رواية الشبح العاشق الفصل الثالث عشر 13 بقلم رباب حسين


رواية الشبح العاشق الفصل الثالث عشر  بقلم رباب حسين


كانت صرختها مدوية لتوقظ من حولها وأن كان أنين قلبها أعلى منها.... قلب فقد فطرته وأصبح قلب قاتلة.... لم تقتله بيدها ولكن ماتت روحها الطاهرة معه.... بعد أن تحلت بقوتها وقررت أن تحمي وتساعد أصبحت هي من يقتل ويدمر..... سمحت لنفسها أن تكون هذا المسخ المتجرد من أنسانيته.... هل إنقاذ من تحب سيشفع لها أمام هذا الضمير الذي بدأ بالحساب سريعًا؟..... حساب قادر على أن يهلك ما تبقى بها من إنسانة..... هنا وتساءلت.... كيف يقتل المرء أخيه؟!.... كيف يتحمل هذا العناء؟..... كيف يخرس هذا الضمير؟!.... وكيف يعود للقتل مرة أخرى؟.... قتلت لأجل الحب..... قتلت من قتل لأنه يستحق أما أنت حبيبي فتستحق الحياة.... تستحق أن تعيش.... فيدك تنقذ ويداه تقتل..... يدك تعطي الأمل ويداه تنهي الحياة في عيون الفقراء..... لن أندم على قراري ولكن أخشى صحوة الضمير كل ليلة.... أخشى عتاب النفس..... أخشى الوقوف أمام الحق يوم الحق..... ليت هناك سبيل أخر.... ليت الحياة تعطيني حلًا كي أنزعك من يدهم.... كي أراك وأحررك من هذا السجن الذي دخلته بيدك.... وأنا.... أنا من سمحت لك بالبقاء به.... ولكن لا بأس.... سأجعلك حرًا ولو على حساب نفسي فلا نفس لي بدونك.....
كانت تجلس شاردة والرجال يدخلون المنزل والشرطة قد أتت ودخلت لتحقق بالواقعة وهي جالسة شاردة.... وقف سامر بجوارها ينظر إليها في حزن على حالتها.... نعم هذه الطبيبة التي رأيتها منذ عدة أيام ولكن ليست كما هي.... وكأنها تبدلت بأخرى.... عيناها تحمل الكثير من الهم والحزن..... ترى ماذا حدث لها في هذا المنزل المشئوم؟!..... جلست بجواره أم سماح لترتب على كتفها أما متولي فيقف على باب الغرفة يستمع إلى حديث رجال الشرطة وهو ينظر إلى ليان في توتر وقلق عليها..... يخشى أن يكون هذا المنزل هو السبب بما حل بها.... بعد قليل خرج الضابط ووقف أمامها وقال : دكتورة ليان صح؟!
نظرت له ليان بعينين خاويتين من نبض الحياة فقال : واضح إن المجني عليه اقتحم الشقة عن طريق البلكونة.... إحنا طلبنا الطب الشرعي وخد الجثة وهيشرحها بس بسأل حضرتك هل إنتي دفعتيه ولا لا؟.... متقلقيش كده كده هو مقتحم الشقة يعني دفاع عن النفس بس عايز أعرف من حضرتك اللي حصل
ليان : أنا كنت نايمة وسمعت صوت في البلكونة وقفت قدام باب البلكونة ولقيته بيكسر الأزازة وبيفتح الباب من جوا فا مسكت التربيزة الصغيرة ديه ورفعتها عشان أضربه بيها هو أول ما دخل اتخض لما شافني فرجع لورا واتكعبل في التربيزة اللى في البلكونة ووقع خرجت وراه وبصيت عليه لقيت ميت تحت
الضابط : يعني ملمستهوش؟
ليان : لا
الضابط : طيب إيه علاقتك بيه..... يعني تعرفيه؟
ليان : اه.... دكتور شادي شغال معايا في نفس المستشفى
الضابط : طيب فيه سبب عدواة بينكم توصل إنه يحاول يتهجم على الشقة؟
ليان : أعتقد إني عرفت حاجة عن المستشفى مكنش ينفع أعرفها
الضابط : يعني إيه؟!
ليان : فيه تلاعب قانوني وأنا عرفت بيه بس للأسف مش معايا دليل.... أوعد حضرتك في أقرب وقت هجيب الدليل على اللي بيحصل هناك..... بس طالما وصلت إنهم يقتحمو البيت بالشكل ده يبقى اللي في دماغي صح
الضابط : طيب.... إحنا هنستنى تقرير التشريح وده الكارت بتاعي..... لو وصلتي للدليل ده جيبيه بسرعة وأنا هضمه لملف القضية
نظرت ليان إلى البطاقة بيدها وقالت : تمام يا حضرة الظابط
ذهبت الشرطة وتم أخذ الجثة واشرقت شمس النهار ومتولي وأم سماح وسامر لازالو بالمنزل معها فقال متولي : هتقدرى يا بنتي تنامي هنا لوحدك ولا تيجي تنامي تحت مع خالتك أم سماح؟
ليان : لا شكرًا يا عم متولي.... أنا هنام هنا.... وأصلًا عندي شغل فا مش هنام
أم سماح : خدي يا بنتي أجازة بكرة وارتاحي
ليان : العيانين مش هيستنو يا خالة
متولي : ربنا يا بنتي يسترها عليكي.... هسيبك ترتاحي شوية.... يلا يا جماعة
سامر : مش محتاجة حاجة يا دكتورة؟
ليان : شكرًا يا أستاذ سامر
سامر : والله ما هاين علينا نسيبك لوحدك
نظرت ليان إلى بنوفيل وجنة وقالت : متقلقش مش لوحدي
عقد سامر حاجبيه وقال : مش لوحدك إزاي؟
ليان : يعني ربنا معايا.... متقلقوش أنا بخير
ذهبو وتركوها وحدها فنظرت ليان إلى بنوفيل وقالت : ليه مساعدتونيش؟
بنوفيل : عشان لؤي عمل حاجز بينا وبينك زي ما عمل في المستشفى..... إنتي اللي زقتيه؟
ليان : لا هو لما شاف شكلي وقع ومات لوحده
بنوفيل : يعني خليتي الأشباح يدخلو جسمك؟!
ليان : اه.... معنديش حل تاني
تركتها ليان ودخلت غرفتها كي تنام قليلًا ولكن ظلت ترى وجه شادي وهو ينظر إليها في رعب من هيئتها وتذكرت كيف بدت بذاكرته..... لم تقتله بيدها ولكن ما كانت تبدو عليه كافي أن يقتله فقط من شدة الخوف.... هربت دمعة من مقلتيها حزنًا على نفسها ثم وضعت الوسادة على وجهها تتمنى أن تطبق على تنفسها بيدها لترتاح من هذا الألم..... عاد لؤي إلى مالوس وأخبره بما حدث وسمع وئام ما فعلته ليان.... شعر بالحزن عليها وكم تمنى إن تتركه يموت على أن تفقد ذاتها وتستخدم قوتها لمصلحة هذا الشر الكامن بالخارج...... بعد عدة ساعات خرجت ليان من غرفتها وذهبت إلى العمل ودخلت مكتب صادق في غضب دون أن تطرق الباب ثم وقفت أمامه وقالت في حدة : عشان عرفت سركم عايز تقتلني؟
وقف صادق في غضب وقال : إنتي اتجننتي يا دكتورة.... إزاي تدخلي المكتب بالطريقة ديه؟ وإيه الكلام الفارغ اللي بتقوليه ده؟
اعتدلت ليان في وقفتها وعقدت ذراعيها أمام صدرها وهي تنظر إلى الأشباح المحيطة به من كل إتجاه وقالت في هدوء : شكلك لسه معرفتش الخبر..... دكتور شادي اللي حضرتك بعته عشان يقتلني.... مات.... وقع من البلكونة عندي ومات
جلست ليان أمامه وقالت : أقعد يا دكتور عشان نتفاهم
جلس صادق وقال : شادي مين اللي بعته ويقتلك إيه؟!
ليان : مفيش داعي للكلام ده..... أنا عارفة كل حاجة.... عارفة الناس اللي بتدخل في غيبوبة مدبرة لحد ما يطلب منها كلية ولا كبد وتتوافق معاهم فصيلة الدم..... عارفة المادة اللي بتستخدومها واللي بتديها لإبن أخوك عشان عرف اللى بتعمله وكان هيبلغ عنكم..... عارفة ليه مفيش دكاترة كبيرة في قسم القلب وقسم المخ والأعصاب عشان المريض اللي بيموت بسببهم بتبقى باقي أعضائه سليمة ده غير إن دخول المريض في الغيبوبة وارد جدًا في قسم المخ وطبعًا حضرتك ماسك القسم في إيدك كله.... بس السؤال بقى اللى مسألتوش لنفسك أو لشادي.... ليه مبلغتش مع إن كان بمنتهى السهولة أقدر أثبت اللي بتعملوه؟
صادق : ليه؟
ليان : عشان كنت عايزة اشترك معاكم..... فضلت أبين إني فهمت وعرفت بس للأسف مفهمتوش.... على العموم حضرتك دلوقتي محتاجني..... شادي مبقاش موجود ومش هتقف بنفسك تطلع الأعضاء عشان تبيعها.... أنا ممكن أعمل ده.... بس فيه حاجة صغيرة الأول
صادق : إيه هي؟!
ليان : تعويض عن اللي عملته معايا.... النهاردة بليل تيجي المكان اللي هبعتلك اللوكيشن بتاعه وتجيب معاك ١٠ مليون جنيه عربون محبة وصلح.... وبعد كده أنا معاك في أي عملية..... قلت إيه؟
نظر لها صادق قليلًا وعلم أنه فعلًا يحتاج إليها فقال : موافق
ليان : النهاردة الساعة ١٠ بليل.... متتأخرش
خرجت ليان من المكتب لتخرج هاتفها وتوقف التسجيل بعد سجلت لصادق ما قاله.... عادت ليان لتباشر عملها ثم عادت إلى غرفتها لترتاح قليلًا.... فجأة ظهر أمامها شبح أبيض لامرأة في العقد ال٥٠ فنظرت لها ليان وقالت : إنتي مين؟ 
سناء : أنا سناء.... كنت راجعة بيتي مروحة وعربية خبطتني وجثتي تحت في الطوارئ.... عندي طلب ومفيش غيرك هينفذه
ليان في تعجب : عرفتي منين إني هنا وممكن أساعدك؟
سناء : إنتي اللي جذبتيني ليكي..... أنا محتاجة منك خدمة.... عايزاكي تنفيذها عشان أمشي
ليان : قولي وأنا هساعدك
سناء : تحت اتصلو بإبني عشان يجي يستلم جثتي.... عايزاكي تنزلي وتقوليله إني أسفة عشان قسيت عليه.... أنا كنت عايزة اعتذرله بس خفت مجهودي يروح..... أنا ربيته لوحدي بعد ما أبوه مات.... خفت يقولو مش متربي وطالع من غير أب يربيه.... كنت بقسى عليه عشان مصلحته لحد ما قالي من يومين إني عمري ما حبيته.... الكلمة وجعتني بس افتكرت إن لسه في العمر باقي وهقدر اعتذر أو أعوضه.... عايزاكي تعتذريله وتقوليله إني بحبه أوي.... وغلطت لما قسيت عليه بس غصب عني
انسابت دمعة من عين ليان وقالت : حاضر.... هنزل دلوقتي استناه
نزلت ليان بالفعل إلى الطوارئ وانتظرت بجوار جثمانها حتى وصل إبنها ووقفت أمامه وهو ينظر لوجه إمه ليودعها فقالت ليان : البقاء لله
خالد : ونعم بالله
ليان : موت الأم صعب.... تحس أن قلبك اتكسر من إحساس إن جواك يقين إن محدش هيحبك زيها
نظر لها خالد وبعينيه الكثير ليقال فأردفت : مفيش أم مش بتحب ولادها.... ساعات بتقسى عليهم عشان الظروف بتخليهم كده.... بيلجئو للقسوة عشان يحافظو عليهم.... إوعى تفتكر إن مامتك محبتكش
نظر لها خالد في تعجب وكاد أن يتحدث فقالت ليان : قبل ما تسأل مامتك قبل ما تموت وصتني أقولك كده.... قالت إنها كانت عايزة تعتذرلك بس معرفتش.... بتقولك إنها بتحبك أوي
سناء : وهو الأنجاز الحقيقي في حياتي مش شغلي ولا أهلي
ليان : وإنت الإنجاز الوحيد في حياتها.... سامحها عشان تقدر تنام مرتاحة
بكى خالد وقال : وأنا بحبها أوي.... مليش غيرها.... لو ترجع حتى لو هتقسى عليا موافق.... بس ترجع تبقى معايا
خارت قدماه وجثا على ركبتيه باكيًا أما سناء فنظرت إلى ليان وقالت : شكرًا
اختفت من أمامها وعادت ليان إلى غرفتها وهي تبكي في حزن فقالت بنوفيل : كان نفسي من زمان نساعد الأشباح ديه لكن للأسف السلسلة اللي عملتها كانت حاجبة عن بنات القمر كل الأشباح.... حتى الطيبين
ليان : ولما ميتنفذش طلبهم بيحصل إيه؟
بنوفيل : كانو بيختفو بعد ما أمنيتهم تتحق.... يعني بيستنو بس الصدفة.... بس إن الأشباح تجيلك من نفسها وتعرف طريقك معناها إن قوتك بدأت تكتمل والهالة بتاعتك بدأت تكبر
في المساء عادت ليان إلى المنزل..... كان لؤي يقص الخطة التي وضعتها ليان على مالوس وقال : وافق.... صح؟
لؤي : طبعًا.... موت شادي وقبله أنا كده صادق لوحده ومش هيقدر يعمل كل ده من غير مساعدة.... النهاردة كل حاجة هتخلص
مالوس : ديه مش أخر عملية.... الأشباح في كل حتة.... كتير بيموت مظلوم.... والضغينة موجودة في كل مكان
لؤي : وليان هتوافق تساعدنا؟
مالوس : طول ما وئام معانا هتوافق
ذهب لؤي لينتظر بذلك المكان وسمع وئام ما قاله ونظر أمامه في حزن.... كان يعلم أن مالوس لن يدعه يذهب وسيظل وسيلة الضغط عليها وهي ستنفذ.... ليتك لم تحبيني.... أفضل أن تكرهيني برغم حبي لكي على أن تتجردي من ذاتك..... أحبك ليان
كانت ليان تستعد إلى الذهاب لتقابل صادق بهذا المكان.... قدماها أصبحت أثقل من الزمن.... المسئولية التي على عاتقها تعيق نفسها من تنفيذ ما هي مقبلة عليه..... ارتدت ثيابها وجلست تبكي بالفراش حتى اقتربت منها بنوفيل وقالت : بلاش يا ليان
ليان : مش قادرة..... مش قادرة اقتل حد ولا أكون السبب في موته.... بس معنديش حل
خرجت ليان ولحقت بها بنوفيل وجنة والحزن يخيم عليهن حتى وصلن إلى المبنى المهجور ووجدت سيارة صادق تصف بالخارج فنزلت واقتربت من المكان فوجدت لؤي يقف أمامها وقال : استني..... خليكي بعيد.... أنا عايز أرعبه الأول.... ده اللي استغلني واستغل حاجتي للفلوس وخلاني أعمل المصايب ديه كلها
ليان : عايزني أعمل إيه طيب؟
لؤي : هاتي إيدك
وضعت ليان يدها بيده وأشهر سيفه ليطلق دخان أسود لتتجمع الأشباح حوله ويزداد غضبها لتصدر أصواتًا مرتفعة لينظر صادق حوله في ذعر وخوف ويحاول أن يركض من المكان ليهجم عليه دبابير سوداء تمنعه من الخروج فيعود إلى الداخل ويقع بالأرض وتلتف الدبابير حوله وتطفو الأشباح معها والدخان الأسود المحيط بالنيران في مشهد يقشعر له الأبدان وصراخ صادق في رعب يجعل كل من يظلم في هذه الحياة ويعتدي يعتبر بما يحدث له.... كل هذا تحت نظرات ليان التي تبكي من الحزن فأغمضت عينيها وقالت : كل ده عشانك يا وئام..... عشان بحبك
ظهر الرابط بينها وبين وئام فقالت بنوفيل في صدمة : الرابط.... الرابط يا ليان
نظرت لها ليان في صدمة وقالت : خديني ليه دلوقتي

تعليقات