![]() |
رواية الشبح العاشق الجزء الثاني الفصل الرابع عشر بقلم رباب حسين
كأن القدر أراد أن يضع قلبها في محكٍ لا يطاق.... أن يجعلها واقفة بين الحب والموت.... بين الوفاء والنجاة.... كانت تنظر في عينيه فتلمح بقايا الحبيب الذي أحبته وملامح الرجل الذي كان لها ملاذًا ودفئًا.... لكن الظلام كان يتسلل شيئًا فشيئًا داخله.... يلتهم روحه كما يلتهم الحريق أطراف الورق..... كانت تعلم أن الشر إذا استوطن قلبه فلن يترك فيه ذرة من إنسانيته وأنه إن تحول إلى وحش فلن يرحمها ولا العالم من حولها..... ومع ذلك.... كيف ليدٍ اعتادت أن تمسح على جبينه بحنان أن تحمل خنجر النهاية؟ كيف لقلبٍ وُلد ليحيا به أن يقتله؟... دموعها تتساقط لكن عينيها يشتعلان بصلابة القدر..... الحب هذه المرة ليس خلاصًا بل لعنة..... والطريق الوحيد للإنقاذ يمر عبر التضحية الأشد قسوة.... حين رفعت يدها المرتجفة.... أدركت أن الحب أحيانًا ليس أن نحيا مع من نحب بل أن نحميه من نفسه ونحمي العالم من سقوطه.... حتى لو كان الثمن أن نصبح قاتلين لقلوبنا قبل أجسادنا....
كانت تنام بين ذراعيه.... تنال قسطًا من الراحة قليلًا بجواره متناسية بعض المهمات الصعبة التي تقع على عاتقها.... تنعم بدفئ أحضانه التي حُرمت منها منذ وقتٍ طويل ولم تعلم أن النهاية قد أوشكت..... ولم يقل حال العاشق من لوعة الإشتياق.... كان يستيقظ لينظر إليه ويطمئن أنها لازالت بين أحضانه ولم تتركه..... قد عادت إليه وضمها بين يديه ليجمعهما لقاء طال انتظاره.... السعادة كانت تسيطر عليه عدا هذا الألم الذي يضرب بصدره..... أما عزيز فقد استعاد وعيه ووجد أمامه آسر الذي ظل بجواره حتى يطمئن عليه فقد رآى شبحه وهو يختفي تدريجيًا فعلم أنه سوف يستعيد وعيه..... فتح عينيه ليسأل أولًا وبصوت ضعيف : سيلين كويسة؟
آسر : كويسة يا حضرة الظابط.... مش عارف أشكرك إزاي على اللي إنت عملته
عزيز : ده واجبي.... إنتو كويسين صح؟
آسر : إنت مش فاكر حصل إيه وإنت شبح؟
عزيز في تعجب : هو أنا كنت شبح؟
آسر : اه.... دخلت في غيبوبة مؤقتة يوم واحد بسبب الإرتجاج بس أعتقد إنك عملت مهمة صعبة ساعدت بيها ليان..... بس من ساعة ما رجعتك وهي اختفت مرجعتش لسه
عزيز : اختفت فين؟... طيب اتصل بيها
آسر : هتصل كمان شوية عشان لسه بدري.... حمد الله على سلامتك وكمان شوية هنقلك غرفة عادية
أماء له عزيز وذهب آسر ليبلغ روما بأن عزيز قد استعاد وعيه مرة أخرى وبعد وقت قالت روما : أنا قلقانة أوي على ليان
آسر : اتصلي بيها
اتصلت روما بها لتستيقظ في كسل وكأنها لم تنم منذ عقود فنظرت إلى الهاتف وتلقت المكالمة وقالت : أيوة يا روما
روما في قلق : إنتي فين يا حبيبتي؟.... طمنيني عليكي
ليان في نعاس : أنا في البيت ووئام معايا.... رجعته إمبارح
ابتسمت روما في سعادة وقالت : الحمد لله.... طيب هتعملي إيه دلوقتي؟
ليان : هو عزيز فاق؟
روما : اه فاق.... كمان شوية هينقلوه أوضة عادية
ليان : طيب أنا هفوق كده وأجيله المستشفى عشان عايزاه في موضوع مهم
روما : خلاص هنستناكي
أنهت ليان المكالمة ونظرت إلى وئام النائم بجوارها ثم أخذت تمرر أصابعها بداخل شعره وتنظر إليه في اشتياق حتى فتح عينيه ونظر إليها بابتسامة وقال : صباح الخير
ليان : صباح النور يا حبيبي.... عامل إيه دلوقتي؟
وئام : صدري بيوجعني لسه
ليان : حقك عليا..... الظاهر إن السيف قوته كانت جامدة عليك
وئام : ولا يهمك.... أنا هبقى كويس يعني وهقوم أخد دش ونفطر سوا ولا عندك حاجة النهاردة؟
ليان : النهاردة اليوم طويل.... المفروض أنهي اللعنة.... كل ده كنت مستنية أرجعك عشان أقدر أنهيها
وئام : طيب هينفع نفطر سوا؟
ابتسمت ليان وقالت : أحلى فطار عشان خاطر عيونك
نهضت وأخذت حمام دافئ ثم أعدت الفطار وتناولته معه وبدلت ثيابها ووقفت أمامه وقالت : هسيبك بقى دلوقتي واروح المستشفى لعزيز عشان أخد منه تصريح
وئام : طيب خديني معاكي.... عايز اطمن على المستشفى
ليان : ماشي.... اه صحيح مامت سيلين قامت بالسلامة.... فيه شبح هو اللي كان عامل فيها كده
وئام : طيب الحمد لله.... ثواني هغير هدومي وأجي معاكي
ذهبا معًا إلى المشفى وذهبا إلى غرفة عزيز ووجد سيلين وآسر وروما بالداخل.... نظر له في سعادة وقامو بتهنئته على عودته وتعجب وئام من نظرات سيلين وعزيز لبعضهما فنظر لها وهو يعقد حاجبيه في تعجب ويبتسم فقال عزيز : واضح إن أنا مفضوح على الأخر
وئام : هو فيه حاجات حصلت من ورايا وأنا مش موجود ولا إيه؟
عزيز : هو لحد دلوقتي لسه
نظر إلى سيلين وقال : بس يارب يحصل قريب
ابتسمت سيلين في خجل ووقفت بجوار روما ثم اقتربت ليان من عزيز وقالت : أنا عندي أخبار كويسة
عزيز : فرحيني
ليان : ميناس مات والنهاردة هنهي اللعنة
عزيز : ومستنية إيه؟
ليان : عايزة اطلع فوق الهرم عشان أنهي اللعنة ومش ضامنة إيه اللي هيحصل.... مالوس ممكن يعرف ويظهر هناك والمكان هناك فيه سياح
وئام : لازم فوق الهرم؟
ليان : الهرم مرتبط بالنجوم وكمان عالي وهقدر منه أوزع طاقة نصل النور..... أعتقد إن قوة الهرم هتساعدني
عزيز : طيب أنا هكلم معتصم وأحاول أخليه يخلي المنطقة هناك مؤقتًا
ليان : هي ساعة واحدة ولما يقولي تمام هيلاقيني قدامه
اتصل عزيز بمعتصم وطلب منه إخلاء منطقة الهرم على وجه السرعة وإبعاد أي سياح وبالفعل إستطاع معتصم أن يأخذ تصريح بالإخلاء وبعد وقت اتصل بعزيز وأبلغه بأن المنطقة خالية من الناس..... ذهبت ليان فورًا إلى الكهف وأخذت نصل النور ثم ذهبت مباشرةً مع بنوفيل إلى قمة الهرم..... كان مالوس يجلس على كرسيه في غضب..... فقد ميناس والسلاح.... الندم يعصره بسبب ما ارتكبه... هو من أضعف قوته..... أراد أن يجعله طوعًا له فقضى عليه بغروره..... وتذكر ما حدث
فلاش باك
كان مالوس يمسك البلورة التي تحتوي على نصف قوة ميناس وهو يطلق بعض التعاويذ ليستحوذ على قوة السيف الذي معه بعد أن رأي ميناس ينتهي أمامه ويتلاشى ولكن تفاجأ بما فعله ميناس.... فقد رفع السيف عاليًا ليضع ما بقى من قوته داخل وئام لتسكن داخل جسده واختفى السلاح ليستكن بداخل صدر وئام دون أن يشعر به
عودة من الفلاش باك
كان ينظر أمامه في غضب إلى كتاب الشر الذي فقد نوره منذ أن اختفى السيف.... يعلم أن جسد وئام لن يتحمل قوة السيف أو قوة ميناس ولكن إذا تملكت القوة من جسده سوف تقضي عليه ويختفي السيف معه.... لن يكون هناك ميناس مرة أخرى ولا سلاح الشر.... غضب يجتاحه لا يعلم كيف يسيطر على هذا الوضع حتى نظر إلى البلورة التي في يده..... وخطرت فكرة داخل رأسه ولكن توقف عندما شعر بقوة نصل النور وجاء أحد الأشباح ووقف أمامه وقال : ليان راحت الهرم وهتستخدم قوته عشان تقضي على اللعنة
مالوس في غضب : عملته إمتى؟.... وإزاي؟!.... اللعنة هتتفك! .... لا مش هسيبها تعمل كده
أختفى مالوس ليظهر أمام ليان وهي تحاول إيجاد طريقة لتنشر قوة النصل.... نظرت له في صدمة وقالت : أحسنلك متحاربنيش..... عشان أصلًا مش معاك سلاح تحاربني بيه
وقفت بنوفيل أمامه وقالت : سيبيه يا ليان وشوفي طريقة
نظر لها مالوس ورفع جرس الأرواح وظل يحركه وتجمعت الأشباح حولها فوضعت ليان السيف بجوارها ليظهر درع يحميها من الأشباح حتى تجد طريقة لفك اللعنة ثم رفع مالوس بيده الأخرى البلورة وقام بقول تعويذة لتجد ليان جميع الأشخاص المصابين باللعنة بالأسفل فجأة ومن بينهم آسر وعزيز وروما ووئام ووالدة سيلين وبشر كثيرون بالأسفل ثم قال مالوس : وريني هتقدرى تحميهم إزاي من كل الأشباح ديه
نزلت الأشباح لتخترق أجسادهم وهم يشعرون بالألم بسبب تصادم الأشباح بهم.... نظرت ليان لهم وابتسمت فبفعل مالوس قد جمع المصابين باللعنة في مكان واحد ولكن كانو ينظرون إلى ليان بالأعلى في ذعر من رؤية كم الأشباح التي تطوف حولهم.... رفع مالوس البلورة عاليًا لتسحب وئام إلى أعلى ليطفو بالهواء فنظرت له بنوفيل وليان في صدمة فنظر لهما مالوس وقال : شكلكم لسه مش عارفين..... ميناس سلم قوته ليه قبل ما يختفي
نظرت له بنوفيل في صدمة ثم نظرت إلى ليان التي انسابت الدموع من عينيها وهي تنظر إليه ثم قال وئام : أنا؟!.... أنا جوايا قوة ميناس إزاي؟
مالوس : الألم اللي في صدرك ده.... منه..... وكمان مش ملاحظ إنك شايفني....سلمني نفسك وهتبقى الخادم بتاعي
نظرت له ليان في غضب وأمسكت السيف وطارت نحوه تحت نظرات الشرطة والناس اللذين يشاهدون من أسفل..... استحضرت ليان قوتها والغضب يسيطر عليها وأخذت تحاول أن تضرب مالوس بهذا السيف تحت صياح بنوفيل وقالت : مش هتقدرى تقتليه يا ليان..... خلصي مهمتك وبعدين نشوف حل
لم تسمع لها وظلت تقترب منه تحاول أن تأخذ هذه البلورة من يده وهو ينظر إليها ويبتسم باستهزاء حتى قال : في إيدي بالبلورة ديه أضاعف قوة ميناس جواه.... ويموت فورًا.... سيبي الهرم وامشي
وئام : لا يا ليان.... أنا كده كده ميت..... خلصي الناس من لعنته.... السيف خلاص مش معاه ومش هيقدر يعمل لعنات تاني
نظرت له ليان في حزن وقالت بنوفيل : مش هتقدر تضيع قوة ميناس من إيدك..... متهددهاش بحاجة مش هتقدر تعملها عشان لو عملتها هتخسر كل حاجة..... مش هيبقى ليك قدرة تحكم ولا هتلاقي اللي يدافع عنك
جذبت بنوفيل ليان بثوبها وهي تقف أمام مالوس في غضب وأعادتها فوق الهرم وقالت : نفذي مهمتك يا ليان فورًا
نظر مالوس لهما في صدمة ثم نظرت ليان إلى وئام الذي يبتسم لها في ضعف ويطمئنها بأنه بخير وأن تضع النصل وتنهي باللعنة..... أمسكت ليان النصل والسيف معًا واستحضرت قوتها كاملة لتضعهما في قمة الهرم وهي تصرخ عاليًا في غضب فانتشر الضوء ليخترق الأجساد المصابة باللعنة تحت نظرات مالوس الغاضبة ثم أخذ البلورة واختفى واختفت الأشباح معه..... أمسكت بنوفيل بوئام وطافت ليان بالسيف لتمسك به وذهبت به إلى الكهف.... وضعته لتنظر له في حزن وبكت..... رتب على عاتقها وهو ينظر لها يحاول أن يطمئنها وهو يعلم أنه يودعها... ارتمت بين أحضانه ليتألم بشدة فامسكت قميصه وفتحته لترى بقعة سوادء كبركان خامد منتشر بصدره فنظرت له في حزن وقالت : إنت متحمل ده إزاي؟
نظر له وئام وقال : مكنش كده.... بس الظاهر البلورة خلت الوضع أسوء
اقتربت منهما بنوفيل وقالت : أنا حسيت إمبارح إن الوضع مش طبيعي.... كان فيه حاجة غريبة جواه غير اللعنة
نظرت لها ليان وهي تبكي وقالت : طيب وبعدين.... أخرج منه ده إزاي؟
بنوفيل في حزن : للأسف.... صعب
ليان في غضب : يعني إيه صعب..... يعني إيه صعب فهميني؟
بنوفيل : يعني وئام..... لازم يموت
نظرت لها ليان في صدمة ثم أعادت النظر إلى وئام وهي تشعر بقلبها ينشطر إلى نصفين
