رواية الشبح العاشق الفصل الخامس عشر 15 بقلم رباب حسين


رواية الشبح العاشق الفصل الخامس عشر  بقلم رباب حسين


جاءت اللحظة التي كانت تخشاها.... لحظة الوقوف أمامه فذهبت إلى المشفى وعلمت بتجمع قسم القلب معه في غرفة الإجتماعات فدخلت الغرفة لتراه واقفًا في شموخه ويلتف حوله الأطباء فوقفت بجوارهم وألقت التحية عليهم ثم نظرت إليه والتقت أعينهم.... كأنها تقف أمام مرآة مكسورة ترى فيها ملامح قلبها متناثرة شظايا لا يجمعها شيء سوى وجعها.... تنظر في عينيه المألوفتين.... تلك العيون التي كانت ملاذها وسكنها لكنها اليوم غريبة وباردة لا تعكس سوى فراغ لم يعد يعرفها..... يتحدث إليها وكأن كل ما كان بينهما لم يكن سوى حلم عابر محته رياح النسيان وظل عالقًا فقط في ذاكرتها.... تشعر بروحها تصرخ داخليًا : كيف نُسيت؟ كيف تُمحى من ذاكرة من كان لي ملجأ وأمان؟.... لكنها تصمت..... تصمت حتى لا ينكشف ارتجاف قلبها وحتى لا تنفضح دمعتها أمامه.... إنها لحظة أشد قسوة من الفقد ذاته فالموت على قسوته يُبقي الذكرى حية أما النسيان فهو موت أخر.... موت بارد يدفنها وهي على قيد الحياة..... فهو لم يخنها ولم يتركها بل ببساطة لم يعد هو.... أما هو فكان في صراع أكبر من صراعه السابق فكان يتحكم بقلبه جيدًا عندما كانت طالبة ولكن عندما رآها هذه المرة تخلل إلى صدره شعور لم يستطع أن يفسره ولكن تجاهله على الفور ظنًا منه أنه مجرد إشتياق كاذب ثم نظر لها في برود وقال 

: أهلًا دكتورة ليان

ليان : أهلًا بيك يا دكتور.... حمد الله على السلامة

وئام : الله يسلمك.... عرفت إنك السبب الأكبر في كشف الحقيقة

ليان : هي جات صدفة بس

وئام : توقعت ده بس اللي استغربته هو الكلام اللي بيقوله رامي عنك.... أنا واثق في رامي جدًا لأنه تلميذي ودايمًا بيبقى عند حسن ظني لكن لما شكر فيكي وقالي إنك كنتي أفضل منه بصراحة مصدقتش... ومش هصدق غير لما أشوفك بتعملي عمليات قدامي

نظرت ليان حولها في توتر فكيف تقوم بعمليات هو من كان يقوم بها من الأساس فقالت في حيلة : حضرتك تبقى موجود وأنا اللي أعمل عمليات.... ميصحش برده يا دكتور

وئام : أنا شايف إنه ميصحش تدخلي عمليات أصلًا.... إنت مستهترة جدًا.... حتى النهاردة جاية متأخرة وكلنا مستنين حضرتك تيجي عشان نبدأ الإجتماع.... اتفضلي أقعدي عشان نبدأ كفاية عطلة

نظرو جميعًا لها في خجل مما قاله وئام وتعجبو من حديثه فهو لم يتحدث مع أحدًا منهم بهذه الطريقة من قبل ولكن ما فاجأهم أكثر هو رد فعل ليان فلم يبدو عليها الضيق من حديثه نهائيًا وهذا ما تعجب له وئام أيضًا فعادةً كانت تزفر أو تتفوه بحديث غير مفهوم بصوتٍ غير مسموع تعبر فيه عن غضبها ولكن وجدها تذهب إلى أحد الكراسي وتفتح دفتر أمامها وتستعد لتدوين ملاحظاته.... كانت تنظر إليه وهو يتحدث وتخفي اشتياقها بداخلها.... اقتربت منها بنوفيل وقالت : هو رخم ليه وهو بني أدم كده.... كان ألطف وهو شبح

ابتسمت ليان ولاحظ وئام ابتسامتها فقال في غضب : فيه في كلامي حاجة بتضحك يا دكتورة؟!

ليان : أنا مضحكتش.... أنا ابتسمت بس.... وأكيد مش استهزاء بحضرتك..... ده مجرد تعبير عن سعادتي مش أكتر

عقد وئام ذراعيه وقال : وإيه السبب في السعادة ديه؟

ليان : افتكرت أيام المحاضرات.... كنت دايمًا بستنى محاضرة حضرتك بفارغ الصبر عشان كانت أفضل المحاضرات في الجامعة

نظر لها وئام متعجبًا ثم تحمحم وعاد لحديثه

كان لؤي يجلس مع شادي بأحد الجبال القريبة من الكهف المقيد به مالوس فقال شادي : أنا عايز أنتقم من ليان

لؤي : عارف.... بس تحرير مالوس دلوقتي أهم.... مالوس من غير السلاح ده ميقدرش يغلبها

شادي : طيب وأنا هساعدك إزاي؟

لؤي : أنا إديتك قوة من السلاح ده عشان تبقى المساعد بتاعي وتساعدني في اللي هعمله.... وئام رجع لجسمه بس أقدر برده أئذيه بالسلاح ده.... اه مقدرش أقتله بس ممكن يصاب ويمرض بدون سبب طبي وليان مش هتستحمل تشوفه كده وساعتها ههددها تسيب مالوس وتفك الدرع اللى حواليه

شادي : ماشي وأنا معاك

انتهى الإجتماع وقام وئام بالمرور على المرضى في قسم القلب وتبعه باقي الأطباء..... كانت ليان تسجل الملاحظات التي يقولها وئام حتى ظهر لؤي خلفه وأشهر سيفه ليهدد ليان به.... نظرت ليان إليه بغضب وقالت بنوفيل : جاي هنا ليه؟

لؤي : جاي أدي ليان أخر فرصة.... يا أما تسيب مالوس يأما....

أشهر سيفه ووجهه نحو وئام الذي عقد حاجبيه ووضع يده على صدره في إعياء فنظرت ليان إلى بنوفيل التي نشرت الأربطة بقوة حول لؤي فأبعد سيفه عن وئام واختفى فتنفس وئام في راحة وقال رامي : حاسس بحاجة يا دكتور؟

وئام : لا لا.... أنا كويس

رامي : حضرتك تقدر ترجع أوضتك ترتاح شوية وإحنا هنكمل مرور.... قربنا نخلص والحالات الباقية بسيطة يعني

وئام : طيب.... لو احتاجتو حاجة كلمني...

اه.... دكتورة ليان هتروحي النيابة بكرة عشان تشهدي في القضية؟

ليان : اه.... إن شاء الله

وئام : وأنا كمان هروح.... عايز أعرف بصراحة إيه اللي كان بيحصل بالظبط وكمان طالبين شهادتي

ليان : يبقى أشوف حضرتك هناك بكرة

أماء لها وئام وذهب إلى غرفته فتمتمت ليان بصوت هادئ : جنة.... خليكي معاه

ذهبت جنة خلفه لتحميه وبعد أن أكملت ليان المرور مع الأطباء فذهبت إلى غرفة الأطباء واستغلت وجودها وحدها وقالت : يعني إيه لؤي لسه بيهدده؟

بنوفيل : يقدر يتعبه بالسلاح بس لكن ميمتش بيه... بس لو فضل يسلط عليه قوة السيف هيبدأ يضعف جسمه وساعتها ممكن يبقى طريح الفراش وملوش علاج

أخذت ليان تجوب الغرفة في غضب وقالت : يعني أنا مستحملة إنه ينساني ويعاملني زي الزفت بالشكل ده وعمالة أدوس على قلبي عشان احميه وفي الأخر تقوليله إنه برده قادر يأذيه

بنوفيل : كنت قريت في الكتاب حاجة عن تعويذة حماية.... لما نرجع الكهف هشوفها ينفع تحميه ولا لا

ليان : ياريت.... أنا عايزة أبعد عنه لؤي خالص.... عايزة أخرجه برا الحرب ديه بأي طريقة

بنوفيل : متقلقيش.... خلصي شغلك ونروح نشوفها سوا

وبالفعل أنهت ليان عملها وخرجت من المشفى والتفت خلفها وعندما ابتعدت عن الأنظار أخرجت السيف واختفت لتظهر داخل الكهف ومعها بنوفيل فقالت : شوفي بسرعة الكتاب

بنوفيل : مش صح تختفي كده.... ممكن حد يشوفك

ليان في تسرع : مش مهم دلوقتي..... شوفي التعويذة

بنوفيل : حاضر حاضر

فتحت بنوفيل الكتاب وأخذت تبحث عن التعويذة وليان تنظر إليه ولا تفهم ما هو مكتوب بداخله فقالت : هي إيه اللغة ديه؟

بنوفيل : لغة قديمة.... مش هتفهميها.... أهوه لقيتها

ليان : إيه هي؟

بنوفيل : مكتوب إنك تقدري تعمليها بالسلاح ده.... بس عايزين سلسلة بحجر كريم.... ونسلط عليها قوة السيف وتقولي التعويذة وبعدين تحطي عليها نقطة دم من جسمك.... والحجر يفضل يكون أبيض

ليان : طيب هروح اشتري سلسلة وأجي

ذهبت ليان سريعًا باستخدام السيف ثم عادت بعد وقت مع السلسال وقالت : أهوه جبته

صرخ مالوس بقوة أفزعتها وقال : هخرج.... وإنتو عارفين إني هخرج مهما حبستوني

ليان : سيبك منه دلوقتي وركزي.... قوليلي أقول إيه

اعطتها بنوفيل التعويذة وسلطت السيف ليصدر قوته على الحجر ثم وضعت نقطة دم من إصبعها فتحول الحجر إلى اللون الأحمر ليشع ضوءًا قويًا فقالت بنوفيل : كده تمام.... بس وئام.... هيرضى يلبسها؟

جلست ليان تفكر ثم قالت : ده أصعب من عمل السلسلة

بنوفيل : على ذكر السلسلة.... إلبسي السلسلة ديه عشان قوتك تتنقلها

ليان : ده عشان بنتي يعني.... معنديش أمل بصراحة إني أتجوز وأخلف وكده بس ماشي

أخذت ليان منها السلسال وارتدته وابتسمت بنوفيل في خبث ثم قالت : دوري بقى على طريقة تدي بيها السلسلة ديه لوئام

ثم أخذت السلسلة منها وتركتها لتفكر... في الصباح ذهبت ليان إلى النيابة العامة واستأذنت للدخول فوجدت وئام يجلس بالداخل وصادق يقف أمام وكيل النيابة وعندنا رآها ظهر عليه الذعر وقال وهو يبتعد عنها : إبعدوها..... هي.... هي اللي خلت الأشباح يهجمو عليا... كانت واقفة بعيد وباصالي.... أنا حسيت بيهم..... كانو هيموتوني... إبعدوها.... إبعدوها

ظل يصرخ وهي تنظر إليه في هدوء والأشباح يحومون حوله فأمر وكيل النيابة بإخراجه خارج الغرفة ثم نظر إلى ليان وقال : إيه ده؟

ليان : أكيد ديه محاولة من دكتور صادق لإدعاء الجنون بس أنا بأكد لحضرتك إن دكتور صادق كان في كامل قواه العقلية وهو بيعمل المخالفات ديه

أدلت ليان بشهادتها ثم خرجت من الغرفة لتجد الضابط عزيز يقف بالخارج وهناك بعض الضباط يهنئوه بالقبض على منظمة أخرى ولكن لاحظت أن هناك شبح يحوم حوله فنظر لها واقترب منها وظل يحوم حول وجهها فنظرت لجنة وقالت : شوفي حكايته إيه

وئام : بتكلمي مين يا دكتورة؟

ليان في توتر : ها.... ولا حد

اقترب منهما الضابط وصافح وئام ثم نظر إلى ليان وقال : سمعت اللي قاله دكتور صادق والصراحة زود شكوكي

كان الشبح حولها وهي تحاول أن تتجاهله ثم قالت جنة : ده واحد من اللي قتلهم عزيز وهو بيقبض على العصابة إمبارح

وأردف عزيز : دكتورة ليان

ليان : مش عارفة حضرتك تقصد إيه؟

عزيز : قصدي اللي حصل يوم ما قولتيلي على القاتل الحقيقي وكمان اللي قاله دكتور صادق مخليني حاسس إنك وراكي سر كبير

ليان : يا فندم أشباح إيه اللي بيقول عليها ديه

وئام : أنا طول عمري مش مرتحلها أصلًا

انتظرت ليان حتى ينظر عزيز ووئام إلى بعضهما ثم مدت يدها لتأخذ السيف وقذفته نحو الشبح في حركة سريعة وكأنها تحرك ذراعها في كسل حتى اخترق السيف الشبح واختفي وعاد السيف إلى يدها فنظر لها وئام في تعجب مما تفعل فابتسمت له في هدوء.... ظهر لؤي ليحوم حول وئام ليعاود التهديد مرة أخرى فنظرت ليان إلى أعلى في غضب عندما سلط لؤي سيفه نحو وئام ليقع أرضًا في إعياء نظرت له ليان وهي تشعر بالغضب منه ولاحظ عزيز نظراتها وسقوط وئام بالأرض فجأة فدب الخوف في قلبه تجاهها ومن هذه النظرة التي ظهرت على وجهها.... جثا بجوار وئام وقال : مالك يا دكتور.... حاسس بإيه؟!

أخرجت ليان السلسال من حقيبتها ووضعته سريعًا حول رقبة وئام فكون حاجز حوله ليبعد تأثير سلاح لؤي عليه فنظر لها في غضب واختفى.... شعر وئام بالتحسن بمجرد أن وضعت السلسال عليه فتنفس قليلًا وأخفضت ليان عينيها لتنظر إليهما بعد أن اختفى لؤي فوجدت نظرات خوف وترقب على وجه عزيز ووئام ونظرا إلى السلسال في تعجب فهو فريد من نوعه ويبدو عجيبًا فقال وئام في غضب : شيلي البتاعة ديه من رقبتي

ليان : ديه تميمة حظ.... جيبهالك هدية

وئام في غضب : قولتلك شيليها يا دكتورة حالًا

زفرت ليان ونزعتها من جسده فقال عزيز : إنت كويس دلوقتي؟

وقف وئام مرة أخرى وقال : اه.... كويس

عزيز : ليه أول ما لبس السلسلة ديه خف؟... إنتي بتزودي شكي فيكي أكتر

ليان : والسلسلة إيه علاقتها بتعبه؟.... ما أنا شيلتها أهوه وهو برده كويس يعني

وئام : بس الوجع الغريب اللي في صدري ده راح لما حطيتي السلسلة في رقبتي.... مش غريبة شوية

ليان : أكيد يا دكتور ملهاش علاقة.... حضرتك دكتور وأعتقد إنك لازم تكشف وتشوف الوجع ده بيجي من إيه..... من إمتى السلاسل بتخفف وجع؟!

نظر لها وئام في شك ثم استأذن عزيز وذهب إلى خارج النيابة وتوجه إلى سيارته ذاهبًا إلى المشفى.... كانت ليان تشعر بالقلق عليه فخرجت خلفه واقتربت من السيارة وقالت : حضرتك رايح المستشفى يا دكتور؟

وئام : اه

ليان : طيب.... ممكن توصلني في طريقك؟

وئام : لا.... ولو اتأخرتي عن معادك هخصملك اليوم

ثم قاد السيارة وتركها خلفه فاقتربت جنة وقالت : رخم أوي

ليان : خليكي معاه لو حصله حاجة بلغيني فورًا

اختفت جنة لتظهر داخل السيارة وفي الطريق عندما دخل وئام في طريق جانبي مبتعدًا عن الزحام ظهر لؤي وشادي أمام السيارة وقام لؤي بتسليط السيف على السيارة فتعطلت وصف وئام السيارة بجانب الطريق ونزل ليرى ماذا حدث بالسيارة فجأة ثم قال : هو اليوم ناقص

اقترب لؤي منه وأخرج من السيف غيامة سوداء أحاطت بوئام فوقع أرضًا مغشيًا عليه واختفت جنة لتظهر أمام ليان التي تقف تحاول إيقاف سيارة أجرة لتذهب إلى المشفى وقالت جنة في ذعر : بسرعة يا ليان لؤي مع وئام واغمى عليه

ركضت ليان سريعًا لتبتعد عن الأنظار ثم أمسكت يد جنة وأمسكت السيف ولحقت بهما بنوفيل ليذهبن إلى وئام وعندما ظهرن بجانب السيارة لم يجدوه ووجدت رسالة أعلى السيارة ففتحتها ووجدتها مكتوبة بحروف حرقت الورقة : " خرجي مالوس أسيب وئام "

صرخت ليان في غضب وقالت : تدورو عليه دلوقتي.... عايزة أعرف مكانه حالًا

الفصل السادس عشر من هنا

تعليقات