرز بطريقة مذهلة ليتمنى أن تمر الأيام حتى يراه...
طقه من النارية شبيه له.. لكن ذو قوة منذ الصغر...
فهاب يعيش برفاهية دون خوف من الغد أو هرب من الموت.
سيكون طفل الفولاذي من يرت عرشه من بعده...
يبحر بسفيت الصخمة يمر على قرى منها الفقير ومنها الزاخر بالثروات....
وهي تراقب بعينين منبهرتين بكل ما تراه من أماكن وأسرار جديدة عليها.
لم تكن تعلم أن سفرها مع ليوناردو سيكون بهذه الروعة.
له كل الحق أن يبقى هاتقا بين البحار ليرى كل هذا الجمال...
لا تذهب معه إلى القرية التي يقصدها إلا بعد أن يخضعها تحت سيطرته. ليعود إليها يأخذها لترى القرية، رغم نظرات الذعر والحزن بأعين الجميع. لكن لا أثار الدمار كما كانت تسمع يبدو أن بعض الشائعات تصور الأمر بصورة أكبر من حجمها...
هو يريد فرض سيطرته لكن دون أذى لأحد، وهي تهيم به عشقا ولا تدري كيف لا تهابه كالجميع ...
" أن تظن الدنيا تعطيك كل ما تتمنى هذا درب من الخيال. ربما تعطيك الكثير والكثير لكن كل شيء محال ... كلمات سمعتها من عجور تتحرك بجوارها أثناء سيرها مع ليوناردو
بعد أن انتهى من إخضاع قرية أخرى كانا قد وصلا إليها...
تطلعت حولها بغرابة هذه القرية تختلف حتى أن بعض آثار الدمار تظهر جلية. لقد انتظرت ليوناردو بالسفينة ثلاثة أيام بعرض البحر دون أن تعرف ما يحدث...
نظرت إليه تتساءل بدهشة" ليو... ماذا حدث للقرية ؟."
رمقها بطرف عينه يواصل السير، يقول بلا مبالاه لا شيء.. فقط قاوموا."
رمشت بعينيها تتساءل بحيرة لم تستطع منعها :" ليو... من حقهم.... ثم هذه .......
التقت إليها مباغنا لتجفل متراجعة للخلف خطوة مع تبرته الشرسة: " هذه القريبة خاصة أتمنى أن أدمرها, أخفيها من الوجود."
اتسعت عيناها بارتباع من هيئته المتحفزة، ثم رحل تاركا إياها بخطوات سريعة ساخطة..
حتى وقف أمام أحد المنازل وأحد رجاله بجر فتى يكاد يبلغ الثامنة عشر
يجره بقسوة, حتى القاه أسفل قدمي الفولاذي...
وخلفه تهرول والدته صارخة: " أتوسل إليك سيدي .. لا تقتله.. هو لم يقصد . "
لكن ليوناردو لم يعرها أي اهتمام الحنى يمسك الفتى من مقدمة ملابسه المهترئة. بيد واحدة كأنه لا يزن شيئا يرفعه حتى صار بمستوى وجهه.
قائلاً بصوت جهوري مرعب مستخف " أنت تحاول قتلي.. وتظن أنك ستتجو بفعلتك.. هذه. نهايتك ."
استل خنجره من حزامه الخاص بسيوفه يرفعه بيده الحرة يضعه امام وجه الفني والمرأه تصرخ بتوسل مثير للشفقة: " دعه أرجوك ليس لي سواه."
تحرکت میریدیت سریقا تمسك بذراعه الممسكة بالخنجر تهتف بهلع : " دعه ليو... لا تفع .........
لكن قبل أن تنهي جملتها نفض يدها بعيدا، يرفع خنجره, ينجر عنق الفنی بدم بارد. دون آن برف له جفن
قبل أن ينظر إليها بعينين لامعتين بطريقة غريبة, جمدت أوصالها.
ثم ترك الفتى ليسقط يلفظ أنفاسه الأخيرة بين ذراعي والدته
التي احتضنته تصرخ بصوت أدمى القلوب...
وقفت تنظر لظهره بشفتين مغفورتين بعدم تصديق لا تستطيع حتى أن تتنفس.
لا تعرف ماذا حدث معه لم ترى دمار كهذا من قبل كيف لم تلاحظ تلك النيران.
والدخان الأسود المتطاير بالهواء....
السماء تلبدت بالغيوم منذرة بعاصفة. تلك الجثث الملقاه أمام المنازل المحترقة... همست بهلع " يا إلهي .. ماذا يحدث 5."
صدرها يعلو ويهبط بطريقة ملحوظة, تلهث بقوة مع تلك المناظر المربعة. لم ترى كهذا من قبل لا يمكن أن يكون هناك منظر مرعب كالذي تراه الآن.
ترتحت قليلاً, تهمس بعدم تصديق : " لماذا؟..."
وانتها الإجابة من تلك العجوز التي ظهرت من خلفها من اللامكان " لأنها بلدته ."
التفتت برأسها لتنظر للعجوز متسائلة بتشوش :" ماذا؟."
نظرت إليها العجوز بعينين مخيلتين تقول بصوت أرسل الرعشة إلى جسدها:
" بلدته... هنا ولد الفولاذي.. هنا بدأت لعشه... وأنت يا نارية من ستخلصينا منه ...
إن كانت والدته قد دمرتنا به... عليك أنت أن تمحي الدمار..".
اقتربت العجوز من ميريديت تمسك بيدها المرتعشة, تفردها بقوة.
ثم بيدها المجعدة, رفعت سبابتها تنقر على باطن يد ميريديت التي شهقت متألمة بهلع.
قائلة بغموض:
" قدرك يا نارية.. القلب الملعون ."