رواية الشبح العاشق الفصل الثاني عشر 12 بقلم رباب حسين


رواية الشبح العاشق الفصل الثاني عشر بقلم رباب 


تجمدت خطواتها حين رأت الخطر يحيط به.... كأن الزمن قرر أن يبطئ ضربات قلبها ليعذبها أكثر..... عيناها تعلقت بوجهه وهو يُسحب بعيدًا عنها..... يمد يده نحوها كالغريق الذي يبحث عن أخر أمل في النجاة.... فيما هي عاجزة.... مقيدة بخوفها وقوتها التي لم تساعدها بعد.... كانت قد بنت حياتها على الصدق.... على رفض المساومة..... على أن الكرامة أثمن من أي شيء..... لكن حين رأت السواد يبتلع حبيبها أدركت أن المبادئ نفسها قد تتحول إلى قيد يطعنها مرتين مرة حين تُبعدها عن حبيبها ومرة حين تتركه فريسة لا حول له..... اشتعل في قلبها سؤال واحد : هل تُضحي بما أمنت به كي تستعيده؟ أم تتركه يضيع باسم الواجب؟.... وفوق جراحها نبتت الإجابة بلا تردد..... أحيانًا الحب يضعك في امتحان مرير حيث تُكسر القوانين وتُخدش الروح فقط لتُبقي من تحب حيًا إلى جوارك.... وبينما الظلام يبتلع صوته وصورته قررت أن تمزق أوراق بمبادئها.... أن تخط بدموعها عهدًا جديدًا : أن تنقذه ولو كان الثمن نفسها.... لأن خسارة الحبيب موت أما خسارة المبدأ فهي جرح يمكن أن يلتئم إذا عاد هو ليضمد قلبها.... 

كانت صرختها مدوية وصلت إلى صادق وشادي اللذان مازالا بالغرفة فحاول شادي فتح الباب ولكن لم يستطع.....سمعت ليان صوته بالداخل يطرق الباب بكل قوة كي يفتح له أحدهم أما هي فخارت قواها.... تخلل الخوف إلى قلبها ليزرع بردًا بداخله ليرتعش جسدها وتنساب دموعها الحارقة على وجنتيها بينما وقف بجوارها جنة وبنوفيل التي رتبت على كتفها كي تتحدث ولكن قاطعها عودة لؤي الذي ظهر أمامهن من جديد فنظرن إليه وهو يشهر سيفه ليطلق غيامة سوداء لتطيح ببنوفيل وجنة بعيدًا عن ليان ليسقطان أرضًا ونهضت ليان تنظر إليهما فصنع لؤي ساتر من الدخان الأسود ليفصلها عنهما واقترب لؤي من أذنها وتحدث بصوت زاد من رعشة جسدها وشعرت بحرارة جسده وقال في صوت لم تسمعه من قبل : وئام.... معايا.... لو عايزاه يرجع مفيش غير حل واحد.... ولائك يبقى ليا أنا..... تنفذي طلباتي وطلبات الأشباح..... ده دورك ومش مطلوب منك تقاومي ولا تحاربي

ليان في بكاء : طيب وئام ملوش ذنب..... خليه يرجع وأنا هعمل اللي إنت عايزه

لؤي : متساومينيش.... أوامري تتنفذ وإلا هخلص عليه

ليان : مش هقدر أعمل كده.... مش هقدر

كان وئام ملقى داخل زنزانة بعد أن قذفه لؤي بها فاقد للوعي ومالوس يقف أمامه يشاهده فتحدث بصوته ليصل إلى ليان عن طريق لؤي وقال : مش هتقدري؟!.... يبقى إنتي اللي اختارتي

أخرج مالوس من يده مئات من الطيور السوداء الصغيرة لتطير بقوة مصدرة صوتًا قويًا لتحيط بشبح وئام من كل اتجاه وتمتص نوره الذي يخرج من شبحه لتتفاجأ ليان بخروج الممرض من غرفة وئام القريبة منها ليركض بالاتجاه الأخر في ذعر ووصل إلى سمعها صوت الأجهزة التي تحيط بوئام تصدر إنذارًا بالخطر واضطراب المؤشرات الحيوية فركضت لتنظر إليه فاقترب لؤي منها ونظر إلى جسده ثم قال لها : إنتي اللي اختارتي

نظرت له ليان في بكاء وقالت في رجاء : متأذيهوش..... خلاص.... هعمل اللي إنت عايزه بس سيبه يعيش

ظلت تنظر إليه وأصوات الأجهزة ما زالت تعلو فبكت وقالت : أرجوك.... خلاص هعمل اللي إنت عايزه

لؤي : هتقتليهم؟!

أماءت له ليان بنعم وهي تبكي فأبعد مالوس يده عن وئام وتوقفت الأجهزة عن إصدار الأصوات فأغمضت ليان عينيها في ارتياح ووجدت الأشباح يلتفون حولها ينتظرون السماح لهم بأخذ ثأرهم فنظرت لهم ليان في يأس وقال لؤي : هما في الأوضة.... نفذي

ليان : لو عملت حاجة هنا هتأذي..... هدخل السجن.... مش هفيدك بحاجة لو اتحبست.... سيبني أخطط للموضوع

لؤي : أنا هفضل وراكي لحد ما تديني خطتك

ليان : ممكن تفتحلهم.... خليهم يخرجو

أشاح لؤي بيده وفُتِح الباب واختفى من أمامها وزال الدخان الأسود لتركض بنوفيل وجنة إليها...... خرج صادق في غضب وينظر حول الباب ليرى من أوصده من الخارج فلم يجد سوى ليان التي تبكي أمام غرفة وئام فذهب إليها وقال في غضب : إنتي بتعملي إيه هنا؟!... مين سمحلك تدخلي الأوضة ديه

ليان : أنا مدخلتش.... الممرض خرج يجري من الاوضة فجأة وسمعت صوت الأجهزة فجيت أشوف فيه إيه لقيت دكتور وئام

شادي : وإنتي بتعيطي ليه؟!

ليان : أنا؟!.... أصل صعب عليه وهو نايم كده في غيبوبة.... شاب صغير وكان شاطر أوي عمره بيضيع هدر

صادق في غضب : إنتي اللي قفلتي الباب اللي هناك ده من برا؟

ليان : لا.... مقفلتوش

وجد صادق الممرض يركض إلى الغرفة وعندما رأي صادق زفر بارتياح وقال : كنت بدور عليك يا دكتور صادق.... دكتور وئام برده الأجهزة بتدي إنذار وبلاقي المؤشرات الحيوية بتاعته بتنخفض وفجأة بيرجع لطبيعته.... الموضوع اتكرر مرتين

نظر له صادق وتأكد بأن ليان تقص الحقيقة فقال : أنا هدخل أشوفه.... اتفضلي حضرتك يا دكتورة

ذهبت ليان ولحقت بها بنوفيل وجنة وعندما دخلت الغرفة وقفتا بجوار ليان وقالت بنوفيل : عمل فيكي إيه؟.... ووئام راح فين؟

ليان : خده.... معرفش وداه فين.... وبيهددني بيه عشان أقتل صادق وشادي..... وأنا وافقت

فتحت بنوفيل عينيها في صدمة وقالت : وافقتي إزاي يعني؟!

ليان : عندك حل تاني.... بقولك هيموت.... كان بيموت قدام عيني

بنوفيل : والناس اللي هتبقي السبب في موتهم.... مفكرتيش فيهم

ليان : وأنا أضحي بوئام عشان ناس تستاهل الحرق مش القتل ليه؟... عشان صادق وشادي يعيشو أموت وئام

بنوفيل في غضب : مش عشان صادق وشادي..... عشان ده الصح.... القتل مش هو الحل.... جنة عملت اللي إنتي عايزة تعمليه ده.... شايفة بعينك نتيجة اللي حصل.... شايفة لؤي بقى عامل إزاي.... ديه سلسلة مش بتخلص والمستفيد الوحيد هو مالوس

ليان : معنديش حلول.... إديني حل إنتي غير إني اسمع كلامه..... ساعديني.... مش إنتي العرابة بتاعتي.... وصليني لحل

بنوفيل في غضب : للأسف الحل مش عندي.... واللي صدمني أكتر إني شفت السلاح في إيد لؤي.... السلاح ده هيخليه أقوى شبح شر..... يعني صعب نخلص منه

ليان : هو أحنا نقدر نقتل الأشباح؟

بنوفيل : إنتي تقدري

فتحت ليان عينيها في صدمة وقالت : إزاي؟!.... قوليلي إزاي وأنا اقتله

بنوفيل : مش معايا الكتاب..... لو لقيت الكتاب نحل حاجات كتير

ليان : والكتاب جوا الكهف طبعًا.... اللي مالوس قاعد فيه وخافي آثره واللي أكيد وئام فيه دلوقتي.... طيب فين الحل غير إني اسمع كلامهم.... أنقذ الراجل اللي مرمي فوق بسببي ده إزاي..... أنا قولتله يبعد مسمعش كلامي..... كنت عارفة إنه هيتأذي.... وخلاص بقى نقطة ضعفي.... اسمعي.... أنا معنديش حل غير إني أنفذ طلباته.... ودلوقتي لازم اختار مكان أخلص فيه عليهم من غير ما اتسجن.... لأن لو كاميرا واحدة بس شافتني أكيد مش هتشوف الأشباح اللي حواليا وبتجبرني على القتل

خرجت ليان من المشفى واتصلت بروما وطلبت منها أن تستعير سيارتها ووافقت روما وأخذت ليان السيارة ووقفت أمام المشفى تنتظر خروج صادق

أما وئام فقد فتح عينيه ليجد نفسه داخل زنزانة عجيبة وهناك غيامة تشوش الرؤية بالخارج والحوائط من الأحجار وكأنه داخل جبل فعلم أنه بداخل هذا الكهف..... حاول وئام التنقل أنيًا ولكنه فشل وكأنه مقيد من الخارج فظل يحاول أكثر من مرة حتى سمع صوت ضحكة غريبة ثم صوت عجيب لم يسمع مثله من قبل يقول : عنيد.... عنيد

نظر وئام حوله وقال : إنت مين؟!

مالوس : أنا اللي بنوفيل بتدور عليها بقالها قرون..... أنا سبب الشر على الأرض.... بس الحقيقة إن إنتو البشر هما سبب الشر.... نفوسكم الضعيفة.... جريكم ورا ملاذات الدنيا... بقيتو صيد سهل بيغذيني..... فيه منكم اه ملوش في الشر بس أكتركم شر

وئام : مالوس

ضحك مالوس وقال : أيوة.... مالوس

ثم وجد عينين كعين الثعبان ولكن كبيرة الحجم لونها أحمر تشع غضب تنظر له عبر هذه الغيامة فارتعب وئام ورجع إلى الخلف حتى تعثر ووقع أرضًا فضحك مالوس ثم قال : متخافش.... إنت مجرد أداة في إيدي لو لمستها أو أذيتها هخسر كل حاجة..... هخسر بنات القمر..... طول ما ليان بتسمع كلامي طول ما أنت في أمان

وقف وئام وقال في ذعر : لا.... ملكش دعوى بليان.... إوعى تأذيها.... أئذيني أنا لكن هي لا

مالوس : هي وافقت تبقى تحت إيدي عشان بس تحميك لكن لو عصت أوامري مش هيحصل خير

اختفى من أمامه ليجلس وئام بالأرض حزينًا.... قد أصبح وسيلة ضغط عليها ويعلم أن ليان ستنفذ طلبه فقط لتحميه.... ظلت ليان أمام المشفى حتى خرج صادق وتتبعته حتى وصل إلى منزله الكبير ورأت حراسة على الباب الخارجي وأيضًا يقيم مع عائلته فظهر لؤي بالمقعد الخلفي وقال : نفذي

نظرت له ليان في غضب وقال : إنت مش شايف.... هدخل إزاي؟!.... ده غير إنه مش عايش لوحده.... مش هينفع لازم استدرجه في مكان بعيد

لؤي : إزاي؟

ليان : ههدده باللي عرفته عنه وأقوله إني هشتغل معاهم وهبتزه واطلب منه فلوس وأخليه يجي مكان مهجور واقتله هناك

لؤي : فين المكان ده؟

ليان : هدور عليه

لؤي : موافق

أختفى مرة أخرى من أمامها وعاد إلى مالوس وأخبره بما تفعله ليان..... سمع وئام ما قاله لؤي فوقف وقال بصوت مرتفع : إبعدو عنها

دخل لؤي له الزنزانة ووقف أمامه ينظر إليه في غضب وقال : نفسي أعرف فضلتك عليا إزاي بعد ده كله؟.... كنت عمال أبصلها وألمحلها وهي كانت واخدة بالها وفي الأخر تيجي إنت وكمان وإنت شبح تاخدها مني..... أنا أصلًا بكرهك وبكره غرورك وكرهتك أكتر عشان كنت بتعاملها بطريقتك الغبية ديه

وئام : اختارتني عشان نضيف مش زيك.... قاتل وحرامي جثث

نظر له في غضب وأشهر سيفه ورفعه بالهواء ليضربه به ولكن إذا بطيور سوداء تهجم عليه فنظر إلى مالوس فقال : سيبه.... متأذيهوش.... كده كده ليان مش هتبقى ليك خلاص

نظر لؤي إلى وئام في غضب واختفى من أمامه حاول وئام أن يتنقل مرة أخري فقال مالوس : متحاولش كتير..... شايف الحزام اللي على جسمك ده

نظر وئام إلى جسده فوجد حزام أسود يظهر عليه فأردف مالوس : لو فضلت تحاول ونجحت هيقسمك نصين.... فبطل تحاول

عادت ليان إلى المنزل وخلعت حذائها ودخلت غرفتها ونامت بالفراش..... كانت بنوفيل وجنة خلفها ولكن ظلا بالخارج.... في منتصف الليل استيقظت ليان على صوت بالشرفة مرة أخرى فظهر لؤي وقال : شادي جي بنفسه.... شكله عايز فعلًا يخلص منك

مد شادي يده على الزجاج فوجده مكسور وظهر بذاكرته أنه من كسره فتعجب من الأمر ووقف لدقيقة وشعر بالخوف إذا كان سيحدث بالداخل مثل ما رأى بهذا الحلم أم لا.... مد يده وفتح الشرفة وظهرت الأشباح حول ليان فقال لؤي : سيبيهم.... سيبيهم يدخلو جسمك وخلصي عليه

ليان في بكاء : أرجوك يا لؤي.... متجبرنيش

لؤي : على راحتك..... حياته قصاد حياة وئام.... والإختيار ليكي

نظرت له ليان في حزن وتركت الأشباح يدخلون جسدها حتى طفى جسدها بالهواء وتحولت إلى هذا المسخ مرة أخرى وعندما دخل شادي وفتح ضوء هاتفه وجدها في هذه الهيئة المرعبة فرجع إلى الخلف في ذعر حتى تعثر بالطاولة التي بالشرفة وسقط من فوق السور ليسقط قتيلًا خارجها وتخرج الأشباح من جسدها وذهبت جزء من ضغينتهم إلى مالوس ولؤي ركضت ليان خارج الغرفة لتنظر من الشرفة لتجده مقتولًا خارجها فصرخت بقوة حتى وصل صوتها إلى السكان ثم وجدت شبح شادي يظهر أمامها وهو حامل ضغينة منها هي فنظر لها بغضب وقال : إنتي اللي قتلتيني.... هنتقم منك.... مش هسيبك

رفع لؤي سيفه ليخرج سلسلة من نار ليحزمه بها ودفع به بعيدًا فنظرت له ليان فقال : متخافيش.... مش هسمحله يأذيكي.... خليكي معايا وأنا هحميكي.... سيبك من وئام وخليكي ليا أنا

قاطع حديثه طرق الباب وسمعت صوت متولي وسامر بالخارج لتقف حائرة ثم أختفى لؤي ودخلت بنوفيل وجنة وقالت في صدمة : قتلتيه؟!

سقطت ليان بالأرض وهي تبكي

الفصل الثالث عشر من هنا

تعليقات