رواية الشبح العاشق الفصل الرابع عشر 14 بقلم رباب حسين



رواية الشبح العاشق الفصل الرابع عشر  بقلم رباب حسين



أحيانًا لا تكون التضحية مجرد دمعة تُكبت أو قلب يُخفي نبضه بل تكون حياة تُنتزع من بين يديك بوعيٍ كامل..... أن تحب بكل ما فيك ثم تختار أن تتركه لا ضعفًا ولا هروبًا بل حمايةً له من وجعٍ أكبر قد يسقط فوقه لو بقي معك.... كانت يداه أمنيتي وصوته طمأنينتي لكني أدركت أن بقائي سيجرحه أكثر مما سيحميه..... فوضعت حبي في صندوقٍ سري وأغلقته بدموعي وأطلقت سراحه نحو حياةٍ أكثر أمانًا بعيدًا عن ظلي..... ما أصعب أن ترى قلبك يمشي مبتعدًا بينما تدعو له أن يسلم من كل أذى..... التضحية بالحب ليست خسارة بل ذروة الحب ذاته..... أن تختار سلامة من تحب حتى لو كان الثمن حطامك....

ظهر الرابط بينهما وكأن الحب هو خيط النجاة.... رابط لا يُرى.... رابط أقوى من الشر.... عندما لفظت بكلمة الحب ونبض قلبها بها إذا بأوتاره تشكل رابط بينهما وكأنه يدلها على مكانه..... ظهر الرابط وطلبت من بنوفيل أن تنقلها سريعًا فتركت يد لؤي الذي نظر لها في تعجب وبدأت قوة الأشباح تقل وفجأة اختفت من أمامه فنظر إلى صادق الذي فقد الوعي من شدة الخوف وبدأ يفكر أين ذهبت.... فجأة ظهرت ليان أمام وئام في هذه الزنزانة وظهرت بنوفيل أمام مالوس الذي وقف أمامها في غضب وقال : بنوفيل؟!.... عرفتي تيجي هنا إزاي؟

نظرت له بنوفيل في استهزاء ووجدت كتاب الخير يضئ أمام عينيها وكأنه يرشدها إليه فأخذته واختفت به فنظر مالوس أمامه في غضب وخرج من الكهف يبحث عنها..... أما وئام فنظر إلى ليان في صدمة ووقف أمامها وقال : ليان..... جيتي إزاي؟

تجمعت الدموع في عينيها وأشارت بيدها نحو الرابط الذي يصل قلبه بقلبها فقال : معقول؟!.... ياريتني قلت بحبك من بدري

اقتربت منه ليان وأمسكت يده ولم تخترق جسدها فنظر لها في تعجب وقال : أنا عارف ألمسك! 

اقتربت منه ليان واحتضنته.... فأغمض عينيه وكأنه وجد موطنه.... شعر بدفءٍ يسرق برودة الخوف وبأمانٍ ينساب في عروقه كما ينساب النور إلى العتمة.... كانت أماني في عتمة الظلم أما هي فوجدت ضالتها..... من ضحت بكل شئ لأجله.... وكأنهما وجدا ليكملان بعضهما... لم يكن في الأمر كلام ولا وعود ولا اعترافات بل صمت عميق تكفل فيه اللمس وحده بالكشف عن كل أسرار الحب عن الشوق.... عن الخوف.... عن الرغبة في البقاء.... تلك اللحظة لم تكن بداية قصة... بل كانت الحياة نفسها تنبض من جديد..... أغمضت عينيها وتعلم أن بداخلها يقين بأن هذه لحظة الوداع....ابتعدت عنه ليظهر لؤي أمامها فجأة عندما قرر أن يعود ويبلغ مالوس بما فعلته فلم يجده بالخارج ودخل الزنزانة عند وئام ليستخدمه كوسيلة ضغط عليها ولكن تفاجأ عندما رأها بجواره.... نظر لها في غضب وقال : جيتي هنا إزاي؟!

وقفت ليان أمام وئام ونظرت بقوة إليه وقالت : مش هسمحلك تقربله تاني

رفع لؤي يده ليشهر سيفه الذي بدأ أن يخرج لهيب من النار أحاط بهما والدخان الأسود بدأ ينتشر حولهما وقال في صوت غاضب : امنعيني

ظهر الخط الأبيض في رأسها ورفعت كلتا يديها لتصدر نورًا قويًا وبدأ يصطدم نورها بهذا الدخان لتحمي به وئام في صراع للبقاء..... كانت بنوفيل تجلس فوق حافة جبل وتقرأ الكتاب وبمجرد أن لمست حافته وجدته فُتِح ليصدر ضوءًا قويًا وأخذت بنوفيل تقرأ ما به من كلمات بلغة غير مفهومة في عصرنا الحالي فهو خُط بلغة قديمة ولكن أجادتها بنوفيل ومالوس يبحث عنها في كل مكان..... يعلم توابع ما سيحدث إذا قامت بنوفيل بفك شفرة هذا الكتاب ويخشى أن تكون نهايته..... وبالفعل تمكنت بنوفيل من فك الشفرة وفجأة بدأ الكهف بأن يهتز وتتحرك جدرانه فتوقف لؤي عن الحرب الذي يشيدها ضد ليان التي ظهر عليها الإرهاق والتعب ثم خرج لؤي من الزنزانة ليرى ما يحدث فالتفتت ليان إلى وئام وقالت بصوت ضعيف : جنة

جنة من خارج الكهف : أنا فوق الزنزانة يا ليان.... مش عارفة أدخل بسبب الحاجز اللي عامله مالوس

وئام في قلق : إنتي كويسة؟

أماءت له بنعم في تعب ثم قال وئام في توتر : هو الجبل بيقع ولا إيه؟

فجأة وقفت ليان والتفتت خلفها لتجد الضوء الذي يخرج منها يزداد ثم ظهر سيف أبيض ناصع البياض ويتوسطه جوهرة ثلجية اللون تشع ضوءًا قويًا يطفو بالهواء في الطريق إليها فرفعت يدها لتمسك به وإذا بقوة عائلة تسير داخل جسدها الذي انتشر به هذا الخط الأبيض من رأسها إلى باقي الجسد ليشكل رسمًا عليه.... فأمسكت السيف لتشعر بالقوة تسير داخل جسدها وتحولت عينيها إلى الأزرق كلون السماء ثم طرقت السيف بالأرض ليفتح باب الزنزانة ودخلت جنة على الفور ونظر لؤي إلى داخل الزنزانة ليرى سيف أخر بيد ليان فصاح بقوة : مااااالوس

سمع مالوس صوته فعاد مسرعًا إلى الكهف أما ليان فرفعت يدها أمام جنة ليخرج ضوء منها جعلها شبح أقوى ثم قالت : روحي شيلي المحاليل من إيد وئام

ذهبت جنة سريعًا أما وئام ففتح عينيه في صدمة وقال : لا.... لا يا ليان

كان لؤي يقف خارج الزنزانة ليرى الضوء الذي يخرج من السيف ويعيقه عن الدخول فظلت ليان ترفع السيف أمامها وتنظر إلى وئام في حزن والدموع تتلألأ داخل عينيها وهو يرفض الرحيل وينظر إليها في رجاء.... عادت جنة ونظرت إلى ليان وقالت : تمام

رفعت ليان يدها الأخرى باتجاه وئام فقال : لا يا ليان.... مش عايز ارجع.... مش عايز أنساكي.... مترجعنيش.... خليني جنبك

حاولت ليان كبت دموعها وتحدثت بقوة زائفة وقالت : مش هينفع.... مبقاش ينفع خلاص.... وجودك هنا خطر.... لازم تنساني ده أحسن ليك

ثم دفعت بقوة من يدها لتحل هذا الحزام الذي حوله ويختفي من أمامها على الفور ليعود لجسده ويفتح عينيه في إرهاق..... نظرت ليان إلى لؤي الذي يقف بالخارج وبداخلها غضب كفيل أن يحرق هذا الجبل..... ظهر مالوس وخلفه بنوفيل ووقفت بجوار ليان وقالت : خدتي السلاح؟

أصدر مالوس قوة هائلة من يده تجاه بنوفيل لتتصدى لها ليان وبدأت بنوفيل تطفو بالهواء لتخرج أشرطة بيضاء من ثوبها لتحيط بلؤي الذي وقف ينظر إليها ويحاول أن يبعدها بقوة عنه حتى لا تقضي عليه ثم مد سيفه ليحرر شادي الكامن بالزنزانة الأخرى فخرج واقترب من ليان على الفور لينظر إليها في غضب فأشهرت سيفها وقسمته نصفين فنظر لها لؤي في خوف ثم نظر إلى مالوس وقال : مالوس! 

مالوس : تعالى ورايا

ذهب خلفه وأغمض مالوس عينيه وطاف جسده بالهواء وأخذت النيران تظهر من أسفله وهجمت طيور سوداء بأعداد كبيرة تتجه نحو ليان وبنوفيل فوقفت ليان أمامها وأشهرت سيفها لتصنع حاجز من الضوء يحرق الطيور التي تقترب منه فنظر لؤي إليه وقال : هنعمل إيه؟

نظر مالوس إلى ليان وبعد أن انتهت الطيور واختفت داخل ذلك الحاجز دفعت ليان بالحاجز نحو مالوس ليحيط به داخل كرة مضيئة واختفى لؤي على الفور ودفعت ليان بهذه الكرة وبداخلها مالوس إلى الزنزانة وقامت بزرع السيف على الباب ليطلق ضوء قوي يغلق الباب من الداخل وقيدت حركته فنظرت لها بنوفيل وقالت في حزن : إنتي عملتي الصح يا ليان.... كان لازم تحمي وئام وتبعديه عن دايرة الحرب ديه لأن مالوس مش هيسيبه طول ما هو عارف إنك بتحبيه وهيبقى نقطة ضعفك وإنتي مينفعش يبقى ليكي نقطة ضعف

انسابت دموعها وقالت : خلاص.... نسيني.... نسي كل حاجة.... ياريت أنسى أنا كمان

جنة : لازم نرجع المستشفى.... وئام فاق وصادق لسه مغمى عليه في المكان المهجور..... ده وقت نخلص فيه القضية بسرعة

أماءت لها ليان وأمسكت السيف بكلتا يديها لتختفي فجأة وتقف أمام قسم الشرطة ثم التفتت إلى جنة وقالت : خليكي جنب وئام.... لو حد حاول يديله المخدر تاني إمنعيه

جنة : حاضر

اختفت جنة ثم قالت ليان : حد هيشوف السيف ده؟

بنوفيل : لا.... أرميه ورا ضهرك هيفضل متعلق فيه

دفعته ليا خلف ظهرها ودخلت إلى القسم.... طلبت مقابلة الضابط الذي أعطاها البطاقة ودخلت مكتبه وقصت له كل ما حدث داخل المشفى وأسمعته التسجيل وأخبرته أن صادق موجود بهذا المكان الآن ومعه الأموال التي طلبتها منه فأرسل بقوة إلى هذا المكان ليتحقق من البلاغ وجلست ليان أمامه وبعد قليل دخل العسكري وقال : تمام يا فندم.... المتهم في قضية القتل برا

عزيز : دخله

دخل المتهم وبدأ عزيز بالتحقيق معه وسمعت ليان ما قاله وقد نفى تهمة القتل عنه.... قام عزيز بتوجيه بعض الأسئلة له ثم دخل العسكري مرة أخرى ليخبره بأن هناك محامي مع المتهم بالخارج فنظرت ليان إلى خارج الغرفة لتجد شبح يطوف حول أحد الرجال الذي نظر إليها ودخل الغرفة ووقف أمامها فنظرت ليان إليه ثم انتظرت حد دخل المحامي وخرج العسكري مرة أخرى وبعد قليل قالت ليان : هو أنا ممكن أشوف صورة المجني عليه

نظر لها عزيز وهو يعقد حاجبيه متعجبًا من طلبها فابتسمت وقالت : معلش عندي إحساس إني أعرفه

أخرج عزيز صورة المجني عليه فنظرت إليها لتجد أن هذا الشبح الذي يقف أمامها هو شبحه فقالت : مش ده القاتل.... القاتل هو اللي واقف برا

قال الشبح : صاحبه

ليان : صاحبه هو اللي قتله

عزيز في تعجب : عرفتي منين؟

ليان : تقدر تقول حدس

نظر لها عزيز قليلًا ثم قال : يا عسكري

دخل العسكري وطلب منه أن يدخل صديقه الذي بالخارج وقام بالتحقيق معه وشعر بارتباكه بالفعل ثم دخل أحد الضباط الأخرين وقال : لقينا كاميرا متركبة على واحدة من العمارات القريبة من مكان الواقعة وده التسجيل

قام عزيز بتشغيله وإذا بصديقه فعلًا هو من قام بالقتل فنظر إلى ليان في تعجب ثم أفرج عن المتهم الأول وقام بحبس الجاني.... نظر عزيز إلى ليان وقال : فهميني عرفتي إزاي؟

ليان : كانو زمان بيقولو مكشوف عنهم الحجاب.... تقدر تقول إني زيهم

لاحظت غضب الشبح الذي أمامها الذي لم يهدأ بعد فهو يريد الأخذ بالثأر فطلبت من عزيز أن تذهب إلى المرحاض ولحقت بها بنوفيل والشبح.... دخلت ليان المرحاض ونظرت إلى الشبح وقالت : خلاص.... اللي قتلك هياخد جزائه

الشبح : مش ده اللي هيبرد ناري.... إنتي عارفة أنا عايز إيه

ليان : مش هعمله

الشبح : هفضل جنبك إنتي لحد ما أشوف حقي بيتاخد وناري تبرد

أخذت ليان سيفها وأشهرته فقالت بنوفيل : لازم تضربي النقطة الحمرا اللى في صدره

أماءت لها ليان ودفعت بالسيف في منتصف صدره وقالت : نبرده

تبخر الشبح من أمامها فقالت ليان : كدة شادي ممتش... أنا مضربتوش في صدره

بنوفيل : لا مماتش.... إنتي ضعفتيه بس وهو دلوقتي مع لؤي.... بيحاولو يشوفو طريقة يخرجو بيها مالوس

ليان : تفتكري هيقدرو؟

بنوفيل : اه.... بس لازم نخلص القضية ونرجع للكهف

عادت ليان إلى غرفة عزيز ووجدته يحقق مع صادق وقص له ما حدث بهذا المكان مما جعل عزيز يشك أكثر بليان وشعر بأن وراءها سر خطير.... لم ينكر صادق التهم عنه فكان يشعر بالخوف من الأشباح وشعر بغضبهم وكأنهم ينتقمون منه.... تم حجز صادق وعادت ليان وبنوفيل إلى الكهف.... كانا يحرسان الزنزانة ولم تنفك محاولات مالوس بالخروج من هذا الحصار..... عاد وئام إلى وعيه وباليوم التالي ذهب إليه الضابط وأخبره بالتجاوزات التي تحدث بالمشفى وأن صادق تم القبض عليه

وئام : أنا كمان كنت ضحيته.... عمل فيا اللي عمله فيهم والحادثة اللي عملتها أكيد من تدبيره.... كل ده عشان عرفت إن هو بيعمل حاجة في المستشفى من ورايا

عزيز : على العموم دكتورة ليان كشفت اللي حصل كله وقدمت دليل ولما سمعه اعترف

عقد وئام حاجبيه وقال : ليان؟!.... ليان مين؟ 

عزيز : اللي أعرفه إنها شغالة عندك هنا في المستشفى في قسم القلب

وئام : ليان شغالة عندي هنا؟!.... يبقى إتعينت وأنا في الغيبوبة

ذهب عزيز ودخل رامي ومعتز وأحمد الغرفة ينظرون إليه في سعادة بعد أن استعاد وعيه وتحدثو معه بأمر الإشاعات عن تجارة الأعضاء بالمشفى وأخبرهم وئام بالحقيقة ثم سألهم : هي دكتورة ليان شغالة هنا في المستشفى؟ 

رامي : دكتورة ليان ديه ممتازة.... ديه عملت قلب مفتوح أكتر من مرة وأنقذت ناس كتير.... بس هي أجازة النهاردة

ابتسم وئام فهو يعلم أنها ماهرة ولكن مازال عقله يصدها ولا يرغب بأن يتعلق بأحد فقرر أن يعاملها بسوء حتى تترك المشفى..... عادت ليان إلى المنزل وتركت بنوفيل بالكهف لتأخذ أغراضها.... حزمت حقائبها وظلت تنظر في أنحاء المنزل في حزن وكأنها تبحث عنه..... تودع ذكريات حفرت بذاكرتها فقط ومحيت من ذاكرته.... لا تعلم إذا كان عليها أن تحزن أم تتعلق بهذه الذكريات التي ستبقى خالدة بقلبها تحي حبها له كل دقيقة وهي بعيدة عنه.... انسابت دموعها في حزن وألم قلبها يتزايد.... تفكر.... كيف ستواجهه بالغد في المشفى؟.... تتلهف لرؤيته سليم معافى.... ترغب بسماع صوته بوضوح ورؤية وجهه ووقفته بالشموخ الذي اعتاد أن يكون عليه.... تركت المنزل ونزلت إلى الأسفل وأخبرت متولي بأنها ستغادر المنزل ودفعت له الإيجار وذهبت.... عاد وئام إلى المنزل بالمساء وأبلغ متولي بأنه سيستأجر المنزل مرة أخرى.... دخل المنزل وشعر بشعور غريب وكأن المنزل ينقصه شئ.... ظل يتفقد أرجاء المنزل في تعجب لا يعلم ما هو الشئ المفقود ثم نظر إلى الزجاج المكسور بغرفة النوم وشعر بألم رأسه ولكن لم يعلم السبب..... هل سيتذكرها أم سيظل كما كان.... الطبيب العنيد سليط اللسان؟

الفصل الخامس عشر من هنا

تعليقات