رواية القلب الملعون الفصل الثالث عشر
"قدرك بالنارية.. القلب الملعون."
حين عاد ليوناردو كانت تقف بوجه شاحب مع تلك العجون
جسدها يختض من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها.
تكاد تفقد الوعي تضع يدها على بطنها، كأنها تحمي صغيرها... رمق ليوناردو العجوز بنظرة مخيفة لتردها له بجمود ثم تحركت بعيدًا عنهما...
سحب ليوناردو ذراع ميريديت خلفه وهي تسير دون شعور
حديث العجوز يتردد بأذنها لا تعرف كيف وصلت للسفينة.
ومتى تحركت لتجدها تبتعد عن القرية المحترفة...
دمار.. دماء.. دخان متصاعد يخلقها يقبض على صدرها يمنعها من التنفس...
ارتجفت حين سألها دون إنذار "ماذا قالت لك العجوز؟..."
التفتت تنظر إليه بعينين مرتعيتين ارتجف هامسة: "مجرد حديث."
ارتفع حاجبه بترقب يردد مجرد حديث أمام ترتجفين .."
هزت رأسها تحرك رأسها بكل إتجاه لا تستطيع النظر إليه بعد ما رأته قبل قليل...
قالت بصوت متقطع العجوز... العجوز خائفة ..
لا يعرف لم لم يصدقها، فقال بتعجب "لم أعهد منك الخوف هكذا."
نظرت إليه بارتباع، ثم أسئلت جفنيها.
قال يخفوت محاولة اخفاء رجفتها: "فقط حديثها آثار بي الذعر."
اشتعلت نظراته وتحفز جسده، قائلة بشراسة: "سأقتلها."
كلمتها دخلت صارخة مرتاعة تمسك بذراعه تفرز أظافرها بلحمه دون وعي...
فعقد حاجبيه بريبة أكبر، فاستطردت مبررة بتعليم تحيد عينيها عن أعين المتفحصتين: "لا .. لا تقتلها دعها وشأنها... مجرد عجوز حرفة."
تركت ذراعه سريعًا محاولة ضبط انفعالاتها ...
عيناه قاتمتان بقسوة أرعبتها يحاول تفرس ملامحها
يشعر بالغضب الشديد جسدها متوتر، وقد أغلقت ملامحها حتى لا يستطيع قرائتها....
عادت تنظر إليه تبتلع ريقها بصعوبة.
الهمس متسائلة بحذر "ماذا تعرف عن القلب الملعون ؟!"
لوهلة تقبل أنه سيسحقها، فقد اتسعت عيناه وازدادتا قدامة.
لكنه لم يكن ناظرا إليها فقد شرد بعيدًا لفترة ظنت أنه لن يجيبها
لكن وصلها صوته كأنه قادم من أعماق الجحيم، لولا أنها تنظر إليه
لظنت أن هناك شخص آخر يتحدث غيره...
أسطورة سقمة غير حقيقية ...
ثم نظر إليها بعينين عاصفتين بغضب، وأكمل محذرا : "لا تشغلي بالك بها ..."
رمقته بطرف عينها بحذر، ورفعت يدها تضع خصلات شعرها خلف أذنها تومي برأسها إيجاتنا... نظرت أمامها بصمت تتطلع للمياه أمامها، والسفينة تسير بسرعة مع تسارع حركة الرياح...
أمسك بأصابعها على الحافة الخشبية بقوة، مارنه منه بالقرية
لم يكن بحسبها يرعبها بشدة، ألم حاد يحترق قلبها.
وصوت تلك المرأه لا يبارح عقلها منظرها الغارق بدماء ابنها يفزعها...
أجفلت على صوته وهو يقول: "أتعلمين لم قتلت أمي أبي .."
التفتت إليه برأسها تنظر إليه بعينين متسعتين بفضول غريب, ثم همست:" لم تخبرني من قبل."
إبتسامة قاسية ارتسمت على تغره قبل أن يقول بسخرية سوداوية: " قتلته بسبب أسطورة القلب الملعون."
انتبهت إليه بكل حواسها تنتظر أن يكمل...
أخذ نفسا عميقا يزفره بقوة، مردفا:" كما تعرفين أمي كانت ساحرة من سحرة النار... وأبي كان بشري عادي... أحبها وأحبته وتزوجها، ولم يكن يعلم حقيقتها.
عاشا سبع سنوات بحالة جيدة، بعد أن علم أبي بحقيقتها كنت قد بلغت الخامسة.
لم يستطع تحمل سحرها الأسود، فتأمر عليها ظنا منه أنه سيخلصها من الشر حاول استخدام اسطورة القلب الملعون، لكن لأنه بشريا.
ولا يستطيع أن ينفذها علمت أمي حاول أهل البلدة قتلها وقتلي ...
هربنا سويا, لكن أبي نحق بناء كانت أمي بحالة غضب شديد.
وجنونها قد بلغ مبلغه، وحين رأت أبي قتلته أمام عيني مخرجة قلبه بيدها ...
لقد شاهدت قلبه ينبض بيدها حتى توقف, وألقته هي بجوار جنته ورحلت بي..."
الحمدت اطرافها بعد سماعها القصة، رغم أنها شعرت بالحزن عليه لرؤيته مقتل والده. لكن نبرته الحاقدة وهو يتحدث أرعبتها.
ابتلعت ريقها بصعوبة، قائلة: " لا أشعر بأنك حزين لموته .."
رفع نقته بشموخ، يقول بإزدراء" يستحق فقد خانها .... رغم أنها حزنت عليه والتمست له عذر أنه لم يكن يعلم حقيقتها .."
أطرقت برأسها تكاد تبكي قهرا مما تشعر به.
ارتجفت حين شعرت بیده تنلمس شعرها، تبعد خصلاته المتطايرة عن وجهها...
وهو يتابع بتحذير مبطن أبي لم يكن يعلم حقيقة والدتي...
ورغم ذلك قتلته أما أنت حبيبتي فتعرفين جيدا حقيقتي وقد قبلت بي....
الخيانة أمر لا يحتمل وعندي لا سماح فيها مطلقا.. لذلك العقاب يكون مضاعفا.
يا إلهي دقات قلبها تنتفض كأرنب مذعور تكاد تصم أذنيها. ربما كانت تعلم حقيقته، لكن رؤيته أمر آخر....
حين تستمع الأحاديث وقصص عن شيء ما، يكون الأمر مختلفا تمام الإختلاف عندما تراه بعينك...
وهي رات و عرفت حقيقته المفزعة ...
أغمضت عينيها بعذاب حين مال عليها, يقبل وجنتها يلف ذراعه حول خصرها بتملك صريحهامنا باذنها :" أيتها التارية أنا وأنت قدرنا مشترك... لا تحاولي أن تفكري بشيء آخر إلا أنا.."
ضامة قبضتها بقوة تعتصرها حتى خدمت أظافرها باطن كفها.
جسدها يختض وكل كلمة قالتها العجوز بشأن مصيرها تصلبها الجحيم.
تشعر بدوي مهلك بأذنها، لا تستطيع إخراج الصوت من عقلها ...
جرب بريميوم
"أنت فقط بالارية من سيخلص العالم من شره... مصيره ومصيرك بين يديك ومصيرك الهلاك إن لم تختاري الصواب... قلبك ملعون بحبه.. ولعن أكثر بدماء الأبرياء ... أنت من تختار طريق عشقه، ويوك سرت إليه، يقويه حبك له ويزيد جبروته. إن ولد ذلك الطفل فمصيرك الهلاك ستتلطي بنيران الجحيم. يحترق قلبك ولن تجدي الخلاص... لا سبيل لديك سوى الموت. القلب الملعون هو مصيرك وقد خدمت بوشم النار."
فردت كفها المرتعش تنظر إلى باطنه بخوف تلك العلامة التي وسمتها بها ترعبها. بل وتزداد سوادا يوما بعد يوم، ربما لا تشعر بالم يدها، لكن كان العجوز وشمت قلبها بوجع لا يحتمل.
تستيقظ كل ليلة على كابوس مرعب جسدها يتصبب عرقا تلهت بعنف ...
كابوس مفزع ...
صرخات وصرخات ... نیران المرفق بها من كل اتجاه ...
قرية كاملة تحترق وأهلها أموات غارقين بدمائهم .... وبلحظة تجد تلك الأشياء تنهض صارخة بوجهها تبلغها أنها هي من الخطورة بذلك ...
ثم دماء ... دماء تسكب فوقها لتغطيها من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها ...
بحر أحمر اللون تفرق فيه .. ليوناردو يقف على شاطئه ينظر إليها برعب. يحاول إنقادها، لكنه يفشل دوما ...
بحر الدماء .. دماء الضحايا وصرخة تستمر المقاومة ومدت يدها للتمسك بيد ليوناردو الممدودة تجد من يسحبها بقوة بعيدا عنه، لتعوض أكثر بالدماء
وتحاول مرة أخرى الخروج صارخة بإسمه، لكنه يواليها ظهره يكتفين متهدلين حزنا بعد ذلك تجده يقتل مرة أخرى، ويحرق...
تلك الأيادي تسحبها لتغرفها أكثر بالدماء صارخة أن هذا ما اقترفته يسيطرا ...
ضم قبضتها مرة أخرى يخوف ثم فردتها تمسح بباطن كفها الأخرى عليها مخفية تلك العلامة عن عيني ليوناردو حتى لا يعرف ما حدث ...
هناك لحظات فارقة بعمر الإنسان تستطيع تغيير حياته وتقلبها رأسا على عقب ...
"خاصة تلك التي تواجه فيها الموت وينجو بأعجوبة ... هذا من يغير حياته للأفضل، ويحاول أن يصلحها لينال نهاية طيبة ... وهناك من يحول إلى الأسوء محدد مصيره، ونهايته بيديه وهو أكثر من واثق أن النهاية ستكون الجحيم بعينه لا بديل له .."
منذ تلك الحادثة وهي تغيرت تماما، تبكي دوما
حتى حين يقترب منها يشعر بجسدها يشتغل باختناق يكاد يهق روحها. لا تستطيع التنفس، وهو يشعر وبسبب ما يحدث معها، فقد الكثير من الوزن ...
يظن أن حملها يؤثر عيلها. يعرف أن حمل دراجة نارية مهلك.
بل وولاداتها تكاد تكون مميتة، يحاول بشتى الطرق أن يوفر لها كل الراحة التي تحتاجها. لكن تلك الكوابيس التي تطاردها ولا تبلغه سوى بأنها مجرد خوف على طفلها ...
لم تعد تذهب معه بحملاته ترفض بشكل قاطع..
وهناك من يتحول إلى الأسوء محددا مصيره ونهايته بيديه وهو أكثر من واثق أن النهاية ستكون الجحيم بعينه لا بديل له.
منذ تلك الحادثة وهي تغيرت تماما تيكي دوما
حتى حين يقترب منها تشعر بجسدها يشتعل اختناق يكاد يهق روحها.
لا تستطيع التنفس، وهو يشعر بسبب ما يحدث معها، فقد الكثير من الوزن...
يظن أن حملها يؤثر عيلها. يعرف أن حمل دراجة نارية مهلك.
بل وولادتها تكاد تكون مميته يحاول بشتى الطرق أن يوفر لها كل الراحة التي تحتاجها.
لكن تلك الكوابيس التي تطاردها ولا تخيره سوى بأنها مجرد خوف على طفلها....
لم تعد تذهب معه بحملاته ترفض بشكل قاطع..
تغيرت تماما منذ تلك المرة، لم يخبرها أنه عاد يبحث عن تلك العجوز الذي يعرف بل واثق تمام الثقة أنها سبب تغيرها، لكنه لم يجدها، كأنها مجرد سراب اختفت...
في فجر اليوم سيرحل مع رجاله، وهي تحاول أن تثنيه عما سيفعل.
لكنه لم يعيرها أي اهتمام... الحمل عليها عاطفة رقيقة ستعود لطبيعتها قريبًا بعد الولادة...
"أحيان كثيرة ما تجبرنا الظروف على التصرف عكس إرادتنا."
ذلك الألم الذي لا يوصف مع كل دقة تهدر بصدرها تشعرها.
كأنها تعاني نهاية حياتها... تلفظ آخر أنفاسها....
كيف يمكن لقلب يعشقها يؤذيها بهذا الشكل .....
كيف العشق أن يتحول نقمة ولعنة ؟!...
لأجل هو قلبها الملعون.....
دوما كانت ملعونة لقد صدق من أطلق عليها لعنة لعنة. ...
لعنة لنفسها قبل غيرها، طوال حياتها البائسة لم تتمنى شيء وتحقق حتى أحلامها الصغيرة كانت أكبر من أن تعطيها لها الحياة...
تمنت عائلة صغيرة فليذت من والديها، تمنت الحياة الهانئة والرفاهية لكن ما قابلته هو حياة قحط، وتتعثر مع كل خطوة...
بقت منزوية وحيدة تراقب من حولها العائلات، قبيلتها، وتجمعهم المحرمة عليها. فقط تراقب من علو كنجم وحيد بليل حالك
منبوذة تتسول دفء ليران تزيل قليلاً من حرارة الجو حولها. تدفئ قلبها الذي تغلقه تلوج القيت عليه ممن حوله
ليطفئوا شعلة صغيرة أضاءها على استحياء ورهية
وحين لمحا فقط شرارة واهنة
أسرعوا ليهبلوا عليها حرائق لتجمدها أكثر وأكثر....
حين وجدت الحب وظننت أنها ستشغل تلك الشعلة. لم تدري أنها ستتحول لنيران تحرقها دون أن تدرك.
كيف لقلب عاش منذ صغره بين الثلوج أن يتحمل تلك النيران المهلكة ....
فأحالتها الرماد لكن رماد يشتعل أكثر وأكثر فشراراته مختبئة أسفل جذوره ما إن تغفل عنها حتى تشتعل مرة أخرى بشراسة أقوى...
حبيب أرسله إليها القدر ليعوضها، فاكتشفت أنه ما ألقاه أمامها سوى لعنتها الأبدية...
كيف الملعون أن يرزق بسعادة أو بادرة أمل، كان عليها أن تعرف أن الملعون لا يلقى بطريقه إلا شيطان ليراقفه إلى الجحيم، ليتلظيا سونا بالديران، فالشيطان ملعون أيضًا...
هل يمكن لملاك أن ينزل الملعون سوی ابفیض روحه...
هذه هي حياتها ملعونة منذ البداية وبذلب لم تقترفه يديها.
ولكن هناك من يولد بالدنيا ليشب متقولاً بذنوب من حوله.
فيتحمل وزرها متعللاً أنه لم يخلق سوى للتحمل...
لا تدري لم قادتها قدميها للعودة إلى هنا؟....
لا تعرف حتى كيف وصلت... كل ما تعرفه ان فور رحيله، وجدت نفسها هنا تقف أمام الباب الخشبي المتهالك تنظر إليه وألم يعصف بصدرها...
مدت يدها المرتعشة تدفع الباب الدلف بخطوات متهالكة ... ذلك الصقيع المحيط بها وسط ظلمة المكان كم هو موحش يطبق على صدرها ...
أخذت نفسا عميقا باردا تكتمه بصدرها للحظات، قبل أن تزفره بالم.
بحركة من أصابعها أشعلت المشاعل المعلقة بأرجاء المكان
ليغزوه الضوء المتراقص من النيران...
تطلعت للمكان بعينين دامعتين تتذكر ما حدث به منذ أن أتى إليها ليوناردو وما مر عليهما حتى الآن....
كم هذا مهلك لقلبها المعتصر مما يعانيه.. أليس من حقها السعادة ....
أجفلت تلتفت برأسها حين سمعت صوت أحدهم يقول بهدوء:" ماهو قرارك ؟"
كانت تلك العجوز التي رأتها من قبل بالقرية، لكن ماذا تفعل هذا .... همست بصوت معذب " كيف وصلت إلى هنا، وعرفت مكاني ؟ "
لم ترمش العجور تنظر إليها بصلابة قاسية، تقول بثقة: " كنت أعلم أنك ستعودين إلى هنا حينما يغادر"
ابتلعت غصة مسئلة تستحكم بحلقها، تشيح بوجهها عن العجوز تقفر شفتيها المرتعشتين شاهقة بصمت، قبل أن تضع يدها على بطنها المنتفخة. تهمس بألم : " لماذا؟"
لم تجيبها العجوز فأكملت يقهر " لماذا لا أستطيع العيش بسعادة..."
وصلها صوت العجوز بقوة" لأنك اخترت الطريق الخطأ.."
ضحكت بيأس دون مرح، تردد: " الطريق الخطأ... لطالما عشت متوارية عن الأنظار التمس الطريق الصحيح لكن الجميع دفعني بعيدا .. لماذا يحدث معي ذلك ؟."
هذا مصيرك.. قدرك...
التفتت إليها بوجه مشتعل بغضب رغم بكائها. تهدف بثورة ملوحة بيدها بالهواء " لم أخر هذا القدر...
بل هو من ألقى على بابي ودفعوني لعلاجه...
رمقتها العجوز بنظرة جامدة مصاحبة ذلك بقولها البارد: " وأنت سرت إليه بعد رحيك.. هذا قدرك لن تستطيعي الهرب."
سقط ذراعاها بجوارها تطرق برأسها بإنهزام، دموعها تهبط بألم. هامسة بمرارة" لم قدري هكذا... أردت فقط الحب... الحياة."
حبك ملعون...
عادت تضحك من بين دموعها تقول بقلة حيلة:
" ألست ملعونة منذ طفولتي ... ما الجديدا... ملعونة حياتي فلا سبيل للتغير "
زفرت العجوز كأول رد فعل لها بعد حمودها الطويل، تقول بهدوء: " ميريديث أنت تعلمين ما سيحدث.. إن لم تفعليها سيدمر كل شيء."
عقدت حاجبيها مع تجهم وجهها تتطلع للعجوز بنظرات حانقة بشك.
تحاول أن تتحلى ببعض الأمل الزائف
تقول بريبة" لم على أن تصدق ما تقولينه ... قد تكونين متامرة . "
التوت زاويني شفتي العجوز بابتسامة ساخرة، تقول بقوة: "تعلمين أنا أقول الحقيقة."
هتفت بغضب: "لا .. لن تصدق ليو."
قاطعتها العجوز بغضب: "ليوناردو سيدمر هذا العالم ....
صرخت وقد جن جنونها "لن يفعل هو لا يؤذي سوى من أذاه .. أنتم تريدون أذيته . "
هزت رأسها بيأس من دفاعها المستميت عن ذلك المجرم النارية تعشقه لكن هي وحدها من تستطيع إيقافه وإلا سيدمر كل شيء...
لن يتوقف ذلك المجنون عما يفعله من قتل الأهالي، وإحراق القرى خلف تفكيره وانتقامه الأعمى.
تنهد بتناقل، تتحرك باتجاه تلك المشتعلة حرفيا. تتوهج حولها حالة مضيئة ينبئ بالهجوم، تمد يدها تمسك بكف ميريدت
تقول مهادنة: "لقد رأيت بنفسك جنونه ميريدت، عشقه للقتل... الكوابيس تلاحقك، أرواح الأبرياء الثائرة تطالبك بإيقافه ...
نقضت يدها بعنف تبتعد عنها وقد تتضخم نظراتها للجنون.
تصرخ بإتهام "كوابيسي لم تطاردني إلا حين وسمتني بذلك الثقب الأسود."
مدت كلها تبسطه تظهر ذلك الثقب، وبيدها الأخرى تخدشه بأظافرها كأنها تحاول محوه
تبرز بنبرتها الصارخة المشتعلة ذلك الثقب اللعين هو ما يبتلعني موظفته المخيفة، يتلاعب بعقلي دون توقف."
لكن تجمدت بغاه مفغر وعينان متألمتان حين قالت العجوز بترقب
"ماذا عن تلك المرأة التي رأيتها تحتضن ابنها بعد أن قتله الفولاذي أمامها ....
أمامك أنت.. هل هذا تلاعب أيضا ؟.....
زمت شفتيها بقوة مع دموعها المقهورة، لأجل... ذلك المشهد لا يزال يرعبها. رات بنفسها وبريق الانتشاء بعينيه...
تلك النظرة لن تنساها أبداً...
سقط راسها كوردة دابلة على صدرها تشهق ينقطع يدمي القلب...
التريت العجوز على كتفها بمواساه يكفي ميريديث لن يساعدك هذا.. فقط قرارك.. اختاري الصواب "
رفعت رأسها تنظر إليها بعينين ذبيحتين تتوسلها أن تتركها لكنها ضنت عليها بذلك. التهتف مختلفة بقهر تضع يدها على بطنها: "وما ذنب صغيري ؟.."
عاد الجمود للعجوز تقول بقسوة "ذنبه أن والديه ملعونان الأفضل له ألا يولد ليعاني.. هل تريدينه منبوذا مثلك ؟.."
لقد وضعت الملح على جرحها النازف بل ضغطته بكل قسوة
لتجعلها تكتم صرخاتها المفجوعة بشق الأنفس.
رفعت وجهها لأعلى تحاول التنفس لكن هباء
لا تستطيع الإختناق يكاد أنها تفقد الوعي...
والعجوز تراقبها بدقة تحتاج إلى دفعة لتقرر وإلا أن ينتهي الأمر...
لذلك تصنعت الحنان، تقول برفق" لن تذهب تضحيتك هباء عزيزتي... ستجتمعين أنت وصغيرك فيما بعد؛ لكن بمكان أفضل الكلاكما..."
نظرت إليها بلهفة تقول باستجداء: " حقال."
ابتسمت العجوز بمكر مؤكدة بالطبع ستكونا مقا... ما هو قرارك الآن؟"
اغمضت عينيها تومي برأسها موافقة بوهن متهدلة الكتفين بإنهزام
لم تعد تستطيع أن تواصل بعد الآن...
ما يحدث يفوق طاقتها، وهي ستجد بطريقة ما الخلاص لليوناردو ليجتمعوا سويا ربما بعالم آخر.
أما العجوز فقد زفرت بارتياح لقد سار المخطط كما يجب. وعليها أن تنفذ سريعا قبل أن تتراجع النارية بلحظة ضعف
لذلك أمسكت بكتفها تضغط عليه بقوة, تقول :" علينا أن تقوم بالأمر بأقرب وقت... عندما يعود."
نظرت إليها يفزع، تردد بهلع : " حين يعودا... أي بعد يومين..."
هرت العجوز رأسها إيجابا تتطلع إليها بقوة، تقول: " أجل يا نارية كلما كان أسرع كلما قلت معاناتك ومعاناته ."
ضغطت فكيها بقوة والم جديد يخترقها يكاد يقسمها نصفين...
لكنها أومأت برأسها مرة أخرى دون رب خالعة لما سيحدث فيبدو أن هذا هو مصيرها منذ البداية...
منذ عادت من منزلها القديم وعذابها يزداد كل دقيقة، تموت قهرا
بسبب ما ستفعله، تنازع بين رفضها وقبولها للأمر...
الوضع بات لا يطاق وهي بالمنتصف، رأت أفعال وجنونه
التقرر أن تساعد في إيقافه، وقلبها يتهمها بخيانته بعد كل ما فعله لأجلها..
ليوناردو من جعلها تعيش بحياه لم تحلم بها، اعطاها حيه، قلبه،
كل ما تريد لكن ذلك لا يشفع لما يفعله بالآخرين.
تنهيدة محملة بوجعها خرجت منها.
تنظر لذلك الكتاب الذي أرسله إليها مع أحد رجاله...
خوف مشوب بالقلق ينتابها اتجاه تلك العجوز كلماتها تثير ريبتها :
تريد أن تأخذ حذرها مما هي مقبلة عليه، لقد قررت وانتهى الأمر
ستوقف الفولادي لكن مع قيامها بشيء آخر دون معرفة العجوز...
رفعت يدها تنظر لذلك القارورة الزجاجية الصغيرة ذات السائل الأحمر دماء ليوناردو كانت قد أخذت منه في وقت سابق، لتقوم ببعض تعاويذ الحماية له...
رفعت يدها بالقارورة تضعها على قلبها, متمتمة بكلماتها الحزينة " سيبقى قلبي لك للأبد.."
ثم أمسكت بورقة تخط عليها بعض الكلمات السحرية قبل أن تلف الورقة على القارورة, هامسة: " كوني دوما مع قلبي ."
وضعت القارورة على منضدتها الخشبية، وسط تعاويذ أخرى،
تتلفت حولها تلقي نظرة على الغرفة تودعها للأبد...
تحمل الكتاب لتخفيه جيدا...
خرجت من الغرفة تجول بأرجاء القصر قبل أن تدلف الغرفة نومها ... التجفل منتفضة حين وجدت العجوز مع بعض الرجال ينتظروها هناك...
تحفز جسدها مع توهج هالتها بهجوم قائلة بغضب " من هؤلاء ؟."
رفعت العجوز يدها مهدئة موضحة " ليساعدونا ميريديت"
عبنا مير بديت تشتغلا بالغضب تهتف بحدة لم يكن هذا إتفاقنا.. لن يؤذي أحد ليو...
جدت العجوز على أسنانها بغضب لن يستطيعوا أن يقتلوا الفولاذي.
لو كانوا يستطيعون لفعلوها دون الحاجة لمساعدة تلك الدراجات النارية الحمقاء.
بحاجة إلى شغله إن حاول أن يقاوم أو لمنع الدراجات النارية من تنفيذ التعويذة...
زفرت بحنق تقول بمهادنة عزيزتي أنهم فقط ليساعدوا أن احتجنا للمساعدة... تعلمين أننا لن نستطيع أن تؤذيه."
صدرها يعلو ويهبط بإضطراب، تعلم ذلك لكنها تريد مرة أخرى.
جانت منها نظرة لتجد تلك القيود الحديدية فشعرت بقبضة جليدية تعتصر قلبها تكاد تمزقه، تلك القيود التي ستقيد بها ليوناردو بنفسها....
عضضت على شفتها السفلى بقهر تتنهد بألم مع تجمع الدموع بعينيها.
لم يقترح أن يتحدث فقط أومات بخنوع ....
سمعت صوت ليوناردو ينادي عليها: "أيتها الدراجات النارية.. أين أنت؟"